Telegram Web Link
رضينا قسمة الرحمن فينا * لنا علمٌ وللأعداء مالٌ

فإن المال يفنى عن قريبٍ * وإن العلم باقٍ لا يزال

مكتبة الفاتح 5043

https://www.tg-me.com/konashaadel/237
👍86
التعريف (المكوث في المسجد عشية عرفة)

✍️ يظن بعض الناس أن من المشروع لغير الحاج أن يمكث في المسجد عشية عرفة للدعاء، تشبها بالحاج، ولا دليل على هذا الفعل من الكتاب أو السنة أو فعل السلف الصالح. 

🌴 قال ابن وهب: «سألت مالكا عن الجلوس يوم عرفة؛ يجلس أهل البلد في مسجدهم، ويدعو الإمام رجالا يدعون الله تعالى لللناس إلى غروب الشمس؟ فقال: ما نعرف هذا، وإن الناس عندنا اليوم ليفعلونه».

🌴 قال ابن وهب: «وسمعت مالكا يسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر، واجتماعهم للدعاء؟ فقال: ليس هذا من أمر الناس، وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع».

🌴 قال مالك في «العتبية»: «وأكره أن يجلس أهل الآفاق يوم عرفة في المساجد للدعاء، ومن اجتمع إليه الناس للدعاء؛ فلينصرف، ومقامه في منزله أحب إلي، فإذا حضرت الصلاة؛ رجع فصلى في المسجد».

🌴 قال مالك: «ولقد رأيت رجالا ممن اقتدي بهم يتخلفون عشية عرفة في بيوتهم». قال: «وإنما مفاتيح هذه الأشياء من البدع، ولا أحب للرجل الذي قد علم أن يقعد في المسجد في تلك العشية؛ مخافة أن يقتدى به، وليقعد في بيته».
قال الحارث بن مسكين: «كنت أرى الليث بن سعد ينصرف بعد العصر يوم عرفة، فلا يرجع إلى قرب المغرب».

🌴 قال إبراهيم النخعي: «الاجتماع يوم عرفة أمر محدث». وقال عطاء الخراساني: «إن استطعت أن تخلو عشية عرفة بنفسك؛ فافعل».

🌴 قال الطرطوشي: "فاعلموا رحمكم الله أن هؤلاء الأئمة علموا فضل الدعاء يوم عرفة، ولكن علموا أن ذلك بموطن عرفة لا في غيرها، ولم يمنعوا من خلا بنفسه فحضرته نية صادقة أن يدعو الله تعالى، وإنما كرهوا الحوادث في الدين، وأن يظن العوام أن من سنة يوم عرفة بسائر الآفاق الاجتماع والدعاء، فيتداعى الأمر إلى أن يدخل في الدين ما ليس منه". 
من" الحوادث والبدع".

✍️ د حسن بن داود بوقليل
يوم 8/ 12/ 1445هـ
👍124
💡 تهنئة عيد الأضحى💡

إلى أقربائي وإخواني في هذه اامجموعة:
🌴 تقبل الله منا ومنكم 🌴

✍️ أخوكم د. حسن بن داود بوقليل
👍166🎉1
=== الوُسع في الدار ===
✍️ روى النسائي وصاحبه ابن السُّني في كتابيهما "عمل اليوم والليلة" بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: أتيتُ رسول الله ﷺ بوَضوء، فتوضأ، فسمعته يدعو ويقول: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، ووَسِّعِ لي فِي داري، وبارِكْ لي في رِزْقِي". فقلتُ: يا نبيّ الله سمعتك تدعو بكذا وكذا، قال: "وهَلْ تركن من شيء؟".
ترجم ابنُ السُّني لهذا الحديث: (باب ما يقول بين ظهراني وضوئه)، وأما النسائي فأدخله في: (باب ما يقول بعد فراغه من وضوئه)، وكلاهما محتمل. [" الأذكار" للنووي (1/ 29)].
وإسناد الحديث فيه مقال، وبين الألباني علته في "تمام المنة" وأنه ليس من أذكار الوضوء، والدعاء صحيح له شاهد.
👈 قوله: "ووسع لي في داري" أي: وسع لي في مسكني في الدنيا؛ لأن ضِيق مرافق الدار يضيق الصدر، ويجلب الهم، ويُشغل البال، ويغم الروح. أو المراد القبر؛ فإنه الدار الحقيقية.
قوله: "فهل تراهن" أي: هذه الكلمات المذكورة، "تركن شيئا" أي: من خير الدنيا والآخرة، وهذا استفهام إنكاري. ["تحفة الأحوذي"]

✍️ د حسن بن داود بوقليل
13👍1
1👍1
👍31
👍62
=== التوفيق من الله ===

إذا نظر العبد في قول الله تعالى: {{وَمَا تَوفِيقِي إِلَّا بِاللهِ}} [هود: 88]؛ علم يقينا أن التوفيق بيد الله تعالى لا غير، ولهذا قال بعدها: {{عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ}}.

وقد ذُكر التَّوفيقُ مرَّةً واحدةً في القرآن، فإذا كنتَ موفَّقًا؛ فاعلم أنَّ ذلك من الله تعالى لا غير، فلنحمد اللهَ تعالى على ذلك.

وليست استِقامةُ العبد على السُّنة بحِنكَتِه وذَكائِه، فهذا أفضلُ الخلق ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول له ربُّه تعالى: {{وَلَولَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَلِيلًا}} [الإسراء: 74].

فاللَّهم لك الحمدُ على نعمة الإسلام والسُّنة.
اللَّهم اجعلنا ممَّن يتقرب إليك بالواجبات، ويتحبَّب إليك بالنَّوافل.

✍️ د حسن بن داود بوقليل
👍243🔥1
=== التفرغ للطاعة يوم الجمعة ===
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 386)
"الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَفَرَّغَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ، وَلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ مَزِيَّةٌ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَاجِبَةٍ وَمُسْتَحَبَّةٍ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لِأَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ يَوْمًا يَتَفَرَّغُونَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَيَتَخَلَّوْنَ فِيهِ عَنْ أَشْغَالِ الدُّنْيَا، فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِبَادَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَيَّامِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ فِي الشُّهُورِ، وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِيهِ كَلَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ. وَلِهَذَا مَنْ صَحَّ لَهُ يَوْمُ جُمُعَتِهِ وَسَلِمَ سَلِمَتْ لَهُ سَائِرُ جُمْعَتِهِ، وَمَنْ صَحَّ لَهُ رَمَضَانُ وَسَلِمَ سَلِمَتْ لَهُ سَائِرُ سَنَتِهِ، وَمَنْ صَحَّتْ لَهُ حَجَّتُهُ وَسَلِمَتْ لَهُ، صَحَّ لَهُ سَائِرُ عُمْرِهِ، فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ مِيزَانُ الْأُسْبُوعِ، وَرَمَضَانُ مِيزَانُ الْعَامِ، وَالْحَجُّ مِيزَانُ الْعُمْرِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ"
👍144
جريدة الإصلاح (الطيب العقبي) / عدد 65 /تاريخ 1 ذو الحجة 1366 / 17/ 10/ 1947
👍7
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
دعاء الشيخ ابن عثيمين للشيخ الألباني رحمهما الله تعالى
👍92
== لماذا لم تشتهر بعض الكتب المفيدة؟ ==

🌴 لم يكن كتاب "الموافقات" للشاطبي (ت: 790) مشتهرا حتى أخرجه إلى الوجود المكتبي الأستاذ عبد الله دراز (ت: 1932م)؛ فأزال عنه غبار التاريخ، وعرفه للقراء.

🌴وأعجبتني كلمة قالها في الدفاع عن الكتاب؛ وهي جواب لما يُستشكل من كون الكتاب ذا أهمية كبيرة ولم يشتهر!
✍️ قال: "الكتب عندنا الرجال؛ فكم من فاضل استَتر، وعاطل ظَهر".
ثم ذكر سبب خمول الكتاب في سياق مفيد.
انظر [مقدمة تحقيق "الموافقات"].

فيسبوك 👇
https://www.facebook.com/share/p/2vZTxkPMsK3aCH95/?mibextid=TrneLp

تويتر 👇
https://x.com/h_ibndaoud/status/1809554492939014440?t=sU34521kA-un1Ho-mXhM_w&s=19
👍5
☀️ شدة الحر ☀️

👈 نعيش هذه الأيام حرارة شديدة، فيها عبرةٌ لمن اعتبر:
🔥 تذكيرُ الناس بنار جهنم، إذ شدة الحر من تنفُّس جهنم:
1️⃣ قال ﷺ: "إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" رواه البخاري ومسلم.

2️⃣ وقال ﷺ: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ : رَبِّ، أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ ؛ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ" رواه البخاري ومسلم.

🔥 ومما يُبعد عن جهنم فعلُ الطاعات، ومن أفضلها هذه الأيام: صدقة الماء، سئل النبيُّ ﷺ: أيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال:" سقْيُ الماءِ" رواه النسائي وغيره.

👈 وسقيُ الماء سببٌ لدخول الجنة، وفي الحديث: "أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ" رواه البخاري ومسلم.

اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار.

فيسبوك 👇
https://www.facebook.com/share/p/Js3BpYuXcLmiQWXG/?mibextid=qi2Omg

تويتر 👇
https://x.com/h_ibndaoud/status/1811763236955361713?t=P9FO70SZxvUu3-8u7WLwqQ&s=19
👍11
👍3
مساجلة علمية
حول التوسعة على العيال في يوم عاشوراء

إنَّ مسألة (التَّوسعة على العيال في يوم عاشوراء) مطروحة بين أهل العلم قديما، وذكرت في مؤلفات عن (يوم عاشوراء)([1]).
وممَّا حفظ لنا التُّراث الجزائريُّ (مساجَلةٌ علمِيَّةٌ) بينَ الشَّيخ أبي يعلى الزَّواوي، والشَّيخ عمر بن البَسكري، وهي تدلُّ على:
- عِلم الرَّجُلَين.
- عدَم المُحاباة مقابِلَ الحقِّ.
- سَعة صدورِهم للخلاف الفقهيِّ.
وأصلها:
فتوى أصدرَها الشَّيخُ أبو يعلى الزَّواوي - رحمه الله - جوابًا لسؤالٍ ورد عليه من (محمَّد بن عبد الله الطَّنجي) من مدينة (البليدة)، وذلك ضمن الأسئلة الموجَّهة للجنة الفتوى بـ(جمعية العلماء المسلمين الجزائريين)؛ فالشَّيخ - رحمه الله - عضوٌ فيها، وكان يَرأسُها الشَّيخ العربي التبسي - رحمه الله -.
ولمَّا قرأ الشَّيخ عمر بن البسكري - رحمه الله - الفَتوى ردَّ عليها في الجريدة نفسها، ثمَّ أجابه الشَّيخ أبو يعلى – رحمه الله -.
فأحبَبت أن أنشُر هذه المساجَلة([2])، وأعلِّق عليها بما يسَّر الله، وهو الموفِّق.
***

جاء في العدد 15 من «البصائر» (1/128):

قسم الفتوى:
سأل السيد محمَّد بن عبد الله الطَّنْجي السَّاكن في (البليدة) بقوله:
أفتى بعضُ الطَّلبة بجواز التَّوسعة على العِيال يوم عاشوراء، واعتمد في فتواه تلك حديثَ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَنْهُ سَائِرَ سَنَتِهِ».
وهل هذا الحديث الَّذي استدلَّ به صحيحٌ أو حسنٌ أو ضعيفٌ أو موضوعٌ؟
أفيدونا تؤجَروا.

الجواب: أصابَ مَن أفتى بذلك([3])، وأنَّ التَّوسِعة على العِيال مطلوبةٌ في المواسِم كلِّها، وفي غير المواسِم؛ قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ﴾، والحديث في «معجم الطَّبراني»، ولفظُه: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي سَنَتِهِ كُلِّهَا»([4]).
قلتُ: وأجَبنا هذا السَّائل أخذًا لخاطِره فقَط، ومِن حيثُ السُّؤال على الحديثِ، وإلاَّ فإنَّ الإِنفاق على العِيال لا يُستَفتى فيه؛ إنَّما يُستَفتى في عدَم الإِنفاق إنِ استَطاع وبخِل([5]).
أبو يعلى الزَّواوي
***

ثمَّ تعقَّبه الشَّيخُ عمر بن البسكري - رحمه الله - في العدد 20 من «البصائر» (1/167):
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾
كتابٌ كريمٌ إلى أخٍ كريمٍ
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدِ ربِّه عمرَ بن البَسكري إلى أخيه، بل والِده الإِصلاحيِّ، شيخِ المُصلِحين، ومُصلِح الشُّيوخ سيَّدِي أبي يعلَى الزَّواوي - أمدَّ اللهُ في عُمره لنَفع المسلِمين -:
السَّلام عليكم ورحمة الله
وبعد: فقَد اطَّلعتُ لفضِيلتكم بجريدة «البصائر» على ما يتحتَّم التَّنبيهُ عليه، والدَّعوة إلى إصلاحِ خَلَلِه؛ لما في الأثَر: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْمِرْآةِ»([6])، ولما في «الصَّحيح»: «اَلْمُؤْمِنُ لأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ؛ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»([7]).
ذلكم سيِّدي! ما أفتَيتُم به في العدد الخامسَ عشر من الجريدة، المذكور تحت عنوان: «قسم الفتوى»، من تأيِيد مَن يقولُ بجَواز التَّوسِعة على العِيال يوم عاشُوراء، ومُعتمَد كلٍّ منكُما على حديثِ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ»، لقولكم حرفِيًّا: «أصابَ مَن أفتى بذلك، وأنَّ التَّوسعة على العِيال مطلوبةٌ في المواسِم كلِّها، وفي غيرِ المواسِم؛ قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ﴾، والحديث في «معجم الطَّبراني»، ولفظُه: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي سَنَتِهِ كُلِّهَا»».
هكذا قُلتُم حرفيًّا.
سيِّدي! أُحيط جَنابَكُم علمًا بأنَّ الحديثَ المذكور يقولُ فيه حجَّة الإسلام ابنُ تيمِيَّة ما نصُّه حرفيًّا في كتاب «منهاج السُّنة» (ج 4/ ص 114): «وقد يَروِي كثيرٌ ممَّن ينتسِبُ إلى السُّنة أحاديثَ يظُنُّونها من السُّنة وهي كذِبٌ؛ كالأحاديثِ المروِيَّة في فضل عاشُوراء - غير الصَّوم -، وفضل الكُحل فيه، والاغتِسال، والحديث، والخِضاب، والمُصافَحة، وتَوسِعة النَّفقة على العِيال فيه، ونحوِ ذلك، وليسَ في أحاديثِ عاشُوراء حديثٌ صحيحٌ غير الصَّوم».
هكذا يقول حرفيًّا، وتبِعه تلميذُه ابنُ القيِّم([8])، وابنُ رجَبٍ([9])، وغيرُهم.
ثمَّ لا يخفَى على جَنابكم أنَّ الجرحَ مقدَّمٌ على التَّعديل([10]).
وأمَّا الآيةُ الَّتي استَدللتُم بها فهي غيرُ مطابِقةٍ لمحلِّ النِّزاع؛ لأنَّها في أصلِ النَّفقة العامَّة في سائِر الأيَّام الَّتي تقِلُّ وتكثُر بحسَب رِزق المُنفِق.
وهي لم يسأَلكُم عنها السَّائل، وإنَّما تبرَّعتُم بها تَوسِعةً للإِفادة العلمِيَّة، وذلك حسَنٌ، ولكن بعدَ الإِفادة المسؤُولِ عنها؛ لأنَّ السَّائل إنَّما سأَلكُم عن تَوس
👍1
ِعةٍ مخصُوصةٍ في يومٍ مخصُوصٍ، كما لا يخفَى ذلك عليكُم، وما ورَد عامًّا لا يُستَدلُّ به على أمرٍ خاصٍّ، ولو كانَ ذلك الخاصُّ داخِلاً تحت ذلك العامِّ في الجُملة، كمَسألتِنا هذه([11]).
فإذا سأَل سائلٌ آخَر - مثلاً - عن التَّقرُّب بصلاةٍ مخصُوصةٍ ليلةَ المولِد النَّبوي، أو القِراءة عند القُبور فلا يُجاب بأنَّ الصَّلاة مطلوبَةٌ في كلِّ وقتٍ لقوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً﴾، ولا بأنَّ تلاوةَ القُرآن مطلوبةٌ لقوله تعالى: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾، أو بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾.
هذا؛ وممَّا زادَ في تشجِيعي على إِسداء هذِه الكلمة النَّصيحةِ لجَنابِكم قولُكم حرفيًّا في العدد السَّابعَ عشر من «البصائر»: «وعلى كلِّ حالٍ؛ فإنَّني لستُ ممَّن يقولُ لا أقبلُ النَّصيحة»، إلى أن قلتُم: «بل إنِّي أقبلُ النَّصيحة مِن أهلِها بشَرطِها»([12]).
وخِتامًا؛ سيِّدي! أرجوكُم لإِقرار كتابِي إنْ كانَ حقًّا، أو ردِّه إن كانَ خطئًا.
والسَّلام عليكُم معادٌ مِن أخِيكم.
عمر بن البسكري

***

ثمَّ أجابه الشَّيخ أبو يعلَى - رحمه الله - في العدد 20 من «البصائر»:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾
إلى أخٍ فاضِلٍ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي يعلَى إلى أخيهِ في الله ومُحبِّه من أجلِه سيِّدي عمر بن البسكري:
كثيرُ السَّلام، وبعد:
فقَد اطَّلعتُ على خِطابكم الموجَّه إليَّ في شأنِ ذكري الحديث الَّذي رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط»([13]) جوابًا إلى السَّائل عن تَوسِعة النَّفقة على العِيال في عاشُوراء، إلى آخر ما وقَفتُم عليه.
فالجواب: أنِّي معتمِدٌ ذلكَ كما اعتمَدهُ جملةٌ من شُرَّاح «المختصَر»([14])، الَّذي به الفَتوى في مذهبِنا المالكيِّ؛ مثل: الدَّسوقِي، والعدَوي على الخِرشي.
وقال الدَّسوقي - تعليقًا على قول الدَّردير: «ونُدِبَ تَوسِعةٌ علَى الأَهل» - ما لفظُه: «قوله: «ونُدِب فيهِ تَوسِعةٌ علَى الأَهل» إلخ؛ اقتصر عليهَا مع أنَّه يُندَب فيه عشرُ خِصالٍ، جمَعَها بعضُهم في قولِه:
صُمْ صَلِّ صِلْ زُرْ عَالِمًا ثُمَّ اغْتَسِلْ *** رَأْسَ الْيَتِيمِ امْسَحْ تَصَدَّقْ وَاكْتَحِلْ
وَسِّعْ عَلَى العِيَالِ قَلِّمْ ظُفْرًا *** وَسُورَةَ الإِخْلاَصِ قُلْ أَلْفًا تَصِلْ
لقوَّة حديثِ التَّوسعة [دون غيرها]»([15]) اهـ بالحرف.
وقال العدَوي: «قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَنْ وَسَّعَ»» الحديث، وذكَر الحديثَ بلفظِه ولم يعزُه للطَّبراني([16]).
وذكره الشَّرنوبي في خُطبه([17])، وإنِّي نفسِي راجَعتُ «الجامع الصَّغير» بعدَ أن بعثتُ بالفُتيا إلى الجريدة فوجدتُ الشَّارح العَزِيزيَّ([18]) يقولُ بضَعف أسانيد الحديث، وهكذا تسَاهلوا في إيراد الأحاديث الضَّعيفة في فضائِل الأَعمال([19])، فتساهَلْنا، والحقُّ أن لا يُتساهَل في الحديث على الإِطلاق، وأن لا يُعتبَر إلاَّ الصَّحيح تحفُّظًا من الخطأ والوقوعِ في الكذب عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم -، ولكن ما الحيلَةُ وقد طَفح الكيلُ في كتُب الفقهاء.
ولذلك أقُول لك ما قال الأوَّل: «وجدتُ آجُرًّا وجِصًّا فبنَيتُ»، ومكان([20]) القولُ ذا سعةٍ؛ فإنَّ معضِلةَ الحديث، ومشاكِلَه، والخلافَ فيه أعيا الفُحولَ([21]).
وأعجبَني ابنُ كثيرٍ الَّذي تكلَّم في أصنافِه؛ حيثُ يقول: «لا يلزَمُ تقسيم الحديث إلى صحيحٍ وحسنٍ وضعيفٍ، إنَّما يلزَم اعتِبار الصَّحيح والضَّعيف فقط»، يعني - رحمه الله - لا يلزَم في الحديث إلاَّ الصَّحيح حينَذاك.
ألا ترَون إلى ما جرَى ويجرِي في شأن الحديث الَّذي أورَده ابنُ حبِيبٍ - مِن أتباع مالِكٍ - في القراءة على الجنازَة، وهو - الحديث - ضعيفٌ، ثمَّ اعتمَده جميعُ شرَّاح «المختصَر»، وكادوا يَضرِبون بذلك على قَول إمامِهم مالِكٍ القائلِ بالكَراهة، والحالُ أنَّهم عالِمُون أنَّ ابنَ حبِيبٍ ضعيفُ في الحديث، كما ذكرُوا ذلك في ترجمته في «الدِّيباج المُذهَب في أعيان المَذهَب»، وقال ابنُ رُشدٍ في «بداية المجتهد» في باب الجمعة: «وأحادِيثُ ابنِ حَبِيبٍ لا يُحتَجُّ بها؛ لأنَّه ضعيفٌ»، ومع ذلكَ؛ فنَحنُ في ردُودٍ مستمِرَّةٍ على هذا الشَّأن.
وإنَّه ممَّا يجب؛ التَّحرِّي في الاستِدلال بالحديث إلاَّ إذا كان صحيحًا، وهو صوابٌ، ولكنَّه صَعبٌ.
اللَّهمَّ! اغفِر لنَا ما قدَّمنا، وما أخَّرنا، وألهِمنا، وأَلهِم الأمَّةَ للصَّواب أن تتحَفَّظ، وتَحذَر من الوُقوع في الكذِب على نبيِّها. واللهُ المستَعانُ، وعليه التُّكلان.
أبو يعلى الزواوي




==============================
([1]) المؤلفات كثيرة عن يوم عاشوراء.
([2]) وكنت قد نشرتها من قبل كما هي، وضاعت مني.
([3]) بل أخطأ، وسيأتي بيانه - إن شاء الله -.
([4]) برقم (10007) بلفظ: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَزَلْ فِي سَعَةٍ سَائِرَ سَنَتِهِ». وضعفه الإمام الألباني - رحمه الله - في «السلسلة الضعيفة» (4992).
([5]) لأن هذا مما يعلم ضرورة.
(
👍1
2025/10/22 16:47:48
Back to Top
HTML Embed Code: