Telegram Web Link
لا تُحاسِبْني على تَصَرّف واحِد في لَحْظَة غَضَب ؛ لِتَهدِم به عِشْرَة سِنِين عَدَدا !

💎 فَنَبِيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام لَمّا رَأى ما وقَع فيه قَومُه مِن الْمُنكَر العَظِيم : ألْقَى الأَلْوَاحَ التي فيها الوَحي ، وزيادة على ذلك : شدّ وجَرّ رأسَ ولِحْيَةَ أخِيه الذي يَكبُره بِثلاث سِنين !
(وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ)
فما كان مِن هَارون عليه الصلاة والسلام إلاّ أن قال : (يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)
وأبْدَى عُذرَه وتَخَوّفَه : (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ)

📚 " رُوِي أنّ مُوسَى عليه الصلاة والسلام لَمّا جَاءَ قَوْمَه بِالأَلْوَاحِ فَوَجَدَهُم قَد عَبَدُوا الْعِجْل ، ألْقَى الأَلْوَاحَ غَضَبًا فَتَكَسّرَت ، فَنَزَعَ مِنْها مَا كَان صَحِيحًا وَأخَذ رُضَاضَ مَا تَكَسّر فَجَعَلَه فِي التّابُوت " .
(الجامع لأحكام القرآن : تفسير القرطبي)

🔶 قال ابن القيم رحمه الله :
لَمّا قَدِم موسى عليه السلام ورَأى ما أصَاب قومَه مِن الفَتنة اشتَدّ غَضَبُه ، وألْقَى الألْوَاح عن رأسِه ، وفيها كلامُ الله الذي كَتَبَه له ، وأخَذ بِرَأس أخِيه ولِحْيَتِه ، ولَم يَعتَبِ اللهُ عليه في ذلك ؛ لأنه حَمَله عليه الغَضَب لله .
وكان الله عزّ وَجَلّ قد أعْلَمَه بِفِتْنَة قومِه ، ولكن لَمّا رأى الْحَال مُشَاهَدَةً حَدَث له غَضَبٌ آخَر ، فإنه ليس الْخَبَر كَالْمُعَايَنَة .
(إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)

🔵 وقال ابن القيم أيضا بعد أن ذَكَر ما كان مِن موسى عليه الصلاة والسلام : مِن إلقاءِ الألْواح ، ولَطْمِ عينِ مَلَكِ الْمَوت ، وأخذِه بِلِحْيَةِ هارونَ وجَرِّه إلَيه وهو نَبِيّ :
وكلُّ هذا لم يُنْقِص مِن قَدرِه شيئًا عند ربّه ، وربّه تعالى يُكْرِمُه ويُحبّه ؛ فإنّ الأمرَ الذي قامَ به موسى ، والعَدوَّ الذي بَرَز له ، والصّبرَ الذي صَبَره ، والأذى الذي أُوذِيَه في الله = أمْرٌ لا تُؤثّرُ فيه أمثالُ هذه الأمور ، ولا يُغَبَّرُ بِه في وَجْهِه ، ولا يَخفِضُ مَنْزِلَتَه .
وهذا أمْر مَعلُوم عِند الناس ، مُستَقِرّ في فِطَرِهِم : أنّ مَن له ألُوفٌ مِن الْحَسَنات فإنه يُسَامَح بِالسّيئة والسّيّئتَيْن ونَحوِها حتى إنه لَيخَتَلِجُ دَاعِي عُقوبَته على إساءته ، ودَاعِي شُكْرِه على إحسانه ؛ فيَغْلِب دَاعِي الشّكْر لِدَاعِي العُقُوبة ، كما قِيل :
وإذا الْحَبيب أتَى بِذَنْبٍ واحِد ... جاءت مَحَاسِنُه بِألْفِ شَفِيع
وقال آخر :
فإن يَكُن الفِعْل الذي سَاء واحِدًا ... فأفْعَالُه اللاّئي سَرَرْنَ كَثِير
والله سُبحانه يُوازِن يوم القيامة بَيْن حَسَنات العَبدِ وسَيّئاتِه ، فأيّهمَا غَلَب كان التأثير له ؛ فيَفعَل بِأهْل الْحَسَنات الكَثِيرة ، والذين آثَرُوا مَحَابّه ومَرَاضِيَه - وغَلَبَتْهُم دَواعِي طَبعِهِم أحيانا - مِن العَفو والْمُسَامَحَةِ ما لا يَفعَله مع غيرِهم .

🌓 وقال أيضا :
مِن قَواعِد الشّرع والْحِكْمَة : أنّ مَن كَثُرَت حَسَناتُه وعَظُمَت ، وكان له في الإسلام تأثيرٌ ظاهِر ، فإنه يُحتَمَلُ له ما لا يُحتَمَل لِغيرِه ، ويُعفَى عنه ما لا يُعفَى عن غَيرِه ...
ومِن هذا : قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَر رضي الله عنه : وما يُدرِيك لَعَلّ الله اطلعَ على أهل بدرٍ فقال : اعمَلُوا ما شئتم ، فقد غَفَرتُ لكُم ...
ولَمّا حضَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الصّدَقَة ، فأخْرَج عثمانُ رضي الله عنه تلك الصّدَقَةَ العظيمة ، قال : " ما ضَرّ عُثمَانَ ما عَمِل بعدها " .
وقال لِطَلْحَة [أي: النبي صلى الله عليه وسلم] لَمّا تَطَأطَأ للنبيّ صلى الله عليه وسلم حتى صَعدَ على ظَهْرِه إلى الصّخْرَة [أي: يوم أُحُد] : " أَوْجَبَ طَلحَة " .
(مفتاح دار السعادة)

🕯 غَضِيض الطّرْف عن هَفَوَاتِي
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=16793
Audio
لا تُحاسِبْني على تَصَرّف واحِد في لَحْظَة غَضَب ؛ لِتَهدِم به عِشْرَة سِنِين عَدَدا !
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لا تُحاسِبْني على تَصَرّف واحِد في لَحْظَة غَضَب ؛ لِتَهدِم به عِشْرَة سِنِين عَدَدا !
إذا كان هذا كَرَم العَبْد ، فكيف يكون كَرَم أكْرَم الأكْرَمِين سبحانه وتعالى ؟!

💎 قال عَلِيُّ بنُ الْمُوَفَّق : حَجَجْتُ فَنَظَرْتُ إلى أهْل الْمَوْقِف بِعَرَفَاتٍ وَضَجِيج أصْوَاتِهِم فَقُلْت : اللّهُمّ إنْ كَان فِي هَؤُلاء أحَدٌ لَم تَقْبَلْ مِنْه حَجّتَه فَقَد وَهَبْتُ لَه هَذِه الْحَجّةَ لِيَكُون ثَوَابُها لَه ، قال : فَبِتّ تِلْك اللّيلَة بِالْمُزْدَلِفَة فَرَأَيْتُ رَبّيَ عَزّ وَجَلّ فِي الْمَنَام فقال لِي : يَا عَلِيُّ بن الْمُوَفّقِ عَلَيّ تَتَسَخّى ؟! قَد غَفَرْتُ لأَهْلِ الْمَوْقِفِ وَمَثَلِهِم وَأضْعَافِ ذَلِك ، وَشَفَّعْتُ كُلّ رَجُلٍ مِنْهُم فِي أهْل بَيْتِه وَخَاصّتِه وَجِيرَانِه ، وَأنَا أهْلُ التَّقْوَى وَأهْلُ الْمَغْفِرَة . رواه أبو نُعيم في " حِلْيَة الأولياء " والبيهقي في " شُعَب الإيمان " .

وفي رواية : رَأيْتُ لَيْلَة فِيمَا يَرَى النّائِم كَأنّي أقُول : هَل قُبِل حَجّ الْخَلْق ؟ فَكَأنّ قَائِلا يَقُول : قَد قُبِل حَجُّ الْخَلْق كُلّهِمْ غَيْر رَجُل وَاحِد ، قال : فَقُلْتُ : تَقَبّلَ حَجّتِي ؟ قال : قَد قُبِلَت حَجّتُك ، قال : فَقُلْتُ فِي نَوْمِي : يَا رَبّ ، يَا رَبّ ، قَد وَهَبْت لَه حُجّتِي حَتى لا يَخِيب ، قال : فَهَتَفَ بِي هَاتِف : عَلَيّ تَتَسَخّى ؟ قال : قَد رَدَدْتُ عَلَيْك حَجّتَك ، وَقَبَلْتُ حَجّتَه .

🔶 ولَمّا خَرَجَ عَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ إلَى ضِيَاعه ينظر إلَيها ، فَإذا فِي حَائِطٍ لنَسِيْب لَه عبْدٌ بِيَدِه رَغِيف ، وَهُوَ يَأْكُل لقمَة ، وَيطرح لكَلْب لقمَة ، فَلَمّا رَأى ذَلِك اسْتحسَنه ، فقال له : لِمَن أنْت ؟
قال : لِمُصْعَب بن الزّبَير .
قال : وَهَذه الضيعَة لِمَن ؟
قال : لَه .
قال : لَقَدْ رَأيْتُ مِنْك عجبا ، تَأكُل لُقمَة ، وَتطرح لِلْكَلْب لُقمَة ؟!
قال : إنّي لأستَحيِي مِن عَيْنٍ تَنظُر إليّ أنْ أوثِر نَفْسِي عَلَيها .
قَالَ: فَرَجَعَ إلى المَدِيْنَة ، فَاشترَى الضّيعَة وَالعبد ، ثُمَّ رَجَعَ ، وَإذا بِالعبد .
فقال : إِنّي قَد اشْتَرَيْتُك مِنْ مُصْعَب .
فَوَثَبَ قَائِماً ، وقال : جَعَلنِي الله عَلَيْك مَيْمُوْن الطّلعَة .
قَال : وَإنّي اشْتريت هَذِه الضّيْعَة .
فقال : أكمل الله لَك خَيْرها .
قال : وإنّي أُشهد الله أنّك حُرّ لِوَجْه الله .
قال : أحسَن الله جَزَاءك .
قال : وَأُشهد الله أنّ الضّيعَة مِنّي هديّة إلَيك .
قال : جَزَاكَ اللهُ بِالْحُسنَى .
ثُمّ قال العَبْد : فَأُشهد الله وَأُشهدك أنّ هَذِه الضّيعَة وَقْفٌ مِنّي عَلى الفُقَرَاء .
فَرَجَع عَبْد الله بن جَعْفَرٍ وَهُو يَقُول : العَبْد أكْرَم منّا !
(سِير أعلام النبلاء ، للذهبي)

🔵 عبد اللهِ بن جَعْفَر رضي الله عنهما هو الذي قِيل عنه : الْجَوَادُ ابنُ الْجَوَادِ ذِي الْجَنَاحَيْن .
وقيل عنه أيضا : وَكَانَ كَبِيْر الشَّأن ، كَرِيْماً ، جَوَاداً ، يَصْلُحُ لِلإمَامَة .
(سِير أعلام النبلاء ، للذهبي)
Audio
إذا كان هذا كَرَم العَبْد ، فكيف يكون كَرَم أكْرَم الأكْرَمِين سبحانه وتعالى ؟!
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
إذا كان هذا كَرَم العَبْد ، فكيف يكون كَرَم أكْرَم الأكْرَمِين سبحانه وتعالى ؟!
هذا عفو مَخلُوق وعَطاؤه ، فكيف بِعفْو العَفو العظيم ، وعَطاء ذِي الْجَلال والإكْرام ؟

💎 أَسَرَ مُصعب بن الزبير رَجُلاً ، فأمَر بِضَرْبِ عُنُقِه ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، ما أقْبَح بِمِثلِي أن يَقوم يوم القيامة فيَتَعَلّقَ بِأطْرَافِك الْحَسَنَة ، وبِوَجْهك الذي يُستَضَاء بِه ، فأقول : يا ربّ ، سَلْ مُصْعَبا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فقال مُصعب : يا غُلام ، اعْفُ عنه ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، إن رأيتَ أن تَجعَل ما وَهبْتَ لي مِن حياتي في عَيش رَخِيّ ، قال : يا غُلام ، أعطِه مائة ألْف ، فقال الرّجُل : أعَزّ الله الأمير ، فإني أُشْهِد الله وأشْهِدك أني قد جَعَلتُ لابن قَيْس الرّقَيّات منها خَمسِين ألفًا ، فقال له مًصعب : ولِمَ ؟ قال الرّجُل : لِقَولِه فِيكَ :
إنما مُصعب شِهاب مِن الله *** تَجَلّت عن وَجْهِه الظّلْمَاء
رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وابن الجوزي في " الْمُنتَظَم " .

🔵 إذا كان هذا التّذَلُّل لِمَخْلُوقٍ أدّى إلى العَفْو عنه ، وإكْرَامِه ، فكيف بِمَن تَذَلَّل لأكرَمِ الأكْرَمِين ، وأرحَمِ الرّاحمين سبحانه وتعالى ؟!

📚 قال ابن كثير رحمه الله : وَقَدْ كَان مُصْعَبٌ مِنْ أجْوَدِ النَّاسِ وَأكْثَرِهِمْ عَطَاء ، لا يَسْتَكْثِرُ مَا يُعْطِي وَلَوْ كَانَ مَا عَسَاهُ أنْ يَكُونَ ; فَكَانَتْ عَطَايَاهُ لِلْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالْوَضِيعِ وَالشَّرِيفِ مُتَقَارِبَة .
وَقِيل : إنّ أخَاهُ عَبْدَ اللّه كَان إذَا كَتَب لأحَدٍ جَائِزَةً بِأَلْفِ دِرْهَم جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مِائَة ألْف دِرْهَم .
(البداية والنهاية)
Audio
هذا عفو مَخلُوق وعَطاؤه ، فكيف بِعفْو العَفو العظيم ، وعَطاء ذِي الْجَلال والإكْرام ؟
4_5832269376958498470.mp4
3.6 MB
هذا عفو مَخلُوق وعَطاؤه ، فكيف بِعفْو العَفو العظيم ، وعَطاء ذِي الْجَلال والإكْرام ؟
قال : " عسى " .. فتَحقّق له جَمِيل الرّجاء

💎 قال خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا)
فَلَم يكن شَقِيّا ، فقد رَزَقه الله المال والوَلَد على كِبَر ، ونَجّاه الله مِمّا يَخاف ويَحذَر .

💎 وقال نَبِيّ الله يعقوب عليه الصلاة والسلام : (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا)
فجَمَع الله شَمْلَهم ..

💎 وقال نَبِيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام : (عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)
فأدرَك مأمَنَه ومُتْعَتَه ..

💎 وقال المؤمن لِصاحِبِه الكافر : (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا)
فَكَانت العاقبة للمؤمِن : (هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا)

💡 قال الزمخشري : ويَجوز أن يكون المعنى : هُنَالِك الوَلاية لله يَنصُر فيها أولياءه المؤمنين على الكَفَرة ، ويَنْتَقِم لَهم ، ويَشفِي صُدُورَهم مِن أعدائهم ، يَعنِي : أنه [تعالى] نَصَر فيما فَعَل بِالكَافر أخَاه المؤمِن ، وصَدّق قوله : (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ) ، ويَعضُدُه قَوله : (خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) أي : لأوْلِيائه .
(تفسير الكشّاف)

🔘 وقال أصحاب الْبُسْتَان الْمُشْتَمِلِ على أنواع الثّمَار : (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) ، فأبدَلَهم الله خَيرًا منها .

💎 قال ابن مسعود رضي الله عنه : بَلَغَنِي أنّ الْقَوْم أخْلَصُوا وَعَرَف اللّهُ مِنْهُم الصِّدْقَ فَأبْدَلَهُم بِها جَنَّةً يُقَال لَهَا : الْحَيَوَانُ ، فِيهَا عِنَبٌ يَحْمِلُ الْبَغْلُ مِنه عُنْقُودًا وَاحِدًا .
(مَعالِم التّنْزِيل : تفسير البغوي)

وقال مُجَاهِد : تَابُوا فأبْدِلُوا خَيْرًا مِنْها .
(البَحر الْمُحِيط ، لأبي حَيّان)

مَن لَهِجَ بـ (عسى) مع صِدْق الرجاء نَالَ الْمُنَى

عَسَى فَرَجٌ يَكُونُ عَسَى ... نُعَلِّلُ أنْفُسًا بِعَسَى
وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْمَرْ ... ءُ مِن فَرَجٍ إِذَا يَئِسَا
(الفرج بعد الشدة ، لابن أبي الدنيا)

يا خَفِيّ الألطاف نَجِّنا مِمّا نَحذَر ونَخَاف
Audio
قال : " عسى " .. فتَحقّق له جَمِيل الرّجاء
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال : " عسى " .. فتَحقّق له جَمِيل الرّجاء
إذا كُنت مُخاصِما ؛ فكُن تَقِيّا ، وإيّاك والفُجُور في الْخُصُومَة ؛ فإن الفُجُور في الْخُصُومَة مِن صِفَات الْمُنافِقِين

⭕️ قيل لعبد الملك بن مروان ، وهو يُحَارِب مُصْعَبًا [أي: مُصعب بن الزبير] : إن مُصْعَبًا قد شَرِب الشّرَاب ، فقال عبد الملك : مُصعب يَشْرَب الشّرَاب ؟! والله لو عَلِم مُصْعَب أن الماء يُنقِص مِن مُرُوءته ما رَوى منه . رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " .

قال عبد الملك بن مروان يوما لِجُلَسائه : مَن أشجَعُ العَرب ؟ فقالوا : شَبِيب ، قَطَرِيّ بن الْفُجَاءة ، فُلان ، فُلان ، فقال عبد الملك : إن أشجَعَ العَرَب لَرَجُلٌ جَمَع بَيْن سُكَيْنة بنت الْحُسين ، وعائشة بنت طَلْحة ، وأمَة الْحَميد بنت عبد الله بن عامر بن كُرَيْز ، وأُمّه رَبَاب بنت أُنَيْف الكَلبي سيّد ضَاحِية العَرب ، ووَلي العِرَاقَيْن خَمْسَ سِنِين ، فأصَابَ ألْفَ ألْف ، وألْفَ ألْف ، وألْفَ ألْف ، وأُعطِي الأمَان فأبَى ، ومَشَى بِسَيْفِه حتى مات ؛ ذلك مصعب بن الزّبَيْر ، لا مَن قَطَع الْجُسُور مَرّة ههنا ، ومَرّة ههنا . رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وابن الجوزي في " الْمُنتَظَم " .

🔴 ولَمّا وُضِع رأس مصعب بن الزبير بين يَدَي عبد الملك بن مروان ، قال :
لقد أردَى الفَوارِس يوم عَبسٍ *** غُلامًا غَيرَ مَنّاعِ الْمَتَاعِ
ولا فَرِحٍ بِخيرٍ إن أتَاه *** ولا هَلِعٍ مِن الْحَدَثان لاعِ
ولا وَقّافَةٍ والْخَيْلُ تَعدُو *** ولا خَالٍ كأنْبُوبِ اليَرَاعِ
فقال الذي جاءه بِرَأسِه : والله يا أمير المؤمنين ، لو رَأيتَه والرّمْح في يَدِه تارَة ، والسّيف تارَة ، يَضرِب بهذا ، ويَطعَن بهذا ؛ لَرَأيت رَجُلا يَملأ القَلبَ والعينَ شَجَاعةً وإقدَاما، ولكنه لَمّا تَفَرّقَت رِجَاله ، وكَثُر مَن قَصَدَه ، وبَقِي وَحْده ، ما زال يُنشِد :
وإني على المكرُوه عند حُضُورِه *** أُكَذِّب نفسِي والْجُفُون لَهُ تُغضِي
وما ذاك مِن ذُل ولكن حَفِيظةً *** أذُبّ بها عندَ الْمَكارِم عن عِرضِي
وإني لأهَلِ الشّرِّ بِالشّرِّ مُرصِدٌ *** وإني لِذِي سِلْمٍ أذلّ مِن الأرضِ
فقال عبد الملك : كان والله كمَا وَصَف نفسَه وصَدَق ، ولقد كان مِن أحَبِّ الناس إليّ ، وأشدِّهم لي إلْفًا ومَوَدّة ، ولكن الْمُلْكَ عَقِيم . رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " .

⚫️ ولَمّا قُتِل مصعب بن الزبير خَرَجَت سُكَيْنَة [زوجته] تَطلُبُه في القَتْلى ، فعَرَفَته بِشَامَةٍ في فَخِذِه فأكَبّت عليه ، فقالت : يَرحَمُك الله ، نِعْم والله حَلِيل الْمُسْلِمة كُنتَ ، أدْرَكَك والله ما قال عَنتَرة :
وَحَلِيل غَانِيَةٍ تَرَكْتُ مُجَدّلاً *** بِالْقَاعِ لَم يَعْهَد وَلَمْ يَتَثَلّمِ
فَهَتَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ إهَابَه *** لَيْس الْكَرِيم عَلَى الْقَنَا بِمُحَرّمِ
رواه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ، ومِن طريقِه : رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " .
Audio
إذا كُنت مُخاصِما ؛ فكُن تَقِيّا ، وإيّاك والفُجُور في الْخُصُومَة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
إذا كُنت مُخاصِما ؛ فكُن تَقِيّا ، وإيّاك والفُجُور في الْخُصُومَة
أكثَرُ خَوْفِ الناس ليس بِكائن !

📌 كم تَخَوّف الناس مِن وُقوع حُرُوب ، أو نُزول بلاء ، أو حُصول فَقْر .. وهذه أشياء مُستقبَلِيّة ، والْمُستقبَل غَيْب ! والثّقَة بالله طُمأنِينة

وكثير مِن الناس يَشتَغِل بِما ضُمِن لَه ، عَمّا أُمِرَ بِه .

💡 أمَا ضُمِن لك الرّزق وأنت في الظّلُمَات ؟
أمَا أتَيْت هذه الدنيا عَارِيا ؟

💎 قال عِيسَى ابْن مَريم عليه الصلاة والسلام : إنّ ابْنَ آدَم خُلِق فِي الدّنيَا فِي أرْبَع مَنَازِل ، هُوَ فِي ثَلاثٍ مِنْهُنّ بِاللّهِ وَاثِق ، حَسَنٌ ظَنّه فِيهِنّ بِرَبّه ، وَهُوَ فِي الرّابِع سَيّئ ظَنّه بِرَبّه ، يَخَاف خِذْلان اللّهِ تَعَالى إيّاه .
فَأمّا الْمَنْزِلَةُ الأُولَى : فَإنّه خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمّه خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْق فِي ظُلُمَات ثَلاث : ظُلْمَة الْبَطْن ، وَظُلْمَة الرَّحِم ، وَظُلْمَة الْمَشِيمَة ، يُنَزّل اللّه تَعَالى عَلَيه رِزْقَه فِي جَوْف ظُلْمَة الْبَطْن ، فَإذا خَرَج مِن الْبَطْن وَقَع فِي اللّبَن لا يَخْطُو إلَيه بِقَدَم ، وَلا يَتَنَاوَلُه بِفَم ، وَلا يَنْهَض إلَيه بِقُوّة ، وَلا يَأْخُذُه بِحِرْفَةٍ حَتى يَنْبُت عَلَيه عَظْمُه ، وَلَحْمُه , وَدَمُه ، فَإذَا ارْتَفَعَ عَن اللّبَن ، وَقَع فِي الْمَنْزِلَة الثّالِثَة ، فِي الطّعَامِ بَيْن أبَوَيْه يَكْتَسِبَان عَلَيه مِن حَلال وَحَرَام ، فَإن مَاتَ أبَوَاه عَن غَيْر شَيء تَرَكَاه ، عَطَف عَلَيه النّاس، هَذَا يُطْعِمُه وَهَذا يَسْقِيه ، وَهَذا يُؤْوِيه ، فإذَا وَقَعَ فِي الْمَنْزِلَة الرّابِعَة ، فَاشْتَدّ وَاسْتَوَى ، واجتمع عليه ، وَكَان رَجُلا : خَشِي أنْ لا يَرْزُقَه اللّه تَعالى ، فَوَثَب عَلَى النّاسِ يَخُون أمَانَاتِهِم ، وَيَسْرِق أمْتِعَتَهُم ، وَيَخُونُهُم عَلى أمْوَالِهِم مَخَافَة خِذْلان اللّه تَعَالى إيّاه .
(القناعة والتّعَفّف ، لابن أبي الدنيا ، وتاريخ دِمشق ، لابن عساكر)

🔵 قال ابن القيم رحمه الله : خَرَجْتَ فَريدًا وَحِيدًا ضَعيفًا ، لا قِشْرةَ ولا لِبَاسَ ، ولا مَتَاعَ ولا مال ، أحْوجَ خَلْقِ الله وأضعفَهم وأفْقَرَهم .
فَصُرِف ذلك اللّبَنُ الذي كنت تَتَغذّى به في بَطْن أُمّك إلى خِزَانَتَيْن مُعَلّقَتَيْن على صَدْرها ، تَحمِلُ غذاءك على صَدْرها كمَا حَمَلتْك في بَطنِها ، ثمّ سَاقَه إلى تلك الْخِزَانَتَيْن ألْطَفَ سَوْقٍ في مَجارٍ وطُرُقٍ قد تَهيَّأت له ، فلا يَزالُ وَاقِفًا في طُرُقِه ومَجَارِيه حتى تَستَوفِي ما في الْخِزَانَتَيْن ، فيَجرِي ويَنسَاقُ إليك ، فهو بِئرٌ لا تَنقَطِعُ مادّتُها ، ولا تَنسَدّ طُرُقُها ، يَسُوقُها إليك في طُرُقٍ لا يَهتَدِي إليها الطّوّاف ، ولا يَسْلُكُها الرّجَال .
فمَن رقّقه لك وَصَفّاه ، وأطَابَ طَعمَه ، وحَسّن لَونَه ، وأحكَمَ طَبْخَه أعدَل إحكَام ؛ لا بِالْحَارّ الْمُؤذِي ، ولا بِالبَارِد الْمُردِي ، ولا الْمُرّ ولا الْمَالِح ، ولا الكَرِيه الرَائحَة ، بل قَلَبَه إلى ضَرْبٍ آخَرَ مِن التّغذِية والْمَنْفَعَة خِلاف ما كان في البَطْن ، فَوَافَاك في أشدّ أوقات الحاجة إليه ، على حِين ظمأٍ شديدٍ وجُوعٍ مُفْرِط ، جَمَعَ لك فيه بَيْن الشّرَاب والغِذاء ؟!
(مفتاح دار السعادة)

🔦 لَعَمْرُك مَا الْمَكْرُوه مِن حَيْثُ تَتّقِي *** وتَخشَى وَلا الْمَحبُوب مِن حَيْثُ تَطمَعُ
وَأكْثر خَوفِ النّاس لَيْسَ بكائنٍ *** فَمَا دَرَكُ الْهَمّ الذِي لَيْسَ يَنَفَعُ ؟!
(الفَرَج بعد الشّدّة ، للتنوخي)
Audio
أكثَرُ خَوْفِ الناس ليس بِكائن !
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أكثَرُ خَوْفِ الناس ليس بِكائن !
شَمَاتَة الأعداء مُؤلِمَة

مِمّا تَحَاشَاه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : شَمَاتَة الأعداء .

⚫️ قال الْحَسَن البصري : مَكَثَ أيّوبُ عليه الصلاة والسلام سَبْعَ سِنِينَ يَمُرُّ بِه الرّجُلُ فَيُمْسِكُ عَلى أنْفِه ، حَتى مَرّ بِه رَجُلان فقالاَ : لَو كَان لِلّه فِي هَذَا حَاجَةٌ لَمَا بَلَغ هَذا مِنه ، فَعِنْد ذَلِك قال : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) . رواه ابن أبي الدنيا في " الصبر والثواب عليه " .

🔶 وقال نَبِيّ الله هارون لأخِيه مُوسى عليهما الصلاة والسلام : (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ)

🔷 ومِن دُعاء عيسى عليه الصلاة والسلام : اللهُمّ لا تُشْمِت بِي عَدُوِّي ، وَلا تَسُؤْ بِي صَدِيقِي ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي ، وَلا تُسَلَّطْ عَلَيّ مَن لا يَرْحَمُنِي . رواه الإمام أحمد في " الزُهد " والبيهقي في " شُعَب الإيمان " .

وكان نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم يتعوّذ بالله مِن شَمَاتَة الأعداء .
💎 ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : تَعَوّذُوا بِاللّه مِن جَهْد البَلاَء ، وَدَرَك الشّقَاء ، وَسُوء القَضَاء ، وَشَمَاتَة الأَعْدَاء . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : كَانَ يَتَعَوّذ مِن سُوءِ الْقَضَاء ، وَمِن دَرَك الشّقَاء ، وَمِن شَمَاتَة الأعْدَاء .

🔹 قال ابن بطّال : شَمَاتَة الأعداء مِمّا يَنْكَأُ القَلْب ، ويَبلُغُ مِن النّفْس أشَدّ مَبْلَغ ، وهذه جَوامِع يَنبَغي للمُؤمِن التعوّذ بِالله منها ، كما تَعوّذ النبي صلى الله عليه وسلم ...
وذُكِر عن أيوب صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن أيّ حَال بَلائه كان أشدّ عليه ؟ قال : شَمَاتَة الأعداء . أعاذنا الله مِن جَميع ذلك بِمَنّه وفَضلِه .
(شرح صحيح البخاري)

🔸 وقال النووي : شَمَاتَة الأعْدَاء هِي : فَرَحُ الْعَدُوّ بِبَلِيّةٍ تَنْزِلُ بِعَدُوّه .
(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج)

💎 وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو : اللهم احفَظنِي بِالإسلام قائما ، واحفَظنِي بِالإسلام قاعِدا ، واحفَظنِي بِالإسلام رَاقِدا ، ولا تُشْمِت بي عَدُوا ولا حَاسِدا ، اللهم إني أسألك مِن كُل خَير خَزَائنه بِيدِك ، وأعُوذ بِك مِن كُلّ شَرّ خَزَائنه بِيدِك . رواه الطبراني في " الدعاء " والحاكم وصححه ، ومِن طريقِه : رواه البيهقي في " الدعوات الكبير" .
وحسّنه الألباني بِمَجمُوع طُرُقه .

💎 ومِن هذا الباب : استِعاذَتُه صلى الله عليه وسلم مِن خِزي الدنيا .
فقد كان مِن دعائه صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ أحْسِنْ عَاقِبَتَنا فِي الأمُورِ كُلِّهَا ، وَأجِرْنا مِن خِزْيِ الدّنيا ، وَعَذَابِ الآخِرَة . رواه الإمام أحمد وابن أبي عاصم في " الزهد " وابن حِبّان والحاكم .

اللهم إنّا نعوذ بِك مِن شَمَاتَة الأعداء .
اللهم لا تُشمِت بِنا عَدُوّا ولا حاسِدا .
2025/07/07 19:29:56
Back to Top
HTML Embed Code: