من فضلك ممكن توضح معني بيت الشعر ده:
"وعدت لا شيء إلا الليل يملؤني
ولا أنيسَ سوى نفسي أباكيها"
___
- البيت السابق يقول الشاعر:
ومَن سيشفعُ لي لو أنني بيدي
أطفأتُ نجمةَ روحي في دياجيها
فقد يكون المعنى -والله أعلم- أي أنني -إن أطفأتُ نورَك الوضاءَ في نفسي- سأرجع بظلمة الليل ووحشته، فإن الليل أُنس المحبين إن كانوا معًا، لكنه يستحيلُ موحشًا مظلمًا إن خلا من أنوارهم.. يتسربُ ظلامُه في النفوس، يُوحِشُها ويُوهِنُها.. فإن فقدتُك -يا نجمَ فؤاديَ الساطع- فمن يؤنسني بعدَك في ظلمة هذا الليل البهيم؟! ومَن أبثه شكواي؟ وأخصه بنجواي؟ سوى نفسي التي توحشني بدونك فأباكيها في دياجيها.
https://tellonym.me/Muhammad_Ahmad/answer/5033843892
"وعدت لا شيء إلا الليل يملؤني
ولا أنيسَ سوى نفسي أباكيها"
___
- البيت السابق يقول الشاعر:
ومَن سيشفعُ لي لو أنني بيدي
أطفأتُ نجمةَ روحي في دياجيها
فقد يكون المعنى -والله أعلم- أي أنني -إن أطفأتُ نورَك الوضاءَ في نفسي- سأرجع بظلمة الليل ووحشته، فإن الليل أُنس المحبين إن كانوا معًا، لكنه يستحيلُ موحشًا مظلمًا إن خلا من أنوارهم.. يتسربُ ظلامُه في النفوس، يُوحِشُها ويُوهِنُها.. فإن فقدتُك -يا نجمَ فؤاديَ الساطع- فمن يؤنسني بعدَك في ظلمة هذا الليل البهيم؟! ومَن أبثه شكواي؟ وأخصه بنجواي؟ سوى نفسي التي توحشني بدونك فأباكيها في دياجيها.
https://tellonym.me/Muhammad_Ahmad/answer/5033843892
ليس كُلُّ الخيرِ يأتي عاجلاً
إِنما الخيرُ حظوظٌ ودَرَجْ
لا يزالُ المرءُ ما عاشَ له
حاجةٌ في الصدرِ دأباً تَعْتَلِجْ
رُبَّ أمرٍ قد تضايقْتَ به
ثم يأتي اللهُ منه بالفرجْ
_
أبو العتاهية
إِنما الخيرُ حظوظٌ ودَرَجْ
لا يزالُ المرءُ ما عاشَ له
حاجةٌ في الصدرِ دأباً تَعْتَلِجْ
رُبَّ أمرٍ قد تضايقْتَ به
ثم يأتي اللهُ منه بالفرجْ
_
أبو العتاهية
[تمرُّ عليَّ أوقاتٌ، أشعرُ بأن صدري كصدرِ النابغة، وليلي كلَيلِه، وأَسايَ كأَساه، لكن.. مَن لي ببيانِه وقريحتِه أُنفِّسُ بهما عني بعضَ ما أجد وأنفُثُ في الحروفِ بعضَ ذخائر صدري؟!
أحيانًا أُحِسُّ أني أُواري تحتَ أضلُعي شبحًا أسودَ، ما يزال يَمنعُني ويُوهِنُ عزمي ويكفُّ مِن خطواتي، وما يزالُ يُوسوِسُ إليَّ بجملته القصيرة القاتلة: "لِمَ تَتَعَنَّى! أليس الأمرُ سواءً؟!" تقتلني قَولَتُه، وتجعلني أيامًا طَريحًا لا يُدرَى ما بي!
وربُّك المجيرُ من نداءاتِ اليأسِ، نعوذ به مِن ضَغطةِ الإياس، على أَكْظامِ الأنفاس.]
ولولا الدينُ والأدبُ، لكنتُ إنسانًا ضائعًا، تتخطفني ظلماتُ الحيرة في هذه الحياة المُوحشة، فإن لي نفسًا كأنما خُلِقت من طينةٍ حزينة! وكأنما هو شيءٌ في أصل تركيبي وتكويني.
للحزن أنسابٌ وأسبابٌ، فكأنه ناسَبني نسبًا لا يُقطَع، ووَصَلَني بسببٍ لا يُفصَم، فأين منه فراري؟! وكيف معه قراري؟!
[ألْقَيْتُ بيني وبين الْحُزنِ معرفةً
لا تنقضي أبدًا أو ينقضي الأبَدُ]
ليل النابغة
للحزن أصفياء
أحيانًا أُحِسُّ أني أُواري تحتَ أضلُعي شبحًا أسودَ، ما يزال يَمنعُني ويُوهِنُ عزمي ويكفُّ مِن خطواتي، وما يزالُ يُوسوِسُ إليَّ بجملته القصيرة القاتلة: "لِمَ تَتَعَنَّى! أليس الأمرُ سواءً؟!" تقتلني قَولَتُه، وتجعلني أيامًا طَريحًا لا يُدرَى ما بي!
وربُّك المجيرُ من نداءاتِ اليأسِ، نعوذ به مِن ضَغطةِ الإياس، على أَكْظامِ الأنفاس.]
ولولا الدينُ والأدبُ، لكنتُ إنسانًا ضائعًا، تتخطفني ظلماتُ الحيرة في هذه الحياة المُوحشة، فإن لي نفسًا كأنما خُلِقت من طينةٍ حزينة! وكأنما هو شيءٌ في أصل تركيبي وتكويني.
للحزن أنسابٌ وأسبابٌ، فكأنه ناسَبني نسبًا لا يُقطَع، ووَصَلَني بسببٍ لا يُفصَم، فأين منه فراري؟! وكيف معه قراري؟!
[ألْقَيْتُ بيني وبين الْحُزنِ معرفةً
لا تنقضي أبدًا أو ينقضي الأبَدُ]
ليل النابغة
للحزن أصفياء
لإيليا أبو ماضي قصيدةٌ ذائعةُ الصيت، رقيقةُ النفَّس، عذبةُ الروح، تبعث على الأمل والتفاؤل وحب الحياة!
(واوعى تبص لي بصة اللمبي في المحكمة)!
المهم، هذه القصيدة وددتُ لو حفظَها كلُّ صغيرٍ وكبير، وترنَّمَ بها، وتأملَ في حُسنِ معانيها، ورقّةِ نظرتها اللطيفة..
"أيُّهذا الشاكي وما بكَ داءٌ
كيفَ تَغدُو إذا غدَوتَ عليلًا"!
يفجؤك سؤال العافية في غُرَّة القصيدة..
العافية! يا لها من مِنَّةٍ تتقاصَرُ عن وصفِها قرائحُ البلغاء وألسنةُ الشعراء!
إن إلفَ النعمةِ والعافيةِ: يجعلُك لا تبصرُ ما عندك.
فتأمل حالةَ السلب (ولن تستطيع ولو حرصتَ) تدرك نعمةَ العطاء.
إن النفسَ المعطوبةَ لن تبصرَ في الحياة إلا المأساة، فإذا فاحَ عبيرُ الوردِ ومتَّعَ حُسنُ منظره عينَيه، أبصر الشوكةَ التي فيه، وعَمِيَ عن البهجة التي تُشِعُّ منه!
"َوترى الشوكَ في الورودِ وتَعمى
أن ترى فوقَها الندى إكليلا"!
نعم.. روحٌ ثقيلة، نظَّارتُها السوداءُ أظلمَ فيها كلُّ شيء!
"هو عبءٌ على الحياةِ ثقيلٌ
مَن يظن الحياةَ عبئًا ثقيلا"
لا أنوي أن أشرحَ القصيدة، اشرحها لنفسك بنفسك..
وتأمل في معانيها، وانظر له حينَ يدلك على ما ينفعك:
لا خُلودٌ تَحتَ السَماءِ لِحَيٍّ
فَلِماذا تُراوِدُ المُستَحيلا
كُلُّ نَجمٍ إِلى الأُفولِ وَلَكِن
آفَةُ النَجمِ أَن يَخافَ الأُفولا
غايَةُ الوَردِ في الرِياضِ ذُبولٌ
كُن حَكيماً وَاسبِق إِلَيهِ الذُبولا
وَإِذا ما وَجَدتَ في الأَرضِ ظِلّاً
فَتَفَيَّأ بِهِ إِلى أَن يَحولا
إنني أعجبُ من مسلم "عَدَمي"! ثم يمضي يستدل بآثار الصحابة والعلماء "ليتني لم أكن شيئًا"، "ليت أمي لم تلدني"، "ليتني كنتُ نسيًا منسيًّا"!
فإنما قالوها خوفًا من لقاء الله وفَرَقًا من سؤاله..
لكن الحياةَ نعمةٌ مُسداةٌ وعطيّةٌ مُهداةٌ للمؤمن، يعمل يسيرًا، ثم يلقى أجرًا كبيرًا..
وهذا موضوعٌ طويلٌ في نفسي، يحتاجُ كلامًا طويلًا..
أينَ كنا؟
آه.. نعم:
أيهذا الشاكي وما بك داءٌ
كُن جميلًا ترَ الوجودَ جميلا!
(واوعى تبص لي بصة اللمبي في المحكمة)!
المهم، هذه القصيدة وددتُ لو حفظَها كلُّ صغيرٍ وكبير، وترنَّمَ بها، وتأملَ في حُسنِ معانيها، ورقّةِ نظرتها اللطيفة..
"أيُّهذا الشاكي وما بكَ داءٌ
كيفَ تَغدُو إذا غدَوتَ عليلًا"!
يفجؤك سؤال العافية في غُرَّة القصيدة..
العافية! يا لها من مِنَّةٍ تتقاصَرُ عن وصفِها قرائحُ البلغاء وألسنةُ الشعراء!
إن إلفَ النعمةِ والعافيةِ: يجعلُك لا تبصرُ ما عندك.
فتأمل حالةَ السلب (ولن تستطيع ولو حرصتَ) تدرك نعمةَ العطاء.
إن النفسَ المعطوبةَ لن تبصرَ في الحياة إلا المأساة، فإذا فاحَ عبيرُ الوردِ ومتَّعَ حُسنُ منظره عينَيه، أبصر الشوكةَ التي فيه، وعَمِيَ عن البهجة التي تُشِعُّ منه!
"َوترى الشوكَ في الورودِ وتَعمى
أن ترى فوقَها الندى إكليلا"!
نعم.. روحٌ ثقيلة، نظَّارتُها السوداءُ أظلمَ فيها كلُّ شيء!
"هو عبءٌ على الحياةِ ثقيلٌ
مَن يظن الحياةَ عبئًا ثقيلا"
لا أنوي أن أشرحَ القصيدة، اشرحها لنفسك بنفسك..
وتأمل في معانيها، وانظر له حينَ يدلك على ما ينفعك:
لا خُلودٌ تَحتَ السَماءِ لِحَيٍّ
فَلِماذا تُراوِدُ المُستَحيلا
كُلُّ نَجمٍ إِلى الأُفولِ وَلَكِن
آفَةُ النَجمِ أَن يَخافَ الأُفولا
غايَةُ الوَردِ في الرِياضِ ذُبولٌ
كُن حَكيماً وَاسبِق إِلَيهِ الذُبولا
وَإِذا ما وَجَدتَ في الأَرضِ ظِلّاً
فَتَفَيَّأ بِهِ إِلى أَن يَحولا
إنني أعجبُ من مسلم "عَدَمي"! ثم يمضي يستدل بآثار الصحابة والعلماء "ليتني لم أكن شيئًا"، "ليت أمي لم تلدني"، "ليتني كنتُ نسيًا منسيًّا"!
فإنما قالوها خوفًا من لقاء الله وفَرَقًا من سؤاله..
لكن الحياةَ نعمةٌ مُسداةٌ وعطيّةٌ مُهداةٌ للمؤمن، يعمل يسيرًا، ثم يلقى أجرًا كبيرًا..
وهذا موضوعٌ طويلٌ في نفسي، يحتاجُ كلامًا طويلًا..
أينَ كنا؟
آه.. نعم:
أيهذا الشاكي وما بك داءٌ
كُن جميلًا ترَ الوجودَ جميلا!
بابٌ في التخفيف بالإفضاء وكتم السِر :
يلزمُ المرء أن يتَّخذ أحدًا يثِقُ به، ويُودِعُه مكنون قلبه، ويُبيحُه خفيَّ صدره، لأنَّ عادة السِر أن يكون مُضنِيًا، يُغالب حامله، وله في العينين أمارة، ولأنَّ الصديق يُعين أو يُسلِّي، وكم من شيء كُنت طاوِيه فلمَّا نشرته أسرعت الراحةُ إليك ..
____
أمَّا كتمُ السِر وحجْبُ النجوى فمطلبٌ ومُحتَّمٌ، لأنَّ السِر قد يكون زلَّة تخشى انكشافها، أو حاجةً تأمل قضاءها، أو خبيئة حُبٍّ ترعاها إلى حين، ولأنَّك لم تُضمِر سِرَّك زمنًا إلَّا لمُرادٍ لا يتمُّ إلَّا بعد تخبئته وتغطِيته، وكذا فإنَّ حكاية القلب غالية فمتى ظهَرت أرخصها الناس ..
__
الناسُ فيهم المحزون وذو الخيبة والمهموم وضائق الصدر، وكُلٌّ له ليلاهُ ونجواه، وقد أوصدوا على حكايتهم في صُدورهم، وهُم في حاجة من يُسلِّيهم ويُبشرهم ويُخبر أن الأيام ليست سواء، وأن البدَل مُدهشٌ، والحال إلى يُسر، والفرح آتٍ لا ارتياب، فهذا أُنسُ النفوس وراحتها وحُبُّها لمُؤنسها ..
__
وكتَبَه الناثرُ الأنيق "واكف" على صفحته بـ"تويتر"
يلزمُ المرء أن يتَّخذ أحدًا يثِقُ به، ويُودِعُه مكنون قلبه، ويُبيحُه خفيَّ صدره، لأنَّ عادة السِر أن يكون مُضنِيًا، يُغالب حامله، وله في العينين أمارة، ولأنَّ الصديق يُعين أو يُسلِّي، وكم من شيء كُنت طاوِيه فلمَّا نشرته أسرعت الراحةُ إليك ..
____
أمَّا كتمُ السِر وحجْبُ النجوى فمطلبٌ ومُحتَّمٌ، لأنَّ السِر قد يكون زلَّة تخشى انكشافها، أو حاجةً تأمل قضاءها، أو خبيئة حُبٍّ ترعاها إلى حين، ولأنَّك لم تُضمِر سِرَّك زمنًا إلَّا لمُرادٍ لا يتمُّ إلَّا بعد تخبئته وتغطِيته، وكذا فإنَّ حكاية القلب غالية فمتى ظهَرت أرخصها الناس ..
__
الناسُ فيهم المحزون وذو الخيبة والمهموم وضائق الصدر، وكُلٌّ له ليلاهُ ونجواه، وقد أوصدوا على حكايتهم في صُدورهم، وهُم في حاجة من يُسلِّيهم ويُبشرهم ويُخبر أن الأيام ليست سواء، وأن البدَل مُدهشٌ، والحال إلى يُسر، والفرح آتٍ لا ارتياب، فهذا أُنسُ النفوس وراحتها وحُبُّها لمُؤنسها ..
__
وكتَبَه الناثرُ الأنيق "واكف" على صفحته بـ"تويتر"
مُحبُّك من أدركْت معه أنه لا عِوَض له، سِرُّك إليه، وانشراحك بين يديه، يعرف مرادك من نظرتك، ويصِلُ إلى صدرك وخطْرتك، كأنك تُعاينُ نفسك حين تلقاه، فهذا ما أشدَّ بُعده، وأمرَّ الحال بَعده، وتأمَّل الزهر بعد قطْفه، أو القمر حين خسْفه، فكذا النفوس المُتناصفة لا تهنأ إلَّا باكتمال ..
--------
تأمَّل الندم الذي يكون بعد الغياب تجده بسبب الفرق بين مُحبِّك وغيره، أن تبحث بين الخلق وتتفرَّس طباعهم واحدًا تِلْوَ واحد فلا تلقى تحيَّة مُحبِّك، أو انتظاره لك، واصطباره عليك، وصحيح رغبته بك، وتحْنانه، وصادق سنَده، يذهبُ مُحبُّك وقد علَّمك أنَّ اعتيادك عليه أضحى احتياجًا إليه ..
_____
من "تويتر" الكاتب الأنيق البليغ: "واكف"..
--------
تأمَّل الندم الذي يكون بعد الغياب تجده بسبب الفرق بين مُحبِّك وغيره، أن تبحث بين الخلق وتتفرَّس طباعهم واحدًا تِلْوَ واحد فلا تلقى تحيَّة مُحبِّك، أو انتظاره لك، واصطباره عليك، وصحيح رغبته بك، وتحْنانه، وصادق سنَده، يذهبُ مُحبُّك وقد علَّمك أنَّ اعتيادك عليه أضحى احتياجًا إليه ..
_____
من "تويتر" الكاتب الأنيق البليغ: "واكف"..
Forwarded from أنَس رُفَيْدَة (أنس رفيدة)
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أمسيت أشهد أن الله واحد لا شريك له ولا إله إلا هو، وأن محمدا عبد الله ورسوله خاتم المرسلين، وأن المسيح عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنه لم يقتل ولم يصلب، بل رفعه الله إليه، وأن من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
بثُّ النجوى، وتنفيسُ الشكوى: حاجةٌ إنسانيةُ متأصِّلة، لا غنى لأحد من العالمين عنها. فكل نفسٍ -بَرَأَها اللهُ- تحتاجُ نفسًا: تبثُّها شكواها، وتُفضي إليها بنجواها، ولو تَنفُّسًا من ثِقَل الأعباء والخطرات التي تَعرِضُ في النفوس، وتخفّفًا وترويحًا من ضغطة السر المقبور في حنايا الصدور..
وهو معنًى قديم، ليس بدعًا في الناس..
فمن ذلك: كلمةُ يونس بن عبد الأعلى: «لا يزال الناسُ بخير ما داموا إذا تخلَّجَ في صدر الرجل شيءٌ وجدَ من يُفرِّجُ عنه».
ولله هي ما أرقَّها من كلمةٍ وأدقَّها!
وقولُ أبي بكر بن عمار:
وَلَا بدَّ مِن شكوى وَلَو بِتَنَفُّسٍ
تُبَرِّدُ مِن حَرِّ الحَشَا والترائبِ
نعم.. ولو بتنفس!
وبيت بشار بن برد المشهور:
وَلا بُدَّ مِن شَكوى إِلى ذي مُروءَةٍ
يُواسيكَ أَو يُسلِيكَ أَو يَتَوَجَّعُ
قاتلَ اللهُ "بشار"!
فإذن، لا بأس من الشكوى، لكن لا تكون شكواك إلا لذي مروءةٍ: يحفظ سرَّك، ويصونُ شكواك، ويقدرُ نجواك، ويَطوي دَخيلتَك، ويرعى حُرمةَ أمانتك.
ثم إن ذا المروءة لا يخرج معك عن ثلاثٍ:
- يواسيك في حكايتك، ويعزيك فى شكايتك، ويخفف عنك ألمك ومصابك. إن قَدَر.
- أو يُسليك عنها، ويَذُودُ عنك بوادرَ الحزن، ويُوردُ عليك بواعثَ المسرة. إن استطاع.
- فإن عجز عن كليهما؛ فلن يعجزَه أن يتوجّعَ معك كما تتوجع، يؤلمُه ألمُك، وتُشْجيه شكواك، ولا يكون ذلك إلا من نفسٍ نبيلة، وروحٍ نافذةٍ فيك "حشاك في أحشائها" و"أشرقَ فيها ما أشرقَ فيك"..
نفسُ نبيل، كنفس الخليل.
أي: خليلُ المعنى.. والخليلُ "الإمام".
قال محمد بن مناذر:
"كنت أمشي مع الخليل بن أحمد فانقطع شسعي، فخلع نعله، فقلتُ: ما تصنع؟! قال: أواسيك في الحفاء"!
أي لا يريد أن يمشي منتعلًا وأخوه بلا نعل!
فما أنبلَ الخليل! وما أندرَ الخليل!
وهو معنًى قديم، ليس بدعًا في الناس..
فمن ذلك: كلمةُ يونس بن عبد الأعلى: «لا يزال الناسُ بخير ما داموا إذا تخلَّجَ في صدر الرجل شيءٌ وجدَ من يُفرِّجُ عنه».
ولله هي ما أرقَّها من كلمةٍ وأدقَّها!
وقولُ أبي بكر بن عمار:
وَلَا بدَّ مِن شكوى وَلَو بِتَنَفُّسٍ
تُبَرِّدُ مِن حَرِّ الحَشَا والترائبِ
نعم.. ولو بتنفس!
وبيت بشار بن برد المشهور:
وَلا بُدَّ مِن شَكوى إِلى ذي مُروءَةٍ
يُواسيكَ أَو يُسلِيكَ أَو يَتَوَجَّعُ
قاتلَ اللهُ "بشار"!
فإذن، لا بأس من الشكوى، لكن لا تكون شكواك إلا لذي مروءةٍ: يحفظ سرَّك، ويصونُ شكواك، ويقدرُ نجواك، ويَطوي دَخيلتَك، ويرعى حُرمةَ أمانتك.
ثم إن ذا المروءة لا يخرج معك عن ثلاثٍ:
- يواسيك في حكايتك، ويعزيك فى شكايتك، ويخفف عنك ألمك ومصابك. إن قَدَر.
- أو يُسليك عنها، ويَذُودُ عنك بوادرَ الحزن، ويُوردُ عليك بواعثَ المسرة. إن استطاع.
- فإن عجز عن كليهما؛ فلن يعجزَه أن يتوجّعَ معك كما تتوجع، يؤلمُه ألمُك، وتُشْجيه شكواك، ولا يكون ذلك إلا من نفسٍ نبيلة، وروحٍ نافذةٍ فيك "حشاك في أحشائها" و"أشرقَ فيها ما أشرقَ فيك"..
نفسُ نبيل، كنفس الخليل.
أي: خليلُ المعنى.. والخليلُ "الإمام".
قال محمد بن مناذر:
"كنت أمشي مع الخليل بن أحمد فانقطع شسعي، فخلع نعله، فقلتُ: ما تصنع؟! قال: أواسيك في الحفاء"!
أي لا يريد أن يمشي منتعلًا وأخوه بلا نعل!
فما أنبلَ الخليل! وما أندرَ الخليل!
قد يبدو إن هذا الكلام من قبيل المواساة للنفس، وممكن يبقى كدا فعلاً، لكن ما حصل في عْ رْ ة من انتهاك لجميع القيم والمبادئ لن يمر من دون عقاب.
لحظة قصف المستشفى المعمداني كانت لحظة اتخاذ قرار بإطلاق يد المجرمين دول كما يشاؤون والتغطية على الجرائم من بعدها استبيحت كل المستشفيات (آخرهم مستشفى كمال عدوان اللي بتتحرق دلوقتي بعد اعتقال طاقمها) والمدارس والملاجئ والمقابر والمساجد والكنايس والحضّانات، ولم تعد هناك فئات محمية لا الأطباء ولا الصحافيين ولا المدنيين ولا الأسرى ولا الأطفال ولا حتى الأطفال الخدج.
على مدار سنة و٣ شهور شفنا القطاع بيتهد حجر حجر، وكل أنواع الجرايم صوت وصورة. وللتغطية على الجرايم دي انتهكت وسائل الإعلام الغربية كل القواعد المهنية والأخلاقية بفجاجة أقرب للسينيكالية كأنهم بيطلعوا لنا لسانهم. ودا مش في حدث واحد عابر، وإنما في آلاف مؤلفة من الأحداث المروعة اللي كان أقل واحد منها كفيل بقلب الرأي العام العالمي.
لكن اللي عايز أقوله إن في العلاقات الشخصية كما في العلاقات الدولية وأساليب الحكم من المهم إنك تسيب الباب موارب، وتحافظ على بعض القواعد المشتركة لأن كل صراع يؤول إلى تسوية، وإلا أفنى الناس بعضهم بعضًا.
هذه القواعد اللي بتنظم علاقات الناس وقت الحرب وجدت لسبب، وينتفع منها القوي زي الضعيف لأن القوة، والله العظيم، لا تدوم. في الحروب القادمة اللي هيدخلوها لا محالة، هيعرفوا معنى إنك تدخل حرب بلا أي قواعد. ولذلك حتى القوي المنتصر محتاج إنه يحسب حساب دوران الأيام.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
يحيى أحمد محمود
لحظة قصف المستشفى المعمداني كانت لحظة اتخاذ قرار بإطلاق يد المجرمين دول كما يشاؤون والتغطية على الجرائم من بعدها استبيحت كل المستشفيات (آخرهم مستشفى كمال عدوان اللي بتتحرق دلوقتي بعد اعتقال طاقمها) والمدارس والملاجئ والمقابر والمساجد والكنايس والحضّانات، ولم تعد هناك فئات محمية لا الأطباء ولا الصحافيين ولا المدنيين ولا الأسرى ولا الأطفال ولا حتى الأطفال الخدج.
على مدار سنة و٣ شهور شفنا القطاع بيتهد حجر حجر، وكل أنواع الجرايم صوت وصورة. وللتغطية على الجرايم دي انتهكت وسائل الإعلام الغربية كل القواعد المهنية والأخلاقية بفجاجة أقرب للسينيكالية كأنهم بيطلعوا لنا لسانهم. ودا مش في حدث واحد عابر، وإنما في آلاف مؤلفة من الأحداث المروعة اللي كان أقل واحد منها كفيل بقلب الرأي العام العالمي.
لكن اللي عايز أقوله إن في العلاقات الشخصية كما في العلاقات الدولية وأساليب الحكم من المهم إنك تسيب الباب موارب، وتحافظ على بعض القواعد المشتركة لأن كل صراع يؤول إلى تسوية، وإلا أفنى الناس بعضهم بعضًا.
هذه القواعد اللي بتنظم علاقات الناس وقت الحرب وجدت لسبب، وينتفع منها القوي زي الضعيف لأن القوة، والله العظيم، لا تدوم. في الحروب القادمة اللي هيدخلوها لا محالة، هيعرفوا معنى إنك تدخل حرب بلا أي قواعد. ولذلك حتى القوي المنتصر محتاج إنه يحسب حساب دوران الأيام.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
يحيى أحمد محمود
ضلالًا لهذا العالم فوق ما ضلَّ، وقد أسس بنيان القوى فيه على دمٍ وجماجم، ميزان العدالة فيه معوَّجٌ وكفة القاتل ترجح، ماذا ظل من هولٍ لم يُروَ أو لم يُر؟ نبت الشوك في أقدام من نزحوا وزلزل القلب مرةً بعد مرة، انهارت من حولنا المدن فصارت قلوبنا بها كأنها خرابٌ من خراب، مُنعنا السقاية والقرى، صارت أجسادنا نهبًا لكل أسباب الموت، ضاعت أصواتنا في الفضا وليس إلا رجع الصدى، شاخت ذواكرنا وقد امَّحت منها كل شواهد الذكرى، ماذا ظل؟!
تبت يد العالم!
د. أسماء حميد أبو موسى
تبت يد العالم!
د. أسماء حميد أبو موسى
في وقت الزلزال تمنيت أن لو كنت بتركيا..
وفي وقت الطوفان تمنيت أن لو كنت في الأرض المباركة..
وفي هذه الأثناء تجتاحني رغبة شديدة أن أكون في سوريا..
يكره المرء أن يعيش على هامش التاريخ، كالهمل مع الهمل .. ويكره أن يلتهي بيوميات الحياة (مهما عظمت) عن الاشتباك بأحداث أمته الساخنة بالتشمير والعطاء ..
ووالله لرفع حجر .. أو تنظيف طريق .. أو توصيل سلة غذاء .. أو إسعاف مرابط .. أو تثبيت مكلوم .. أو مدافعة عدو .. والله لهي أعمال كلها أرجى وأبلغ وأحق بالطلب في نفسي من شهادات الدنيا، ومالها، وبزخها الاجتماعي.
اللهم سقنا إلى مراضيك .. ولا تحرمنا مواطن البذل بذنوبنا .. وأنت أغنى الأغنياء عنا .. وأنت أرحم الراحمين ..
محمد عفيفي
وفي وقت الطوفان تمنيت أن لو كنت في الأرض المباركة..
وفي هذه الأثناء تجتاحني رغبة شديدة أن أكون في سوريا..
يكره المرء أن يعيش على هامش التاريخ، كالهمل مع الهمل .. ويكره أن يلتهي بيوميات الحياة (مهما عظمت) عن الاشتباك بأحداث أمته الساخنة بالتشمير والعطاء ..
ووالله لرفع حجر .. أو تنظيف طريق .. أو توصيل سلة غذاء .. أو إسعاف مرابط .. أو تثبيت مكلوم .. أو مدافعة عدو .. والله لهي أعمال كلها أرجى وأبلغ وأحق بالطلب في نفسي من شهادات الدنيا، ومالها، وبزخها الاجتماعي.
اللهم سقنا إلى مراضيك .. ولا تحرمنا مواطن البذل بذنوبنا .. وأنت أغنى الأغنياء عنا .. وأنت أرحم الراحمين ..
محمد عفيفي
Forwarded from قناة أحمد بن يوسف السيد
غزّة وأهلها في بلاء شديد وكرب عظيم،
ومجرمو الكيان المحتلّ يقتِّلون ويهدمون ويُفسدون ويحرقون ويستهدفون المستشفيات والأطفال والنازحين أمام جميع العالم استكباراً وبطراً وطغياناً.
واشتدّ على إخواننا البلاء والبرد والغلاء والفقد والأسر والتشريد والنزوح.
ومن يعش منّا فسيرى انتقام الله العزيز من المجرمين المحتلين كما انتقم من النظام الأسدي المجرم الذي لم يكن يظن أنه سيسقط يوماً.
والواجب سدّ حاجات إخواننا وعدم الفتور عن نصرتهم والدعاء لهم،
والفرَج قريب بإذن الله، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ومجرمو الكيان المحتلّ يقتِّلون ويهدمون ويُفسدون ويحرقون ويستهدفون المستشفيات والأطفال والنازحين أمام جميع العالم استكباراً وبطراً وطغياناً.
واشتدّ على إخواننا البلاء والبرد والغلاء والفقد والأسر والتشريد والنزوح.
ومن يعش منّا فسيرى انتقام الله العزيز من المجرمين المحتلين كما انتقم من النظام الأسدي المجرم الذي لم يكن يظن أنه سيسقط يوماً.
والواجب سدّ حاجات إخواننا وعدم الفتور عن نصرتهم والدعاء لهم،
والفرَج قريب بإذن الله، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
شيءٌ ما لا يموتُ من نفس الشاعر حينَ يموت، بل في نفس كل إنسان حي: حبُّ الذكر وخوفُ الامِّحاء والنسيان..
حتى صَرَّحَ بها طرفةُ الشابُ المُفعَم بالحياة، وصيةً:
فإن مُتُّ فَانعِيني بما أنا أهلُهُ
وشُقّي عليَّ الجَيبَ يا ابنَةَ مَعبَدِ
ولا تَجعَليني كامرِئٍ ليسَ هَمُّهُ
كَهَمّي ولا يُغني غَنائي ومشهَدي
لا تجعليني كشيءٍ من الأشياء، وحي من الأحياء، بل أنا طرفةُ، الذي تعرفين بلاءَه ومحضَرَه ومشهدَه وهمَّه النبيل..
ووصى بها بدوي الجبل، وأطنبَ يومَ طلبَ حزنًا عليه يليق به، وبشرف معدنه، وكرم محتده:
هبينيَ حُزنا لم يَمُرَّ بمهجةٍ
فما كنتُ أرضى منكِ حُزْنا مُجَرَّبا
وصُوغيهِ لي وحدي، فريداً، وأَشفِقي
على سِرِّهِ المكنونِ أن يَتسرّبا
وذَكّرَ بها أبو فِراس قومَه، ليعرفوا قيمةَ البدر الذي فقدوه، والفارسَ الذي ضيعوه:
سيذكُرُني قومي إذا جَدَّ جَدُّهمُ
وفي الليلةِ الظلماء يُفتقدُ البدرُ
نعم يا أبا فراس، يخلو المكان فيدل على قدر مَن كان فيه..
وفاخرَ بها تأبط شرًّا، لا وصيةً، بل تذكرةً علّقَها على الرءوس، بيتًا خالدًا في العالمين، يربو على ألف قصيدة:
لَتَقرَعَنَّ عَلَيَّ السِنَّ مِن نَدَمٍ
إِذا تَذَكَّرتَ يَوماً بَعضَ أَخلاقي!
حتى صَرَّحَ بها طرفةُ الشابُ المُفعَم بالحياة، وصيةً:
فإن مُتُّ فَانعِيني بما أنا أهلُهُ
وشُقّي عليَّ الجَيبَ يا ابنَةَ مَعبَدِ
ولا تَجعَليني كامرِئٍ ليسَ هَمُّهُ
كَهَمّي ولا يُغني غَنائي ومشهَدي
لا تجعليني كشيءٍ من الأشياء، وحي من الأحياء، بل أنا طرفةُ، الذي تعرفين بلاءَه ومحضَرَه ومشهدَه وهمَّه النبيل..
ووصى بها بدوي الجبل، وأطنبَ يومَ طلبَ حزنًا عليه يليق به، وبشرف معدنه، وكرم محتده:
هبينيَ حُزنا لم يَمُرَّ بمهجةٍ
فما كنتُ أرضى منكِ حُزْنا مُجَرَّبا
وصُوغيهِ لي وحدي، فريداً، وأَشفِقي
على سِرِّهِ المكنونِ أن يَتسرّبا
وذَكّرَ بها أبو فِراس قومَه، ليعرفوا قيمةَ البدر الذي فقدوه، والفارسَ الذي ضيعوه:
سيذكُرُني قومي إذا جَدَّ جَدُّهمُ
وفي الليلةِ الظلماء يُفتقدُ البدرُ
نعم يا أبا فراس، يخلو المكان فيدل على قدر مَن كان فيه..
وفاخرَ بها تأبط شرًّا، لا وصيةً، بل تذكرةً علّقَها على الرءوس، بيتًا خالدًا في العالمين، يربو على ألف قصيدة:
لَتَقرَعَنَّ عَلَيَّ السِنَّ مِن نَدَمٍ
إِذا تَذَكَّرتَ يَوماً بَعضَ أَخلاقي!
أَيْ ربّ، علمني الشِّعْر، فإن في نفسي معانيَ لا يحملها عني مصونةً مُكرَّمةً إلا هو، وفي أعماقي حروفٌ عالقةٌ لن يخرجها إلا هو، وفي قلبي أوتارٌ لن يهزّها إلا هو..
سبحانك، وأنت العليم الحكيم.
__
كتبتُ يومًا:
مِن أمنياتي التي قَصُرَت عنها مواهبي: الشِّعر، فكم وددتُ أن أُحْكِمَ قَرضَ الشِّعْر، لا لأكونَ شاعرًا ذائعَ الصِّيت، بل ليكون الشعرُ بياني الذي به أُبينُ، وألواني التي بها أرسُم، وصوتي الذي به أغني، فإن للشعر خِصِّيصَىٰ لا يُشاركُه فيها غيرُه من ألوان البيان، وهو أنه "شعورٌ مُكَثَّفٌ طَرُوبٌ مَوزون"، تُودِعُه أسرارَ نفسِك ومُخبَّآتِ ضميرِك وأنت في حجابٍ من "الكَشْف الفَجّ"!
لأن الشعراء لهم ما ليس لغيرهم، يقولون ما لا يفعلون، وينطقون عن نفوسٍ أشتاتًا لا عن نفسٍ مُعيَّنة، ويحتملُ كلامُهم من الرمز والإشارة والتأويل ما لا يحتملُه سائرُ البيان.
وفي جانبٍ آخرَ بعيدٍ: أغبطُ أهلَ الموسيقىٰ، من جهة فنية بحتة، أنهم ينطقونَ عن خواطر نفوسِهم بأخفى وسيلة وأطرَبِها، فمَن ذا الذي يقولُ لعازفٍ عن مَعزوفتِه: قد قلتَ كذا وأردتَ كذا! ولكنه -في الحقيقة- قد قال وأراد وأبانَ وتَخفَّفَ.
سبحانك، وأنت العليم الحكيم.
__
كتبتُ يومًا:
مِن أمنياتي التي قَصُرَت عنها مواهبي: الشِّعر، فكم وددتُ أن أُحْكِمَ قَرضَ الشِّعْر، لا لأكونَ شاعرًا ذائعَ الصِّيت، بل ليكون الشعرُ بياني الذي به أُبينُ، وألواني التي بها أرسُم، وصوتي الذي به أغني، فإن للشعر خِصِّيصَىٰ لا يُشاركُه فيها غيرُه من ألوان البيان، وهو أنه "شعورٌ مُكَثَّفٌ طَرُوبٌ مَوزون"، تُودِعُه أسرارَ نفسِك ومُخبَّآتِ ضميرِك وأنت في حجابٍ من "الكَشْف الفَجّ"!
لأن الشعراء لهم ما ليس لغيرهم، يقولون ما لا يفعلون، وينطقون عن نفوسٍ أشتاتًا لا عن نفسٍ مُعيَّنة، ويحتملُ كلامُهم من الرمز والإشارة والتأويل ما لا يحتملُه سائرُ البيان.
وفي جانبٍ آخرَ بعيدٍ: أغبطُ أهلَ الموسيقىٰ، من جهة فنية بحتة، أنهم ينطقونَ عن خواطر نفوسِهم بأخفى وسيلة وأطرَبِها، فمَن ذا الذي يقولُ لعازفٍ عن مَعزوفتِه: قد قلتَ كذا وأردتَ كذا! ولكنه -في الحقيقة- قد قال وأراد وأبانَ وتَخفَّفَ.
جاء في كلام العرب:
إذا جاء الليلُ استأنسَ كلُّ وحْشِيٍّ واستوحشَ كلُّ إنسيٍّ.
____
ولا سيما ليالي الشتاء، الشتاء الذي نحب، لكنّ بردَه لا يدبُّ في اللحمِ والعظمِ وحسب.. بل وفي القلب والروح.
إذا جاء الليلُ استأنسَ كلُّ وحْشِيٍّ واستوحشَ كلُّ إنسيٍّ.
____
ولا سيما ليالي الشتاء، الشتاء الذي نحب، لكنّ بردَه لا يدبُّ في اللحمِ والعظمِ وحسب.. بل وفي القلب والروح.
[يا لَهْفَ نفسي، ولهفَ الواجدينَ مَعيْ
على النُّجُومِ التي تَغتالُها الحُفَرُ]
هذا البيت القديم لمحارب بن دثار، أصله في رثاء الخليفة العادل عمر بن العزيز رحمه الله.
هذا البيت يفعلُ في نفسي الأفاعيل، وتحمله نفسي على ألف معنًى ومعنًى!
فهو رثاءٌ ملتهب لكل مَن يستحق الرثاء من الأموات والأحياء..
وهو بكاءٌ حارٌّ مكتوم على النجوم اللامعة البراقة التي تغتالها حُفرُ الأيام، وتقطعهم عراقيلُ المحن عن النبوغ..
وهو حزنٌ نبيل، ونحيب شجيّ، على من تتآكلُ أرواحُهم، وتبلعُهم حُفرُ الحزن وينخرُ عظامَهم سوسُ الاكتئاب..
وهو طوعُ يديك لما شئتَ من معانيه المخبوءة الشجية.
على النُّجُومِ التي تَغتالُها الحُفَرُ]
هذا البيت القديم لمحارب بن دثار، أصله في رثاء الخليفة العادل عمر بن العزيز رحمه الله.
هذا البيت يفعلُ في نفسي الأفاعيل، وتحمله نفسي على ألف معنًى ومعنًى!
فهو رثاءٌ ملتهب لكل مَن يستحق الرثاء من الأموات والأحياء..
وهو بكاءٌ حارٌّ مكتوم على النجوم اللامعة البراقة التي تغتالها حُفرُ الأيام، وتقطعهم عراقيلُ المحن عن النبوغ..
وهو حزنٌ نبيل، ونحيب شجيّ، على من تتآكلُ أرواحُهم، وتبلعُهم حُفرُ الحزن وينخرُ عظامَهم سوسُ الاكتئاب..
وهو طوعُ يديك لما شئتَ من معانيه المخبوءة الشجية.
أحيانًا تغمرني غَمرةُ الوحشة التي أتحاشاها، ويَنهالُ على صدري رُكامُ الغربة التي أتجاهلها، تأتيني محملةً بمتاعها ترجو إقامةً لا تبرح، وتطمع في مرتعٍ خصبٍ لا تنصَب فيه ولا تتعب، فلا أزال أدفعُها وأصرفُها، ولا تزال تعود، حتى أنني أحتال عليها في بعض الأحايين، فأخرجُ من بيتي ماشيًا، أُنزِّهُها في فسحة الليل، وأُريّضُها بين ضفاف الوجود، حتى أظنها قد فارقت وبانت، فإذا عدتُ -بعد لأيٍ وجَهدٍ- وجدتُها متكئةً -قبلي- على أريكتي!
النُّبلُ سِربالٌ طاهرٌ مُنقَّى، يلبسه صاحبُه فيُشفق من دنس الأقوال وقذَر الأعمال وشائبة الأحوال، فتراه مُحاذرًا أكثرَ الكلام، مُنتهيًا عن طرائق معظم الناس، ومُجانبًا المعائب، ينتخب الكلام، ويتبصَّر الخطوة، فيغدو كالغريب قليل المشاكلة، ولو شاء لتخوَّضَ لكنَّ السربال واحد والسِتر عزيز ..
____
واكف
____
واكف
رفيقَ الهَنا والعَنا، مرحبًا بك..
لا يزالُ صدري مكظومًا مذ غابَ عني حِسُّك، وانقطعت عني أنباؤك، ونفثَ بيننا ماردُ البينِ فلم نستعذ، فزيَّنَ التخلي بعدَ التحلي، "فانتثر العِقدُ وتبددَّ الشملُ"، وضاعَت نجومُ الهدى تحت الضباب.. وأقبلَ الليلُ علينا، معنًى وحِسًّا، زمانًا ومكانًا! ولستَ ملومًا، أو كأنك! لا أدري، أنتَ في معزلٍ يعصمُك من طوفان الندم.
ضاقَ صدري -معَ سَعَته لكل حزن- وما أزال أُنفّسُ عنه بكل حيلةٍ فلا يتنفّس، وأُروّحُ عنه بكل سبيلٍ فلا يرتاح، فتركتُه على حاله، وليكن ما يكون.
تأخذُني أقدامُ الوحشةِ سعيًا إلى واحات الأُنس، أستشفي من غُلّتي وحرِّ قلبي، أُكلمُ ذا الصديقَ وذا الرفيقَ، طمعًا في انفراجةٍ من هذه الغيايات المطبقة عليّ من كل جانب، وطلبًا لفتقِ ما ارتُتِجَ من أبوابها.
وما أملكُ إلا الصبرَ الجميل، والقلبَ النبيل، وحسبي بهما، إن حزتُهما، كنزًا مُدَّخرًا، وعُدّةً مذخورةً في سكة العُمُر.
(أَوَ تدري بما جرَى؟
أَوَ تدري؟ دمي جرى..
جذبَتني مِن الذُّرَى، ورَمَت بي إلى الثَّرَى!
أخذَت يقظتي ولم.. تُعطني هَدْأةَ الكَرَى!)
هذا "كامل الشناوي" الذي قضى حياتَه مُعذّبًا خلفَ قلبٍ منصرف! قلب صعدَ به إلى ذروة السموات، ثم هَوَت به رياحُ القِلَى إلى مكان سحيق!
مساكين؟ نعم.. هذا لا يخفى على فطنتك.
(مساكينُ أهلُ الحبِّ، حتى قبورُهم
عليها غبارُ الذّلِّ بينَ المقابرِ!)
أحيانًا، يقسو الفراقُ على المحبِّ، فيُحِيلُ حياتَه عذابًا لا يُحتَمَل، وألمًا لا يبرح، فيتمنى أن لم يكن حبٌّ لئلا يكونَ عذاب! حتى شيخُ المحبين "قيس" قالَها في زفرةٍ شاكيةٍ من حزَّازِ الوجد والألم الذي نخرَ في عظامِه وسرى في دمائه:
فَيا رَبِّ، سَوِّ الحُبَّ بَيني وَبَينَها
يَكونُ كفافًا لا عَلَيَّ وَلا لِيَا!
معقول؟ نعم.. وهو الذي كان يُفدّيها بالنفس والنفيس، وبالدنيا وما فيها ومَن عليها! تعبَ الرجلُ.. وحُقَّ له! أو بعدَ الجنون من فداء!
وحتى قالَ الشريفُ الرضي أسفًا على صديق له قد خانَه عُمرُه:
أَعِزِز عَلَيَّ بِأَن يُفارِقَ ناظِري
لَمَعانُ ذاكَ الكَوكَبِ الوَقّادِ
وقال في أسًى بالغ:
قَد كُنتُ أَهوى أَن أُشاطِرَكَ الرَدى
لَكِن أَرادَ اللَهُ غَيرَ مُرادي
حتى قال -وهو شاهدي-:
يا لَيتَ أَنّي ما اقتَنَيتُكَ صاحِبًا
كَم قِنيَةٍ جَلَبَت أَسًى لِفُؤادي!
وربك المجيرُ من لدغاتِ الفراق، ومهلكاتِ الأمل، ورِيَبِ الدهرِ التي تُضَعْضِعُ أشداءَ الرجالِ وعيونَ الناس!
دُمْ عَذبَ الروح، واسعَ النفس، رهيفًا جميلًا، وما عليك..
وسلامٌ عليكَ صفحةً مشرقةً -ممزَّقةً- في سجلّ مُناي..
#رسائلُ_رُوحٍ_مطويّة 39
لا يزالُ صدري مكظومًا مذ غابَ عني حِسُّك، وانقطعت عني أنباؤك، ونفثَ بيننا ماردُ البينِ فلم نستعذ، فزيَّنَ التخلي بعدَ التحلي، "فانتثر العِقدُ وتبددَّ الشملُ"، وضاعَت نجومُ الهدى تحت الضباب.. وأقبلَ الليلُ علينا، معنًى وحِسًّا، زمانًا ومكانًا! ولستَ ملومًا، أو كأنك! لا أدري، أنتَ في معزلٍ يعصمُك من طوفان الندم.
ضاقَ صدري -معَ سَعَته لكل حزن- وما أزال أُنفّسُ عنه بكل حيلةٍ فلا يتنفّس، وأُروّحُ عنه بكل سبيلٍ فلا يرتاح، فتركتُه على حاله، وليكن ما يكون.
تأخذُني أقدامُ الوحشةِ سعيًا إلى واحات الأُنس، أستشفي من غُلّتي وحرِّ قلبي، أُكلمُ ذا الصديقَ وذا الرفيقَ، طمعًا في انفراجةٍ من هذه الغيايات المطبقة عليّ من كل جانب، وطلبًا لفتقِ ما ارتُتِجَ من أبوابها.
وما أملكُ إلا الصبرَ الجميل، والقلبَ النبيل، وحسبي بهما، إن حزتُهما، كنزًا مُدَّخرًا، وعُدّةً مذخورةً في سكة العُمُر.
(أَوَ تدري بما جرَى؟
أَوَ تدري؟ دمي جرى..
جذبَتني مِن الذُّرَى، ورَمَت بي إلى الثَّرَى!
أخذَت يقظتي ولم.. تُعطني هَدْأةَ الكَرَى!)
هذا "كامل الشناوي" الذي قضى حياتَه مُعذّبًا خلفَ قلبٍ منصرف! قلب صعدَ به إلى ذروة السموات، ثم هَوَت به رياحُ القِلَى إلى مكان سحيق!
مساكين؟ نعم.. هذا لا يخفى على فطنتك.
(مساكينُ أهلُ الحبِّ، حتى قبورُهم
عليها غبارُ الذّلِّ بينَ المقابرِ!)
أحيانًا، يقسو الفراقُ على المحبِّ، فيُحِيلُ حياتَه عذابًا لا يُحتَمَل، وألمًا لا يبرح، فيتمنى أن لم يكن حبٌّ لئلا يكونَ عذاب! حتى شيخُ المحبين "قيس" قالَها في زفرةٍ شاكيةٍ من حزَّازِ الوجد والألم الذي نخرَ في عظامِه وسرى في دمائه:
فَيا رَبِّ، سَوِّ الحُبَّ بَيني وَبَينَها
يَكونُ كفافًا لا عَلَيَّ وَلا لِيَا!
معقول؟ نعم.. وهو الذي كان يُفدّيها بالنفس والنفيس، وبالدنيا وما فيها ومَن عليها! تعبَ الرجلُ.. وحُقَّ له! أو بعدَ الجنون من فداء!
وحتى قالَ الشريفُ الرضي أسفًا على صديق له قد خانَه عُمرُه:
أَعِزِز عَلَيَّ بِأَن يُفارِقَ ناظِري
لَمَعانُ ذاكَ الكَوكَبِ الوَقّادِ
وقال في أسًى بالغ:
قَد كُنتُ أَهوى أَن أُشاطِرَكَ الرَدى
لَكِن أَرادَ اللَهُ غَيرَ مُرادي
حتى قال -وهو شاهدي-:
يا لَيتَ أَنّي ما اقتَنَيتُكَ صاحِبًا
كَم قِنيَةٍ جَلَبَت أَسًى لِفُؤادي!
وربك المجيرُ من لدغاتِ الفراق، ومهلكاتِ الأمل، ورِيَبِ الدهرِ التي تُضَعْضِعُ أشداءَ الرجالِ وعيونَ الناس!
دُمْ عَذبَ الروح، واسعَ النفس، رهيفًا جميلًا، وما عليك..
وسلامٌ عليكَ صفحةً مشرقةً -ممزَّقةً- في سجلّ مُناي..
#رسائلُ_رُوحٍ_مطويّة 39
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تمرين رقعة..
{إن ذلك من عزم الأمور}
{إن ذلك من عزم الأمور}