#الفتاوى
الفتاوى النافعة
🔶السُّؤَالُ: مَا هِيَ الْوَاجِبَاتُ وَالْحُقُوقُ وَالْآدَابُ الْمُشْتَرَكُة بَيْنَ النَّازِحِينَ، سَوَاءٌ إِلَى بُيُوتِ الْأَقَارِبِ أَوِ الْأَصْدِقَاءِ أَوِ الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ كَالْمَدَارِسِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ؟
🔶الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
نُزُولُ النَّازِحِينَ عِنْدَ الْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ أَوِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْعَامَّةِ لَيْسُوا ضُيُوفَاً حَتَّى يُلْزَمَ الْمُضِيفُ بِقِرَاهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَاسْتِحْبَابِ الْقِرى فَوْقَ ذَلِكَ؛ بَلْ هُمْ فِي حُكْمِ الْمُسْتَعِيرِ لِلْجُزْءِ الَّذِي يَشْغَلُونَهُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالْمَحَالِّ الَّتِي يَنْزِلُونَ فِيهَا؛ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُومُوا بِأَعْبَاءِ أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مِنْ مُؤَنٍ، وَلِبَاسٍ، وَدَوَاءٍ، وَفِرَاشٍ وَغِطَاءٍ إِنْ قَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُعِيرِ؛ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِذِي السَّعَةِ مِنْهُمْ أَنْ يُعِينَ الْمُعِيرَ بِمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ أَشْيَاءَ، سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمُعِيرُ مُقِلَّاً وَذَا حَاجَةٍ.
قُلْتُ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَرْبَ طَرَأَتْ فَجْأَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ النَّاسِ مَا يُسْعِفُ مِنَ الْمُؤَنِ، وَلَمْ يَتَوَقَّعُوا طُولَ زَمَانِهَا، وَالْأَكْثَرُ مِنَ النَّاسِ لَا يُوجَدُ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلُ مِنَ الْمُؤَنِ مَا يُسْعِفُهُ وَأَهْلَهُ فَوْقَ الشَّهْرِ أَوِ الشَّهْرَيْنِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الذَّوْقِ وَالْمُرُوءَةِ أَنْ يَكُونَ النَّزِيلُ عِبْءً عَلَى هَذَا الْمُقِلِّ، وَيُعَجِّلَ بِفَنَاءِ قُوتِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَقَدِ انْعَدَمَ مِثْلُهَا فِي الْأَسْوَاقِ، وَإِنْ حَضَرَتْ فَلَا تُطَاقُ أَثْمَانُهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّارِعَ الْحَكِيمَ قَدَّمَ النَّفْسَ وَالْأَهْلَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(995)(3/ 78)].
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ، فَهَكَذَا، وَهَكَذَا، يَقُولُ فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(997)(3/ 78)]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
الفتاوى النافعة
🔶السُّؤَالُ: مَا هِيَ الْوَاجِبَاتُ وَالْحُقُوقُ وَالْآدَابُ الْمُشْتَرَكُة بَيْنَ النَّازِحِينَ، سَوَاءٌ إِلَى بُيُوتِ الْأَقَارِبِ أَوِ الْأَصْدِقَاءِ أَوِ الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ كَالْمَدَارِسِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ؟
🔶الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
نُزُولُ النَّازِحِينَ عِنْدَ الْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ أَوِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْعَامَّةِ لَيْسُوا ضُيُوفَاً حَتَّى يُلْزَمَ الْمُضِيفُ بِقِرَاهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَاسْتِحْبَابِ الْقِرى فَوْقَ ذَلِكَ؛ بَلْ هُمْ فِي حُكْمِ الْمُسْتَعِيرِ لِلْجُزْءِ الَّذِي يَشْغَلُونَهُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالْمَحَالِّ الَّتِي يَنْزِلُونَ فِيهَا؛ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُومُوا بِأَعْبَاءِ أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مِنْ مُؤَنٍ، وَلِبَاسٍ، وَدَوَاءٍ، وَفِرَاشٍ وَغِطَاءٍ إِنْ قَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُعِيرِ؛ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِذِي السَّعَةِ مِنْهُمْ أَنْ يُعِينَ الْمُعِيرَ بِمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ أَشْيَاءَ، سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمُعِيرُ مُقِلَّاً وَذَا حَاجَةٍ.
قُلْتُ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَرْبَ طَرَأَتْ فَجْأَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ النَّاسِ مَا يُسْعِفُ مِنَ الْمُؤَنِ، وَلَمْ يَتَوَقَّعُوا طُولَ زَمَانِهَا، وَالْأَكْثَرُ مِنَ النَّاسِ لَا يُوجَدُ عِنْدَهُ مِنْ قَبْلُ مِنَ الْمُؤَنِ مَا يُسْعِفُهُ وَأَهْلَهُ فَوْقَ الشَّهْرِ أَوِ الشَّهْرَيْنِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الذَّوْقِ وَالْمُرُوءَةِ أَنْ يَكُونَ النَّزِيلُ عِبْءً عَلَى هَذَا الْمُقِلِّ، وَيُعَجِّلَ بِفَنَاءِ قُوتِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَقَدِ انْعَدَمَ مِثْلُهَا فِي الْأَسْوَاقِ، وَإِنْ حَضَرَتْ فَلَا تُطَاقُ أَثْمَانُهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّارِعَ الْحَكِيمَ قَدَّمَ النَّفْسَ وَالْأَهْلَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(995)(3/ 78)].
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، فَلِأَهْلِكَ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ، فَهَكَذَا، وَهَكَذَا، يَقُولُ فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(997)(3/ 78)]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
📌الفتاوى النافعة
🔶السُّؤَالُ/ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي تَقُومُ بِتَوْزِيعِ الْمُسَاعَدَاتِ؟
🔶الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
الْوَاجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ مُرَاقَبَةُ اللهِ عز وجل فِي عَمَلِهِمْ، وَالتَّجَرُّدُ مِنْ مَعَانِي الْحِزْبِيَّةِ؛ لِأَنَّ جُلَّ الْمُؤَسَّسَاتِ لَهَا انْتِمَاءَاتٌ حِزْبِيَّةٌ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ مَجْمُوعِ النَّاسِ مِنْ حَوْلِهَا عَلَى مَسَافَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنْ يُرَاعُوا أَثْنَاءَ أَدَاءِ وَاجِبِهِمْ الْإِرْشَادَاتِ التَّالِيَةِ:
مَعْرِفَةُ عَدَدِ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ؛ فَيُوَاسُوا ذَاتَ الْعَدَدِ الْأَكْبَرِ فَوْقَ مُوَاسَاتِهِمْ لِلْأُسْرَةِ ذَاتِ الْعَدَدِ الْأَقَلِّ فِي الْمَوَادِ الَّتِي يُقَدِّمُونَ، وَأَنْ يُرَاعُوا صِفَةَ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ؛ فَيُقَدِّمُونَ الْمَرْأَةَ الْأَيِّمَ الْمُصْبِيَةَ، أَوْ ذَاتِ الزَّوْجِ الطَّاعِنِ أَوِ الْمَرِيضِ عَلَى الْأَيِّمِ غَيْرِ الْمُصْبِيَةِ، أَوْ ذَاتِ الزَّوْجِ الْجَلِدِ الْقَوِيِّ، وَيُقَدِّمُونَ الْأُسْرَةَ الَّتِي أَكْثَرُ أَفْرَادِهَا مِنَ الْقُصَّرِ الصِّغَارِ عَلَى الْأُسْرَةِ الَّتِي أَكْثَرُ أَفْرَادِهَا مِنَ الشَّبَابِ وَالْكِبَارِ، وَلَا يَحْرِمُونَ أَحَدَاً.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ) [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(1634)(2/ 118)].
فَالْحَدِيثُ نَصَّ عَلَى مَنْعِ الْغَنِيِّ وَالشَّابِّ الْقَوِيِّ مِنَ الصَّدَقَةِ، لَكِنَّ هَذَا فِي ظُرُوفِ الْعَافِيَةِ لَا فِي ظُرُوفِ الْحَرَجِ وَقِلَّةِ الْمُؤَنِ أَوِ انْعِدَامِهَا، وَلِذَا يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فِي بَلْدَتِهِ لَا يُحْصَى كَثْرَةً، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ مِنَ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، وَالشَّابُّ الْقَوِيُّ الَّذِي انْقَطَعَتْ بِهِ السُّبُلُ يُعْطَى بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ، عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ نَعَتَ الْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِالْفَقْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا...﴾ [الحشر: 8]، رُغْمَ أَنَّ كَثِيرَاً مِنْهُمْ كَانَ صَاحِبَ تِجَارَةٍ وَمَالٍ، وَالْفَقْرُ مَصْرِفٌ بِنَصِّ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفَاً، وَالنَّازِحُونَ مِنْ جَرَّاءِ هَذَا الْعُدْوَانِ قَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ.
وَيَلْزَمُ الْقَائِمِينَ عَلَى تَوْزِيعِ الْمَعُونَاتِ أَنْ يُغْمِضُوا الْعَيْنَ أَوْ يَصْرِفُوا النَّظَرَ عَنِ الِانْتِمَاءَاتِ الْحِزْبِيَّةِ، فَالْخَيْمَةُ الَّتِي أَفْرَادُهَا مِنَ الْجَبْهَةِ الشَّعْبِيَّةِ تُعْطَى كَمِثْلِ الْخَيْمَةِ الَّتِي أَفْرَادُهَا مِنَ فَتْحَ أَوَ غَيْرِهِمَا مِنَ الْحَرَكَاتِ والْأَحْزَابِ، فَإِنَّ هَذَا السُّلُوكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُغْلِقَ ذَرَائِعَ النَّجْوَى، وَتَسْلَمَ بِهِ الْقُلُوبُ مِنْ نُفْرَةٍ تُجُاهَ عَنَاصِرِ التَّدَيُّنِ الَّتِي تَقُومُ بِالْعَمَلِ الْإِغَاثِيِّ وَالتَّعَاوُنِيِّ، وَفِي الْمُجَاوَزَةِ مُنَاقَضَةٌ لِبَعْضِ مَقْصِدِ الشَّارِعِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ، وَهُوَ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ، وَشَدُّهَا نَحْوَ حُبِّ الدِّينِ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِدَفْعِ جُزْءٍ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ لِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ.
عَلَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يُعْطِي الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِفَقْرٍ كَمَا يُعْطِي الْمُسْلِمَ، وَهَذِهِ جَمَالَاتُ دِينِنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
🔶السُّؤَالُ/ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي تَقُومُ بِتَوْزِيعِ الْمُسَاعَدَاتِ؟
🔶الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
الْوَاجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ مُرَاقَبَةُ اللهِ عز وجل فِي عَمَلِهِمْ، وَالتَّجَرُّدُ مِنْ مَعَانِي الْحِزْبِيَّةِ؛ لِأَنَّ جُلَّ الْمُؤَسَّسَاتِ لَهَا انْتِمَاءَاتٌ حِزْبِيَّةٌ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ مَجْمُوعِ النَّاسِ مِنْ حَوْلِهَا عَلَى مَسَافَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنْ يُرَاعُوا أَثْنَاءَ أَدَاءِ وَاجِبِهِمْ الْإِرْشَادَاتِ التَّالِيَةِ:
مَعْرِفَةُ عَدَدِ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ؛ فَيُوَاسُوا ذَاتَ الْعَدَدِ الْأَكْبَرِ فَوْقَ مُوَاسَاتِهِمْ لِلْأُسْرَةِ ذَاتِ الْعَدَدِ الْأَقَلِّ فِي الْمَوَادِ الَّتِي يُقَدِّمُونَ، وَأَنْ يُرَاعُوا صِفَةَ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ؛ فَيُقَدِّمُونَ الْمَرْأَةَ الْأَيِّمَ الْمُصْبِيَةَ، أَوْ ذَاتِ الزَّوْجِ الطَّاعِنِ أَوِ الْمَرِيضِ عَلَى الْأَيِّمِ غَيْرِ الْمُصْبِيَةِ، أَوْ ذَاتِ الزَّوْجِ الْجَلِدِ الْقَوِيِّ، وَيُقَدِّمُونَ الْأُسْرَةَ الَّتِي أَكْثَرُ أَفْرَادِهَا مِنَ الْقُصَّرِ الصِّغَارِ عَلَى الْأُسْرَةِ الَّتِي أَكْثَرُ أَفْرَادِهَا مِنَ الشَّبَابِ وَالْكِبَارِ، وَلَا يَحْرِمُونَ أَحَدَاً.
وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ) [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(1634)(2/ 118)].
فَالْحَدِيثُ نَصَّ عَلَى مَنْعِ الْغَنِيِّ وَالشَّابِّ الْقَوِيِّ مِنَ الصَّدَقَةِ، لَكِنَّ هَذَا فِي ظُرُوفِ الْعَافِيَةِ لَا فِي ظُرُوفِ الْحَرَجِ وَقِلَّةِ الْمُؤَنِ أَوِ انْعِدَامِهَا، وَلِذَا يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فِي بَلْدَتِهِ لَا يُحْصَى كَثْرَةً، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ مِنَ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، وَالشَّابُّ الْقَوِيُّ الَّذِي انْقَطَعَتْ بِهِ السُّبُلُ يُعْطَى بِالْقِيَاسِ الْأَوْلَوِيِّ، عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ نَعَتَ الْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِالْفَقْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا...﴾ [الحشر: 8]، رُغْمَ أَنَّ كَثِيرَاً مِنْهُمْ كَانَ صَاحِبَ تِجَارَةٍ وَمَالٍ، وَالْفَقْرُ مَصْرِفٌ بِنَصِّ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفَاً، وَالنَّازِحُونَ مِنْ جَرَّاءِ هَذَا الْعُدْوَانِ قَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ.
وَيَلْزَمُ الْقَائِمِينَ عَلَى تَوْزِيعِ الْمَعُونَاتِ أَنْ يُغْمِضُوا الْعَيْنَ أَوْ يَصْرِفُوا النَّظَرَ عَنِ الِانْتِمَاءَاتِ الْحِزْبِيَّةِ، فَالْخَيْمَةُ الَّتِي أَفْرَادُهَا مِنَ الْجَبْهَةِ الشَّعْبِيَّةِ تُعْطَى كَمِثْلِ الْخَيْمَةِ الَّتِي أَفْرَادُهَا مِنَ فَتْحَ أَوَ غَيْرِهِمَا مِنَ الْحَرَكَاتِ والْأَحْزَابِ، فَإِنَّ هَذَا السُّلُوكَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُغْلِقَ ذَرَائِعَ النَّجْوَى، وَتَسْلَمَ بِهِ الْقُلُوبُ مِنْ نُفْرَةٍ تُجُاهَ عَنَاصِرِ التَّدَيُّنِ الَّتِي تَقُومُ بِالْعَمَلِ الْإِغَاثِيِّ وَالتَّعَاوُنِيِّ، وَفِي الْمُجَاوَزَةِ مُنَاقَضَةٌ لِبَعْضِ مَقْصِدِ الشَّارِعِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ، وَهُوَ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ، وَشَدُّهَا نَحْوَ حُبِّ الدِّينِ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِدَفْعِ جُزْءٍ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ لِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ.
عَلَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يُعْطِي الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِفَقْرٍ كَمَا يُعْطِي الْمُسْلِمَ، وَهَذِهِ جَمَالَاتُ دِينِنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
#أرشيف
#دروس_الفجر
الصلاح سبيل الخيرات
أ.د. سلمان نصر الداية
https://www.youtube.com/watch?v=B_kX8y9MK7s
#دروس_الفجر
الصلاح سبيل الخيرات
أ.د. سلمان نصر الداية
https://www.youtube.com/watch?v=B_kX8y9MK7s
YouTube
الصلاح سبيل الخيرات
📌الفتاوى النافعة
🔶السُّؤَالُ/ هَلْ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي تَوْزِيعِ الْمَعُونَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ أَنْ يَأْخُذَ نِسْبَةً مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَهَلْ هِيَ مُحَدَّدَةٌ شَرْعَاً؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى تَوْزِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَبَيْنَ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا؟
🔶الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
تَحْدِيدُ نِسْبَةٍ لِلْقَائِمِ عَلَى الْعَمَلِ التَّعَاوُنِيِّ لَا أَعْلَمُ لَهُ دَلِيلَاً فِي الشَّرْعِ، وَتَحْدِيدُ نِسْبَةٍ مَعْلُومَةٍ لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَجْمَعُ؛ فِيهِ مُضَاهَاةٌ لِلزَّكَاةِ، وَقَدْ أَفَادَ الشَّاطِبِيُّ رحمه الله فِي "اعْتِصَامِهِ" أَنَّ الْعَادَةَ إِذَا أُخِذَتْ مَأْخَذَ الْعِبَادَةِ؛ كَانَتْ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ.
وَعَلَى ضَوْءِ هَذَا التَّقْدِيمِ أَقُولُ:
لِلْقَائِمِ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ حَقٌّ أَنْ يَجْتَزِئَ مِنْهُ بِقَدْرِ النَّفَقَاتِ الْمُنْجِحَةِ لِعَمَلِهِ الْكَرِيمِ.. مِنْ أُجْرَةٍ لِلْمَحَالِّ، وَثَمَنٍ لِوَقُودِ الْمَرْكَبَاتِ وَصِيَانَتِهَا، وَأُجْرَةٍ لِلْعَمَالَةِ بِحَسَبِ مُؤَهِّلَاتِهِمُ الْعِلْمِيَّةِ وَالْخِبْرَاتِيَّةِ، وَيَأْخُذُ لِنَفْسِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَتُضْبَطُ بِالْعُرِفِ الْجَارِي فِي رَوَاتِبِ الْمُوَظَّفِينَ الْعَامِلِينَ فِي وَزَارَةِ الشُّؤُونِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، فَيُعْطَى مُدِيرُ الْمُؤَسَّسَةِ التَّعَاوُنِيَّةِ مِثْلَ رَاتِبِ مُدِيرِ فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الْوَزَارَةِ، وَالنَّائِبُ كَالنَّائِبِ.. وَهَكَذَا، مَعَ مُرَاعَاةِ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَأْخُذُونَ مِنَ الْمَالِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مَا بَقَوْا عَلَى رَأْسِ أَعْمَالِهِمْ.
أَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى تَوْزِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَالْعَامِلِينَ عَلَى جَمْعِ الزَّكَوَاتِ وَتَوْزِيعِهَا عَلَى مَصَارِفِهَا؛ هُوَ أَنَّ الْعَامِلَ عَلَى جَمْعِ الزَّكَاةِ مُوَظَّفٌ تَابِعٌ لِلدَّوْلَةِ.. إِمَّا لِوَزَارَةِ الْمَالِيَّةِ، أَوْ لِوَزَارَةِ الشُّؤُونِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى تَوْزِيعِ التَّبَرُّعَاتِ؛ فَالظَّاهِرُ فِي وَاقِعِنَا الْغَزِّيِّ أَنَّهُ يَتْبَعُ مُؤَسَّسَةً لِحِزْبٍ، أَوْ جَمْعِيَّةٍ، أَوْ حَرَكَةٍ، أَوْ رَابِطَةٍ، أَوْ دِيوَانِ عَائِلَةٍ.
وَأَمَّا عَنِ الْعَمَلِ؛ فَكِلَاهُمَا يَقُومُ عَلَى تَقْدِيمِ الْمُسَاعَدَاتِ وَالْإِغَاثَاتِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْهَا يُعْوِزُهُ الْفِقْهُ وَالْأَمَانَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
🔶السُّؤَالُ/ هَلْ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي تَوْزِيعِ الْمَعُونَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ أَنْ يَأْخُذَ نِسْبَةً مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَهَلْ هِيَ مُحَدَّدَةٌ شَرْعَاً؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى تَوْزِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَبَيْنَ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا؟
🔶الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
تَحْدِيدُ نِسْبَةٍ لِلْقَائِمِ عَلَى الْعَمَلِ التَّعَاوُنِيِّ لَا أَعْلَمُ لَهُ دَلِيلَاً فِي الشَّرْعِ، وَتَحْدِيدُ نِسْبَةٍ مَعْلُومَةٍ لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَجْمَعُ؛ فِيهِ مُضَاهَاةٌ لِلزَّكَاةِ، وَقَدْ أَفَادَ الشَّاطِبِيُّ رحمه الله فِي "اعْتِصَامِهِ" أَنَّ الْعَادَةَ إِذَا أُخِذَتْ مَأْخَذَ الْعِبَادَةِ؛ كَانَتْ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ.
وَعَلَى ضَوْءِ هَذَا التَّقْدِيمِ أَقُولُ:
لِلْقَائِمِ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ حَقٌّ أَنْ يَجْتَزِئَ مِنْهُ بِقَدْرِ النَّفَقَاتِ الْمُنْجِحَةِ لِعَمَلِهِ الْكَرِيمِ.. مِنْ أُجْرَةٍ لِلْمَحَالِّ، وَثَمَنٍ لِوَقُودِ الْمَرْكَبَاتِ وَصِيَانَتِهَا، وَأُجْرَةٍ لِلْعَمَالَةِ بِحَسَبِ مُؤَهِّلَاتِهِمُ الْعِلْمِيَّةِ وَالْخِبْرَاتِيَّةِ، وَيَأْخُذُ لِنَفْسِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَتُضْبَطُ بِالْعُرِفِ الْجَارِي فِي رَوَاتِبِ الْمُوَظَّفِينَ الْعَامِلِينَ فِي وَزَارَةِ الشُّؤُونِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، فَيُعْطَى مُدِيرُ الْمُؤَسَّسَةِ التَّعَاوُنِيَّةِ مِثْلَ رَاتِبِ مُدِيرِ فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الْوَزَارَةِ، وَالنَّائِبُ كَالنَّائِبِ.. وَهَكَذَا، مَعَ مُرَاعَاةِ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَأْخُذُونَ مِنَ الْمَالِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مَا بَقَوْا عَلَى رَأْسِ أَعْمَالِهِمْ.
أَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى تَوْزِيعِ التَّبَرُّعَاتِ وَالْعَامِلِينَ عَلَى جَمْعِ الزَّكَوَاتِ وَتَوْزِيعِهَا عَلَى مَصَارِفِهَا؛ هُوَ أَنَّ الْعَامِلَ عَلَى جَمْعِ الزَّكَاةِ مُوَظَّفٌ تَابِعٌ لِلدَّوْلَةِ.. إِمَّا لِوَزَارَةِ الْمَالِيَّةِ، أَوْ لِوَزَارَةِ الشُّؤُونِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى تَوْزِيعِ التَّبَرُّعَاتِ؛ فَالظَّاهِرُ فِي وَاقِعِنَا الْغَزِّيِّ أَنَّهُ يَتْبَعُ مُؤَسَّسَةً لِحِزْبٍ، أَوْ جَمْعِيَّةٍ، أَوْ حَرَكَةٍ، أَوْ رَابِطَةٍ، أَوْ دِيوَانِ عَائِلَةٍ.
وَأَمَّا عَنِ الْعَمَلِ؛ فَكِلَاهُمَا يَقُومُ عَلَى تَقْدِيمِ الْمُسَاعَدَاتِ وَالْإِغَاثَاتِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْهَا يُعْوِزُهُ الْفِقْهُ وَالْأَمَانَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
للراغبين في الحصول على نسخة إلكترونية من كتاب:
الزاد المفيد شرح كتاب التوحيد
✍️أ.د. سلمان نصر الدايه
https://drive.google.com/file/d/1Z3-P34U99LGOXUg-coNT1U4t8XLV8MUF/view?usp=sharing
الزاد المفيد شرح كتاب التوحيد
✍️أ.د. سلمان نصر الدايه
https://drive.google.com/file/d/1Z3-P34U99LGOXUg-coNT1U4t8XLV8MUF/view?usp=sharing
بسم الله الرحمن الرحيم
غَنَائِمُ الدَّاعِينَ
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ
الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ:
الدُّعَاءُ هُوَ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ، الَّتِي تُنَالُ بِهَا الرَّغَائِبُ مِنْ خُيُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بِجَهْدٍ يَسِيرٍ لَا يَعْدُو إِخْلَاصَ الْقَلْبِ وَافْتِقَارَهُ لِلَّهِ وَطَلَبَ اللِّسَانِ، مَنْ أَتَى بِهِ؛ لَمْ يُرَدَّ خَائِبًا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].
وَعَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(1488)(2/78)]
وَلَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ بَرِيدَ الْفَرَجِ، وَمِفْتَاحَ الْخَزَائِنِ، وَأَخْصَرَ السُّبُلِ فِي تَبْلِيغِ الْمُرَادِ؛ حَرَصْتُ أَنْ أُعَجِّلَ بِفَوَائِدِهِ إِلَى أَهْلِي فِي فِلَسْطِينَ الْحَزِينَةِ؛ رَجَاءَ أَنْ يَكْشِفُوا بِهِ الْكَرْبَ وَالْبَلَاءَ، وَيُعَجِّلُوا بِهِ الْفَرْجَ وَالْعَطَاءَ، وَقَدْ سَمَّيْتُهُ (غَنَائِمَ الدَّاعِينَ)؛ وَإِنِّي أَدْعُو اللَّهَ ضَارِعًا بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَا أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْفَقِيرِ، وَيَنْفَعَ بِهِ أَهْلَ فِلَسْطِينَ أَجْمَعِينَ؛ إنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
كَتَبَهُ بِغَزَّةَ- فِلَسْطِينَ
أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
عَمِيدُ كُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ وَالْقَانُونِ
بِالْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِغَزَّةَ
غَنَائِمُ الدَّاعِينَ
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ
الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ:
الدُّعَاءُ هُوَ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ، الَّتِي تُنَالُ بِهَا الرَّغَائِبُ مِنْ خُيُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بِجَهْدٍ يَسِيرٍ لَا يَعْدُو إِخْلَاصَ الْقَلْبِ وَافْتِقَارَهُ لِلَّهِ وَطَلَبَ اللِّسَانِ، مَنْ أَتَى بِهِ؛ لَمْ يُرَدَّ خَائِبًا؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].
وَعَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ). [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(1488)(2/78)]
وَلَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ بَرِيدَ الْفَرَجِ، وَمِفْتَاحَ الْخَزَائِنِ، وَأَخْصَرَ السُّبُلِ فِي تَبْلِيغِ الْمُرَادِ؛ حَرَصْتُ أَنْ أُعَجِّلَ بِفَوَائِدِهِ إِلَى أَهْلِي فِي فِلَسْطِينَ الْحَزِينَةِ؛ رَجَاءَ أَنْ يَكْشِفُوا بِهِ الْكَرْبَ وَالْبَلَاءَ، وَيُعَجِّلُوا بِهِ الْفَرْجَ وَالْعَطَاءَ، وَقَدْ سَمَّيْتُهُ (غَنَائِمَ الدَّاعِينَ)؛ وَإِنِّي أَدْعُو اللَّهَ ضَارِعًا بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَا أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْفَقِيرِ، وَيَنْفَعَ بِهِ أَهْلَ فِلَسْطِينَ أَجْمَعِينَ؛ إنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
كَتَبَهُ بِغَزَّةَ- فِلَسْطِينَ
أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
عَمِيدُ كُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ وَالْقَانُونِ
بِالْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِغَزَّةَ
غَنَائِمُ الدَّاعِينَ (1)
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
أَوَّلَاً: حَقِيقَةُ الدُّعَاءِ:
الدُّعَاءُ لُغَةً: الطَّلَبُ وَالِابْتِهَالُ: يُقَالُ: دَعَوْتُ اللَّهَ أَدْعُوهُ دُعَاءً: ابْتَهَلْتُ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، وَرَغِبْتُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْخَيْرِ، وَدَعَا اللَّهَ: طَلَبَ مِنْهُ الْخَيْرَ، وَرَجَاهُ مِنْهُ، وَدَعَا لِفُلَانٍ: طَلَبَ لَهُ الْخَيْرَ، وَدَعَا عَلَى فُلَانٍ: طَلَبَ لَهُ الشَّرَّ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا﴾ [الأنعام: 71]، أَيْ: أَنَعْبُدُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾ [الحج: 13]، أَيْ: يَعْبُدُ. [انظر: الفيومي/المصباح المنير(1/194)، الأزهري/تهذيب اللغة(3/76)، ابن منظور/لسان العرب(14/257)]
الدُّعَاءُ اصْطِلَاحًا:
دُعَاءُ الْعِبَادَةِ: هُوَ إِظْهَارُ غَايَةِ التَّذَلُّلِ، وَالِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِكَانَةُ لَهُ. [ابن حجر/ فتح الباري (11/ 95)]
دُعَاءُ الْمَسْأَلَةِ: هُوَ طَلَبُ الْحَاجَةِ مِنْ اللَّهِ مَعَ اعْتِقَادِ الْعَجْزِ مِنْ النَّفْسِ، وَقُدْرَةِ الرَّبِّ وَغِنَاهُ. وَالْمُتَأَمِّلُ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ فِي الْقُرْآنِ؛ يَجِدُ لَهُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً، أَشْهَرُهَا اثْنَانِ: السُّؤَالُ وَالْعِبَادَةُ:
أَمَّا دُعَاءُ الْمَسْأَلَةِ: فَهُوَ طَلَبُ مَا يَنْفَعُ الدَّاعِيَ، وَطَلَبُ كَشْفِ مَا يَضُرُّهُ وَدَفْعِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 67]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62]. [انظر: ابن تيمية/ مجموع الفتاوى (15/ 10)]
أَيْ: مَنْ هَذَا اَلْعَظِيمُ الَّذِي يُجِيبُ دُعَاءَ الْمَكْرُوبِ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ النَّازِلَ بِهِ؟، وَمَنْ هَذَا الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ الَّذِي يَجْعَلُكُمْ سُكَّانَ اَلْأَرْضِ، تَتَوَارَثُونَ سُكْنَاهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا، وَالِانْتِفَاعَ بِخَيْرَاتِهَا جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ؟ أَمَعْبُودٌ مَعَ اللَّهِ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذَا سَأَلَهُ، قَلِيلًا مَا تَعْقِلُونَ وَتَعْتَبِرُونَ.
وَأَمَّا دُعَاءُ الْعِبَادَةِ: فَهُوَ مَا تَضَمَّنَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ مُؤَيَّدَاً بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: 213]. [انظر: ابن تيمية/ مجموع الفتاوى (15/ 10)]
أَيْ: فَلَا تَعْبُدْ مَعَ اللَّهِ مَعْبُودًا آخَرَ؛ فَيُصِيبُكَ مِنَ الْعَذَابِ مَا أَصَابَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَبْلِكَ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117].
أَيْ: وَمَنْ يَعْبُدْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ الْعِبَادَةَ؛ فَإِنَّمَا جَزَاءُ الْمُكَذِّبِ يَوْمَ الدِّينِ عِنْدَ رَبِّهِ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
أَوَّلَاً: حَقِيقَةُ الدُّعَاءِ:
الدُّعَاءُ لُغَةً: الطَّلَبُ وَالِابْتِهَالُ: يُقَالُ: دَعَوْتُ اللَّهَ أَدْعُوهُ دُعَاءً: ابْتَهَلْتُ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، وَرَغِبْتُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْخَيْرِ، وَدَعَا اللَّهَ: طَلَبَ مِنْهُ الْخَيْرَ، وَرَجَاهُ مِنْهُ، وَدَعَا لِفُلَانٍ: طَلَبَ لَهُ الْخَيْرَ، وَدَعَا عَلَى فُلَانٍ: طَلَبَ لَهُ الشَّرَّ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا﴾ [الأنعام: 71]، أَيْ: أَنَعْبُدُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾ [الحج: 13]، أَيْ: يَعْبُدُ. [انظر: الفيومي/المصباح المنير(1/194)، الأزهري/تهذيب اللغة(3/76)، ابن منظور/لسان العرب(14/257)]
الدُّعَاءُ اصْطِلَاحًا:
دُعَاءُ الْعِبَادَةِ: هُوَ إِظْهَارُ غَايَةِ التَّذَلُّلِ، وَالِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِكَانَةُ لَهُ. [ابن حجر/ فتح الباري (11/ 95)]
دُعَاءُ الْمَسْأَلَةِ: هُوَ طَلَبُ الْحَاجَةِ مِنْ اللَّهِ مَعَ اعْتِقَادِ الْعَجْزِ مِنْ النَّفْسِ، وَقُدْرَةِ الرَّبِّ وَغِنَاهُ. وَالْمُتَأَمِّلُ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ فِي الْقُرْآنِ؛ يَجِدُ لَهُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً، أَشْهَرُهَا اثْنَانِ: السُّؤَالُ وَالْعِبَادَةُ:
أَمَّا دُعَاءُ الْمَسْأَلَةِ: فَهُوَ طَلَبُ مَا يَنْفَعُ الدَّاعِيَ، وَطَلَبُ كَشْفِ مَا يَضُرُّهُ وَدَفْعِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 67]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62]. [انظر: ابن تيمية/ مجموع الفتاوى (15/ 10)]
أَيْ: مَنْ هَذَا اَلْعَظِيمُ الَّذِي يُجِيبُ دُعَاءَ الْمَكْرُوبِ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ النَّازِلَ بِهِ؟، وَمَنْ هَذَا الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ الَّذِي يَجْعَلُكُمْ سُكَّانَ اَلْأَرْضِ، تَتَوَارَثُونَ سُكْنَاهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا، وَالِانْتِفَاعَ بِخَيْرَاتِهَا جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ؟ أَمَعْبُودٌ مَعَ اللَّهِ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذَا سَأَلَهُ، قَلِيلًا مَا تَعْقِلُونَ وَتَعْتَبِرُونَ.
وَأَمَّا دُعَاءُ الْعِبَادَةِ: فَهُوَ مَا تَضَمَّنَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ مُؤَيَّدَاً بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾ [الشعراء: 213]. [انظر: ابن تيمية/ مجموع الفتاوى (15/ 10)]
أَيْ: فَلَا تَعْبُدْ مَعَ اللَّهِ مَعْبُودًا آخَرَ؛ فَيُصِيبُكَ مِنَ الْعَذَابِ مَا أَصَابَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَبْلِكَ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117].
أَيْ: وَمَنْ يَعْبُدْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ الْعِبَادَةَ؛ فَإِنَّمَا جَزَاءُ الْمُكَذِّبِ يَوْمَ الدِّينِ عِنْدَ رَبِّهِ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: وَالدُّعَاءُ فِي الْقُرْآنِ يُرَادُ بِهِ الْمَسْأَلَةُ تَارَةً، وَالْعِبَادَةُ تَارَةً، وَيُرَادُ بِهِ مَجْمُوعُهُمَا تَارَةً، فَالْعَبْدُ يَدْعُو لِحُصُولِ النَّفْعِ، أَوْ دَفْعِ الضُّرِّ دُعَاءَ الْمَسْأَلَةِ، وَيَدْعُو خَوْفًا وَرَجَاءً دُعَاءَ الْعِبَادَةِ، فَكُلُّ دُعَاءِ عِبَادَةٍ مُسْتَلْزِمٌ لِدُعَاءِ الْمَسْأَلَةِ، وَكُلُّ دُعَاءِ مَسْأَلَةٍ مُتَضَمِّنٌ لِدُعَاءِ الْعِبَادَةِ، وَقَدْ وَرَدَ الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]؛ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الدُّعَاءَ بِنَوْعَيْهِ، وَبِكُلٍّ مِنْهُمَا فُسِّرَتِ الْآيَةُ، قِيلَ: الْمَعْنَى: أُعْطِيهِ إِذَا سَأَلَنِي، وَقِيلَ: أُثِيبُهُ إِذَا عَبَدَنِي، وَالْقَوْلَانِ مُتَلَازِمَانِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، أَيْ: سَلُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَاعْبُدُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ فِي دُعَاءِ الْعِبَادَةِ أَظْهَرُ، وَلِهَذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي﴾. [انظر: ابن القيم/تفسيره (243)]
وَيُؤَيِّدُهُ: حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)، وَقَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]. [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه (2969)(5/ 211)]
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، أَيْ: سَلُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَاعْبُدُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ فِي دُعَاءِ الْعِبَادَةِ أَظْهَرُ، وَلِهَذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي﴾. [انظر: ابن القيم/تفسيره (243)]
وَيُؤَيِّدُهُ: حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)، وَقَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]. [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه (2969)(5/ 211)]
غَنَائِمُ الدَّاعِينَ (2)
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
ثَانِيَاً: فَضْلُ الدُّعَاءِ:
لِلدُّعَاءِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ، مِنْ أَشْهَرِهَا مَا يَلِي:
1. الدُّعَاءُ هُوَ الْأَكْرَمُ عَلَى اللهِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ). [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(3370) (5/ 455)]
أَيْ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَقْوَالِ الْبِرِّ وَأَعْمَالِهِ أَكْثَرَ فِي الْخَيْرِ، وَأَدْوَمَ لِلنَّفْعِ، وَأَعْلَى قَدْرَاً وَمَكَانَةً، وَأَسْرَعَ فِي حُصُولِ النَّوَالِ مِنَ الدُّعَاءِ الصَّالِحِ، سِيَّمَا أَنَّ فِيهِ إِظْهَارَ الْعَجْزِ وَالِافْتِقَارِ وَالتَّذَلُّلِ وَالِانْكِسَارِ للهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِقُوَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَغِنَاهُ وَإِغْنَائِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَجَبْرِ كَسْرِ خَوَاطِرِ أَعْدَائِهِ، فَضْلًا عَنْ فُضَلَاءِ أَحْبَابِهِ وَأَوْلِيَائِهِ. [القاري/ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1528)]
2.الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ:
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ﴿قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(1479)(2/76)]
قَوْلُهُ: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) ضَمِيرُ الرَّفْعِ الْمُنْفَصِلِ (هُوَ) فِي قَوْلِهِ: (هُوَ الْعِبَادَةُ) يُفِيدُ الْحَصْرَ، فَيَدُلُّ بِظَاهِرِهِ أَنْ لَا عِبَادَةَ إِلَّا الدُّعَاءَ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ: الدُّعَاءُ أَجَلُّ الْعِبَادَةِ، كَمَا قَالَ : (الْحَجُّ عَرَفَةُ) [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(889)(3/228)]؛ أَيْ: أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ عَرَفَةُ.
وَحِكْمَةُ كَوْنِ الدُّعَاءِ هُوَ الْعِبَادَةَ: أَنَّ الدُّعَاءَ ثَمَرَةُ التَّوْحِيدِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا اعْتَقَدَ جَزْمًا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْمَالِكُ، رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَالضُّرُّ وَالنَّفْعُ؛ تَوَجَّهَ إلَيْهِ مُعْتَرِفًا بِضَعْفِ نَفْسِهِ وَعَجْزِهَا، وَقُوَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَغِنَاهُ، فَتَوَجَّهَ إلَيْهِ دَاعِيًا أَنْ يُعْطِيَهُ الْخَيْرَ أَوْ يَصْرِفَ عَنْهُ الشَّرَّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْحِيدَ أُسُّ الْعِبَادَةِ.
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
ثَانِيَاً: فَضْلُ الدُّعَاءِ:
لِلدُّعَاءِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ، مِنْ أَشْهَرِهَا مَا يَلِي:
1. الدُّعَاءُ هُوَ الْأَكْرَمُ عَلَى اللهِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ). [حسن، أخرجه: الترمذي/سننه(3370) (5/ 455)]
أَيْ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَقْوَالِ الْبِرِّ وَأَعْمَالِهِ أَكْثَرَ فِي الْخَيْرِ، وَأَدْوَمَ لِلنَّفْعِ، وَأَعْلَى قَدْرَاً وَمَكَانَةً، وَأَسْرَعَ فِي حُصُولِ النَّوَالِ مِنَ الدُّعَاءِ الصَّالِحِ، سِيَّمَا أَنَّ فِيهِ إِظْهَارَ الْعَجْزِ وَالِافْتِقَارِ وَالتَّذَلُّلِ وَالِانْكِسَارِ للهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِقُوَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، وَغِنَاهُ وَإِغْنَائِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَجَبْرِ كَسْرِ خَوَاطِرِ أَعْدَائِهِ، فَضْلًا عَنْ فُضَلَاءِ أَحْبَابِهِ وَأَوْلِيَائِهِ. [القاري/ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1528)]
2.الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ:
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ﴿قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]). [صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه(1479)(2/76)]
قَوْلُهُ: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) ضَمِيرُ الرَّفْعِ الْمُنْفَصِلِ (هُوَ) فِي قَوْلِهِ: (هُوَ الْعِبَادَةُ) يُفِيدُ الْحَصْرَ، فَيَدُلُّ بِظَاهِرِهِ أَنْ لَا عِبَادَةَ إِلَّا الدُّعَاءَ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ: الدُّعَاءُ أَجَلُّ الْعِبَادَةِ، كَمَا قَالَ : (الْحَجُّ عَرَفَةُ) [صحيح، أخرجه: الترمذي/سننه(889)(3/228)]؛ أَيْ: أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ عَرَفَةُ.
وَحِكْمَةُ كَوْنِ الدُّعَاءِ هُوَ الْعِبَادَةَ: أَنَّ الدُّعَاءَ ثَمَرَةُ التَّوْحِيدِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا اعْتَقَدَ جَزْمًا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْمَالِكُ، رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَالضُّرُّ وَالنَّفْعُ؛ تَوَجَّهَ إلَيْهِ مُعْتَرِفًا بِضَعْفِ نَفْسِهِ وَعَجْزِهَا، وَقُوَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَغِنَاهُ، فَتَوَجَّهَ إلَيْهِ دَاعِيًا أَنْ يُعْطِيَهُ الْخَيْرَ أَوْ يَصْرِفَ عَنْهُ الشَّرَّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّوْحِيدَ أُسُّ الْعِبَادَةِ.
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ رحمه الله: مَعْنَاهُ: الدُّعَاءُ هُوَ الَّذِي تُخْتَمُ بِهِ الْعِبَادَةُ، وَقِيلَ: نَفْسُ الدُّعَاءِ هُوَ الْعِبَادَةُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَعَلَى التَّضَرُّعِ إلَيْهِ، وَالْابْتِهَالِ لَدَيْهِ، وَالسُّؤَالِ مِنْهُ؛ فَكُلُّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ. [انظر: العيني/شرحه على أبي داود(5/ 394)]
وَقَالَ الْقَارِي رحمه الله: الدُّعَاءُ: هُوَ الْعِبَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تَسْتَأْهِلُ أَنْ تُسَمَّى عِبَادَةً؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ، بِحَيْثُ لَا يَرْجُو وَلَا يَخَافُ إِلَّا إِيَّاهُ، قَائِمًا بِوُجُوبِ الْعُبُودِيَّةِ، مُعْتَرِفًا بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ، عَالِمًا بِنِعْمَةِ الْإِيجَادِ، طَالِبًا لِمَدَدِ الْإِمْدَادِ عَلَى وَفْقِ الْمُرَادِ، وَتَوْفِيقِ الْإِسْعَادِ. [القاري/مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح(4/ ١٥٢٧)]
وَقَالَ الرَّاغِبُ رحمه الله: الْعُبُودِيَّةُ: إِظْهَارُ التَّذَلُّلِ، وَلَا عِبَادَةَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ التَّذَلُّلِ، وَلَا يَسْتَحِقُّهَا إِلَّا مَنْ لَهُ غَايَةُ الْإِفْضَالِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. [الراغب/مفردات القرآن(ص٥٤٢)]
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ الْعِبَادَةُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ غَايَةُ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ وَالِاسْتِكَانَةِ، وَمَا شُرِعَتِ الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلْخُضُوعِ لِلْبَارِئِ، وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ، وَيَنْصُرُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا بَعْدَ الْآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] حَيْثُ عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ الِافْتِقَارِ وَالتَّذَلُّلِ بِالِاسْتِكْبَارِ، وَوَضَعَ عِبَادَتِي مَوْضِعَ دُعَائِي، وَجَعَلَ جَزَاءَ ذَلِكَ الِاسْتِكْبَارِ الْهَوَانَ وَالصَّغَارَ. [الطيبي/شرح المشكاة(5/1708)]
وَقَالَ الْقَارِي رحمه الله: الدُّعَاءُ: هُوَ الْعِبَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تَسْتَأْهِلُ أَنْ تُسَمَّى عِبَادَةً؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ، وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ، بِحَيْثُ لَا يَرْجُو وَلَا يَخَافُ إِلَّا إِيَّاهُ، قَائِمًا بِوُجُوبِ الْعُبُودِيَّةِ، مُعْتَرِفًا بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ، عَالِمًا بِنِعْمَةِ الْإِيجَادِ، طَالِبًا لِمَدَدِ الْإِمْدَادِ عَلَى وَفْقِ الْمُرَادِ، وَتَوْفِيقِ الْإِسْعَادِ. [القاري/مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح(4/ ١٥٢٧)]
وَقَالَ الرَّاغِبُ رحمه الله: الْعُبُودِيَّةُ: إِظْهَارُ التَّذَلُّلِ، وَلَا عِبَادَةَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا غَايَةُ التَّذَلُّلِ، وَلَا يَسْتَحِقُّهَا إِلَّا مَنْ لَهُ غَايَةُ الْإِفْضَالِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. [الراغب/مفردات القرآن(ص٥٤٢)]
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ الْعِبَادَةُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ غَايَةُ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ وَالِاسْتِكَانَةِ، وَمَا شُرِعَتِ الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلْخُضُوعِ لِلْبَارِئِ، وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ، وَيَنْصُرُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا بَعْدَ الْآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] حَيْثُ عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ الِافْتِقَارِ وَالتَّذَلُّلِ بِالِاسْتِكْبَارِ، وَوَضَعَ عِبَادَتِي مَوْضِعَ دُعَائِي، وَجَعَلَ جَزَاءَ ذَلِكَ الِاسْتِكْبَارِ الْهَوَانَ وَالصَّغَارَ. [الطيبي/شرح المشكاة(5/1708)]
وَقِيلَ: لَا وَجْهَ لِحَمْلِ الْعِبَادَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْلُّغَوِيِّ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعِبَادَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ دُعَاءً أَمْ غَيْرَهُ لَا يَخْلُو أَنْ يُقْصَدَ بِهَا اسْتِدْعَاءُ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِدْفَاعُ سَخَطِهِ، أَوْ يُقْصَدَ بِهَا غَرَضٌ دُنْيَوِيٌّ مَحْضٌ كَالتَّوْسِعَةِ فِي الرِّزْقِ؛ لِيَتَنَعَّمَ، وَالشِّفَاءِ مِنَ الْمَرَضِ؛ لِيَتَخَلَّصَ مِنَ الْأَلَمِ، وَعَلَى كُلٍّ؛ فَذَلِكَ الْقَصْدُ يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى دُعَاءً؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ قَلْبِيٌّ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةَ سِوَى الدُّعَاءِ؛ وَجَدْنَا الشَّارِعَ قَدْ شَرَعَ الدُّعَاءَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ الْقَصْدَ، فَصَارَ الدُّعَاءُ عِبَارَةً عَنِ الْأَمْرَيْنِ: السُّؤَالُ بِاللِّسَانِ وَالْقَصْدُ بِالْجَنَانِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِاللِّسَانِ إنَّمَا هُوَ تَرْجَمَةٌ لِذَلِكَ الْقَصْدِ، فَإِذَا صَحَّ هَذَا؛ فَإِنَّنَا إذَا أَفْرَزْنَا الدُّعَاءَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَهُوَ الْقَصْدُ الْقَلْبِيُّ وَتَرْجَمَتُهُ اللِّسَانِيَّةُ؛ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْعِبَادَةِ إلَّا صُورَتُهَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَصْدَ الْقَلْبِيَّ مَعَ التَّرْجَمَةِ عَنْهُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَشْرَفُ مِنْ صُورَةِ الْعِبَادَةِ مُجَرَّدَةً عَنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا صَحَّ أَنَّ (الدُّعَاءَ مُخُّ الْعِبَادَةِ)، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ)، عَلَى وِزَانِ قَوْلِهِ: (الْحَجُّ عَرَفَةُ)، وَقَدْ يَتَوَسَّعُ فِي هَذَا فَيُقَالُ: إنَّ صُورَةَ الْعِبَادَةِ كَالصَّوْمِ دُعَاءٌ بِالْحَالِ، وَبِهَذَا يَصِحُّ إنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا دُعَاءٌ. [المباركفوري/ مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 352)]
غَنَائِمُ الدَّاعِينَ (3)
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
ثَانِيَاً: فَضْلُ الدُّعَاءِ:
3.الدُّعَاءُ مِنَ الْكَيْسِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (... وَأَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ). [صحيح موقوف، أخرجه: ابن حبان/صحيحه(4498)(10/ 349)]
قَوْلُهُ: (أَعْجَزَ النَّاسِ) أَيْ: أَضْعَفَ النَّاسِ عَقْلَاً، وَأَعْمَاهُمْ بَصِيرَةً (مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ) أَيْ: مَنْ ضَعُفَ عَنْ سُؤَالِ اللَّهِ مَا يَنْفَعُهُ، وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَيُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَ مَهْمَا عَظُمَ الْمَطْلُوبُ، وَكَثُرَ السُّؤَالُ، وَعُدَّ مَنْ يَغْفُلُ عَنِ الدُّعَاءِ مِنْ أَعْجَزِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ أَضَاعَ خُيُورًا كَثِيرَةً كَانَ يُمْكِنُهُ بُلُوغَهَا بِلَا مَشَقَّةٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: أَسَاسُ كُلِّ خَيْرٍ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَتُيْقِنُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْحَسَنَاتِ مِنْ نِعَمِهِ فَتَشْكُرَهُ عَلَيْهَا، وَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَقْطَعَهَا عَنْكَ، وَأَنَّ السَّيِّئَاتِ مِنْ خِذْلَانِهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَتَبْتَهِلَ إِلَيْهِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، وَلَا يَكِلَكَ فِي فِعْلِ الْحَسَنَاتِ، وَتَرْكِ السَّيِّئَاتِ إِلَى نَفْسِكَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ فَأَصْلُهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ، وَكُلَّ شَرٍّ فَأَصْلُهُ خِذْلَانُهُ لِعَبْدِهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ التَّوْفِيقَ أَنْ لَا يَكِلَكَ اللَّهُ إلَى نَفْسِكَ، وَأَنَّ الْخِذْلَانَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَك وَبَيْنَ نَفْسِك، فَإِذَا كَانَ كُلُّ خَيْرٍ فَأَصْلُهُ التَّوْفِيقُ وَهُوَ بِيَدِ اللَّهِ لَا بِيَدِ الْعَبْدِ، فَمِفْتَاحُهُ الدُّعَاءُ، وَالِافْتِقَارُ، وَصِدْقُ اللَّجَأِ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ إِلَيْهِ، فَمَتَى أُعْطَيَ الْعَبْدُ هَذَا الْمِفْتَاحَ؛ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ، وَمَتَى أَضَلَّهُ عَنِ الْمِفْتَاحِ؛ بَقِيَ بَابُ الْخَيْرِ مُرْتَجًّا دُونَهُ.
✍️أ.د. سَلْمَانُ نَصْرُ الدَّايَه
ثَانِيَاً: فَضْلُ الدُّعَاءِ:
3.الدُّعَاءُ مِنَ الْكَيْسِ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (... وَأَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ). [صحيح موقوف، أخرجه: ابن حبان/صحيحه(4498)(10/ 349)]
قَوْلُهُ: (أَعْجَزَ النَّاسِ) أَيْ: أَضْعَفَ النَّاسِ عَقْلَاً، وَأَعْمَاهُمْ بَصِيرَةً (مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ) أَيْ: مَنْ ضَعُفَ عَنْ سُؤَالِ اللَّهِ مَا يَنْفَعُهُ، وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَيُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَ مَهْمَا عَظُمَ الْمَطْلُوبُ، وَكَثُرَ السُّؤَالُ، وَعُدَّ مَنْ يَغْفُلُ عَنِ الدُّعَاءِ مِنْ أَعْجَزِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ أَضَاعَ خُيُورًا كَثِيرَةً كَانَ يُمْكِنُهُ بُلُوغَهَا بِلَا مَشَقَّةٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: أَسَاسُ كُلِّ خَيْرٍ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَتُيْقِنُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْحَسَنَاتِ مِنْ نِعَمِهِ فَتَشْكُرَهُ عَلَيْهَا، وَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَقْطَعَهَا عَنْكَ، وَأَنَّ السَّيِّئَاتِ مِنْ خِذْلَانِهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَتَبْتَهِلَ إِلَيْهِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، وَلَا يَكِلَكَ فِي فِعْلِ الْحَسَنَاتِ، وَتَرْكِ السَّيِّئَاتِ إِلَى نَفْسِكَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ فَأَصْلُهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ، وَكُلَّ شَرٍّ فَأَصْلُهُ خِذْلَانُهُ لِعَبْدِهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ التَّوْفِيقَ أَنْ لَا يَكِلَكَ اللَّهُ إلَى نَفْسِكَ، وَأَنَّ الْخِذْلَانَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَك وَبَيْنَ نَفْسِك، فَإِذَا كَانَ كُلُّ خَيْرٍ فَأَصْلُهُ التَّوْفِيقُ وَهُوَ بِيَدِ اللَّهِ لَا بِيَدِ الْعَبْدِ، فَمِفْتَاحُهُ الدُّعَاءُ، وَالِافْتِقَارُ، وَصِدْقُ اللَّجَأِ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ إِلَيْهِ، فَمَتَى أُعْطَيَ الْعَبْدُ هَذَا الْمِفْتَاحَ؛ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ، وَمَتَى أَضَلَّهُ عَنِ الْمِفْتَاحِ؛ بَقِيَ بَابُ الْخَيْرِ مُرْتَجًّا دُونَهُ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمنِينَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "إِنِّي لَا أَحْمِلُ هَمَّ الْإِجَابَةِ، وَلَكِنْ هَمَّ الدُّعَاءَ"، فَإِذَا أُلْهِمْتَ الدُّعَاءَ؛ فَإِنَّ الْإِجَابَةَ مَعَهُ، وَعَلَى قَدْرِ نِيَّةِ الْعَبْدِ وَهِمَّتِهِ وَمُرَادِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي ذَلِكَ؛ يَكُونُ تَوْفِيقُهُ سُبْحَانَهُ وَإِعَانَتُهُ، فَالْمَعُونَةُ مِنَ اللَّهِ تَنْزِلُ عَلَى الْعِبَادِ عَلَى قَدْرِ هِمَمِهِمْ وَثَبَاتِهِمْ وَرَغْبَتِهِمْ وَرَهْبَتِهِمْ، وَالْخِذْلَانُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْلَمُ الْعَالِمِينَ، يَضَعُ التَّوْفِيقَ فِي مَوَاضِعِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ، وَالْخِذْلَانَ فِي مَوَاضِعِهِ اللَّائِقَةِ بِهِ، هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَمَا أُتِيَ مَنْ أُتِيَ إلَّا مِنْ قِبَلِ إضَاعَةِ الشُّكْرِ، وَإِهْمَالِ الِافْتِقَارِ وَالدُّعَاءِ، وَلَا ظَفَرَ مَنْ ظَفَرَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ إلَّا بِقِيَامِهِ بِالشُّكْرِ وَصِدْقِ الِافْتِقَارِ وَالدُّعَاءِ. [ابن القيم/الفوائد (ص: 97)]
4. الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَدَرَ:
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا). [حسن دون قوله: (وإن الرجل...)، أخرجه: ابن ماجه/ سننه (90)(1/ 35)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ: (لَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ) الْبِرُّ: جِمَاعُ الْخُيُورِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ بَرَكَةً إلَّا الْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الْخَالِصَةُ، إِمَّا لِأَنَّ الْبَارَّ بِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ يُنْتَفَعُ بِعُمُرِهِ وَإِنْ قَلَّ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ يُزَادُ لَهُ فِي الْعُمْرِ حَقِيقَةً؛ لِمَعْنَى: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَارًّا؛ لَقَصُرَ عُمُرُهُ عَنِ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ إذَا بَرَّ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ أَطْوَلَ عُمُرًا مِنَ غَيْرِ الْبَارِّ، ثُمَّ التَّفَاوُتُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّقْدِيرِ الْمُعَلَّقِ لَا فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ إلَيْهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39].
4. الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَدَرَ:
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا). [حسن دون قوله: (وإن الرجل...)، أخرجه: ابن ماجه/ سننه (90)(1/ 35)]
فِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ: (لَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ) الْبِرُّ: جِمَاعُ الْخُيُورِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ بَرَكَةً إلَّا الْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الْخَالِصَةُ، إِمَّا لِأَنَّ الْبَارَّ بِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ يُنْتَفَعُ بِعُمُرِهِ وَإِنْ قَلَّ أَكْثَرَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ يُزَادُ لَهُ فِي الْعُمْرِ حَقِيقَةً؛ لِمَعْنَى: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَارًّا؛ لَقَصُرَ عُمُرُهُ عَنِ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ إذَا بَرَّ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ أَطْوَلَ عُمُرًا مِنَ غَيْرِ الْبَارِّ، ثُمَّ التَّفَاوُتُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّقْدِيرِ الْمُعَلَّقِ لَا فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْأَمْرَ يَصِيرُ إلَيْهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39].