Telegram Web Link
ويحَ قومي! يحسبون أنَّ غيرَ الله كُلّيُّ العلم والقدرة والإرادة!
يحسبون أن قُوَى العالَم الكبرى لا يَعزُبُ عنها شيءٌ من المعرفة أو المكر أو التدبير!
يحسبون أن الكونَ لا يجري إلا وفق إرادة الناس -أيَّ ناسٍ كانوا- وغفلوا أن اللهَ -وحده- على كل شيء قديرٌ، وأن الله قد أحاطَ بكل شيء علمًا، وأن يدَ اللهِ -جلت قدرته- فوق يدِ الناس أجمعين.
أبطال والله يا أهل سوريا وشجعان وأحرار!
مَن يجرؤ على الوقوف ثائرًا أمام هذا النظام الباطش المجرم، أربعةَ عشرَ عامًا، لَهُو حرِىٌّ بالبطولة والعزة.
كان خليقًا أن تيأسوا، فلم تيأسوا.. وكان هينًا أن تهنوا وتستسلموا، فما وهنتم ولا استسلمتم.
هنيئًا لكم المعدن الشريف.
الفرصة السانحة لا يظفر بها إلا العاملون، الذين أخذوا مساعي الجدّ، وأعدُّوا ما استطاعوا من عُدّةِ الظفَر، والأرضُ لله يُورثُها مَن يشاء من عباده. أما القاعدون الآيسون، فلو سنحت لهم ألفُ فرصة، ما زادتْهم إلا خبالًا وتيهًا، وندمًا على اليأس والكسل أوانَ الرجاء والعمل..
الواحد لسانه لا يكف عن لعن وسب هؤلاء المجرمين منذ البارحة! إجرام يفوق التصور، تشيب الرءوس من سماع أخباره فقط، فكيف بمن عاينوا ألوان العذاب وعاشوها سنين! بل عشرات السنين؟!

قال النبي ﷺ: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا".

أعلمتم لماذا أعدَّ اللهُ النار؟ ألوانًا من العذاب الأليم الشديد..

اللهم عذِّب الذين يعذبون الناس..
مهما قلقت من الأيام القادمة في سوريا فتذكر حسَنَة "تحرير الأسرى من سجون الطاغية بشار" وأنها نصر عظيم يستحق كل التضحيات مهما كان بعد ذلك من إشكالات.


إن يوماً واحداً في هذه السجون الظالمة يكدّر كل شيء جميل في الحياة، كما إنّ يوماً واحداً بعد تحريرهم يهوّن من كل شيء قبيح في الحياة.

فالحمد لله أولاً وآخراً على ما أنعم وفتح..
ونسأله تمام النعمة.

كما نسأله سبحانه أن يفرج عن الأسرى في بقية البلدان التي يقبع فيها آلاف المظلومين في السجون.
كل ساعة نكتشف ألوانًا وضروبًا من القهر الذي لا يخطر بالعقل في أبعد خيالاته!
أي جحيمٍ كان!
وأي بشرٍ كانَ هؤلاء! هؤلاء ألعنُ من الشياطين!

يا رب رحمتَك بالأُسارَى الغائبين.
لا شيء يوفي جزاءَ هؤلاء الملاعين إلا جزاء يوم الدين..
"لا يموت فيها ولا يحيا"
"كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب"

أي جحيم هذا الذي انفتحَ على أبصارنا ومسامعنا!
نعم كنا نسمع عنه، لكنه انفتحَ بكثافةٍ شديدة، وهي مهمة لتتسلمَ الأجيالُ رايةَ الوعي والثأر.

هذا عالمٌ ظَلُومٌ.. كل هذا الإجرام في رقاب العالم أجمع.
"كيف يُقدِّس الله أُمَّةً لا يُؤخَذ لضعيفهم من شديدهم ".
شاكر خرمه:

(منشور شخصي)

سأكون واضحًا إلى الغاية، وجادًّا بلا أدنى هامش من الهزل..

لم أكن يومًا، على الرغم من "فلسطينيّتي" المُفرِطة، ممّن يستسيغُ "توثين" فلسطين، ولا تأليهَ قضيّتها، ولا موافقًا ولا راضيًا، عمّا كنتُ أدرِكُه منذ سنوات الوعي الأولى، من أنّ كثيرًا من "الفلسطينيّين" قد أنجزوا نُسختَهُم الخاصَة من نظريّة "شعب الله المختار".

تلك النظريّة، التي أملت على بعض النّاس، أن يجعلوا الموقف من فلسطين وقضيّتها، سواء أكان كاذبًا أو صادقًا، معيارًا مطلقًا ونهائيًّا للقبول والرّفض، والمدح والذم، والموالاة والعداوة، والحكم بالشّرف أو الخيانة، وشفيعًا لكلّ مجرم، وستْرًا على كلّ مفضوح، ورفعًا لخَسيسَةِ كلّ ساقط.

تلك النظريّة، التي أكسبت بعض الفلسطينيّين "جهلاً وظلمًا" شعورهم بمخلوقيّتهم من جيناتٍ نورانيّة، تجعل كرامتهم أهمّ من كرامة الناس، وقضيّتهم أولى من قضايا النّاس، وأخفّ أوجاعهم أعمق من أعمقِ أوجاع غيرِهم!

أنا "فلسطينيٌّ" باعتبارَيْن فقط:
الأوّل: باعتبار فلسطين اسمٌ لإقليمٍ، هو قطعةٌ من الجغرافيا الإسلاميَة الممتدَة المتواصلة، لا أقوى أبدًا على الوعي به وحدَه، ولا الانتماء له بمفردِه.
الثاني: باعتباري مسلمًا، سُنّيًّا، مُجاهِرًا بسُنّيّتي، لا أكتم منها شيئًا.

أمّا الموقفُ من كلّ (آخَر)، فلا أعرفُ له ميزانًا ولا معيارًا سوى قوله تعالى: {إنّ أكرمَكُم عندَ اللهِ أتقاكُم}..

كما لا أعرفُ أنّ ديني يسمحُ بـ "حَيْوَنَةِ" الإنسانِ وسَلْبِ آدميّتِه، لأنّ لـ "كلّ إنسانٍ" الحقّ في قَدْرٍ من التّكريمِ والاحترامِ بمجرّد إنسانيّته ولمُطلَق آدميّته، لأنّ الله يقول: {ولَقَدْ كرّمنا بني آدَم}..

وعليه:

وبعد اكتشافِ "اللاآدميَة" الكامنةِ في كلّ من يستهينُ بأوجاعِ السوريّين التي احتملوها من نظام المخلوع، والوحشيّة المستترةِ في قلبِ كلّ من يحاول عقد مقارنةٍ بين محاسن ومساوئ من يصنع بالبشر ما رأيناه، فإنّي أقولُ جادًّا غير هازل:

إنّ كلّ من تربطُنِي به صلةُ نسب، أو رَحِم، أو مصاهرة، أو صداقة، أو زمالة عمل، أو دراسة، أو معرفة، ثمّ ظهر لي منه استعداد نفسيّ أنّه قادرٌ على لَوْم السّوريّين على ثورتهم، أو تخوينهم بسبب قيامهم على "المجرِم"، فإنّ نسبي منه منقطع، وعلاقتي به -كائنةً ما كانت- مُنبَتّةٌ، إلى أنْ يأذن الله.

إنّ نظريّة الشعور بـ"الوجع الواحد" لكلّ المسلمين، و"العداء الواحد" لكلّ المجرمين، هو الذي أؤمن به، وهو "الشعور الوحيد" الذي أُحسنُه، ولا يسع قلبي غيرُه ..!

وعلى من اتّبع الهُدى السّلام …
يا صاحبَ القلم الجميل، لا يكن كلُّ ما تُحسن أنك تُنشِئُ كلامًا جميلًا، بل ليكن لك "زادٌ" من علم أو ثقافة تُجمّله ببيانك الجميل. القلم الجميل هبةٌ نبيلة، لكنه يضيع كصرخةٍ في الوجود إن لم يكن وراءه زاد.
الجسد الجميل بلا قلب نبيل: مَحضُ صورة!

واقرأ هذا ففيه مزيدُ بيان:
رفاقَ القلم
في الدهر أيامٌ نَحِساتٌ، وأخرى بشائرُ وآيات، بل ربما غلبَ "السوادُ" على أيام الدنيا، لكنه لا يدوم، بل يُداوِلُ اللهُ الأيامَ بين الناس، وتنبلجُ أنوارُ الحق ويُظَفِّرُ اللهُ عبادَه المؤمنين، وتَدُولُ دُولُ الطغيان، نورًا يجعله الله للناس، منارات تهديهم وتُعلِّمُهم أن الأمرَ كلَّهُ لله، وأنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون.. وأن الأمرَ بلاءٌ بالشر والخير.

هذه الأيام من أيام الله..
والتأمل في أيام الله عبادةٌ تهديك لليقين..

{وَذَكِّرْهم بأيام الله}
البشرية جمعاء تسير إلى سفول وانحطاط، وليس غريبًا -بتقدير مقدر الأقدار- أن يكون من دواعي التهدم و"طربقة" العالم على رءوس أهله= تركهم لأمة ضعيفةٍ تُباد على عين العالم أجمع وسمعه!
{كيفَ يقدِّسُ اللَّهُ أمَّةً لا يؤخَذُ لضَعيفِهِم من شديدِهِم}

أيها العالم كله، أطلت عليكم غمةٌ لا تُفَرَّجُ!
أبشروا بخراب العالم فوق خرابه!

_
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فإذا كانُوا ببَيْداءَ مِنَ الأرْضِ، يُخْسَفُ بأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ". قالَتْ: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ يُخْسَفُ بأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ وفيهم أسْواقُهُمْ ومَن ليسَ منهمْ؟ قالَ: "يُخْسَفُ بأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ على نِيّاتِهِمْ".
على أبسط مستويات التفسير وأكثرها بداهة، لم يكن الطوفان إلا جود الحركة الخضراء بنفسها، كلها، لم توفر أحدا، ولم تبق أحدا في سبيل هذا الطريق.
في ذكرى الانطلاقة، لم يكن هذا الطوفان مجرد
‏Leap of faith، قفزة إيمان إلى مجهول لا نعرفه،
بل تحديقا مباشرا في قلب الهاوية مع علم كامن باحتمالات الفناء وابتلاع الهاوية للوجود والتاريخ وخيالات الأمل في المستقبل البعيد.
هذا كرم الغريب المهاجر، خفة حضوره في الحياة، وانتماء المخلص الجميل،
وهذه خسارتنا نحن، الواقفون على حواف الهاوية، وبعجز المكبل نرى الحراك ينزف كل يوم وردا ودما ومقاتلين،
هذه خسارتنا نحن، ما أفدح عيشنا بعد رحيل الصادقين.

___-
أميرة محمد
رحمَ اللهُ الرجلَ الجميلَ الطيبَ البشوشَ الشيخ خالد نبهان أبا ضياء، هذا الذي صار مثلًا بـ"روح الروح"..

وخلف أبي ضياء، ألفُ أبي ضياء..
لكن "السياق" و"القصة" تحفرُ ذكرى الناس في النفوس والعقول، وتنفعلُ معها الناس انفعالًا حيًّا..
لهذا تجد نفسك متأثرًا بموت "أبي ضياء" أشد من تأثيرك بخبر عارض "استشهاد مائة رجل" في كذا وكذا..
لكل إنسان قصة وسياق، وحياة كاملة، قد لا يعلمها الناس، لكن رب الناس يعلمها.. وعند الله الجزاء..
ولا حوة ولا قوة إلا بالله..

وبعضُ النفوس موضوعٌ لها القبولُ في الأرض، نفوسٌ شفيفةٌ نظيفةٌ طاهرةٌ عَبِقة، يتخللُ عطرُ ذكراهم وسيرتِهم نفوسَ الناس وقلوبَهم، فيحبونهم..

ورحم الله أبا ضياء وألحقه بأحبابه.
خسارتنا الإنسانية في عْرْة لا تعوض.

نزيف مستمر منذ ١٤ شهرًا لأفضل وأنقى وأشجع وأحسن الناس.

وأعظمُ مَن فقدْنا مَن وجدْنا
قبيلَ الفقد معدومَ المثال

إنا لله وإنا إليه راجعون!
_
يحيى أحمد محمود
نبكيهم، ولكنهم والله فائزون..
نبكيهم في لحظة، وتليها لحظة نقول: يا بختكم! تركتم عالمنا المجرم، إلى عالم الآخرة الوسيع الفسيح، الأرحب والأرحم..

[ أَبكيهِ، ثُمَّ أَقولُ مُعتَذِراً لَهُ:
وُفِّقْتَ حينَ تَرَكتَ أَلْأَمَ دارِ
جاوَرتُ أَعدائي، وَجاوَرَ رَبَّهُ
شَتّان بَينَ جِوارِهِ وَجِواري! ]
أفهم تمامًا رأيَ مَن يرى أن المآسيَ ليست مادةً للاستعراض البياني، واستخلاصِ وجوه البلاغة من آلام الناس..
وهذا صحيح..

لكن، كل مأساة ينبغي أن يُشاع ذِكرُها، وكل رجل نبيل حقُّه علينا أن نُذيعَ في العالمين مآثرَه، لئلا يُضافَ إلى حقيقةِ المأساة الواقعة موتُ الذِّكرِ ودفنُ المناقب وتواري الحقائق خلفَ ظلالِ الورع!

نعم ينبغي الأخذُ بكل سبيل لاستنقاذهم من الجحيم الذي يحدّق بهم، ويُسَوّرُهم، لكن.. هل فعلنا حقًّا؟
وهل لو أضفنا لهذا العجزِ عجزَ السكوت والصمت، نكون قد أحسنَّا؟ بل الأقرب حينها أننا قد أسأنا مرتين! مرةً بالعجز ومرةً بالسكوت!
نعم قد يحسن ذلك على مستوى فرديّ، لا على المستوى الجماعي والأُمَمي، قد يُصلِحُ ذلك شخصًا يهذب به نفسَه يصلحها ويسد عليها منافذَ الهرب والتخدير، لكنه لا يساعدُ أمةً تتلمس كلَّ أسباب الخلاص، وتَنشُدُ طرائقَ العلاء..

أعلم أن مشكلة هذه الأدبيات الكبرى أنها تخفف من وطأة الشعور، وتُسرِّبُ للمرء شعورًا مزيفًا أنه قد أدى بعضَ ما عليه، لكن إنِ استطاعَ أن يفلتَ من هذا التزييف الباطني، فقد أحسنَ مرتين، مرةً بحُسن مشاركته ونشر قضية عادلة ومآثر أمة مغلوبة مقهورة، ومرةً بتخلصه من شعور الرضا عن نفسه ليأخذ بكل سبيل جادٍ ينصر به أخاه، ويدفعُ به عن المظلوم مَظلمتَه.

هل يتاجر بعضُ الناس بتلك القضايا؟
نعم، كثيرٌ يفعلون، لكن هذه نيات مطوية لنا، ومقاصد مزوية عنا، لا يهمني أن أفتش عنها، ولا أن أحكمَ على أصحابها إلا ببينات واضحة ومصلحة راجحة، لكن على مستوى الأمة فإن فعلَهم هذا نافعٌ صحيحُ الظاهر، والله يتولى السرائر، صحيحٌ ينشر لي قضيةً أتعنى لنشرها، وأحب أن تتواصلَ جيلًا فجيلًا ظاهرةً ذائعةً مفعمةً بالحياة، ولا بأس أن ينفعنا الله بجهـ..ـاد امرئٍ يدخلُ النارَ لدَخَن نيته! نفعَنا فعلُه، وساءته نيتُه..

و"إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر".
بدوي الجبل، شاعر سوري عريق، له قصيدة طويلة اسمها "البلبل الغريب"، لو نافسَت قصائدَ القرن المنصرم لَنافَسَتْهم، جزلة قوية، رقيقة عذبة..
وهو من أفراد الذين أمعنوا في تمجيد الحزن، أو لنقل في رعاية الحزن حقَّ رعايته، فإن كانَ أبو فراس قد سَبقَه إلى هذا بقوله:
أوصيك بالحزن لا أوصيك بالجلَدِ!
فإن بدوي الجبل قد أخذ المعنى وأطنبَ فيه وأخرجَ منه دررًا ويواقيت، يقول:
هبينيَ حُزنا لم يَمُرَّ بمهجةٍ
فما كنتُ أرضى منكِ حُزْنا مُجَرَّبا

وصُوغيهِ لي وحدي فريداً، وأَشفِقي
على سِرِّهِ المكنونِ أن يَتسرّبا

مَصوغاً كأعلى الدُّرِّ عَزَّ يَتيمُهُ
فأُودِعَ في أَخفى الكنوزِ وغُيِّبا

وصُوغيهِ مَشبوبَ اللظى، وتَخيّري
لآلامهِ ما كان أَقسى وأَغربا

وصُوغيهِ كالفَّنانِ يُبدِعُ تُحفَةً
ويَرمُقُها نَشوانَ، هَيمانَ، مُعجَبا

فما الحزنُ إلا كالجَمالِ؛ أَحَبُّهُ
وأَترَفُهُ ما كان أَنأى وأَصعَبا

ثم يقول في صلابة عُوده، وجَلَده، وعزة نفسه، وطيّه العبَرات أن ينسكبن:
ويا ربِّ إنْ هانتْ دموعٌ، فأدمُعي
حرائرُ شاءتْ أنْ تُصانَ وتُحجَبا

وما لُـمْتَ في سَكْبِ الدموعِ، فلم تَكن
خَلقتَ دُموعَ العَينِ إلا لتُسكبا

ولكنَّ لي في صَونِ دَمعيَ مَذهباً
فمنْ شاء عاناهُ ومن شاء نَكَّبا

ويا ربِّ أحزاني وضاءٌ كأنني
سكبتُ عليهنَّ الأصيلَ المُذَّهَبا
...
ثم يقول:
وقد تُبْهِرُ الأحزانُ وهي سوافرٌ
ولكنَّ أحلاهُنَّ حُزْنٌ تَنَقَّبا

وفي مقطع عن الطفولة والأطفال ما أعذبَه وأجمَلَه، من خير ما قاله شاعر في معناه، وقد أطنبَ فيه ثم قال:
ويا ربِّ من أجلِ الطفولةِ وحدَها
أَفِضْ بركاتِ السلمِ شرقاً ومغربا

ورُدَّ الأذى عن كلِّ شَعبٍ وإنْ يَكنْ
كَفوراً، وأَحبِبه وإنْ كان مُذنِبا

وصُنْ ضِحكةَ الأطفالِ يا ربِّ إنها
إذا غَرَّدتْ في مُوحِشِ الرملِ أعشَبا

ويقول في مقطع آخر:
كأنَّ طِباعَ الغِيدِ فيهِ، فإنْ دَنا
قليلاً، نأى، حتى لقد عَزَّ مَطلَبا

ويُطمِعُها حتى إذا جُنَّ شَوقُها
إليهِ، انثنى عن دربِها، وتَجنَّبا

تَعُدُّ ليالي هجرِهِ، وسجيةٌ
بكلِّ مشوقٍ أن يَعُدَّ ويَحسُبا

ثم يختم القصيدة بقوله:
تَغَرَّبَ عن مُخضَوضَلِ الدَّوحِ بُلبلٌ
فشَرَّقَ في الدنيا وحيداً وغَرَّبا

وَغَمَّسَ في العطرِ الإلهيِّ جانحاً
وَزَفَّ من النُّورِ الإلهيِّ مَوكِبا

تَحَمَّلَ جُرحاً دامياً في فؤادِهِ
وغنَّى على نايٍ فأشجى وأَطربا

والقصيدة طويلة جميلة معجِبة، تُقرأ في مظانها كاملةً تامةً.
ورحم الله بدوي الجبل.
____
القصيدة كاملة
من فضلك ممكن توضح معني بيت الشعر ده:
"وعدت لا شيء إلا الليل يملؤني
ولا أنيسَ سوى نفسي أباكيها"
___

- البيت السابق يقول الشاعر:
ومَن سيشفعُ لي لو أنني بيدي
أطفأتُ نجمةَ روحي في دياجيها

فقد يكون المعنى -والله أعلم- أي أنني -إن أطفأتُ نورَك الوضاءَ في نفسي- سأرجع بظلمة الليل ووحشته، فإن الليل أُنس المحبين إن كانوا معًا، لكنه يستحيلُ موحشًا مظلمًا إن خلا من أنوارهم.. يتسربُ ظلامُه في النفوس، يُوحِشُها ويُوهِنُها.. فإن فقدتُك -يا نجمَ فؤاديَ الساطع- فمن يؤنسني بعدَك في ظلمة هذا الليل البهيم؟! ومَن أبثه شكواي؟ وأخصه بنجواي؟ سوى نفسي التي توحشني بدونك فأباكيها في دياجيها.

https://tellonym.me/Muhammad_Ahmad/answer/5033843892
ليس كُلُّ الخيرِ يأتي عاجلاً
إِنما الخيرُ حظوظٌ ودَرَجْ

لا يزالُ المرءُ ما عاشَ له
حاجةٌ في الصدرِ دأباً تَعْتَلِجْ

رُبَّ أمرٍ قد تضايقْتَ به
ثم يأتي اللهُ منه بالفرجْ

_
أبو العتاهية
[تمرُّ عليَّ أوقاتٌ، أشعرُ بأن صدري كصدرِ النابغة، وليلي كلَيلِه، وأَسايَ كأَساه، لكن.. مَن لي ببيانِه وقريحتِه أُنفِّسُ بهما عني بعضَ ما أجد وأنفُثُ في الحروفِ بعضَ ذخائر صدري؟!

أحيانًا أُحِسُّ أني أُواري تحتَ أضلُعي شبحًا أسودَ، ما يزال يَمنعُني ويُوهِنُ عزمي ويكفُّ مِن خطواتي، وما يزالُ يُوسوِسُ إليَّ بجملته القصيرة القاتلة: "لِمَ تَتَعَنَّى! أليس الأمرُ سواءً؟!" تقتلني قَولَتُه، وتجعلني أيامًا طَريحًا لا يُدرَى ما بي!
وربُّك المجيرُ من نداءاتِ اليأسِ، نعوذ به مِن ضَغطةِ الإياس، على أَكْظامِ الأنفاس.]

ولولا الدينُ والأدبُ، لكنتُ إنسانًا ضائعًا، تتخطفني ظلماتُ الحيرة في هذه الحياة المُوحشة، فإن لي نفسًا كأنما خُلِقت من طينةٍ حزينة! وكأنما هو شيءٌ في أصل تركيبي وتكويني.

للحزن أنسابٌ وأسبابٌ، فكأنه ناسَبني نسبًا لا يُقطَع، ووَصَلَني بسببٍ لا يُفصَم، فأين منه فراري؟! وكيف معه قراري؟!

[ألْقَيْتُ بيني وبين الْحُزنِ معرفةً
لا تنقضي أبدًا أو ينقضي الأبَدُ]


ليل النابغة

للحزن أصفياء
2025/07/04 15:34:36
Back to Top
HTML Embed Code: