Telegram Web Link
حوار حول عقوبة الرجم

(2) قرآنه .. وراء ظهره :



📗 لعل ( الشحارير) هم أبرز من ينكرون عقوبة الرجم

📘دعك من شحرور وشلته ..
هؤلاء قصتهم قصة
لا نتفق معهم على أصول الإسلام فضلا عن أحكام الحدود ..

📗 هم يقولون أن حد الرجم غير موجود في القرآن

📘لكن الرجم موجود في القرآن الكريم

📗أي قرآن تقصد !!؟ أو قد معك قرآن غير قرآننا !!!؟

📘لا لا ..
اطمئن ليس معنا غير هذا القرآن الذي بين أيدينا

📗وكيف تقول أن الرجم موجود فيه !!!؟؟ والله ما به آية تحكم برجم الزاني


📘بل هناك آيات كثيرة .. لكنها تحتاج لقلوب مفتوحة
ألم يقل الله تعالى :
(( إن في ذلك لذكرى ..))
لمن؟
((...  لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ))

📗شكلك مصاب اليوم بالحمى !!!
وتحتاج علاج .. أي آيات تقصد! !!؟
ممكن تذكرها لي
من فضلك ؟

📘الآيات كثيرة ومنها :
قوله تعالى :
(( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ...))
وقال :
(( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ...))
وقال سبحانه : (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم))
وغيرها من الآيات الكثيرة


📗أهااااا قصدك الآيات القرآنية التي تأمر بطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام والاقتداء به ...
قل هكذا
بدلا من أن تجعلني أظن أن الحمى قد بلغت دماغك وجعلتك تهذي بالكلام !!!

📘إن الذي يهذي بالكلام ..
ويمكنك تصنيفه ضمن المجانين
هو ذلك الآدمي الذي يدعي أنه يتبع القرآن ثم يقرأ عشرات الآيات الآمرة بطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام فلا يجعل لها اعتبارا ويرميها كلها وراء ظهره .


...
حوار حول عقوبة الرجم

(3) التنكيل بالمجرم
على الطريقة الشحرورية
!!


📗لكن شلة (شحرور) يريدون آية صريحة خاصة بالرجم

📘صدقني لو أتيتهم بآية صريحة لحرفوا معناها وجعلوا المقصود بالرجم يعني ( المراجمة بالكلام ) أو ( رجم المجرم إلى السجن وإغلاق الباب عليه ) أو (طرده من البيت ) ...
أو غير ذلك من الاختراعات والخزعبلات التي يتحفونك بها

📗وليش تتهمهم بذلك! !!؟
وتتجنى عليهم! !!؟
وكيف توقعت ذلك ؟
هل قد رأيت منهم تحريفا مثل هذا! !!؟

📘نعم ..
قد سمعت هذا المفهوم للرجم من لسان شحرور نفسه .
وصدقني المسألة عندهم ليست مسألة (قرآن) وإنما اتباع للهوى وتحريف للدين

وإذا أردت مثالا أوضح يمكنك أن تناقشهم حول حد (السرقة)الذي ورد بالنص الصريح في القرآن والسنة النبوية
قال تعالى :
(( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم))
ماهو حد السارق الذي تفهمه من الآية ؟


📗الآية وااااضحة
السارق تقطع يده
والقطع يكون من الرسغ حسب الهدي النبوي


📘رضي الله عنك!
ذا الحين .. اقنع لي شلة شحرور بصحة هذا الحكم

📗ليش !!!؟ أيش يقولون هم! !؟

📘قالوا قطع يد السارق هو منعه من السرقة من خلال وسائل أخرى

📗مثل أيش؟

📘مثل :
- حبسه
- صرف مرتب له
- توظيفه .


📗 يااااو !!!
عاد الحبس يعتبر عقوبة ..
لكن صرف الراتب أو منحه درجة وظيفية فهذه مكافأة له ..!!!

طيب .. والمسروق يكافأ مثل السارق أم يعاقب! !!؟

📘هم يركزون دائما على المجرم ..
وقلوبهم رقيقة عليه
ولا يهمهم المعتدى عليه

بالنسبة للشخص المسروق :
عليه أن يحترم نظام العدالة الشحروري وألا يصرخ في وجه السارق ويشرشح به بين الناس لأن هذا عيب!!!!
وإساءة لمشاعر المجرم المحترم! !!!


📗 دوم لك دوم !!!
ما عصيد مثل عصيد !!!

طيب يا صاحبي خلانا من الرجل المسروق ..
الرجّال قاهو رجّال
وسيتحمل المصيبة

لكن الأطفال والنساء الذين فجعهم السارق وأخافهم وربما هددهم

📘هؤلاء ستصرف لهم المحكمة الشحرورية ( إبرة ) من حق الفجيعة مجااااانا ولن يدفعوا ريالا واحدا ثمنا لها

هل رأيت كرما أعظم من هذا! !!؟

📗يعني السارق يمنح درجة وظيفية
والمسروق يمنح إبرة من حق الفجيعة !!!!!

ما على هذا الخبر :
سيصبح الناس كلهم لصوص
وبدلا من فتح مدارس للتعليم
ومعاهد مهنية لاكتساب الحرف

سنفتح معهدا ( شحروري ) للتدرب على اللصوصية والفوز بدرجة وظيفية
لتصبح هذه الطريقة أقصر طريق لنيل الوظيفة! !!!
ويكون معايير التوظيف على حسب ( خفة اليد) والحصول على (شهادة خبرة ) من رئيس عصابة سابق!!!

فهل يتفق هذا مع قوله تعالى :
(( جزاء بما كسبا نكالا من الله))
نكااال يا صاحبي نكاااال

هل النكال من الله
يكون بهذه الطريقة! !!؟
وهل ختم الآية باسمي العزيز الحكيم يتناسب مع طريقتهم هذه! !!؟

📘أحسنت
لفتة رائعة لسياق الآية
سمى الله إهلاك فرعون بالغرق (نكالا) من الله
وسمى ما وقع لأصحاب السبت من المسخ والهلاك ( نكالا )
فالنكال عقوبة رادعة تجعل المجرم يرتدع وتلقن أهل الشر درسا لا ينسونه
به يعتبر من لا يعتبر
والشحارير نكلوا بالسارق فأعطوه وظيفة

  بالنسبة لي أنا سأدعو لكل الشحارير أن ينزل الله على عقولهم نكالا من عنده
وهم ورزقهم

...
حوار حول عقوبة الرجم

(4) كيف تصل لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة؟

📘سيقول لك المصاب بالحمى الشحرورية أن الوظيفة ستمنع السارق من السرقة .. لأنه لم يسرق إلا لانعدام الدخل المادي عنده

📗هذه كذبة معسبلة
كم من فقير معدم شريف عفيف اليد! !!؟
وكم من مسؤول يسرق أموال الدولة !!!؟
وكم من مدير يسرق من ميزانية الشركة! !!!؟
ما لو كل موظف سيمتنع عن السرقة إن الدنيا بخير .

📘حسب الرؤية الشحرورية
إذا سرق الموظف فمعنى ذلك أن راتبه لا يكفيه ووظيفته لا تغطي احتياجاته


📗طيب والحل! !!؟


📘الحل يتم ترقيته إلى درجة وظيفية أرقى ويصرف له راتب أعلى

📗وإذا لم يقتنع وواصل السرقة ..!! ؟؟

📘 يتم مواصلة ترقيته حتى يصبح الأمين العام للأمم المتحدة

..
ديوان الشيخ 🇾🇪 pinned «حوار افتراضي مع شحروري حول عقوبة رجم الزاني المحصن [ حنبة اليهودي] 🌱 ماهي عقوبة الزاني عندكم ؟ 🍂 عقوبة الزاني عندنا هي ما ورد في القرآن الكريم في سورة النور قال الله تعالى : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ...)) 🌱 يعني الزاني يجلد…»
مقام الأنبياء

أوجب الله على خلقه عبادته ورتب على ذلك الثواب لمن أطاعه و العقاب لمن عصاه .
ولكي تقام عليهم الحجة فقد أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه
قال تعالى :(( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا))
وقال سبحانه :(( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون على الناس حجة بعد الرسل ..))

وقد اصطفى الله هؤلاء الرسل من البشر وخصهم بالرعاية والعناية لتقوم بهم الحجة ويتحقق بهم (البلاغ المبين) للرسالة
وقد انقسم الناس أمام هؤلاء الرسل إلى طرفين ووسط بحسب نظرتهم للأنبياء
الطرف الأول :
نظروا إلى بشريتهم وعموا عن نبوتهم

الطرف الثاني :
عميت عيونهم عن بشرية الرسل ونظروا إلى نبوتهم .

والطرف الوسط :
هم الذين نظروا إلى بشريتهم ونظروا أيضًا إلى ما ميزهم الله به من وحي النبوة

وقد رفع كل فريق شعارا له

فالطرف الأول شعاره :
( ما أنتم إلا بشر مثلنا)
وهذا هو شعار المتمردين على الرسل من كل الأمم
وقد تكرر ذلك على ألسنة المكذبين من قوم نوح وقوم ثمود وقوم صالح وقوم شعيب وغيرهم ومواضع ذلك في القرآن لا تخفى
وقد جاء ذلك في آية جامعة قال فيها رب العزة سبحانه :
"أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
* ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ"

وقد كانت هذه النظرة مانعا لهم من الإيمان قال تعالى:
"وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا" [الإسراء : 94]

ثم تدرج بهم الحال للحكم على ما جاء به الرسول من كتاب فقال قائلهم:
(( إن هذا إلا قول البشر))
ومرة قالوا :(( إنما يعلمه بشر))

والطرف الثاني رفع شعار :
(النبي ابن الله) تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
وفي مقابل استهانة الطرف الأول بالأنبياء جاء الطرف الثاني فغلوا في الأنبياء فاتخذوهم أربابا من دون الله ونسبوهم إلى الله فقالوا ( عزير ابن الله)  وقالوا ( المسيح ابن الله)
وقالوا ( إن الله ثالث ثلاثة) تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

بينما أهل الوسط :
قالوا هو ( عبد الله ورسوله)
عبد فلا يعبد .. ورسول فلا يكذب .

وقد تضمن القرآن الكريم ردودا على كل من : الجفاة والغلاة
كما تضمن تأصيلا للنظرة الصحيحة للأنبياء وهذا ما سنبينه في الرسالة التالية إن شاء الله
منهج القرآن :
في النظر إلى الرسل
عليهم الصلاة والسلام

*-------------------*

أولًا : أنهم بشر :

وهذا أمر معلوم غير أنه قد ورد في القرآن الكريم في سياق الرد على الغلاة أو الجفاة وذاك بصور متعددة :

👤 باللفظ الصريح :
-أمر الله نبيه أن يقول ذلك لقومه قال تعالى :
(( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ..))

-وأكد الرسل جميعا ذلك
قال تعالى :(( قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ...))

-وقال نوح لقومه :
(( ولا أقول لكم إني ملك ..))


👤 ذكر صفات بشريتهم :
ومنها :
👈🏽-حاجتهم للطعام والشراب والمسكن :
قال تعالى :(( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ..))
وذكر ذلك في حق عيسى وأمه مريم عليهما السلام حيث قال سبحانه :(( كانا يأكلان الطعام ..)) وذلك للرد على من نسب لهما الألوهية.

👈🏽-حاجتهم للأزواج والذرية :
قال تعالى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ" [الرعد : 38]

👈🏽-حاجتهم للمؤازر والمعين :
قال عن موسى :(( واجعل لي وزيرا من أهلي ..))
وقال لوط :(( لو أن لي بكم قوة ..))
وقال يوسف (( اذكرني عند ربك... ))
وقال لنبيه :(( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين))

👤- تعرضهم للآفات البشرية :
مثل :

👈🏽 النسيان :
قال تعالى :(( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ..))
ولما وقع من الرسول عليه الصلاة والسلام نسيان تعليق الأمر بمشيئة الله قال له :(( واذكر ربك إذا نسيت ..)) وحتى لا يكون ذلك مدخلا لأهل الكتاب ذكر في السورة نفسها قصة موسى عليه السلام مع الخضر وفيها قوله :(( لا تؤاخذني بما نسيت ..)).

👈🏽 المرض :
قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام :
(( وإذا مرضت فهو يشفين))
وأيوب عليه السلام مسه الضر.

👈🏽 تعرض الشيطان لهم :
فقد وسوس لأبينا آدم عليه السلام
وقال أيوب عليه السلام :(( إني مسني الشيطان بنصب وعذاب ..)).

👈🏽 تأثير السحر :
قال تعالى عن موسى عليه السلام :(( يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ..)).

👈🏽 مشاعر الخوف والحزن والضيق والفزع :
قال تعالى عن يعقوب عليه السلام :(( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ))
وقال عن موسى قبل البعثة :(( فخرج منها خائفا يترقب ..))
وقال عنه بعد البعثة :(( فأوجس في نفسه خيفة موسى))
وقال الله عن نبيه :(( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ..))
(( لا تحزن عليهم ولا تك في ضيق ...))
وقال عن داود عليه السلام :(( ففزع منهم ..))

👈🏽تعرض أتباعهم وجنودهم للانكسار أو الهزيمة في بعض معاركهم مع أعدائهم :
كما وقع للمسلمين يوم أحد


👈🏽انتهاؤهم للموت أو القتل :
قال تعالى :(( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ))
وقال :(( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم ..))
وتعرض بعضهم للقتل كما قال تعالى عن اليهود :(( ويقتلون النبيين...))
وذكر محاولتهم قتل نبي الله عيسى عليه السلام (( وما قتلوه ولا صلبوه ولكن شبه لهم))

..
تابع ..
منهج القرآن في النظر للرسل
عليهم الصلاة والسلام

ثانيًا :
التأكيد على عبوديتهم لله تعالى :


ومما جاء في القرآن حول هذا الموضوع :

👈🏽 وصفهم الله بالعبودية :
وقد جاء ذلك في وصف عدد من الأنبياء منها
قوله تعالى:
"وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ" [ص : 45]

👈🏽 ووصف الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام بالعبودية في أشرف المقامات منها :
-مقام الإسراء :(( سبحان الذي أسرى بعبده))
-مقام الدعوة :(( وأنه لما قام عبد الله يدعوه ..))
-تنزيل الكتاب :(( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ..))
-الحماية : (( أليس الله بكاف عبده))
وغيرها من المقامات.

👈🏽 دعوتهم إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له :
وهذا أصل متفق عليه بين جميع الرسل وهو جوهر دعوتهم ومحورها :
قال تعالى :
(( ولقد بعثنا في كل أمة رسول أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ..)).

وقال سبحانه :(( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون))

وقد قام الرسل بذلك خير قيام :
ففي سورة الشعراء ذكر الله تعالى قصص بعضهم وتكرر فيها قول كل نبي لقومه : (( يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ..)).

👈🏽 غيرتهم على التوحيد وبراءتهم من الشرك :
فهذا الخليل عليه السلام يقول الله تعالى عنه :
"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ"

وهذا هود عليه السلام يقول الله عنه : ( قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ" [هود : 54].

ونزلت سورة ( الكافرون) إعلانا للمفاصلة بين الإسلام والشرك .

وكان من مظاهر ذلك :
البراءة من المشركين
قال تعالى:
"مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِصيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ"

👈🏽 إعلانهم عن عدم امتلاكهم لصفات الربوبية والألوهية :
ومن ذلك :

1)-لا يعلمون الغيب :
2)-لا يملكون زمام النفع والضر
قال تعالى:
"قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" [الأعراف : 188]

3)- لا يملكون خزائن الله :
قال تعالى:
"قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" [الأنعام : 50]

وفي توجيهات قرآنية جامعة يقول تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام :
"قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا* قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا"

4)- لا يقدرون على إدخال الهداية لقلوب الناس :
وقد ذكر قصة ابن نوح وآزر عبرة في ذلك
وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام :(( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ..))

ودورهم هو الدعوة والنصح والإرشاد :
قال تعالى حاكيا عن حوار نوح عليه السلام مع قومه :
"وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" [هود : 34]

وتكرر في القرآن بيان أن دورهم البلاغ والتذكير
(( فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر ..))

قال تعالى:
"فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ" [الشورى : 48]

-والرسول نفسه إنما اهتدى بفضل الله :
(( ووجدك ضالا فهدى))

وأمره أن يقول لقومه : "قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"
[الأنعام : 161]
-وحين اشتد حزنه لإعراضهم ورغبته في إسلامهم قال الله له :
"وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ"
[الأنعام : 35]


👈🏽 فعل الخوارق بيد الله :
قال تعالى:
"قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ"
[هود : 33]

واشترط قوم شعيب عليه السلام لصدقه أن يسقط عليهم كسفا فأعاد الأمر لله تعالى
قال الله جل وعلا :
"وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُون))

-والآيات عند الله :
قال تعالى :
﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون﴾ [الأنعام: ١٠٩]

وقال سبحانه:
﴿وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين﴾ [العنكبوت: ٥٠]

..
تابع ..
منهج القرآن في النظر للرسل
عليه الصلاة والسلام


إبراز مظاهر تعبدهم لله تعالى

وهناك مظاهر متعددة لعبوديتهم
ولعلنا نكتفي بإبراز عبودية الدعاء لأهميتها

🌴عبودية الدعاء :

-الأنبياء هم المثال الأعلى في التوجه إلى الله بالدعاء
وفي القرآن الكريم أدعية متعددة جاءت على ألسنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي مناسبات مختلفة
وسنكتفي بذكر بعض تلك الأدعية وهي :

🌴 في طلب المنافع الدنيوية :

-طلب الولد والذرية الصالحة :
قال زكريا :
(( هب لي من لدنك وليا يرثني ...))
وقال الخليل :
(( رب هب لي من الصالحين))

-طلب الرزق والثمرات والأنس بالناس :
في دعاء الخليل :
قال تعالى: "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ" [إبراهيم : 37]


-طلب الأمن :
(( رب اجعل هذا البلد آمنا ..))

- طلب الملك :
(( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي))

-الذكر الحسن :
(( واجعل لي لسان صدق في الآخرين)).

🌴 في دفع المضار :
من ذلك :
-الشفاء من المرض :
كدعاء أيوب عليه السلام : (( رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب))

-تفريج الكرب :
كدعوة يونس في بطن الحوت قال تعالى:
"وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"
[الأنبياء : 88]

-رفع القحط والجدب :
(( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر ...))

- النجاةمن كيد الشياطين :
(( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون))

- النجاة من كيد الأعداء :
كقول يوسف عليه السلام :
(( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين * فصرف عنه كيدهن ..))

وقال شعيب :(( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) )

-ودعا موسى على فرعون وملئه :
﴿وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم۝قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون﴾
[يونس: ٨٨-٨٩]

-ودعوة نوح عليه السلام على قومه المكذبين ولها خصوصيتها بعد امتداد زمن دعوته لهم وإصرارهم على الكفر والتكذيب :
﴿وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا۝إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا۝رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا﴾ [نوح: ٢٦-٢٨]

🌴 دعوتهم لما فيه صلاح دينهم :

-تجنب الشرك :
كقول الخليل :(( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام))
والمراد ببنيه : المتصلين به وليس ذريته بدليل وقوع الشرك في كثير منهم.

-التوفيق للأعمال الصالحة :
(( أدخلني مدخل صدق ..))
(( أوزعني أن أشكر نعمتك ..))
(( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ..))
(( رب زدني علما))
(( و أرنا مناسكنا وتب علينا ..))

-الدعاء بقبول العمل الصالح :
كقول إبراهيم وإسماعيل بعد بناء البيت :(( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ..))

-الثبات حتى الممات :
كقول نبي الله يوسف عليه السلام :
﴿رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين﴾
[يوسف: ١٠١]

🚨التوجه بالدعاء لله تعالى وحده :
يتبين من أدعية الأنبياء أن هديهم هو في التوجه إلى الله بالدعاء
وذلك لأن الدعاء عبادة :
بل من أعظم صور العبادة وقد جعله الله من أشرف العبادات
قال تعالى:
"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" [غافر : 60]

-وقطع الله الواسطة بينه وبين عباده في أمر الدعاء :
قال تعالى:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" [البقرة : 186]

-طلب الدعاء منهم وليس دعاءهم دون الله :
ولرسوخ هذا المفهوم عند أتباع الأنبياء لم يكونوا يدعون النبي من دون الله بل يطلبون من النبي أن يدعو ربه :
كقول قوم موسى عليه السلام :(( ادع لنا ربك يبين لنا مالونها؟ ))

وقال له آل فرعون (( ادع لنا ربك بما عهد عندك ..))
🌴وأمر إجابة الدعاء متوقف على إرادة الله وليس على مراد الأنبياء ولذلك حين دعا النبي صلى الله عليه وسلم على بعض المشركين واستمر يقنت فترة من الزمن أنزل الله عليه :
(( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون))

قال السعدي رحمه الله عند تفسير هذه الآية :
[ لما جرى يوم "أحد" ما جرى، وجرى على النبي صلى الله عليه وسلم مصائب، رفع الله بها درجته، فشج رأسه وكسرت رباعيته، قال "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم" وجعل يدعو على رؤساء من المشركين مثل أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، أنزل الله تعالى على رسوله نهيا له عن الدعاء عليهم باللعنة والطرد عن رحمة الله { *ليس لك من الأمر شيء }* إنما عليك البلاغ وإرشاد الخلق والحرص على مصالحهم، وإنما الأمر لله تعالى هو الذي يدبر الأمور، ويهدي من يشاء ويضل من يشاء،

فلا تدع عليهم بل أمرهم راجع إلى ربهم، إن اقتضت حكمته ورحمته أن يتوب عليهم ويمن عليهم بالإسلام فعل،

وإن اقتضت حكمته إبقاءهم على كفرهم وعدم هدايتهم، فإنهم هم الذين ظلموا أنفسهم وضروها وتسببوا بذلك، فعل،

وقد تاب الله على هؤلاء المعينين وغيرهم، فهداهم للإسلام رضي الله عنهم،

وفي هذه الآية مما يدل على أن اختيار الله غالب على اختيار العباد، وأن العبد وإن ارتفعت درجته وعلا قدره قد يختار شيئا وتكون الخيرة والمصلحة في غيره، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له من الأمر شيء فغيره من باب أولى

ففيها أعظم رد على من تعلق بالأنبياء أو غيرهم من الصالحين وغيرهم، وأن هذا شرك في العبادة، نقص في العقل، يتركون من الأمر كله له ويدعون من لا يملك من الأمر مثقال ذرة، إن هذا لهو الضلال البعيد،

وتأمل كيف لما ذكر تعالى توبته عليهم أسند الفعل إليه، ولم يذكر منهم سببا موجبا لذلك، ليدل ذلك على أن النعمة محض فضله على عبده، من غير سبق سبب من العبد ولا وسيلة، ولما ذكر العذاب ذكر معه ظلمهم، ورتبه على العذاب بالفاء المفيدة للسببية، فقال *{ أو يعذبهم فإنهم ظالمون }* ليدل ذلك على كمال عدل الله وحكمته، حيث وضع العقوبة موضعها، ولم يظلم عبده بل العبد هو الذي ظلم نفسه" ]

والله أعلم


...
🚨بشر .. ولكن ..🚨


عرفنا خلال الرسائل السابقة ما يدل على أن الرسل والأنبياء بشر
فهل لهم صفات وخصائص تميزهم عن غيرهم من البشر ؟

يأتي الجواب في القرآن الكريم مرافقًا لوصف بشريتهم

تدبر معي هذا الحوار بين الرسل وأقوامهم
قال تعالى :
﴿قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين۝قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ [إبراهيم: ١٠-١١]

وهذه الآية منهج قرآني لتناول هذا الموضوع :

فالأقوام يقولون لأنبيائهم
((إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين))

فهل نفى الأنبياء بشريتهم؟
الجواب : لا
بل أثبتوا ذلك قال تعالى :
((قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ))

ثم ذكروا مزيتهم التي امتازوا بها فقالوا :
((ولكن الله يمن على من يشاء من عباده ))
وقد من الله عليهم بالوحي واصطفاهم ليكونوا رسله وأنبياءه
كما قال تعالى :
(( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ...))


ولما طلب القوم من الأنبياء برهانا على صدقهم فقالوا :
((فأتونا بسلطان مبين))

جاءهم الجواب أن هذا الأمر ليس خاضعا لإرادتهم وليس داخلا ضمن قدراتهم بل هو لله تعالى
قال تعالى :
(( وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾

وبناء على ذلك نقول :
الأنبياء بشر اختصهم الله بالوحي



..
🌴حالهم بعد الوحي🌴


لا شك أن حال الأنبياء بعد الوحي يختلف عن قبله
قال تعالى :
(( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون))
وقال سبحانه :
(( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ..)).

ولكن هل اصطفاء الله لهم بالوحي والنبوة والرسالة يخرجهم عن وصف البشرية ويمنحهم أوصاف الربوبية؟


جاءت نصوص الوحي تجيب عن هذا السؤال بما يدل على أن اصطفاءهم بالوحي لا يخرجهم عن البشرية
ومن أدلة ذلك :

💧آيات العتاب :

💧تأخر الوحي عنهم
قال تعالى :(( وما نتنزل إلا بأمر ربك ...))
وتأخر الوحي شهرا في حادثة الإفك.
وتأخر نصف شهر في قصة الإفك.

💧 توقفهم عن فهم بعض ما جاء به الوحي ورد العلم إلى الله :
عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الروح قال : الله أعلم.
ومثله فهم قوله تعالى :(( إن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ...))

💧تأكيدهم على أنهم متبعون للوحي :
(( إن أتبع إلا ما يوحى إلي))


💧امتناع تصرفهم بمضمون الوحي :
(( ولو تقول علينا بعض الأقاويل ...))
(( قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ..))
(( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ))

💧ما كان يطرأ عليهم خلال فترة النبوة والرسالة من صفات البشرية.



..
🌴[شرف الوحي]🌴


( الوحي) والنبوة والرسالة اصطفاء واجتباء من الله وشرف عظيم
قال تعالى :
(( ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ..))
((الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ..))
(( وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار))

وقد أدرك الناس مؤمنهم وكافرهم -إلا من شذ منهم- شرف مقام النبوة حتى قال أبو جهل :
( كنا وبنو هاشم كفرسي رهان حتى قالوا منا نبي...)
وقالوا (( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم * أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ...))
وقال سبحانه :
(( وربك يخلق ما يشاء ويختار ...))
(( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما))

🌴صور الوحي :
قال تعالى :
﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم﴾
[الشورى: ٥١]

بينت الآية ثلاثة أنواع لكلام الله لأنبيائه :
1) الوحي :
والمراد به هنا الإلهام والرؤيا الصالحة في المنام
فرؤيا الأنبياء حق
عندما رأى الخليل عليه السلام رؤياه لذبح ولده إسماعيل عليه السلام قال له إسماعيل :(( يا أبت افعل ما تؤمر ..))
وقال الله :(( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ..))
وقال تعالى :(( إذ يريكهم الله في منامك قليلا ...))

2) كلامه لهم من وراء حجاب :
وذلك كما في حق موسى عليه السلام (( وكلم الله موسى تكليما))
ووقع ذلك لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج قال تعالى :(( ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى))

3) إرسال رسول من الملائكة :
وهو جبريل عليه السلام
قال تعالى :
(( علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى ...))



🌴خصائص الأنبياء :
وبناء على الاصطفاء بالوحي والنبوة والرسالة جاءت بقية المزايا والخصائص
وكلها مرتبطة بشرف النبوة التي اصطفاهم الله لها ثم بما يحقق بلاغ الرسالة بلاغا مبينا
وعليه يمكننا تصنيف تلك الخصائص إلى محورين :

الأول :
الخصائص المتعلقة بتلقي الوحي .

الثاني :
الخصائص المتعلقة بتبليغ الوحي.


يتبع ..
أولا :
الخصائص المتعلقة بتلقي الوحي :


اختص الله أنبياءه بعدد من الخصائص تتعلق بتلقي الوحي ويتحقق من خلال تلك الخصائص ما يلي :

1) تهيئته لتحمل ثقل الوحي ورؤية الآيات الكونية العظيمة .

2) العلم اليقيني بأن ما يتلقاه
وحي من الله ويدرك اختلافه عما يطرأ على الإنسان من الوساوس ومس الشيطان والحالات النفسية

ومن تلك الخصائص :

💧عصمته من الشرك ومواقع الفحش والفجور

وكان ذلك بفضل عناية الله به وما حصل له في صغره من حادثة شق صدره
وإلا كيف يفسر المرء وجود شاب في مجتمع يعج بالشرك ثم لم يؤثر عنه السجود لصنم أو تقديم القربان لها حاله كحال الخليل عليه السلان الذي قال الله فيه :(( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين))
ولقد أطلقت عليه قريش عددا من الأوصاف المنفرة ولم يؤثر عنهم أنهم عيروه باضطرابه بشأن معبوده الذي يتقرب إليه.

كما يتعجب المرء كيف لا تميل نفسه للفحش والخمر والفجور وقد كان كل ذلك متيسرا في المجتمع وهو في ريعان شبابه وأقرانه يمارسون ذلك !!!؟

لفتة :
وقد مالت نفسه لحضور مجالس اللهو مرتين في شبابه ولكنه في كل مرة يغشاه النوم ووقوع ذلك يدل على أن انصرافه عن مجالس اللهو لم يكن ناتجا عن عجز منه أو عيب في خلقته أو انشغال عنه بل عناية الله هي التي تحوطه وترعاه

💧وحي الإلهام :
وكان ذلك الوحي يقع له في اليقظة والمنام وهو نوع من التدرج معه في تلقي الوحي
فقد كان يرى الرؤيا فيجد تأويلها كفلق الصبح
وكان الله يلهمه الصواب في القول كما يعرف من حكمه بين قبائل قريش بشأن بناء الكعبة ووضع الحجر الأسود.
ومثل ذلك تحبيب الخلاء له.

💧آيات مرئية محدودة :
ما كان يراه من الآيات كتكلم الحجر والشجر معه قبل البعثة.

💧حفظ السماء من استراق السمع :
فحرسها الله بالشهب
وقال (( وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون))
وأخبر الله أن الشياطين (( تنزل على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون)) وهذا ممتنع بحق الرسول وما جاء به من الوحي .


💧نزول جبريل عليه السلام :
وبعد تلك الخطوات أذن الله تعالى ببعثته فنزل عليه جبريل عليه السلام وهو في الغار
وحين نقرأ حديث الوحي نجد فيه ما يغرس اليقين بقلبه بأنه نبي ويقطع حبال الشك في ذلك
كما يشير لشيء من الخصائص

يتبع ..
[حديث الوحي]



(ولما كان الوحي هو الأساس الذي تترتب عليه جميع حقائق الدين بعقائده وتشريعاته، وفهمه واليقين به هما المدخل الذي لا بد منه إلى اليقين بسائر ما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – من إخبارات غيبية وأوامر تشريعية؛
👈🏽 حقيقة الوحي :
ذلك أن حقيقة الوحي هي الفيصل الوحيد بين الإنسان الذي يفكر من عنده، ويشرع بواسطة رأيه وعقله، والإنسان الذي يبلغ عن ربه دون أن يغير، أو ينقص، أو يزيد.

👈🏽سهام التشكيك :
من أجل هذا اهتم محترفو التشكيك في الإسلام بالتلبيس في حقيقته – يعني الوحي – والخلط بينه وبين الإلهام وحديث النفس، بل وحتى الصرع أيضا، وذلك لعلمهم بمكانة الوحي لدى المسلمين، فأخذوا يحاولون تأويل ظاهرة الوحي وتحريفها عما يرويه لنا المؤرخون، وتحدث به صحاح السنة، وإبعادها عن حقيقتها الظاهرة، وراح كل واحد يسلك إلى ذلك ما يروق لخياله من فنون التصورات المتكلفة الغريبة.
فمن متصور بأن محمدا – صلى الله عليه وسلم – لم يزل يفكر… إلى أن تكونت في نفسه بطريقة الكشف التدريجي المستمر عقيدة كان يراها الكفيلة بالقضاء على الوثنية، ومن مفضل على ذلك إشاعة القول بأنه – صلى الله عليه وسلم – إنما تعلم القرآن ومبادئ الإسلام من بحيرا الراهب، ومن قائل أن الأمر ليس هذا ولا ذاك، ولكن محمدا – صلى الله عليه وسلم – كان رجلا عصبيا، أو مصابا بداء الصرع.
ونحن حينما ننظر إلى مثل هذه التمحلات العجيبة التي لا يرى العاقل مسوغا لها إلا التهرب من الإقرار بنبوته – صلى الله عليه وسلم – ندرك في جلاء ووضوح الحكمة الإلهية الباهرة من بدء نزول الوحي عليه – صلى الله عليه وسلم – بهذه الطريقة التي وردت في حديث الإمام البخاري. وإليك بعض ما قد يخطر ببال بعضهم فيقول:

👈🏽تساؤلات :
لماذا رأى رسول الله جبريل بعيني رأسه لأول مرة، وقد كان بالإمكان أن يكون الوحي من وراء حجاب؟ لماذا قذف الله في قلبه – صلى الله عليه وسلم – الرعب منه والحيرة في فهم حقيقته، وقد كان ظاهر محبة الله لرسوله وحفظه له يقتضي أن يلقي السكينة في قلبه، ويربط على فؤاده فلا يخاف ولا يرتعد؟ لماذا خشي على نفسه أن يكون هذا الذي تمثل له في الغار آتيا من الجن، ولم يرجح على ذلك أن يكون أمينا من عند الله؟ هذه أسئلة طبيعية بالنسبة للشكل الذي ابتدأ به الوحي.

🌴الجواب :
ولدى التفكير في أجوبتها نجدها تنطوي على حكمة باهرة، ألا وهي أن يجد المفكر الحر فيها الحقيقة الناصعة الواقية عن الوقوع في شرك محترفي الغزو الفكري، والتأثر بأخيلتهم المتكلفة الباطلة.

👈🏽المفاجأة :
لقد فوجئ محمد – صلى الله عليه وسلم – وهو في غار حراء بجبريل أمامه يراه بعينه، وهو يقول له )اقرأ( حتى يتبين أن ظاهرة الوحي ليست أمرا ذاتيا داخليا مرده إلى حديث النفس المجرد، وإنما هي استقبال وتلق لحقيقة خارجية لا علاقة لها بالنفس وداخل الذات. وضم الملك إياه، ثم إرساله ثلاث مرات قائلا في كل مرة: )اقرأ( يعتبر تأكيدا لهذا التلقي الخارجي، ومبالغة في نفي ما قد يتصور من أن الأمر لا يعدو كونه خيالا داخليا فقط.

👈🏽 الخوف :
 ولقد داخله الخوف والرعب مما قد سمع ورأى، حتى إنه قطع خلوته في الغار، وأسرع عائدا إلى البيت يرجف فؤاده، لكي يتضح لكل مفكر عاقل أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن متشوفا للرسالة التي سيدعى إلى حملها وبثها في العالم، وأن ظاهرة الوحي هذه لم تأت منسجمة أو متممة لشيء مما قد يتصوره أو يخطر في باله، وإنما طرأت على حياته، وفوجئ بها دون أي توقع سابق، ولا شك أن هذا ليس شأن من يتدرج في التأمل والتفكير إلى أن تتكون في نفسه – بطريقة الكشف التدريجي المستمر – عقيدة يؤمن بالدعوة إليها!
ثم إن شيئا من حالات الإلهام، أو حديث النفس، أو الإشراق الروحي، أو التأملات العلوية – لا يستدعي الخوف والرعب وامتقاع اللون، وليس ثمة أي انسجام بين التدرج في التفكير والتأمل من ناحية، ومفاجأة الخوف والرعب من ناحية أخرى. وإلا لاقتضى ذلك أن يعيش عامة المفكرين والمتأملين نهبا لدفعات من الرعب والخوف المفاجئة المتلاحقة.
وأنت خبير أن الخوف والرعب، ورجفان الجسم، وتغير اللون من الانفعالات القسرية التي لا سبيل إلى اصطناعها والتمثيل بها، حتى لو فرضنا إمكان صدور المخادعة والتمثيل منه – صلى الله عليه وسلم – وفرضنا المستحيل من انقلاب طباعه المعروفة قبل البعثة على عكس ذلك.

👈🏽 توهم رئي من الجن :
ويتجلى مزيد من صور المفاجأة المخيفة لديه – صلى الله عليه وسلم – في توهمه بأن هذا الذي رآه وغطه وكلمه في الغار قد يكون آتيا من الجن؛ إذ قال لخديجة بعد أن أخبرها الخبر: «لقد خشيت على نفسي» أي من الجان، ولكنها طمأنته بأنه ليس ممن يطولهم أذى الشياطين والجان؛ لما فيه من الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة.
👈🏽الحكمة الإلهية :
وقد كان الله – عز وجل – قادرا على أن يربط على قلب رسوله ويطمئن نفسه، بأن هذا الذي كلمه ليس إلا جبريل، ملك من ملائكة الله، جاء ليخبره أنه رسول الله إلى الناس، ولكن الحكمة الإلهية اقتضت إظهار الانفصال التام بين شخصية محمد – صلى الله عليه وسلم – قبل البعثة وشخصيته بعدها، وبيان أن شيئا من أركان العقيدة الإسلامية أو التشريع الإسلامي لم يطبخ في ذهن الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولم يتصور الدعوة إليه سلفا.

👈🏽 الذهاب لورقة :
ثم إن فيما ألهم الله خديجة من الذهاب به – صلى الله عليه وسلم – إلى ورقة بن نوفل، وعرض الأمر عليه – تأكيدا من جانب آخر على أن هذا الذي فؤجي به – صلى الله عليه وسلم – إنما هو الوحي الإلهي الذي كان قد أنزل على الأنبياء من قبله، وإزالة لغاشية اللبس التي كانت تحوم حول نفسه بالخوف والتصورات المختلفة عن تفسير ما رآه وسمعه.

👈🏽انقطاع الوحي :
أما انقطاع الوحي بعد ذلك، وتلبثه ستة أشهر أو أكثر، على الخلاف المعروف في ذلك، فينطوي على مثل المعجزة الإلهية الرائعة؛ إذ إن في ذلك أبلغ الرد على ما يفسر به محترفو الغزو الفكري الوحي النبوي، من أنه الإشراق النفسي المنبعث لديه من طول التأمل والتكرار، وأنه أمر داخلي منبعث من ذاته نفسها.
لقد قضت الحكمة الإلهية أن يحتجب عنه الملك الذي رآه مرة في غار حراء مدة طويلة، وأن يستبد به القلق من أجل ذلك، ثم يتحول القلق لديه إلى خوف في نفسه من أن يكون الله – عز وجل – قد قلاه بعد أن أراد أن يشرفه بالوحي والرسالة.
إلى أن رأى ذات يوم الملك الذي رآه في حراء، وقد ملأ شكله ما بين السماء والأرض، يقول: «يا محمد، أنت رسول الله إلى الناس»، فعاد مرة أخرى – وقد استبد به الخوف والرعب – إلى البيت، حيث نزل عليه قوله تعالى: )يا أيها المدثر (1) قم فأنذر (2)( (المدثر).


💧النتيجة :
إن هذه الحالة التي مر بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تجعل مجرد التفكير في كون الوحي إلهاما نفسيا ضربا من الجنون؛ إذ من البداهة بمكان أن صاحب الإلهامات النفسية والتأملات الفكرية لا يمر إلهامه أو تأمله بمثل هذه الأحوال.
إذن فإن حديث بدء الوحي على النحو الذي ورد في الحديث الثابت الصحيح، ينطوي على تهديم كل ما يحاول المشككون تخييله إلى الناس في أمر الوحي والنبوة التي أكرم الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم، وإذا تبين لك ذلك أدركت مدى الحكمة الإلهية العظيمة في أن تكون بداءة الوحي على النحو الذي أراده عز وجل .

فقه السيرة للشيخ /
محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله.
الخصائص المرتبطة بتبليغ الرسالة :

بين الله في مواضع كثيرة في القرآن وظائف الرسول عليه الصلاة والسلام ومن تلك الآيات الجامعة قوله تعالى :
﴿كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون﴾
[البقرة: ١٥١]

وقد تضمنت الآية ثلاث وظائف هي :
1) التلاوة :
((يتلو عليكم آياتنا))

2) التزكية : ((ويزكيكم))

3) التعليم :
(( ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون)) .

ولا شك أن القيام بهذه الوظائف كلها وبطريقة كاملة تقوم بها الحجة يتطلب أن يكون القائم بذلك على درجة عالية من الكمال الإنساني

لأجل ذلك فقد وهب الله رسله صفات وخصائص تمكنهم من بلاغ الرسالة والقيام بهذه الوظائف على أكمل وجه

وسنتحدث عن تلك الأوصاف والخصائص حسب ما تتطلبه الوظيفة التي يقوم بها.

يتبع ..
تلاوة الآيات :

هذه هي الوظيفة الأولى
التي يقوم بها الرسول عليه الصلاة والسلام
وهي أول مراحل البلاغ والقيام بها كاف لإقامة الحجة قال تعالى :
(( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا ..))
ويقال لأهل النار (( ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم ...))

ونظرا لأهمية التلاوة كوسيلة للبلاغ وإقامة الحجة وينبني عليها الثواب والعقاب لا بد أن يكون المبلغ لها أولا على درجة عالية من الكمال الإنساني
ولأجل ذلك قد اختص الله نبيه بصفات وخصائص تحقق المطلوب
ومن تلك الصفات والخصائص :


💧 جمع القرآن في قلبه :
لأن الآيات التي نزلت عليه لم تنزل مكتوبة ولا مجموعة في كتاب بل كانت تلقى عليه إلقاء قال تعالى : (( نزله على قلبك))
فكيف سيتمكن من استيعابها ؟
وقد كان الرسول عند تلقي الوحي يحرك لسانه ليحفظ فنهاه الله عن ذلك وضمن له جمعه في فؤاده قال تعالى :
(( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ..))

💧 العصمة من النسيان في تبليغه للرسالة :
وهذه الخاصية نتيجة لجمعه في قلبه ولكنها قطعا للشك المبني على ما جبل عليه الإنسان من آفة النسيان
قال تعالى :
(( سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله ..))

💧فصاحة لسانه وبلاغة منطقه وبيانه :
وهذه الخاصية حتى لا يعتري الرسالة خلل عند إلقائها على المدعوين
قال تعالى :
(( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ..))
وقال سبحانه :
(( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا)) وقوله ( لتبشر به ...) دليل إقامة الحجة .
ولأن المطلوب أن (( يتلونه حق تلاوته)) وقد أمره الله بقوله (( ورتل القرآن ترتيلا))
ولا شك أن التلاوة على الطريقة التي يريدها الله هي وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أولى الناس بالقيام بذلك

ولكي يسهل على قومه استيعاب رسالته خصه الله في رسالته بخاصية :

💧نزول القرآن منجما :
حيث نزل القرآن مفرقا طيلة سنوات بعثته وارتبطت بعض تلك الآيات بمناسبات وأحداث تشوق لنزولها وتعين على حفظها وفهمها

وكان نزوله على تلك الصفة مخالفا لما كان عليه الحال في الرسالات السابقة ولذلك قالوا
(( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا))

كما كلف بتلاوته في الصلوات
وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في رمضان


ولكن إذا سلم من كل ما سبق كيف يقتنع قومه بأن ما يتلوه آيات الله وليست صادرة منه أو تعلمها من علماء زمانه !!!؟؟
وهنا خصه الله بخاصية شرفه بها مع أنها قد تعتبر في حق غيره منقصة وهي :

💧كونه أمي :
قال تعالى :
(( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون ...))
وقد عرف في قومه بذلك طيلة 40 سنة من عمره (( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون))

ولكن .. كيف نستبعد أن يضيف على الوحي أو ينقص منه أو يبدله
وهنا تأتي خاصية تقطع حبل هذا الشك بسيف الحق القاطع وهو :

💧رعاية قلبه وحواسه من الزيغ والهوى :
قال تعالى :
(( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ..))
(( ما كذب الفواد ما رأى))
(( ما زاغ البصر وما طغى))

ولكي يقطع المؤمن بالله حبل الشك باليقين قال الله ردا على الطاعنين :
(( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور))
كما قال الله :
(( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه المتين)).

💧 تنقية الوحي من  تلبيس الشياطين :

وإذا حاولت الشياطين التلبيس على الوحي نسخ الله ذلك وأحكم آياته
قال تعالى :
﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم﴾
[الحج: ٥٢]



والله أعلم وأحكم وأرحم.
ديوان الشيخ 🇾🇪 pinned «مقام الأنبياء أوجب الله على خلقه عبادته ورتب على ذلك الثواب لمن أطاعه و العقاب لمن عصاه . ولكي تقام عليهم الحجة فقد أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه قال تعالى :(( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)) وقال سبحانه :(( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون على الناس حجة…»
الوظيفة الثانية :
التزكية


قال تعالى :
(( ويزكيكم))

🌴المراد بالتزكية :
المراد بالتزكية تطهير النفس من الرذائل وتحليتها بالفضائل
وللتزكية ارتباط بمفهوم التقوى التي تعني صلاح الباطن والظاهر

🌴أهميتها ومكانتها 🌴

1) من وظائف الرسل :
جاءت وظيفة التزكية في الترتيب الثاني بعد التلاوة في كل الآيات التي تذكر وظائف النبي صلى الله عليه وسلم باستثناء دعاء الخليل عليه السلام
قال تعالى :
﴿ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم﴾
[البقرة: ١٢٩]
وقد علل بعض العلماء ذلك بأن الخليل عليه السلام رتب الوظائف حسب ترتيب حدوثها
فالتلاوة أولا
ثم التعليم
ثم ينشأ عن ذلك التزكية

وفي بقية الآيات قدمت التزكية لأنها الهدف والغاية .
وحين بعث موسى عليه السلام إلى فرعون قال له :
(( هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى))
والمراد تخليص نفسه وتطهيرها من الشرك والكفر

2) من أسباب النجاة من النار :
من أسباب النجاة من النار التقوى التي تحمل صاحبها على الصدقة والبذل تطهيرا لنفسه وتزكية لها قال تعالى :
(( وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى))

3) عصمة النفس :
قال الله تعالى في قصة الخضر و موسى عليهما السلام :
(( أقتلت نفسا زكية ..))!؟
أي : طاهرة من الإثم والذنب لكونه طفل ولم يرتكب ما يوجب القتل
وكذلك من زكيت نفسه فلم ترتكب مايوجب العقوبة.

4) انتفاع الأسرة به :
قال الخضر عليه السلام في بيانه :(( فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة ..)) أي : طهارة وصلاحا.


5) عنوان الفلاح :
قال تعالى :
(( قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى))
وقال سبحانه في أطول قسم في القرآن :
((ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها))
قال ابن عاشور :
(الذي زكى نفسه بأن اختار لها ما به كمالها ودفع الرذائل عنها )

..
2025/10/21 09:05:33
Back to Top
HTML Embed Code: