Telegram Web Link
رَّعتُم بها تَوسِعةً للإِفادة العلمِيَّة، وذلك حسَنٌ، ولكن بعدَ الإِفادة المسؤُولِ عنها؛ لأنَّ السَّائل إنَّما سأَلكُم عن تَوسِعةٍ مخصُوصةٍ في يومٍ مخصُوصٍ، كما لا يخفَى ذلك عليكُم، وما ورَد عامًّا لا يُستَدلُّ به على أمرٍ خاصٍّ، ولو كانَ ذلك الخاصُّ داخِلاً تحت ذلك العامِّ في الجُملة، كمَسألتِنا هذه[8].
فإذا سأَل سائلٌ آخَر - مثلاً - عن التَّقرُّب بصلاةٍ مخصُوصةٍ ليلةَ المولِد النَّبوي، أو القِراءة عند القُبور فلا يُجاب بأنَّ الصَّلاة مطلوبَةٌ في كلِّ وقتٍ لقوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً﴾، ولا بأنَّ تلاوةَ القُرآن مطلوبةٌ لقوله تعالى: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾، أو بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾.
هذا؛ وممَّا زادَ في تشجِيعي على إِسداء هذِه الكلمة النَّصيحةِ لجَنابِكم قولُكم حرفيًّا في (العدد السَّابعَ عشر) من «البصائر»: «وعلى كلِّ حالٍ؛ فإنَّني لستُ ممَّن يقولُ لا أقبلُ النَّصيحة»، إلى أن قلتُم: «بل إنِّي أقبلُ النَّصيحة مِن أهلِها بشَرطِها»[9].
وخِتامًا؛ سيِّدي! أرجوكُم لإِقرار كتابِي إنْ كانَ حقًّا، أو ردِّه إن كانَ خطئًا.
والسَّلام عليكُم معادٌ مِن أخِيكم.
عمر بن البسكري

***

ثمَّ أجابه الشَّيخ أبو يعلَى - رحمه الله - في (العدد 20) من «البصائر»:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾
إلى أخٍ فاضِلٍ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي يعلَى إلى أخيهِ في الله ومُحبِّه من أجلِه سيِّدي عمر بن البسكري:
كثيرُ السَّلام، وبعد:
فقَد اطَّلعتُ على خِطابكم الموجَّه إليَّ في شأنِ ذكري الحديث الَّذي رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط»[10] جوابًا إلى السَّائل عن تَوسِعة النَّفقة على العِيال في عاشُوراء، إلى آخر ما وقَفتُم عليه.
فالجواب: أنِّي معتمِدٌ ذلكَ كما اعتمَدهُ جملةٌ من شُرَّاح «المختصَر» الَّذي به الفَتوى في مذهبِنا المالكيِّ؛ مثل: الدَّسوقِي، والعدَوي على الخِرشي.
وقال الدَّسوقي - تعليقًا على قول الدَّردير: «ونُدِبَ تَوسِعةٌ علَى الأَهل» - ما لفظُه: «قوله: «ونُدِب فيهِ تَوسِعةٌ علَى الأَهل» إلخ؛ اقتصر عليهَا مع أنَّه يُندَب فيه عشرُ خِصالٍ، جمَعَها بعضُهم في قولِه:
صُمْ صَلِّ صِلْ زُرْ عَالِمًا ثُمَّ اغْتَسِلْ *** رَأْسَ الْيَتِيمِ امْسَحْ تَصَدَّقْ وَاكْتَحِلْ
وَسِّعْ عَلَى العِيَالِ قَلِّمْ ظُفْرًا *** وَسُورَةَ الإِخْلاَصِ قُلْ أَلْفًا تَصِلْ
لقوَّة حديثِ التَّوسعة [دون غيرها]»[11] اهـ بالحرف.
وقال العدَوي: «قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَنْ وَسَّعَ»» الحديث، وذكَر الحديثَ بلفظِه ولم يعزُه للطَّبراني، وذكره الشَّرنوبي في خُطبه، وإنِّي نفسِي راجَعتُ «الجامع الصَّغير» بعدَ أن بعثتُ بالفُتيا إلى الجريدة فوجدتُ الشَّارح العَزِيزيَّ يقولُ بضَعف أسانيد الحديث[12]، وهكذا تسَاهلوا في إيراد الأحاديث الضَّعيفة في فضائِل الأَعمال، فتساهَلْنا، والحقُّ أن لا يُتساهَل في الحديث على الإِطلاق، وأن لا يُعتبَر إلاَّ الصَّحيح تحفُّظًا من الخطأ والوقوعِ في الكذب عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم -، ولكن ما الحيلَةُ وقد طَفح الكيلُ في كتُب الفقهاء، ولذلك أقُول لك ما قال الأوَّل: «وجدتُ آجُرًّا وجِصًّا فبنَيتُ»، ومكان[13] القولُ ذا سعةٍ؛ فإنَّ معضِلةَ الحديث، ومشاكِلَه، والخلافَ فيه أعيا الفُحولَ[14].
وأعجبَني ابنُ كثيرٍ الَّذي تكلَّم في أصنافِه؛ حيثُ يقول: «لا يلزَمُ تقسيم الحديث إلى صحيحٍ وحسنٍ وضعيفٍ، إنَّما يلزَم اعتِبار الصَّحيح والضَّعيف فقط»، يعني - رحمه الله - لا يلزَم في الحديث إلاَّ الصَّحيح حينَذاك.
ألا ترَون إلى ما جرَى ويجرِي في شأن الحديث الَّذي أورَده ابنُ حبِيبٍ - مِن أتباع مالِكٍ - في القراءة على الجنازَة، وهو - الحديث - ضعيفٌ، ثمَّ اعتمَده جميعُ شرَّاح «المختصَر»، وكادوا يَضرِبون بذلك على قَول إمامِهم مالِكٍ القائلِ بالكَراهة، والحالُ أنَّهم عالِمُون أنَّ ابنَ حبِيبٍ ضعيفُ في الحديث، كما ذكرُوا ذلك في ترجمته في «الدِّيباج المُذهَب في أعيان المَذهَب»، وقال ابنُ رُشدٍ في «بداية المجتهد» في باب الجمعة: «وأحادِيثُ ابنِ حَبِيبٍ لا يُحتَجُّ بها؛ لأنَّه ضعيفٌ»، ومع ذلكَ؛ فنَحنُ في ردُودٍ مستمِرَّةٍ على هذا الشَّأن.
وإنَّه ممَّا يجب؛ التَّحرِّي في الاستِدلال بالحديث إلاَّ إذا كان صحيحًا، وهو صوابٌ، ولكنَّه صَعبٌ.
اللَّهمَّ! اغفِر لنَا ما قدَّمنا، وما أخَّرنا، وألهِمنا، وأَلهِم الأمَّةَ للصَّواب أن تتحَفَّظ، وتَحذَر من الوُقوع في الكذِب على نبيِّها. واللهُ المستَعانُ، وعليه التُّكلان.
أبو يعلى الزواوي




==============================
[1] بل أخطأ، وسيأتي بيانه - إن شاء الله -.
[2] برقم (10007) بلفظ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَزَلْ فِي سَعَةٍ سَا
2👍1
ئِرَ سَنَتِهِ». وضعفه الألباني في «الضعيفة» (4992).
[3] لأن هذا مما يعلم ضرورة.
[4] رواه البخاري في «الأدب المفرد» (238) بلفظ: «الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ إِذَا رَأَى فِيهَا عيبا أصلحه»، وحسنه الألباني.
[5] رواه البخاري (481)، ومسلم (2585).
[6] انظر: «المنار المنيف» لابن القيم (ص 111)، و«لطائف المعارف» لابن رجب (ص 54).
[7] يقصد الجرح المفسَّر يقدَّم على التعديل، وذكر هذا لأن بعض رواة الحديث متكلم فيه، وإن كان بعضهم صحَّحه!
[8] وقد دخل في الدِّين بدعٌ كثيرةٌ من هذا الباب، وأشار إلى ذلك الشاطبي في «الاعتصام».
[9] وظهر صدق الزواوي في قبول النصيحة في جوابه، كما سيأتي.
[10] برقم (9302).
[11] «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (1/ 516).
[12] انظر: «السراج المنير شرح الجامع الصغير» (4/ 332).
[13] كذا في الأصل، ولعلها: «وما كان».
[14] وليس هذا حجةً؛ فإن الفحول قد ضعفوا هذا الحديث.
👍5
Forwarded from قناة الشيخ د. حسن بن داود بوقليل (د.حسن بن داود بوقليل)
👍191
كلام ابن القيم عن الرياضة
👍218💯5
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سربِهِ، مُعَافَىً في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأنَّمَا ‌حِيزَتْ ‌لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا». رواه الترمذي، وابن ماجه.
👍146
أسأل الله تعالى أن يرحم موتى حادث الحافلة، وأن يشفي المرضى.
والشكر موصول لكل الشباب وأعوان الحماية الذين سارعوا لإنقاذ الركاب.
👍369
=== لصوص الزرقاء ===

** قد سمعنا كلام أهل العلم في مسألة تصدر الشاب الحدث قبل تعلمه، وأن ذلك فيه مفاسد كثيرة، ومنها القول في دين الله ـ عز وجل ـ بغير علم ولا روية.

** وما يراه المتجول في هذا العالم الأزرق من اندفاع شباب من هنا أو هناك ينبغي أن يكبح بالعلم والحكمة، فإن الشجاعة خلق حميد بين (جبن) و(تهور).
ومن ثمرات التهور ـ الحاصل ـ: نسبة الباطل إلى العلم وأهله.

** واستغلال وسائل التواصل في الدعوة إلى الخير، والانتفاع ـ الديني أو الدنيوي ـ أمر نافع، غير أنه يحسن ممن يحسن السباحة فيه؛ فكم من أحاديث نشرت في (الفيسبوك) وهي باطلة، وكم من فتاوى نسبت لعلماء وهم منها براء.
والعلم محله ثني الركب عند الشيوخ، لا ثني الأصابع في (لوحة المفاتيح).

** قد قسم الله تعالى الناس قسمين:
1. عالم؛ وهم العلماء [مسؤول].
2. غير عالم؛ وهو غير العالم [سائلون]).
وبين المنزلتين (المتبعُ)، وهو متردد بينهما، وانظر كلام ابن القيم في (الإعلام)، وابن باديس في (المبادئ).

وجعل لكل حجته:
1. فالعالم حجته في نشر العلم والكلام في الدين قول الله تعالى: ((لتُبَيِّنُنَّه للناس ولا تكتمونه)).
2. وغيره حجته في سؤال أهل العلم قول الله تعالى: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)).

** حدث الخلل؛ فسرَق اللصوص من المرتبة الثانية المرتبة الأولى، ولبسوا ثوبهم، فصاروا يفتون (بمعنى الفتيا الأصولي)، وصرنا نرى شباب الإسلام يسارع للكلام في المستجدات ـ فضلا عن كلامه في بعض أصول الدين ـ، كالقضايا التي أشعلت وأشغلت العالَم، وتريث فيها العالِم.

** والقصد في هذا:
1. إذا رأيت من نفسك القدرة على استعمال وسائل التواصل في التواصل النافع فلك ذلك، كنشر دروس العلماء، وكتبهم وأخبار دروسهم، أو في مذاكرة العلم.
2. إذا رأيت من نفسك العجز عن ذلك، فاربأ بنفسك.
3. إذا ابتليت بوسائل التواصل فإياك أن يؤتى الدين والسنة مِن قبلك.
4. لا تتقمص شخصية غيرك، وكن مفتاح خير لغيرك.
5. إذا لم تفهم شيئا مما تقرأه تريث، وأعد القراءة، وأحسن الظن بالكاتب، ولا تسارع إلى الهجوم، فإن بان لك الخطأ فقد كتب العلماء في أدب الحوار والجدال والمناظرة.
6. تذكر أن العالَم العربي وغيره ينظر فيما تكتب، وقد يجعلك الله سببا لهداية بعض الناس، كما قد يجعلك سببا لإضلال آخرين، أو تشفي آخرين، أو ... فلا تُضحك الناس علَينا.
7. تحل بالآداب وأنت تكتب، أو تعلق في هذا العالم الأزرق.
8. مع هذا كله: فليس الواقع كالعالَم الافتراضي (الفيسبوك، تويتر، ...)، فما بال أناس دعاة في النت، ضائعين في الواقع (لا صلاة جماعة، لا بر بالوالدين، لا حسن خلق ...).

فإياك ولصوص الزرقاء.
👍158👌3
=== شِراك (مواقع التواصل) ===
*** مواقع التواصل الاجتماعي: هي وسيلة للتواصل العائلي، والأخوي، والثقافي، والتجاري...
وهي ميدان لنشر النتاج الفكري، ومن ثَم مناقشته.
المهم... تتعدد الأغراض، والأهداف، والنتائج.
*** والذي ينبغي التنبه له؛ هو أنَّ مفاسد هذه المواقع قد تعددت، منها ما يقدح في الاعتقاد والأفكار - وهو أخطرها -، ومنه ما يقدح في السلوك، وهذا نراه واقعا يوميا؛ فقد يسلم بعض الشباب من الأفكار الهدامة، وذلك لأسباب منها: مراودة المساجد، وحضور حلق العلم، غير أنه قد لا يسلم من السلوكيات المشينة، حتى صرنا نرى من له الاعتقاد السليم، ويعرف الحلال من الحرام، وقد يناقش في مسائل علمية، وإذا نظرت إليه رأيت صورة عملية لشاب فيسبوكي. نسأل الله السلامة.
*** فالفيسبوك - وغيره من وسائل التواصل - وسيلة تواصل، لكنه نصب فخاخا كثيرة لأهل الإسلام.
*** إياك أن تجعل الفيسبوك يفكر مكانك - كما يريد هو -، فليس الفيسبوك متنفسا للأزمات الأخوية، حتى صار الواحد ينشر خصومته السرية بينه وبين أخيه على جدران الفيسبوك، ولا داعي لاستعمال الكلمات التي تجس النبض.
*** إياك أن تجعل الفيسبوك وسيلة للكلمات القبيحة، التي قد تتنزه عنها في واقعك.
*** إن كان ولا محالة؛ فاجعل الفيسبوك سببا للأجر، وعلى أقل تقدير: وسيلة تواصل، كما هو المقصد الأول منه.
12👍11
2025/10/19 16:19:03
Back to Top
HTML Embed Code: