Telegram Web Link
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ.*

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس الرابع*: *مفسدات الصيام ومكروهاته (جزء٢)*.

*تاسعاً*: لو حصل الإنزال بالاحتلام أو التفكير المجرد عن العمل، فإنه لا يفسد الصوم ففي المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ»*.

ولكن ينبغي ترك التفكير فيما قد يجر إلى هذه الأمور، وشغل الوقت بما يجلب النفع.

*عاشراً*: من أصبح جنباً من جماع أو احتلام فصومه صحيح ففي المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمَا قَالَتَا: *إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَصُومُ*. وفي لفظ عند مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: *ثُمَّ لاَ يُفْطِرُ وَلاَ يَقْضِى*.

*الحادي عشر*: هنالك أمور ذكرها العلماء لا تفسد الصوم، ولكنها من مكروهاته؛ لما قد تؤدي إليه من فساد الصيام. فيُكرَه للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق خشية أن يؤدي لدخول الماء للجوف فقد أخرج الأربعة بسند صحيح عَنْ لَقِيطِ بْن صَبِرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«... وَبَالِغْ فِي اَلِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»*.

*الثاني عشر*: وتُكرَه القُبلة لمن لا يأمن السيطرة على نفسه من الوقوع في المحظور عند تحرك الشهوة، ومثل ذلك المداعبة لما قد يؤدي إليه من الإمناء أو الجماع ففي المتفق عليه واللفظ لمسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: *كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ*.

*الثالث عشر*: ويُكرَه صوم الوصال: وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل أو شرب ففي المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ»* قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: *«إِنَّكُمْ لَسْتُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَاكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ»*، وأخرج أبو داود وأحمد بسند صحيح عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عن رَجُل مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم *نَهَى عَنِ الْحِجَامَةِ، وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ*.

*الرابع عشر*: وتُكرَه الحجامة أو التبرع بالدم لمن كان ذلك يُضعِفُه ففي صحيح البخاري أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه سُئِل أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لاَ. إِلاَّ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. وبعض العلماء يرى أن الحجامة أو التبرع بالدم يفسد الصيام.

*الخامس عشر*: ومما يحسن التنبيه إليه مع ذكر مكروهات الصيام التذكير بأنه يُكرَه الإكثار من الطعام بعد الإفطار وهو يؤدي إلى التثاقل عن العبادة وقد أخرج الترمذي وابن ماجه بسند صحيح عن الْمِقْدَام بْن مَعْدِ يكَرِب رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: *«مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ»*.

*السادس عشر*: كما أن الصائم يبتعد عن أي مفسد حسي للصوم، كذلك يجب أن يبتعد عن الزور والكذب والكسب المحرم والنظر المحرم وسائر ما نهت عنه الشريعة، وليسائل كل منا نفسه ماذا يحقق بالصيام من التقوى فقد قال تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}* [البقرة: 183]، وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»*.

وفق الله الجميع.

رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ بماذا تنصح في استقبال شهر رمضان؟*

ج/ أنصح نفسي والجميع بما يلي:

*أولاً:* الاستبشار بقدومه والفرح بمجيئه والتذكير بما يحمله من خصائص وفضائل، فهو نعمة من الله علينا، وموسم عظيم لكسب الحسنات، والارتقاء في منازل المتقين، وإن الفرح بذلك لدليل على الرغبة في الخير والحرص على الأجر قال تعالى: *{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}* [سورة يونس: آية 58]، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم هذا الشهر الكريم؛ لتتهيأ النفوس لاستغلاله والقيام بحقه فقد أخرج أحمد والنسائي بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ: شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ»*.

*ثانياً:* ينبغي عقد العزم الصادق على استغلال أوقاته في طاعة الرب ومرضاة الخالق سبحانه، وأن يتهيأ كل منا لحسن اغتنامه وعمارة أيامه ولياليه بالخير قال تعالى: *{فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}* [محمد: 21]، وكم يستعد أصحاب القنوات والفضائيات بتقديم الكثير من البرامج التي تضيّع الأوقات، وتفوّت اغتنام هذا الزمن الفاضل في الطاعات؛ مما يوجب الحذر والانتباه.

*ثالثاً:* وجوب الخروج من المظالم والتحلل من حقوق الناس وردها لأهلها، وإصلاح ذات البين وإزالة القطيعة والشحناء؛ فهي سبب عظيم في الحجب من المغفرة وضياع ثمرة العبادة وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *«مَنْ كَانَتْ لهُ مَظْلمَةٌ لأَحد، مِنْ عِرضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قبْلَ أنْ لاَ يَكُونَ دِينَار وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلمَتِهِ، وَإنْ لَمْ تكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ»*.

*رابعاً:* تجب المبادرة بالتوبة إلى الله، والإقلاع عن الذنوب، والتخلي عن السيئات من الظلم والربا والاحتكار والأذية للمسلمين، وغير ذلك من المحرمات، وتحقيق صدق التوجه إلى الله فيوفقنا لمزيد من الخير، ويغير ما بنا قال تعالى: *{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}* [الرعد: 11].

كما ينبغي الحرص على التضرع لله ببلوغ الشهر والتوفيق فيه لأنواع الخير والبر، وإن الدعاء من أيسر العبادات في القيام بها، ومن أعظمها في النفع والأجر.

*خامساً:* ينبغي الحرص على تفقد أحوال أقاربنا وجيراننا ومواساة المحتاجين والمعوزين وإدخال السرور عليهم،

فإنه من ضعف الإيمان عدم مبالاة الميسورين بمعاناة المعسرين من أقاربهم وجيرانهم وعموم المسلمين وقد أخرج الطبراني بسند حسن عن أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: *«مَا آمَنَ بي من بَاتَ شَبْعانٌ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وهو يَعْلَمُ بِه»*.

والتكافل خلق إسلامي عظيم وقد جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ»*.

وفق الله الجميع.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس الخامس*: *مباحات الصيام وسننه (جزء١)*.

ويشتمل على سبع عشرة فائدة:

*أولاً*: يباح للصائم ولا يفسد به الصيام: القبلة عند الأمن من تجاوز ذلك إلى الوقوع في المحظور ففي المتفق عليه واللفظ لمسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: *كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ*، وفي صحيح مسلم عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«سَلْ هَذِهِ؟»*. لأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ»*.

*ثانياً*: لا يفسد الصيام بالإبر غير المغذية بكل أنواعها سواء كانت في العضل أم الوريد؛ إذ هي ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل أو الشرب، كل هذا ما دامت هذه الإبر تصل إلى الجسم من غير طريق الفم أو الأنف.

*ثالثاً*: يباح للصائم التبرع بالدم والحجامة إن كان ذلك لا يضعفه: ففي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما *أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ*، وأخرج البيهقي والدار قطني بسند صحيح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: *«أَفْطَرَ هَذَانِ»*. ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. وفي صحيح البخاري أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه سُئِل أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لاَ إِلاَّ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. ولذلك تُكرَه لمن كانت تضعفه، وأخرج أبو داود وأحمد بسند صحيح عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عن رَجُل مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم *أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْحِجَامَةِ، وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ*.

*رابعاً*: لا يفسد الصيام بالقطرة والاكتحال واستعمال أدوات التجميل: إذ هو ليس بأكل ولا شرب ولا في معناهما.

*خامساً*: لا يفسد الصيام بدخول ما لا يمكن الاحتراز منه كبلع الريق والغبار ونحو ذلك: والعفو عن ذلك داخل في عموم رفع الحرج الذي جاءت الشريعة برفعه.

*سادساً*: لا يفسد الصيام بشمّ الطيب: إذ لا دليل على الفطر بذلك.

*سابعاً*: يباح للصائم التبرد بالماء لشدة الحر والعطش. فقد أخرج أبو داود وصححه النووي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: *لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ*، أَوْ قَالَ: *مِنَ الْحَرِّ*. والعرج: هو اسم موضع. وقال الإمام البخاري: "بَاب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ، وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ".

*ثامناً*: يباح للصائم المضمضة والاستنشاق مع عدم المبالغة فيهما: فقد أخرج الأربعة بسند صحيح عَنْ لَقِيطِ بْن صَبِرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«أَسْبِغْ اَلْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ اَلْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي اَلِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»*.

وفق الله الجميع.

يتبع ...
-----------
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس الخامس*: *مباحات الصيام وسننه (جزء٢)*.

*تاسعاً*: استحباب السحور. فيسن للصائم أن يتسحر مستشعراً ما فيه من مزايا عظيمة ففي صحيح مسلم عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ»*، وفي المتفق عليه عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً»*.

*عاشراً*: يسن تأخير السحور ففي المتفق عليه عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ. قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: خَمْسِينَ آيَةً.

*الحادي عشر*: يستحب أكل التمر عند السحور ففي سنن أبي داود بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: *«نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ»*.

*الثاني عشر*: يستحب تعجيل الفطور. يسن للصائم أن يعجل الإفطار بأن يفطر مع أذان المغرب قبل الصلاة ففي المتفق عليه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»*، وروى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ: *«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»*.

*الثالث عشر*: استحباب الفطر على تمر. ففي سنن أبي داود بسند صحيح عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: *«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»*.

*الرابع عشر*: استحباب الدعاء عند الإفطار: فيستحب الدعاء العام فقد أخرج الترمذي وابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: ..، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، ..»*. وجاء في بعض روايات حديث أبي هريرة السابق عند الترمذي وغيره: *«وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ»*. وروى الطبراني والبزار بسند صحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ*، يَعْنِي: فِي رَمَضَانَ، *وَلِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ»*.
ويستحب دعاء خاص فقد أخرج أبو داود والنسائي بسند حسن صحيح عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: *«ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»*. وهذا يكون بعد أن يفطر.

*الخامس عشر*: استحباب الدعاء لمن أفطرت عنده. ففي سنن أبي داود بسند صحيح عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»*.

*السادس عشر*: يُشرَع قول: "إني صائم" لمن شاتمه ففي المتفق عليه واللفظ لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: *"إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ"*.

*السابع عشر*: يستحب الحرص على تفطير الصائمين فقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»*. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والمراد بتفطيره: أن يشبعه".

ولا بد أن نستشعر بأن شهر رمضان موسم عظيم لكسب الحسنات مما يستلزم الحرص على الإكثار من التلاوة والذِّكر والدعاء، والحرص على الصدقة والقيام بكل سنة وفضيلة.

وفق الله الجميع.

-------------
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.

د. بندر الخضر.

*الدرس السادس: أحكام صلاة التراويح*.

ويشتمل على ثمان فوائد:

*أولاً*: وجوب العناية بالصلاة المفروضة.
إن مما لا شك فيه أن الصلاة أعظم من الصيام وإنه لمن المؤسف أن تجد بعض الصائمين لا يصلون أو يتهاونون بالصلاة فتجد من يتسحر وينام ويترك صلاة الفجر، وبعضهم ربما أتبعها بصلاة الظهر والعصر، وإن الاستهانة بالصلاة يجلب الشقاوة في الدنيا والعذاب في الآخرة قال تعالى: *{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}* [مريم: 59، 60].

*ثانياً*: إن ذلك يستلزم أن نتعاون جميعاً في نصيحة من يستهين بأمر الصلاة، وتذكيرهم بمكانة هذه الفريضة العظيمة التي هي أعظم أركان الإسلام العملية، فهي عمود الدين وشعار الموحدين، وأول ما يحاسب عليه العبد، وآخر ما يُفقَد من الدين، وأكثر الفروض ذكراً في القرآن، وقد جاءت الأوامر الكثيرة بالمحافظة عليها، والتحذير من التهاون فيها قال تعالى: *{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}* [البقرة: 238]، وأخرج أحمد بسند حسن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ: *«مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ»*.

*ثالثاً*: إن من المحافظة على الصلاة أداؤها في جماعة، وأن نحضر قلوبنا عند أدائها، وإنه لمن المؤسف أن الواحد منا يقف في كثير من الأحيان يصلي وهو لا يعلم ما يقوله أو يفعله، فالخشوع الخشوع وقد قال تعالى: *{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}* [المؤمنون: 1، 2].

*رابعاً*: للعبادات حكم عظيمة من أعظمها أن تُحدِث الإيجابية في مختلف مجالات حياة صاحبها، وتغرس في نفسه التقوى والحرص على حسن التعامل، والبعد عن الحرام، فلنراجع أحوالنا وتأثير هذه العبادات في سلوكنا قال تعالى: *{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}* [العنكبوت: 45].

*خامساً*: أجر قيام رمضان.
لقد جاء الترغيب العظيم في صلاة القيام بشكل عام وقيام رمضان بشكل خاص ففي المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»*.

*سادساً*: أفضلية التراويح في جماعة. قيام رمضان وهو ما يسمى بالتراويح الأفضل أن يكون في جماعة وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة جماعة وإنما ترك ذلك خشية أن تُفرَض عليهم؛ ولذلك واصل الصحابة رضي الله عنهم بعده، حيث جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجعلهم يصلونها جماعة واستمر عمل المسلمين على ذلك إلى أيامنا هذه.

*سابعاً*: عدد الركعات. عدد ركعات صلاة التراويح مختلَف فيه، والثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم الليل بإحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة يفتتحها بركعتين خفيفتين، والذي يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم جواز الزيادة على العدد المذكور؛ إذ الفعل لا يدل على وجوب الاقتصار على هذا العدد بل للمصلي أن يزيد على ذلك، وكلما قلَّت الركعات زادت القراءة، فالأمر في ذلك واسع يصلي ما شاء ثم يوتر، ولا ينبغي أن يكون الخلاف في ذلك مدعاة للتنازع والتخاصم، بل الاجتماع للعبادة ينبغي أن يكون مدعاة للتآلف والتراحم، ونبذ الحقد والتشاحن قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَالتَّرَاوِيحُ إنْ صَلَّاهَا كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: عِشْرِينَ رَكْعَةً، أَوْ: كَمَذْهَبِ مَالِكٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ فَقَدْ أَحْسَنَ. كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ فَيَكُونُ تَكْثِيرُ الرَّكَعَاتِ وَتَقْلِيلُهَا بِحَسَبِ طُولِ الْقِيَامِ وَقِصَرِهِ".

*ثامناً*: من صلى التراويح في جماعة فالأفضل أن لا ينصرف حتى ينتهي الإمام فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *«إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»*.

وفق الله الجميع.

______
رابط قناة الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VaJvd8w0wajzWcU6373v
____
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس السابع*: *أحكام صلاة الوتر (جزء١)*.

وتشتمل الجزئين على أربع عشرة فائدة:

*أولاً*: مشروعية الوتر. تُشرَع المحافظة على صلاة الوتر في سائر العام ورمضان من باب أولى فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على صلاة الوتر في الحضر والسفر، وجاء الترغيب فيها في كثير من الأحاديث فهي سنة مؤكدة فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَالصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: *«أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»*.

*ثانياً*: وقت الوتر.
يبدأ بعد صلاة العشاء وآخره طلوع الفجر، والأفضل تأخير الوتر لمن كان سيستيقظ للصلاة ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ»*.

*ثالثاً*: من صلى الوتر أول الليل فلا يصليها آخره؛ لأن الوتر إنما هو مرة واحدة في الليلة.
رابعاً: إذا أراد الشخص البقاء مع الإمام في الوتر، ثم القيام آخر الليل فيبقى مع الإمام ولا يسلم معه بل يأتي بركعة تشفع له وتره، ولو سلم معه ثم قام يصلي من الليل فله ذلك، ولكن لا يوتر مرة أخرى.

*خامساً*: قضاء الوتر.
لو أذّن وهو يصلي فيتم، أما إذا أذن قبل أن يصلي وهو مواظب على الوتر فله أن يقضيه بالنهار شفعاً في غير وقت النهي يصليها في وقت الضحى أو بعد الظهر، يعني نفس ما كان يصلي بالليل، ولكن يشفعها بركعة فمن كان يوتر بثلاث ركعات يصليها بالنهار أربعاً.

*خامساً*: كيفيته.
له كيفيات عديدة: *الكيفية الأولى*: أن يصلي ركعة واحدة وهو أقل الوتر ففي صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»*، وأخرج ابن ماجه بسند صحيح عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلَاثٍ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ»*.

*سادساً*: الكيفية الثانية للوتر.
أن يصلي ثلاث ركعات على صفتين: *الصفة الأولى*: أن يسلم من ركعتين ثم يأتي بركعة فقد روى ابن حبان بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: *«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِتَسْلِيمٍ يُسْمِعُنَاهُ»*.

*والصفة الثانية*: أن يجعل الثلاث بتشهد واحد فقد أخرج مالك والنسائي والحاكم بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: *" كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم لاَ يُسَلِّمُ فِي رَكْعَتَي الْوَتْرِ*. وفي لفظ: *"يُوتِرُ بِثَلاَثٍ لاَ يَقْعُدُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ"*.

*سابعاً*: الكيفية الثالثة للوتر.
أن يصلي خمس ركعات على صفتين: *الصفة الأولى*: أن يصلي ركعتين، ثم يصلي ركعتين، ثم ركعة ودليله حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق. *والصفة الثانية*: أن يصلي خمس ركعات لا يجلس إلا في آخرهن ففي صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: *كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لاَ يَجْلِسُ فِي شَيءٍ إِلاَّ فِي آخِرِهَا*.

*ثامناً*: الكيفية الرابعة لصلاة الوتر.
أن يصلي سبع ركعات، وله ثلاث صفات: *الصفة الأولى*: أن لا يجلس إلا في آخرهن فقد أخرج أحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: *كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِسَبْعٍ وَبِخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ وَلَا بِكَلَامٍ*.
*والصفة الثانية*: أن يجلس في السادسة للتشهد، ثم يقوم ويأتي بركعة ويسلم ففي سنن أبي داود بسند صحيح وأصله في مسلم أن عائشة رضي الله عنها قالت: *فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلاَّ فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ إِلاَّ فِي السَّابِعَةِ.

*والصفة الثالثة*: أن يصلي ست ركعات مثنى مثنى ثم يوتر بواحدة ودليله حديث ابن عمر السابق.

وفق الله الجميع.
يتبع ....

______
رابط قناة الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VaJvd8w0wajzWcU6373v
____

رابط قناة التليجرام:
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس السابع*: *أحكام صلاة الوتر (جزء٢)*.

*تاسعاً*: الكيفية الخامسة لصلاة الوتر.
أن يصلي تسع ركعات، *وله صورتان*: الصورة الأولى: أن يصلي تسع ركعات يجلس في الثامنة، ولا يسلم بل يأتي بركعة ويسلِّم ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لاَ يَجْلِسُ فِيهَا إِلاَّ فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلاَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا.

*الصورة الثانية*: أن يصلي ثمان ركعات مثنى مثنى ثم يوتر بواحدة.

*عاشراً*: الكيفية السادسة لصلاة الوتر.
أن يصلي إحدى عشرة ركعة يصلي عشر ركعات يسلم من كل ركعتين، ثم يوتر بواحدة ففي صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ - وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ - إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ.

*الحادي عشر*: جمهور العلماء يزيدون صورة أخرى وهي أن يصلي أربعاً أربعاً، ثم يصلي ثلاثاً، وبعض العلماء يرى عدم مشروعية صلاة أربع بتشهد واحد وحديث عائشة رضي الله عنها يرجح رأي الجمهور.

*الثاني عشر*: الكيفية السابعة لصلاة الوتر.
أن يصلي ثلاث عشرة ركعة يزيد على الإحدى عشرة ركعة ركعتين خفيفتين في البداية ففي صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّي افْتَتَحَ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.

*الثالث عشر*: القراءة في الوتر.
وأدنى الكمال في ركعات الوتر ثلاث ركعات يقرأ فيهن ما جاء في الحديث الذي أخرجه الخمسة بسند صحيح عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْوَتْرِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، زاد أحمد والنسائي: فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وفي رواية عند النسائي: فَإِذَا فَرَغَ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ: *سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ* ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ. وفي رواية أخرى عنده بلفظ: يَمُدُّ صَوْتَهُ فِي الثَّالِثَةِ وَيَرْفَعُ. زاد الدار قطني بإسناد صحيح لفظ: *«رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ»*.

*الرابع عشر*: محل قنوت الوتر.
الجمهور على أن قنوت الوتر بعد الركوع؛ إذ جاءت به أكثر الأحاديث ويجوز أن يقنت قبله؛ إذ وردت به السنة وهذا من خلاف التنوع الذي يجوز كل نوع منه ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لأَحَدٍ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وأخرج أبو داود وصححه الألباني عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ.

فدل على جواز الأمرين وإن كان الأغلب كونه بعد الركوع.

وفق الله الجميع.

______
رابط قناة الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VaJvd8w0wajzWcU6373v
____

رابط قناة التليجرام:
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*
د. بندر الخضر.

*الدرس الثامن: أحكام السنن الرواتب والضحى (جزء١)*. وتشتمل الجزئين على اثني عشر فائدة:

*أولاً*: ينبغي الحرص على السنن الرواتب طوال العام، ولكن ذلك يتأكد في شهر رمضان لما له من مزية وفضيلة، فكل يوم تحافظ فيه على السنن الرواتب تبني لك بيتاً في الجنة ففي صحيح مسلم عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: *«مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ»*.

*ثانياً*: السنن الرواتب هي ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء فقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفجر»*.

*ثالثاً*: ورد الترغيب في صلاة أربع ركعات قبل العصر، وهي ملحقة بالسنن الرواتب وليست منها فقد أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا»*.

*رابعاً*: ورد الترغيب في صلاة أربع ركعات بعد الظهر لا ركعتين فتكون ركعتين راتبة، وركعتين من السنن غير الرواتب فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح عن أُمّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها قالت: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: *«مَنْ حَافَظَ عَلَى أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأرْبَعٍ بَعْدَهَا، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»*.

خامساً: ورد الترغيب في صلاة ركعتين قبل المغرب ففي صحيح البُخَارِيّ عن عبد الله بن مُغَفَّل رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«صَلُّوا قَبْلَ المَغْرِبِ»* قال في الثَّالِثَةِ: *«لِمَنْ شَاءَ»*.

*سادساً*: ورد الترغيب في صلاة ركعتين بين كل أذان وإقامة ففي المتفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ* - قَالَهَا ثَلاَثًا قَالَ: فِي الثَّالِثَةِ - *لِمَنْ شَاءَ»*. والمراد بالأذانين: الأذان والإقامة.

*سابعاً*: راتبة الجمعة البعدية أربع ركعات ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا»*. وللإنسان أن يقتصر على ركعتين ففي صحيح مسلم عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ وَصَفَ تَطَوُّعَ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَكَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ. وجمع بعض العلماء أنه إذا صلى في بيته صلى ركعتين، وإذا صلى في المسجد صلى أربع ركعات. وقال آخرون: بل يصلي ست ركعات.

*ثامناً*: يُشرَع التطوع بالصلاة قبل الجمعة من غير حد فللشخص أن يصلي ما شاء من الركعات قبل صعود الخطيب على المنبر على سبيل التطوع المطلق ففي صحيح البخاري عن سَلمَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: *«لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»*.

وفق الله الجميع.
يتبع ...
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.
د. بندر الخضر.

*الدرس الثامن: أحكام السنن الرواتب والضحى (جزء٢)*.

*تاسعاً*: الترغيب في صلاة الضحى.
لقد ورد الترغيب في صلاة الضحى في أحاديث كثيرة منها ما في المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: *أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ: بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ*. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: *«يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»*.

*عاشراً*: عدد ركعات صلاة الضحى.
أقل صلاة الضحى ركعتان بالإجماع، واختلفوا في الأكثر وأقصى ما قاله من قيَّدها بعدد محدد: أنها اثنتا عشرة ركعة استدلالاً بما أخرجه الترمذي واستغربه وضعفه طائفة من أهل العلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«مَنْ صَلَّى اَلضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اَللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي اَلْجَنَّةِ»*. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري شواهد للحديث. ثم قال: "حديث أنس.. إذا ضم إليه حديث أبي ذر وأبي الدرداء قوي وصلح للاحتجاج به" وقال بعض العلماء: له أن يزيد ما شاء من دون حد لما في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: *كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ*.

*الحادي عشر*: وقت صلاة الضحى.
وقتها يبدأ من بعد طلوع الشمس بمقدار ربع ساعة تقريباً إلى ما قبل الظهر بعشر دقائق، والأفضل تأخيرها إلى حين يشتد الضحى وتحتر الشمس ففي صحيح مسلم عن زَيْد بْن أَرْقَم رضي الله عنه أنه رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلاَةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ»*. أي: حين تحترق أخفاف الفصال جمع فصيل، وهي الصغار من أولاد الإبل من شدة حر الرمل. ومعنى ترمض: تقوم من مواضعها من شدة حر الرمضاء.

*الثاني عشر*: بيان صلاة الإشراق أو الشروق. هي الركعتان التي تصلى في أول وقت الضحى ممن قعد في مصلاه بعد صلاته الفجر في جماعة حتى تطلع الشمس، وهي المذكورة في الحديث الذي أخرجه الترمذي بإسناد حسن عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ»*.

وفق الله الجميع.

______
رابط قناة الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029VaJvd8w0wajzWcU6373v
___
رابط قناة التلجرام:
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
فيه حديث حول التأخير في الصلوات ونحوها من العبادات، والتأخير في الوفاء والقيام بالمسؤوليات، والتأخير في أداء الحقوق والفصل في الخصومات، والتأخير في النجدة وإنجاز المعاملات، وغير ذلك من قضايا التأخير وأحكامه، مع بيان العلاج للتهاون في ذلك.
وفق الله الجميع.

رابط قناة اليوتيوب
https://www.youtube.com/c/دبندرالخضرالبيحاني
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.
د. بندر الخضر.

*الدرس التاسع: تعريف الزكاة وفيم تجب وشروط الوجوب (جزء١)*. ويشتمل على ثمان وعشرين فائدة:

*أولاً: رمضان والزكاة*. لا إشكال في إخراج الزكاة في رمضان لمن يكون وقتُ حولِه رمضان، أو من يتعجلون إخراجها قبل حلول الحول، أما التأخير فلا يجوز من غير عذر.

*ثانياً: تعريف الزكاة*. لغة: الطهارة والنماء، وشرعاً: التعبد لله تعالى بإخراج جزء واجب شرعاً في مال معيّن لطائفة معيّنة أو جهة مخصوصة.

*ثالثاً: وجوب الزكاة*. الزكاة فريضة من فرائض الدين، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد جاءت النصوص الكثيرة في الأمر بها وبيان مكانتها وعظيم أجرها والتحذير من منعها قال تعالى: *{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}* [البينة: 5]، وقال تعالى: *{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}* [التوبة: 34، 35]. وكنزه هو أن لا يخرج ما أوجبه الله فيه، وفي المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *"مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}* [آل عمران: 180]". ومما جاء في بيان فرضيتها ما في المتفق عليه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ له: *«فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»*.

*رابعاً*: من جحد الزكاة كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً فقد وقع في كبيرة من أعظم الكبائر، ومن أداها معتقداً وجوبها راجياً ثوابها فليبشر بالخير الكثير والخلف العاجل والبركة من الله في ماله ونفسه وأهله وولده.

*خامساً*: حِكَم الزكاة. في الزكاة تزكية للنفس وتطهير لها من أنجاس الذنوب وفيها تزكية للأخلاق، وفيها طهارة لنفس الفقير من الحسد والحقد على الغني، كما فيها طهارة للمال ونماء له وبركة فيه قال تعالى: *{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}* [التوبة: 103]، وفيها اختبار للعبد على طاعة الله وامتثال أمره وتقديم حب الله على حب المال، وفيها مواساة للفقراء ومساعدة المحتاجين وتحقيق التكافل الاجتماعي، فعلى المزكي أن يستشعر عظم هذه العبادة والأجور المترتبة عليها فيخرجها طيبة بها نفسه؛ لتحقق ثمارها العظيمة في نفسه وماله وغير ذلك فلتطب النفوس بإخراجها.

*سادساً*: وجوب المبادرة وحكم التقديم أو التأخير.
تجب المبادرة بإخراج الزكاة عند حولان الحول ولا يحبسها عن مستحقها، وليس البحث عن فضيلة الوقت مقدّم على إعطاء المحتاج زكاته، لكن لو قدّمها قبل وقتها فله ذلك خاصة إذا وُجِد سبب لذلك.
وفق الله الجميع.
يتبع ...
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس التاسع*: *تعريف الزكاة وفيم تجب وشروط الوجوب (جزء٢)*.

*سابعاً*: فيم تجب فيه الزكاة وشروط ذلك؟ تجب الزكاة في أربعة أشياء: أولها: السائمة غير العاملة من بهيمة الأنعام، والأنعام: هي الإبل والبقر والغنم.

*ثامناً*: شرط الزكاة في بهيمة الأنعام كونها سائمة: وهي التي ترعى في الأرض بأفواهها من الكلأ المباح فتتغذى بذلك كل الحول أو أكثره، يعني أكثر من ستة أشهر، فلو كان صاحبها يعلفها أكثر الحول فلا زكاة فيها.

*تاسعاً*: الشرط الثاني لإيجاب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون أعدّت للاستفادة من إنتاجها كالدَّرّ والنَّسل والذبح للحاجة فلو كان صاحبها أعدها للسقيا والحرث وحمل المتاع ونحو ذلك فلا زكاة فيها ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ. وفيه: *«.. وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا ...»*. فتجب زكاة ما بلغ النصاب منها وحال عليها الحول عند مالكها، وما كانت للبيع والتجارة فيزكيها زكاة التجارة.

*عاشراً*: الشيء الثاني مما تجب فيه الزكاة الخارج من الأرض: وهو كل ما خرج من الأرض ويمكن الانتفاع به، وهو نوعان.

*الحادي عشر*: النوع الأول مما تجب فيه الزكاة من الخارج من الأرض الحبوب والثمار، وشرط الوجوب الكيل والادخار وبلوغ النصاب فكل ما يكال ويُدّخَر وبلغ النصاب من الحبوب كالبر والذرة والشعير، أو من الثمار كالتمر والزبيب واللوز تجب فيه الزكاة قال تعالى: *{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}* [الأنعام: 141]، وأحاديث في ذلك ستأتي عند ذكر النصاب.

*الثاني عشر*: ما ليس بمكيل كالخضروات والبقولات فلا زكاة فيها، ومثل ذلك ما ليس بمدخّر وإنما هو للقوت اليومي فلا زكاة فيه، وبعض العلماء عمّموا الزكاة في كل خارج من الأرض ولم يشترطوا الكيل أو الادخار.

*الثالث عشر*: النوع الثاني من الخارج من الأرض مما تجب فيه الزكاة: المعادن والرّكاز، والمعادن: ما يُستَخرَج من الأرض من غير جنسها مما له قيمة كالحديد والجواهر والرصاص وغيرها من المواد الخام التي تستخرج من الأرض، والرّكاز: ما يوجد في الأرض أو على وجهها من دفائن الجاهلية من ذهب وفضة ونحوها ودليل وجوب الزكاة في ذلك قوله تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}* [البقرة: 267]، وفي المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: *«وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ»*.

*الرابع عشر*: لا يعتبر في الخارج من الأرض الحول بل تجب الزكاة عند حصاده أو وجوده. ولا نصاب في المعادن والركاز بل يخرج الخمس في قليله وكثيره، أما ما وُجِد عليه علامة إسلامية فهو لقطة.

*الخامس عشر*: الشيء الثالث مما تجب فيه الزكاة: الأثمان وهي الذهب والفضة وما ألحق بهما من الأوراق النقدية، وتجب الزكاة فيها ولو ادخرها الإنسان لنفقاته وحاجاته ما دام بلغت النصاب وحال عليها الحول، وقد وقع خلاف مشهور بين العلماء فيما تتزين به المرأة والجمهور على عدم وجوب الزكاة فيه.

*السادس عشر*: تجب الزكاة في عروض التجارة، وهي كل ما أعد للبيع والشراء من أجل الربح كالتجارة بالعقار والأغذية والآلات والأقمشة والأواني ونحوها، فإنها تزكى إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول وعروض التجارة هي من أظهر ما يكون من المال قال تعالى: *{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}* [الذاريات: 19]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث لأهل المال من يجمع الزكاة منهم.

وفق الله الجميع.
يتبع ...

https://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس التاسع*: *تعريف الزكاة وفيم تجب وشروط الوجوب (جزء٣)*.

*السابع عشر*: الأموال التي يُحتَفَظ بأعيانها، ويستفاد من غلّتها كالعقار المعد للاستثمار بالإيجار وسيارات الأجرة وباصات النقل والمصانع ونحوها فلا زكاة في أصلها، وإنما الزكاة في غلّتها إن اجتمع منه ما بلغ النصاب وحال عليه الحول.

*الثامن عشر*: كل ما هو معد للاستعمال الشخصي كالبيت المعد للسكن، والسيارة المعدة للركوب ونحو ذلك فلا زكاة فيه ففي المتفق عليه واللفظ لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: *«لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»*.

*التاسع عشر*: من له دين على موسر يستطيع السداد فعليه زكاته كل عام، وقد أفتى طائفة من العلماء بجواز تأخير إخراج زكاته حتى يقبضه ويزكيه عن كل ما مضى من السنوات، ومن له دين على معسر أو مماطل فإنما يزكيه إذا قبضه عند طائفة من العلماء، وآخرون قالوا: حتى إذا قبضه يستأنف به حولاً جديداً وهي فتوى المجمع الفقهي.

وفق الله الجميع.
يتبع ...

رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك 👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

🖋️د. بندر الخضر.

*الدرس التاسع*: *تعريف الزكاة وفيم تجب وشروط الوجوب (جزء٤)*.

*العشرون*: شروط وجوب الزكاة؟
يشترط لوجوب الزكاة كون المزكّي مسلماً حراً فالزكاة عبادة إسلامية فلا تُقبَل من الكافر قال الله تعالى: *{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}* [التوبة: 54]، والرقيق لا مال له.

*الحادي والعشرون*: يشترط في المال لوجوب الزكاة ملك النصاب ومضيّ الحول والملك التام.

*الثاني والعشرون*: ما كان دون النصاب فلا تجب الزكاة فيه؛ إذ الزكاة شُرِعت للمواساة ومن يمتلك أقل من النصاب لا يحتمل المواساة من ماله.

*الثالث والعشرون*: النّصاب هو قدر من المال رتّب الشرع وجوبَ الزكاة على بلوغه، ويكون النّصاب كاملاً في جميع الحول فإن نقص في أثنائه انقطع الحول.

*الرابع والعشرون*: الحول هو سنة هجرية كاملة، وإذا كان حساب عمله أو شركته بالسنة الشمسية فتزيد نسبة الزكاة بنسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية على القمرية فتكون النسبة (2.577) في المائة، ومن أدلة اشتراط الحول ما في سنن أبي داود بسند صحيح عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: *«وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»*.

*الخامس والعشرون*: يبدأ الحساب من حين مُلك النصاب، ويستثنى من شرط الحول ما نما من المال الذي معه كربح التجارة ونِتاج السائمة فهو يتبع الأصل في الحول ولا يكون له حول مستقل. كما يستثنى الخارج من الأرض فإنه لا حول فيه بل تُخرَج زكاته عند الحصاد.

*السادس والعشرون*: يجوز التصرف بالمال قبل حلول الحول إذا لم يكن ذلك بقصد التحايل والهروب من الزكاة.

*السابع والعشرون*: قوله تعالى: *{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}* [التوبة: 103]، دليل أنها لا تجب إلا عند وجود الملك التام؛ لأنها لا تكون لهم إلا إذا ملكوها ملكاً تامّاً مستقراً فيكون المالك معيّناً بأن يكون محصوراً غير مبهم فلا تجب الزكاة في الأموال العامة حيث لا مالك معيّن، ومثل ذلك أموال المؤسسات الخيرية والأوقاف على المساجد ونحو ذلك. إذن فيكون المالك معيّناً ويكون ملكه لهذا المال ملكاً تامًّا مستقراً عنده أي: يكون في يد مالكه ينتفع به ويتصرّف فيه.

*الثامن والعشرون*: لا زكاة في المال المفقود والمجحود والمسروق والدّين على المعسر ونحو ذلك فهذه الأموال لا يتمكن صاحبها من التصرف فيها، وإذا كانت الزكاة لا تكون مع الملك الناقص فمن باب أولى مع عدم الملك، فالرقيق لا يُطالَب بالزكاة لأنه لا يملك، وآخذ المال الحرام لا يُطالب بإخراج زكاته؛ لأنه لا يملكه وإنما يجب عليه أن يرده لأهله فإن أخذه من حق عام رده على المال العام، وإن أخذه من خاص رده على صاحبه، وإن كسبه من مبايعة محرمة ونحوها تخلص منه كاملاً ولم ينتفع بشيء منه، إذن فهو لا يملكه وكسبه له كسب خبيث، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وقد جاء في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: *«لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ»*.

وفق الله الجميع.


http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

د. بندر الخضر.

*الدرس العاشر: بيان قدر النصاب والواجب والمصارف (جزء١)*.

ويشتمل على ثمانية عشر فائدة:

*أولاً*: مقدار النصاب في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار هو خمسة أوسق، فمن خَرَج من أرضه ثلاثمائة صاع، فعليه العشر أي في كل مائة صاع عشرة أصواع، وهذا فيما يسقى بغير مؤونة كالأمطار والأنهار والعيون الجارية وما يشرب بجذوره وعروقه،

وأما ما يسقى بكلفة كالمكائن ونحوها فعليه نصف العشر، أي: في كل مائة كيلو خمسة كيلو، وإن كان يُسقى نصف السنة بهذا ونصف السنة بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر أي في كل مائة، سبعة كيلو ونصف ففي المتفق عليه واللفظ لمسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ»*. والوَسقُ ستَّونَ صاعاً. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: *«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ»*. عَثَرِيًّا: ما يُشرَب من غير سقي إما بعروقه أو بواسطة الأمطار والسيول والأنهار، سُقي بالنضح: أي بنضح الماء والتكلف في استخراجه، وفي صحيح مسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: *«فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ، وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ»*.

*ثانياً*: لا نصاب في المعادن والركاز بل يخرج الخمس في قليله وكثيره.

*ثالثاً*: النصاب في سائمة بهيمة الأنعام خمس في الإبل، وثلاثون في البقر، وأربعون في الغنم، فمن مَلَك خمساً من الإبل ففيها شاة، ومن ملك ثلاثين من البقر ففيها تبيع أو تبيعة، ومن ملك أربعين من الغنم ففيها شاة إلى عشرين ومائة، ثم بّينت الأحاديث زكاة ما زاد على ذلك.

*رابعاً*: نصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً، ونصاب الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً ومقدار ما يجب فيهما هو ربع العشر ويساوي اثنين ونصف بالمائة، وطريقة ذلك قسمة المبلغ على أربعين وناتج القسمة هو الزكاة.

*خامساً*: اختلف العلماء فيما يتعلق بالأوراق النقدية أو عروض التجارة على أي النصابين تُعتَبر فبعضهم جعله على الذهب، لكونه الأقرب للأنصبة الأخرى من بهيمة الأنعام، ولأن من يملكه عنده شيء من الغنى بخلاف من يملك نصاب الفضة، يعني نسأل على سعر الذهب في وقت إخراج الزكاة وجدناه 150ريال سعودياً فيكون النصاب 12750 ريال سعودي، وبعضهم جعله على الفضة فلو كان سعر الفضة 5 ريال سعودي فنضربه في 595 جرام فيكون النصاب 2975، وهكذا يختلف تقدير النصاب حسب اختلاف الأسعار، واختار مجمع الفقه الإسلامي وهو قول كثير من العلماء بأن نصابه هو الأدنى من النقدين؛ لكونه الأحظ لأهل الزكاة والأبرأ للذمة ففي أيامنا هذه الأدنى هو الفضة فيكون اعتبار نصاب النقود عليه. يسأل في وقت الزكاة كم سعر الجرام ثم يضربه في 595 فإن كان المال الذي معه أقل من ذلك فلا زكاة فيه، وإن بلغ ذلك أخرج زكاته بقسمة المبلغ على أربعين والناتج هو مقدار الزكاة الذي يجب إخراجه.
يتبع ...

رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

د. بندر الخضر.

*الدرس العاشر: بيان قدر النصاب والواجب والمصارف (جزء٢)*.

*سادساً: مصارف الزكاة* الذين تصرف لهم الزكاة هم من ذكرهم الله في كتابه في قوله تعالى: *{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}* [التوبة: 60].

*سابعاً*: الفقراء والمساكين هم الذين لا يجدون ما يكفيهم، والفقير أشد حاجة من المسكين، ويعطى الواحد منهما كفاية سنة.

*ثامناً*: العاملون عليها هم الذين لهم ولاية عليها من قبل ولي الأمر في جبايتها ونحو ذلك فيُعطون أجرة بقدر عملهم فيها.

*تاسعاً*: المؤلفة قلوبهم من يُرجى إسلامهم أو كف شرهم، أو تأليف قلوبهم وقوة إيمانهم.

*عاشراً*: في الرقاب: أي الإعانة على عتق الرقاب أو القيام بعتقها، ويدخل فيه افتداء الأسرى المسلمين.

*الحادي عشر*: الغارمين من عليهم ديون عاجزون عن أدائها، ويدخل من غرم لأجل إصلاح ذات البين، وأجاز طائفة من العلماء قضاء دين الميت من الزكاة.

*الثاني عشر*: وفي سبيل الله وهو الجهاد في سبيل الله وما يلزم له من آلات ولا يعمّم ذلك في كل سبل الخير؛ لأنه يتنافى مع الحصر الوارد في الآية فلا يدخل بناء المساجد وإصلاح الطرقات ونحو ذلك، ولا الحج والعمرة فهما إنما يُفرضان على المستطيع فقط، وقد اختار المجمع الفقهي بالأكثرية دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يعين عليها، ويدعم أعمالها في معنى: (وفي سبيل الله).

*الثالث عشر*: وابن السبيل مسافر انقطعت نفقته، وليس بيده ما يرجع به لبلده وإن كان غنياً فيها، فيُعطى ما يرده لبلده ولا يلزم أن يقترض.

*الرابع عشر*: يجب أن يتحرى الإنسان في إخراج زكاته ولا يعطيها من ليس من أهلها، ولا يعطيها على أساس تبادل المصالح أو خدمة نفسه، فلا تجوز للأقارب الذين تجب على الشخص نفقتهم من عمودَي النسب وهم الوالدان وإن علوا، والأولاد وإن سَفَلوا وأيضاً الزوجة؛ فهؤلاء تجب عليه النفقة عليهم وسدّ حاجتهم من غير الزكاة فإذا اعتاضها بالزكاة فإنما نفع نفسه، لكن لو لم يستطع الإنفاق عليهم وليس عنده إلا الزكاة فيعطيهم منها.

*الخامس عشر*: يجوز للزوجة أن تعطي زوجها المحتاج من الزكاة؛ حيث لا يلزمها النفقة عليه.

*السادس عشر*: لا يجوز دفع الزكاة لغني ولا لقوي قادر على الكسب وجد كسباً مباحاً ملائماً لمثله يجد منه ما يكفيه فقد روى أبو داود بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الزكاة: *«.. وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ»*.

*السابع عشر*: يجوز أن يعطي الشخص الزكاة لعمّاله إن كانوا محتاجين؛ لأجل حاجتهم لا لأجل ترغيبهم في العمل، ولذلك بعض العلماء نصّ أن الأفضل يوصلها لهم عبر طرف ثالث ولا يعرفون أنها من صاحب العمل؛ للسلامة من الشبهة.

*الثامن عشر*: لا يلزم أن تُعلِم من كان مستحِقاً للزكاة بأن هذه زكاة.

وفق الله الجميع.

رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك 👇
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*
د. بندر الخضر.

*الدرس الحادي عشر: أحكام زكاة الفطر (جزء١)*.

ويشتمل الموضوع على اثني عشر فائدة:

*أولاً: تعريفها*. هي الطعام الذي يجب أن يُخرَج بسبب إكمال صيام رمضان تطهيراً للبدن. فهي زكاة تتعلق بالبدن. أي: شُرِعَت لتطهير النفس لا لتطهير المال.

*ثانياً: تاريخ تشريعها*. وقد شُرِعَت في السنة الثانية من الهجرة وهي السنة التي فُرِض فيها صيام رمضان.

*ثالثاً: حكم زكاة الفطر*. حكمها الوجوب ودليله عموم الكتاب وصريح السنة والإجماع. أما عموم الكتاب فهي داخلة تحت عموم الآيات الآمرة بإيتاء الزكاة مثل قول الله تعالى: *{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}* [النور: 56]. وقول تعالى: *{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}* [الأعلى: 14، 15]. فيكون المعنى: تزكى: بإخراج زكاة الفطر، وذكر اسم ربه: بالتكبير ليلة الفطر، فصلى: صلاة عيد الفطر. وأما السنة ففي المتفق عليه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وأما الإجماع فقال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض".

*رابعاً: بيان حكمتها*. إن مما لا شك فيه أن الله جل وعلا لا يشرّع شيئاً إلا لحكمة وهذه الزكاة لها حكمة تتعلق بالمزكي وحكمة تتعلق بمن يأخذونها أما المزكي فإن فيها تطهيراً لنفسه من الشح وتزكية لنفسه وبدنه، واتصافاً بالكرم وحب المواساة والمشاركة في العطاء، وطهرة لصيامه من اللغو والرفث، وشكراً لله على إتمام الصيام وعلى نعمة الصحة، وفيها اكتساب للأجر وحصول على الثواب. وأما من يأخذونها ففيها إطعام ومواساة لهم، وإدخال للفرحة عليهم، وإغناء لهم عن السؤال في العيد. فتعم الفرحة المجتمع ويظهر السرور على الجميع فقد أخرج أبو داود بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفِطْرِ: طُهْرةً للصائم من اللَغْوِ والرَفَثِ، وطُعْمَةً للمساكينِ، مَنْ أدَاها قبل الصلاة؛ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَنْ أدَّاها بعد الصلاة؛ فهي صَدَقَةٌ من الصدقات.

*خامساً: على من تجب زكاة الفطر؟*. تجب زكاة الفطر على كل مسلم حر أو عبد صغير أو كبير ذكر أو أنثى وغير المستطيع يخرجها عنه من يعوله ممن يملك مقدار الزكاة زائداً عن حاجته وحاجة من يعولهم يوماً وليلة ففي صحيح البخاري عن نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ: «يُعْطِي عَنِ الصَّغِيرِ، وَالكَبِيرِ، حَتَّى إِنْ كَانَ لِيُعْطِي عَنْ بَنِيَّ». وأما الجنين فلا تجب عليه وإنما تستحب.

*سادساً: وقت وجوب إخراج زكاة الفطر*. هو غروب شمس آخر أيام رمضان فمن غربت عليه شمس ليلة عيد الفطر، وهو من أهل الوجود والاستطاعة وجبت عليه الزكاة ومن لم يكن كذلك لم تجب عليه، وبذلك لا تجب على الجنين في بطن أمه إلا إذا خرج إلى الدنيا قبل الوقت المذكور.

*سابعاً: وقت الفضيلة في إخراج زكاة الفطر*. هو صباح العيد قبل الصلاة ففي المتفق عليه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ. ولهذا يسن تأخير صلاة عيد الفطر؛ ليتسع الوقت لإخراج الزكاة.

*ثامناً: حكم إخراجها قبل وقت الوجوب*. يجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين أو ثلاثة أيام؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم ففي صحيح البخاري قال: "وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين". وفي موطأ مالك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. وعند أبي داود بسند صحيح أن نافعاً قال: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ.

وفق الله الجميع.
يتبع ...
رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك. 👇
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

د. بندر الخضر.

*الدرس الحادي عشر: أحكام زكاة الفطر (ج٢)*.

*تاسعاً: بيان آخر وقت زكاة الفطر*. ينتهي وقت زكاة الفطر بشروع الإمام في صلاة العيد. ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الصلاة من غير ما عذر فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وحسنه النووي والألباني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ.

*عاشراً: مقدار الواجب في زكاة الفطر*.
أما مقدار الواجب فهو صاع من الطعام وهو أربعة أمداد، وهو بالوزن يساوي: اثنين كيلو ونصف تقريباً، ودليل كونه صاعاً أحاديث عديدة منها ما في المتفق عليه عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نُعْطِيَهَا، فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ، قَالَ: أَرَى مُدًّا مِنْ هذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ.

*الحادي عشر: جنس الواجب في زكاة الفطر*. هو طعام الآدميين فتُخرَج من غالب قوت البلد ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ.
والأصل هو وجوب إخراجها طعاماً فهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ولأنها شعيرة ظاهرة، ويتحقق ذلك بإخراج الطعام، وبعض العلماء أجاز إخراجها نقوداً بإطلاق، ولكن الأولى تقييد طائفة من العلماء ذلك بالمصلحة فمن علمتَ من حاله أن الأصلح له النقود أعطيته وإلا فالأصل الطعام، والخلاف بين العلماء في المسألة قديم لا يحتاج إلى التعنيف على المخالف أو تضليله أو تبديعه.

*الثاني عشر*: مصرفها. عند الجمهور نفس زكاة المال، وقال بعض العلماء: مصرفها هم الفقراء والمساكين فقط فقد أخرج أبو داود وابن ماجه بسند حسن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.

وفق الله الجميع.

رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك 👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*

د. بندر الخضر.

*الدرس الثاني عشر: أحكام العشر الأواخر والاعتكاف (جزء١)*.

ويشتمل الموضوع على ثلاثة عشر فائدة:

*أولاً: اجتهاد العشر الأواخر*. لقد كان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في رمضان قبل العشر الأواخر يقوم من الليل وينام، وكان يصلي ويترك بعضَ أهله نيام، وكان يدخل المسجد ويخرج منه، وكان لا يعتزل أهله في الليالي التي قبل العشر، أما إذا دخلت العشر وغابت شمس يوم العشرين من رمضان فكان يعتزل الجماع، ويقوم الليل ولا ينام، ويوقظ أهله، ويلزم المسجد انقطاعاً للعبادة ويجتهد اجتهاداً يخص به هذه الليالي والأيام بما لا يفعله في غيرها ففي صحيح مسلم عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ. وفي المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ اَلْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وشد الإزار: هو كناية عن اعتزال النساء، والتشمير للعبادة. وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. فينبغي الاقتداء بنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن نحرص على الازدياد من العبادة، وأن نسابق إليها قال تعالى: *{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}* [المائدة: 48].

*ثانياً: إحياء الليل*. ينبغي الحرص على إحياء الليل بالقيام وأنواع العبادة فليالي العشر هي أشرف ليالي رمضان، بل والعام وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وقد جاء في المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: *«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،»*، وهذا يستلزم قيام سائر ليالي العشر، ومن فعل ذلك حصل على هذا الفضل.

*ثالثاً*: ينبغي الإكثار من تلاوة القرآن، وهو من أكبر أبواب كسب الحسنات، وبعض السلف كان يختم في كل ليلة من ليالي العشر.

*رابعاً*: ينبغي الإكثار من الذكر والاستغفار والدعاء وطلب العفو من الله فقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ، لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: *«قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي»*.

*خامساً*: ينبغي الحرص على الصدقة والإحسان للآخرين، فهو من أعظم أسباب مغفرة الله، فقد غفر الله لرجل تجاوز عن أحد المعسرين، وآخر أزاح الشوك عن طريق المسلمين قال تعالى: *{وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}* [التغابن: 14].

*سادساً*: ينبغي الحرص على إيقاظ الأهل والأولاد، ونغرس في نفوسهم الحرص على التسابق في الخير.

وفق الله الجميع.
يتبع ...
رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك 👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
2025/07/04 09:20:10
Back to Top
HTML Embed Code: