استكثر من" اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك"؛ فإنه وصاة نبينا أبي القاسم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا=لمعاذ إمام العلماء رضي الله عنه..

وقد جمع هذا الدعاء خيري الدنيا والآخرة؛ فمن أُعين كُفِي الضدَّ من كل شيء، ومن وُفق للذكر يُسِّرت له كل طاعة، وكل طائع ذاكر، وأحبه رب العالمين وذكره في الملأ الأعلى، ووُقِي الغفلة والبطالة وأسبابهما.

ومن رُزق حُسنَ العبادة أقامها على الوجه المرضي من ربنا فقُبِل، وسلم من آفات العمل رياء وابتداعًا، وسُدِّد لإيقاع أفضل عبادة وأحسنها في أفضل الأزمان والأماكن، فما انشغل بمفضول ولا بفضول..
ومثل هذا يُوَفَّق لإصابة ليلة القدر وقيامها، وأوقات الإجابة ومغانم الخير في كل أمره.
وغير ذلك من المعاني التي لا انتهاء لبركاتها كما هو الشأن مع كلام أعلم الخلق وأعظمهم ﷺ
عيدكم مرحمة، وفرحةٌ تصبغ نفوسكم، وسكينة تأوي إلى قلوبكم، وسعادة خالصة من أثقال الهم والضيق!
كل عام وأنتم بخير، والحمد لله رب العالمين.
اللهم اقبلني مع المساكين، واجعلني ممن قبلتَهم ورضيتَ عنهم في شهر رمضان، وسلِّمني له، وسلِّمه لِي، وتسلَّمه مِنِّي مُتقبَّلًا.. بقيَّتُك خيرٌ لي وأوفى يا رب، أستغفرك وأتوب إليك.
يا أبا عمير! ما فعل النُّغير!

الاتساع للصغار، والفرح معهم، وبعث قلوبهم في مشاهد السعادة =من أجل علائم الاستقامة ورجاء رحمة الله!

الصغير مأمون النقد-غالبًا!-ليس بينك وبينه مشاركة عقلية أو علمية، بل أنتما عالمان !

فعالم ترى فيه بدءك وقصورك وضعفك ولثغة بيانك العتيق وحاجتك البريئة الساذجة!

وأنت عالم  مزدحم من أخلاط شتى وأحداث كثيرة وألوان لا تنتهي من الأفعال والأقوال والأعمال!

فإذا جالسته بعالمك المزدحم، فرفقت به وتوددت إليه وشاركته لعبته وآزرته في رسم ابتسامة صادقة وضحكة مدوية=تخففت من زحامك، وبقيت ورحمتك فصرت خفيفا وسيم الروح !

وهنالك تتنفس الفطرة وتتسع وكأن هنالك عينا تُفتح في القلب ليشاهد فيها الإنسان جمال هذا الخلق ولطف الذي خلقه ورحمته الواسعة!

الحمد لله على ديننا والحمد لله على سيدنا رسول الله محمد ﷺ
مُرَّاكُش!
اسم المدينة المغربية المعروفة، وكانت قصبة الخلافة في زمن المرابطين، وهو اسم مركب من مُرَّ، أي : امضِ، وامشِ..و " كُش"، يعني سريعا؛ لأنها كانت قبل بنائها موضعا للسراق وقطاع الطريق!
وهذا الاسم ينبغي أن يكون وصفًا تخرج بتحققه فيك من عناء التعب ومعاملات الأغيار، فتمر سريعا ، خفيف الوطء نسيميا مختبئًا بصمتك عن الإثقال، والإملال، صلتك بالناس صلة النجم: نفع بابتعاد! ورحمة بلا تكلف، ونور بغير مقابل!
عندما أنظر في قصص إجابة الدعاء=يتبسم قلبي من ضعف الإنسان وضيق إنائه! فمن الذي يحيى في هذا الكون الفسيح الرحب بغير فضل الله ومنته ورحمته العامة التي وسعت الكل؟!
‏وكم من دعوةٍ أُجيبت وصاحبها يغدو ويروح في ظلال إجابته وهو لا يدري! لكنه الإنسان معدن العجلة والنسيان!

‏يقول: دعوت فلم يستجب لي! فينسى ظالمًا فضل ربه وقديم إحسانه وترادف بره!
‏وينسى جمال منعه وحكمة صرفه عن ضيق ما ألح في طلبه وصيانته منه!

‏وكم من طالب حاجةٍ فُتِح له من خزائن التعرف والحب وتجليات الإحسان الإلهي باتساع البصيرة واستنارة القلب ما هو أحب إليه من حاجاته ورغائبه الصغيرة!
‏ولكنه الإنسان! معدن العجلة والنسيان!
الروح نافذة السكينة والقبضة التي بقيت لنا من آثار الملأ الأعلى، ولم تزل ترفعنا عن التراب، وتسمو بنا إلى المعالي، وتنسج ما بين اثنين نسيجا لا يتخرق، وتجمعهما في ميثاق لا ينفصم!

‏والروح منبع الصفاء والنور، فمن تبع آثارها والتمس أسباب غذائها نمت، وبسطت أنوارها على جسده وحركة حياته!
‏فصار كل ما يكون منه على قانونها، مراعاةً لمحابها، وثمرةً لتجلياتها!
‏وهي التي يكون من ورائها ثمار السكينة وعافية الأخلاق وجمال الدنيا والآخرة!

‏والروح سر التآلف كما في الحديث النبوي الشريف، ذلك السر الذي يخترق سور الأعمار والألوان والبلدان!
‏وهي مرآة الصدق الذي لا زيف فيه، فمن كان موصولا بأرواحنا سكنا إليه ولو تباعدت الأسباب واختلفت!
‏ ومن لم ..تباعدنا عنه وجفوناه ولو تآزرت الأسباب واجتمعت!
‏إنما هو سلطان الروح الآمر الناهي!
‏فسبحان من خلق الأرواح واصطفى القلوب وخبأ غيوبها عن الناس!
!
حجاب القلب عن معرفة الله تعالى ومشاهدة مننه، سبحانه وبحمده، يحمل كثيرا من النفوس على إيذاء غيرهم بالحقد المستعر وشرره المعروف ، وبالحسد غلا وبغيا!

والحسد أذى نابع من تسخط أقدار الله تعالى في النفس وفي الآخرين، وهو نوع من القتل كما في الحديث الصحيح: علام يقتل أحدكم أخاه!
ولقد يبيت العبد واسمه في ديوان القاتلين وهو لا يدري أو يدري!
وشر الحسد حسد يقع على طفل صغير لا ذنب له سوى سواد قلب من يحسد وسخطه!

فاتسعوا بالتراحم، ولا تُغضبوا الملك سبحانه بتسخط أقداره، وحمل حطب الحقد والغل والبغي على إخوانكم، ومن استحسنت منه شيئا فادع له وبرِّك من قلبك حبا للخير له وفرحا به؛ فإنك واجدٌ ثمرة هذا الدعاء وبركته عاجلا غير آجل!

ولا ينبغي لمن علم فقره وضعفه ومسكنته أن يغدو ويروح في غير خفارة الأذكار والاستعانة بالله تعالى ودوام الفرار إليه، مع ترك الغلو والوسوسة في هذا الباب؛ فإن كثيرا من الناس يكون غارقا في الآثام فإذا ما أصابه وبال ذنبه قال محسود!

والله المستعان وبه عياذنا ولياذنا.
‏بعض الأصفياء يحسن استجلاب ما يجعلك أجنبيا معه! وما ذاك إلا لفتوره عن النهوض من حجاب نفسه إلى رحاب قلبه! وهذا من أعاجيب دنيانا العجيبة!


‏كم من بلاءٍ رُدَّ بسبب الدعاء، وبليّة رفعها اللهُ بالدعاء، ومصيبة كشفها اللهُ بالدعاء، ومعصية غفرها اللهُ بالدعاء؟

وكم من رحمةٍ ونعمةٍ ظاهرة وباطنة استُجلبت بسبب الدعاء، من نصرٍ وعزٍ وفرجٍ ورزقٍ ورفع درجاتٍ في الدنيا والآخرة.. فلله ما أعظم شأن الدعاء!
اذا افرحتك عثرة اخيك
فاعلم ان في قلبك مرض …
اللهم ارحمنا يوم تُبدلُ الأرض غير الأرضِ والسماوات
من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة

فليمدد بسبب إلى السماء
‏إذا أضاء مصباح المعرفة في الصدر، وسكنت النفس إلى محراب المحبة الإلهية=طالع العبد في حُجُب المنع ستورَ العناية، وجمال الرعاية الربانية!

‏فكم من منع كان صيانةً للعبد لكرامته على ربه، ورحمةً لضعفه!
‏وكم من عطاءٍ كان ثمرةَ هوان العبد وسقوطه من عين ربه!
‏انظر عز : "وحرَّمنا عليه المراضع"..
‏وهوان: "فتحنا عليهم أبواب كل شيء"!
من ذا الذي يؤويك غيره، تبارك وتعالى؟! ومن ذا الذي يحفظك غيره، سبحانه وبحمده؟!
ومن الذي بسط عليك حلمه وتفضل عليك بإحسانه ومنَّ عليك بعافيته، مع ترادف ذنبك وتتابع سهوك، وهو العليم بذات صدرك وخفيِّ نيتك!
لكنه!
على جميل عادته وعظيم كرمه: يحب العفو ويحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب الأوابين!
سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه!
"أُذِن لي أن أُحدِّث عن مَلَكٍ من ملائكةِ اللهِ، من حملةِ العرشِ : إنَّ ما بينَ شحمةِ أُذنهِ إلى عاتقِه، مسيرةُ سبعمائةِ عامٍ"

"إنَّ اللهَ أذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن ديكٍ قد مَرَقَتْ رجلاه الأرضَ , وعُنُقُه مَثْنِيَّةٌ تحت العرشِ,وهو يقول : سبحانك ما أعظَمك ! فيردُّ عليه : لا يعلم ذلك من حلفَ بي كاذبًا" .

هكذا تكلم نبينا الصادق المصدوق ﷺ

ومن تضلع من مشاهدات العظمة وتدبر هذا الكون الفسيح بآماده المنبسطة وغيوبه التي لا نعلمها، وتدبير رب العالمين لهذا كله، وإقاتته، وعلمه ، وإحاطته بالذرة والنقير والقطمير وما دقَّ فلم تره عين ولم يعلم به إنسان=أورثه ذلك معارف تغدو وتروح في قلبه بأنوارها، تعظيما لله تعالى، ويقينا في كرمه وقدرته، وتعويلا عليه، واعتصامًا به، وفرارًا إليه، سبحانه لا إله إلا هو!

لا يعجزه شيء، ولا يتعاظمه شيء، وهو يجير ولا يُجار عليه، يُطعِم ولا يُطْعَم، حجابه النور! لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره!
لكل موصول بالله سراج كاشف لخفيات النفوس وأدوائها، فكأن لكل وجه عنده تفسيرًا راسخًا وإن لم يحسن البيان عنه!
وإن أعظم الناس ألمًا أكثرهم بصيرة ومكاشفة!

ولعل هذا يهديك إلى سر من أسرار رحمته العظيمة ﷺ التي يؤازرها صبر عظيم، لولا فضل الله عليه ورحمته لذهبت نفسه حسرات على نفوس أبت إحسانه وصَدَفت عن رحمته وتناولته بمعاول السب والصد والكفر والعناد، وهو هو أرحم الخلق قلبا وأزكاهم نفسا ﷺ !

ولعله أيضًا يُطلعك  على سر من أسرار تعب جسده الشريف وترادف الأوصاب عليه بأبي هو وأمي ﷺ !
فلا تحد عن صراطه ﷺ ؛ فإنه عزك ونجاتك وسعادتك في الحال والمآل، وإن عرض لك تعب؛ فإنه ولابد زائل مضمحل!
قد جرت عادة الله تعالى في جماله وكرمه ورعايته لعبده إذا أوذي أو لبسه الهم=أن يستخرج له فنون الثناء على ألسنة صفوته من خلقه، فيكون ذلك الثناء شفاءً لنفسه وجلاء لهمه، وتثبيتًا لقلبه!
فسبحان الكريم الجميل!
استكثر من الثناء على رب العالمين سبحانه وبحمده، وأدخل قلبك في غمرة نور الثناء، وجُلْ بخاطرك وسرك في مشاهدات النعم ومعاينات الكرم.
تعوَّد على وِرد شهود النعم، ومطالعة العناية، قُل فيما بينك وبينه سبحانه، وأمام جلسائك وأهلك وخاصتك، وفي انفرادك، وفي جميع أحوالك:

أنت الذي تفضل وأنعم، وجاد فأكرم! أنت الذي ..أنت الذي.. عدد مشاهدتك فيما دقَّ وعَظُم، وأطِل ما استطعت؛ فإنه لا أحد أحبَّ إليه الثناء من الله سبحانه وبحمده!

اللهم لك الحمد حمدًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد!
أهل الثناء والمجد! أحَقُّ ما قال العبد! وكلنا لك عبد!
لا مانع لما أعطيتَ ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجد!
‏حسب القائم في الأسحار شرفًا أن يلبي نداءات ربه سبحانه وبحمده: هل من داعٍ فأستجيب له؟! هل من سائل فأُعطِيَه؟! هل من مستغفر فأغفرَ له؟ هل من تائبٍ فأتوبَ عليه؟!

‏فيُقبل المحب المشتاق مُحرما مما سوى حبيبه، ملبيًا نداءه!
‏ويهرول الفقير المسكين يحمل لهفته وتحمله لهفته!
‏ويتعرض المذنب لنسائم العفو ونفحات الغفران!
‏فهذا ساجد طامع، وهذا مسافر يطوي مدائن الليل ثناء وتسبيحًا واستغفارًا!
‏وهذا عابد يوقد سُرُجَ المآب، ومصابيح التوبة، فكأنه في عيد مضيء!
‏قيام الليل، عبادة محب، وهدأة مُخلِصٍ فر من شهود الخلق، ورجفة مشتاق علم أن همهمات دعواته وخبيآت سره بمشهد من أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين!
2025/06/29 17:27:11
Back to Top
HTML Embed Code: