Telegram Web Link
586- بَلَغَ عَائِشَةَ أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو يَأْمُرُ النِّسَاءَ إذَا اغْتَسَلْنَ أنْ يَنْقُضْنَ رُؤُوسَهُنَّ. فَقالَتْ: يا عَجَبًا لاِبْنِ عَمْرٍو هذا يَأْمُرُ النِّسَاءَ إذَا اغْتَسَلْنَ أنْ يَنْقُضْنَ رُؤُوسَهُنَّ، أفلا يَأْمُرُهُنَّ أنْ يَحْلِقْنَ رُؤُوسَهُنَّ، لقَدْ كُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن إنَاءٍ واحِدٍ. ولَا أزِيدُ علَى أنْ أُفْرِغَ علَى رَأْسِي ثَلَاثَ إفْرَاغَاتٍ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 331.
--------------------
شرح الحديث :
التِّيسيرُ من مَحاسنِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ الغَرَّاءِ، ويَتجلَّى هذا التَّيسيرُ في أحكامٍ شَتَّى، منها أحكامُ الطَّهارةِ والاغتِسالِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ عُبَيدُ بنُ عُمَيرٍ الليثيُّ أنَّه بَلَغَ أُمَّ المؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما يَأمُرُ النِّساءَ أن يَنقُضنَ ضَفائرَ شُعورِهنَّ أثناءَ الاغتِسالِ حتَّى يَتخلَّلَ الماءُ ويَصِلَ إلى جميعِ الشَّعرِ، ويُحمَلُ هذا على أنَّه أرادَ إيجابَ ذلك عليهنَّ، ويَكونُ ذلك في الشَّعرِ الذي لا يَصِلُ إليه الماءُ، أو يَكونُ مَذهبًا له أنَّه يَجِبُ النَّقضُ بكلِّ حالٍ.
فلمَّا سَمِعت بذلك عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها تَعجَّبَت، وأنَكَرت عليه قولَه؛ لأنَّه يَصعُبُ عليهِنَّ جِدًّا، ثُمَّ قالت: أفَلَا يَأمُرُهنَّ أن يَحلِقنَ رُؤوسَهُنَّ! وهذا من بابِ التَّهكُّمِ، وكانَ دَليلُ إنكارِها على عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّها كانَت تَغتسِلُ هي ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسلَّمَ في إناءٍ واحِدٍ، فتَصُبُّ الماءَ على رأسِها ثَلاثَ مَرَّاتٍ دُونَ أن تَنقُضَ شَعرَ رأسِها، وعائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أعلَمُ النَّاسِ بِمثلِ هذِه الأمورِ.
وهو ما جاءَ صريحًا في حديثِ أمِّ سَلمةَ رَضيَ اللهُ عنها عندَ مُسلمٍ: «قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قالَ: لَا؛ إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ».
وفي الحَديثِ: دَلالةٌ على أنَّه لا يَجِبُ على المَرأةِ نَقضُ ضَفيرَتِها في الاغتِسالِ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
587- ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْتِينِي في يَومٍ بَعْدَ العَصْرِ، إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 593.
-----------------
رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَعُهُما سِرًّا ولَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ورَكْعَتَانِ بَعْدَ العَصْرِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 592.
------------------
شرح الحديث:
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على النَّوافِلِ، مُواظِبًا عليها، ومِن ذلك المحافظةُ على السُّننِ الرَّواتبِ وغيرِ الرَّواتبِ قبْلَ وبعْدَ الصَّلَواتِ المكتوبةِ.وفي هذا الحديثِ تَروي عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُواظِبُ على صَلاةِ نافِلَتَيْنِ، لم يكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتركُهما «سِرًّا ولا علانيَّة»، وهذا تأكيدٌ على مواظبتِه عليهما، والمرادُ بالَّتي في السِّرِّ أنَّها التي كان يُصَلِّيها في بَيتِه فلا يَطَّلِعُ عليها إلَّا إحْدى زَوجاتِه، والمرادُ بالَّتي في العَلانيةِ ما كان يُصلِّيه في المَسجدِ، ثمَّ بيَّنَتْ رَضيَ اللهُ عنه هاتَينِ الركعتَينِ، أي: الصَّلاتَينِ؛ الأولى: رَكْعَتا سُنَّةِ الفَجرِ قبْلَ الفَريضةِ، بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، وسُنَّةُ الفَجرِ القَبْليَّةُ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّ عليهما؛ لِمَا فيهما مِنَ الفَضلِ والأجْرِ، وهُما خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها، وكان يُسارِعُ ويُبادِرُ إلى صَلاتِهما إسْراعًا لا مَثيلَ له، وكان مِن سَمْتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يُخَفِّفُهما، كما في الصَّحيحَينِ.والنافلةُ الثانيةُ: رَكعَتانِ بعْدَ صَلاةِ العَصرِ، وقد بيَّنَتْ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها كيفيَّةَ أدائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لتلك الرَّكعتَينِ؛ كما في صحيحِ البُخاريِّ: «وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّيهما، وكان لا يُصَلِّيهما في المَسجِدِ؛ مَخافةَ أنْ يُثَقِّلَ على أُمَّتِه».وقد وردَ في صحيحِ البُخاريِّ عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفْيانَ رضيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: «إنَّكُم لَتُصلُّونَ صَلاةً لقَدْ صَحِبْنَا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فما رَأيْناهُ يُصَلِّيهَا، ولقدْ نَهَى عنْهما، يعني: الرَّكْعَتَيْنِ بعْدَ العَصرِ»؛ فقيل: إنَّ هاتَينِ الَّركعتَينِ صَلَّاهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضاءً لنافِلةِ الظُّهرِ لَمَّا فاتَتْه، ثمَّ استمرَّ عليهما؛ لأنَّه كان إذا عمِلَ عمَلًا أثْبَتَه وداوَمَ عليه، ولم تكُنْ تلك الرَّكْعتانِ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ، والفَرقُ بيْن الرَّاتبةِ وغَيرِ الرَّاتبةِ، أنَّ الرَّاتبةَ: هي السُّننُ المؤكَّدةُ التي تَرتبِطُ بالصَّلَواتِ المفروضةِ، سواءٌ كانتْ قَبْليَّةً أم بَعْديَّةً، وأمَّا غيرُ الرَّاتبةِ فهي التي لم يأمُرْ بها أو يَحُثَّ عليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم أَثَرُوها عنه قَولًا أو فِعلًا، كما في الرَّكعتَينِ اللَّتَينِ بعْدَ العَصرِ .

..
587- أنَّ أسْمَاءَ سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بهَا فَقالَتْ أسْمَاءُ: وكيفَ تَطَهَّرُ بهَا؟ فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بهَا فَقالَتْ عَائِشَةُ: كَأنَّهَا تُخْفِي ذلكَ تَتَبَّعِينَ أثَرَ الدَّمِ، وسَأَلَتْهُ عن غُسْلِ الجَنَابَةِ؟ فَقالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ علَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا المَاءَ فَقالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ. وفي رواية: نَحْوَهُ، وقالَ: قالَ: سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِي بهَا واسْتَتَرَ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 332.
-----------------
أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فأمَرَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ، قالَ: خُذِي فِرْصَةً مِن مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بهَا قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ؟ قالَ: تَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ؟ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا إلَيَّ، فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّمِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 314.
------------------
شرح الحديث:
علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ كيفيَّةَ التطهُّرِ والاغتسالِ مِن الحَيضِ والدَّمِ، وذكَرَ كيفيَّةَ ذلك بأسلوبٍ راقٍ ومُهذَّبٍ مراعًى فيه الحَياءُ، وقد علَّم نِساءَه كلَّ ذلك؛ لِيُعلِّمْنَه نِساءَ المسلِمينَ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ امرأةً، قيل: هي أسماءُ بنتُ شَكَلٍ، وقيل غيرُها، جاءتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَتْه عن كيفيَّةِ غُسلِها بعْدَ انقطاعِ الحيْضِ، فذَكَرَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ الغُسلِ، فأمَرَها أن تأخُذَ قِطعةً مِن صُوفٍ أو قُطنٍ عليها مِن طِيبِ المِسكِ، ثمَّ تطهِّرَ بها مَوضعَ الدَّمِ، ولكنَّ المرأةَ لم تَفهَمْ هذه الكَيفيَّةَ، وسألتْ مرَّةً أخرى كيف تطهرُ بهذه القِطعةِ المُطَيَّبةِ مِن القُطنِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سبحانَ اللهِ! تطَهَّري»، فتَعجَّب صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ مَعرفتِها كيفَ تتطهَّرُ بها، وهو أمرٌ ظاهرٌ لا يَجهلُه أحدٌ، وعندَ ذلك اجتبَذَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها، أمْسَكَتْها وضمَّتْها إليها، وقالتْ لها: تتبَّعِي بها أثرَ الدَّمِ، فاجعليها في الفَرْجِ وحيثُ أصابَ الدَّمُ؛ لِلتَّنظيفِ، ولِقطْعِ رائحةِ الأذَى مِن دمِ الحَيضِ.وفي الحديثِ: ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الحَياءِ ومَحاسِنِ الأخلاقِ.وفيه: استِعمالُ الحَياءِ عندَ ذِكْرِ العَوْراتِ، خُصوصًا فيما يَذكُرُه الرِّجالُ بحَضرةِ النِّساءِ، والنِّساءُ بحَضرةِ الرِّجالِ، والتعريضُ بالألْفاظِ المستقبَحةِ، وتجنُّبُ ذِكرِها، والانقباضُ والاستحياءُ عندَ ذلِك، وترْكُ التَّصريحِ بها.وفيه: بيانُ دَورِ المرأةِ العاقلةِ العالِمةِ في تَوصيلِ المفاهيمِ، وتعليمِ غَيرِها مِن النِّساءِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
588- كُنَّا مع بُرَيْدَةَ في يَومٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بالصَّلَاةِ، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ.
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 594.
---------------
كُنَّا مع بُرَيْدَةَ في غَزْوَةٍ في يَومٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بصَلَاةِ العَصْرِ؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ.
الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 553.
------------------
شرح الحديث:
لِصَلاةِ العَصرِ فَضلٌ كَبيرٌ؛ فهي الصَّلاةُ الوُسطى، وقد أُمِرْنا بالمُحافَظةِ على الصَّلَواتِ عامَّةً، وعلى صَلاةِ العَصرِ خاصَّةً.وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التابِعيُّ أبو المَليحِ بنُ أُسامةَ الهُذَليُّ أنَّهم كانوا مع بُريْدةَ بنِ الحُصَيْبِ الأسلَميِّ في غَزوةٍ، في يَومٍ ذِي غَيمٍ، أيْ: ذي سَحابٍ، وهذا كِنايةٌ عن عَدَمِ ظُهورِ الشَّمسِ على هَيئَتِها المُعتادةِ التي يَتحَقَّقونَ بها مِن دُخولِ وَقتِ الصَّلاةِ، فأمَرَهم أنْ يُسرِعُوا ويُبادِروا بصَلاةِ العَصرِ في أوَّلِ وَقتِها.قيلَ: خُصَّ يَومُ الغَيمِ بذلك؛ لِأنَّه مَظِنَّةُ التَّأخيرِ، إمَّا لِمُتنَطِّعٍ يَحتاطُ لِدُخولِ الوَقتِ، فيُبالِغُ في التأخيرِ حتى يَخرُجَ الوَقتُ، أو لِمُتشاغِلٍ بأمْرٍ آخَرَ فيَظُنُّ بَقاءَ الوَقتِ، فيَستَرسِلُ في شُغُلِه إلى أنْ يَخرُجَ الوَقتُ.ثم بَيَّنَ لهم بُرَيدةُ رَضيَ اللهُ عنه سَبَبَ تَحفيزِه لهم على صَلاةِ العَصرِ في أوَّلِ وَقتِها؛ وهو أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «مَن تَرَكَ صَلاةَ العَصرِ» فتَعَمَّدَ تأخيرَها عن وَقتِها، لِغَيرِ عُذرٍ؛ فقد «حَبِطَ عَمَلُه»، وبَطَلَ أجْرُه، وضاعَ ثَوابُه؛ فلا يَكونُ له أجْرٌ ولا ثَوابٌ.وفي الحَديثِ: الاحتياطُ وأداءُ الصَّلاةِ في أوَّلِ وَقتِها، عِندَ تَغيُّرِ السَّماءِ والشَّمسِ عن ظُهورِها المُعتادِ؛ خَوفًا مِن خُروجِ وَقتِ الصَّلاةِ.وفيه: التَّحذيرُ مِن تَرْكِ صَلاةِ العَصرِ وفَواتِها.
..
588- أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كيفَ أغْتَسِلُ عِنْدَ الطُّهْرِ؟ فَقالَ: خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِي بهَا...، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ سُفْيَانَ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 332.
-----------------
أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فأمَرَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ، قالَ: خُذِي فِرْصَةً مِن مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بهَا قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ؟ قالَ: تَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ؟ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا إلَيَّ، فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّمِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 314.
------------------
شرح الحديث:
علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ كيفيَّةَ التطهُّرِ والاغتسالِ مِن الحَيضِ والدَّمِ، وذكَرَ كيفيَّةَ ذلك بأسلوبٍ راقٍ ومُهذَّبٍ مراعًى فيه الحَياءُ، وقد علَّم نِساءَه كلَّ ذلك؛ لِيُعلِّمْنَه نِساءَ المسلِمينَ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ امرأةً، قيل: هي أسماءُ بنتُ شَكَلٍ، وقيل غيرُها، جاءتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَتْه عن كيفيَّةِ غُسلِها بعْدَ انقطاعِ الحيْضِ، فذَكَرَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ الغُسلِ، فأمَرَها أن تأخُذَ قِطعةً مِن صُوفٍ أو قُطنٍ عليها مِن طِيبِ المِسكِ، ثمَّ تطهِّرَ بها مَوضعَ الدَّمِ، ولكنَّ المرأةَ لم تَفهَمْ هذه الكَيفيَّةَ، وسألتْ مرَّةً أخرى كيف تطهرُ بهذه القِطعةِ المُطَيَّبةِ مِن القُطنِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سبحانَ اللهِ! تطَهَّري»، فتَعجَّب صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ مَعرفتِها كيفَ تتطهَّرُ بها، وهو أمرٌ ظاهرٌ لا يَجهلُه أحدٌ، وعندَ ذلك اجتبَذَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها، أمْسَكَتْها وضمَّتْها إليها، وقالتْ لها: تتبَّعِي بها أثرَ الدَّمِ، فاجعليها في الفَرْجِ وحيثُ أصابَ الدَّمُ؛ لِلتَّنظيفِ، ولِقطْعِ رائحةِ الأذَى مِن دمِ الحَيضِ.وفي الحديثِ: ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الحَياءِ ومَحاسِنِ الأخلاقِ.وفيه: استِعمالُ الحَياءِ عندَ ذِكْرِ العَوْراتِ، خُصوصًا فيما يَذكُرُه الرِّجالُ بحَضرةِ النِّساءِ، والنِّساءُ بحَضرةِ الرِّجالِ، والتعريضُ بالألْفاظِ المستقبَحةِ، وتجنُّبُ ذِكرِها، والانقباضُ والاستحياءُ عندَ ذلِك، وترْكُ التَّصريحِ بها.وفيه: بيانُ دَورِ المرأةِ العاقلةِ العالِمةِ في تَوصيلِ المفاهيمِ، وتعليمِ غَيرِها مِن النِّساءِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
589- سِرْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةً، فَقَالَ: بَعْضُ القَوْمِ: لو عَرَّسْتَ بنَا يا رَسولَ اللَّهِ، قَالَ: أخَافُ أنْ تَنَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ بلَالٌ: أنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وأَسْنَدَ بلَالٌ ظَهْرَهُ إلى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ: يا بلَالُ، أيْنَ ما قُلْتَ؟ قَالَ: ما أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ: إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، ورَدَّهَا علَيْكُم حِينَ شَاءَ، يا بلَالُ، قُمْ فأذِّنْ بالنَّاسِ بالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى.
الراوي : أبو قتادة الحارث بن ربعي.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 595.
-----------------------
شرح الحديث :
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ بعدَ الشهادَتينِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ؛ وقدْ جعَل اللهُ تعالى لها أوقاتًا معلومةً تُؤدَّى فيها، ومَنْ فاتَه الوقتُ فعليه أنْ يَقْضيَها ولا يَترُكَها.وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ أبو قَتادةَ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم كانوا مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفرٍ، فقالوا له: لو عرَّسْتَ بنا يا رسولَ الله، أي: لو نزلْتَ بنا آخِرَ اللَّيْلِ؛ لِنستريحَ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أخافُ أنْ تناموا عَنِ الصَّلاةِ»، والمُرادُ بها صلاةُ الفَجرِ، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوَدُّ مُتابعةَ السَّيرِ إلى وقتِ الفَجرِ، وهذا مِن حِرصِه على الصَّلاةِ وتقديمِها على النَّومِ والرَّاحةِ، فقال بلالٌ مقترِحًا على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أنا أُوقظُكم» أي: أنَّه رَضيَ اللهُ عنه سيَبْقى مستيقظًا حتَّى يَدخُلَ وقْتُ الفَجرِ لِيُوقِظَهم، فاضْطَجَعوا وناموا، وهو كنايةٌ عن موافَقةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لبلالٍ، أو قال لهم بلالٌ: فاضْطَجِعوا، وأسنَدَ بلالٌ ظَهرَه إلى راحلتِه فنامَ هو الآخَرُ، فاستيقظَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ طلعَ حاجبُ الشَّمسِ، وهو طَرَفُها الأَعْلى، وسُمِّيَ بذلك؛ لِأنَّه أوَّلُ ما يظهرُ منها، وهو كِنايةٌ عن غفلتِهم جميعًا بالنَّومِ عن صلاةِ الفَجرِ حتَّى خرَج وقتُا، فقال لِبلالٍ مُستنكِرًا: أينَ ما قلْتَ؟! يعني: أينَ قولُك: إنَّكَ سُتوقِظُنا عندَ الصَّلاةِ؟! فقال بلالٌ رَضيَ اللهُ عنه: ما أُلْقِيَتْ علَيَّ نَوْمةٌ مِثلُها قَطُّ، يعني: لم أَنَمْ مِثلَ هذه النَّومةِ في هذا الوقتِ قبْلَ ذلك، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «إنَّ اللهَ قَبضَ أرواحَكُم حينَ شاءَ، وردَّهَا عليكم حينَ شاءَ»، وهو مِصْداقُ قولِ الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 42]، يعني: قبضَهَا عندَ النَّومِ، وردَّها عندَ اليَقَظةِ.ثُمَّ أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بلالًا أنْ يُؤذِّنَ بالصَّلاةِ، وتوضَّأَ، ثُمَّ قام فصلَّى بالنَّاسِ الصُّبحَ، وكان ذلك عندَ ارتفاعِ الشَّمسِ وصفائِها، وفي رِوايةِ مسلمٍ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُصَلِّ في الموضعِ الذي غفَلوا فيه عن الصَّلاةِ، بل ركِبوا، ثمَّ سارُوا قليلًا، ثمَّ نزَلوا، فتوضَّأَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصلَّى الصُّبحَ قَضاءً.وفي الحَديثِ: بيانُ بعضِ هدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا نامَ أو فاتتْه صَلاةٌ.وفيه: مشروعيَّةُ الأذانِ وصَلاةِ الجَماعةِ للفائِتةِ.
..
589- سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كيفَ تَغْتَسِلُ مِن حَيْضَتِهَا؟ قالَ: فَذَكَرَتْ أنَّه عَلَّمَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ. ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مِن مِسْكٍ فَتَطَهَّرُ بهَا. قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ بهَا؟ قالَ: تَطَهَّرِي بهَا سُبْحَانَ اللهِ! واسْتَتَرَ، وأَشَارَ لَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ بيَدِهِ علَى وجْهِهِ، قالَ: قالَتْ عَائِشَةُ: واجْتَذَبْتُهَا إلَيَّ وعَرَفْتُ ما أرَادَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّمِ.\r\nوَقالَ ابنُ أبِي عُمَرَ في رِوَايَتِهِ: فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا آثَارَ الدَّمِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 332.
--------------------
أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فأمَرَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ، قالَ: خُذِي فِرْصَةً مِن مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بهَا قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ؟ قالَ: تَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ؟ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا إلَيَّ، فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّمِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 314.
------------------
شرح الحديث:
علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ كيفيَّةَ التطهُّرِ والاغتسالِ مِن الحَيضِ والدَّمِ، وذكَرَ كيفيَّةَ ذلك بأسلوبٍ راقٍ ومُهذَّبٍ مراعًى فيه الحَياءُ، وقد علَّم نِساءَه كلَّ ذلك؛ لِيُعلِّمْنَه نِساءَ المسلِمينَ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ امرأةً، قيل: هي أسماءُ بنتُ شَكَلٍ، وقيل غيرُها، جاءتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَتْه عن كيفيَّةِ غُسلِها بعْدَ انقطاعِ الحيْضِ، فذَكَرَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ الغُسلِ، فأمَرَها أن تأخُذَ قِطعةً مِن صُوفٍ أو قُطنٍ عليها مِن طِيبِ المِسكِ، ثمَّ تطهِّرَ بها مَوضعَ الدَّمِ، ولكنَّ المرأةَ لم تَفهَمْ هذه الكَيفيَّةَ، وسألتْ مرَّةً أخرى كيف تطهرُ بهذه القِطعةِ المُطَيَّبةِ مِن القُطنِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سبحانَ اللهِ! تطَهَّري»، فتَعجَّب صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ مَعرفتِها كيفَ تتطهَّرُ بها، وهو أمرٌ ظاهرٌ لا يَجهلُه أحدٌ، وعندَ ذلك اجتبَذَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها، أمْسَكَتْها وضمَّتْها إليها، وقالتْ لها: تتبَّعِي بها أثرَ الدَّمِ، فاجعليها في الفَرْجِ وحيثُ أصابَ الدَّمُ؛ لِلتَّنظيفِ، ولِقطْعِ رائحةِ الأذَى مِن دمِ الحَيضِ.وفي الحديثِ: ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الحَياءِ ومَحاسِنِ الأخلاقِ.وفيه: استِعمالُ الحَياءِ عندَ ذِكْرِ العَوْراتِ، خُصوصًا فيما يَذكُرُه الرِّجالُ بحَضرةِ النِّساءِ، والنِّساءُ بحَضرةِ الرِّجالِ، والتعريضُ بالألْفاظِ المستقبَحةِ، وتجنُّبُ ذِكرِها، والانقباضُ والاستحياءُ عندَ ذلِك، وترْكُ التَّصريحِ بها.وفيه: بيانُ دَورِ المرأةِ العاقلةِ العالِمةِ في تَوصيلِ المفاهيمِ، وتعليمِ غَيرِها مِن النِّساءِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
590- أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، جَاءَ يَومَ الخَنْدَقِ، بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ما كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ، حتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ ما صَلَّيْتُهَا فَقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ.
الراوي : جابر بن عبدالله.
المحدث :صحيح البخاري.. الرقم: 596.
------------------
شرح الحديث :
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ بعدَ الشهادَتينِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ؛ وقدْ جعَل اللهُ تعالى لها أوقاتًا معلومةً تُؤدَّى فيها، ومَنْ فاتَه شيءٌ مِن الصَّلواتِ لعُذرٍ فعليه أنْ يَقْضيَها ولا يَترُكَها.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما ببعضِ ما كان في غَزوةِ الخَندقِ، وكانتْ غَزْوةُ الخَنْدَقِ في السَّنةِ الخامِسةِ مِن الهِجرةِ؛ وقيل: إنَّها كانتْ في السَّنةِ الرَّابعةِ، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَر بحَفْرِ خَنْدَقٍ حَوْلَ المدينةِ لِتَحْصِينِها مِن أحزابِ الكُفْرِ الَّتي اجتَمَعَتْ بهدفِ إبادةِ المسلِمينَ، وقد شارَك المسلِمونَ مِن المهاجِرينَ والأنصارِ في حَفْرِ الخَنْدقِ، وقد شغَلَ المشركون النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابَه عن بَعضِ الصَّلَواتِ؛ فجاءَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ وهو يَسُبُّ كُفَّارَ قريشٍ، بسَببِ قِتالِ هؤلاءِ، وكان سبُّه للمُشركينَ لتَسبُّبِهم في تأخيرِ صَلاةِ العصرِ حتَّى أَوشكَتِ الشَّمسُ على الغُروبِ، وهو الوقتُ الاضْطِراريُّ لصلاةِ العصرِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللهِ ما صلَّيتُها! يعني: إذا كنتَ -يا عُمَرُ- قدْ صلَّيتَ العصرَ في آخِرِ الوقتِ قبْلَ الغروبِ، فإنِّي لم أُصَلِّها حتَّى الآنَ وقدْ غرَبتِ الشَّمسُ، ثمَّ قاموا إلى «بُطْحَانَ»، وهو وادٍ في جنوبِ المدينةِ؛ فتَوضَّؤُوا للصَّلاةِ، فصَلَّوُا العَصرَ جماعةً بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ، ثمَّ صلَّوْا بعدَ ذلك المغربَ.وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ صَلاةِ الجَماعةِ في الفائتةِ، وأنَّ مَن فاتتْه صلاةٌ وذكَرها في وقتٍ آخَرَ يَبدأُ بالفائتةِ ثمَّ بالحاضِرة.وفيه: مشروعيَّةُ تأخيرِ الفَريضةِ عن وقتِها حتَّى زَوالِ الخَوفِ والقِتالِ.وفيه: فَضْلُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه وحِرصُه على فَرائضِ الدِّينِ وشرائعِه.

..
590- دَخَلَتْ أسْمَاءُ بنْتُ شَكَلٍ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَغْتَسِلُ إحْدَانَا إذَا طَهُرَتْ مِنَ الحَيْضِ؟ وسَاقَ الحَدِيثَ ولَمْ يَذْكُرْ فيه غُسْلَ الجَنَابَةِ.

الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 332.
-------------------
أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فأمَرَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ، قالَ: خُذِي فِرْصَةً مِن مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بهَا قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ؟ قالَ: تَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ؟ قالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا إلَيَّ، فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّمِ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 314.
------------------
شرح الحديث:
علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّساءَ كيفيَّةَ التطهُّرِ والاغتسالِ مِن الحَيضِ والدَّمِ، وذكَرَ كيفيَّةَ ذلك بأسلوبٍ راقٍ ومُهذَّبٍ مراعًى فيه الحَياءُ، وقد علَّم نِساءَه كلَّ ذلك؛ لِيُعلِّمْنَه نِساءَ المسلِمينَ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ امرأةً، قيل: هي أسماءُ بنتُ شَكَلٍ، وقيل غيرُها، جاءتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَتْه عن كيفيَّةِ غُسلِها بعْدَ انقطاعِ الحيْضِ، فذَكَرَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّةَ الغُسلِ، فأمَرَها أن تأخُذَ قِطعةً مِن صُوفٍ أو قُطنٍ عليها مِن طِيبِ المِسكِ، ثمَّ تطهِّرَ بها مَوضعَ الدَّمِ، ولكنَّ المرأةَ لم تَفهَمْ هذه الكَيفيَّةَ، وسألتْ مرَّةً أخرى كيف تطهرُ بهذه القِطعةِ المُطَيَّبةِ مِن القُطنِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «سبحانَ اللهِ! تطَهَّري»، فتَعجَّب صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ مَعرفتِها كيفَ تتطهَّرُ بها، وهو أمرٌ ظاهرٌ لا يَجهلُه أحدٌ، وعندَ ذلك اجتبَذَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها، أمْسَكَتْها وضمَّتْها إليها، وقالتْ لها: تتبَّعِي بها أثرَ الدَّمِ، فاجعليها في الفَرْجِ وحيثُ أصابَ الدَّمُ؛ لِلتَّنظيفِ، ولِقطْعِ رائحةِ الأذَى مِن دمِ الحَيضِ.وفي الحديثِ: ما كان عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الحَياءِ ومَحاسِنِ الأخلاقِ.وفيه: استِعمالُ الحَياءِ عندَ ذِكْرِ العَوْراتِ، خُصوصًا فيما يَذكُرُه الرِّجالُ بحَضرةِ النِّساءِ، والنِّساءُ بحَضرةِ الرِّجالِ، والتعريضُ بالألْفاظِ المستقبَحةِ، وتجنُّبُ ذِكرِها، والانقباضُ والاستحياءُ عندَ ذلِك، وترْكُ التَّصريحِ بها.وفيه: بيانُ دَورِ المرأةِ العاقلةِ العالِمةِ في تَوصيلِ المفاهيمِ، وتعليمِ غَيرِها مِن النِّساءِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
591- مَن نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذلكَ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]. قَالَ مُوسَى: قَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُهُ يقولُ: بَعْدُ: وأَقِمِ الصَّلَاةَ للذِّكْرَى.
الراوي : أنس بن مالك.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 597.
-----------------
شرح الحديث :
شأنُ الصَّلاةِ في الإسلامِ عَظيمٌ، ولها مِن الأهمِّيَّةِ ما يَجعلُ المحافَظةَ عليها مِن شَعائرِ الدِّينِ اللازِمةِ، فهي عِمادُ الدِّينِ، وقدْ جعَلَ كفَّارةَ مَنْ نَسِيَ صلاةً أنَّه يُصلِّيها عندَ تَذكُّرِها، وهذا مِن عَظيمِ قَدْرِها وفَضلِها ومَكانتِها في الشَّرعِ؛ ففي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً فلْيُصَلِّ إذا ذَكَرَها»، أي: مَن نَسِيَ أداءَ أيِّ صلاةٍ حتَّى خَرَج وقتُها، فلْيُبادِرْ ولْيُسرِعْ إلى قضائِها حالَ تَذكُّرِه لها، فلا مَحْوَ وستْرَ لذَنبِ تَركِها ولو نِسيانًا إلَّا أنْ يُصلِّيَها المسلِمُ عِندَ تذَكُّرِها، كما قال اللهُ في كِتابِه الكريمِ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]، أي: أقِمْ الصَّلاةَ إذا ذَكرْتَ الصَّلاةَ المنسِيَّةَ ومتَى ذَكرتَ أنَّ عليكَ صَلاةً، سواءٌ كُنتَ في وقتِها أو لم تكُنْ؛ لأجْلِ أنْ تَذكُرَني في الصَّلاةِ بالتَّسبيحِ والتَّعظيمِ؛ لأنْ أذكُرَكَ بالثَّناءِ والمدحِ.وفي الحديثِ: بيانُ أهمِّيَّةِ الصَّلاةِ، وعَدمِ التَهاوُنِ في أَدائِها.
..
591- جَاءَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ. أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ: لَا. إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ وليسَ بالحَيْضَةِ فَإِذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 333.
-----------------
جَاءَتْ فَاطِمَةُ بنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطْهُرُ أفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ، وليسَ بحَيْضٍ، فَإِذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي - قالَ: وقالَ أبِي: - ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، حتَّى يَجِيءَ ذلكَ الوَقْتُ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 228.
------------------
شرح الحديث:
كانَتْ نِساءُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهنَّ مع عِظَمِ حيائِهنَّ يَسأَلْنَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عمَّا يَختصِصْنَ به ويَحدُثُ لهنَّ مِن مَسائِلَ تَتعلَّقُ بالطَّهارةِ؛ مِن الحَيضِ والاستحاضةِ. وفي هذا الحديثِ تَروي عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ فاطِمةَ بنتَ أبي حُبَيْشٍ رَضيَ اللهُ عنها جاءتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالتْ: إنِّي امرأةٌ أُسْتَحاضُ فلا أطْهُرُ، أي: لا يَنقطِعُ عنِّي الدَّمُ، والاسْتِحاضةُ: دَمٌ فاسِدٌ يَخْرُجُ زِيادةً مِنَ المرأةِ بعْدَ انْتِهاءِ فَتْرةِ حَيضِها الطَّبيعيَّةِ، ثمَّ سأَلَتْ: هل يكونُ ذلك الدَّمُ في حُكمِ الحيضِ، فأتْرُكَ الصَّلاةَ إلى انقطاعِه؟ فبيَّنَ لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ ذلك الدَّمَ دمُ استحاضةٍ، وهو دمٌ مَرَضيٌّ يَنشَأُ عن انقطاعِ عِرقٍ في الرَّحِمِ يُسمَّى العاذِلَ، وليس ذلك الدَّمُ حَيضًا شَرعيًّا، ولا تَجري عليه أحكامُ الحيضِ الشَّرعيَّةُ، فإذا جاء وَقتُ الحيضِ والعادةِ الشَّهريَّةِ، وهو الوقتُ الذي كانت تَحيضُ فيه عادةً قبْلَ أنْ تُصابَ بالاستحاضةِ، فعليها أنْ تَترُكَ الصَّلاةَ عندَ حُلولِ ذلك الوقتِ مِن أوَّلِ الشَّهرِ أو وَسطِه أو آخِرِه، فإذا ذهَبَ قدْرُها فعليها أنْ تَغسِلَ أثَرَ الدَّمِ وتُصلِّيَ، والمرادُ أنْ تَظَلَّ تاركةً للصَّلاةِ والصَّومِ وغيرِهما مِن مَمنوعاتِ الحيضِ مُدَّةَ حَيضِها على عادتِها الشَّهريَّةِ قبْلَ إصابتِها بالاستحاضةِ، فإذا انتهَى مِقدارُ تلك المدَّةِ، وانقَضَتْ عِدَّةُ أيَّامِها، فتكونُ قد طَهُرَت مِن الحَيضِ، فتَغسِلُ مَوضعَ الدَّمِ تَنظيفًا له، ثمَّ تَغتسِلُ اغتسالًا كاملًا لرَفْعِ الحَدَثِ.وحَكَى هِشامٌ، عن أبيه عُروةَ بنِ الزُّبيرِ: ثمَّ تَتوضَّأُ لكلِّ صَلاةٍ خلالَ فَترةِ الاستحاضةِ حتَّى يَأتيَ وقتُ التي بعدَها.وفي الحديثِ: ما كان الصَّحابةُ عليه مِن الرُّجوعِ فيما يَحدُثُ لهم مِن الأمورِ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والسُّؤالِ عن الأحكامِ والجوابِ عنها.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
592- جَعَلَ عُمَرُ يَومَ الخَنْدَقِ يَسُبُّ كُفَّارَهُمْ، وقَالَ: ما كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حتَّى غَرَبَتْ، قَالَ: فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ، فَصَلَّى بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ.
الراوي : جابر بن عبدالله.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 598.
-------------------
أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، جَاءَ يَومَ الخَنْدَقِ، بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ ما كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ، حتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللَّهِ ما صَلَّيْتُهَا فَقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ ما غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ.
الراوي: جابر بن عبدالله.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 596.
------------------
شرح الحديث:
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ بعدَ الشهادَتينِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ؛ وقدْ جعَل اللهُ تعالى لها أوقاتًا معلومةً تُؤدَّى فيها، ومَنْ فاتَه شيءٌ مِن الصَّلواتِ لعُذرٍ فعليه أنْ يَقْضيَها ولا يَترُكَها.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما ببعضِ ما كان في غَزوةِ الخَندقِ، وكانتْ غَزْوةُ الخَنْدَقِ في السَّنةِ الخامِسةِ مِن الهِجرةِ؛ وقيل: إنَّها كانتْ في السَّنةِ الرَّابعةِ، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَر بحَفْرِ خَنْدَقٍ حَوْلَ المدينةِ لِتَحْصِينِها مِن أحزابِ الكُفْرِ الَّتي اجتَمَعَتْ بهدفِ إبادةِ المسلِمينَ، وقد شارَك المسلِمونَ مِن المهاجِرينَ والأنصارِ في حَفْرِ الخَنْدقِ، وقد شغَلَ المشركون النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابَه عن بَعضِ الصَّلَواتِ؛ فجاءَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه جاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ وهو يَسُبُّ كُفَّارَ قريشٍ، بسَببِ قِتالِ هؤلاءِ، وكان سبُّه للمُشركينَ لتَسبُّبِهم في تأخيرِ صَلاةِ العصرِ حتَّى أَوشكَتِ الشَّمسُ على الغُروبِ، وهو الوقتُ الاضْطِراريُّ لصلاةِ العصرِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: واللهِ ما صلَّيتُها! يعني: إذا كنتَ -يا عُمَرُ- قدْ صلَّيتَ العصرَ في آخِرِ الوقتِ قبْلَ الغروبِ، فإنِّي لم أُصَلِّها حتَّى الآنَ وقدْ غرَبتِ الشَّمسُ، ثمَّ قاموا إلى «بُطْحَانَ»، وهو وادٍ في جنوبِ المدينةِ؛ فتَوضَّؤُوا للصَّلاةِ، فصَلَّوُا العَصرَ جماعةً بعدَما غرَبتِ الشَّمسُ، ثمَّ صلَّوْا بعدَ ذلك المغربَ.وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ صَلاةِ الجَماعةِ في الفائتةِ، وأنَّ مَن فاتتْه صلاةٌ وذكَرها في وقتٍ آخَرَ يَبدأُ بالفائتةِ ثمَّ بالحاضِرة.وفيه: مشروعيَّةُ تأخيرِ الفَريضةِ عن وقتِها حتَّى زَوالِ الخَوفِ والقِتالِ.وفيه: فَضْلُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه وحِرصُه على فَرائضِ الدِّينِ وشرائعِه.
..
592- اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بنْتُ جَحْشٍ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ فَقالَ: إنَّما ذَلِكِ عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي. فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.قالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: لَمْ يَذْكُرِ ابنُ شِهَابٍ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ بنْتَ جَحْشٍ أنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ولَكِنَّهُ شيءٌ فَعَلَتْهُ هي وقالَ ابنُ رُمْحٍ في رِوَايَتِهِ: ابْنَةُ جَحْشٍ، ولَمْ يَذْكُرْ أُمَّ حَبِيبَةَ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 334.
-------------------
أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فأمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ، فَقالَ: هذا عِرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 327.
------------------
شرح الحديث:
الحَيضُ دمُ صِحَّةٍ وجِبِلَّةٍ، يُصيبُ المرأةَ مرَّةً كلَّ شهرٍ في غالبِ عادةِ النِّساءِ، ويَستمِرُّ أيَّامًا معَيَّنةً مِن كلِّ شهرٍ، غالبًا ما تَعرِفُها المرأةُ، بخِلافِ دمِ الاستِحاضةِ؛ فإنَّه دمٌ يَخرُجُ مِن المرأةِ على سبيلِ المرضِ؛ ولذلك فإنَّه يَزيدُ عن أيَّامِ الحيضِ المعتادةِ للمرأةِ، وعن أكثرِ مدَّةٍ ممكنةٍ للحَيضِ، ومِنَ النِّساءِ مَن يَظلُّ الدَّمُ عندَها دُونَ انقطاعٍ، وكلُّ دمٍ زاد عن حدِّ الحَيضِ ووقتِه فهو دمُ استِحاضةٍ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمَّ المؤمنينَ رَضيَ الله عنها أنَّ أمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنها كانتْ مُستحاضةً، وظلَّتِ استِحاضتُها مدَّةَ سبْعِ سنينَ، فسألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كيفيَّةِ طهارتِها لأداءِ الصَّلاةِ وغيرِها مِنَ العِباداتِ، فأمَرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تغتسِلَ بعْدَ مرورِ أيَّامِ حَيضتِها الأصليَّةِ، وبيَّن لها أنَّ هذا عِرقٌ، أي: نزيفٌ مِن أحدِ العروقِ، وليس الحَيضَ المعروفَ، وعلى هذا فإنَّ حُكمَ المستحاضةِ أن تَغتسلَ بعْدَ أن تمُرَّ أيَّامُ الحَيضِ المعتادةِ، ولا تَلتفِتَ للدَّمِ الَّذي لا يَنقطعُ بعْدَ مرورِ عادتِها؛ لأنَّه دمُ استِحاضةٍ، فتتوضَّأَ لكلِّ صَلاةٍ، وتضَعَ ما تَحترِزُ به عن الدَّمِ كما جاء في الرِّواياتِ عندَ أبي داودَ وغيرِه مِن حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ رَضيَ اللهُ عنها. وقولُها: «فكانتْ تَغتسِلُ لكلِّ صَلاةٍ» قيل: إنَّما أمَرها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تَغتسِلَ مِن حَيضتِها وتُصلِّيَ، وكان الاغتسالُ لكلِّ صَلاةٍ منها تطَوُّعًا، وقيل: إنَّما كان الاغتسالُ مِنَ الدَّمِ الَّذي أصابها؛ لأنَّه مِن إزالةِ النَّجاسةِ، وهي شرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ، وقيل: إنَّ حُكمَ الاغتِسالِ الَّذي في هذا الحديثِ منسوخٌ بحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ الَّذي فيه الأمرُ بالوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ لا الغسلِ، والجمعُ بيْنَ الحديثَينِ بحملِ الأمرِ في حديثِ أمِّ حبيبةَ على النَّدبِ أَولى. وفي الحديثِ: أنَّ الاستِحاضةَ لا تمنَعُ المرأةَ الصَّلاةَ، ومُباشرتَها للعِباداتِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2025/10/22 21:41:00
Back to Top
HTML Embed Code: