This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Video from هل صليت علۍ محمد وآل محمد
في كل شهيد هناك حكاية عشق وله ميزة تميزه عن غيره كأنهم ملائكة لكن نحن لا نشعر بقيمتهم إلا بعد فقدانهم... كربلا القائد الشجاع المتواضع جدا، كربلا الإنسان الذي لا تمل منه، كربلا المحبوب، كربلا الشجاع، كان همه المقاومة وحين صار العدو قريب قال بحزم لو بدنا نستشهد كلنا ممنوع العدو يفوت على المجدل كربلا الحنون السخي الكريم لهذا النهج و الخط المقدس، رحلت جسدا وبقيت روحك الطاهرة تنير الطريق لنا يا أعز العابرين💔
بعض الكلام حول الوالد الشهيد (١):
لم يكن محمّد قد بلغ الخامسة عشرة من عمره حين نفّذ أحمد عمليّته الاستشهاديّة في قلب صورٍ عام 1982. حمل سرّ أخيه وأخفاه حتّى عن أبيه وأمّه، وحمل وصيّته، وحمل روحه الثوريّة، وحمل اسمه الجـ..ـاديّ "حيدر" ليكون أوّل اسمٍ له في هذه المسيرة، ومضى.
ابن الخامسة عشرة لا يقال إنّه "انضمّ" إلى صفوف المـ.ـاومة، بل هو قد أسّس حياته في داخل هذه الصفوف، ولم يخرج منها. طوال عمره، لم يكن للحاج "حياةٌ خاصّةٌ" بالمعنى الذي يعيشه الناس. كانت حياته كلّها "للعمل". وقته وتفكيره وجهده وتخطيطه وعلاقاته كانت كلّها مبنيّة على أساس هذا المحور الذي اتّخذه لحياته. على سبيل المثال، لا أذكر "أصدقاءً" لأبي في مختلف مراحل عمره، إلّا أولئك الذين ربطته بهم علاقة عملٍ وزمالةٍ وتعاونٍ في المجالات التي عمل بها.
من الجنوب إلى إيران في الثمانينات، ثمّ إلى الجنوب في التسعينات، ثمّ بيروت قبيل التحرير، ثمّ إلى كلّ بقعةٍ من بقاع المحور. ومع كلّ مرحلةٍ مسؤوليّةٌ ومهمّةٌ جديدةٌ.
ومن حيدر إلى الشيخ صلاح، ثمّ الحاج ماجد، ثمّ الحاج هاني ثمّ الحاج فادي، وغيرها من الأسماء.. كان الرجل نفسه دائمًا حيث تدعو إليه الحاجة، في العسكر والأمن والملفّات اللوجستيّة والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدوليّة وغيرها.
مع الحاج عمـ..د مشى شطرًا من الطريق، ومع الحاج قا..م شطرًا أكبر، ومع السيّد كلّ الطريق حتّى المقصد الأخير.
لم يكن يقبل بالتعامل مع العمل الجـ..ـاديّ على أنّه وظيفةٌ في مؤسّسةٍ. لم يكن يؤمن "بساعات العمل وعطلة نهاية الأسبوع"، بل المدار عنده على أداء المهمّات المطلوبة، المهمّات التي لا تنتهي لأنّ التحدّيات لا تنتهي، ولأنّ شغله كان -كما يعبّر- "إنفاذ ما يطلبه سماحة السيّد"، ومن كان معتمدًا عند السيّد كان يتعب.
بكى على الحاج عمـ..د كما لم يبك على أحدٍ قبله، وأكمل طريقه. ومع رحيل الحاج قا..م زادت المسؤوليّة أضعافًا، فحملها ومشى. أمّا السيّد، فقد قال لمن كان إلى جانبه عند وصول الخبر: "إنّه وقت الحرب لا وقت العزاء". زار حبيبه بعد ثلاثة أيّامٍ من شهادته، ودّع جثمانه صامتًا، ورجع إلى حيث ينبغي أن يكون، ثمّ التحق به بعد يومٍ واحدٍ..
رحم الله من أهدى الشهيد القائد الحاج محمد جعفر قصير (الحاج ماجد) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
لم يكن محمّد قد بلغ الخامسة عشرة من عمره حين نفّذ أحمد عمليّته الاستشهاديّة في قلب صورٍ عام 1982. حمل سرّ أخيه وأخفاه حتّى عن أبيه وأمّه، وحمل وصيّته، وحمل روحه الثوريّة، وحمل اسمه الجـ..ـاديّ "حيدر" ليكون أوّل اسمٍ له في هذه المسيرة، ومضى.
ابن الخامسة عشرة لا يقال إنّه "انضمّ" إلى صفوف المـ.ـاومة، بل هو قد أسّس حياته في داخل هذه الصفوف، ولم يخرج منها. طوال عمره، لم يكن للحاج "حياةٌ خاصّةٌ" بالمعنى الذي يعيشه الناس. كانت حياته كلّها "للعمل". وقته وتفكيره وجهده وتخطيطه وعلاقاته كانت كلّها مبنيّة على أساس هذا المحور الذي اتّخذه لحياته. على سبيل المثال، لا أذكر "أصدقاءً" لأبي في مختلف مراحل عمره، إلّا أولئك الذين ربطته بهم علاقة عملٍ وزمالةٍ وتعاونٍ في المجالات التي عمل بها.
من الجنوب إلى إيران في الثمانينات، ثمّ إلى الجنوب في التسعينات، ثمّ بيروت قبيل التحرير، ثمّ إلى كلّ بقعةٍ من بقاع المحور. ومع كلّ مرحلةٍ مسؤوليّةٌ ومهمّةٌ جديدةٌ.
ومن حيدر إلى الشيخ صلاح، ثمّ الحاج ماجد، ثمّ الحاج هاني ثمّ الحاج فادي، وغيرها من الأسماء.. كان الرجل نفسه دائمًا حيث تدعو إليه الحاجة، في العسكر والأمن والملفّات اللوجستيّة والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدوليّة وغيرها.
مع الحاج عمـ..د مشى شطرًا من الطريق، ومع الحاج قا..م شطرًا أكبر، ومع السيّد كلّ الطريق حتّى المقصد الأخير.
لم يكن يقبل بالتعامل مع العمل الجـ..ـاديّ على أنّه وظيفةٌ في مؤسّسةٍ. لم يكن يؤمن "بساعات العمل وعطلة نهاية الأسبوع"، بل المدار عنده على أداء المهمّات المطلوبة، المهمّات التي لا تنتهي لأنّ التحدّيات لا تنتهي، ولأنّ شغله كان -كما يعبّر- "إنفاذ ما يطلبه سماحة السيّد"، ومن كان معتمدًا عند السيّد كان يتعب.
بكى على الحاج عمـ..د كما لم يبك على أحدٍ قبله، وأكمل طريقه. ومع رحيل الحاج قا..م زادت المسؤوليّة أضعافًا، فحملها ومشى. أمّا السيّد، فقد قال لمن كان إلى جانبه عند وصول الخبر: "إنّه وقت الحرب لا وقت العزاء". زار حبيبه بعد ثلاثة أيّامٍ من شهادته، ودّع جثمانه صامتًا، ورجع إلى حيث ينبغي أن يكون، ثمّ التحق به بعد يومٍ واحدٍ..
رحم الله من أهدى الشهيد القائد الحاج محمد جعفر قصير (الحاج ماجد) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
في المكان الذي ارتقى فيه أخي شهيداً، لم يبقَ من بين الأوراق المتناثرة إلا صفحات ثلاث، تحمل رسائل من السماء:
صفحة من كتاب الله تهمس:
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
وأخرى تُشهد على نقاء إيمانه:
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ.
وبجانبها ورقة من كلمات الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الدعاء عند ذكر الموت، يذكّر فيها أن الرحيل حقٌّ على كل إنسان، وأن النجاة لمن أعدّ الزاد ليوم المعاد.
ليست صدفة أن تبقى هذه الصفحات وحدها، بل هي شهادة ثالثة، بأن دم الشهيد اقترن بالقرآن، وتوّجته وصايا الأئمة، ليبقى أثره حيًّا بيننا، ودروسه ممتدة ما دامت السماوات والأرض.
الشهيد عباس ناجي حجازي
مفقود الاثر
صفحة من كتاب الله تهمس:
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
وأخرى تُشهد على نقاء إيمانه:
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُو۟لَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ.
وبجانبها ورقة من كلمات الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الدعاء عند ذكر الموت، يذكّر فيها أن الرحيل حقٌّ على كل إنسان، وأن النجاة لمن أعدّ الزاد ليوم المعاد.
ليست صدفة أن تبقى هذه الصفحات وحدها، بل هي شهادة ثالثة، بأن دم الشهيد اقترن بالقرآن، وتوّجته وصايا الأئمة، ليبقى أثره حيًّا بيننا، ودروسه ممتدة ما دامت السماوات والأرض.
الشهيد عباس ناجي حجازي
مفقود الاثر
*صلاة العروج..*
خلال حديثٍ مع أحدهم ذكر لي هذه القصة من أحداث الحرب..
في يوم شديد كغيره من أيام الحرب.. السماء تمطر حمماً من براكين الحقد الخيبري.. والأرض تصرخ ألماً من رجم القنابل..
وبين استغاثة الأرض وإمداد السماء.. كان شبابٌ على موعد للقاءٍ يطفئ شيئاً من لهيب الشوق..
جواد حسين ينتظر الوصال تحت شرفة.. حوله ركام الحسينية.. وصرخاته يتردد صداهها على أنصاف الجدران.. كنبضات حبٍّ يتبعها الاعمى ليهتدي الطريق..
وكان اللقاء..
هشام.. عبد الحي..جواد حسين.. محمد عبد علي.. والسيد دعاء..
يُبادر جواد حسين القول: "اليوم الغدا سوا، صرلنا أسبوع ناطرين هالجَمعة.."
يعكف جواد والسيد دعاء على جمع حاجيات المائدة وتحضيرها.. بينما يعكف الباقون على تحضير خطط الحرب وتعديلاتها بناءً على مستجدات المعركة..
يمر الوقت والهاتف لا يتوقف عن الرنين،، حسيني يسأل مطمئناً.. والقائد الحاج أبو علي يتيم يسأل أين فلان وفلان..
اتصل أحد الاخوة وقال شو عاملين جلسة بهيك وضع؟!! فأجابه جواد غاضباً "ممنوع هذا الكلام على الهاتف! ألا تعرف أن العدو يسمعنا.."
ما هي الا دقائق حتى ملأت الطائرات بشتى أنواعها سماء المنطقة.. عمَّ المكان سكونٌ غريب رغم الأصوات المحيطة وضجيج الآلات الحربية..
يُقاطعُ السيد دعاء ذاك السكون بصوته في الأذان معلناً حلول صلاة الظهر..
فحضر كل واحدٍ ماسحاً على رأسه وقدميه.. بماء الجهاد والشهادة..
هنا دارت رحى معركة من نوعٍ آخر.. معركة إمام الجماعة..
"تقدم يا هشام، لا تقدم انت.. اذا تقدم أنت يا جواد، لا هذا عبد الحي بوجهه النوراني.. لكن الأولى ان يتقدم السيد دعاء.. واستقر الأمر الى أحدهم..
الله أكبر.. بتكبيرة الإحرام صعدت الأرواح نحو الملكوت في سفرٍ مؤقت.. تحضيراً للسفر المؤبد..
في ركوعها تقديم الأعناق على مذبح الولاية..
في سجودها تذللٌ لجبار السماوات وتكبيرٌ على طاغوت العصر..
في تشهُّدِها تجديد العهد والاسلام..
في تسليمها تسليمٌ بما يُرضي الله..
وفي الصدور أمنية شوق "إن كان لا بد من الشهادة فما أحلاها في سجود هذه الصلاة أو ركوعها"..
وختامها ذكرُ الزهراء عليها السلام على عدد الأضلاع والمظلومية..
يا له من أنسٍ أرخت الملائكة ظلالها له.. والكون لا يتسع لنبضات القلوب..
جلسوا على مائدة كأنها من السماء.. يتجمع حولها حواريو الجهاد.. لكن ليس فيهم من يخون، ليُصلب المسيح ثانيةً..!!
بل هم على قلبٍ واحد، ونفسٍ واحدة.. تحت سماء حاول العدو ان يحجب نور شمسها بطائراته..
لكن هيهات هيهات..
وُزِّعَت المهام.. وانتظر المجتمعون لحظة سكون قبل الغروب بساعة.. تبادلوا القلوب وانتشروا بين طيَّات المنازل، كلٌ يفدي الكلَّ بنفسه.. مرَّ جواد على حسين متولي مخبراً اياه بالمستجدات، ومرَّ سيد دعاء على مجتبى.. ومرَّ هشام على اسماعيل نصرالله وتوّاب حيث كانت آخر الصور..
بعد أيام.. اجتمعوا على مائدةِ الحسين (ع) عند مليكٍ مقتدر..
كانوا لله عباداً عقدوا القلوب على الولاية، والزنود على الجهاد.. ثبتوا حين تزلزل الكون من هول ما جرى.. فقدوا سيدهم واتصال قيادتهم وعديدا من الصحب.. وعدة.. وما بدلوا تبديلا.. وما اتخذوا الليالي جملا.. بل ناشئةً هي أقومُ قيلا..
خلال حديثٍ مع أحدهم ذكر لي هذه القصة من أحداث الحرب..
في يوم شديد كغيره من أيام الحرب.. السماء تمطر حمماً من براكين الحقد الخيبري.. والأرض تصرخ ألماً من رجم القنابل..
وبين استغاثة الأرض وإمداد السماء.. كان شبابٌ على موعد للقاءٍ يطفئ شيئاً من لهيب الشوق..
جواد حسين ينتظر الوصال تحت شرفة.. حوله ركام الحسينية.. وصرخاته يتردد صداهها على أنصاف الجدران.. كنبضات حبٍّ يتبعها الاعمى ليهتدي الطريق..
وكان اللقاء..
هشام.. عبد الحي..جواد حسين.. محمد عبد علي.. والسيد دعاء..
يُبادر جواد حسين القول: "اليوم الغدا سوا، صرلنا أسبوع ناطرين هالجَمعة.."
يعكف جواد والسيد دعاء على جمع حاجيات المائدة وتحضيرها.. بينما يعكف الباقون على تحضير خطط الحرب وتعديلاتها بناءً على مستجدات المعركة..
يمر الوقت والهاتف لا يتوقف عن الرنين،، حسيني يسأل مطمئناً.. والقائد الحاج أبو علي يتيم يسأل أين فلان وفلان..
اتصل أحد الاخوة وقال شو عاملين جلسة بهيك وضع؟!! فأجابه جواد غاضباً "ممنوع هذا الكلام على الهاتف! ألا تعرف أن العدو يسمعنا.."
ما هي الا دقائق حتى ملأت الطائرات بشتى أنواعها سماء المنطقة.. عمَّ المكان سكونٌ غريب رغم الأصوات المحيطة وضجيج الآلات الحربية..
يُقاطعُ السيد دعاء ذاك السكون بصوته في الأذان معلناً حلول صلاة الظهر..
فحضر كل واحدٍ ماسحاً على رأسه وقدميه.. بماء الجهاد والشهادة..
هنا دارت رحى معركة من نوعٍ آخر.. معركة إمام الجماعة..
"تقدم يا هشام، لا تقدم انت.. اذا تقدم أنت يا جواد، لا هذا عبد الحي بوجهه النوراني.. لكن الأولى ان يتقدم السيد دعاء.. واستقر الأمر الى أحدهم..
الله أكبر.. بتكبيرة الإحرام صعدت الأرواح نحو الملكوت في سفرٍ مؤقت.. تحضيراً للسفر المؤبد..
في ركوعها تقديم الأعناق على مذبح الولاية..
في سجودها تذللٌ لجبار السماوات وتكبيرٌ على طاغوت العصر..
في تشهُّدِها تجديد العهد والاسلام..
في تسليمها تسليمٌ بما يُرضي الله..
وفي الصدور أمنية شوق "إن كان لا بد من الشهادة فما أحلاها في سجود هذه الصلاة أو ركوعها"..
وختامها ذكرُ الزهراء عليها السلام على عدد الأضلاع والمظلومية..
يا له من أنسٍ أرخت الملائكة ظلالها له.. والكون لا يتسع لنبضات القلوب..
جلسوا على مائدة كأنها من السماء.. يتجمع حولها حواريو الجهاد.. لكن ليس فيهم من يخون، ليُصلب المسيح ثانيةً..!!
بل هم على قلبٍ واحد، ونفسٍ واحدة.. تحت سماء حاول العدو ان يحجب نور شمسها بطائراته..
لكن هيهات هيهات..
وُزِّعَت المهام.. وانتظر المجتمعون لحظة سكون قبل الغروب بساعة.. تبادلوا القلوب وانتشروا بين طيَّات المنازل، كلٌ يفدي الكلَّ بنفسه.. مرَّ جواد على حسين متولي مخبراً اياه بالمستجدات، ومرَّ سيد دعاء على مجتبى.. ومرَّ هشام على اسماعيل نصرالله وتوّاب حيث كانت آخر الصور..
بعد أيام.. اجتمعوا على مائدةِ الحسين (ع) عند مليكٍ مقتدر..
كانوا لله عباداً عقدوا القلوب على الولاية، والزنود على الجهاد.. ثبتوا حين تزلزل الكون من هول ما جرى.. فقدوا سيدهم واتصال قيادتهم وعديدا من الصحب.. وعدة.. وما بدلوا تبديلا.. وما اتخذوا الليالي جملا.. بل ناشئةً هي أقومُ قيلا..
كان أرقّ من نسمةٍ في موضع الحبّ،
وأمضى من سيفٍ في موضع الحرب.
أبو زينب، الحاج صالح،
رجلٌ من عباد الله أولي البأس الشديد، جاس في ديار بني صهيون واقتحم مواقعهم في الجنوب مرارًا وهو في العشرين من عمره، ورمى جبروت إسرائيل تحت أقدام السيّد في ساحة الشورى.
من القوّة الخاصّة قبل التحرير، إلى المهام الخاصّة بعده. ومن عمليّات الاقتحام والكمائن في الجنوب، إلى نوعٍ آخر من "العمليّات" على مستوى المحور كلّه. كان رجل كلّ الميادين.
يعرفه الناس بأنّه "صهر السيّد"،
ويعرفه من عرفه حقًّا بذاته وشخصه. رجلٌ لا تزيده الألقاب ولا المناصب ولا النِسَب شيئًا.
أتته الدنيا من كل أطرافها طوعًا، فلم تغيّر فيه شيئًا. رماها زاهدًا تحت أقدام المستضعفين، يبذل لهم من حبّه وماله وخدمته ما استطاع، إلى أن بذل دمه عارجًا إلى لقاء ربّه عفيفًا تقيًّا طاهرًا.
في ذكرى عروجه، رحم الله من أهدى العمّ الحبيب الشهيد الحاج حسن جعفر قصير (الحاج صالح) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
وأمضى من سيفٍ في موضع الحرب.
أبو زينب، الحاج صالح،
رجلٌ من عباد الله أولي البأس الشديد، جاس في ديار بني صهيون واقتحم مواقعهم في الجنوب مرارًا وهو في العشرين من عمره، ورمى جبروت إسرائيل تحت أقدام السيّد في ساحة الشورى.
من القوّة الخاصّة قبل التحرير، إلى المهام الخاصّة بعده. ومن عمليّات الاقتحام والكمائن في الجنوب، إلى نوعٍ آخر من "العمليّات" على مستوى المحور كلّه. كان رجل كلّ الميادين.
يعرفه الناس بأنّه "صهر السيّد"،
ويعرفه من عرفه حقًّا بذاته وشخصه. رجلٌ لا تزيده الألقاب ولا المناصب ولا النِسَب شيئًا.
أتته الدنيا من كل أطرافها طوعًا، فلم تغيّر فيه شيئًا. رماها زاهدًا تحت أقدام المستضعفين، يبذل لهم من حبّه وماله وخدمته ما استطاع، إلى أن بذل دمه عارجًا إلى لقاء ربّه عفيفًا تقيًّا طاهرًا.
في ذكرى عروجه، رحم الله من أهدى العمّ الحبيب الشهيد الحاج حسن جعفر قصير (الحاج صالح) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
في صباح 2 تشرين الأول 2024، طُرِق باب البيت، وإذا بالقادم هو السعيد مهدي، بضحكته المعهودة وابتسامته التي لم تفارق وجهه يوما، وبمزاحه الذي يملأ المكان حياة. سلّم على الجميع بحرارة، ثم التفت إلى والدته طالبًا منها أن تُعدّ له فطورا، وكان يشتهي صحن فول كعادته.
جلس مع أهله وأولاده على شرفة البيت، يأكل الفول ومع كل لقمة فول، كان يأخذ نفسا من الأرجيلة كأنه يدرك أنّها آخر لقمة وآخر نفس في حياته.
بعدها أخذ والدته جانبا، وقال لها بلهجة المودّع:
"ادعي لي يا أمي بالتوفيق، أعطيني رضاك وإذنك. أنا ذاهب إلى أرض الجنوب، وادعي أن يرزقني الله الشهادة. "
كان المشهد ممتلئا بالدموع والأحضان. لأول مرة طلبت الأم أن تُقبّل يديه، فمدّهما إليها وهو يقبّل رأسها وكتفيها ويديها بحرارة. بكَت وبكى، وازدادت اللحظة رهبة حين أوصاها قائلًا:
"لا تنسي الفقراء يا أمي، لا تنسي المحتاجين، ولا تجلسي في حسرة باكية."
ثم ودّع الجميع، قبّلهم واحدا واحدا، ومضى إلى الجنوب. وهناك امتزجت دماؤه بترابها الطاهر، ومنذ ذلك الحين فُقِد أثره، ولم يعد.
السعيد عباس ناجي حجازي
جلس مع أهله وأولاده على شرفة البيت، يأكل الفول ومع كل لقمة فول، كان يأخذ نفسا من الأرجيلة كأنه يدرك أنّها آخر لقمة وآخر نفس في حياته.
بعدها أخذ والدته جانبا، وقال لها بلهجة المودّع:
"ادعي لي يا أمي بالتوفيق، أعطيني رضاك وإذنك. أنا ذاهب إلى أرض الجنوب، وادعي أن يرزقني الله الشهادة. "
كان المشهد ممتلئا بالدموع والأحضان. لأول مرة طلبت الأم أن تُقبّل يديه، فمدّهما إليها وهو يقبّل رأسها وكتفيها ويديها بحرارة. بكَت وبكى، وازدادت اللحظة رهبة حين أوصاها قائلًا:
"لا تنسي الفقراء يا أمي، لا تنسي المحتاجين، ولا تجلسي في حسرة باكية."
ثم ودّع الجميع، قبّلهم واحدا واحدا، ومضى إلى الجنوب. وهناك امتزجت دماؤه بترابها الطاهر، ومنذ ذلك الحين فُقِد أثره، ولم يعد.
السعيد عباس ناجي حجازي
بعض الكلام حول الوالد الشهيد (٤):
قبل سنواتٍ بدأت الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، وبدأ معها انقطاع مادّتَي المازوت والبنزين، وصار اللبنانيّون يقفون في الطوابير أمام محطّات المحروقات لساعاتٍ طويلةٍ من أجل تعبئة سيّاراتهم.
بعد فترةٍ وجيزةٍ، اتّخذت قيادة الحزب قرار استيراد المحروقات من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة إلى لبنان لكسر الحصار المفروض عليه.
وضعت القيادة هذا الملفّ بكامله في عهدة الحاج ماجد. من تأمين المحروقات من المصدر الإيرانيّ، إلى الشحن في الباخرات، إلى التخزين في سوريا والنقل إلى لبنان ثمّ التوزيع على المستفيدين.
ولأنّ القرار كان أن يتمّ التوزيع عبر شركة الأمانة ومحطّاتها، فقد كانت كلّ هذه الشركة في ذلك الوقت في خدمة هذا الملفّ وتعمل بالتنسيق مع المعنيّ عنه.
لم يكن استلام الحاج لملفّ استيراد المحروقات وتوزيعها سرّيًّا تمامًا، بل كان جزءٌ كبيرٌ من الحزب بدوائره وأفراده على علمٍ بالأمر.
ولهذا، في تلك الفترة كان يتواصل معي عددٌ كبيرٌ من الإخوة، هذا يريد وظيفةً لقريبه في محطّةٍ، وهذا يسعى لحلّ مشكلةٍ ما، وذلك يريد الحصول على مادّة البنزين.. باعتبار أنّ "محطّات الأمانة عند الحاج" وأنّ "ابن الحاج بجيب بنزين"!
هكذا كانت الصورة في أذهان البعض. أمّا في الواقع، فقد كان "أبناء الحاج" الأربعة يقفون مع الناس في الطوابير أمام محطّات الأمانة نفسها وينتظرون لخمسٍ أو ستّ ساعاتٍ من أجل ملء خزّان الوقود في السيّارة.
بل في إحدى المرّات اضطررتُ مع أحد الأصدقاء إلى قضاء الليل بأكمله في السيارة أمام إحدى المحطّات من أجل الحصول على دورٍ في التعبئة عندما تفتح المحطّة بابها في الصباح. وقد تعمّدت يومها نشر الصورة والحديث عن "التجربة الجميلة" على الفايسبوك حتّى يعرف أولئك الذين يطلبون من "ابن الحاج" أن يناولهم من خزّانات الوقود التي يوفّرها له أبوه.
نعم، أنا شاهدٌ على أنّ الحاج كان يجري الاتّصالات ويتدخّل في بعض القضايا متوسّطًا لبعض أقربائه وأفراد عائلته.
من أجل ماذا؟ من أجل أن يشاركوا في المعارك في الجبهة ويكونوا في الصفوف الأولى..
رحم الله من أهدى الشهيد القائد محمد جعفر قصير (الحاج ماجد) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
قبل سنواتٍ بدأت الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، وبدأ معها انقطاع مادّتَي المازوت والبنزين، وصار اللبنانيّون يقفون في الطوابير أمام محطّات المحروقات لساعاتٍ طويلةٍ من أجل تعبئة سيّاراتهم.
بعد فترةٍ وجيزةٍ، اتّخذت قيادة الحزب قرار استيراد المحروقات من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة إلى لبنان لكسر الحصار المفروض عليه.
وضعت القيادة هذا الملفّ بكامله في عهدة الحاج ماجد. من تأمين المحروقات من المصدر الإيرانيّ، إلى الشحن في الباخرات، إلى التخزين في سوريا والنقل إلى لبنان ثمّ التوزيع على المستفيدين.
ولأنّ القرار كان أن يتمّ التوزيع عبر شركة الأمانة ومحطّاتها، فقد كانت كلّ هذه الشركة في ذلك الوقت في خدمة هذا الملفّ وتعمل بالتنسيق مع المعنيّ عنه.
لم يكن استلام الحاج لملفّ استيراد المحروقات وتوزيعها سرّيًّا تمامًا، بل كان جزءٌ كبيرٌ من الحزب بدوائره وأفراده على علمٍ بالأمر.
ولهذا، في تلك الفترة كان يتواصل معي عددٌ كبيرٌ من الإخوة، هذا يريد وظيفةً لقريبه في محطّةٍ، وهذا يسعى لحلّ مشكلةٍ ما، وذلك يريد الحصول على مادّة البنزين.. باعتبار أنّ "محطّات الأمانة عند الحاج" وأنّ "ابن الحاج بجيب بنزين"!
هكذا كانت الصورة في أذهان البعض. أمّا في الواقع، فقد كان "أبناء الحاج" الأربعة يقفون مع الناس في الطوابير أمام محطّات الأمانة نفسها وينتظرون لخمسٍ أو ستّ ساعاتٍ من أجل ملء خزّان الوقود في السيّارة.
بل في إحدى المرّات اضطررتُ مع أحد الأصدقاء إلى قضاء الليل بأكمله في السيارة أمام إحدى المحطّات من أجل الحصول على دورٍ في التعبئة عندما تفتح المحطّة بابها في الصباح. وقد تعمّدت يومها نشر الصورة والحديث عن "التجربة الجميلة" على الفايسبوك حتّى يعرف أولئك الذين يطلبون من "ابن الحاج" أن يناولهم من خزّانات الوقود التي يوفّرها له أبوه.
نعم، أنا شاهدٌ على أنّ الحاج كان يجري الاتّصالات ويتدخّل في بعض القضايا متوسّطًا لبعض أقربائه وأفراد عائلته.
من أجل ماذا؟ من أجل أن يشاركوا في المعارك في الجبهة ويكونوا في الصفوف الأولى..
رحم الله من أهدى الشهيد القائد محمد جعفر قصير (الحاج ماجد) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
بعض الكلام حول الوالد الشهيد (٥): الكلمة الأخيرة.
كان الحاج رحمه الله يحب الواقعيّة ويكره المبالغات، وكان ينتقد بشدّة "أسطرة الشخصيّات".
كان يرفض التصوير الذي تقدّمه الجهات وغيرها لبعض الأشخاص على أنّهم مخلوقاتٌ من عالمٍ آخر، معصومون مبرّأون من العيب والنقص، مقدّسون تنزّلوا من عالم الملكوت ولا ينتمون لعالمنا!
كان يؤكّد على أنّ كلّ الذين تسمعون عنهم، هم بشرٌ مثلنا. يخطئون ويصيبون، يجربّون فيفشلون ويعيدون التجربة فينجحون. لديهم صفاتٌ مميّزةٌ ولديهم نواقص، لديهم إنجازاتٌ عظيمةٌ ولديهم أخطاءٌ.
نعم بالطبع، هم مؤمنون مخلصون عملوا في سبيل الله وقدّموا وبذلوا لله كلّ شيءٍ، فأخذ بأيديهم وهداهم وسدّدهم وأيّدهم. كما هي سنّته في توفيق كلّ من يعمل بإخلاصٍ.
لم يكن الهدف من هذه النظرة الواقعيّة التي كان يؤكّد عليها هو الحطّ من مقام أحدٍ، فقد كان في الواقع شديد التقدير والتعظيم للقادة والشهداء. لكن الهدف منها هو عدم الوقوع في فخّ المثاليّة المفرطة.
عندما يتعامل الإنسان مع شخصٍ على أنّه "أسطورةٌ" فإنّه يفقد فرصة الاقتداء به، لأنّه يرى فارقًا جوهريًّا بينه وبينه. كما يفقد فرصة الاستفادة من تجربته، لأنّه لا يرى النواقص ليتمّمها والأخطاء ليتفاداها. ويقع في مشكلة التقديس الأعمى فيفقد معيار الصواب والخطأ في الأخذ والردّ.
بالطبع، واجبنا هو أن نبرز كمالات عظمائنا، وأن نركّز على كلّ ما يبرز فضلهم ويصلح لأن يكون بابًا لنا للاقتداء بهم.
لكنّ هذا شيءٌ، والمبالغة غير الواقعيّة ورسم الصورة المثاليّة شيءٌ آخر. الصورة التي تجعلنا نرى أنّ الله قد "خلق فلانًا وكسر القالب من بعده"، وأنّنا محكومون بالفشل لأنّنا قد فقدنا فلانًا، وأنّ أيّ واحدٍ منّا لا يستطيع أن يكون مثل فلانٍ بل أفضل منه.
هذه الأفكار تسيء إلى الشهداء أنفسهم وإلى نهجهم وتعطّل إمكانيّة البناء على عظيم ما قدّموه والتقدّم والاستمرار من بعدهم.
رحم الله من أهدى الحاج محمد جعفر قصير (الحاج ماجد) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
كان الحاج رحمه الله يحب الواقعيّة ويكره المبالغات، وكان ينتقد بشدّة "أسطرة الشخصيّات".
كان يرفض التصوير الذي تقدّمه الجهات وغيرها لبعض الأشخاص على أنّهم مخلوقاتٌ من عالمٍ آخر، معصومون مبرّأون من العيب والنقص، مقدّسون تنزّلوا من عالم الملكوت ولا ينتمون لعالمنا!
كان يؤكّد على أنّ كلّ الذين تسمعون عنهم، هم بشرٌ مثلنا. يخطئون ويصيبون، يجربّون فيفشلون ويعيدون التجربة فينجحون. لديهم صفاتٌ مميّزةٌ ولديهم نواقص، لديهم إنجازاتٌ عظيمةٌ ولديهم أخطاءٌ.
نعم بالطبع، هم مؤمنون مخلصون عملوا في سبيل الله وقدّموا وبذلوا لله كلّ شيءٍ، فأخذ بأيديهم وهداهم وسدّدهم وأيّدهم. كما هي سنّته في توفيق كلّ من يعمل بإخلاصٍ.
لم يكن الهدف من هذه النظرة الواقعيّة التي كان يؤكّد عليها هو الحطّ من مقام أحدٍ، فقد كان في الواقع شديد التقدير والتعظيم للقادة والشهداء. لكن الهدف منها هو عدم الوقوع في فخّ المثاليّة المفرطة.
عندما يتعامل الإنسان مع شخصٍ على أنّه "أسطورةٌ" فإنّه يفقد فرصة الاقتداء به، لأنّه يرى فارقًا جوهريًّا بينه وبينه. كما يفقد فرصة الاستفادة من تجربته، لأنّه لا يرى النواقص ليتمّمها والأخطاء ليتفاداها. ويقع في مشكلة التقديس الأعمى فيفقد معيار الصواب والخطأ في الأخذ والردّ.
بالطبع، واجبنا هو أن نبرز كمالات عظمائنا، وأن نركّز على كلّ ما يبرز فضلهم ويصلح لأن يكون بابًا لنا للاقتداء بهم.
لكنّ هذا شيءٌ، والمبالغة غير الواقعيّة ورسم الصورة المثاليّة شيءٌ آخر. الصورة التي تجعلنا نرى أنّ الله قد "خلق فلانًا وكسر القالب من بعده"، وأنّنا محكومون بالفشل لأنّنا قد فقدنا فلانًا، وأنّ أيّ واحدٍ منّا لا يستطيع أن يكون مثل فلانٍ بل أفضل منه.
هذه الأفكار تسيء إلى الشهداء أنفسهم وإلى نهجهم وتعطّل إمكانيّة البناء على عظيم ما قدّموه والتقدّم والاستمرار من بعدهم.
رحم الله من أهدى الحاج محمد جعفر قصير (الحاج ماجد) ثواب الصلاة على محمد وآل محمد.
كثيرا ما سُئلت، لماذا كانو يجتمعون في نفس المكان(الشهداء)، ومن المؤسف أن في اليوم الأول من استقبال التعازي بشهدائنا بعد وقف إطلاق النار، قالت إحداهنّ لوالدتي وهي تُعزّي.."الله يرحمهم ولكن نحنا لُمناهم(أي لامت الشهداء) انه ليش كانوا متجمّعين بنفس البيت؟!"
أجابت والدتي "يرحم امواتكم واكتفت"
في الحقيقة أنّ أبناء عمّي، كانوا قد أخلوا منازلهم في اللحظة الأولى التي تبلّغوا بها أن يجب عليهم الإخلاء، خصوصا بعدما ظهر الإنكشاف الأمني وتبلّغ "مُحمد" أنه يمكن أن يكون مستهدفا، وهنا أقول بفخر، أن محمّد (طالب) كان من الذين أخذوا بثأثر السيّـ ـد عشيّة شهادته.
مُحمد اتّخذ كل الإجراءات اللازمة وبدّل سيارتين، ولم يكن يحمل هاتفا(وهو منذ سنوات لا يستخدم الهاتف الجوّال).
قبل المجز///رة بيوم واحد، أمضت العائلة ليلة كاملة بالعراء، في أحد البساتين، لأن الأماكن "الآمنة" كانت قد اكتظّت بالنازحين، من الجنوب، ومن أبناء المنطقة نفسها،، لا أماكن خالية في المدارس، ولا في المناطق المسيحية، ولا في الأديرة.. وكانت العائلة من الذين آثروا عوائل أخرى على أنفسهم منذُ بداية الحرب ولم يذهبوا افساحا للمجال امام عوائل نزحت من أماكن بعيدة اكثر استهدافا..
وأصحبت المنطقة شبه خالية من أي مكان آمن لأن الغارات كانت تمطر على المنطقة بأكملها..
عند طلوع فجر تلك الليلة التي أمضوها في العراء، في البرد والصقيع الذي لم تقدر على مقاومته الأغطية والفرشات.. قررت العائلة ان تعود إلى منزل ابن عمّي "مهدي" الواقع عند أطراف القرية، وقال لهم محمد، انتم ابقوا هنا ونخنُ نغادر(اي الرجال) ونذهب الى احدى البساتين..
العائلة بأفرادها، الأُم والزوجات و.. رفضوا رفضا قاطعا، وأصرّوا ان يبقوا معا، ومهما كان المصير فليكن مصيرا مشتركا..
عزّ على افراد العائلة ان يكون بينهم "كمُسلم" دون مأوى، وما كان من خيار الا ان تكون الأم والأب والزوجة والأولاد "طوعة"
ظنا منهم أن العدو لن يستهدف مكانا يضجّ بأكثر من ٣٠ شخصًا من أجل قتل شخص واحد..
في صبحية يوم المجز//رة وقبل دقائق من الغارة، يروي أحد أبناء عمّي(الثاني) الذي أصيب ونجا من الموت، أن محمد كان يجلس عند مدخل المنزل(المكان الذي بقي من المنزل بعد الغارة) يقرأ زيارة عاشوراء، ويتجّه نحو الشرق ويرفع يده مُسلمّا على أبي عبدالله الحُسين.
هنيئا للشهداء وشافى الج//رحى من أبناء عمّي وعمّي الذي ما يزال يعاني من جراحه حتى اليوم. ورحم الله من أهداهم ثواب الصلاة على محمد وآل محمد والفاتحة.
علي القاضي
أجابت والدتي "يرحم امواتكم واكتفت"
في الحقيقة أنّ أبناء عمّي، كانوا قد أخلوا منازلهم في اللحظة الأولى التي تبلّغوا بها أن يجب عليهم الإخلاء، خصوصا بعدما ظهر الإنكشاف الأمني وتبلّغ "مُحمد" أنه يمكن أن يكون مستهدفا، وهنا أقول بفخر، أن محمّد (طالب) كان من الذين أخذوا بثأثر السيّـ ـد عشيّة شهادته.
مُحمد اتّخذ كل الإجراءات اللازمة وبدّل سيارتين، ولم يكن يحمل هاتفا(وهو منذ سنوات لا يستخدم الهاتف الجوّال).
قبل المجز///رة بيوم واحد، أمضت العائلة ليلة كاملة بالعراء، في أحد البساتين، لأن الأماكن "الآمنة" كانت قد اكتظّت بالنازحين، من الجنوب، ومن أبناء المنطقة نفسها،، لا أماكن خالية في المدارس، ولا في المناطق المسيحية، ولا في الأديرة.. وكانت العائلة من الذين آثروا عوائل أخرى على أنفسهم منذُ بداية الحرب ولم يذهبوا افساحا للمجال امام عوائل نزحت من أماكن بعيدة اكثر استهدافا..
وأصحبت المنطقة شبه خالية من أي مكان آمن لأن الغارات كانت تمطر على المنطقة بأكملها..
عند طلوع فجر تلك الليلة التي أمضوها في العراء، في البرد والصقيع الذي لم تقدر على مقاومته الأغطية والفرشات.. قررت العائلة ان تعود إلى منزل ابن عمّي "مهدي" الواقع عند أطراف القرية، وقال لهم محمد، انتم ابقوا هنا ونخنُ نغادر(اي الرجال) ونذهب الى احدى البساتين..
العائلة بأفرادها، الأُم والزوجات و.. رفضوا رفضا قاطعا، وأصرّوا ان يبقوا معا، ومهما كان المصير فليكن مصيرا مشتركا..
عزّ على افراد العائلة ان يكون بينهم "كمُسلم" دون مأوى، وما كان من خيار الا ان تكون الأم والأب والزوجة والأولاد "طوعة"
ظنا منهم أن العدو لن يستهدف مكانا يضجّ بأكثر من ٣٠ شخصًا من أجل قتل شخص واحد..
في صبحية يوم المجز//رة وقبل دقائق من الغارة، يروي أحد أبناء عمّي(الثاني) الذي أصيب ونجا من الموت، أن محمد كان يجلس عند مدخل المنزل(المكان الذي بقي من المنزل بعد الغارة) يقرأ زيارة عاشوراء، ويتجّه نحو الشرق ويرفع يده مُسلمّا على أبي عبدالله الحُسين.
هنيئا للشهداء وشافى الج//رحى من أبناء عمّي وعمّي الذي ما يزال يعاني من جراحه حتى اليوم. ورحم الله من أهداهم ثواب الصلاة على محمد وآل محمد والفاتحة.
علي القاضي