Telegram Web Link
و عليك السلام ورحمة الله وبركاته..

لا يجوز ذكر الوالدين بسوء، أو أن تُفشي عيوبهما للناس، فالله تعالى أمرنا بالإحسان إليهما.. ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾

ولا يصح أن تُحاسبي والديكِ أو تُقيمي لهما المحاكم، فهما محل عذرٍ ورحمة، لا موضع مؤاخذةٍ وخصومة..

وما يصدر منهما من كلمات في الغضب فاعذريهما، فكم من والدٍ يقول ما لا يقصد، والرحمة والستر أولى وأحرى..

فعليكِ يا أخيّتي بالصبر عليها، والدعاء لها بظهر الغيب بالصلاح والهداية، والإحسان إليها بالقول والعمل، فإنها باب عظيم من أبواب الجنة..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
جواب الشيخ الفوزان حفظه الله لسائل جاءه يشتكي أباه.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال رجل لأحمد بن حنبل: أوصني؟
فقال: أعزّ أمر الله حيثما كنت، يعزّك الله..


مسائل ابن هانئ ص١٨٠ ج٢.

من أوجز و أبلغ ما قيل في الوصايا، إذ جمع فيه أصل السعادة في الدنيا والآخرة..

قوله: "أعزّ أمر الله حيثما كنت" أي اجعل أمر الله "أي دينه وشرعه وأوامره ونواهيه" عزيزًا في نفسك، مقدَّمًا على هوى النفس والناس، فلا تضعف عن إظهار الحق، ولا تتهاون في طاعة الله، ولا تخضع للباطل أو تتنازل عن مبادئ دينك طلبًا لرضى أحد..!

فمن أعزّ أمر الله بالتمسك بالسنة، والوقوف عند حدود الشريعة، والدعوة إلى الخير، وترك ما حرم الله، فإن الله يعزّه في الدنيا بالهيبة والقبول، وفي الآخرة بالمنزلة والرفعة..

لنتأمل المقابلة البديعة.."أعزّ أمر الله ... يعزّك الله"..!

فجزاء العبد من جنس عمله، إن عظّمت أمر الله عظّمك، وإن رفعت شأن دينه رفع شأنك..

وفي هذا درس عظيم لطالب العلم والداعية وكل مسلم، أن لا يساوم على دينه ولا يستحي من إظهاره، وأن يجعل معيار العزة والكرامة هو قربه من الله لا مدح الناس له..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
و عليك السلام ورحمة الله وبركاته..

أولاً، أريد القول أن رسالتكِ لامست قلبي، و تأثّرت بها كثيرًا، فهي تحمل هَمًّا صادقًا لمعرفة الطريق إلى الله، وسأجيبكِ عنها بإذن الله واحدةً واحدة في منشورات متفرقة، ليتسع لكل سؤالٍ حقّه من البيان..
وأبدأ بأولها..كيف يوازن المرء بين الدنيا والآخرة.!؟

لا ينبغي أصلاً أن تكون موازنة متساوية بين الدنيا والآخرة، بل يجب أن يكون للآخرة النصيب الأعظم من اهتمام المرء وهمّه، فهي دار القرار، والدنيا مزرعة لها ووسيلة للوصول إليها..

فالمؤمن يجعل الآخرة في قلبه، والدنيا في يده، يأخذ منها ما يعينه على طاعة الله دون أن يتعلق بها أو يغفل عن مقصده الحقيقي، فلا يترك نصيبه من الدنيا من عملٍ ورزقٍ وراحةٍ وأهل، لكنه لا يجعلها غايته ولا ميزان نجاحه..

يعيش فيها بعين الزاهد وقلب العامل، يسعى ويجتهد لكن بنية صالحة، يجعل عمله الدنيوي عبادةً إذا قصد به وجه الله، ويحرص أن تكون عبادته خالصة لوجه الله..

فالموازنة الحقيقية أن تسير في الدنيا وأنت متجه بقلبك إلى الآخرة، تسعى فيها كأنك تعيش أبداً، وتعبد الله كأنك تموت غداً، فبهذا يتحقق الاعتدال الذي أمر الله به: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أما عن سؤالكِ الثاني..
كيف يكون العمل بالقرآن في الجوانب غير الأحكام الفقهية،وكيف نطبّق المعاني الإيمانية والتربوية في آياته..!؟

القرآن لم يُنزّل لمجرد التلاوة أو الزينة في الرفوف، بل أُنزل ليُعمل به، وليكون منهج حياة نتخلّق به في أقوالنا وأفعالنا ونياتنا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم خُلُقُه القرآن، أي أنه تجسَّد في سلوكه ومعاملاته ما أمر الله به في كتابه، فالمطلوب من المؤمن أن يجعل بينه وبين القرآن علاقة قلبية وعملية.. يقرأ، فيتفكّر، فيُصدّق، ثم يُطبّق..

ولكي نعمل بالقرآن حقًّا، لا بدّ أن نفهمه أولًا، فالعمل فرع عن الفهم، ولهذا كان من المهم أن يكون لنا نصيب من قراءة التفاسير الميسّرة، مثل تفسير السعدي أو التفسير الميسر، حتى يتضح لنا المعنى الصحيح للآية، فقد صدق الشيخ الألباني رحمه الله حين قال إن العرب قد "تَعَجَّمَت"، فلم نعد نفهم ما يُقال لنا بلغتنا، فكيف نعمل بما لا نفهم..؟!

ثم إن من أعظم أسرار التوفيق في العمل بالقرآن السعي الجادّ، فالهداية لا تُعطى للقاعد، وإنما يُوفَّق من صدق في طلبها، فمن داوم على تدبر آيات قليلة، وحرص على تطبيقها في نفسه وأخلاقه، فتح الله له من أنوار القرآن ما لا يُحصى..

ومن الكتب التي تعين على فهم القرآن والعمل به، فمن أنفع ما يُوصى به من كتب أهل السنة والجماعة:

تفسير السعدي من أيسر التفاسير وأجملها أسلوبًا..

التفسير الميسر الصادر عن مجمع الملك فهد مختصر وواضح، مناسب للبداية..

زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم، يريك كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يطبّق القرآن في حياته العملية..

الفوائد و مدارج السالكين لابن القيم، كتب تبعث على تزكية النفس والتخلّق بمعاني القرآن..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
و عن سؤالكِ الثالث..
كيف يعرف الإنسان أنه مخلص في حفظه للقرآن، وطلبه للعلم، وعمله، وما الوسائل التي تُعين على تحقيق الإخلاص.!!؟

الإخلاص يا غالية، روح العمل وسرّ القبول عند الله، قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾..

وقال ابن القيم رحمه الله: الإخلاص هو تصفية العمل من كل شوبٍ يشوبه من إرادة غير وجه الله..

لكنه أمر عزيز..!صعب المنال..!
و قد قال بعض السلف: جاهدت نفسي على الإخلاص عشرين سنة..!!

ومن دلائل الإخلاص أن يكون العبد سرّه أفضل من علانيته، يفرح بطاعةٍ خفية، ويحزن على معصيةٍ لا يراها أحد، ويستوي عنده المدح والذم، لأن وجهته ثابتة لا تتغير..

و السبيل إلى تحقيق الإخلاص، أن يراقب العبد ربَّه في كل عمل، يستحضر نظر الله إليه في الحفظ، وفي الطلب، وفي السعي، ويجتهد أن يُجدِّد نيته في كل مرة، و يجتهد في سؤال ربه التوفيق لإخلاص العمل له وحده، وكان السلف يدعون الله أن يعينهم على الاخلاص كما يعينهم على الطاعة نفسها..

ومن وسائل ترسيخه أيضًا إخفاء العمل ما استطاع العبد، فخفاء الطاعة يحفظ القلب من التزين بها أمام الخلق..

واعلمي أن من صدق في طلب الإخلاص، أعانه الله عليه، كما قال ابن تيمية رحمه الله: من أراد وجه الله، أعانه الله على مراده..

فسرّ التوفيق كله أن يسعى العبد لتصفية قلبه من حظوظ النفس والهوى، وأن يجاهدها كلما أحسّ ميلاً للثناء أو خوفًا من الملامة..!

فالإخلاص لا يُنال دفعةً واحدة..! بل هو سيرٌ طويل، ومجاهدة مستمرة، ومن وجد في نفسه التقلب والضعف فلا ييأس، لأن دوام المجاهدة علامة حياة القلب بإذن الله..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أما عن سؤالكِ الرابع..
كيف تكون الموازنة الصحيحة بين الخوف والرجاء..!؟

الخوف والرجاء عبادتان قلبيتان عظيمتان، لا يستقيم الإيمان إلا بهما، فبهما يحيا القلب ويثبت على طريق الله، والعبادة لابد أن تقوم على ثلاثة أركان: المحبّة، والخوف، والرجاء، فالمحبّة هي الأصل الذي منه تنبع الطاعة، والرجاء هو ما يدفع العبد إلى الإقبال على الله طمعًا في رحمته، والخوف هو ما يردعه عن معصيته ويحجزه عن الغفلة والتقصير..

وقد شبّه العلماء الخوف والرجاء بالجناحين للطائر، فلا يستطيع الطائر أن يطير بجناحٍ واحد، فإن غلب الرجاء وقع في الأمن من مكر الله، وإن غلب الخوف قنط من رحمته، وإنما يطير القلب إلى الله حين يستوي جناحاه معًا..

فالرجاء قائدٌ يقود العبد إلى الخيرات، والخوف سائقٌ يحثّه على الجدّ ويمنعه من الحرام والآثام..

وإذا عمل المؤمن عملًا صالحًا غلّب جانب الرجاء، رجاءَ القبول والثواب، وإذا زلّ أو قصر غلّب جانب الخوف، خوفًا من العقوبة والحرمان، وهكذا يعيش المؤمن بين جناحين متقابلين يرفعانه إلى مقامات القرب، قلبٌ يحبّ الله، يرجو رحمته، ويخاف عدله، فلا يطغى خوفه فييأس، ولا يغلب رجاؤه فيغتر، بل يسير بينهما بطمأنينةٍ واعتدال..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
وأما ما ذكرتِ من الخوف الشديد من الموت حتى يبلغ درجة الوسواس، فاعلمي بارك الله فيكِ أن مثل هذا الخوف إذا تجاوز الحدّ الطبيعي قد يكون له سبب عضوي أو نفسي يحتاج إلى علاج، وليس دائمًا دافعه ضعف الإيمان كما يظن البعض..

فكثيرًا ما يكون سببه ما نعرفه عندنا في بلادنا الجزائر باسم "الخلعة" أو ما يسمى في بعض المناطق "بومزوي، وهي حالات تقترب في معناها من نوبات الهلع التي تصيب الإنسان فجأة بخوف واضطراب دون سبب ظاهر، وهذه تحتاج إلى تشخيص عند مختصة في الطبّ البديل، فإن لم يكن هناك سبب عضوي أو عصبي، فحينها لا بد من مراجعة طبيبة نفسية موثوقة تعينك على تجاوز هذه الحالة بالعلاج المناسب حتى لا تتطور إلى وسواسٍ قهري عافانا الله وإياكِ منه..

والمؤمن مأمور بالأخذ بالأسباب، والاهتمام بصحته النفسية والبدنية، مع لجوئه الدائم إلى الله بالدعاء والذكر وقراءة القرآن..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
وخِتامًا لما ذكرتِه، فطلبُكِ أن نُعنى بين الحين والآخر بالحديث عن أمراض القلوب وتشخيصها وسبل علاجها فكرة طيبة ومباركة، أسأل الله أن يكتب لكِ أجرها، وسأحرص بإذن الله على تخصيص منشوراتٍ في هذا الباب كلما تيسّر الوقت، فإن القلوب هي موضع نظر الله عز وجل، وما أحوجنا جميعًا إلى أن نلتفت إليها، نداوي عللها، ونسعى في تزكيتها، فهي أساس الصلاح..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
و عليك السلام ورحمة الله وبركاته..🌨

السعي الجاد..!! توفيق عظيم قلّ من وُفّق إليه..!

السعي الجاد إلى الآخرة لا يكون إلا لمن عرف قدر الدنيا وحقيقتها، وعلم أنه فيها غريب أو عابر سبيل، فمن عرف أنها دار ممر لا مقر، عمل فيها عمل المسافر، لا المستوطن، وجدّ في السير إلى الله..

والسعي الجاد يكون حين تكون الدنيا في يديك لا في قلبك، تأخذين منها ما يعينك على طاعة الله، وتزهدين فيما يشغلك عنه..
قال بعض السلف: «إنما الدنيا ظل زائل، فخذ منها ما يقيمك، وسر إلى ربك»..

فإذا صفا قلبك من التعلق بزينتها، واستحضرتِ أن كل خطوة في الطاعة تقرّبك من الجنة، صرتِ تسعين إلى الآخرة بصدقٍ وثبات، لا يوقفك عارض، ولا تفتنك زينة عابرة..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2025/11/01 09:25:38
Back to Top
HTML Embed Code: