Telegram Web Link
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*
د. بندر الخضر.

*الدرس الثاني عشر: أحكام العشر الأواخر والاعتكاف (جزء٢)*.

*سابعاً: تعريف الاعتكاف وبيان مشروعيته*. الاعتكاف: هو لزوم المسجد لأجل طاعة الله تعالى. وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فقال الله تعالى: *{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}* [البقرة: 187]. وقال تعالى: *{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}* [البقرة: 125]. وأما السنة: ففي المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وأما الإجماع: فقد نقله كثير من أهل العلم. قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه". إذن فحكم الاعتكاف أنه سنة.

*ثامناً*: شروط الاعتكاف. يشترط لصحته الإسلام والعقل والتمييز والنية والطهارة من الحيض والنفاس والجنابة فالجنب يتطهر حتى يمكث في المسجد، ويشترط إذن الزوج للمرأة، ويشترط لصحة الاعتكاف كونه في مسجد وهو كل مسجد تقام فيه الجماعة وإن كان الجامع أفضل، ووجود الوباء عذر يباح معه الاعتكاف في البيت.

*تاسعاً: مبطلات الاعتكاف*. ويبطل الاعتكاف بالخروج من المسجد لغير حاجة، وله الخروج لقُربة معيّنة يعينها عند الدخول في الاعتكاف كعيادة أحد أقاربه المرضى، فيشترط الخروج لذلك عند الدخول في الاعتكاف ولا يطول انقطاعه عن الاعتكاف، أما من يخرج لعمله فلا يسمى معتكفاً ولكن له أجر مكثه في المسجد، ويبطل اعتكافه بالردة والعياذ بالله وبقطع نية الاعتكاف وبالجماع والاستمناء، أما الاحتلام فلا يؤثر، ومن تطوع بالاعتكاف وشرع فيه ثم أبطله فيستحب له القضاء ولا يجب، ويباح للمعتكف الأكل والشرب داخل المسجد، والنوم فيه، وله لزوم بقعة بعينها.

*عاشراً: وقت دخول المعتكف*. من أراد اعتكاف العشر الأواخر من رمضان فعليه الدخول مع غروب شمس يوم عشرين رمضان حتى يكون ليلة الحادي والعشرين معتكفاً؛ إذ هي إحدى ليالي العشر ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ في الْعَشْر الْأوَسَط مِنْ رَمَضَانَ، فاعْتَكَفَ عَاماً حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ قَالَ: *«مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ»*.

*الحادي عشر: وقت خروج المعتكف*. وأما وقت خروج من اعتكف العشر الأواخر فيخرج مع تمام شهر رمضان، إما برؤية هلال شوال، فيخرج عند العلم بأن غداً من شوال. فإن لم يُر الهلال فيبقى إلى غروب شمس يوم الثلاثين. ولا شك أنه سيصلي المغرب ثم له أن يخرج.

*الثاني عشر: وجوب لزوم الْمُعتَكَف*. إن على المعتكِف لزوم المسجد الذي يعتكف فيه، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان ففي المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَىَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ. ومعنى فأرجّله: هو تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، وحاجة الإنسان: البول والغائط، وفي معناه المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به، وكل مالا بد له منه ولا يمكن فعله في المسجد.

*الثالث عشر*: تذكير المعتكف بشغل وقته في العبادة. أحب تذكير من يسَّر الله لهم إحياء هذه السنة العظيمة وهي سنة الاعتكاف أنهم إنما أقاموا في المسجد لأجل عبادة الله وطاعته فعليهم الحرص على العبادة وكثرة التزود من الصلاة وتلاوة القرآن والذكر والتسبيح والاستغفار وغيرها من العبادات الأخرى؛ حتى يحققوا مقصود الاعتكاف، وعليه البعد عما لا يعنيه، وترك الانشغال بالقيل والقال.

تقبل الله من الجميع.

رابط القناة لمن يرغب في الاشتراك. 👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*كلمة قبل رمضان*
🖋️ د. بندر الخضر.

مواسم الخير هي منحة من الله لعباده ليزدادوا قرباً منه وصلاحاً وتقوى ومراجعة لأحوالهم، ومن أعظم هذه المواسم شهر رمضان المبارك الذي لم يتبق من حلوله إلا الوقت اليسير، وبهذه المناسبة أحب التذكير بجملة أمور،

منها: من كانت عنده حقوق خاصة أو عامة فليسارع في ردها والتحلل من مظالم العباد قبل أن لا يكون درهم ولا دينار، والواجب على الإنسان أن يكون نقياً من ذلك في كل الأزمان والأحوال، ولكن مواسم الخير تدعوه إلى مزيد من الاجتهاد في تصفية نفسه والتوبة مما وقع فيه من خطأ، مستمسكاً بتطهير المال من الحرام وإصلاح القلب من الآثام حتى يقف بين يدي الله بقلب خاشع ومال طاهر ودعاء صادق تُفتَح له أبواب السماء.

ومنها: أن من كانت بينه وبين قريبه أو جاره أو أحد من عموم المسلمين شحناء أو بغضاء أو هجر وقطيعة فليصطلح معه؛ فإن عمل الإنسان لا يُرفَع إلى الله حتى يترك القطيعة لأخيه قال تعالى: *{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}* [النور: 22].

ومنها: أنه ينبغي استقبال شهر رمضان بتلمس أحوال الفقراء والمحتاجين من الأقارب والجيران وغيرهم، وإعانتهم وإدخال السرور عليهم وقد أخرج الطبراني بسند حسن عن أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: *«مَا آمَنَ بي من بَاتَ شَبْعانٌ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وهو يَعْلَمُ بِه»*.

ومنها: أنه ينبغي الفرح بقدوم رمضان والاستبشار بإقباله وتهنئة بعضنا بعضاً بذلك، وعقد العزم الصادق على اغتنام أوقاته في طاعة الله ومرضاته، والبعد عن كل ذنب، والحرص على مزيد من العناية بالمساجد وتنظيفها وغرس وجوب حفظ قدرها ومكانتها في نفوس أبنائنا وشبابنا، والإكثار من دعاء الله ببلوغ هذا الشهر العظيم والتوفيق فيه، وسؤاله العون على الاجتهاد في القربات والطاعات.

سائلاً الله أن يبلغني وإياكم رمضان،
وأن يجعلنا فيه من الصائمين القائمين السابقين بالخيرات، ويكرمنا بالقبول والمغفرة والرضوان والعتق من النيران،
ويجعله شهر خير وبركة وصلاح لأحوال أنفسنا وبلدنا وأمتنا، وسائر بلاد المسلمين.
*س/ هل يجوز للشخص أن يتطوع قبل رمضان بصوم يوم أو يومين؟*

ج/ من كانت له عادة من الصيام فوافق ذلك اليوم يوم عادة صيامه فله الصيام كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً فله الصيام ولو قبل رمضان بيوم، أما من لم تكن له عادة في الصيام وإنما من باب الاحتياط لرمضان فقد جاء النهي عن ذلك ففي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ»*.

سائلاً الله أن يبلغنا وإياكم رمضان، ويجعله شهر خير وبركة علينا وعلى بلدنا وأمتنا، وسائر بلاد المسلمين.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.
د. بندر الخضر.

*الدرس الثالث عشر: أحكام ليلة القدر (جزء ١)*. ويشتمل الموضوع على ستة عشر فائدة:

*أولاً: مكانة ليلة القدر*. هي ليلة عظيمة الشأن جليلة القدر، فهي ليلة القدر؛ لعظيم قدرها وجلالة مكانتها عند الله، ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها، ومن يفعل الطاعات فيها يصير ذا شرف وقدر، وقد نوّه الله بعظمتها فقال: *{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}* [القدر: 2].

*ثانياً*: من فضائلها: أنها ليلة التنزيل أنزل الله فيها كتاباً ذا قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر؛ لإكرام أمة ذات قدر قال تعالى: *{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}* [القدر: 1]، فأنزل الله القرآن في هذه الليلة وأكثر العلماء على أن المقصود نزوله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك مفصّلاً على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الوقائع، وقال بعضهم المقصود ابتداء نزول القرآن كان في ليلة القدر.

*ثالثاً*: هي الليلة التي تُقدَّر فيها مقادير العام، وتُبيَّن للملائكة، أي: يُفْصَلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى الْكَتَبَةِ أَمْرُ السَّنَةِ، وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ الأقدار والْآجَالِ وَالْأَرْزَاقِ والحوادث ونحوها، إلى ليلة القدر من السنة الجديدة قال تعالى: *{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}* [الدخان: 4، 5].

*رابعاً*: سماها الله "ليلة مباركة"، ومن ذلك مباركَة الأجر لمن عبَد ربّه فيها فقال: *{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)}* [الدخان: 3]، وهي ليلة الخير؛ فالعبادة فيها أفضل من العبادة في ألف شهر فيما سواها من الليالي قال تعالى: *{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}* [القدر: 3]، وألف شهر تعدل ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فقد أخرج أحمد والنسائي بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«... فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ»*، وروى ابن ماجه بسند حسن عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ»*.

*خامساً*: يحصل فيها نزول جبريل والملائكة بالخير والبركة والرحمة *{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}* [القدر: 4]، وهي ليلة سلام لكثرة السلام فيها من العقاب والعذاب قال تعالى: *{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}* [القدر: 5].

*سادساً*: وهي ليلة الغفران، وقد أنزل الله في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة، وتحصل فيها فضائل عظيمة.

*سابعاً*: بدايتها ونهايتها. تبدأ مع غروب الشمس وتنتهي مع طلوع الفجر.

*ثامناً*: مشروعية تحريها. لقد أمرنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بتحريها، والحرص على قيامها ففي المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ»*، وعنها رضي الله عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ»*، وفي المتفق عليه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ»*.

وفق الله الجميع.
يتبع ...
رابط القناة 👇

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.
د. بندر الخضر.

*الدرس الثالث عشر: أحكام ليلة القدر (جزء٢)*.

*تاسعاً: تحديد ليلة القدر*. الأقرب في تحديد ليلة القدر أنها تنتقل بين أوتار العشر الأواخر، وأنها لا تختص بليلة معينة في كل الأعوام، وإن كانت أحرى ما تكون ليلة سبع وعشرين قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها". وهذا يستلزم من المسلم أن يجتهد في العبادة سائر ليالي العشر؛ ليدرك هذا الربح العظيم.

*عاشراً*: مشروعية الحرص على أنواع العبادات فيها، ومن ذلك مشروعية إحياء ليلها بالقيام بالصلاة ففي المتفق عليه عن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»*.

*الحادي عشر*: مشروعية الدعاء فيها والإكثار من طلب عفو الله. إن الدعاء في ليلة القدر هو من الدعاء في الأوقات الفاضلة وقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ، لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: *«قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي»*. فاحرص على هذا الدعاء وغيره من الأدعية النافعة، ولا يكن همّك هو طلب الدنيا بل علق قلبك بأمور الدّين، ولك طلب خيري الدنيا والآخرة.

*الثاني عشر*: لنحرص على تلاوة القرآن والذكر والصدقة وغير ذلك؛ فالعمل فيها خير من العمل في ألف شهر مما سواها من الليالي.

*الثالث عشر*: علامات ليلة القدر. هنالك عدة علامات: منها طلوع الشمس في صبيحتها صافية ليس لها شعاع ففي صحيح مسلم عن أبيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«... وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا»*، ومنها طلوع القمر فيها مثل شِقّ جَفْنَة ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: *«أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ، وَهُوَ مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ؟»*، والشِّق هو النصف والجَفْنَة هي القصعة وفيه إشارة إلى أنها إنما تكون في آخر الشهر، ومنها أنها ليلة معتدلة لا حارة ولا باردة ما رواه ابن خزيمة بسند صححه بعض المحدثين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: *«لَيْلَةٌ طَلْقَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تُصْبِحُ الشَّمْسُ يَوْمَهَا حَمْرَاءَ ضَعِيفَةً»*، لا يُرمى فيها بنجم فلا تُرى فيها الشهب التي تُرسل على الشياطين روى الطبراني بسند حسن عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: *«لَيْلَةُ الْقَدْرِ بَلْجَةٌ، أي مشرقة، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، .. وَلَا يُرْمَى فِيهَا بِنَجْمٍ، وَمِنْ عَلَامَةِ يَوْمَهَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ لَا شُعَاعَ لَهَا»*.

*الرابع عشر*: قد تحصل بعض هذه العلامات، وقد تحصل كلها، وقد لا يرى الإنسان أي علامة، ولا يعني ذلك أنه لم يدركها، فالصحيح أنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء أو سماعه، وإن كان ذلك قد يحصل مع بعض الناس فقد تُرى بالعين برؤية أنوارها وعلاماتها، أو بالمنام، أو بالشعور والإحساس الصادق قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (25/ 286): "وَقَدْ يَكْشِفُهَا اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ أَوْ الْيَقَظَةِ. فَيَرَى أَنْوَارَهَا أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْأَمْرُ"، وقال الإمام النووي رحمه الله: في المجموع (6/ 461): "اعْلَمْ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يَرَاهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى من بني آدم كل سنة في رَمَضَانَ كَمَا تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ وَأَخْبَارُ الصَّالِحِينَ بِهَا وَرُؤْيَتُهُمْ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ".

*الخامس عشر*: ذكر غير واحد من أهل العلم أنه يستحب لمن رآها أن يكتم ذلك؛ وفيه ابتعاد عن العجب والرياء وبعد عن تثبيط الناس عن الاجتهاد في بقية الليالي. فليحرص الجميع على إدراك فضل هذه الليلة.

*السادس عشر*: الحائض والنفساء ليستا محرومتين من فضل هذه الليلة، بل عليهن الانشغال بالذكر والتسبيح والاستغفار ونحو ذلك.

وفق الله الجميع.

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.
د. بندر الخضر.
*الموضوع الرابع عشر: أحكام ختام رمضان والعيد (ج١)*. ويشتمل على خمسة عشر فائدة:

*أولاً*: ينبغي الإكثار من حمد الله وشكره على ما يسّر من الصيام والقيام وغيره من العبادات، فهو محض فضله سبحانه قال تعالى: *{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}* [النور: 21].

*ثانياً*: ينبغي الإكثار من دعاء الله بالقبول، فالتوفيق للعمل الصالح نعمة عظيمة، وقبوله نعمة أعظم وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يدعو بعضهم لبعض بعد انتهاء الصيام بالقبول وقد قال تعالى: *{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}* [المؤمنون: 60]، فأكثر من دعاء الله بأن يتقبل عملَك مع اليقين بأنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً فهو القائل سبحانه: *{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}* [الأعراف: 43].

*ثالثاً*: ينبغي الإكثار في ختام الشهر من الاستغفار فقد كان هديُ النبي صلى الله عليه وسلم ختمَ الأعمال الصالحة بالاستغفار وفي مقدمتها الصلاة أول ما يسلم يستغفر، وفي ختام الحج قال تعالى: *{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}* [البقرة: 199]، وعند ختام المجلس، وقد قال تعالى: *{وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}* [الأنفال: 33].

*رابعاً*: ينبغي أن تطيب النفوس بإخراج زكاة الفطر، وهي طهرة للصيام من اللغو والرفث، وطُعْمَة للمساكين وإغناء لهم عن السؤال يوم العيد.

*خامساً*: ينبغي الحرص على التكبير عند تمام العدة، ويبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى صلاة العيد قال تعالى: *{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}* [البقرة: 185].

*سادساً*: ينبغي العزم على الدوام على العبادة، فهو دليل القبول والتقوى، والإنسان ليس مطالباً بالعبادة حتى يخرج رمضان، بل حتى يخرج من الدنيا قال تعالى: *{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}* [الحجر: 99]، ووداع الشهر ليس وداعاً للعبادة، وإنه لمن المؤسف أن تجد بعض الصائمين إذا ودَّع رمضان ترَك العبادة وهجر المسجد والقرآن، وتحوَّل من الطاعة إلى العصيان وقد قال تعالى: *{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}* [الأحزاب: 36]. وقال تعالى: *{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}* [الحجر: 99].

*سابعاً*: الاعتبار من رحيل الشهر وتذكر الرحيل عن الدنيا. فكما انقضى الشهر سينقضي العمر *{فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}* [لقمان: 33].
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
مما يستلزم الاستعداد للقاء الله والتهيؤ للانتقال من هذه الحياة والتحلل من مظالم العباد وحفظ الحقوق ورعاية الحرمات قال تعالى: *{فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}* [الروم: 38].

*ثامناً*: الوقوف مع النفس لرؤية ما أثمره الصوم، والإكثار من سؤال الله الثبات.

وفق الله الجميع.
يتبع ....
👇
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.

*الموضوع الرابع عشر: أحكام ختام رمضان والعيد (ج٢)*. ويشتمل على خمسة عشر فائدة:

*تاسعاً*: الفرح بالعيد. إن نعمة الله بالعيد نعمة عظيمة، وهو شعيرة من الشعائر الإسلامية الجليلة التي ينبغي التعبد لله تعالى بالفرح بها وفيها، وهو من تعظيم شعائر الله وقد قال تعالى: *{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}* [الحج: 32]. وفي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: *«وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»*.

*عاشراً*: مشروعية التنظف. يُشرَع التنظف للعيد، وأن يلبس جميل الثياب.

*الحادي عشر*: يسن الأكل قبل صلاة عيد الفطر، وأن يرفع الصوت بالتكبير حتى الشروع في صلاة عيد الفطر.

*الثاني عشر*: صلاة العيد عبادة عظيمة وطاعة جليلة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وواظب عليها وكذلك الصحابة الكرام، وهي من تمام ذكر الله، ويُشرَع الخروج للمصلى إلا من عذر.

*الثالث عشر: وقت الصلاة*. يبدأ وقتُ الجواز من ارتفاع الشمس قِيد رُمح أي: بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، وذلك عند جواز النافلة، ويسن أن يؤخر صلاة الفطر قليلاً بعد ذلك فتكون بعد طلوع الشمس بنصف ساعة أو ساعة إلا ربع، ويُكَره أن يؤخرها تأخيراً زائداً، وإنما يؤخرها قليلاً كما ذكرنا ليتسع الوقت لمن لم يخرج زكاة الفطر، وأما الانتهاء فينتهي وقت صلاة العيد بانتصاف النهار.

*الرابع عشر: كيفيتها*. هي ركعتان جماعة، وهي بدون أذان ولا إقامة، يفتتحها بتكبيرة الإحرام، ثم يأتي بدعاء الاستفتاح، وله أن يأتي بالتكبيرات الزوائد قبله، وهي سبع تكبيرات في الركعة الأولى غير تكبيرة الإحرام، وخمس في الركعة الثانية غير تكبيرة القيام، وكلاهما قبل القراءة، وبعض العلماء جعلها في الأولى سبعاً مع تكبيرة الإحرام، والتكبيرات الزوائد سنة، وله أن يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين، وهو ثابت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وله أن لا يقول شيئاً بين التكبيرات فيوالي بينها من غير ذِكر، ويُسن أن يرفع يديه مع كل تكبيرة، ويجهر بالتكبيرات، مع الإسرار بالذكر بينهن إن أتى به، ثم يأتي بعد ذلك بالاستعاذة، ثم البسملة والفاتحة، ثم يقرأ في الركعة الأولى: *(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)* وَفي الثانية: *(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)* أو يقرأ في الركعة الأولى *(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)* وفي الثانية: *(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)*، وله أن يقرأ غير ذلك مما تيسر من القرآن، والسنة أن تكون القراءة جهراً.

*الخامس عشر*: مما يُشرَع في العيد التوسعة على النفس والأهل والعيال والتبسط في المباحات من غير إسراف، وتبادل التهاني والدعاء بالقبول، والواجب هو تنظيف القلوب من الأحقاد والجمع بين جمال الظاهر والباطن.

وفق الله الجميع.

رابط الاشتراك في القناة. 👇
------------
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان لعام ١٤٤٦هـ*.
د. بندر الخضر.
*الدرس الخامس عشر: أحكام الست من شوال*. ويشتمل على تسع فوائد:

*أولاً: فضيلة صوم الست*. في صوم الست من شوال أجر التطوع بصوم شهرين فيكون مع رمضان كصيام العام؛ مما يستلزم الحرص على صومها ففي صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»*، وروى أحمد والنسائي بسند صحيح عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: *«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ»*، وفي رواية ابن ماجه: *«مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»*، وفي صومها تعويض للنقص الذي حصل في صوم الفريضة.

*ثانياً: الوقت*. يبدأ صوم الست من ثاني يوم في شوال، وينتهي بآخر يوم من شوال، وللإنسان ابتداء صومها بعد يوم العيد مباشرة، أو تأخيرها إلى ما بعد ذلك، وترجيح أفضلية أحد الأمرين راجع إلى ظروف الشخص وعمله، والأيسر له وحال المكان الذي هو فيه، ولكن يحرص الإنسان على الأجر فلا يسوّف حتى تفوت عليه.

*ثالثاً*: لو حصل خروج شوال دون صومه لها فهل يقضيها؟ بعض العلماء اختاروا عدم القضاء، وأنها سنة فات محلها، ومن كان معذوراً فأجره على الله، وبعضهم قال له القضاء، وأقول: الأصل هو المبادرة وعدم التسويف والحرص على فعل ما ورد في الوقت الذي حدده الشرع، أما المعذور فله صومها بعد ارتفاع العذر وفضل الله واسع.

*رابعاً: الكيفية*. للشخص أن يصومها متتابعة ومتفرقة، والتتابع أفضل، وفيه مسارعة إلى الخير ومبادرة في فعله وهو أظهر في التطبيق للفظ الحديث "أتبعه".

*خامساً: حكم تقديم صومها على القضاء*. الأفضل المبادرة بالقضاء تعجيلاً في إبراء الذمة، والإنسان لا يدري عن الذي يعرض له، وفيه موافقة للفظ الحديث أن صوم الست جاء بعد إتمام صوم رمضان أداءً أو أداءً وقضاءً، ولا شك أن ذلك هو الأفضل والأكمل، ولكن مذهب جمهور العلماء أنه لو صام الست أولاً فلا حرج؛ وهو كتنفّل الإنسان بالصلاة بعد دخول وقت فريضتها، ووقت الست ضيّق محصور في شوال ووقت القضاء واسع وهو في سائر العام قبل دخول رمضان التّالي وهو ظاهر القرآن حيث قال تعالى: *{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}* [البقرة: 184]، ولفعل عائشة رضي الله عنها ففي صحيح مسلم عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قالت: *«كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ»*. وقد كانت رضي الله عنها تصوم يوم عرفة كما ثبت في الموطأ وغيره.

*سادساً*: حكم الجمع بين نية صيام الست وصوم البيض أو الاثنين والخميس. لا حرج فيه، وهو من جنس دخول تحية المسجد في السنة الراتبة.

*سابعاً*: الجمع بين نية صوم الست وصوم واجب ككفارة يمين أو قضاء ونذر ونحوه فلا يجزئ حيث لا يجوز التشريك بين نية واجب ونية نفل فكل منهما عبادة مقصودة بذاتها.

*ثامناً*: حكم تبييت النية في صوم الست. ليس بشرط؛ إذ هو من صوم التطوع فللإنسان أن يعزم على الصوم من النهار ما دام لم يتناول مفطّراً.

*تاسعاً*: من بدأ في صوم يوم من أيام الست ثم أفطر فلا يلزمه القضاء كشأن صوم التطوع فقد روى أبو داود بسند صحيح عن أم هانئ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَفْطَرْتُ، وَكُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ لَهَا: *«أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا؟»*، قَالَتْ: لَا، قَالَ: *«فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا»*.

تقبل الله من الجميع.

http://www.tg-me.com/dr_alkhader
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات انتهينا من الدورة العلمية لأحكام الصيام ورمضان.
تقبل الله من الجميع.
*س/ هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يهنئ الصحابة رضي الله عنهم بدخول رمضان؟*

ج/ نعم لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهنئ الصحابة رضي الله عنهم بحلول رمضان ويبشرهم بما يحمله هذا الشهر من فضائل وخصائص، ويوصيهم بالاجتهاد في العبادة فقد أخرج أحمد والنسائي بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ»*.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف (ص: 158): "قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان".

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
---------
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
إليكم جميعاً:

مبارك عليكم بلوغ الشهر، فإن أناساً كانوا معنا في رمضانات سابقة ولم يدركوا رمضان هذا العام، بل إن أناساً دخل عليهم شعبان هذا العام وهم من أهل الوجود ولم يخرج إلا وهم من أهل اللحود؛ مما يستلزم أن نشكر الله على ذلك بحسن استغلاله واغتنام أوقاته، سائلاً الله أن يجعله شهر خير وبركة علينا وعليكم وفرج على بلدنا وسائر بلاد المسلمين.

أخوكم/ د. بندر الخضر.
*س/ ما هي النصيحة مع وصول رمضان🌙؟*

ج/ *أنصح نفسي والجميع بخمسة أمور* وهي ما يلي:

1⃣ *أولاً: الفرح بهذه النعمة العظيمة والمنّة الكبيرة،* قال تعالى: { *قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ* } [سورة يونس: آية 58]. ومواسم الخير هي منحة من الله لعباده ليزدادوا قرباً منه وصلاحاً وتقوى ومراجعة لأحوالهم، ومن أعظم هذه المواسم شهر رمضان المبارك.

2⃣ *ثانياً: حمد الله وشكره على ذلك،* فهي نعمة عظيمة ومنحة كبيرة لمن مد الله له في العمر حتى يدرك رمضان، فإدراك رمضان هو فتح باب أجر وثواب عظيم وقد جاء في مسند أحمد بسند حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « *أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟* ».

3⃣ *ثالثاً: الاجتهاد في العبادة والطاعة وحسن اغتنام هذا الشهر وعمارة أيامه ولياليه وكل لحظاته بما يجلب الأجر والنفع،* وقد جاء في صحيح ابن حبان بسند صحيح عن مَالِك بْن الْحَسَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ.*

4⃣ *رابعاً: الحرص على تفقد أحوال بعضنا ومواساة المحتاجين والعودة بالخير على والدينا وأولادنا وأقاربنا وجيراننا وعموم الناس،* وسلامة صدورنا لبعضنا وقد أخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « *ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ* ».

5⃣ *خامساً: الإكثار من دعاء الله بالتوفيق فيه والإعانة على الخير* وقد جاء في سنن أبي داود بسند صحيح عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: « *يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ* »، فَقَالَ: " *أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ* ".

وفق الله الجميع.

🖋د. بندر الخضر.
_
للا
شتراك في قناة التلجرام :
https://www.tg-me.com/dr_alkhader
*(الدروس الرمضانية🌙)*
  للدكتور بندر الخضر

*الدرس الأول:* فيه:
◀️ بيان تعريف الصيام، وما هي أركانه؟
◀️ ووقت النية؟ وبيان المقصود بالنية؟
◀️ وهل تكفي نية واحدة لصيام رمضان؟ أم لكل يوم نية مستقلة؟
◀️ وعلاقة النية بمغفرة الذنب؟
------
رابط الدرس على اليوتيوب:
https://youtu.be/qUyi00iM4p8
*س/ ما حكم النية في الصيام؟ وكيفيتها؟ ومتى وقتها؟ وهل لا بد من تجديدها لكل يوم؟*

ج/ 🔴 *النية شرط في صحة الصيام* وركن من أركانه فلا يصح الصوم إلا بنية،

وأما *كيفيتها* فهي عزم القلب على الفعل .

وأما *وقتها* فسائر الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر فمن عَزَم في أي جزء من أجزاء الليل على صوم اليوم التالي فقد نوى،
📌 فيُشتَرط في النية بالنسبة للصوم الواجب تبييتها بالليل ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد طلوع الفجر لما رواه النسائي بسند صحيح عن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « *مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلا صِيَامَ لَهُ* ».
📌 وكل يوم عبادة مستقلة فيعزم بقلبه كل ليلة من ليالي الشهر على صوم اليوم الذي يلي تلك الليلة،
📌 وعند بعض العلماء تكفي نية واحدة لشهر رمضان كله ما دام صامه متتابعاً ولم يحصل له شيء يقطع عليه التتابع، *ولكن مقتضى الأدلة يلزم منه أن يجدد عزمه على الصيام كل ليلة* . تقبل الله من الجميع.

🖋 د. بندر الخضر.
___
رابط القناة:
https://www.tg-me.com/Dr_alkhader
*س/ متى فرض الصيام🕐 ؟ وما هو الفضل المترتب عليه؟*
ج/
فرضية الصيام كانت في السنة الثانية من الهجرة بالإجماع. ومات النبي صلى الله عليه وسلم وقد صام تسعة رمضانات.
وللصيام فضائل عظيمة من
📌كسب الثواب ونيل الأجر،
📌وتكفير الخطايا ورفع الدرجات،
📌والشفاعة لصاحبه يوم القيامة،
📌واستجلاب الفرح في الدنيا والآخرة،
📌والسلامة من العذاب وتحصيل مغفرة الله ودخول الجنة
وغير ذلك مما وردت به الكثير من النصوص ففي المتفق عليه واللفظ لمسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « *كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ* ». فلنستشعر هذه الفضائل العظيمة ونكرر سؤال الله أن يكرمنا بها.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
___
رابط الاشتراك في القناة.
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*مدرسة الصيام (1)*
       🖋️ د. بندر الخضر.

الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل لا بد أن يؤثر على الإنسان التأثير الإيجابي في مختلف جوانب حياته ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»*.

وأخرج أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ»*.

وفق الله الجميع.
*مدرسة الصيام (2)*
       🖋️ د. بندر الخضر.

إن في الصيام تذكيراً للمسلم بنعمة الله عليه؛ فإن إلف النعم ربما أفقد الإنسان الإحساس بقيمتها، فحين يمتنع عن التمتع بالطعام والشراب في نهار الصيام يتذكر نعمة الله عليه بما يأكل ويشرب طوال العام؛ فيدعوه ذلك إلى الإحساس بآلام الفقراء والمحرومين وأصحاب الأكباد الجائعة من المساكين الذين يعيشون المعاناة في مختلف أيام السنة،

فيشكر ربه بإنفاق المال في وجوه الخير والسعي في تخفيف معاناة المحتاجين، فيكون في شكره لله الاستجلاب للمزيد من نعمه سبحانه قال تعالى: *{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}* [إبراهيم: 7].

وفق الله الجميع.
2025/07/04 03:51:43
Back to Top
HTML Embed Code: