Telegram Web Link
قَالَ [ابن الجوزي]: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ [ابن هبيرة]:

كُنْتُ جَالِسًا فِي سَطْحٍ أُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ، فَرَأَيْتُ كَاتِبًا يَكْتُبُ فِي قِرْطَاسٍ أَبْيَضَ بِمِدَادٍ أَسْوَدَ مَا أَذْكُرُهُ، وَكُلَّمَا قُلْتُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ"، كَتَبَ الكَاتِبُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ"، فَقُلْتُ لِنَفْسِي: افْتَحْ عَيْنَكَ وَانْظُرْ بِهَا، فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ، فَخَطَفَ عَنْ يَمِيْنِي، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ ثَوْبِهِ، وَهُوَ شَدِيْدُ البَيَاضِ فِيْهِ صَقَالَةٌ.

[ذيل طبقات الحنابلة (159/2) لابن رجب]
[ كلمة المؤمنين ]

إِذا وفَّق الله عبدا توكل بحفظه وكلائته، وهدايته وإرشاده، وتوفيقه وتسديده.

وَإِذا أخذله وَكله إِلَى نَفسه أَو إِلَى غَيره؛

وَلِهَذَا كَانَت هَذِه الْكَلِمَة: (حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل) كلمة عَظِيمَة،

١-وَهِي الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين ألقِي فِي النَّار،

٢-وَقَالَهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ النَّاس: إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ،

٣-وقالتها عَائِشَة حِين ركبت النَّاقة لما انْقَطَعت عَن الْجَيْش،

[وَهِي كلمة الْمُؤمنِينَ].

[مجموع الرسائل (141/1) لابن رجب]
أيّها المؤمن، إنّ لله بين جنبيك بيتا لو طهّرته لأشرق ذلك البيت بنور ربّه وانشرح وانفسح.

[لطائف المعارف (ص/440) لابن رجب]
فالإيمان القائم بالقلوب أصل كلّ خير، وهو خير ما أوتيه العبد في الدنيا والآخرة، وبه يحصل له سعادة الدّنيا والآخرة، والنّجاة من شقاوة الدّنيا والآخرة. ومتى رسخ الإيمان في القلب انبعثت الجوارح كلّها بالأعمال الصالحة، واللسان بالكلم الطيب.

[لطائف المعارف (ص/396) لابن رجب]
ومن ساق الشيوخ المتأخرين مساق الصدر الأول، وطالبهم بطرائقهم، وأراد منهم ما كان عليه الحسن البصري وأصحابه مثلا من العلم العظيم، والعمل العظيم، والورع العظيم، والزهد العظيم، مع كمال الخوف والخشية، وإظهار الذل، والحزن، والانكسار والإزدراء على النفس، وكتمان الأحوال والمعارف، والمحبة والشوق ونحو ذلك فلا ريب أنه يزدري المتأخرين، ويمقتهم، ويهضم حقوقهم، فالأولى تنزيل الناس منازلهم، وتوفيتهم حقوقهم، ومعرفة مقاديرهم، وإقامة معاذيرهم، وقد جعل الله لكل شيء قدرا.

[ذيل طبقات الحنابلة (197/2) لابن رجب]
هذه الدار الفانية ممزوجة بالنعيم والألم؛ فما فيها من النعيم يذكر بنعيم الجنة، وما فيها من الألم يذكر بألم النار.

[لطائف المعارف (ص/551) لابن رجب]
جعل الله تعالى في هذه الدار أشياء كثيرة تُذكِّر بدار الغيب المؤجلة الباقية:

فمنها: ما يذكر بالجنة من زمان ومكان:
أما الأماكن؛ فخلق الله تعالى بعض البلدان؛ كالشام وغيرها، فيها من المطاعم والمشارب والملابس وغير ذلك من نعيم الدنيا ما يذكر بنعيم الجنة.

وأما الأزمان؛ فكزمن الربيع؛ فإنه يذكر طيبه بنعيم الجنة وطيبها، وكأوقات الأسحار؛ فإن بردها يذكر ببرد الجنة.

[لطائف المعارف (ص/552) لابن رجب]
إخواني! مَن كانَ مِن هذهِ الأُمَّةِ؛ فهوَ مِن خيرِ الأُممِ عندَ اللهِ، قالَ تَعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.. لمَّا كانَ هذا الرَّسولُ النَّبيُّ الأُمِّيُّ خيرَ الخلقِ وأفضلَهم عندَ اللهِ سبحانَهُ؛ كانَتْ أُمَّتُهُ خيرَ أُمَّةِ وأفضلَها، فما يَحْسُنُ بمَن كانَ مِن خيرِ الأممِ وانْتَسَبَ إلى متابعةِ خيرِ الخلقِ وأفضلِهِم.. إلَّا أنْ يَكونَ متَّصفًا بصفاتِ الخيرِ مجتنبًا لصفاتِ الشَّرِّ، وقبيحٌ بهِ أنْ يَرْضى لنفسِهِ أنْ يَكونَ مِن شرارِ النَّاسِ معَ انتسابِهِ إلى خيرِ الأُممِ ومتابعةِ خيرِ الرُّسلِ.

[لطائف المعارف (ص/176) لابن رجب]
فإنَّ معنى (لا إله إلا الله): أنَّه لا يؤلَّه غيرُه حباً، ورجاءً، وخوفاً، وطاعةً، فإذا تحقَّق القلبُ بالتَّوحيد التَّامِّ، لم يبق فيه محبةٌ لغير ما يُحبُّه الله، ولا كراهة لغير ما يكرهه الله، ومن كان كذلك، لم تنبعثْ جوارحُهُ إلاّ بطاعة الله، وإنَّما تنشأ الذُّنوب من محبَّة ما يكرهه الله، أو كراهة ما يُحبه الله، وذلك ينشأ من تقديم هوى النَّفس على محبَّة الله وخشيته، وذلك يقدحُ في كمال التَّوحيد الواجبِ، فيقعُ العبدُ بسببِ ذلك في التَّفريط في بعض الواجبات، أو ارتكابِ بعضِ المحظوراتِ، فأمَّا من تحقَّق قلبُه بتوحيدِ الله، فلا يبقى له همٌّ إلا في الله وفيما يُرضيه به.

[جامع العلوم والحِكَم (ص/785) لابن رجب]
فلا تظنّوا أن المراد أنّ المُحب مُطالبٌ بالعِصمة، وإنّما هُو مطالبٌ كلّما زلّ أن يتلافى تِلكَ الوَصْمَة.

[مجموع الرسائل (69/3) لابن رجب]
[ الذكر عند النوم وعند الاستيقاظ ]

"فيستصحبُ الذكر في يقظته حتى ينامَ عليه، ثم يبدأُ به عندَ استيقاظه، وذلك من دلائل صدقِ المحبة، كما قال بعضهم:

وآخِرُ شيءٍ أنت في كلِّ هَجعةٍ … وأوَّل شيءٍ أنتَ وقتَ هُبُوبي

وذكرك في قلبي بنومٍ ويقظةٍ … تجافى من اللّين اللبيب جنوب"

‏[جامع العلوم والحكم (ص/944) لابن رجب]
عَن النَّبِيّ ﷺ قَالَ: "بشر المشائين فِي الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"

قَالَ إبراهيم النخعي: كانوا يرون أن المشي إلى الصلاة فِي الليلة الظلماء موجبة -يعني-: توجب لصاحبها الجنة.

[فتح الباري (35/6) لابن رجب]
قال رجل لبعض العارفين: قد قطعت إليك مسافة، قال: ليس هذا الأمر بقطع المسافات، فارق نفسك بخطوة وقد وصلت إلى مقصودك.

[لطائف المعارف (ص/439) لابن رجب]
عِظَم حديث جبريل عليه السلام

قال ابن رجب الحنبلي:
جميعَ العُلوم والمعارف ترجعُ إلى هذا الحديث وتدخل تحته، وأنَّ جميع العلماء من فِرَقِ هذه الأمَّة لا تخرجُ علومهم التي يتكلَّمون فيها عن هذا الحديث، وما دلَّ عليه مجمَلاً ومفصَّلاً.

فإنَّ الفُقهاءَ إنَّما يتكلَّمون في العبادات التي هي من جملة خصال الإسلام، ويضيفون إلى ذلك الكلامَ في أحكامِ الأموالِ والأبضاعِ والدِّماءِ، وكلُّ ذلك من علمِ الإسلامِ كما سبق التنبيه عليه، ويبقى كثيرٌ من علم الإسلامِ مِنَ الآدابِ والأخلاقِ وغير ذلك لا يَتَكلَّمُ عليه إلاَّ القليلُ منهم، ولا يتكلَّمون على معنى الشهادتين، وهما أصلُ الإسلام كلِّه.

والذين يتكلمون في أصول الدِّيانات، يتكلَّمون على الشَّهادتين، وعلى الإيمان باللهِ، وملائكته، وكتبه، ورسُله، واليومِ الآخرِ، والإيمان بالقدر.

والذين يتكلَّمون على علم المعارف والمعاملات يتكلَّمون على مقام الإحسان، وعلى الأعمال الباطنة التي تدخلُ في الإيمان أيضاً، كالخشية، والمحبَّة، والتوكُّلِ، والرِّضا، والصَّبر، ونحو ذلك،

فانحصرتِ العلومُ الشَّرعية التي يتكلَّمُ عليها فِرَقُ المسلمين في هذا الحديث، ورجعت كلُّها إليه، ففي هذا الحديث وحدَه كفايةٌ، وللهِ الحمدُ والمنَّةُ.

[جامع العلوم والحِكَم (ص/112) لابن رجب]
ذو القعدة من الأشهر الحرم بغير خلاف، وهو أول الأشهر الحرم المتوالية.
وهل هو أول الحرم مطلقا أم لا؟ فيه خلاف..
وهو أيضا من أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]،

وقيل: إن تحريم ذي القعدة كان في الجاهلية لأجل السير إلى الحج، وسمي ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال.

وتحريم المحرم لرجوع الناس فيه من الحج إلى بلادهم، وتحريم ذي الحجة لوقوع حجهم فيه،
وتحريم رجب كان للإعتمار فيه من البلاد القريبة.

[لطائف المعارف (ص/259) لابن رجب]
من خصائص ذي القعدة أن عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم كلها كانت في ذي القعدة، سوى عمرته التي قرنها بحجته مع أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بها أيضا في ذي القعدة وفعلها في ذي الحجة مع حجته،

وكانت عمره صلى الله عليه وسلم أربعا:

عمرة الحديبية ولم يتمها بل تحلل منها ورجع.

وعمرة القضاء من قابل.

وعمرة الجعرانة عام الفتح لما قسم غنائم حنين. وقيل: إنها كانت في آخر شوال، والمشهور أنها كانت في ذي القعدة، وعليه الجمهور.

وعمرته في حجة الوداع كما دلت عليه النصوص الصحيحة، وعليه جمهور العلماء أيضا.

وقد روي عن طائفة من السلف منهم:
ابن عمر، وعائشة، وعطاء، تفضيل عمرة ذي القعدة وشوال على رمضان.

[لطائف المعارف (ص/259) لابن رجب]
تطهير القلب: تفريغه من كلّ ما يكرهه الله تعالى من أصنام النّفس والهوى، ومتى بقيت فيه من ذلك بقيّة، فالله أغنى الأغنياء عن الشّرك، وهو لا يرضى بمزاحمة الأصنام..

أردناكم صرفا فلمّا مزجتم … بعدتم بمقدار التفاتكم عنّا

وقلنا لكم لا تُسكِنُوا القلب غيرنا … فأسكنتم الأغيار ما أنتم منّا

[لطائف المعارف (ص/440) لابن رجب]
كان الإمام أحمد يدعو: اللهم أعزّنا بعزّ الطاعة ولا تُذلّنا بذلّ المعصية.

[مجموع الرسائل (243/1) لابن رجب]
في رواية ابن القاسم: أن أحمد ذكر قبر الحسين، وما يفعل الناس عنده -يعني: من الأمور المكروهة المحدثة-.

وهذا فيه إشارة إلى أن الإفراط في تتبع مثل هذه الآثار يخشى منه الفتنة، كما كره اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، وقد زاد الأمر في ذلك عند الناس حتى وقفوا عنده، واعتقدوا أنه كاف لهم، واطرحوا ما لا ينجيهم غيره، وهو طاعة الله ورسوله.

[فتح الباري (179/3) لابن رجب]
2025/07/06 18:01:41
Back to Top
HTML Embed Code: