Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#حديث اليوم

- عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: *((يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ؛ ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يا عِبَادِي، إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ.))*
وفي روايةٍ: *((إنِّي حَرَّمْتُ علَى نَفْسِي الظُّلْمَ وعلَى عِبَادِي، فلا تَظَالَمُوا.))*


الراوي: أبو ذر الغفاري
المحدث: مسلم
المصدر: صحيح مسلم

خلاصة حكم المحدث: *[صحيح]*
__

*شرح الحديث*:
الظُّلمُ أنواعٌ، أعظَمُها الشِّركُ باللهِ تعالَى؛ قال اللهُ سُبحانَه: *{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}* [لقمان: 13]، ومِنها: ظُلمُ العَبدِ لِنَفسِه بفِعلِ المعاصي والآثامِ، ومنها: ظُلمُ العَبدِ لِغَيرِه بالتعَدِّي على مالِه أو دَمِه أو عِرْضِه.

وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ روى عَنِ اللهِ «تَبارَك وتعالَى»، ومعنى «تَبارَك» أي: تَكاثَرَ خيْرُه، وظَهَر في هذا الخيرِ بعضُ أثرِه، «وتعالَى» أي: ارتفَعَ عن مُشابَهةِ المخلوقينَ،

فقال سُبحانَه وتَعالَى: *«يَا عِبادِي»* فخاطَبَ عِبادَه مِن الثَّقلينِ الإنسِ والجِنِّ،

*« إنِّي حرَّمْتُ»* أي: منعْتُ *«الظُّلمَ على نَفْسِي»* والظُّلمُ هو وَضعُ الشَّيءِ في غيرِ مَوضعِه، وقدْ تَقدَّس اللهُ سُبحانه عن ذلك وتعالَى عليه، فهو في حقِّه مَستحيلٌ،

*«وجعلْتُه بيْنَكم مُحَرَّمًا»* أي: حكَمْتُ بِتَحريمِه فيما بيْنَكم وألْزَمْتُه إيَّاكم، فإذا عَلِمتُم ذلك فلا يَظلِمْ بعضُكم بعضًا، وهذا تَوكيدٌ لقولِه تعالَى: *«وجعَلْتُه بيْنكم مُحرَّمًا»* وزِيادةُ تَغليظٍ في تَحريمِه.

*«يا عِبادي، كلُّكم ضَالٌّ»* أي: كلُّكم مُبتعِدٌ عن طَريقِ الهُدى، وعن كلِّ كَمالٍ وسَعادةٍ دِينيَّةٍ، ودُنيويَّةٍ، *«إلَّا مَن هديْتُه»*، وظاهرُ هذا أنَّهم خُلِقوا على الضَّلالِ إلَّا مَن هَداهُ اللهُ تعالَى، وفي الحديثِ المشهورِ المتَّفَقِ عليه: *«ما مِن مَولودٍ إلَّا يُولَدُ على الفِطرةِ، فأبواهُ يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه»* والجمعُ بيْنهما أنَّ المرادَ هنا: وَصْفُهم بما كانوا عليه قبْلَ مَبعَثِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّهم لو تُرِكوا وما في طِباعِهم مِن إيثارِ الشَّهواتِ والرَّاحةِ وإهمالِ النَّظرِ في مَصنوعاتِ اللهِ تعالَى؛ لَضَلُّوا،

وأنَّ الهدايةَ لِمَنْ حصَلتْ إنَّما هي مِن عندِ اللهِ لا مِن عندِ نفْسِه، وهذا يَقتضِي أنَّ جميعَ الخلقِ مُفْتقِرونَ إلى اللهِ تعالَى في جلْبِ مَصالِحهم ودفْعِ مَضارِّهم في أُمورِ دِينِهم ودُنياهم، وأنَّ العِبادَ لا يَملِكونَ لِأنفُسِهم شيئًا مِن ذلك كلِّه، وأنَّ مَن لم يَتفضَّلِ اللهُ عليه بِالهَدى والرِّزقِ؛ فإنَّهُ يُحْرَمُهما في الدُّنيا، ولذلك قال: *«فَاستهدُوني أُهدِكم»* أي: سَلوني الهدَى واطلُبوه مِنِّي أُوفِّقكم لِلهدايةِ.

ولمَّا فَرَغ سُبحانه مِن الامتنانِ بالأمورِ الدِّينيَّةِ، شَرَع في الأمورِ الدُّنيويَّةِ تَكميلاً للمَرْتبتينِ، مُقتصِرًا على الأمرينِ الأهَمَّينِ منها، وما هو أصلٌ فيها، ومُكمِّلٌ لِمنافعِها، ولا يُسْتغْنى عنهما؛ وهما: الأكلُ واللُّبْسُ،
فقال: *«يا عِبادي كلُّكم جائعٌ»* مُحتاجٌ إلى الطَّعامِ *«إلَّا مَن أطعَمْتُه»* فبَسَطْتُ عليه الرِّزقَ، وأغْنَيْتُه؛ وذلك لأنَّ النَّاسَ عَبيدٌ لا يَملكونَ شيئًا، وخَزائنُ الرِّزقِ بِيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فَمَنْ لا يُطعِمُه بِفضلِه بَقيَ جائعًا،

*«فَاستطعِمُوني»*، أي: اطلُبوا الطَّعامَ وتَيْسيرَ القُوتِ مِنِّي، *«أُطعِمكم»*، أي: أُيَسِّر لكم أسبابَ تحصيلِه،

ثمَّ قال: *«يا عبادي»* وكَرَّره للتَّنبيهِ، *«كلُّكم عارٍ»* مِن اللِّباسِ والسِّترِ مُحتاجٌ إلى سَترِ عَورتِه

*«إلَّا مَن كسوتُه»* فرزَقْتُه الكسوةَ، فاطْلُبوا مِنِّي الكسوةَ، أُيسِّرْ لكم سَتْرَ عوْرَاتِكم وأُزِلْ عنْكم مَساوئَ كشْفِ سَوءاتِكم، وكلُّ هذا مِن التَّنبيهِ على فَقرِنا وعَجْزِنا عن جَلبِ مَنافعِنا ودَفعِ مَضارِّنا بأنفُسِنا،

إلَّا أنْ يُيسِّرَ اللهُ ذلك لنا بأنْ يَخلُقَ ذلكَ لنا ويُعِينَنا عليه، ويَصرِفَ عنَّا ما يَضُرُّنا، وهو تَنبيهٌ على مَعنى قولِه: «لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيمِ»، ممَّا يُوجِبُ التَّوكُّلَ على اللهِ في الرِّزقِ المتضمِّنِ جَلْبَ المنفعةِ.

ثمَّ قال سُبحانه: *«يا عبادي، إنَّكم تُخطِئون»* أي: تُذنِبونَ *«بِاللَّيلِ والنَّهارِ وأنا أغفرُ الذُّنوبَ جميعًا»* فهو الغفورُ الَّذي يَمْحو ذُنوبَ التَّائبينَ

*«فَاستغْفِروني»* أي: اطْلُبوا مِنِّي المغفرةَ أَغْفِر لكم» ذنوبكم

*«يا عِبادِي، إنَّكم لَن تبلُغوا ضُرِّي فَتَضرُّوني ولَن تَبلغوا نَفْعِي فَتَنفَعُوني»* وهذا يعني: أنَّ العبادَ لا يَقدِرونَ أنْ يُوصِّلُوا إلى اللهِ نَفعًا ولا ضُرًّا؛ فإنَّ اللهَ تعالَى في نفْسِه غنِيٌّ حميدٌ لا حاجةَ له بِطاعاتِ العبادِ ولا يعودُ نفعُها إليه، وإنَّما هم يَنتفعونَ بها ولا يَتضرَّرُ بِمعاصِيهم، وإنَّما هم يَتضرَّرونَ بها.

*«يا عِبادي لو أنَّ أوَّلَكم»* مِنَ الموجودِينَ *«وآخِرَكم»* مِمَّنْ سَيُوجدُ، وَقِيل: مِنَ الأمواتِ والأحياءِ، والمرادُ جميعُكم،

*«وإِنْسكم وجِنكم كانوا على أَتقَى قَلْبِ رجلٍ منكم»* أي: لو اجتَمَعْتُم على عِبادتي،

*«ما زاد ذلك في مُلْكي شيئًا»* وهو بيانُ أنَّ اللهَ سُبحانه لا يَحتاجُ إلى شَيءٍ مِن عِبادةِ العِبادِ، بلْ هُم الَّذين يَحتاجُون إليه،

*«يا عِبادي، لو أنَّ أوَّلَكم وآخِرَكم وإنسَكم وجنَّكم كانوا على أَفْجَرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ منكم»* فاجتَمَعْتُم كلُّكم على عِصياني ما ضَرَرْتُموني،

و *«ما نَقصَ ذلك»* ؛ فإنَّه لا تَزيدُه طاعةُ المطيعِ، ولا تَنقُصُه مَعاصي العاصي، فهو سُبحانه غَنيٌّ عن عِبادِه.

*«يا عبادي، لو أنَّ أوَّلَكم وآخِرَكم، وإِنْسَكم وجِنَّكم قاموا»* أي: اجتمعوا جميعا في أرضٍ واحدةٍ ومُقامٍ واحدٍ، وقيَّدَ السُّؤالَ بالاجتماعِ في مَقامٍ واحدٍ؛ لأنَّ تَزاحُمَ السُّؤالِ وازدحامَهم ممَّا يُدهِشُ المسؤولَ، ويَبْهَتُه، ويُعسِرُ عليه إنجاحَ مَطالبِهم،

ولكنَّ ذلك يَسيرٌ في قُدرةِ اللهِ وسَعةِ خَزائنِه، فإنَّهم لو وَقَفوا ذلك الموقفَ، فطَلَبوا كلُّهم أجمعونَ مَطالِبَهم، فأعطى سُبحانه كلَّ إنسانٍ وكذا كلُّ جِنِّيٍّ مسألَتَه، في آنٍ واحدٍ ومكانٍ واحدٍ ما نَقصَ ذلك الإعطاءُ مِمَّا عندي إلَّا كَالنَّقصِ أو كَالشَّيْءِ الَّذي يَنقصُه المِخْيَطُ -وهو ما يُخاطُ به الثَّوبُ كَالإبرةِ ونحوِها- إذا أُدخِلَ البحرَ؛

فإنَّ البحرَ إذا غُمِسَ فيه إبرةٌ، ثُمَّ أُخرجَتْ لم يَنقُصْ مِنَ البحرِ بِذلك شيءٌ، والمرادُ بهذا ذِكرُ كَمالِ قُدرتِه سُبحانه، وكَمالِ مُلكِه، وأنَّ مُلْكَه وخَزائنَه لا تَنفَدُ، ولا تَنقُصُ بالعطاءِ، ولوْ أعْطى الأوَّلِين والآخِرِين مِن الجِنِّ والإنسِ جميعَ ما سَألوه في مَقامٍ واحدٍ.

*«يا عبادي، إنَّما هي أعمالُكم أُحصِيها»* أي: أَحفظُها وأَكتُبُها عليكم، ثُمَّ أُعطيكم جزاءَ أعمالِكم يومَ القيامةِ وافيًا تامًّا؛ إنْ خيرًا فَخيرٌ، وإنْ شرًّا فَشَرٌّ

*«فمَنْ وَجدَ خيرًا»* أي: تَوفِيقَ خَيرٍ مِن ربِّه وعمَلَ خَيرٍ مِن نفْسِه *«فَلْيحمدِ اللهَ»* على تَوفيقِه إيَّاه لِلخيرِ؛ لأنَّه الهاديَ،

*«ومَن وَجدَ غيرَ ذلك»* أي: شرًّا -ولم يصرِّحْ به؛ تحقيرًا له وتنفيرًا عنه- فلا يَلومَنَّ إلَّا نفْسَه؛ لأنَّه صدَرَ مِن نفْسِه أو لأنَّه باقٍ على ضلالِه.


*وفي الحديثِ:* قُبحُ الظُّلمِ.

*وفيه*: أنَّ جميعَ الخلقِ مُفتقِرُون إلى اللهِ تعالَى في جلْبِ مصالِحِهم، ودفْعِ مَضارِّهم في أمورِ دِينِهم ودُنياهم.

*وفيه*: أنَّ اللهَ تعالَى يُحبُّ أنْ يَسألَه العبادُ ويَستغفِرُوه.

*وفيه*: أنَّ مُلكَه عزَّ وجلَّ لا يَزيدُ بِطاعةِ الخلْقِ ولا يَنقصُ بِمعصيَتِهم.
*وفيه:* أنَّ خَزائنَه سُبحانه لا تَنفَدُ ولا تَنقُصُ.

*وفيه*: أنَّ ما أصابَ العبدَ مِن خيرٍ فَمِن فضْلِ اللهِ تعالى، وما أصابَه مِن شرٍّ فَمنْ نفسِه وهَوَاه.
*وفيه:* حثُّ الخلقِ على سَؤالِ اللهِ وإنزالِ حوائجِهم به.
*وفيه*: ذكْرُ كمالِ قُدرتِه تعالَى وكمالِ مُلكِه.
___
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
اذا كنت في طريق الدعوة الى الله .. فأنت في حماية الاهية .. فاصدع بما تأمر و لا تخشى شيئا
#حديث اليوم


- انْتَهَيْتُ إلَيْهِ وهو في ظِلِّ الكَعْبَةِ، يقولُ: *((هُمُ الأخْسَرُونَ ورَبِّ الكَعْبَةِ، هُمُ الأخْسَرُونَ ورَبِّ الكَعْبَةِ))*. قُلتُ: ما شَأْنِي؟! أيُرَى فِيَّ شَيْءٌ؟ ما شَأْنِي؟! فَجَلَسْتُ إلَيْهِ وهو يقولُ، فَما اسْتَطَعْتُ أنْ أسْكُتَ، وتَغَشَّانِي ما شاءَ اللَّهُ، فَقُلتُ: مَن هُمْ بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: *((الأكْثَرُونَ أمْوالًا، إلَّا مَن قالَ هَكَذا، وهَكَذا، وهَكَذا.))*


الراوي: أبو ذر الغفاري
المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري

خلاصة حكم المحدث: *[صحيح]*
__
*شرح الحديث*:

جعَلَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى المالَ رِزقًا لعِبادِه، به تَقومُ حَياتُهم وشُؤونهم، إلَّا أنَّ فيه أيضًا بلاءً واختبارًا مِنَ اللهِ عزَّ وجَلَّ لعبادِه بعد أن بَيَّن لهم واجباتِهم في المالِ.

وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو ذرٍّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِع النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ وهو في ظِلِّ الكعبةِ: *«هُمُ الأخسرونَ ورَبِّ الكعبةِ، همُ الأخسرونَ وربِّ الكعبةِ»*،

فلَمَّا سمع أبو ذَرٍّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ ذلك، ظنَّ أنَّه يَقصِدُه، فتَساءلَ رضِيَ اللهُ عنه عن حالِ نفْسِهِ، وهلْ يَرى فيهِ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيئًا جَعَلَه يَنعَتُه بأنَّه مِنَ الخاسرينَ؟

وظَلَّ هكذا حتَّى تَغشَّاهُ ما شاءَ اللهُ، أي: أصابَه مَكْروهٌ مِن خَوْفِه، فما استطاعَ أنْ يَسكُتَ حتَّى سَألَ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن مَقصودِه بِالأخسرينَ، فقالَ له: مَن همْ بِأبي أنتَ وأمِّي يا رَسولَ اللهِ؟

أي: فِداكَ أَبي وأُمِّي، فبَيَّنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الأَخسرِينَ الَّذين خَسِروا أموالَهم أو ثَوابَ زَكاتِهم، همْ أصحابُ المالِ الكثيرِ، إلَّا الَّذين يُنفِقونَ منه ويُخرِجونَ حَقَّه الشَّرعيَّ،

وأشارَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الجِهاتِ الأربَعِ: أمامَه وخَلْفَه، ويمينَه وشمالَه، كما في روايةٍ في الصَّحيحينِ، وهي إشارةٌ إلى تَعدُّدِ وُجوهِ البِرِّ والنَّفقةِ الَّتي يَجِبُ أنْ يُنفِقَ فيها أصحابُ الأموالِ الكثيرةِ.

*وفي الحَديثِ:* الحثُّ على الصَّدقةِ في وُجوهِ الخيرِ وعدمِ الاقتِصارِ على نَوْعٍ واحدٍ مِن وجوهِ البِرِّ.

__
🔹️ العمل الصالح ينشرح له القلب 🔹️

قال ابن القيم رحمه الله: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: (إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه؛ فإن الرب تعالى شكور، يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه، وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول).

📘 فائدة من كتاب لطائف الفوائد؛ للشيخ أ.د #سعد_الخثلان
#حديث اليوم

-  أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ تَصَدَّقَ بفَرَسٍ في سَبيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فأرَادَ أنْ يَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَأْمَرَهُ، فَقالَ: *((لا تَعُدْ في صَدَقَتِكَ))*. فَبِذلكَ كانَ ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهمَا لا يَتْرُكُ أنْ يَبْتَاعَ شيئًا تَصَدَّقَ به، إلَّا جَعَلَهُ صَدَقَةً.


الراوي: عبدالله بن عمر
المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري

خلاصة حكم المحدث: *[صحيح]*
__
*شرح الحديث*:

الصَّدقةُ ابتِغاءَ وَجْهِ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن أفضَلِ أعمالِ البِرِّ وأعْلاها أجْرًا، ومِن ثَمَّ لَزِمَ المُتصدِّقَ أنْ يَحتسِبَ عندَ اللهِ صَدَقتَه، ويَرْجو بها ما عِندَ اللهِ مِن خَيرٍ وبَرَكةٍ، ويَلزَمُ مِن ذلك ألَّا يَتطلَّعَ إليها أو يَطلُبَ إعادتَها لمُلْكِه ثانيةً.

وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ الله بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أباه عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه تَصدَّقَ بفرَسٍ،

يَعني: أَعْطى رجُلًا فرَسًا يُقاتِلُ عليه في سَبيلِ اللهِ تعالَى، فوَجَدَ فَرَسَه يُباعُ، وإنَّما ساغَ للرَّجلِ بَيعُه؛ لأنَّه حَصَلَ فيه هُزالٌ أعْجَزَه عن اللَّحاقِ بالخَيلِ وضعْفٍ عن ذلك، وانْتَهى إلى حالةِ عدَمِ الانتِفاعِ به،

وفي الصَّحيحَينِ أنَّه: «ملَّكُه إيَّاهُ»؛ فلذلك ساغَ بَيعُه، فلمَّا وَجَدَه عمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنها يُباعُ، ظَنَّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الرجُلَ سيَبيعُه برُخصٍ، وأنَّه ليس قادرًا على تَحمُّلِ مَؤُونتِه، فأراد عُمَرُ أنْ يَشتَرِيَه،

واستشارَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك، فنَهاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن شِرائِه، وقال: *«لا تَعُدْ في صَدَقتِك»*؛ لأنَّك أخْرَجْتَه للهِ سُبحانَه، ولا يُمكِنُ للإنسانِ أنْ يَشتريَ صَدَقتَه؛ لأنَّ ما أخْرَجَه الإنسانُ للهِ لا يَعودُ فيه، فتَرَكَه عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه.

ولهذا كان ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه إذا اشْتَرى شَيئًا ممَّا تَصدَّقَ به، لا يَترُكُه في مُلْكِه حتَّى يَتصدَّقَ به، وكأنَّه فَهِمَ أنَّ النَّهيَ عن شِراءِ الصَّدَقةِ إنَّما هو لمَن أرادَ أنْ يَتملَّكَها، لا لِمَن يَرُدُّها صَدَقةً مرَّةً أُخرى.

*وفي الحديثِ:* فضْلُ الحَمْلِ في سَبيلِ اللهِ تعالَى، والإعانةِ على الغزْوِ بكلِّ شَيءٍ.
*وفيه*: النَّهيُ عن شِراءِ الصَّدقةِ؛ لأنَّه يُعَدُّ رُجوعًا عنها.
🔹فضل الإكثار من ذكر الله تعالى🔹

عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى، قال: «ذكر الله تعالى».
أخرجه الترمذي بسند صحيح.
2025/06/29 19:14:38
Back to Top
HTML Embed Code: