Telegram Web Link
﴿فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِروا فِي الأَرضِ وَابتَغوا مِن فَضلِ اللَّهِ وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [الجمعة: ١٠]

ذهب بعضهم إلى [أن] الأمر بالانتشار بعد الصلاة للاستحباب، كان عراك بن مالك إذا خرج من المسجد يوم الجمعة [قال] : اللهم، أجبت دعوتك، وقضيت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين.
خرجه ابن أبي حاتم وغيره.

وهذا يدل على أنه رأى قوله تعالى: {فانتشروا في الأرض} أمرا على ظاهره..

وذهب الأكثرون إلى أنه ليس بأمر حقيقة، وإنما هو إذن وإباحة، حيث كان بعد النهي عن البيع، فهو إطلاق من محظور، فيفيد الإباحة خاصة.
وكذا قال عطاء ومجاهد والضحاك ومقاتل بن حيان وابن زيد وغيرهم.

[فتح الباري (337/8) لابن رجب]
المنفرد بالطّاعة بين أهل المعاصي والغفلة قد يدفع به البلاء عن النّاس كلّهم، فكأنّه يحميهم ويدافع عنهم..

رأى جماعة من المتقدمين في منامهم كأنّ ملائكة نزلت إلى بلاد شتّى، فقال بعضهم لبعض: اخسفوا بهذه القرية، فقال بعضهم: كيف نخسف بها وفلان فيها قائم يصلّي؟

ورأى بعض المتقدّمين في منامه من ينشد ويقول:
لولا الّذين لهم ورد يصلّونا = وآخرون لهم سرد يصومونا
لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا = لأنّكم قوم سوء ما تطيعونا

[لطائف المعارف (ص/238) لابن رجب]
نبوَّة النبي ﷺ كانت مذكُورة معرُوفة من قبل أن يخلُقَه الله ويُخرِجَهُ إلى دار الدُّنيا حيًّا، وأنَّ ذلك كان مكتُوباً في أُمِّ الكتاب من قبلِ نفخِ الرُّوحِ في آدم عليه السلام.

[لطائف المعارف (ص/158) لابن رجب]
فإنَّ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلَّم هو المقصودُ من خَلقِ النَّوع الإنسانيِّ، وهُو عينُه، وخُلاصته، وواسطة عقدِهِ.

[لطائف المعارف (ص/162) لابن رجب]
وأنتَ لمَّا وُلدت أشرقَت الأرضُ .. فَضاءت بنُورك الأفقُ

فَنحنُ في ذلِك الضَياءِ وفي النَورِ .. وَسُبل الرشَادِ نخترقُ

[لطائف المعارف (ص/174) لابن رجب]
إخواني! مَن كانَ مِن هذهِ الأُمَّةِ؛ فهوَ مِن خيرِ الأُممِ عندَ اللهِ، قالَ تَعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.. لمَّا كانَ هذا الرَّسولُ النَّبيُّ الأُمِّيُّ خيرَ الخلقِ وأفضلَهم عندَ اللهِ سبحانَهُ؛ كانَتْ أُمَّتُهُ خيرَ أُمَّةِ وأفضلَها، فما يَحْسُنُ بمَن كانَ مِن خيرِ الأممِ وانْتَسَبَ إلى متابعةِ خيرِ الخلقِ وأفضلِهِم.. إلَّا أنْ يَكونَ متَّصفًا بصفاتِ الخيرِ مجتنبًا لصفاتِ الشَّرِّ، وقبيحٌ بهِ أنْ يَرْضى لنفسِهِ أنْ يَكونَ مِن شرارِ النَّاسِ معَ انتسابِهِ إلى خيرِ الأُممِ ومتابعةِ خيرِ الرُّسلِ.

[لطائف المعارف (ص/176) لابن رجب]
أعمالُ الأُمَّةِ تُعرَضُ على نبيِّها في البرزخ، فليستَحِ عبدٌ أن يُعرَض على نبيِّه من عَمَلِه ما نهاهُ عنه.

[لطائف المعارف (ص/178) لابن رجب]
مِن أينَ في الأُمَمِ مثلُ أبي بكرٍ الصِّدِّيق، أو عُمَرَ الذي ما سَلَكَ طريقًا إلَّا هَرَبَ الشَّيطانُ مِن ذلك الطريق، أو عثمانَ الصابر على مُرِّ الضيق، أو عليٍّ بحرِ العلمِ العمِيق، أو حمزةَ والعبَّاس؟ أفيهم مثلُ طلحةَ والزُّبَيْر القَرِينين، أو مثلُ سعدٍ وسعيدٍ، هيهاتَ!! من أينَ؟ أو مثلُ ابن عَوْفٍ وأبي عُبيدَة، ومَن مثلُ الاثنين، إِن شَبَّهْتُم بهم فقد أبعدتُم القِياسَ.

[لطائف المعارف (ص/180) لابن رجب]
يا بني آدمَ صُونوا دينَكم
‏ينبغي لِلدّينِ أن لا يُطَّرَحْ

‏واحمَدوا اللهَ الذي أكرَمَكُم
‏بِنَبيٍّ قام فيكُم فنَصَحْ

بِنَبيٍّ فَتَحَ اللَهُ بِهِ
‏كُلَّ خَيرٍ نِلتُموهُ وَشَرَح

مُرسَلٌ لَو يُوزَنُ الناسُ بِهِ
‏في التُقى وَالبِرِّ خفُّوا وَرَجَح

فَرَسولُ اللَهِ أَولى بِالعُلى
‏وَرَسولُ اللَهِ أَولى بِالمِدَح

[لطائف المعارف (ص/181) لابن رجب]
وأمَّا شهرُ ولادتِهِ فقد اختُلِفَ فيه، فقيل: في شهر رمضانَ، رُوِي عن عبدِ اللهِ بن عمرو بإسنادٍ لا يَصِحُّ. وقيل: في رَجبٍ، ولا يَصِحُّ. وقيل: في رَبيع الأوَّلِ، وهو المشهورُ بين النَّاسِ، حتَّى نَقَلَ ابنُ الجوزيِّ وغيرُه عليه الاتِّفاقَ، ولكنَّهُ قولُ جُمهُورِ العلماءِ.

ثم اخْتَلَفُوا في أيِّ يومٍ كانَ مِنَ الشهرِ، فمنهم مَنْ قال: هو غَيْرُ مُعيَّنٍ، وإنما وُلِدَ في يومِ الاثنينِ من رَبيع الأول من غيرِ تعيينٍ لِعددِ ذلك اليومِ مِنَ الشهرِ، والجمهور على أنَّه يومٌ مُعيَّنٌ منه، ثم اختَلفُوا، فقيل: لِليلَتَيْن خلتا منه. وقيل: لِثمانٍ خلَتْ منه. وقيل: لِعَشْرٍ. وقيل: لاثنتي عشرة. وقيل: لِسبعَ عَشرةَ. وقيل: لثماني عشرَةَ. وقيل: لثمانٍ بقينَ منه. وقيل: إنَّ هذين القولين غيرُ صحيحين عَمَّن حُكِيا عَنْه بالكُلِّيَّةِ، والمشهورُ الذي عليه الجُمهورُ أنَّهُ وُلِدَ يومَ الاثنين ثاني عشرَ رَبيع الأوَّل، وهو قولُ ابن إسحاقَ وغيرِه.

وأمَّا عامُ ولادتِهِ ﷺ فالأكثَرُونَ على أنَّه عامُ الفِيلِ.. ومِنَ العلماءِ مَن حَكَى الاتفاقَ على ذلك وقال: كلُّ قولٍ يخالِفُه وَهْمٌ. والمشهورُ أنَّه ﷺ وُلِدَ بعدَ الفيل بخمسينَ يومًا.. قال إبراهيمُ بن المُنْذِر الحِزَاميُّ: الذي لا يَشُكُّ فيه أحدُ مِن علمائنا أنَّه ﷺ وُلِدَ عامَ الفيلِ. وقال خليفةُ بنُ خَيَّاطٍ: هذا هو المُجمَعُ عليه.

[لطائف المعارف (ص/184) لابن رجب]
لطائف ابن رجب
#صدر_حديثا
مجموع العلامة ابن رجب الحنبلي

مسرد الرسائل والمؤلفات التي ضمّها هذا المجموع المبارك
ولم يَزلِ الله يمتحِنُ عبادَهُ المؤمنينَ بما يشاءُ مِن المِحَن، ولكن دِينه قائمٌ محفوظٌ لا يَزالُ تقومُ بهِ أُمَّةٌ مِن أُمَّةِ مُحمَّدٍ ﷺ لا يضرُّهُم مَنْ خذَلهم حتَّى يَأتيَ أَمْرُ اللهِ وهُمْ على ذلك، كما قال تعالى: ﴿يُريدونَ لِيُطفِئوا نورَ اللَّهِ بِأَفواهِهِم وَاللَّهُ مُتِمُّ نورِهِ وَلَو كَرِهَ الكافِرونَ ۝ هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ﴾ [الصف: ٨-٩]

[لطائف المعارف (ص/188) لابن رجب]
فإنّ أعظم نعم الله على هذه الأمّة إظهار محمد صلّى الله عليه وسلّم لهم وبعثته وإرساله إليهم، كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: ١٦٤].

فإنّ النّعمة على الأمّة بإرساله أعظم من النّعمة عليهم بإيجاد السّماء، والأرض، والشّمس، والقمر، والرّياح، والليل، والنّهار، وإنزال المطر، وإخراج النبات، وغير ذلك؛ فإنّ هذه النّعم كلّها قد عمّت خلقا من بني آدم كفروا بالله وبرسله وبلقائه، فبدّلوا نعمة الله كفرا.

وأمّا النّعمة بإرسال محمد صلّى الله عليه وسلّم، فإنّ بها تمّت مصالح الدّنيا والآخرة، وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده، وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم.

[لطائف المعارف (ص/189) لابن رجب]
﴿فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَاستَغفِرهُ إِنَّهُ كانَ تَوّابًا﴾ [النصر: ٣]

إذا كان سيِّدُ المُحسِنينَ يُؤمَرُ بأن يختِمَ أعمالَهُ بالحُسْنى، فكيفَ يكونُ حالُ المُذْنِب المسيءِ المتلوِّثِ بالذُّنوب المحتاجِ إلى التَّطهيرِ؟!

من لم يُنْذِرْهُ باقترابِ أجلِهِ وحْيٌ، أنذَرَه الشَّيبُ وَسَلْبُ أقرَانِهِ بالموتِ.

كَفَى مُؤْذِنًا باقْتِراب الأجَلْ … شَبَابٌ تَوَلَّى وَشَيْبٌ نَزَلْ

إذا ارْتَحَلَتْ قُرَناءُ الفَتَى … عَلَى حُكْمِ رَيْبِ المَنُونِ ارْتَحَلْ

[لطائف المعارف (ص/199) لابن رجب]
في حديث عند الترمذي: "أعمارُ أُمَّتِي ما بين السِّتينَ إلى السَّبعينَ، وأقلُّهُم مَن يَجُوزُ ذلك"
وفي حديثٍ آخَرَ: "مُعْترَك المَنَايا ما بَينَ السِّتينَ إلى السَّبعين"

وفي هذا المعتركِ قبِضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

قال سفيان الثوريُّ: مَنْ بَلَغَ سِنَّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فليتَّخِذْ لِنَفْسِهِ كَفَنًا.

وإنَّ امْرَأً قَدْ سَارَ سِتِّينَ حجَّةً … إلى مَنْهلٍ مِن وُردِهِ لَقَرِيبُ

قال الفضيلُ لرجلٍ: كم أتَى عليكَ؟ قال: ستونَ سَنَةً.قال له: أنتَ منذُ ستينَ سنةً تسير إلى رَبِّكَ، يُوشِكُ أنْ تبلُغَ، فقال الرجل: إنَّا لله وإنا إليه راجعونَ، فقال فُضَيل: مَنْ عَلِمَ أنَّه للهِ عَبْدٌ وأنَّه إليه رَاجِعٌ، فَلْيَعْلَمْ أنَّه موقوفٌ، وأنَّه مَسْؤُولٌ، فليُعِدَّ للمسألةِ جَوابًا، فقال له الرَّجُلُ: فما الحيلَةُ؟ قال: يَسيرَةٌ، قال: ما هي؟ قال: تُحْسِنُ فيما بَقِي فَيُغْفَرُ لكَ ما مَضَى، فإنَّك إنْ أَسَأْتَ فيما بقِي أُخِذْتَ بما مَضَى وما بَقِيَ.

خُذْ في جِدٍّ فَقَدْ تَولَّى العُمْر … كَمْ ذَا التَّفْرِيطُ قد تَدَانى الأَمْرُ

أَقْبِلْ فَعَسَى يُقْبَلُ مِنْكَ العُذْرُ … كَمْ تَبْنِي، كَمْ تَنْقُضُ، كَمْ ذا الغَدْرُ

[لطائف المعارف (ص/200) لابن رجب]
فلا تظنّوا أن المراد أنّ المُحب مُطالبٌ بالعِصمة، وإنّما هُو مطالبٌ كلّما زلّ أن يتلافى تِلكَ الوَصْمَة.

[مجموع الرسائل (69/3) لابن رجب]
[ كلمة المؤمنين ]

إِذا وفَّق الله عبدا توكل بحفظه وكلائته، وهدايته وإرشاده، وتوفيقه وتسديده.

وَإِذا أخذله وَكله إِلَى نَفسه أَو إِلَى غَيره؛

وَلِهَذَا كَانَت هَذِه الْكَلِمَة: (حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل) كلمة عَظِيمَة،

١-وَهِي الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين ألقِي فِي النَّار،

٢-وَقَالَهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ النَّاس: إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ،

٣-وقالتها عَائِشَة حِين ركبت النَّاقة لما انْقَطَعت عَن الْجَيْش،

[وَهِي كلمة الْمُؤمنِينَ].

[مجموع الرسائل (141/1) لابن رجب]
2025/07/09 19:05:01
Back to Top
HTML Embed Code: