Telegram Web Link
غاية ما استطاع المنافقون بناءه مسجد ضرار، ولو استطاعوا بناء دولة ضرار لفعلوا، ولو فعلوا لكانت (الإمارات) على ما هي عليه اليوم.
[ضِرارًا وكُفْرًا وتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وإرْصادًا لِمَن حارَبَ اللَّهَ ورَسُولَهُ مِن قَبْلُ ولَيَحْلِفُنَّ إنْ أرَدْنا إلّا الحُسْنى واللَّهُ يَشْهَدُ إنَّهم لَكاذِبُونَ]
بعضُ الناس يكونُ أثرُه في نفسِك أوسعَ من مجرد "مسائل العلم"، هذه أمرها هين، لكن أن يأخذ رجلٌ بتلابيب روحك يسقيكَ حبَّ اللهِ ورسولِه، وحبَّ العلم، وحُبَّ الصحابة، ويغرسُ في نفسِك هَمَّ هذا الدين، ويسكبُ حرارةَ الصدق في نفسك، ويروي نبتةَ الغاية النبيلة في قلبك، فتعرف أن لك في الحياةِ هدفًا شريفًا تتغياه، وغايةً كريمةً تسعى لها، فلا تكون هملًا من الهمل، ولا ضائعًا تبحث عن معنى مفقود=
هذه هي بركةُ الأشياخ الصادقين، الذين أخلصوا قصدَهم لله وصدقوا، ثم وافِقْ بعدُ وخالِفْ، وشَرِّقْ وغَرِّبْ، لكن.. لا تنسَ فضلَ الذين لولاهم لكنتَ ضائعًا في الضائعين، ولم يكن لك إقبال على العلم والدين وحبِّ اللهِ ورسولِه والمؤمنين.

هذا فضلُهم فاعرفه، وتلك أشرفُ مناقبِهم فلا تجهلها، أما مسائل العلم وفروعه، فأهونُ فائتٍ إن فاتك، وليس بأكبر حاصلٍ لو حصّلتَه، إذ لو لم تقبل على الأصل ابتداءً، ما توغلتَ إلى كل تلك الفروع.

رحم اللهُ الشيخَ أبا إسحاق، وكلَّ معلمٍ للناس الخيرَ.
الليلةَ تُطِلُّ علينا بدايةُ خيرِ ليالي العام، والتي هي أصدافٌ تُخفي خيرَ مكنونٍ: ليلةَ القدر، ليلة العز والشرف، ليلة سَعدِك وفَوزِك وهَنَاك.

وكل الليالي، أشفاع وأوتار، هي مظنةٌ للتحري، فقد ورد في جميعها ما يحتمل أن تكونَ فيها ليلة القدر.
والحريص الصادق، لن يفرط في ليلةٍ واحدةٍ منها.
ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة، ليلةَ القدر كانت أو لم تكن، فتعرَّض لنفحات اللهِ ورحماته.

أنتَ بالله تقومُ، وبه تصلي وتسجد، وبه تقرأ وتذكر، فتوكل على اللهِ حقَّ التوكل، واستعن به وأكثر من "لا حول ولا قوة إلا بالله" متأملًا فيها، مؤمنًا بها.

ليكن لك أورادٌ من الدعاء لا تتخلف، لإخوانك المستضعفين أن يفرج اللهُ عنهم وأن يكفَّ عنهم بأسَ المجرمين من كل جانب، ولأمتك، ولدينك، ولنفسك أن ينصرَ اللهُ بك، وأن ينفخَ في جُثَثنا الهامدةِ مِن رُوحِه سبحانه، فلا نحب الدنيا ولا نكره الموت!

هذه الليالي العشرُ كلُّها، تَشمُّ منها عَرْفَ النسيم الميمون، وتتنسَّمُ فيها نسيمَ البركة والمرحمة، وتلمحُ في أجوائها قبسَ النور يُشِعُّ من كل جانب..
فكل ليلةٍ منها، وإن لم تكن ليلةَ القدر، فقد جاوَرَتْها والتمَسَت من أنوارِها، واقتبَسَت من بركاتها وأسرارِها.

وليلة القدر ممدودة حتى طلوع الفجر، فهي تشملُ صلاةَ الفجر.

تقبل اللهُ منا ومنكم، وأعاننا وإياكم، وردَّ اللهُ الذين كفروا -ومَن والاهم- بغيظهم لا ينالون خيرًا.
الحمد لله وحده.

ليلتنا هذه هي ليلة الجمعة 21 من رمضان، أي:
ليلة وتر، وهي ليلة في العشر، وليلة جمعة.
فمما يعظم الرجاء في ليلتنا هذه، ليلة 21 أن تكون هي ليلة القدر:

(1) قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر: (إني أريتها ليلة وتر، وإني أسجد صبيحتها في طينٍ وماء).

* قال أبو سعيد الخدري راوي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم:
(فأصبح من ليلة إحدى وعشرين، وقد قام إلى الصُّبح، فمُطرت السماء، فوكف المسجد، فأبصرتُ الطّينَ والماءَ، فخرجَ حين فرغَ من صلاةِ الصبح، وجبينُه وروثةُ أنفِه فيهما الطينُ والماء، وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر).
هذا لفظ مسلم، والحديث في الصحيحين البخاري ومسلم.

(2) وروى الإمام البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر: في تاسعة تبقى ... ) الحديث.
وسبق في منشور سابق، شرح معنى (تاسعة تبقى)، وأنها ليلة ‍21 إذا كان الشهر ناقصا.

* وقد وردت عدة أحاديث في مسند أحمد ومعجم الطبراني وغيرها ، فيها يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتحري ليلة القدر في ليلة إحدى وعشرين، إلا أنني تركتها للاختصار، ولأن ما مضى أصح، وهو كاف.

(3) قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أمرَ عبد الله بن مسعود، بتحرّي ليلة القدر في ثلاث ليال، منها ليلة إحدى وعشرين.
(رواه عبد الرزاق وغيره، وإسنادُ عبد الرزاق جليلٌ ينطق بالصحّة).

(4) فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
جاء أن عليّ بن أبي طالب، أحد الخلفاء الراشدين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستنان بهم: (كان يتحرى ليلة القدر، ليلة إحدى وعشرين).

(5) أقوال أهل العلم:
■ قال الإمام الشافعي رحمه الله في القديم: (كأني رأيت والله أعلم أقوى الأحاديث فيه ليلة إحدى وعشرين، أو ليلة ثلاث وعشرين).

■ ونصَّ الشافعيّة تبعا لنصّ القديم وغيره على:
1- استحباب طلب ليلة القدر في كل ليلة من الليالي العشر.
2- أنها أرجى في ليلة ‍21.

■ ونصّ ابن خزيمة على طلب التحرّي في ليلة ‍21، إذ جائز أن تكون كذلك.

(6) وأما اجتماعها مع ليلة جمعة، فقد قال ابن هبيرة: (إن وقع في ليلةٍ من أوتار العشر ليلةُ جمعة، فهي أرجى من غيرها).
ذكره عنه الحافظ ابن رجب في اللطائف.

■ ومن طلب غير ذلك مما يعظ به نفسه ويذكرها به ويؤزها على العمل للآخرة؛ وجد كثيرا، إن شاء الله.

وسبق مرارا أن الحريص على ثوبا هذه الليلة المباركة العظيمة، والدار الآخرة: هو من يقوم الليالي كلها، ولا يركن إلى ليلة بعينها، فإن كلّ الليالي يحتمل أن تكون هي ليلة القدر، إلا أن بعض الليالي أرجى من بعض.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من استقبل القبلة ثم غفل عن إخوانه المكلومين الذين يستقبلونها = فما أراه قد أحسن استقبالها ..
ومن قال "اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم" من عبادك المؤمنين، ثم لم ينشغل قلبه بالتفكر في كل مستطاع يُدفع به الضر عن أهل الإيمان ويُرفع به العجز عن أمة الإسلام ويَفْتَكّ المرء به رقبته من جُرم الخذلان = فما أراه قد أحسن الاستهداء!
والحقيقة أننا وصلنا إلى حال يصير دعائنا فيها لهم هو لنجاتنا نحن من غضب الله ورجاء أن لا ندخل في دعائهم على من خذلهم!
فنحن في الحقيقة ننجي أنفسنا بدعائنا وإلا فما أجدرنا بغضب الله وعقابه!

وقد بعث الله ملكًا من ملائكته يعذب قرية فرجع الملك فقال: يارب إن فيها فلانًا العابد.
فقال المولى جل وعلا: به فابدأ فإنه لم يتمعر وجهه فيَّ ساعةً قط!

فتمعر وجهك وكراهتك لما ترى = منجاة لك من عذاب الله إذا نزل، وإلا فإن عبادتك مع غفلتك عن سفك الدماء واستباحة المحرمات لن تحجز عنك غضب الله تعالى.

وذكر ابن عبد البر: أن الله سبحانه أوحى إلى نبي من أنبيائه أن قل لفلان الزاهد : أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت به الراحة، وأما انقطاعك إلي فقد اكتسبت به العز ، ولكن ماذا عملت فيما لي عليك ؟ فقال : يا رب وأي شيء لك علي ؟ قال : هل واليت في وليا أو عاديت في عدوا ؟

ولا أدنى في العداوة من بغض العدو والدعاء عليه!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
يا عابِدَ الحَرَمَيْنِ لو أَبصَرْتَنا
لَعَلِمْتَ أنكَ بالعبادةِ تلعَبُ!

يا رب لا تحرمْنا من العِبادَتَين: إقامةِ الأقدامِ صَفًّا قِتالًا في سبيلك والمستضعفين، وإقامةِ الأقدامِ صَفًّا في المحاريب..
الدكتور صلاح البردويل "أبو محمد" مضى إلى الله تعالى وهو متهجدٌ في ليلة وترية وهو ساجد، وعلى ثغر هو أطهر الثغور وأزكاها، في ساعة رباط تعدل قيام ليلة القدر في حجر الكعبة، وبنيران عدوّ الأنبياء الأول من الغضوب عليهم.

أيّ حسن خاتمةٍ أرجى يطلبها عامل للدين، وباذل في سبيل دعوته، ومضحٍ في سبيل أمته.

هذا موقفهم في الصف، وهذا معتقدهم الشريف.
فماذا ينتظر الشانئون والمخذلون والطاعنون غير خزي الدنيا وعار الآخرة.

قد نالهم من الأذى ما نال الأنبياء وأتباعهم من قبل، فصبروا على ما كُذّبوا وأوذوا، ومضوا يحملون مظلمةَ افتراء "شيوخ قَعَدة"، وبطّالين فسقة، ومرجفين فجرة.
وعند الله -يقيناً- ستجتمع الخصوم..
فلا نامت أعين الجبناء.

د نائل بن غازي
أمّة الإسلام المرحومة، في محنةٍ لا تُحسَد عليها، قد أتى عليها الوهنُ مِن كلِّ أَوبٍ، وتخلَّى بعضُها عن نصرِ بعضٍ، وشُغِل بعضُها بأذى بعضٍ! استبدلت بالحميّةِ خِذلانًا، وبالأخوّةِ عداوةً وعُدوانًا، والفردُ منّا غارقٌ في مطالبِ النّفس، ليست له حيلةٌ ولا تدبيرٌ، همّتُه في حضيضٍ، وقلبُه في سَكْرةٍ، لا تقلقلُه الحوادثُ، ولا تُركِبه متونَ اليَعمَلات، ولا تنفعُ فيه السّياطُ، ولا تزيدُه إلّا غفَلات، ولا حولَ ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

يا لَلهِ لِلمسلمين!

اللهم ربَّنا، فرَجًا مِن عندك، وخلاصًا، وإفاقةً، وسَدَدًا، وحيلةً، ومَدَدًا، وقوّةً، وسنَدًا! لا كاشفَ لها مِن دونك.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

النُّتف
الناسُ تدعوا: يا رب طالَ حلمُك على اليهود! بل والله يا أيها العاقلون: طالَ حِلمُ اللهِ علينا نحن!

ولن يجيبَ اللهُ دعاءَ قومٍ قاعدين..
تقولون: عاجزون؟ والله يعلم إننا لكاذبون، بل نحن هاربونَ، نحب الدنيا ونكره الموت، ونكره نقص الأموال والأنفس والثمرات، ونكره التحول عن عيش الطاعم الكاسي، عيش البهائم.

[وَلَنْ تَعْتَادَني أشْكُو مَقَامًا
على مَضَضٍ، وفي يَدِيَ انْطِلاقي]
اللهم اجعلنا ممن تَوَلَّوا وأعينهم تفيض من الدمع حَزَنًا، ولا تجعلنا ممن تولَّوا وهم معرضون!
اللهم اكتبنا عندك عَجَزة لا فَجَرة، وقاتل اللهم الظَلَمة الفَجَرة الغَدَرة!
اللهم استعملنا ولا تستبدل بنا!
اللهم احقن دماء عبادك المستضعفين المُستَبَاحين، واحفظ أعراضهم، وثبّت إيمانهم وعقولهم، وأفرِغ عليهم صبرًا وسكينة!
دعونا نعترف بالحقيقة، نحن جبناء ولسنا عاجزين، تمّ تركيعنا على مدار عقود خلَت حتّى نكون بهذا الضّعف والخزي وأن يقتصر دورنا على الدّعاء والمقاطعة والكلام؛ ولذلك المقاومة هي آخر أمَل لنا، آخر حصْن لم يستطيعوا اقتحامه، آخر مفترس لم يُروّض، إذا هلك فلا نجاة لنا بعده!

أحمد دويدار
الحمد لله وحده.

ليلتنا الآتية هي ليلة 26 من رمضان.
وهي إحدى أرجى الليالي عندي أن تكون ليلة القدَر والشرف، والعطاء الجزيل!

(1) هي إحدى ليالي السبع الأواخر، وقد سبق أن في السبع الأواخر حثًّا خاصًّا، كما قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (من كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر)، وهو في الصحيحين.
وكما في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر - يعني ليلة القدر - فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي).

(2) خصَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذِّكر، كما:
1- روى البخاري في (باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في "خامسة تبقى").
فقد حسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالليالي الباقية.
وقد روى البخاري بعده قول ابن عباس صراحة: (التمسوا ليلة أربع وعشرين)، فهو تفسير (سابعة تبقى).
فتكون: (خامسة تبقى)، في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي: لياتنا هذه، ليلة ست وعشرين، بلا شكّ.

2- روى مسلم في صحيحه:
عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة).
قال أبو نضرة للصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (يا أبا سعيد، إنكم أعلم بالعدد منا).
فأجابه: (أجل، نحن أحق بذلك منكم)!
فسأله أبو نضرة: (ما التاسعة والسابعة والخامسة)؟
فقال أبو سعيد الخدري: (إذا مضت واحدة وعشرون، فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة، فإذا مضت ثلاث وعشرون، فالتي تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة).

■ أقول:
فهذا نحن، قد مضت خمس وعشرون، فالليلة الآتية هي (الخامسة)، التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلتمس فيها ليلة القدر.
وهي ليلة ست وعشرين.

■ ولا بأس أن نتذكر جزءا من فتيا شيخ الإسلام ابن تيمية التي سبق نشرها، فقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن ليلة القدر، وهو معتقل بالقلعة قلعة الجبل سنة 706، فأجاب رضي الله عنه:
(الحمد لله. ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: (هي في العشر الأواخر من رمضان)، وتكون في الوتر منها.
- لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتُطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
- ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى)، فعلى هذا: إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين: تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين: سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح... ).

■ فالخلاصة: أنَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ... في خامسة تبقى)، معناه: ليلة (ست وعشرين) الآتية، وبذا فسر أبو سعيد الخدري الحديث، وهو أعلم بالعدد منَّا، وقد صام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان.

■ فإن قلت لي: فلماذا هي من أرجى الليالي عندك؟
أقول لك: لأنَّ كثيرًا من الناس يغفل عنها، أو يتهاون بها، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خصّها بالتنبيه، في حديثين، في الصحيحين!
ومع ذلك فيعتني بها المحبون، والصادقون فيما يطلبون، والحريصون، وليلة القدر شريفة جدًّا.. وثوابها عظيم جدا، وسلعة الله غالية.

فلا يبعد أن يخص الله بها من يخصّه.
فاللهم لا تحرمنا..
واقبلنا في الطائعين يا كريم!!
عبد الباسط سجعي:

يا اخوة، أنفقوا مما تحبون ..

اخواننا في غزة في كارثة ومصيبة لا يفوق أهوالها إلا يوم القيامة، والدينار الذي تنفقه في سبيلهم لن يوقف قتلهم ولن يحميهم من القصف.
لكن ما تنفقه قد يطعم يتيما أو يستر أرملة أو يساهم في التخفيف عن جريح أو مصاب.

لا يوجد عمل في غزة ولا مصادر دخل للناس وحال الحرب يجعل الحصول على اللقمة عذابا يوميا لذا أي مساهمة تصنع الفارق، رغيف خبز اضافي يصنع الفارق، ضمادة جرح أو قرص دواء أو لتر وقود أو قليل من الحطب يصنع الفارق.

نحن في تقصير عظيم وكارثي تجاه اخواننا فلا نضيع حتى أقل الواجب الذي نستطيع اداءه.
هل المساهمات المالية تكفي؟ لا .. ولكنها ضرورية وواجبة

وقد رأيت كثيرا من الاسئلة المتداولة حول مصداقية الموضوع وجدواه فهذه اجوبتها:

كيف تصل المساهمات رغم أن الحدود والمعابر مقفلة؟
نحن في سنة 2025 والاموال لا يتم ارسالها كصرة من الذهب، في غزة ورغم كل الفوضى والدمار لازالت بعض الحسابات البنكية تعمل مما يمكن الناس من استقبال الاموال. أيضا يوجد تجار واصحاب صرافات يقومون بالتحويل من الخارج للداخل، كما يتم استخدام العملات الرقمية للتحويل دون الحاجة للبنوك والاوراق المالية

المعابر مقفلة فما الذي يستفيده الناس من المال اذا لم تتوفر المواد الغذائية؟
الناس تتدبر امورها، فترة التهدئة دخلت فيها كميات من المواد الغذائية يتداولها الناس ويتصرفون بالموجود. المال ليس مطلوبا فقط من اجل الغذاء. شراء الدواء يحتاج مالا، ركوب مواصلات او نزوح يحتاج مالا، الوقود من اجل السيارات والمولدات ومضخات مياه الابار يحتاج مالا، الحصول على خيمة يحتاج مالا .. وما يزيد الامر سوءا ان الحرب والحصار تجعل اسعار السلع والخدمات مضاعفة فحتى حين تتوفر السلعة أو الخدمة يعسر على الناس تحصيلها لغلاءها

توجد مؤسسات دولية ودول يمكنها دعمهم فما الداعي لارسال دراهمي المعدودة؟
بعيدا عن كون تلك الدراهم قد تكون عتق رقبتك من عظيم الحساب الذي ينتظرنا امام رب العباد، وبعيدا عن كون الواجب فرض عين لا يجزئ فيه غيرك عنك، عظم الكارثة في غزة يتطلب مجهود كل مسلم لعله يخفف شطرا بسيطا جدا من العذاب الذي يعيشه اخواننا

ما الذي يضمن لي ان الاموال ستصل، لربما من يستلمها سوف يسرقها؟
يوجد في كل بلد من الجمعيات والهيئات التي يعرفها الناس وانتشر بما لا يمكن التشكيك فيه جهدهم وسعيهم لايصال المساهمات لاهلنا في غزة. فقط ابذل قليلا من الجهد في التبين والاستفسار ثم توكل على الله ولا تترك الشيطان يأتيك من هذه الفجوة بحيث يجعل الورع الكاذب والحرص الزائد يمنعك من الخير ويحجزك عن اداء واجبك

الكثير من اهل غزة يقولون لم يصلنا شيئ، فأين هي الأموال التي يرسلها الناس؟
الجواب بسيط، الكارثة في غزة كبيرة لدرجة انه لو سخرت اربع او خمس دول كبيرة كل جهدها لاغاثة الناس هناك فلن تكفيهم، فالمنطقي والبديهي ان جمعيات اهلية معظمها يعمل بامكانيات متواضعة ويعتمد على المتطوعين لن يسد حتى 10% من الحاجة والبقية لن يصلهم شيئ، وان وصلهم اليوم فلن يصل غذا

المساهمة بالمال لا تكفي، لما تضحك على الناس وتدفعهم نحو أمر بسيط وغير مؤثر كهذا ؟
والله ان كان في يدك ان تفعل اكثر من المساهمة المالية ولم تفعله فحسابك بين يدي خالقك، اذا كنت تستطيع الفعل بيدك او بلسانك او بقلمك او بمنصبك فالبديهي ان تفعل ما يجب دون ان تنتظر احد. افعل ما تستطيع فعله واترك من لا يستطيع يساهم بماله فقط، او ساهم بالفعل والقول والمال فيجتمع لك الاجر كله وتكون قدوة ومثالا

انا لا اعرف اين اتبرع، كيف اوصلي ما معي من مال لمستحقيه؟
ان كنت لا تعرف فاسأل، جزء من واجبك ان تسعى بصدق وفي زمننا هذا الحصول على المعلومة جد سهل، ان لم تجدها في مواقع التواصل تستطيع الاتصال بالهاتف، ان لم يكفك الهاتف تستطيع الذهاب بقدميك الى احدى مقار او مكاتب الجمعيات والمؤسسات.

يا اخوان .. انفقو مما تحبون، وانفاقنا ليس منة او صدقة أو تبرعا، بل هو واجب لازم على كل مسلم بالغ مستطيع ..
يا اخوان .. بلغو الرسالة وحرضو من حولكم على الانفاق وساعدو من لا يعرف كي تصل مساهماته
يا اخوان .. هذه ايام الله واخواننا في كرب عظيم فلا أقل من ننفق من اموالنا ما يخفف بعضا من كربهم
يا اخوان .. الله الله في اخوانكم في الدين اذ استنصروكم، الا ننصرهم ينزل علينا الله غصبا من عنده او يحبط اعمالنا فنكون من الخاسرين
يا اخوان .. رب دينار تنفقه اليوم يقيك يوم الحساب من عذاب شديد
هذه الليلة هي أرجى الليالي أن تكونَ ليلةَ القدر، عندَ طائفةٍ كبيرةٍ من الصحابة والعلماء.

وإذا كان غالبُ ظنِّ الناس أنّ ليلتَنا هذه هي ليلةُ القدر، فينبغي أن يكونَ اجتهادُهم فيها زائدًا عن المعتاد، بل أن يكونَ غايةَ الاجتهاد والصبر والمصابرة.

والتعبد ليس على شرط اللذة والمتعة، بل الأصل في التعبد المشقة، فإن حصلت اللذة والمتعة فهو نور على نور، والأجر مكتوبٌ -إن شاء الله- على كل حال، بل ربما ضُوعِفَ أجرُ مَن تَثقُل عليه العبادةُ إذا حملَ نفسَه عليها وصبرَ، قياسًا على أن الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران.

و"الترندات" لن تفوتك، بعدَ الفجر ستجدها موجودةً كما هي، بل تزيد كل ساعة، يمكنك حينها أن تغوصَ فيها إلى صدرك..
ورحمة ربك خير مما يجمعون..

ورحمةُ اللهِ واسعةٌ، وسعَت كلَّ شيء..
ومَن حُرِمَ خيرَ ليلةِ القدر فقد حُرِمَ..
ولا يَهلكُ على الله إلا هالك.
شرفُ هذه الأمة الباقي، وبقيةُ عِزِّها، في أولئك الأُباةِ الواقفين على كل ثغرٍ، يُفَدُّونَ حِمَى الأمةِ بأنفسِهم، يحملون أرواحَهم على أكفِّهم، يأخذون حِذرَهم وأسلحتَهم..

ولئن ضيعتموهم اليومَ، فارتقبوا ذُلًّا -على هذا الذل الشديد- مضاعفًا عاجلًا قريبًا، ذُلًّا ستتمنون معه الموت ولا تجدونه.

"اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشيدًا يُعَزُّ فيه وَليُّك، ويُذَلُّ فيه عدوُّك، ويُعمل فيه بطاعتك ورضاك.."
غروب آخر أيام رمضان 1446
[لِلصّائِمِ فَرْحَتانِ يَفْرَحُهُما:
إِذا أَفْطَرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ، وإذا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.]
___
حديث شريف

والفرح شعورٌ قلبي، يُلقيه اللهُ في قلوب عباده، وهو من آيات العيد، فسبحان الخالق!
ولا ينافي الفرحُ بشعيرة، الحزنَ على مُصاب..
2025/06/30 09:18:32
Back to Top
HTML Embed Code: