‏لا أغبط أحدًا على نعيمٍ كغبطتي أصحاب الرضا عن الله، يستقبلون أقداره بحفاوةٍ، ضرّاؤهم كسرّائهم، لهم عيون بِكر تحوّل الأشياء إلى غمائم غبطة، وفراديس حمد، إن أقبلت نعمة غمسوها بالشكر، وإن فاتهم القدر لم يفتهم الأجر، يستعيضون عمّا ذهب بجميل ظنهم لما يُقبل، فاللهم الرضا منك وعنك.

د.عاصم الخضيري

‏"قد يتأخر الرزق عليك لأنك لست على قدره، فلو أتاك فجأة لم تتحمله نفسك، فيرقيك الله في معارج طاعته كي تعتاد، ويقويك عند إقبال الدنيا لئلا تنقاد، فإذا تخلصت من أسر الفتنة و أصبحت الدنيا عندك سواء في الإدبار والإقبال، غمرك من الخير العظيم، وذلت لك أعناق المنح وأصبحت حجة لك لا عليك".

‏"إذا مررتَ بلحظةِ ضعفٍ أو يأسٍ أو عجزٍ، فلا تظن أن ما أنت به دائم، لأنه لن يدوم إلا في حالةٍ واحدةٍ؛ وهي أن تتبرّأ من إعانة نفسك فتلزمها بالتسليم إلى الأحزان، فكثيرٌ من البشر نهضَ على قدميه بعد مُدَّةٍ من عناء السعي ومجاهدة النفس حتى ظفر بالحياة الهنيئة".

قال ابن الجوزي:

من نزلت به بلية فأراد تمحيقها فليتصورها أكبر مما هي تهن، وليتخايل ثوابها تضمحل، وليتوهم نزول أعظم منها ير الربح في الاقتصار عليها، وليتلمح سرعة زوالها، فإنه لولا كرب الشدة ما رجيت ساعات الراحة.

«ينزع الله الأشياء التي تحبّها منك ولست تُدرك شرّها عليك، حتى لو طحنك انتزاعها، يجيء اليوم الذي تحمد الله فيه أنها لم تعُد عالقةً بك».

‏"من كانت همومه محصورة في شعوره بالضجر، فإنه في نعيم غامر، غير أنه لن يُدرك قيمة تلك النعمة إلا عند مواجهته لِمتاعب حقيقية تُجبره على مراجعة حساباته، وتقدير ما كان يملكه من راحة بال".

أنت تسير وفق ما كتبه الله لك، لا فوات ولا نقص ولا زيادة، فدع عنك القلق وطب عيشاً واجعل الطمأنينة تسري في نواحيك!

(لِّكَيۡلَا تَحۡزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ).

"قد يشعر القلب قبل أن يفهم العقل السبب".

لن يطمئن قلبك حتى ترى المنع بعين العطاء، وتستشعر قصور إدراكك عن حكمة الله البالغة!

‏"هناك نوع من الآلام الانتصار عليها ليس في تجاوزها، ولا في نسيانها، ولكن في تفهّم تجربة التوجع منها، الوعي بحتمية تذوق مرارتها.. أن تظل في حدود الشعور بها دون النفوذ إلى ما هو أعمق من ذلك، ألا تسمح لها بأن تشوهك وتنحدر بك.. أن تسطح الألم فلا يمس جذور نفسك، فما هو أسوأ من التألم أن تخسر نفسك، حينها يكون ما بعد الألم أشد قسوة من الألم.. لا شيء أنبل من أن يعبر الإنسان أوجاعه بكل سمو وأصالة".

‏وكل منتقَل إليه أشهى إلى النفس من المنتقَل عنه، والمنتظَر أغلب على القلب من الموجود.

‏أبو الفرج الأصفهاني

"ومن لطف الله بعبده أن يُرَضِّيه عن الموجود، ويلفته عن المفقود، ولا يعلق قلبه بفواته، وأن يحفظ عليه شتات قلبه في تطلبه، وأن يقيه حرقة عدم إدراكه".
‏

ينبغي أن يكون علم المرء أعظم من بيانه، وعقله أكبر من علمه، وإنما يأتي البلاء من زيادة البيان على العلم، والعلم على العقل.
‏ذُكِر عند علي بن عبد الله بن عباس بلاغة رجل، فقال: إني لأكره أن يكون مقدار لسانه فاضلًا على مقدار علمه، كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلًا على مقدار عقله.

د.عبدالرحمن قائد

لذّة الآخرة كاملة، ولذة الدنيا ناقصة، ومِن نقصها أنها مقرونة بتنغيص.
‏قيل: "إنّ الدنيا ليستْ تُعطيك لتَسُرَّك ولكن لتغُمَّك وتغرَّك"
‏وقال الشاعر:
‏لا طِيبَ للعيشِ ما دامتْ مُنَغَّصَةً
‏ لذاتُه بادِّكار الموتِ والهَرَمِ.
‏فما أُعطي أحدٌ شيئاً من الدنيا إلا أخذ حقّه من التنغيص فيه؛ إن كان مالًا خشي الفقر والإفلاس، وإن كان ولدًا انشغل بمتابعته والقلق عليه.
‏ومن الأمثال الدارجة: من له حلال عذّبه.
‏ومن طريف ما يُذكر: أن أحدهم خرج للسياحة فتنغّص كلما ذكر أن الرجوع لبلده يقطع عليه لذّة سياحته.
‏

د.بندر الشراري

تقول أخصائية: اجتمعت ذات مرة مع زميلاتي للترويح والمسامرة، فلفت انتباهي علامات نقص في النمو على ابن أحد الزميلات، فذكرت لها اسم استشاري بارع دون أن أفصل لها أو أخبرها بالتشخيص فقط أوصيتها بالذهاب للاطمئنان، فذهبت هي وابنها إليه وفعلاً شخصه بذلك ووجهها للعلاج.

ردة الفعل الطبيعية هي شكر الأم للأخصائية على نباهتها؛ لتدارك الأمر قبل تفاقمه، ولكن الذي حصل بعد ذلك أن هذه الزميلة أصبحت لا تطيق الجلوس ولا الحديث معها بل وحظرتها في وسائل التواصل.

ردة الفعل هذه تحصل في عدد من المواقف، فما دوافعها؟

‏"من عظيم لطف الله أنه قد يستجيب لدعوتك وهي حبيسة صدرك, ورهينة خاطرك, دون أن تتفوه بها!

‏كان النبي ﷺ يصلي جهة بيت المقدس, ومنيته أن تكون مكة قبلة المسلمين، وكان يقلب النظر في السماء, جهة البيت الحرام.


‏كان خاطرًا, فجاءت البشرى:
‏﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها﴾".

‏"أعجب ما قد تلاحظه في نفسك، هو ميلها إلى تزييف الحقائق التي تُعارض رغباتك، بأسلوب مُقنع تمامًا لك، فإذا أدركت خطورة هذا الأمر، فقد بلغت مقامًا رفيعًا من الوعي، إذ أصبحت واعيًا بآليات وعيك، مما يُمكنك من تزكية نفسك".

ليس كل زيادة محمودة، فالزيادة من الهم وطروء المرض بعد العافية، وبعض الأمور التي نرغب الاستزادة منها مع جهلنا لعواقبها؛ هي رزية وابتلاء لو كانت، ويشهد لذلك قوله تعالى في إخباره عن عدم خروج المنافقين في صفوف المؤمنين: ‏﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾.

فكن راضياً شاكراً لأقضية الله وحكمته.

‏القارئون للملامح والمصطادون لتفاصيل الحاجات في الوجوه هم من أكرم الناس خلّة، أصحابها بهم شيءٌ من الأنبياء، عرف موسىﷺ حاجة الفتاتين فسقى لهما من غير طلب، وعرف النبيﷺ الجوع فى وجه أبي هريرة فأطعمه من غير سؤال حتى شبع، لايحتاج الأمر لشرح، كل ما هنالك اهتمامٌ ينوب عن الكلام.

د.عاصم الخضيري

ما هو أثر الفراغ على النفس؟