-يرىٰ الله أخاديدَ الحُزنِ الَّتِي توارت فِي جدار قَلبك، يعلمُ الله ندبات الحَنين الَّتي مَا فتِئت تستحثّ دمعك، وإنْ كُنت تبدُو للجَميع بكامل ابتسَامتك، لَكنْ الله لاَ يخفىٰ عليْهِ ما يخفىٰ عَليهم!

أنتَ الَّذِي قَاومت ألَّا يظهَر طَرف حُزنك، لم يغِب عَنْ مُخيلتك وَهج حديث: "ومن يتصبّر يُصبّره الله" ولهذَا تصبّر".

«العُمر كلّه مَيدان..
والصّادق يختار دربه، ويَكتُبُ سيرَتَه بقَلَمٍ مِن تَعَب! تَتَّسِعُ مَيادين الفتىٰ على قَدرِ هِمّته، وتَعلو جهدًا بحَجم قِمَّته، وتَعُمُر أثرًا على قدر إخلاصه، وتُثمِرُ جَنَّةً بعد طول نَفَس! لذلك انتبه؛ أنت ابنُ لحظتك، ونَتاج خَلوَتك، وصناعة سَجدَتك، فاجتهد عليك،
وإن رُمتَ السّماء
لا تُطِل وقوفًا على الأرض!».

"سَيُنبت الله مكان الجرح زهرًا وسَتُمطر دُنيا واقعك ما كان يوماً حُلماً ، وسَيُغادر حُزنك ويغدو فرحك دومًا؛ فقط تفاءَل

مضَت سنوات علىٰ تواجدنا هُنا ولَم نُحقّق مَا تمنّيناه!

الدُّنيا تَمرّ بِنا مرّ السَّحاب، كلّها دقَائق ونَرحل، يكفي ما ضَاع مِن عُمرنا في تفَاهات، سنُحاسَب علىٰ كلّ صَغيرة وكَبيرة، سنُحاسَب علىٰ ضيَاع أوقاتنا.

بينَما نَحن نضيُّع أوقَاتنا هُنا، غَيرنا يبنِي طريقًا للعُلىٰ في الآخِرة.

ونحنُ عَلىٰ فِراش المَوت سنتذكَّر أيَّامنا الضَّائعة، سنتَمنَّىٰ بأن يُطال فِي عُمرنا ولو سَاعة أو دَقيقة لنَعمل صالحًا، لنسَبِّح تَسبيحة، لنصلِّي رَكعة!

المَوت شَديد وسكَراته أشَدّ، فلنتذكَّر المَوت وكرْبَته، والقَبر ووَحشَته، والمَوقف وغمته..
واللّٰـه لَو تذكَّرنا المَوت في كلِّ لَحظة؛ مَا طَاب لَنا العَيش.

فلنتَّقِ اللّٰـه في أنفُسنا ولنَعمل صالحًا، فهَذا ذُخرُنا وزَادُنا ليومٍ تشخَصُ فِيهِ الأبصَار.

1446 هـ
عام هجري جديد ؛ عام جديد لا
نعلم خفاياه ولكننا نعرف من مدبره ونثق به.. فاللهم اكتب لنا فيه الخير والرزق والتوفيق.. اللهم كافئنا بعد الصبر، وأسعدنا بعد الحزن، وأرحنا بعد التعب، ولا تغير علينا الحال إلا لأحسنه .. يا رب عام جديد بلا لحظات حزينة، ولا أصدقاء مزيفين.. يا رب عام جديد بلا فقد ولا خيبات بلا ذكريات صعبة، بلا غياب.. يا رب عام يغمره السلام والطمأنينة والسكينة.

في الوَقت المُناسب ستأتيك الأمنيات المؤجلة لِترسم في قلبك فرحًا مختومًا بقوله تعالى ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾

الله لن يلهمك الدُّعاء بشيء لا يريده لك!
فإذا ألهمت الدُّعاء فإنَّ الإجابة معه..

واعلم:

أنَّ الله إذا أراد بعبده خيرًا ألهمه الدُّعاء.

لو كانَ الأمرُ بالمنطق، لَمَا ضربَ موسى عليه السلام بعصاه البحر حتى ينفلِقَ فيصير كل فِرقٍ كالطود العظيم، لكن الأمرَ بقوّة الإيمان، وبحسن الظن بالله؛ وما كان الله في كفّةٍ إلا ربحتْ، فهل لابن آدمَ أن يطلب أجمل من أنْ يكونَ مُعانًا على أمرِه؟

لَا تيأسوا إذا أخر الله ما تُحبون , ولا تتأذوا مِن مَرارة القَدر , ولَا تحزنوا إذا أُجبرتم عَلى تَعايش وَضع قَد يؤلمكم , بل اصبروا وابتسموا , فـ الله سبحانه قال بكل رحمة "إِنَ مَعَ العُسرِ يُسرَا" .. الله يُدبر لكم في الغيب أمور لو عَلمتموها لبكيتم فرحاً , فـ هوناً على قلوبكم وأبشروا.

لا تحزن مهما كانت الخسائر في عُمرك، مهما فاتتك أشياء تحبّها، مهما طال انتظار الأماني، مهما كانت ظروفك صعبة، لا يهتزّ إيمانك العظيم بربك، سيعطيك الله فوق ما تحلم ما دمتَ تدعوه وتحسن ظنّك به وتبذل الأسباب، سيرضيك رضا تنسى معه ما فات،
إن الله على كل شيء قدير

"فبعد العَتمَةِ الظَّلماءِ نورٌ
‏ وطولُ الليلِ يعقبهُ الضياءُ
‏ أمانينا لها ربٌ كريمٌ
‏إذا أعطى سيُدهِشُنا العطاءُ"

يُطيِّرُ قلبي الفرح عندما أرى اللهَ يُرضي أحدًا بشيءٍ كان ينتظره، البسمةُ المتوتّرة على الوجه، اللمعةُ الجميلة في العينين، والارتباك السعيد ليدين بُسِطتا طويلًا للدعاء فلم ترتدَّا صفرًا.

-‏ شيماء هشام سعد

‏مساء الخير ثمَ يارب الرِّضا العميق والطمأنينة الدائِمة وقُوّة التوكّل بِك وجميل البشارات الآتية منك

إذا خلوت من الناس، وسهل عليك الوصُول إلى الحرام، وأصبحت الشهوات تأتيك من كل ميدان، ودعاك محبّ السوء، فتذكر ربك الذي أحياك، وسوّاك من العدم، وأنت في أصلك نطفة صُغرى، وإياك أن تعظم رؤية الناس، وتصتغر رؤية الله؛ فتدخل في هذه الآية وتهلك:
‏(يستخفُّون من النَّاس ولا يستخفُّونَ من الله وهوَ معهم).

{إنّا كلّ شيءٍ خلَقناه بقَدَر}
منهج حياتنا مرسوم بدِقّة وكل متاعبُنا وأحزاننا بقدَر وحِكمة.. ولن تطول أبداً.. {وكل شيء عندَهُ بمِقدار}.. فاملَؤوا قلوبكم باليقين وامضوا مُطمَئنّين ، فكل أقدار الله خير وإن أَوجَعتكُم.. صباح اليقين بأنّ رحمة الله أوسَع من متاعب الحياة كلها..

«لا تُهوِّن علينا رغبَاتنا المؤجَّلة وأحلامنا الشّاهقة، واجعَلْ أحزاننا -مهما تعاظمتْ- برحمتك تتلاشىٰ، اغمُرْ هذه الأوجاع بحنانِك، واكسِرْ هذا الشّك بصلابة اليقين، اِجعلْنا قادرين علىٰ العيش مهما تقلَّصتْ الأسباب، ومهما شحَّ الشَّغف، بلّغنا الوصول رغم استحالته، قصِّر المسافات، وقرّبنا لما نسعىٰ إليه!»

"المشغولُ بالمُقارنة محرومٌ من السكينة
رحلاتُنا مختلفة ، أهدافُنا مختلفة ، الصِعاب مختلفة ، الثمن مختلف ، وأرزاق الله لنا وعطاياه مختلفة
فاختر الرضا يهُن عليك العبور .

تأخُذنا الحياة بطريقةٍ ما، انشغالاتها، مراحلها، تقلباتها، ظروفها.. يقلّ الوصل، وتضمحل بعض الروابط، وتنتهي أُخرى، حتى إذا ما أعادتك لحظة لعزيز، لا يزل يُناديك بالنداء الذي تُحبّ ويحفظ عنك ما تُحبّ، يأخذك بالحنان ويرعاك بالترفق، هذه البقايا الأخيرة آخر وأعزّ ما يشفي غليل القلب.

ستُدرك يومًا ما، أن الضغينة والحسد الذي تحمله في قلبك تجاه مَن أنعَم الله عليه مِن خير وفتح وتوفيق، لن تنفعك ولن ترفعك ولن تُقدِّم من رِزقك شيئًا ولو شبرًا، ستُدرك حينها أنَّ سلامة القلب وصفاء النيَّة وتمنِّيك الخير للغير هي من تسوق لك الخير كُلّه أضعافًا مُضاععة.