Telegram Web Link
593- كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: كانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ - وهي الَّتي تَدْعُونَهَا الأُولَى - حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، ويُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أحَدُنَا إلى أهْلِهِ في أقْصَى المَدِينَةِ والشَّمْسُ حَيَّةٌ - ونَسِيتُ ما قَالَ في المَغْرِبِ - قَالَ: وكانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، قَالَ: وكانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، والحَدِيثَ بَعْدَهَا، وكانَ يَنْفَتِلُ مِن صَلَاةِ الغَدَاةِ، حِينَ يَعْرِفُ أحَدُنَا جَلِيسَهُ، ويَقْرَأُ مِنَ السِّتِّينَ إلى المِئَةِ.
الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 599.
-----------------
دَخَلْتُ أنا وأَبِي علَى أبِي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ، فقالَ له أبِي: كيفَ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟ فقالَ: كانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ -الَّتي تَدْعُونَها الأُولَى- حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، ويُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أحَدُنا إلى رَحْلِهِ في أقْصَى المَدِينَةِ والشَّمْسُ حَيَّةٌ - ونَسِيتُ ما قالَ في المَغْرِبِ - وكانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يُؤَخِّرَ العِشاءَ -الَّتي تَدْعُونَها العَتَمَةَ -وكانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَها، والحَدِيثَ بَعْدَها، وكانَ يَنْفَتِلُ مِن صَلاةِ الغَداةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، ويَقْرَأُ بالسِّتِّينَ إلى المِئَةِ.
الراوي: أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد.
المحدث: البخاري.
المصدر: صحيح البخاري..الرقم: 547.
------------------
شرح الحديث:
في هذا الحَديثِ بَيانُ حِرصِ بَعضِ التابِعينَ على العِلْمِ بالسُّنَّةِ، وحِرصِهم على مُتابَعةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ وفيه أنَّ سَيَّارَ بنَ سَلامةَ -وهو أحَدُ التَّابِعينَ- دَخَلَ هو وأبوه سَلامةُ على أبي بَرْزةَ الأسلَميِّ رَضيَ اللهُ عنه، فسَألَه سَلامةُ أبو سَيَّارٍ عن صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكيف كان يُصَلِّي الصَّلَواتِ المَفروضةَ التي كَتَبَها اللهُ تعالَى على عِبادِه، فأجابَه رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي الهَجِيرَ -والهَجيرُ شِدَّةُ الحَرِّ-، وهي صَلاةُ الظُّهرِ، وسُمِّيتْ بذلك؛ لِأنَّ وَقتَها يَدخُلُ حينَئِذٍ، وكانوا يُسَمُّونَ صَلاةَ الظُّهرِ: الصَّلاةَ الأُولى؛ لِأنَّها أوَّلُ صَلاةٍ في إمامةِ جِبريلَ عليه السَّلامُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّيها حين تَدحَضُ الشَّمسُ فتَزولُ عن وَسَطِ السَّماءِ إلى جِهةِ المَغرِبِ، ومُقتَضى ذلك أنَّه كان يُصَلِّي الظُّهرَ في أوَّلِ وَقتِها.ثم إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُبالِغُ في تَعجيلِ صَلاةِ العَصرِ، فكان يُصَلِّيها، ويَذهَبُ الواحِدُ مِمَّن صَلَّى معه إلى مَسكَنِه في آخِرِ المَدينةِ والشَّمسُ لا تَزالُ حَيَّةً لم يَتغَيَّرْ ضَوْؤُها ولا حَرُّها، ونَسِيَ الرَّاوي ما قاله أبو بَرْزةَ في صَلاةِ المَغرِبِ.ثم قال أبو بَرْزةَ: وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستَحِبُّ أنْ يُؤخِّرَ صَلاةَ العِشاءِ؛ لِمَا فيه مِنَ الفَضلِ، وقد جاء في فَضلِ تأخيرِها ما رَواه أبو داودَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «أعْتِموا بهذه الصَّلاةِ؛ فإنَّكم قد فُضِّلتُم بها على سائِرِ الأُمَمِ، ولم تُصَلِّها أُمَّةٌ قَبلَكم»، وهي التي تَدْعونَها العَتَمةَ، والعَتَمةُ هي الظُّلمةُ التي بَعدَ غِيابِ الشَّفَقِ، وفيه إشارَةٌ إلى تَرْكِ تَسميَتِها بذلك، وكان يَكرَهُ النَّومَ قَبلَها، خَوفًا مِن إخراجِها عن وَقتِها، ويَكرَهُ أيضًا الحَديثَ في أُمورِ الدُّنيا بَعدَها؛ لِمَا فيه مِن تَعريضِ قيامِ اللَّيلِ وصَلاةِ الفَجرِ لِلفَواتِ.وكان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يَنصَرِفُ مِنَ الصَّلاةِ، أو يَلتَفِتُ إلى المأْمومينَ مِن صَلاةِ الصُّبحِ حين يَعرِفُ الرَّجُلُ جَليسَه، أي: يُمَيِّزُه، وهذا إشارةٌ إلى انبِعاثِ ضَوْءِ الصُّبحِ الذي يَكادُ يَعرِفُ به المُصَلِّي مَن بجِوارِه، وذلك عِندَ الانتِهاءِ مِنَ الصَّلاةِ؛ فإنَّه كان يُطيلُ فيها، ولا يَفرُغُ منها إلَّا وقد ظَهَرتِ الأشياءُ، وانكَشَفتِ الوُجوهُ، وكان يَقرأُ فيها مِنَ الآياتِ ما بيْن السِّتِّينَ إلى المِئةِ.
..
593- أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وتَحْتَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ. فَاسْتَفْتَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في ذلكَ. فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ هذِه ليسَتْ بالحَيْضَةِ ولَكِنَّ هذا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي وصَلِّي.\r\nقالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ في مِرْكَنٍ في حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ حتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ المَاءَ.\r\nقالَ ابنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثْتُ بذلكَ أبَا بَكْرِ بنَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، فَقالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ هِنْدًا لو سَمِعَتْ بهذِه الفُتْيَا واللَّهِ إنْ كَانَتْ لَتَبْكِي؛ لأنَّهَا كَانَتْ لا تُصَلِّي. وفي رواية: جَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بنْتُ جَحْشٍ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتِ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ.... بمِثْلِ حَديثِ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ إلى قَوْلِهِ: تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ المَاءَ ولَمْ يَذْكُرْ ما بَعْدَهُ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 334.
------------------
أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فأمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ، فَقالَ: هذا عِرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 327.
------------------
شرح الحديث:
الحَيضُ دمُ صِحَّةٍ وجِبِلَّةٍ، يُصيبُ المرأةَ مرَّةً كلَّ شهرٍ في غالبِ عادةِ النِّساءِ، ويَستمِرُّ أيَّامًا معَيَّنةً مِن كلِّ شهرٍ، غالبًا ما تَعرِفُها المرأةُ، بخِلافِ دمِ الاستِحاضةِ؛ فإنَّه دمٌ يَخرُجُ مِن المرأةِ على سبيلِ المرضِ؛ ولذلك فإنَّه يَزيدُ عن أيَّامِ الحيضِ المعتادةِ للمرأةِ، وعن أكثرِ مدَّةٍ ممكنةٍ للحَيضِ، ومِنَ النِّساءِ مَن يَظلُّ الدَّمُ عندَها دُونَ انقطاعٍ، وكلُّ دمٍ زاد عن حدِّ الحَيضِ ووقتِه فهو دمُ استِحاضةٍ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمَّ المؤمنينَ رَضيَ الله عنها أنَّ أمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنها كانتْ مُستحاضةً، وظلَّتِ استِحاضتُها مدَّةَ سبْعِ سنينَ، فسألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كيفيَّةِ طهارتِها لأداءِ الصَّلاةِ وغيرِها مِنَ العِباداتِ، فأمَرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تغتسِلَ بعْدَ مرورِ أيَّامِ حَيضتِها الأصليَّةِ، وبيَّن لها أنَّ هذا عِرقٌ، أي: نزيفٌ مِن أحدِ العروقِ، وليس الحَيضَ المعروفَ، وعلى هذا فإنَّ حُكمَ المستحاضةِ أن تَغتسلَ بعْدَ أن تمُرَّ أيَّامُ الحَيضِ المعتادةِ، ولا تَلتفِتَ للدَّمِ الَّذي لا يَنقطعُ بعْدَ مرورِ عادتِها؛ لأنَّه دمُ استِحاضةٍ، فتتوضَّأَ لكلِّ صَلاةٍ، وتضَعَ ما تَحترِزُ به عن الدَّمِ كما جاء في الرِّواياتِ عندَ أبي داودَ وغيرِه مِن حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ رَضيَ اللهُ عنها. وقولُها: «فكانتْ تَغتسِلُ لكلِّ صَلاةٍ» قيل: إنَّما أمَرها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تَغتسِلَ مِن حَيضتِها وتُصلِّيَ، وكان الاغتسالُ لكلِّ صَلاةٍ منها تطَوُّعًا، وقيل: إنَّما كان الاغتسالُ مِنَ الدَّمِ الَّذي أصابها؛ لأنَّه مِن إزالةِ النَّجاسةِ، وهي شرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ، وقيل: إنَّ حُكمَ الاغتِسالِ الَّذي في هذا الحديثِ منسوخٌ بحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ الَّذي فيه الأمرُ بالوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ لا الغسلِ، والجمعُ بيْنَ الحديثَينِ بحملِ الأمرِ في حديثِ أمِّ حبيبةَ على النَّدبِ أَولى. وفي الحديثِ: أنَّ الاستِحاضةَ لا تمنَعُ المرأةَ الصَّلاةَ، ومُباشرتَها للعِباداتِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
594- قَالَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ: انْتَظَرْنَا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، حتَّى كانَ شَطْرُ اللَّيْلِ يَبْلُغُهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى لَنَا، ثُمَّ خَطَبَنَا، فَقَالَ: ألَا إنَّ النَّاسَ قدْ صَلَّوْا ثُمَّ رَقَدُوا، وإنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا في صَلَاةٍ ما انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ - قَالَ الحَسَنُ - وإنَّ القَوْمَ لا يَزَالُونَ بخَيْرٍ ما انْتَظَرُوا الخَيْرَ قَالَ قُرَّةُ: هو مِن حَديثِ أنَسٍ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : أنس بن مالك.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 600.
------------------
شرح الحديث :
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أشدَّ الناسِ تَعظيمًا واحترامًا وتَوقيرًا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن مظاهِرِ ذلك ما جاءَ في هذا الحديث، وهذا المتنُ جُزءٌ منْ حَديثٍ فيهِ واقعةٌ وهيَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تأخَّرَ عنْ صَلاةِ العِشاءِ ولم يخرُجْ للناسِ عامدًا، فانتظرَهُ الناسُ إلى قريبٍ مِن نصفِ اللَّيلِ، وفيه أنَّ الحسَنَ البَصريَّ أحدَ أئمَّةِ التابعينَ تأخَّر عن أصحابِه، وهم تلامذتُه وطُلَّابُ العِلمِ؛ فلمْ يأتِهم حتى اقْتَربوا من المَوعِدِ الذي يَنْتهون فيه ووقتِ قيامِ الحَسنِ وانصِرافِه على عادتِهم معه لأخْذِ العِلمِ عنه، أو حتى حانَ وقتُ قيامِ الحسَنِ مِنَ النَّومِ لِلتَّهجُّدِ، فآتاهم قَبْل انصرافِهم، فقال الحسنُ مُعتَذِرًا لهم ومبيِّنًا سببَ تأخُّرِه: دعانا جيرانُنا هؤلاء فأجَبْنا دعوتَهم وتأخَّرْنا عندَهم، ثم أخبَرَ عن أَنسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصحابةَ انتظَروا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ لَيلةٍ لصلاةِ العِشاءِ حتى اقْتَرب نِصْفُ اللَّيلِ دُونَ أنْ يأتيَهم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فصلَّى بهم في هذا الوقتِ، وهو على غيرِ عادتِهم لتلك الصَّلاةِ، ثمَّ خطَبَهم وأعلَمَهم أنَّ الناسَ غيرَهم قدِ انتهَوْا مِن صَلاتِهمْ وناموا، وهم ما زالوا مُنتظِرينَ أَداءَها، وأخبَرَهم أيضًا أنَّهم طِيلةَ فترةِ انتِظارِهم للصَّلاةِ في المَسْجِدِ كأنَّهم في حالةِ صلاةٍ، ولهم أجْرٌ مِثلُ أجْرِ أداءِ الصلاةِ، وهذا مِن عَظيمِ فَضلِ اللهِ على عِبادِه المؤمِنينَ، حيثُ لم يُضيِّعْ وقتَ انتِظارِهمْ، ويَدخُلُ في هذا الحُكمِ: البقاءُ في المسجِدِ، وانتظارُ الفرائِضِ به لا يَقطعُه منها إلَّا الحاجةُ.قال الحَسنُ بعدَ ذِكْرِه للحديثِ: «وإنَّ القومَ لا يَزالونَ بخَيرٍ ما انتظروا الخَيْرَ»، أي: إنَّه عمَّمَ الحُكمَ في انتظارِ كلِّ الخيراتِ، وهذا مِن بابِ تأْنِيسِ أصْحابِه حيثُ انتظَرُوه لطَلبِ العِلمِ؛ فهُم كذلك في خيرٍ مِثل مَنِ انتَظَر الصَّلاةَ.وفي الحَديثِ: فضلُ انتظارِ الصَّلاةِ في المسجدِ.وفيه: مَشروعيَّةُ تأخيرِ صَلاةِ العِشاءِ.
..
594- إنَّ أمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الدَّمِ؟ فَقالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنَ دَمًا. فَقالَ لَهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: امْكُثِي قَدْرَ ما كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وصَلِّي.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
صحيح مسلم..الرقم: 334.
---------------
أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فأمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ، فَقالَ: هذا عِرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 327.
------------------
شرح الحديث:
الحَيضُ دمُ صِحَّةٍ وجِبِلَّةٍ، يُصيبُ المرأةَ مرَّةً كلَّ شهرٍ في غالبِ عادةِ النِّساءِ، ويَستمِرُّ أيَّامًا معَيَّنةً مِن كلِّ شهرٍ، غالبًا ما تَعرِفُها المرأةُ، بخِلافِ دمِ الاستِحاضةِ؛ فإنَّه دمٌ يَخرُجُ مِن المرأةِ على سبيلِ المرضِ؛ ولذلك فإنَّه يَزيدُ عن أيَّامِ الحيضِ المعتادةِ للمرأةِ، وعن أكثرِ مدَّةٍ ممكنةٍ للحَيضِ، ومِنَ النِّساءِ مَن يَظلُّ الدَّمُ عندَها دُونَ انقطاعٍ، وكلُّ دمٍ زاد عن حدِّ الحَيضِ ووقتِه فهو دمُ استِحاضةٍ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمَّ المؤمنينَ رَضيَ الله عنها أنَّ أمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنها كانتْ مُستحاضةً، وظلَّتِ استِحاضتُها مدَّةَ سبْعِ سنينَ، فسألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كيفيَّةِ طهارتِها لأداءِ الصَّلاةِ وغيرِها مِنَ العِباداتِ، فأمَرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تغتسِلَ بعْدَ مرورِ أيَّامِ حَيضتِها الأصليَّةِ، وبيَّن لها أنَّ هذا عِرقٌ، أي: نزيفٌ مِن أحدِ العروقِ، وليس الحَيضَ المعروفَ، وعلى هذا فإنَّ حُكمَ المستحاضةِ أن تَغتسلَ بعْدَ أن تمُرَّ أيَّامُ الحَيضِ المعتادةِ، ولا تَلتفِتَ للدَّمِ الَّذي لا يَنقطعُ بعْدَ مرورِ عادتِها؛ لأنَّه دمُ استِحاضةٍ، فتتوضَّأَ لكلِّ صَلاةٍ، وتضَعَ ما تَحترِزُ به عن الدَّمِ كما جاء في الرِّواياتِ عندَ أبي داودَ وغيرِه مِن حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ رَضيَ اللهُ عنها. وقولُها: «فكانتْ تَغتسِلُ لكلِّ صَلاةٍ» قيل: إنَّما أمَرها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تَغتسِلَ مِن حَيضتِها وتُصلِّيَ، وكان الاغتسالُ لكلِّ صَلاةٍ منها تطَوُّعًا، وقيل: إنَّما كان الاغتسالُ مِنَ الدَّمِ الَّذي أصابها؛ لأنَّه مِن إزالةِ النَّجاسةِ، وهي شرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ، وقيل: إنَّ حُكمَ الاغتِسالِ الَّذي في هذا الحديثِ منسوخٌ بحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ الَّذي فيه الأمرُ بالوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ لا الغسلِ، والجمعُ بيْنَ الحديثَينِ بحملِ الأمرِ في حديثِ أمِّ حبيبةَ على النَّدبِ أَولى. وفي الحديثِ: أنَّ الاستِحاضةَ لا تمنَعُ المرأةَ الصَّلاةَ، ومُباشرتَها للعِباداتِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
595- أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه، فإنَّ رَأْسَ مِئَةٍ، لا يَبْقَى مِمَّنْ هو اليومَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ أحَدٌ فَوَهِلَ النَّاسُ في مَقَالَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلى ما يَتَحَدَّثُونَ مِن هذِه الأحَادِيثِ، عن مِئَةِ سَنَةٍ، وإنَّما قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا يَبْقَى مِمَّنْ هو اليومَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ يُرِيدُ بذلكَ أنَّهَا تَخْرِمُ ذلكَ القَرْنَ.
الراوي : عبدالله بن عمر.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 601.
----------------
صَلَّى بنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العِشَاءَ في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: أرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه، فإنَّ رَأْسَ مِئَةِ سَنَةٍ منها، لا يَبْقَى مِمَّنْ هو علَى ظَهْرِ الأرْضِ أحَدٌ.
الراوي: عبدالله بن عمر.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 116.
------------------
شرح الحديث:
في هذا الحَديثِ أخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن أمْرٍ مِن أُمورِ الغَيبِ الَّتي أطْلَعَه اللهُ عليها، حيثُ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى بهم يومًا العِشاءَ في آخِرِ حَيَاتِهِ، وجاء في رِوايةِ مُسلمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ ذلك كان قبْلَ مَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَهْرٍ، فلمَّا سلَّمَ وانْتَهى مِن صَلاتِه أقبَلَ عليهم، فوَعَظَهم وأخْبَرَهم أَنَّه لا يَبقى على ظَهرِ الأرضِ بَعدَ مرورِ مئةِ سَنةٍ أحدٌ مِمَّن كان حيًّا في هذه اللَّيلةِ، وهذا ما كان، فعلى الرَّغمِ مِن أنَّ بعضَ النَّاسِ عُمِّرَ إلى سِنٍّ كبيرٍ إلَّا أَنَّه لم يَبقَ أحدٌ حيًّا بعدَ مئةِ سَنةٍ مِن هذه اللَّيلةِ الَّتي حدَّثَهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها بذلك، وفي ذلك وَعْظٌ لهم بِقِصَرِ أَعمارِهم، فأعلَمَهم أنَّه لَيستْ تُطولُ أعمارُهم كأعمارِ مَن تَقدَّم مِنَ الأُممِ؛ لِيَجتهِدوا في العِبادةِ.وفي الحديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
..
595- إنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بنْتَ جَحْشٍ الَّتي كَانَتْ تَحْتَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شَكَتْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الدَّمَ. فَقالَ لَهَا: امْكُثِي قَدْرَ ما كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 334.
---------------
أنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فأمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ، فَقالَ: هذا عِرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث: صحيح البخاري..الرقم: 327.
------------------
شرح الحديث:
الحَيضُ دمُ صِحَّةٍ وجِبِلَّةٍ، يُصيبُ المرأةَ مرَّةً كلَّ شهرٍ في غالبِ عادةِ النِّساءِ، ويَستمِرُّ أيَّامًا معَيَّنةً مِن كلِّ شهرٍ، غالبًا ما تَعرِفُها المرأةُ، بخِلافِ دمِ الاستِحاضةِ؛ فإنَّه دمٌ يَخرُجُ مِن المرأةِ على سبيلِ المرضِ؛ ولذلك فإنَّه يَزيدُ عن أيَّامِ الحيضِ المعتادةِ للمرأةِ، وعن أكثرِ مدَّةٍ ممكنةٍ للحَيضِ، ومِنَ النِّساءِ مَن يَظلُّ الدَّمُ عندَها دُونَ انقطاعٍ، وكلُّ دمٍ زاد عن حدِّ الحَيضِ ووقتِه فهو دمُ استِحاضةٍ.وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ أمَّ المؤمنينَ رَضيَ الله عنها أنَّ أمَّ حَبيبةَ بنتَ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنها كانتْ مُستحاضةً، وظلَّتِ استِحاضتُها مدَّةَ سبْعِ سنينَ، فسألَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كيفيَّةِ طهارتِها لأداءِ الصَّلاةِ وغيرِها مِنَ العِباداتِ، فأمَرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تغتسِلَ بعْدَ مرورِ أيَّامِ حَيضتِها الأصليَّةِ، وبيَّن لها أنَّ هذا عِرقٌ، أي: نزيفٌ مِن أحدِ العروقِ، وليس الحَيضَ المعروفَ، وعلى هذا فإنَّ حُكمَ المستحاضةِ أن تَغتسلَ بعْدَ أن تمُرَّ أيَّامُ الحَيضِ المعتادةِ، ولا تَلتفِتَ للدَّمِ الَّذي لا يَنقطعُ بعْدَ مرورِ عادتِها؛ لأنَّه دمُ استِحاضةٍ، فتتوضَّأَ لكلِّ صَلاةٍ، وتضَعَ ما تَحترِزُ به عن الدَّمِ كما جاء في الرِّواياتِ عندَ أبي داودَ وغيرِه مِن حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ رَضيَ اللهُ عنها. وقولُها: «فكانتْ تَغتسِلُ لكلِّ صَلاةٍ» قيل: إنَّما أمَرها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن تَغتسِلَ مِن حَيضتِها وتُصلِّيَ، وكان الاغتسالُ لكلِّ صَلاةٍ منها تطَوُّعًا، وقيل: إنَّما كان الاغتسالُ مِنَ الدَّمِ الَّذي أصابها؛ لأنَّه مِن إزالةِ النَّجاسةِ، وهي شرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ، وقيل: إنَّ حُكمَ الاغتِسالِ الَّذي في هذا الحديثِ منسوخٌ بحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ الَّذي فيه الأمرُ بالوُضوءِ لكلِّ صَلاةٍ لا الغسلِ، والجمعُ بيْنَ الحديثَينِ بحملِ الأمرِ في حديثِ أمِّ حبيبةَ على النَّدبِ أَولى. وفي الحديثِ: أنَّ الاستِحاضةَ لا تمنَعُ المرأةَ الصَّلاةَ، ومُباشرتَها للعِباداتِ.

..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
596- أنَّ أصْحَابَ الصُّفَّةِ، كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ وأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن كانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بثَالِثٍ، وإنْ أرْبَعٌ فَخَامِسٌ أوْ سَادِسٌ وأنَّ أبَا بَكْرٍ جَاءَ بثَلَاثَةٍ، فَانْطَلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَشَرَةٍ، قَالَ: فَهو أنَا وأَبِي وأُمِّي - فلا أدْرِي قَالَ: وامْرَأَتي وخَادِمٌ - بيْنَنَا وبيْنَ بَيْتِ أبِي بَكْرٍ، وإنَّ أبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَيْثُ صُلِّيَتِ العِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَبِثَ حتَّى تَعَشَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَ ما مَضَى مِنَ اللَّيْلِ ما شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ له امْرَأَتُهُ: وما حَبَسَكَ عن أضْيَافِكَ - أوْ قَالَتْ: ضَيْفِكَ - قَالَ: أوَما عَشَّيْتِيهِمْ؟ قَالَتْ: أبَوْا حتَّى تَجِيءَ، قدْ عُرِضُوا فأبَوْا، قَالَ: فَذَهَبْتُ أنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وسَبَّ، وقَالَ: كُلُوا لا هَنِيئًا، فَقَالَ: واللَّهِ لا أطْعَمُهُ أبَدًا، وايْمُ اللَّهِ، ما كُنَّا نَأْخُذُ مِن لُقْمَةٍ إلَّا رَبَا مِن أسْفَلِهَا أكْثَرُ منها - قَالَ: يَعْنِي حتَّى شَبِعُوا - وصَارَتْ أكْثَرَ ممَّا كَانَتْ قَبْلَ ذلكَ، فَنَظَرَ إلَيْهَا أبو بَكْرٍ فَإِذَا هي كما هي أوْ أكْثَرُ منها، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ ما هذا؟ قَالَتْ: لا وقُرَّةِ عَيْنِي، لَهي الآنَ أكْثَرُ منها قَبْلَ ذلكَ بثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فأكَلَ منها أبو بَكْرٍ، وقَالَ: إنَّما كانَ ذلكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي يَمِينَهُ - ثُمَّ أكَلَ منها لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وكانَ بيْنَنَا وبيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَفَرَّقَنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مع كُلِّ رَجُلٍ منهمْ أُنَاسٌ، اللَّهُ أعْلَمُ كَمْ مع كُلِّ رَجُلٍ، فأكَلُوا منها أجْمَعُونَ، أوْ كما قَالَ.
الراوي : عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 602.
--------------------
شرح الحديث :
أصحابُ الصُّفَّةِ هم قومٌ فُقراءُ مِن الصَّحابةِ، كانوا غُرباءَ لا بُيوتَ لهم ولا أهلَ ولا مأوَى، وكان لهم في آخِرِ المسجدِ النَّبويِّ مكانٌ مخصَّصٌ به صُفَّةٌ أو مِظلَّةٌ يَبيتون تحتَها؛ فسُمُّوا بأهلِ الصُّفَّةِ لذلك.وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَر أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم أنَّ مَن تَيسَّر له وكان عِندَه طَعامُ اثنينِ فلْيَذهَبْ ويَضُمَّ إليه ثالثًا مِن أهلِ الصُّفَّةِ ويأخُذه لِيُطعِمَه معه، وإن كان عِندَه طَعامُ أربَعٍ فلْيَذهَبْ معه بخامِسٍ أو بسادِسٍ منهم؛ لأنَّهم كانوا فُقراءَ. فانطَلَقَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَشَرةٍ مِن أهلِ الصُّفَّةِ ليُطعِمَهم عندَه، وجاءَ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رَضيَ اللهُ عنه بثَلاثةٍ إلى بَيتِه، ولكنَّه ترَكَهم لأهلِ بَيتِه وأَوْصاهم بإكرامِهم وإطعامِهم، ثمَّ رجَع إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأكَلَ طَعامَ العَشاءِ عِندَه، ثمَّ ظلَّ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى صلَّى معه العِشاءَ، ورجَع إلى دارِه بَعْدَما مَضى مِن اللَّيلِ ما شاءَ اللهُ، فسألَتْه امرأتُه أُمُّ رُومانَ -وهي أمُّ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنهما- عن سببِ تأخُّرِه عن أضيافِه الثَّلاثةِ مِن أهلِ الصُّفَّةِ، فسألَها أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه مُستنكِرًا: «أوَما عَشَّيتِيهِم؟!» فأخبَرَتْه أنَّ الأضْيافَ قدْ عُرِضَ عليهم الطعامُ فامْتَنَعوا مِنَ الأكلِ وأَبَوْا أنْ يَأكُلوا حَتَّى تَرجِعَ إليهم. قال عَبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: فذَهَبتُ أنا فاختَبَأتُ خَوفًا مِن أبي وشَتْمِه، فقال أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: يا «غُنْثَرُ»، أي: يا ثَقيلُ أو يا جاهِلُ أو يا دَنيءُ أو يا لَئيمُ، «فَجَدَّعَ»، دَعا على ولَدِه بالجَدْعِ وهو قَطعُ الأُذُنِ أو الأنفِ أو الشَّفةِ. وسَبَّ ولَدَه؛ ظَنًّا منه أنَّه فَرَّطَ في حَقِّ الأضيافِ.ثُمَّ قال أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا تَبَيَّنَ له أنَّ سببَ التَّأْخيرِ مِن الأضيافِ: كُلوا لا هَنيئًا؛ تَأديبًا لهم لأنَّهم تَحَكَّموا على رَبِّ المَنزِلِ بالحُضورِ معهم، ولَم يَكتَفوا بوَلدِه مع إذْنِه لهم في ذلك، أو أنَّكم لَم تَتهَنَّوْا بالطَّعامِ في وقْتِه، ثمَّ حَلَفَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه ألَّا يَطْعَمَه، فقال: واللهِ لا أَطعَمُه أبَدًا.
ثمَّ أقسَمَ عبدُ الرَّحمنِ رَضيَ اللهُ عنه: «وايْمُ اللهِ، ما كُنَّا نَأخُذُ مِن لُقْمةٍ إلَّا رَبَا مِن أسفَلِها»، أي: إنَّ الطَّعامَ مهما كان يُؤخَذُ منه مِن لُقمةٍ زادَ في مَوضِعها، ولم يَنقُصْ حَتَّى شَبِعوا، وصارَت الأطعِمةُ أكثَرَ مِمَّا كانت قبْلَ ذلك، فنَظَر إليها أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فإذا الأطعِمةُ أو الجَفْنةُ -وهي الوعاءُ- كما هيَ على حالِها الأوَّلِ لَم تَنقُصْ شَيئًا، أو هيَ أكثَرُ منها. فقال لامرَأتِه: يا أُخْتَ بَني فِراسٍ، أي: يا أختَ القَومِ المنتسبينَ إلى فِراسٍ -وهو فراسُ بنُ غَنمِ بنِ مالكِ بنِ كِنانةَ- ما هذا؟ استِفهامٌ عن حالِ الأطعِمةِ، قالت أُمُّ رُومانَ: «لا وقُرَّةِ عَيني، لَهِيَ» أي: الأطعِمةُ أو الجَفْنةُ «الآنَ أكثرُ مِنها قبْلَ ذلك بثَلاثِ مَرَّاتٍ»، فأقسمَتْ بما رأَتْه مِن قُرَّةِ عَينِها مِن بَرَكةٍ، وسُرورِها بذلك، وقُرَّةُ العَينِ يُعَبَّرُ بها عن المسَرَّةِ ورُؤيةِ ما يُحِبُّه الإنسانُ ويوافِقُه.فأكَلَ أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن الأطعِمةِ أو مِن الجَفْنةِ، وقال: إنَّما كان يَمينُه السابقُ بعدَمِ الأكلِ مِن الشَّيطانِ، وذلك حينَ قال: واللهِ لا أَطعَمُه أبَدًا، فأَخْزاهُ بالحِنْثِ الَّذي هو خَيرٌ، أو المُرادُ لا أَطْعَمُه معكم، أو في هذه السَّاعةِ، أو عِندَ الغَضَبِ، ثمَّ أكَلَ أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه منها لُقمةً أُخرى؛ لِتَطيِيبِ قُلوبِ أضيافِه، وتَأكيدًا لِدَفعِ الوَحشةِ، ثمَّ حمَلَ هذا الوعاءَ بما فيه مِنَ الطَّعامِ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأصبَحَت عِندَه، وفي روايةٍ للبُخاريِّ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكَل منها.ثمَّ قال عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما: وكانَ بَيْنَنا وبيْنَ قَومٍ عَقْدٌ، والمرادُ به العهدُ والهُدْنةُ، فانتهى الأجَلُ، وهي المدَّةُ المحدَّدةُ لهذا العقدِ والهُدنة؛ فجاؤوا إلى المَدينةِ، فقسَّمَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى اثنَتَيْ عَشْرةَ فِرقةً، وجعَل على رأسِ كلِّ فِرقةٍ رَجُلًا، واللهُ وحْدَه هو أعلَمُ بعددِ الرِّجالِ في كلِّ فِرقةٍ، وفي صَحيحِ مُسلمٍ: «فعَرَّفَنا»، أي: جعَلَنا عُرَفاءَ نُقَباءَ على قَومِهم. فأكَل هؤلاء الناسُ مِن الأطْعمةِ أجمَعونَ، فكَفاهم لِما جعَل اللهُ فيه مِن البَرَكةِ.وفي الحَديثِ: فَضيلةُ الإيثارِ والمواساةِ. وفيه: ما كان عليه أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه مِن حُبِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والانقِطاعِ إليه، وإيثارِه في لَيلِه ونَهارِه على الأهلِ والأضيافِ.وفيه: كَرامةٌ ظاهِرةٌ للصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه. وفيه: الحِنثُ في اليَمينِ والتكفيرُ عنه إذا رأَى غَيْرَها خَيرًا منها.وفيه: إشارةٌ إلى أنَّ البَرَكةَ تَتضاعَفُ على الطَّعامِ مع الكَثرةِ والاجتماعِ.وفيه: أنَّ الولدَ والأهلَ يَلزَمُهم مِن خِدمةِ الضَّيفِ ما يَلزَمُ صاحبَ المنزِلِ.
..
596- أنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ فَقالَتْ: أتَقْضِي إحْدَانَا الصَّلَاةَ أيَّامَ مَحِيضِهَا؟ فَقالَتْ عَائِشَةُ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قدْ كَانَتْ إحْدَانَا تَحِيضُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ لا تُؤْمَرُ بقَضَاءٍ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث :صحيح مسلم..الرقم: 335.
----------------
أنَّ امْرَأَةً قالَتْ لِعائِشَةَ: أتَجْزِي إحْدانا صَلاتَها إذا طَهُرَتْ؟ فقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ كُنَّا نَحِيضُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا يَأْمُرُنا به أوْ قالَتْ: فلا نَفْعَلُهُ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث: صحيح البخاري ..الرقم: 321.
------------------
شرح الحديث:
الحَرُوريَّةُ: هم الخوارجُ، وكان مبدأُ خُروجِهم مِن بلدةِ حَرُوراءَ بقُربِ الكوفةِ بالعراقِ على مِيلينِ مِن الكُوفةِ (3.5 كم تقريبًا)؛ فنُسِبوا إليها، وهم مَن أنكَروا على عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه التَّحكيمَ في قتالِه مع معاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ قاتَلوه، وكفَّروا المسلمينَ، واستحَلُّوا دِماءَهم؛ ولهذا لَمَّا جاءتْ هذه المرأةُ تَسألُ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: هل تَقضي المرأةُ صلاتَها إذا طهُرَت مِن حَيضِها؟ فقالت لها عائِشةُ مُستنكِرةً: أحَرُوريَّةٌ أنتِ؟ أي: هل أنتِ مِن هذه الفِرقةِ مِن الخَوارجِ؟ وكان بعضُهم يأمُرُ الحائضَ بقضاءِ الصلاةِ تنطُّعًا في الدِّينِ، ثمَّ أخبَرَتْها أنَّ نِساءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كنَّ يَحِضْنَ على عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا يأمُرُهم بقضاءِ الصَّلاةِ، وهذا أمرٌ مُجمَعٌ عليه بيْنَ علماءِ المُسلمينَ: أنَّ الحائضَ لا تَقضي الصَّلاةَ؛ وذلك لأنَّ الصَّلاةَ فريضةٌ تُكرَّرُ في كلِّ يَومٍ فلا تُعادُ، وهذا مِن التَّيسيرِ على النِّساءِ، وعدَمِ التَّشديدِ عليهِنِّ بإعادةِ الصَّلاةِ الَّتي فاتتْ في أيَّامِ حَيضِهِنَّ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
597- عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: ذَكَرُوا النَّارَ والنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى فَأُمِرَ بلَالٌ أنْ يَشْفَعَ الأذَانَ، وأَنْ يُوتِرَ الإقَامَةَ.
الراوي : أنس بن مالك.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 603.
------------------:
لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قالَ: ذَكَرُوا أنْ يَعْلَمُوا وقْتَ الصَّلَاةِ بشيءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أنْ يُورُوا نَارًا، أوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا فَأُمِرَ بلَالٌ أنْ يَشْفَعَ الأذَانَ، وأَنْ يُوتِرَ الإقَامَةَ.
الراوي: أنس بن مالك.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 606.
------------------
شرح الحديث:
كان المسلمونَ يُصَلُّونَ بغَيرِ أذانٍ منذُ فُرِضَتِ الصَّلاةُ بمكَّةَ في رِحلةِ المِعراجِ، وظَلُّوا كذلك إلى أنْ هاجَروا إلى المدينةِ حتَّى وقَع التَّشاوُرُ في ذلك، إلى أنْ شُرِعَ الأذانُ، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا كَثُر المسلِمونَ وزادتْ أعدادُهم، وكان ذلك بعْدَ الهِجرةِ إلى المدينةِ كما بيَّنَتْه الرِّواياتُ الصَّحيحةُ، ذَكُروا أنْ يَعْلَموَا وقتَ الصَّلاةِ بشَيءٍ يَعرِفونه، بأنْ يَجعَلوا له علامةً يُعرَفُ بها، فأخَذ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتشاوَرُ معهم، ويَسمَعُ آراءَهم، ويَرى ما يَستنبِطونه مِن أصولِ الشَّريعةِ، فاقترَح بعضُهم إشعالَ نارٍ كالتي يتَّخِذُها المجوسُ وهم عبَدةُ النارِ، وقال آخَرونَ بدَقِّ ناقوسٍ، وهو الجَرسُ الموجودُ بالكَنائسِ عندَ النَّصارى، وقال آخَرونَ -كما في روايةِ الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما- بالبُوقِ، وهو الَّذي تَتَّخِذُه اليهودُ، ويُنفَخُ فيه فيُخرِجُ صَوتًا، وكان يُتَّخَذُ مِن قرونِ الحيواناتِ.فأمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِلالَ بنَ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَشفَعَ الأَذانَ؛ فيَأتيَ بكَلِماتِه مَثْنَى مَثْنَى ثِنتَينِ مُفردتَينِ، إلَّا كلِمةَ التَّوحيدِ في آخِرِه؛ فإنَّها مُفردةٌ، وإلَّا لَفْظَ التَّكبيرِ في أوَّلِه؛ فإنَّه أرْبَعٌ. وأن يُوتِرَ الإقامةَ، أي: يَأتيَ بألْفاظِها مُفرَدةً، أي: مرَّةً مرَّةً، سِوى التَّكبيرِ في أوَّلِها وآخِرِها، ولَفْظِ قد قامَت الصَّلاةُ؛ فيَأتي بها شَفعًا.وقد ورَد في أحاديثَ أخرى أنَّ ألْفاظَ الأذانِ رآها عبدُ اللهِ بنُ زيدٍ رَضيَ اللهُ عنه في رُؤْيا، فأخبَر النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بها، فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بلالًا أنْ يقومَ فيُؤذِّنَ بهذه الألفاظِ التي رآها عبدُ الله بن زيدٍ رَضيَ اللهُ عنه في الرُّؤيا، وهي ألفاظُ الأذانِ الَّتي يُنادَى بها إلى اليَومِ.
..
597- سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 335.
------------------:
أنَّ امْرَأَةً قالَتْ لِعائِشَةَ: أتَجْزِي إحْدانا صَلاتَها إذا طَهُرَتْ؟ فقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ كُنَّا نَحِيضُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا يَأْمُرُنا به أوْ قالَتْ: فلا نَفْعَلُهُ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 321.
------------------
شرح الحديث:
الحَرُوريَّةُ: هم الخوارجُ، وكان مبدأُ خُروجِهم مِن بلدةِ حَرُوراءَ بقُربِ الكوفةِ بالعراقِ على مِيلينِ مِن الكُوفةِ (3.5 كم تقريبًا)؛ فنُسِبوا إليها، وهم مَن أنكَروا على عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه التَّحكيمَ في قتالِه مع معاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ قاتَلوه، وكفَّروا المسلمينَ، واستحَلُّوا دِماءَهم؛ ولهذا لَمَّا جاءتْ هذه المرأةُ تَسألُ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: هل تَقضي المرأةُ صلاتَها إذا طهُرَت مِن حَيضِها؟ فقالت لها عائِشةُ مُستنكِرةً: أحَرُوريَّةٌ أنتِ؟ أي: هل أنتِ مِن هذه الفِرقةِ مِن الخَوارجِ؟ وكان بعضُهم يأمُرُ الحائضَ بقضاءِ الصلاةِ تنطُّعًا في الدِّينِ، ثمَّ أخبَرَتْها أنَّ نِساءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كنَّ يَحِضْنَ على عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا يأمُرُهم بقضاءِ الصَّلاةِ، وهذا أمرٌ مُجمَعٌ عليه بيْنَ علماءِ المُسلمينَ: أنَّ الحائضَ لا تَقضي الصَّلاةَ؛ وذلك لأنَّ الصَّلاةَ فريضةٌ تُكرَّرُ في كلِّ يَومٍ فلا تُعادُ، وهذا مِن التَّيسيرِ على النِّساءِ، وعدَمِ التَّشديدِ عليهِنِّ بإعادةِ الصَّلاةِ الَّتي فاتتْ في أيَّامِ حَيضِهِنَّ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
598- أنَّ ابْنَ عُمَرَ، كانَ يقولُ: كانَ المُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ ليسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا في ذلكَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وقالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ، فَقالَ عُمَرُ: أوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بالصَّلَاةِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا بلَالُ قُمْ فَنَادِ بالصَّلَاةِ.
الراوي : عبدالله بن عمر.
المحدث :صحيح البخاري..الرقم: 604.
--------------------
شرح الحديث :
كان المسلمونَ يُصَلُّونَ بغَيرِ أذانٍ منذُ فُرِضَتِ الصَّلاةُ بمكَّةَ في رِحلةِ المِعراجِ، وظَلُّوا كذلك إلى أنْ هاجَروا إلى المدينةِ حتَّى وقَع التَّشاوُرُ في ذلك، إلى أنْ شُرِعَ الأذانُ، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يَحكي ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ المُسلِمينَ كانوا يَجتمِعون عَقِبَ هجرتِهم للمدينةِ فيتحيَّنونَ الصَّلاةَ، أي: يُقدِّرون حِينَها ووقتَها؛ لِيَأتوا ويجتمِعوا إليها في المسجِدِ، ولم يكُنِ الأذانُ قد شُرِع في تلك الفترةِ، «فتَكلَّموا يَومًا في ذلك» أرادوا أنْ تَكونَ لهم عَلامةٌ يَعرِفون بها وقتَ جَماعتِهم على الصَّلاةِ، فأخَذَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتشاوَرُ معهم ويسمَعُ آراءَهم، ويَرى ما يَستنبِطونه مِن أُصولِ الشَّريعةِ، فقال بعضُهم: اتَّخِذوا ناقوسًا، وهو الجَرسُ الموجودُ بالكَنائسِ عندَ النَّصارَى، وقال آخَرون: اتَّخِذوا بُوقًا، وهو الَّذي تَتَّخِذُه اليهودُ، يُنفَخُ فيه فيُخرِجُ صَوتًا، وكان يُتَّخَذُ مِن قرونِ الحيواناتِ، فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: ألَا تبعَثون رجُلًا يُنادي بالصَّلاةِ، وهذا مِن حِكمةِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه وفضلِه وفِطنتِه، فأخَذَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برأيِه، وقال لبلالٍ رَضيَ اللهُ عنه: يا بلالُ، قُمْ فنادِ بالصَّلاةِ، وقد ورَد في أحاديثَ أُخرى أنَّ ألفاظَ الأذانِ رآها عَبدُ اللهِ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه، فأخبَر النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بها، فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بلالًا أنْ يقومَ فيُؤذِّنَ بهذه الألفاظِ التي رآها عبدُ الله بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه في الرُّؤيا، وهي ألفاظُ الأذانَ الَّتي يُنادَى بها إلى اليَومِ، وفي سُننِ أبي داودَ وغَيرِه أنَّ عبدَ اللهِ بنَ زيدٍ أُرِيَ الأذانَ في مَنامِه، قال: فغدَا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَره، فقال له: يا رسولَ اللهِ، إنِّي لبَيْنَ نائمٍ ويَقظانَ، إذ أتاني آتٍ فأراني الأذانَ، قال: وكان عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، قدْ رآه قبْلَ ذلك فكتَمَه عِشرينَ يومًا، قال: ثُمَّ أخبَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال له: «ما منعَك أن تُخبِرَني؟» ، فقال: سبَقَني عبدُ اللهِ بنُ زَيدٍ، فاستحييتُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا بلالُ، قمْ فانظُرْ ما يَأمُرُكَ به عبدُ اللهِ بنُ زَيدٍ، فافعَلْه».وفي الحديثِ: دَليلٌ عظيمٌ على أصلٍ مِن أصولِ الفِقهِ، وهو القولُ بالقِياسِ في الدِّينِ والاجتهادِ. وفيه: اقتِضاءُ الحِكمةِ الإلهيَّةِ أنْ يكونَ الأذانُ على لِسانِ غَيرِ النبيِّ مِن المؤمنينَ؛ لِمَا فيه مِن التَّنويهِ مِنَ الله بعَبْدِه، والرَّفْعِ لذِكْرِه، والتَّفخيمِ لشأنِه؛ قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4].وفيه: مَنقَبةٌ ظاهرةٌ لعُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه وما كان عليه مِن حُسنِ الرأيِ.
..
598- أنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ أتَقْضِي الحَائِضُ الصَّلَاةَ؟ فَقالَتْ: عَائِشَةُ أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قدْ كُنَّ نِسَاءُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَحِضْنَ أفَأَمَرَهُنَّ أنْ يَجْزِينَ؟\r\nقالَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ: تَعْنِي يَقْضِينَ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : صحيح مسلم..الرقم: 335.
---------------
أنَّ امْرَأَةً قالَتْ لِعائِشَةَ: أتَجْزِي إحْدانا صَلاتَها إذا طَهُرَتْ؟ فقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ كُنَّا نَحِيضُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا يَأْمُرُنا به أوْ قالَتْ: فلا نَفْعَلُهُ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 321.
------------------
شرح الحديث:
الحَرُوريَّةُ: هم الخوارجُ، وكان مبدأُ خُروجِهم مِن بلدةِ حَرُوراءَ بقُربِ الكوفةِ بالعراقِ على مِيلينِ مِن الكُوفةِ (3.5 كم تقريبًا)؛ فنُسِبوا إليها، وهم مَن أنكَروا على عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه التَّحكيمَ في قتالِه مع معاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ قاتَلوه، وكفَّروا المسلمينَ، واستحَلُّوا دِماءَهم؛ ولهذا لَمَّا جاءتْ هذه المرأةُ تَسألُ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: هل تَقضي المرأةُ صلاتَها إذا طهُرَت مِن حَيضِها؟ فقالت لها عائِشةُ مُستنكِرةً: أحَرُوريَّةٌ أنتِ؟ أي: هل أنتِ مِن هذه الفِرقةِ مِن الخَوارجِ؟ وكان بعضُهم يأمُرُ الحائضَ بقضاءِ الصلاةِ تنطُّعًا في الدِّينِ، ثمَّ أخبَرَتْها أنَّ نِساءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كنَّ يَحِضْنَ على عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا يأمُرُهم بقضاءِ الصَّلاةِ، وهذا أمرٌ مُجمَعٌ عليه بيْنَ علماءِ المُسلمينَ: أنَّ الحائضَ لا تَقضي الصَّلاةَ؛ وذلك لأنَّ الصَّلاةَ فريضةٌ تُكرَّرُ في كلِّ يَومٍ فلا تُعادُ، وهذا مِن التَّيسيرِ على النِّساءِ، وعدَمِ التَّشديدِ عليهِنِّ بإعادةِ الصَّلاةِ الَّتي فاتتْ في أيَّامِ حَيضِهِنَّ.
..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
599- أُمِرَ بلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأذَانَ، وأَنْ يُوتِرَ الإقَامَةَ، إلَّا الإقَامَةَ.
الراوي : أنس بن مالك.
المحدث : صحيح البخاري..الرقم: 605.
---------------------
لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قالَ: ذَكَرُوا أنْ يَعْلَمُوا وقْتَ الصَّلَاةِ بشيءٍ يَعْرِفُونَهُ، فَذَكَرُوا أنْ يُورُوا نَارًا، أوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا فَأُمِرَ بلَالٌ أنْ يَشْفَعَ الأذَانَ، وأَنْ يُوتِرَ الإقَامَةَ.
الراوي: أنس بن مالك.
المحدث:صحيح البخاري..الرقم: 606.
------------------
شرح الحديث:
كان المسلمونَ يُصَلُّونَ بغَيرِ أذانٍ منذُ فُرِضَتِ الصَّلاةُ بمكَّةَ في رِحلةِ المِعراجِ، وظَلُّوا كذلك إلى أنْ هاجَروا إلى المدينةِ حتَّى وقَع التَّشاوُرُ في ذلك، إلى أنْ شُرِعَ الأذانُ، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا كَثُر المسلِمونَ وزادتْ أعدادُهم، وكان ذلك بعْدَ الهِجرةِ إلى المدينةِ كما بيَّنَتْه الرِّواياتُ الصَّحيحةُ، ذَكُروا أنْ يَعْلَموَا وقتَ الصَّلاةِ بشَيءٍ يَعرِفونه، بأنْ يَجعَلوا له علامةً يُعرَفُ بها، فأخَذ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتشاوَرُ معهم، ويَسمَعُ آراءَهم، ويَرى ما يَستنبِطونه مِن أصولِ الشَّريعةِ، فاقترَح بعضُهم إشعالَ نارٍ كالتي يتَّخِذُها المجوسُ وهم عبَدةُ النارِ، وقال آخَرونَ بدَقِّ ناقوسٍ، وهو الجَرسُ الموجودُ بالكَنائسِ عندَ النَّصارى، وقال آخَرونَ -كما في روايةِ الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما- بالبُوقِ، وهو الَّذي تَتَّخِذُه اليهودُ، ويُنفَخُ فيه فيُخرِجُ صَوتًا، وكان يُتَّخَذُ مِن قرونِ الحيواناتِ.فأمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِلالَ بنَ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَشفَعَ الأَذانَ؛ فيَأتيَ بكَلِماتِه مَثْنَى مَثْنَى ثِنتَينِ مُفردتَينِ، إلَّا كلِمةَ التَّوحيدِ في آخِرِه؛ فإنَّها مُفردةٌ، وإلَّا لَفْظَ التَّكبيرِ في أوَّلِه؛ فإنَّه أرْبَعٌ. وأن يُوتِرَ الإقامةَ، أي: يَأتيَ بألْفاظِها مُفرَدةً، أي: مرَّةً مرَّةً، سِوى التَّكبيرِ في أوَّلِها وآخِرِها، ولَفْظِ قد قامَت الصَّلاةُ؛ فيَأتي بها شَفعًا.وقد ورَد في أحاديثَ أخرى أنَّ ألْفاظَ الأذانِ رآها عبدُ اللهِ بنُ زيدٍ رَضيَ اللهُ عنه في رُؤْيا، فأخبَر النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بها، فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بلالًا أنْ يقومَ فيُؤذِّنَ بهذه الألفاظِ التي رآها عبدُ الله بن زيدٍ رَضيَ اللهُ عنه في الرُّؤيا، وهي ألفاظُ الأذانِ الَّتي يُنادَى بها إلى اليَومِ.
..
2025/10/22 09:17:22
Back to Top
HTML Embed Code: