=== من المٍحَن تأتي المِنَح ===
#كورونا #قراءتي_في_عزلتي
لا شك أن السجن فيه تقييد للحريات، غير أن بعض العقلاء قلبوا المِحنة إلى مِنحة، وسجنهم إلى جنّة، لما لهم من همم عالية، ورباطة جأش، وإيمان بالقدر؛ فتراهم يفكّرون في حلول الأزمات، لا تضييع الأوقات.
وأذكر من هؤلاء - وهم كُثُرٌ -:
- محمد بن أحمد السَّرخسي (ت: 483هـ)، إمام الحنفية في وقته، أملى من ذاكرته كتابه الكبير "المبسوط" [وهو موسوعة فقهية في المذهب الحنفي] وهو مسجون في الجُبِّ (البئر)، فلمّا فرغ من (العبادات) قال: "إملاء المحبوس عن الجمع والجماعات" [انظر: "الفوائد البهية في تراجم الحنفية" للّكنوي (ص 249)].
- شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ)، سُجن أكثر من مرة، فاغتنم وقته في كتابة الرسائل والكتب، قال ابن عبدالهادي وهو يعدّد رسائله: "ومن السجن شيء كثير، يحتوي على مجلدات عدة" ["العقود الدرية" (ص ٦٧)]، وجمعها بعضهم في كتاب بعنوان" رسائل ابن تيمية من السجن"، وهو مطبوع.
بل كان يجتهد في الدعوة إلى الله تعالى، ولما دخل السجن حوّل حال المساجين من اللهو واللعب إلى ملازمة الصلاة والتسبيح والاستغفار، والاشتغال بالعلم، وكثُر المتردّدون عليه، حتى اكتض بهم السجن، فاضطر أعداؤه إلى تحويله إلى الإسكندرية. ["العقود الدرية" (285)].
قلت: رحم الله شيخ الإسلام، ما أشبه حاله بنبي الله يوسف - عليه السلام -، حين دخل السجن، فوصفه الفتيان بقولهما: "إنَّا نراك من المحسنين"، قال ابن كثير: "وكان يوسف - عليه السلام - قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث، وحسن السّمت، وكثرة العبادة - صلوات الله عليه وسلامه -، ومعرفة التعبير والإحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم، والقيام بحقوقهم" ["تفسير القرآن العظيم" (4/ 387)].
- المحدث محمد ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، دخل السجن سنة (1969م)، فاختصر في ثلاثة أشهر "صحيح مسلم"، فكان يعكف عليه ليل نهار.
والتاريخ مليء بحكايات مثل هذه، فليتساءل الطالب:
- متى كتب البخاري "صحيحه"؟
- متى كتب مسلم "صحيحه"؟
- متى كُتِبت "السنن" الأربعة؟
كلها في زمن الفتن والحروب.
** هؤلاء هم المُبدعون؛ حوّلوا شرّ الأزمات إلى خيرات.
"فبهداهم اقتده".
اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والفتن.
#كورونا #قراءتي_في_عزلتي
لا شك أن السجن فيه تقييد للحريات، غير أن بعض العقلاء قلبوا المِحنة إلى مِنحة، وسجنهم إلى جنّة، لما لهم من همم عالية، ورباطة جأش، وإيمان بالقدر؛ فتراهم يفكّرون في حلول الأزمات، لا تضييع الأوقات.
وأذكر من هؤلاء - وهم كُثُرٌ -:
- محمد بن أحمد السَّرخسي (ت: 483هـ)، إمام الحنفية في وقته، أملى من ذاكرته كتابه الكبير "المبسوط" [وهو موسوعة فقهية في المذهب الحنفي] وهو مسجون في الجُبِّ (البئر)، فلمّا فرغ من (العبادات) قال: "إملاء المحبوس عن الجمع والجماعات" [انظر: "الفوائد البهية في تراجم الحنفية" للّكنوي (ص 249)].
- شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ)، سُجن أكثر من مرة، فاغتنم وقته في كتابة الرسائل والكتب، قال ابن عبدالهادي وهو يعدّد رسائله: "ومن السجن شيء كثير، يحتوي على مجلدات عدة" ["العقود الدرية" (ص ٦٧)]، وجمعها بعضهم في كتاب بعنوان" رسائل ابن تيمية من السجن"، وهو مطبوع.
بل كان يجتهد في الدعوة إلى الله تعالى، ولما دخل السجن حوّل حال المساجين من اللهو واللعب إلى ملازمة الصلاة والتسبيح والاستغفار، والاشتغال بالعلم، وكثُر المتردّدون عليه، حتى اكتض بهم السجن، فاضطر أعداؤه إلى تحويله إلى الإسكندرية. ["العقود الدرية" (285)].
قلت: رحم الله شيخ الإسلام، ما أشبه حاله بنبي الله يوسف - عليه السلام -، حين دخل السجن، فوصفه الفتيان بقولهما: "إنَّا نراك من المحسنين"، قال ابن كثير: "وكان يوسف - عليه السلام - قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث، وحسن السّمت، وكثرة العبادة - صلوات الله عليه وسلامه -، ومعرفة التعبير والإحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم، والقيام بحقوقهم" ["تفسير القرآن العظيم" (4/ 387)].
- المحدث محمد ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، دخل السجن سنة (1969م)، فاختصر في ثلاثة أشهر "صحيح مسلم"، فكان يعكف عليه ليل نهار.
والتاريخ مليء بحكايات مثل هذه، فليتساءل الطالب:
- متى كتب البخاري "صحيحه"؟
- متى كتب مسلم "صحيحه"؟
- متى كُتِبت "السنن" الأربعة؟
كلها في زمن الفتن والحروب.
** هؤلاء هم المُبدعون؛ حوّلوا شرّ الأزمات إلى خيرات.
"فبهداهم اقتده".
اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء والفتن.
👍11❤2