الْحَدِيثُ الخَامِسِ
عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (... وَثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَظَلَّهُ اللهُ تَعَالَى تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْوُضُوءُ فِي الْمَكَارِهِ؛ وَالْمَشْيُ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ؛ وَإِطْعَامُ الْجَائِعِ). [ضعيف جداً، أخرجه: إسماعيل الأصبهاني/الترغيب والترهيب(149)(1/ 138)]
وَعَنْهُ رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَطْعَمَ الْجَائِعَ؛ أَظَلَّهُ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ). [ضعيف، أخرجه: الطبراني/مكارم الأخلاق(164)(ص373)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: فِيهِ فَضْلُ إِتْقَانِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ أَيْ: فِي ظُرُوفِ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ، كَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَالْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ، يُؤَدِّيهِ وَافِيَاً بِوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ اللهَ يُحِبُّ إِتْقَانَ الْعَمَلِ وَيَرْضَى بِهِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ) [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(897)(1/ 257)]، فَحَرَصَ عَلَى إِتْقَانِ الْوُضُوءِ، وَرَاقَبَ اللهَ فِيهِ؛ طَامِعَاً أَنْ يَمْحُوَ عَنْهُ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعَ لَهُ الدَّرَجَاتِ، وَيُجْرِي لَهُ أَجْرَ الرِّبَاطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟) قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(251)(1/ 219)]
وَعَنْه رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَفَّارَاتُ الْخَطَايَا، إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَإِعْمَالُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ). [صحيح، أخرجه: ابن ماجه/سننه(428)(1/ 148)]
وَعَنْهُ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(244)(1/ 215)]
عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (... وَثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَظَلَّهُ اللهُ تَعَالَى تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْوُضُوءُ فِي الْمَكَارِهِ؛ وَالْمَشْيُ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ؛ وَإِطْعَامُ الْجَائِعِ). [ضعيف جداً، أخرجه: إسماعيل الأصبهاني/الترغيب والترهيب(149)(1/ 138)]
وَعَنْهُ رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَطْعَمَ الْجَائِعَ؛ أَظَلَّهُ اللَّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ). [ضعيف، أخرجه: الطبراني/مكارم الأخلاق(164)(ص373)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: فِيهِ فَضْلُ إِتْقَانِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ أَيْ: فِي ظُرُوفِ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ، كَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَالْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ، يُؤَدِّيهِ وَافِيَاً بِوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ اللهَ يُحِبُّ إِتْقَانَ الْعَمَلِ وَيَرْضَى بِهِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ) [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(897)(1/ 257)]، فَحَرَصَ عَلَى إِتْقَانِ الْوُضُوءِ، وَرَاقَبَ اللهَ فِيهِ؛ طَامِعَاً أَنْ يَمْحُوَ عَنْهُ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعَ لَهُ الدَّرَجَاتِ، وَيُجْرِي لَهُ أَجْرَ الرِّبَاطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟) قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: (إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(251)(1/ 219)]
وَعَنْه رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (كَفَّارَاتُ الْخَطَايَا، إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَإِعْمَالُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ). [صحيح، أخرجه: ابن ماجه/سننه(428)(1/ 148)]
وَعَنْهُ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ - أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ -، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(244)(1/ 215)]
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَإِنْ قَعَدَ قَعَدَ مَغْفُورًا لَهُ). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير(7560)(8/ 123)]
وَفِي رِوَايَةٍ: (إِذَا تَوَضَّأَ الْمُسْلِمُ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ كُفِّرَ بِهِ مَا عَمِلَتْهُ يَدَاهُ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كُفِّرَ عَنْهُ مَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنَاهُ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ كُفِّرَ عَنْهُ مَا سَمِعَتْ أُذُنَاهُ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ كُفِّرَ عَنْهُ مَا مَشَتْ إِلَيْهِ قَدَمَاهُ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَهِيَ فَضِيلَةٌ). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الصغير(1099)(2/ 242)]
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(245)(1/ 149)]
فَمَا أَيْسَرَهُ مِنْ عَمَلٍ، وَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ جَزَاءٍ، الْمُؤْمِنُ يَتَوَضَّأُ فِي ظُرُوفٍ مُشِقَّةٍ لَا تَفُوتُ بِهَا عَافِيَةٌ، وَلَا يَحْصُلُ بِهَا هَلَاكٌ.. وُضُوءٌ عَلَى الْبَرْدِ أَوْ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ يُتْقِنُهُ كَأَنَّ اللهَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ؛ لِيُعْرِبَ عَنْ حُبِّهِ للهِ، وَحِرْصِهِ عَلَى رِضَاهُ، فَيُقَابِلُهُ اللهُ عز وجل بِطَهَارَةِ بَدَنِهِ مِنْ قَذَرِ السَّيِّئَاتِ، وَيُكْرِمُهُ بِتَكْثِيرِ الْحَسَنَاتِ، وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَتَوَالِي الْأَجْرِ حَتَّى تَزُولَ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَيُؤَمِّنُهُ مِنَ الْمَخَاوِفِ الْمُفْزِعَاتِ، فَيُظِلُّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ تَكُونُ الشَّمْسُ شَدِيدَةَ الْقُرْبِ مِنْ رُؤُوسِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ ظِلٍّ إِلَّا ظِلُّ عَرْشِهِ سُبْحَانَهُ.
الثَّانِيَةُ: وَفِيهِ فَضْلُ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَاتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، لَمْ تُثْنِهِ عَتْمَةُ الْلَّيْلِ، وَلَا عَقَبَةُ الطَّرِيقِ، وَلَا كَثْرَةُ الْخُطَا وَبُعْدُ الْمَسَافَةِ عَنْ شُهُودِ الصَّلَوَاتِ؛ طَمَعَاً فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ، وَالِانْضِمَامِ إِلَى أَهْلِ الْإِحْسَانِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ؛ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(656)(2/ 125)]
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(555)(1/ 218)]
وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(657)(1/454)]
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ؛ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي عَهْدِهِ، فَمَنْ قَتَلَهُ طَلَبَهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُبَّهُ فِي النَّارِ، عَلَى وَجْهِهِ). [صحيح، أخرجه: ابن ماجه/سننه(3945)(2/ 1301)]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَشَى فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ لَقِيَ اللَّهَ بِنُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [أخرجه: الطبراني/مسند الشاميين( 3488)(4/ 337)]
وَفِي رِوَايَةٍ: (إِذَا تَوَضَّأَ الْمُسْلِمُ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ كُفِّرَ بِهِ مَا عَمِلَتْهُ يَدَاهُ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كُفِّرَ عَنْهُ مَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنَاهُ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ كُفِّرَ عَنْهُ مَا سَمِعَتْ أُذُنَاهُ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ كُفِّرَ عَنْهُ مَا مَشَتْ إِلَيْهِ قَدَمَاهُ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَهِيَ فَضِيلَةٌ). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الصغير(1099)(2/ 242)]
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(245)(1/ 149)]
فَمَا أَيْسَرَهُ مِنْ عَمَلٍ، وَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ جَزَاءٍ، الْمُؤْمِنُ يَتَوَضَّأُ فِي ظُرُوفٍ مُشِقَّةٍ لَا تَفُوتُ بِهَا عَافِيَةٌ، وَلَا يَحْصُلُ بِهَا هَلَاكٌ.. وُضُوءٌ عَلَى الْبَرْدِ أَوْ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَوِ السَّفَرِ يُتْقِنُهُ كَأَنَّ اللهَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ؛ لِيُعْرِبَ عَنْ حُبِّهِ للهِ، وَحِرْصِهِ عَلَى رِضَاهُ، فَيُقَابِلُهُ اللهُ عز وجل بِطَهَارَةِ بَدَنِهِ مِنْ قَذَرِ السَّيِّئَاتِ، وَيُكْرِمُهُ بِتَكْثِيرِ الْحَسَنَاتِ، وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وَتَوَالِي الْأَجْرِ حَتَّى تَزُولَ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَيُؤَمِّنُهُ مِنَ الْمَخَاوِفِ الْمُفْزِعَاتِ، فَيُظِلُّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ تَكُونُ الشَّمْسُ شَدِيدَةَ الْقُرْبِ مِنْ رُؤُوسِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ ظِلٍّ إِلَّا ظِلُّ عَرْشِهِ سُبْحَانَهُ.
الثَّانِيَةُ: وَفِيهِ فَضْلُ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَاتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، لَمْ تُثْنِهِ عَتْمَةُ الْلَّيْلِ، وَلَا عَقَبَةُ الطَّرِيقِ، وَلَا كَثْرَةُ الْخُطَا وَبُعْدُ الْمَسَافَةِ عَنْ شُهُودِ الصَّلَوَاتِ؛ طَمَعَاً فِي زِيَادَةِ الْأَجْرِ، وَالِانْضِمَامِ إِلَى أَهْلِ الْإِحْسَانِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ؛ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(656)(2/ 125)]
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(555)(1/ 218)]
وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ). [أخرجه: مسلم/صحيحه(657)(1/454)]
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ؛ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي عَهْدِهِ، فَمَنْ قَتَلَهُ طَلَبَهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُبَّهُ فِي النَّارِ، عَلَى وَجْهِهِ). [صحيح، أخرجه: ابن ماجه/سننه(3945)(2/ 1301)]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَشَى فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ لَقِيَ اللَّهَ بِنُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [أخرجه: الطبراني/مسند الشاميين( 3488)(4/ 337)]
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(561)(1/ 154)]
وَإِنَّ رَجُلَاً يُؤْثِرُ طَاعَةَ اللهِ عَلَى رَاحَةِ نَفْسِهِ، مُعْلِنَاً بَرَاءَتَهُ مِنَ النِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِقَ يَتَثَاقَلُ عَنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا يُبَادِرُ إِلَيْهَا إِلَّا أَهْلُ الْكَمَالَاتِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا). [أخرجه: البخاري/صحيحه(657)(1/132)، مسلم/صحيحه(651)(2/ 123)]
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَقَالَ: (أَشَاهِدٌ فُلَانٌ؟) قَالُوا: لَا، فَقَالَ: (أَشَاهِدٌ فُلَانٌ؟) قَالُوا: لَا، قَالَ: (إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ فَضْلَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا). [حسن، أخرجه: أبو داود/سننه(554)(1/ 151)]
فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَعْجَبُ رِضَاً بِصَنِيعِهِ، وَيُكَافِؤُهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ بِالْمَزِيدِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ اللهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(5112)(9/ 122)]
[الجمع والجميع معناهما واحد، وهو: جماعة الناس]
وَيَمْحُو عَنْهُ ذُنُوبَهُ؛ لِيَلْقَاهُ طَيِّبَ النَّفْسِ، وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: 73].
وَيَزِيدُهُ كَرَامَةً، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَجْعَلُهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ فَوْقَ فِرْدَوْسِ جَنَّتِهِ الْأَعْلَى، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُهَا.
الثَّالِثَةُ: وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ بِلَازِمِهِ عَلَى فَوْتِ الْأَجْرِ عَمَّنْ تَهَاوَنَ فِي وُضُوئِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ، قَالَ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(165)(1/ 44)، مسلم/صحيحه (242)(1/214)]
عَلَى أَنَّ الْمُتَهَاوِنَ فِي الْأَعْمَالِ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْإِتْقَانِ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَبْغُوضٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ) [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(897)(1/ 257)]؛ فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى بُغْضِ مَنْ لَمْ يُتْقِنْ.
وَيَدَلُّ بِلَازِمِهِ أَيْضَاً أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ صَلَوَاتِ الْعَتَمَةِ يَفُوتُهُ الْأَمْنُ مِنْ أَهْوَالِ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَظًّا مِنْ نِفَاقٍ، فَثَبَّطَهُ اللَّهُ وَأَقْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمَعَالِي، وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ فِي الْكَرَائِمِ وَالْعَظَائِمِ؛ لِسُوءِ طَوِيَّتِهِ وَفَسَادِ قَلْبِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(1/117)، مسلم/صحيحه(651)(1/651)]
وَأَخْرَجَهُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ، وَوَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ، دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ حَدِيثِ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ؛ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(657)(1/454)]، فَمَنْ ضَيَّعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ.
وَحَرَمَهُ اللهُ النُّورَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(561)(1/ 154)]
وَإِنَّ رَجُلَاً يُؤْثِرُ طَاعَةَ اللهِ عَلَى رَاحَةِ نَفْسِهِ، مُعْلِنَاً بَرَاءَتَهُ مِنَ النِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِقَ يَتَثَاقَلُ عَنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا يُبَادِرُ إِلَيْهَا إِلَّا أَهْلُ الْكَمَالَاتِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا). [أخرجه: البخاري/صحيحه(657)(1/132)، مسلم/صحيحه(651)(2/ 123)]
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَقَالَ: (أَشَاهِدٌ فُلَانٌ؟) قَالُوا: لَا، فَقَالَ: (أَشَاهِدٌ فُلَانٌ؟) قَالُوا: لَا، قَالَ: (إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ فَضْلَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا). [حسن، أخرجه: أبو داود/سننه(554)(1/ 151)]
فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَعْجَبُ رِضَاً بِصَنِيعِهِ، وَيُكَافِؤُهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ بِالْمَزِيدِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ اللهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمِيعِ). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(5112)(9/ 122)]
[الجمع والجميع معناهما واحد، وهو: جماعة الناس]
وَيَمْحُو عَنْهُ ذُنُوبَهُ؛ لِيَلْقَاهُ طَيِّبَ النَّفْسِ، وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: 73].
وَيَزِيدُهُ كَرَامَةً، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَجْعَلُهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ فَوْقَ فِرْدَوْسِ جَنَّتِهِ الْأَعْلَى، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُهَا.
الثَّالِثَةُ: وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ بِلَازِمِهِ عَلَى فَوْتِ الْأَجْرِ عَمَّنْ تَهَاوَنَ فِي وُضُوئِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمِطْهَرَةِ، قَالَ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، فَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(165)(1/ 44)، مسلم/صحيحه (242)(1/214)]
عَلَى أَنَّ الْمُتَهَاوِنَ فِي الْأَعْمَالِ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْإِتْقَانِ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَبْغُوضٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ) [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(897)(1/ 257)]؛ فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى بُغْضِ مَنْ لَمْ يُتْقِنْ.
وَيَدَلُّ بِلَازِمِهِ أَيْضَاً أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ صَلَوَاتِ الْعَتَمَةِ يَفُوتُهُ الْأَمْنُ مِنْ أَهْوَالِ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَظًّا مِنْ نِفَاقٍ، فَثَبَّطَهُ اللَّهُ وَأَقْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمَعَالِي، وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ فِي الْكَرَائِمِ وَالْعَظَائِمِ؛ لِسُوءِ طَوِيَّتِهِ وَفَسَادِ قَلْبِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(1/117)، مسلم/صحيحه(651)(1/651)]
وَأَخْرَجَهُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ، وَوَكَلَهُ إِلَى نَفْسِهِ، دَلَّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ حَدِيثِ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ؛ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(657)(1/454)]، فَمَنْ ضَيَّعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ.
وَحَرَمَهُ اللهُ النُّورَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(561)(1/ 154)]
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: (وَإطْعَامُ الْجَائِع) فِيهِ فَضْلُ إِطْعَامِ الْجَائِعِ، وَهُوَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْإِحْسَانِ الْمَمْزُوجِ بِالرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ مِنْ مُسْتَبْصِرٍ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرْحَمُ الرُّحَمَاءَ، وَيُحِبُّ تَفْرِيجَ الْكُرْبَةِ، وَإِقَالَةَ الْعَثْرَةِ، وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى الْمُحْتَاجِ؛ فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً). [حسن لغيره، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(5081)(5/ 202)]
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير(13646)(12/ 453)]
وَعَلِمَ أَنَّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ خَيْرُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُبَادِرُ إِلَيْهِ إِلَّا خَيْرُ النَّاسِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ، عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(5882)(5/ 2302)، مسلم/صحيحه(39)(1/65)]
وَعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ). [حسن صحيح، أخرجه: أحمد/مسنده(23926)(39/348)]
وَإِنَّ اللهَ يُكَافِئ مَنْ يُطْعِمُ الطَّعَامَ بِغُرَفٍ فِي أَعَالِي الْجِنَانِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ: (إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفً، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا)، قَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (لِمَنْ أَلَانَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ). [حسن لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(6615)(11/ 186)]
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ تعالى لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ). [حسن، أخرجه: ابن حبان/صحيحه(741)(1/ 497)]
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير(13646)(12/ 453)]
وَعَلِمَ أَنَّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ خَيْرُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُبَادِرُ إِلَيْهِ إِلَّا خَيْرُ النَّاسِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ، عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَعَلَى مَنْ لَمْ تَعْرِفْ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(5882)(5/ 2302)، مسلم/صحيحه(39)(1/65)]
وَعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ). [حسن صحيح، أخرجه: أحمد/مسنده(23926)(39/348)]
وَإِنَّ اللهَ يُكَافِئ مَنْ يُطْعِمُ الطَّعَامَ بِغُرَفٍ فِي أَعَالِي الْجِنَانِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَ: (إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفً، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا)، قَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (لِمَنْ أَلَانَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ). [حسن لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(6615)(11/ 186)]
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ تعالى لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ). [حسن، أخرجه: ابن حبان/صحيحه(741)(1/ 497)]
وَإِنَّ اللَّهَ يُكَافِئُ مَنْ يُطْعِمُ الطَّعَامَ بِجَزَاءٍ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ، فَكَمَا سَكَّنَ أَلَمَ الْبُطُونِ الْجَائِعَةِ بِطَعَامِهِ؛ يُسَكِّنُ اللَّهُ قَلْبَهُ مِنْ مَخَاوِفِ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَشِدَّةِ الْمَوْقِفِ، وَسُوءِ الْحِسَابِ، فَيَظِلُّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.
وَيَدُلُّ بِلَازِمِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ طَعَامٍ وَأَخُوهُ أَوْ جَارُهُ جَائِعٌ؛ فَقَدْ ضَيَّعَ حَقَّ اللَّهِ فِيهِمْ، وَانْتَهَى إلَى شَرٍّ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: 180].
وَلَئِنْ عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ بِالنَّارِ؛ لِإِجَاعَةِ هِرَّةٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ أَجَاعَ مُسْلِمَاً فَمَنعَهُ فَضْلَ طَعَامِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ أَلَّا يَفْعَلَ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا أَوْ هِرٍّ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمِّمُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا). [أخرجه: البخاري/صحيحه(3318)(4/ 130)، مسلم/صحيحه(2619)(8/97)]
وَلَئِنْ عَفَا اللهُ عَنْ بَغِيٍّ أَنْ سَقَتْ كَلْبَاً ظَمِئَاً، فَكَيْفَ بِمَنْ سَقَا مُسْلِمَاً أَوْ أَطْعَمَهُ!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا). [أخرجه: مسلم/صحيحه(2245)(4/ 1761)]
۞۞۞۞
وَيَدُلُّ بِلَازِمِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ طَعَامٍ وَأَخُوهُ أَوْ جَارُهُ جَائِعٌ؛ فَقَدْ ضَيَّعَ حَقَّ اللَّهِ فِيهِمْ، وَانْتَهَى إلَى شَرٍّ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: 180].
وَلَئِنْ عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ بِالنَّارِ؛ لِإِجَاعَةِ هِرَّةٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ أَجَاعَ مُسْلِمَاً فَمَنعَهُ فَضْلَ طَعَامِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ أَلَّا يَفْعَلَ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا أَوْ هِرٍّ رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمِّمُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا). [أخرجه: البخاري/صحيحه(3318)(4/ 130)، مسلم/صحيحه(2619)(8/97)]
وَلَئِنْ عَفَا اللهُ عَنْ بَغِيٍّ أَنْ سَقَتْ كَلْبَاً ظَمِئَاً، فَكَيْفَ بِمَنْ سَقَا مُسْلِمَاً أَوْ أَطْعَمَهُ!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا). [أخرجه: مسلم/صحيحه(2245)(4/ 1761)]
۞۞۞۞
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة والأخوات حفظكم الله
نطمئنكم أننا بخير، ووالدنا فضيلة الشيخ سلمان الداية كذلك بخير، ولله الحمد.
ونسأل الله أن يعجل بالفرج، وأن يكشف الكرب عن أهلنا أجمعين
وشكر الله لكم اهتمامكم وسؤالكم، ولا حرمنا الله منكم.
الإخوة والأخوات حفظكم الله
نطمئنكم أننا بخير، ووالدنا فضيلة الشيخ سلمان الداية كذلك بخير، ولله الحمد.
ونسأل الله أن يعجل بالفرج، وأن يكشف الكرب عن أهلنا أجمعين
وشكر الله لكم اهتمامكم وسؤالكم، ولا حرمنا الله منكم.
عطفاً على المنشور السابق..
نعزي شيخنا فضيلة أ.د. سلمان نصر الداية في استشهاد عدد من قرابته.
وإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نعزي شيخنا فضيلة أ.د. سلمان نصر الداية في استشهاد عدد من قرابته.
وإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الْكَشْفُ عَنْ صِفَاتِ مَنْ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَحْتَ الْعَرْشِ
الْحَدِيثُ السَّادِسُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ: يَا خَلِيلِي، حَسِّنْ خُلُقَكَ، وَلَوْ مَعَ الْكَافِرِ تَدْخُلُ مَدْخَلَ الْأَبْرَارِ، فَإِنَّ كَلِمَتِي سَبَقَتْ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ: أَنْ أُظِلَّهُ تَحْتَ عَرْشِي، وَأَنْ أَسْقِيَهُ مِنْ حَظِيرَةِ قُدْسِي، وَأَنْ أُدْنِيَهُ مِنْ جِوَارِي). [ضعيف، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(6506)(6/ 315)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: فِيهِ فَضْلُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَزَيَّنَهُمْ بِهِ، وَجَعَلَ حَظَّهُمْ مِنْهُ وَافِرًا، وَجَاءَتْ بِهِ رِسَالَاتُهُمْ، وَقَدْ عَظَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ) [أخرجه: مسلم/صحيحه (2553)(4/980)]، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِرَّ جَامِعُ كُلِّ حَسَنٍ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَقَدْ حَصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حُسْنِ الْخُلُقِ؛ تَنْبِيهًا لِشَرَفِهِ، وَتَحْرِيضًا عَلَى التَّخَلُّقِ بِهِ؛ وَلِهَذَا التَّعْبِيرِ نَظَائِرُ مِنْهَا: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ)، وَمِنْهَا: (الْحَجُّ عَرَفَةُ).
وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ مَقْصِدُ كُلِّ عِبَادَةٍ، فَمَا مِنْ عِبَادَةٍ شُرِعَتْ إِلَّا وَتُسْهِمُ فِي بِنَاءِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَالصَّلَاةُ شُرِعَتْ؛ لِتَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ قَالَ: (إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ. [صحيح، أخرجه: أحمد/ مسنده(9778) (15/ 483)]
وَالزَّكَاةُ شُرِعَتْ؛ لِطَهَارَةِ الْقَلْبِ مِنْ الشُّحِّ، وَتَحْقِيقِ خُلُقِ الْجُودِ، وَالْكَرَمِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].
وَشُرِعَ الصَّوْمُ لِتَقْوَى الْقَلْبِ، وَحَبْسِ الْجَوَارِحِ عَنِ الْإِثْمِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ، وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(1904)(3/26)، مسلم/صحيحه(1151)(2/807)]
وَشُرِعَ الْحَجُّ لِلْكَفِّ عَنْ سُوءِ الْخُلُقِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197].
وَعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(1521)(2/ 133)، مسلم/صحيحه(1350)(2/984)]
الْحَدِيثُ السَّادِسُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ: يَا خَلِيلِي، حَسِّنْ خُلُقَكَ، وَلَوْ مَعَ الْكَافِرِ تَدْخُلُ مَدْخَلَ الْأَبْرَارِ، فَإِنَّ كَلِمَتِي سَبَقَتْ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ: أَنْ أُظِلَّهُ تَحْتَ عَرْشِي، وَأَنْ أَسْقِيَهُ مِنْ حَظِيرَةِ قُدْسِي، وَأَنْ أُدْنِيَهُ مِنْ جِوَارِي). [ضعيف، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(6506)(6/ 315)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: فِيهِ فَضْلُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَزَيَّنَهُمْ بِهِ، وَجَعَلَ حَظَّهُمْ مِنْهُ وَافِرًا، وَجَاءَتْ بِهِ رِسَالَاتُهُمْ، وَقَدْ عَظَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ) [أخرجه: مسلم/صحيحه (2553)(4/980)]، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبِرَّ جَامِعُ كُلِّ حَسَنٍ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَقَدْ حَصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حُسْنِ الْخُلُقِ؛ تَنْبِيهًا لِشَرَفِهِ، وَتَحْرِيضًا عَلَى التَّخَلُّقِ بِهِ؛ وَلِهَذَا التَّعْبِيرِ نَظَائِرُ مِنْهَا: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ)، وَمِنْهَا: (الْحَجُّ عَرَفَةُ).
وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ مَقْصِدُ كُلِّ عِبَادَةٍ، فَمَا مِنْ عِبَادَةٍ شُرِعَتْ إِلَّا وَتُسْهِمُ فِي بِنَاءِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَالصَّلَاةُ شُرِعَتْ؛ لِتَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ قَالَ: (إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ. [صحيح، أخرجه: أحمد/ مسنده(9778) (15/ 483)]
وَالزَّكَاةُ شُرِعَتْ؛ لِطَهَارَةِ الْقَلْبِ مِنْ الشُّحِّ، وَتَحْقِيقِ خُلُقِ الْجُودِ، وَالْكَرَمِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].
وَشُرِعَ الصَّوْمُ لِتَقْوَى الْقَلْبِ، وَحَبْسِ الْجَوَارِحِ عَنِ الْإِثْمِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ، وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(1904)(3/26)، مسلم/صحيحه(1151)(2/807)]
وَشُرِعَ الْحَجُّ لِلْكَفِّ عَنْ سُوءِ الْخُلُقِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: 197].
وَعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(1521)(2/ 133)، مسلم/صحيحه(1350)(2/984)]
وَمِنْ مَقَاصِدِ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِتْمَامُ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ). [صحيح، أخرجه: أحمد/مسنده(8952)(14/512)]
وَخَيْرُ مَا يُعْطَاهُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا الْخُلُقُ الْحَسَنُ، فَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْإِنْسَانُ؟ فَقَالَ: (خُلُقٌ حَسَنٌ). [صحيح، أخرجه: الطبراني/المعجم الصغير(559)(1/ 337)]
وَهُوَ أَثْقَلُ مَا يُوْضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(2002)(4/ 362)]
وَخَيْرُ النَّاسِ وَأَكْمَلُهُمْ إِيمَانَاً: صَاحِبُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: (خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا). [صحيح لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(9235)(15/ 129)]
وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا). [صحيح، أخرجه: أبو داود/مسنده(4682)(4/220)]
وَهُوَ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ وَأُمَّتِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنهما أَرَادَ سَفَرًا فقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ: (اعْبُدِ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا) قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: (إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: (اسْتَقِمْ، وَلْيَحْسُنْ خُلُقُكَ). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(8747)(3/318)]
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ). [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(1987)(3/ 527)]
وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ مَنْزِلَةَ قَائِمِ الْلَّيْلِ، وَصَائِمِ النَّهَارِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(4798)(4/ 252)]
وَإِنَّ صَاحِبَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، مَا يَتَكَلَّمُ مِنَّا مُتَكَلِّمٌ إِذْ جَاءَهُ أُنَاسٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِي كَذَا، أَفْتِنَا فِي كَذَا، .. حَتَّى قَالُوا: فَمَنْ أَحَبُّ عِبَادِ اللهِ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: (أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير (471)(1/ 181)]
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(2018)(3/ 545)]
وَخَيْرُ مَا يُعْطَاهُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا الْخُلُقُ الْحَسَنُ، فَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْإِنْسَانُ؟ فَقَالَ: (خُلُقٌ حَسَنٌ). [صحيح، أخرجه: الطبراني/المعجم الصغير(559)(1/ 337)]
وَهُوَ أَثْقَلُ مَا يُوْضَعُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(2002)(4/ 362)]
وَخَيْرُ النَّاسِ وَأَكْمَلُهُمْ إِيمَانَاً: صَاحِبُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: (خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا). [صحيح لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(9235)(15/ 129)]
وَعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا). [صحيح، أخرجه: أبو داود/مسنده(4682)(4/220)]
وَهُوَ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ وَأُمَّتِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنهما أَرَادَ سَفَرًا فقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ: (اعْبُدِ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا) قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: (إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: (اسْتَقِمْ، وَلْيَحْسُنْ خُلُقُكَ). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(8747)(3/318)]
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ). [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(1987)(3/ 527)]
وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ مَنْزِلَةَ قَائِمِ الْلَّيْلِ، وَصَائِمِ النَّهَارِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(4798)(4/ 252)]
وَإِنَّ صَاحِبَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، مَا يَتَكَلَّمُ مِنَّا مُتَكَلِّمٌ إِذْ جَاءَهُ أُنَاسٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِي كَذَا، أَفْتِنَا فِي كَذَا، .. حَتَّى قَالُوا: فَمَنْ أَحَبُّ عِبَادِ اللهِ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: (أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا). [حسن، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير (471)(1/ 181)]
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(2018)(3/ 545)]
الثَّانِيَةُ: وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْتِزَامِ الْخُلُقِ الْحَسَنِ مَعَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ؛ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 43-44]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: 46]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8].
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، قَالَ: (وَعَلَيْكُمْ)، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ، أَوِ الْفُحْشَ)، قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: (أَوْلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ، رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(6038)(5/ 2351)، مسلم/صحيحه(2165)(4/706)]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: "إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ". [أخرجه معلقاً: البخاري/صحيحه(5/ 2271)]
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(1977)(4/ 350)]
الثَّالِثَةُ: وَفِيهِ أَنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُكَافِئَ صَاحِبَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ الَّذِي رَاقَبَ اللهَ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَالْتَزَمَ كُلَّ مَلِيحٍ، وَاجْتَنَبَ كُلَّ قَبِيحٍ بِالْأَمْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيُظِلُّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ، وَإِنَّ الْعَرْشَ أَقْرَبُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى اللهِ عز وجل، فَفِي إِثْبَاتِ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ دَلِيلٌ عَلَى قُرْبِهِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُسْتَوٍ عَلَى أَعْلَى مَخْلُوقَاتِهِ وَأَقْرَبِهَا إِلَيْهِ، وَهَذِهِ مِيزَةٌ امْتَازَ بِهَا الْعَرْشُ عَلَى مَا سِوَاهُ. [الذهبي/العرش(1/ 319)]
وَكَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ شَرَابِ جَنَّتِهِ الْفَيْحَاءِ الْوَاسِعَةِ، وَيُنْزِلَهُ مِنْهَا مَنْزِلَةً عَالِيَةً؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ) [حسن، أخرجه: أبي داود/سننه(4800)(4/ 400)].
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَجْلِسٍ: (أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا، قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَقَالَ: (أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(7035)(11/ 608)]
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، قَالَ: (وَعَلَيْكُمْ)، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ، وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ، أَوِ الْفُحْشَ)، قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: (أَوْلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ، رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(6038)(5/ 2351)، مسلم/صحيحه(2165)(4/706)]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: "إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ". [أخرجه معلقاً: البخاري/صحيحه(5/ 2271)]
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(1977)(4/ 350)]
الثَّالِثَةُ: وَفِيهِ أَنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُكَافِئَ صَاحِبَ الْخُلُقِ الْحَسَنِ الَّذِي رَاقَبَ اللهَ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَالْتَزَمَ كُلَّ مَلِيحٍ، وَاجْتَنَبَ كُلَّ قَبِيحٍ بِالْأَمْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيُظِلُّهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ، وَإِنَّ الْعَرْشَ أَقْرَبُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى اللهِ عز وجل، فَفِي إِثْبَاتِ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ دَلِيلٌ عَلَى قُرْبِهِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُسْتَوٍ عَلَى أَعْلَى مَخْلُوقَاتِهِ وَأَقْرَبِهَا إِلَيْهِ، وَهَذِهِ مِيزَةٌ امْتَازَ بِهَا الْعَرْشُ عَلَى مَا سِوَاهُ. [الذهبي/العرش(1/ 319)]
وَكَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ شَرَابِ جَنَّتِهِ الْفَيْحَاءِ الْوَاسِعَةِ، وَيُنْزِلَهُ مِنْهَا مَنْزِلَةً عَالِيَةً؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ) [حسن، أخرجه: أبي داود/سننه(4800)(4/ 400)].
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي مَجْلِسٍ: (أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا، قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَقَالَ: (أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(7035)(11/ 608)]
الرَّابِعَةُ: يُسْتَفَادُ بِدَلَالَةِ الْمَفْهُومِ أَنَّ مَنْ سَاءَ خَلْقُهُ؛ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَبْرَارِ، وَلَمْ يَسْتَظِلَّ بِظِلِّ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، وَيُحْرَمُ السُّقْيَا مِنْ شَرَابِ جَنَّةِ اللَّهِ الْفَيْحَاءِ، وَيَكُونُ أَبْغَضَ النَّاسِ إلِى اللَّهِ وَأَبْعَدَهُمْ مِنْهُ مَنْزِلًا؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ عَظِيمَ دَرَجَاتِ الْآخِرَةِ، وَشَرَفَ الْمَنَازِلِ، وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْعِبَادَةِ، وَإِنَّهُ لَيَبْلُغُ بِسُوءِ خُلُقِهِ أَسْفَلَ دَرَجَةٍ فِي جَهَنَّمَ). [جيد، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير(754)(1/260)]
وَعَنْ حَارِثَةَ بنْ وَهْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْجَوَّاظُ، وَلَا الْجَعْظَرِيُّ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(4801)(4/ 253)]
[الجواظ: الجموع المنوع المختال في مشيته، والجعظري: الفظ الغليظ المتكبر الذي يتمدح بما ليس فيه]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ أَثْقَلَ مَا وُضِعَ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُلُقٌ حَسَنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ). [صحيح، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير(405)(1/166)]
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (... وإنَّ أَبْغَضَكُم إليَّ؛ الْمَشَّاؤونَ بالنَّمِيمَةِ، المفَرِّقونَ بينَ الأحِبَّةِ؛ الملْتَمِسونَ لِلْبُرآءِ العَيْبَ). [حسن لغيره، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(7697)(7/350)]
وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (... وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِليَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ أَسْوَؤَكُمْ أَخْلَاقاً، الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ). [حسن لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(17732)(29/267)]
[الثرثار: بثاءين مثلثتين مفتوحتين: هو الكثير الكلام تكلُّفاً، والمتفيهق: أصله من (الفهق)؛ وهو الامتلاء، وهو بمعنى المتشدِّق؛ لأنه الذي يملأ فمه بالكلام، ويتوسع فيه إظهاراً لفصاحته وفضله، واستعلاءً على غيره. ولهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالمتكبِّر، والمتشدق: هو المتكلم بملء شدقه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه]
۞۞۞۞
وَعَنْ حَارِثَةَ بنْ وَهْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْجَوَّاظُ، وَلَا الْجَعْظَرِيُّ). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(4801)(4/ 253)]
[الجواظ: الجموع المنوع المختال في مشيته، والجعظري: الفظ الغليظ المتكبر الذي يتمدح بما ليس فيه]
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ أَثْقَلَ مَا وُضِعَ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُلُقٌ حَسَنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ). [صحيح، أخرجه: الطبراني/المعجم الكبير(405)(1/166)]
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (... وإنَّ أَبْغَضَكُم إليَّ؛ الْمَشَّاؤونَ بالنَّمِيمَةِ، المفَرِّقونَ بينَ الأحِبَّةِ؛ الملْتَمِسونَ لِلْبُرآءِ العَيْبَ). [حسن لغيره، أخرجه: الطبراني/المعجم الأوسط(7697)(7/350)]
وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (... وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِليَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي فِي الْآخِرَةِ أَسْوَؤَكُمْ أَخْلَاقاً، الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ). [حسن لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(17732)(29/267)]
[الثرثار: بثاءين مثلثتين مفتوحتين: هو الكثير الكلام تكلُّفاً، والمتفيهق: أصله من (الفهق)؛ وهو الامتلاء، وهو بمعنى المتشدِّق؛ لأنه الذي يملأ فمه بالكلام، ويتوسع فيه إظهاراً لفصاحته وفضله، واستعلاءً على غيره. ولهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالمتكبِّر، والمتشدق: هو المتكلم بملء شدقه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه]
۞۞۞۞
الْكَشْفُ عَنْ صِفَاتِ مَنْ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَحْتَ الْعَرْشِ
الْحَدِيثُ السَّابِعُ
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟)، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(24379)(40/ 440)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: اسْتُهِلَّ الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ؛ لِغَرَضِ شَدِّ الِانْتِبَاهِ لِحَقِيقَةِ مَا يَذْكُرُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَنْ يُسْبَقُ إِلَى ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَفِتْنَةِ الْمَوْقِفِ، وَطُولِ الْحِسَابِ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ) أَيِ: الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا أَمَانَةً حَفِظُوهَا، وَيَحْتَمِلُ إِذَا حُمِّلُوا الشَّهَادَةَ حَمَلُوهَا، وَيَحْتَمِلُ إِذَا أُعْطُوا عِلْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَوْ أَيَّ عِلْمٍ نَافِعٍ قَبِلُوهُ، وَعَمِلُوا بِهِ، وَاسْتَقَامُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: 5] وَيَحْتَمِلُ إِذَا أُعْطُوا مِنَ الرِّزْقِ الطَّيِّبِ الْحَلَالِ؛ شَكَرُوا اللَّهَ، وَسَلَّطُوهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْخَيْرِ.
الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: (وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ) أَيْ: وَإِذَا سُئِلُوا الشَّهَادَةَ أَطَاعُوا، أَوْ طُولِبُوا بِالْأَمَانَةِ أَدَّوْا، وَإِذَا سُئِلُوا عَنْ فَوَائِدِ الْعِلْمِ بَادَرُوا بِأَمَانَةٍ وَإِخْلَاصٍ، وَإِذَا سُئِلُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ دُعُوا إِلَى الصَّدَقَةِ، أَوْ حَمْلِ الْكَلِّ، أَوْ إِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، أَوْ قِرَى الضَّيْفِ؛ سَارَعُوا إلَى ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، مُمَسِّكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ [البقرة: 283]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [البقرة: 43]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 195].
الْحَدِيثُ السَّابِعُ
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟)، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(24379)(40/ 440)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: اسْتُهِلَّ الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ؛ لِغَرَضِ شَدِّ الِانْتِبَاهِ لِحَقِيقَةِ مَا يَذْكُرُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَنْ يُسْبَقُ إِلَى ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَفِتْنَةِ الْمَوْقِفِ، وَطُولِ الْحِسَابِ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ) أَيِ: الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا أَمَانَةً حَفِظُوهَا، وَيَحْتَمِلُ إِذَا حُمِّلُوا الشَّهَادَةَ حَمَلُوهَا، وَيَحْتَمِلُ إِذَا أُعْطُوا عِلْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَوْ أَيَّ عِلْمٍ نَافِعٍ قَبِلُوهُ، وَعَمِلُوا بِهِ، وَاسْتَقَامُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: 5] وَيَحْتَمِلُ إِذَا أُعْطُوا مِنَ الرِّزْقِ الطَّيِّبِ الْحَلَالِ؛ شَكَرُوا اللَّهَ، وَسَلَّطُوهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْخَيْرِ.
الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: (وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ) أَيْ: وَإِذَا سُئِلُوا الشَّهَادَةَ أَطَاعُوا، أَوْ طُولِبُوا بِالْأَمَانَةِ أَدَّوْا، وَإِذَا سُئِلُوا عَنْ فَوَائِدِ الْعِلْمِ بَادَرُوا بِأَمَانَةٍ وَإِخْلَاصٍ، وَإِذَا سُئِلُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ دُعُوا إِلَى الصَّدَقَةِ، أَوْ حَمْلِ الْكَلِّ، أَوْ إِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، أَوْ قِرَى الضَّيْفِ؛ سَارَعُوا إلَى ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، مُمَسِّكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ [البقرة: 283]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [البقرة: 43]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 195].
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: (وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ: إِذَا عَرَضَ لَهُمْ قَضَاءٌ رَاقَبُوا اللَّهَ فِي النَّاسِ، وَحَكَمُوا بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ كَمَا يُحِبُّونَ أَنْ يَحْكُمُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ وَقَرَابَتِهِمْ؛ مُمَسِّكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 135]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8].
فَهَؤُلَاءِ هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ، وَيَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابَ كَرَامَتِهِ بِهِدَايَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَيُعِينُهُمْ عَلَى الْعَدْلِ وَالْفَضِيلَةِ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ، وَالْمُحَابَاةِ، وَالرِّشْوَةِ، وَيُأْمِّنُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مَخَاوِفِ يَوْمِ الْحِسَابِ، يَحْمِلُهُمْ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا). [أخرجه: مسلم/صحيحه (1827)(3/1458)]
الْخَامِسَةُ: يَدُلُّ الْحَدِيثُ بِلَازِمِهِ أَنَّ مَنْ إِذَا ذُكِّرَ بِالْحَقِّ رَدَّهُ، وَإِذَا سُئِلَ الْأَمَانَةَ أَنْكَرَهَا، وَإِذَا قَضَى بَيْنَ النَّاسِ جَارَ وَظَلَمَ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُحْرَمُونَ الِاسْتِظْلَالَ بِظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُكَابِدُونَ حَرَّ الشَّمْسِ، وَطُولَ الْمَوْقِفِ فِي أَرْضِ الْمَحْشَرِ، فَضْلًا عَنْ سُوءِ الْحِسَابِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا قَالَ: (لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(12567)(20/33)]
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة؛ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فِقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَة فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ). [أخرجه: مسلم/صحيحه (1735)(3/1360)]
وَعَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ). [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(1330)(3/610)]
۞۞۞۞
فَهَؤُلَاءِ هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ، وَيَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابَ كَرَامَتِهِ بِهِدَايَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَيُعِينُهُمْ عَلَى الْعَدْلِ وَالْفَضِيلَةِ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ، وَالْمُحَابَاةِ، وَالرِّشْوَةِ، وَيُأْمِّنُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مَخَاوِفِ يَوْمِ الْحِسَابِ، يَحْمِلُهُمْ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا). [أخرجه: مسلم/صحيحه (1827)(3/1458)]
الْخَامِسَةُ: يَدُلُّ الْحَدِيثُ بِلَازِمِهِ أَنَّ مَنْ إِذَا ذُكِّرَ بِالْحَقِّ رَدَّهُ، وَإِذَا سُئِلَ الْأَمَانَةَ أَنْكَرَهَا، وَإِذَا قَضَى بَيْنَ النَّاسِ جَارَ وَظَلَمَ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُحْرَمُونَ الِاسْتِظْلَالَ بِظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُكَابِدُونَ حَرَّ الشَّمْسِ، وَطُولَ الْمَوْقِفِ فِي أَرْضِ الْمَحْشَرِ، فَضْلًا عَنْ سُوءِ الْحِسَابِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا قَالَ: (لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ). [حسن، أخرجه: أحمد/مسنده(12567)(20/33)]
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة؛ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فِقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَة فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ). [أخرجه: مسلم/صحيحه (1735)(3/1360)]
وَعَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ، فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ). [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(1330)(3/610)]
۞۞۞۞
الْكَشْفُ عَنْ صِفَاتِ مَنْ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَحْتَ الْعَرْشِ
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (زُرِ الْقُبُورَ تَذَكَّرْ بِهَا الْآخِرَةَ، وَاغْسِلِ الْمَوْتَى؛ فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ، وَصَلِّ عَلَى الْجَنَائِزِ؛ لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يُحْزِنَكَ، فَإِنَّ الْحَزِينَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَتَعَرَّضُ كُلَّ خَيْرٍ). [رواته ثقات، أخرجه: الحاكم/مستدركه(1395)(1/ 533)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ: (زُرِ الْقُبُورَ تَذْكُرْ بِهَا الْآخِرَةَ) أَمْرُ نَدْبٍ مُؤَيَّدٌ بِحِكْمَتِهِ، وَالصَّارِفُ لَهُ عَنِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، ...، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(1054)(3/ 361)]
وَالْأَمْرُ بَعْدَ النَّهْيِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ لِلنَّدْبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْجِعُ حُكْمُ الْأَمْرِ بَعْدَ النَّهْيِ إِلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَالْغَرَضُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ: تَذَكُّرُ الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ؛ فَعَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا"، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ)، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ) [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(2308)(4/ 142)]، فَمَنْ نَجَى مِنْ عَذَابِهِ؛ تُرْجَى لَهُ إدَامَةُ النَّجَاةِ، وَمَنْ لَمْ يَنْجُ؛ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ.
وَإِنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ فِي النَّاسِ عَزِيزَةٌ لَا يَقْصِدُهَا إلَّا الْقَلِيلُ، وَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شُغِلُوا بِالدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، وَتَبِعُوا الشَّيْطَانَ فِي تَغْرِيرِهِ وَخِدَاعِهِ، فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَأَعْمَاهُمْ عَنْ آيَاتِ الْمَوْتِ فَطَالَ فِيهَا أَمَدُهُمْ، وَنَسُوا فِيهَا حَقِيقَةَ الْمَوْتِ وَالْفَنَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ، فَمَا مِنْ يَوْمٍ إلَّا وَالْعُيُونُ تُبْصِرُ حَقِيقَةَ الْمَوْتِ فِي الْكَائِنَاتِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ فِي الْقُرْآنِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: 185]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾ [النساء: 78]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88 ] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26-27].
فَجَاءَ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ؛ لِتَكُفَّ الْأَنْفُسُ عَنْ طُوْلِ الأَمَلِ، وَتَبْكِي عَلَى مَا فَاتَ مِنْ تَقْصِيرٍ، وَتَسْتَعِدَّ لِمَا هُوَ آتٍ، وَتُبْصِرَ غَايَةَ وُجُودِهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وَتُبَادِرَ طَيَّ الصَّحِيفَةِ مُمَسِّكَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21]، وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) [أخرجه: مسلم/صحيحه(118)(1/ 110)]، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (زُرِ الْقُبُورَ تَذَكَّرْ بِهَا الْآخِرَةَ، وَاغْسِلِ الْمَوْتَى؛ فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ، وَصَلِّ عَلَى الْجَنَائِزِ؛ لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يُحْزِنَكَ، فَإِنَّ الْحَزِينَ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَتَعَرَّضُ كُلَّ خَيْرٍ). [رواته ثقات، أخرجه: الحاكم/مستدركه(1395)(1/ 533)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ: (زُرِ الْقُبُورَ تَذْكُرْ بِهَا الْآخِرَةَ) أَمْرُ نَدْبٍ مُؤَيَّدٌ بِحِكْمَتِهِ، وَالصَّارِفُ لَهُ عَنِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، ...، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(1054)(3/ 361)]
وَالْأَمْرُ بَعْدَ النَّهْيِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ لِلنَّدْبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْجِعُ حُكْمُ الْأَمْرِ بَعْدَ النَّهْيِ إِلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَالْغَرَضُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ: تَذَكُّرُ الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ؛ فَعَنْ هَانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا"، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ)، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ) [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(2308)(4/ 142)]، فَمَنْ نَجَى مِنْ عَذَابِهِ؛ تُرْجَى لَهُ إدَامَةُ النَّجَاةِ، وَمَنْ لَمْ يَنْجُ؛ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ.
وَإِنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ فِي النَّاسِ عَزِيزَةٌ لَا يَقْصِدُهَا إلَّا الْقَلِيلُ، وَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شُغِلُوا بِالدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، وَتَبِعُوا الشَّيْطَانَ فِي تَغْرِيرِهِ وَخِدَاعِهِ، فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، وَأَعْمَاهُمْ عَنْ آيَاتِ الْمَوْتِ فَطَالَ فِيهَا أَمَدُهُمْ، وَنَسُوا فِيهَا حَقِيقَةَ الْمَوْتِ وَالْفَنَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ، فَمَا مِنْ يَوْمٍ إلَّا وَالْعُيُونُ تُبْصِرُ حَقِيقَةَ الْمَوْتِ فِي الْكَائِنَاتِ وَهِيَ حَاضِرَةٌ فِي الْقُرْآنِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: 185]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾ [النساء: 78]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88 ] ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26-27].
فَجَاءَ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ؛ لِتَكُفَّ الْأَنْفُسُ عَنْ طُوْلِ الأَمَلِ، وَتَبْكِي عَلَى مَا فَاتَ مِنْ تَقْصِيرٍ، وَتَسْتَعِدَّ لِمَا هُوَ آتٍ، وَتُبْصِرَ غَايَةَ وُجُودِهَا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وَتُبَادِرَ طَيَّ الصَّحِيفَةِ مُمَسِّكَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21]، وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) [أخرجه: مسلم/صحيحه(118)(1/ 110)]، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ
سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ). [مرسل ضعيف، أخرجه: ابن أبي شيبة/مصنفه(11832)(7/77)]
فَإِنَّ فِتْنَةَ الْقَبْرِ شَدِيدَةٌ، وَضَمَّتْهُ تَخْتَلِفُ مِنْهَا الْأَضْلَاعُ، وَعَذَابَهُ مَخُوفٌ، فَلَمْ يُصَلِّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً قَطُّ إِلَّا وَاسْتَعَاذَ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ، فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَقَالَ: (نَعَمْ، عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ)، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاةً بَعْدُ إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ". [أخرجه: البخاري/صحيحه(1372)(2/ 98)]
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ دُعَاءَ التَّعَوُّذِ مِنَ الْقَبْرِ بِحِرْصٍ وَاهْتِمَامٍ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ الْآيَةَ مِنْ كِتَابِ اللهِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(798)(1/ 286)، مسلم/صحيحه(589)(1/412)]
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (وَاغْسِلِ الْمَوْتَى؛ فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ) الْأَمْرُ فِيهِ وَاجِبٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِذَا أَدَّاهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ سَقَطَ الْإِثْمُ عَنِ الْآخَرِينَ، وَإِنَّ تَغْسِيلَ الْمَيِّتِ تَهَابُهُ الْأَنْفُسُ، وَلَاَ يَقْوَى عَلَيْهِ إِلَّا مُؤْمِنٌ ذُو رَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ، فَإِنْ كَانَ مُتْقِنَاً لِأَحْكَامِ الْغَسْلِ، حَرِيصَاً عَلَى سَتْرِ مَا يَرَى، رَفِيقَاً فِي مُعَالَجَةِ جَسَدِ أَخِيهِ الْمَيِّتِ؛ فَقَدْ وُفِّقَ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يَبْلُغُ بِهِ عَظِيمَ الْأَجْرِ؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ- يَعْنِي أَنْ لَا يُفْشِيَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ-؛ كَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَخَطَايَاهُ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ). [ضعيف، أخرجه: أحمد/مسنده(24881)(41/ 457)]
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فَسَتَرَهُ؛ سَتَرَهُ اللهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَمَنْ كَفَّنَهُ، كَسَاهُ اللهُ مِنَ السُّنْدُس). [حسن، أخرجه: الطبراني/ المعجم الكبير (8077) (8/ 281)]
وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَمَنْ كَفَّنَ مَيِّتًا كَسَاهُ اللَّهُ مِنَ السُّنْدُسِ، وَإِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ...). [صحيح، أخرجه: الحاكم/مستدركه(1307)(1/ 505)]
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ دُعَاءَ التَّعَوُّذِ مِنَ الْقَبْرِ بِحِرْصٍ وَاهْتِمَامٍ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ الْآيَةَ مِنْ كِتَابِ اللهِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ). [أخرجه: البخاري/صحيحه(798)(1/ 286)، مسلم/صحيحه(589)(1/412)]
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (وَاغْسِلِ الْمَوْتَى؛ فَإِنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ) الْأَمْرُ فِيهِ وَاجِبٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِذَا أَدَّاهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ سَقَطَ الْإِثْمُ عَنِ الْآخَرِينَ، وَإِنَّ تَغْسِيلَ الْمَيِّتِ تَهَابُهُ الْأَنْفُسُ، وَلَاَ يَقْوَى عَلَيْهِ إِلَّا مُؤْمِنٌ ذُو رَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ، فَإِنْ كَانَ مُتْقِنَاً لِأَحْكَامِ الْغَسْلِ، حَرِيصَاً عَلَى سَتْرِ مَا يَرَى، رَفِيقَاً فِي مُعَالَجَةِ جَسَدِ أَخِيهِ الْمَيِّتِ؛ فَقَدْ وُفِّقَ إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يَبْلُغُ بِهِ عَظِيمَ الْأَجْرِ؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ- يَعْنِي أَنْ لَا يُفْشِيَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ-؛ كَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَخَطَايَاهُ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ). [ضعيف، أخرجه: أحمد/مسنده(24881)(41/ 457)]
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فَسَتَرَهُ؛ سَتَرَهُ اللهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَمَنْ كَفَّنَهُ، كَسَاهُ اللهُ مِنَ السُّنْدُس). [حسن، أخرجه: الطبراني/ المعجم الكبير (8077) (8/ 281)]
وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَكَتَمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً، وَمَنْ كَفَّنَ مَيِّتًا كَسَاهُ اللَّهُ مِنَ السُّنْدُسِ، وَإِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ...). [صحيح، أخرجه: الحاكم/مستدركه(1307)(1/ 505)]