{{ مشروعية صيام العشر من ذي الحجة }}
عن أم المؤمنين عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: « مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ ». وفي رواية: « لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ ».
أخرجه مسلم رقم ( 1176 ) 2 / 833.
وترجم ابن حبان -رحمه الله-(3608) له بقوله:" ذكر الإباحة للمرء ترك صوم العشر من ذي الحجة، وإن أمن الضَعْفَ لذلك ".
قال النووي -رحمه الله- في"المجموع"(6/414): " قال العلماء هو متأول على أنها لم تره ولا يلزم منه تركه في نفس الأمر لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يكون عندها في يوم من تسعة أيام والباقي عند باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أو لعله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم بعضه في بعض الأوقات وكله في بعضها ويتركه في بعضها لعارض سفر أو مرض أو غيرهما وبهذا يجمع بين الأحاديث ".
وقال -أيضاً- في"شرحه على صحيح مسلم"(8/71) :( قال العلماء: هذا الحديث مما يُوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أوَّل ذي الحجة. قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً، لا سيما التاسع منها، وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه، يعنى العشر الأوائل من ذي الحجة". فيتأول قولها:"لم يصم العشر" أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت:" كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين من الشهر والخميس" ورواه أبو داود وهذا لفظه، وأحمد والنسائي وفي روايتهما:" وخميسين" والله أعلم ).
وقال ابن القيم -رحمه الله- في"زاد المعاد"(2/65): " وأما صيام عشر ذي الحجة، فقد اختلف فيه؛ فقالت عائشة: ما رأيته صائما في العشر قط. ذكره مسلم ، وقالت حفصة: أربع لم يكن يدعهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صيام يوم عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر وركعتا الفجر. ذكره الإمام أحمد -رحمه الله-، وذكر الإمام أحمد عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يصوم تسع ذي الحجة ويصوم عاشوراء وثلاثة أيام من الشهر أو الأثنين من الشهر والخميس. وفي لفظ :الخميسين. والمثبت مقدم على النافي إن صح ".
وقال ابن رجب -رحمه الله- في"اللطائف"(ص262):
"وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث، فأجاب مرة بأنه قد روى خلافه، وذكر حديث حفصة، وأشار إلى أنه اختلف في إسناد حديث عائشة، فأسنده الأعمش ورواه منصور عن إبراهيم مرسلا ، وكذلك أجاب غيره من العلماء بأنه إذا اختلفت عائشة وحفصة في النفي والإثبات أخذ بقول المثبت؛ لأن معه علما خفي على النافي، وأجاب أحمد مرة أخرى بأن عائشة أرادت أنه لم يصم العشر كاملا، يعني وحفصة أرادت انه كان يصوم غالبه، فينبغي أن يصام بعضه ويفطر بعضه، وهذا الجمع يصح في رواية من روى: ما رأيته صائما العشر. وأما من روى: ما رأيته صائما في العشر. فيبعد أو يتعذر هذا الجمع فيه..".
قلت : وأما حديث حفصة -رضي الله عنها-، وحديث هنيدة بن خالد، فهي معلَّة لايصح شيء منها، ولتفصيل هذا موطن آخر، والله الموفق.
✍ كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
------------------------------
⚪قناة د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
عن أم المؤمنين عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: « مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ ». وفي رواية: « لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ ».
أخرجه مسلم رقم ( 1176 ) 2 / 833.
وترجم ابن حبان -رحمه الله-(3608) له بقوله:" ذكر الإباحة للمرء ترك صوم العشر من ذي الحجة، وإن أمن الضَعْفَ لذلك ".
قال النووي -رحمه الله- في"المجموع"(6/414): " قال العلماء هو متأول على أنها لم تره ولا يلزم منه تركه في نفس الأمر لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يكون عندها في يوم من تسعة أيام والباقي عند باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أو لعله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم بعضه في بعض الأوقات وكله في بعضها ويتركه في بعضها لعارض سفر أو مرض أو غيرهما وبهذا يجمع بين الأحاديث ".
وقال -أيضاً- في"شرحه على صحيح مسلم"(8/71) :( قال العلماء: هذا الحديث مما يُوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أوَّل ذي الحجة. قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً، لا سيما التاسع منها، وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في صحيح البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه، يعنى العشر الأوائل من ذي الحجة". فيتأول قولها:"لم يصم العشر" أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت:" كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين من الشهر والخميس" ورواه أبو داود وهذا لفظه، وأحمد والنسائي وفي روايتهما:" وخميسين" والله أعلم ).
وقال ابن القيم -رحمه الله- في"زاد المعاد"(2/65): " وأما صيام عشر ذي الحجة، فقد اختلف فيه؛ فقالت عائشة: ما رأيته صائما في العشر قط. ذكره مسلم ، وقالت حفصة: أربع لم يكن يدعهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صيام يوم عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر وركعتا الفجر. ذكره الإمام أحمد -رحمه الله-، وذكر الإمام أحمد عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يصوم تسع ذي الحجة ويصوم عاشوراء وثلاثة أيام من الشهر أو الأثنين من الشهر والخميس. وفي لفظ :الخميسين. والمثبت مقدم على النافي إن صح ".
وقال ابن رجب -رحمه الله- في"اللطائف"(ص262):
"وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث، فأجاب مرة بأنه قد روى خلافه، وذكر حديث حفصة، وأشار إلى أنه اختلف في إسناد حديث عائشة، فأسنده الأعمش ورواه منصور عن إبراهيم مرسلا ، وكذلك أجاب غيره من العلماء بأنه إذا اختلفت عائشة وحفصة في النفي والإثبات أخذ بقول المثبت؛ لأن معه علما خفي على النافي، وأجاب أحمد مرة أخرى بأن عائشة أرادت أنه لم يصم العشر كاملا، يعني وحفصة أرادت انه كان يصوم غالبه، فينبغي أن يصام بعضه ويفطر بعضه، وهذا الجمع يصح في رواية من روى: ما رأيته صائما العشر. وأما من روى: ما رأيته صائما في العشر. فيبعد أو يتعذر هذا الجمع فيه..".
قلت : وأما حديث حفصة -رضي الله عنها-، وحديث هنيدة بن خالد، فهي معلَّة لايصح شيء منها، ولتفصيل هذا موطن آخر، والله الموفق.
✍ كتبه/ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
------------------------------
⚪قناة د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
Audio
محاضرة:
💽 [معالم العقيدة في الحج]
🎙 د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
ألقيت يوم الأربعاء٦/١٢ من ذي الحجة بعد صلاة المغرب في مسجد قباء ضمن محاضرات ودروس التوعية في حج١٤٤٠ه
للاستماع:
https://bit.ly/2YRhW6y
💽 [معالم العقيدة في الحج]
🎙 د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
ألقيت يوم الأربعاء٦/١٢ من ذي الحجة بعد صلاة المغرب في مسجد قباء ضمن محاضرات ودروس التوعية في حج١٤٤٠ه
للاستماع:
https://bit.ly/2YRhW6y
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
مسائل وفوائد في التهنئة بالعيد
كتبه/د. خالد بن قاسم الردادي
اولاً- التهنئة في اللغة خلاف التعزية، يقال: هنأه بالأمر والولاية تهنئة وتهنيئا إذا قال له: ليهنئك وليهنيك، أو هنيئا، ويقال: هنأه تهنئة وتهنيا. والهنيء والمهنأ: ما أتاك بلا مشقة ولا تنغيص ولا كدر.
والهنيء من الطعام: السائغ، واستهنأت الطعام استمرأته [ينظر: "معجم مقاييس اللغة"(6/68)، ,"تاج العروس"(1/512)] .
وفي الاصطلاح: المباركة للشخص بخير أصابه، خلاف التعزية. ولا تخرج التهنئة - في الجملة - عن المعنى اللغوي، لكنها في مواطنها قد تكون لها معان أخص كالتبريك، والتبشير، والترفئة، وغير ذلك [ينظر: "معجم لغة الفقهاء"(ص149)، "الموسوعة الفقهية"(14/95)].
والتهاني -من حيث الأصل- من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر.
قال العلامة السعدي -رحمه الله- مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات: " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع ، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز ، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع ، أو تضمن مفسدة شرعية .."[ "المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي"(1/143)].
ثانياً- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في"مجموع الفتاوى"(24/253):" وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا، وَلَا هُوَ أَيْضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ ".
وسئل الشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: ما حكم المصافحة، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد؟
فأجاب بقوله:" هذه الأشياء لا بأس بها؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل، وإنما يتخذونها على سبيل العادة، والإكرام والاحترام، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة "["مجموع فتاواه"(16/209)].
ثالثاً-" التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ، الْأَئِمَّةُ، كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ "[ "مجموع الفتاوى"لابن تيمية (24/253)].
رابعاً- الآثار الواردة عن الصحابة والسلف في جواز التهنئة بالعيد:
عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي قَالَ: كُنَّا نأتي أَبَا أُمَامَة وواثلة بن الْأَسْقَع فِي الْفطر والأضحى ونقول لَهما: قبل الله منا ومنكم. فَيَقُولَانِ: ومنكم ومنكم.[أخرجه الطحاوي كما في"مختصر اختلاف العلماء"(4/385) بسند حسن].-وفي كتاب "تحفة عيد الأضحى" لأبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي المستملي (ما أورده) بسند حسن عن جبير بن نفير -وهو من كبار التابعين، وذكر في الصحابة لأن له رؤية، وهو من رجال الصحيح - قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم.[ "جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص33)].وأخرج الخلال في كتاب "العلل" عن حرب الكرماني عن إسحاق بن زاهر بسند حسن إلى عمرو السكسكي قال: رأيت عبد الله بن بسر المازني وخالد بن معدان وراشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير بن نفير يقول بعضهم لبعض في العيدين: تقبل الله منا ومنكم.نقل أبو الوفاء بن عقيل في كتاب "الفصول" عن الإمام أحمد بن حنبل قال: إسناد حديث أبي أمامة جيد.ونقل الشيخ موفق الدين ابن قدامة في "المغني" عن حرب قال: سئل أحمد عن قول الناس تقبل الله منا ومنك فقال: لا بأس به، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل له: وعن واثلة، قال: نعم.[ "جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص35)].وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب قَالَ: كُنَّا نأتي مُحَمَّد بن سِيرِين وَالْحسن فِي الْفطر والأضحى فَنَقُول لَهما: قَبِلَ اللهُ مِنَّا ومنكم. فَيَقُولَانِ: ومنكم.[ "مختصر اختلاف العلماء"(4/385)].وعَنْ أدْهَم مَوْلى عُمَر بن عبد العزيز، قَالَ: "كُنَّا نقُولُ لِعُمَرَ بنِ عبد العَزِيزِ في الْعِيدَيْنِ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنَّك، يا أمير المؤمنين. فلا يَنْكُر ذَلِكَ عَلينَا"[ أخرجه زاهر بن طاهر الشحّامي في"جزء تحفة عيد الفطر"رقم(51)، والبيهقي(3/319) بإسناد لابأس به].وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَأَلْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ مُنْذُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً(يعني عن التهنئة )، فقَالَ: لَمْ يَزُلْ يُعْرَفُ هَذَا بِالْمَدِينَةِ.[ "المغني"(2/296)، و"جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص40-41)].وقال أبو بكر الآجري:"هو فعل الصحابة والعلماء"["جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص37)].خامساً- المتعارف عليه أن التهنئة بالشئ تكون عند حصوله وحدوثه، فهل يهنئ بالعيد بعد
كتبه/د. خالد بن قاسم الردادي
اولاً- التهنئة في اللغة خلاف التعزية، يقال: هنأه بالأمر والولاية تهنئة وتهنيئا إذا قال له: ليهنئك وليهنيك، أو هنيئا، ويقال: هنأه تهنئة وتهنيا. والهنيء والمهنأ: ما أتاك بلا مشقة ولا تنغيص ولا كدر.
والهنيء من الطعام: السائغ، واستهنأت الطعام استمرأته [ينظر: "معجم مقاييس اللغة"(6/68)، ,"تاج العروس"(1/512)] .
وفي الاصطلاح: المباركة للشخص بخير أصابه، خلاف التعزية. ولا تخرج التهنئة - في الجملة - عن المعنى اللغوي، لكنها في مواطنها قد تكون لها معان أخص كالتبريك، والتبشير، والترفئة، وغير ذلك [ينظر: "معجم لغة الفقهاء"(ص149)، "الموسوعة الفقهية"(14/95)].
والتهاني -من حيث الأصل- من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر.
قال العلامة السعدي -رحمه الله- مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات: " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع ، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز ، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع ، أو تضمن مفسدة شرعية .."[ "المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي"(1/143)].
ثانياً- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في"مجموع الفتاوى"(24/253):" وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا، وَلَا هُوَ أَيْضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ ".
وسئل الشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: ما حكم المصافحة، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد؟
فأجاب بقوله:" هذه الأشياء لا بأس بها؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل، وإنما يتخذونها على سبيل العادة، والإكرام والاحترام، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة "["مجموع فتاواه"(16/209)].
ثالثاً-" التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ، الْأَئِمَّةُ، كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ "[ "مجموع الفتاوى"لابن تيمية (24/253)].
رابعاً- الآثار الواردة عن الصحابة والسلف في جواز التهنئة بالعيد:
عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي قَالَ: كُنَّا نأتي أَبَا أُمَامَة وواثلة بن الْأَسْقَع فِي الْفطر والأضحى ونقول لَهما: قبل الله منا ومنكم. فَيَقُولَانِ: ومنكم ومنكم.[أخرجه الطحاوي كما في"مختصر اختلاف العلماء"(4/385) بسند حسن].-وفي كتاب "تحفة عيد الأضحى" لأبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي المستملي (ما أورده) بسند حسن عن جبير بن نفير -وهو من كبار التابعين، وذكر في الصحابة لأن له رؤية، وهو من رجال الصحيح - قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم.[ "جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص33)].وأخرج الخلال في كتاب "العلل" عن حرب الكرماني عن إسحاق بن زاهر بسند حسن إلى عمرو السكسكي قال: رأيت عبد الله بن بسر المازني وخالد بن معدان وراشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير بن نفير يقول بعضهم لبعض في العيدين: تقبل الله منا ومنكم.نقل أبو الوفاء بن عقيل في كتاب "الفصول" عن الإمام أحمد بن حنبل قال: إسناد حديث أبي أمامة جيد.ونقل الشيخ موفق الدين ابن قدامة في "المغني" عن حرب قال: سئل أحمد عن قول الناس تقبل الله منا ومنك فقال: لا بأس به، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل له: وعن واثلة، قال: نعم.[ "جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص35)].وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب قَالَ: كُنَّا نأتي مُحَمَّد بن سِيرِين وَالْحسن فِي الْفطر والأضحى فَنَقُول لَهما: قَبِلَ اللهُ مِنَّا ومنكم. فَيَقُولَانِ: ومنكم.[ "مختصر اختلاف العلماء"(4/385)].وعَنْ أدْهَم مَوْلى عُمَر بن عبد العزيز، قَالَ: "كُنَّا نقُولُ لِعُمَرَ بنِ عبد العَزِيزِ في الْعِيدَيْنِ: تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنَّك، يا أمير المؤمنين. فلا يَنْكُر ذَلِكَ عَلينَا"[ أخرجه زاهر بن طاهر الشحّامي في"جزء تحفة عيد الفطر"رقم(51)، والبيهقي(3/319) بإسناد لابأس به].وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَأَلْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ مُنْذُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً(يعني عن التهنئة )، فقَالَ: لَمْ يَزُلْ يُعْرَفُ هَذَا بِالْمَدِينَةِ.[ "المغني"(2/296)، و"جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص40-41)].وقال أبو بكر الآجري:"هو فعل الصحابة والعلماء"["جزء في التهنئة في الأعياد" لابن حجر(ص37)].خامساً- المتعارف عليه أن التهنئة بالشئ تكون عند حصوله وحدوثه، فهل يهنئ بالعيد بعد
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
رؤية الهلال أم بعد الفراغ من صلاة العيد؟
لم يرد عن السلف فعلهم للتهنئة قبل الصلاة، ولايوجد مايمنع وهو من باب العادات والأصل فيها الإباحة -كما سبق-، فالذي أراه أنه لاتثريب على من بادر بالتهنئة ليلة العيد عن طريق وسائل الاتصال فالباب في هذا واسع إن شاء الله تعالى.
وأما القول بأن من قدم التهنئة قبل العيد فقد خالف السنة، فلا يصح ولا وجه له لأن التهنئة ليست سنة مأمور بها -كما سبق نقله عن ابن تيمية- ولم يرد فيها شئ من السنة أصلاً.
سادساً- لا إشكال في التهنئة بالعيد والفرح والاجتماع بعد انتهائه ولو لأيام تأتي؛ لأن المقصود منه التودد وإظهار الفرح والسرور.
قال الإمام عبد الرزاق الصنعاني(ت211هـ): وسألت معمراً(ت153هـ) عن صيام الست التي بعد يوم الفطر، وقالوا له: تصام بعد الفطر بيوم، فقال: "معاذ الله إنما هي أيام عيد وأكل وشرب، ولكن تصام ثلاثة أيام قبل أيام الغر، أو ثلاثة أيام الغر أو بعدها، وأيام الغر ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر". وسألنا عبد الرزاق: "عمن يصوم يوم الثاني؟ فكره ذلك، وأباه إباء شديداً". ["المصنف"(4/316)].
قال الشرواني الشافعي -رحمه الله- : "..لا تطلب – أي : التهنئة - في أيام التشريق وما بعد يوم عيد الفطر، لكن جرت عادة الناس بالتهنئة في هذه الأيام ولا مانع منه ; لأن المقصود منه التودد وإظهار السرور ، ويؤخذ من قوله يوم العيد أيضاً : أن وقت التهنئة يدخل بالفجر لا بليلة العيد خلافا ، لما في بعض الهوامش ا هـ ، وقد يقال : لا مانع منه أيضاً إذا جرت العادة بذلك ؛ لما ذكره من أن المقصود منه التودد وإظهار السرور ، ويؤيده ندب التكبير في ليلة العيد " [انتهى من: "حواشي الشرواني على تحفة المحتاج"(2/57)] .
والله الموفق والمعين.
------------------------------
⚪مدونة د. خالد بن قاسم الردادي:
http://kraddrdd2.blogspot.be/?m=1
⚪حساب د. خالد بن قاسم الردادي على التويتر:
http://twitter.com/kradd2?s=09
⚪صفحة د. خالد بن قاسم الردادي على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/kradd2/
⚪قناة د. خالد بن قاسم الردادي على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
لم يرد عن السلف فعلهم للتهنئة قبل الصلاة، ولايوجد مايمنع وهو من باب العادات والأصل فيها الإباحة -كما سبق-، فالذي أراه أنه لاتثريب على من بادر بالتهنئة ليلة العيد عن طريق وسائل الاتصال فالباب في هذا واسع إن شاء الله تعالى.
وأما القول بأن من قدم التهنئة قبل العيد فقد خالف السنة، فلا يصح ولا وجه له لأن التهنئة ليست سنة مأمور بها -كما سبق نقله عن ابن تيمية- ولم يرد فيها شئ من السنة أصلاً.
سادساً- لا إشكال في التهنئة بالعيد والفرح والاجتماع بعد انتهائه ولو لأيام تأتي؛ لأن المقصود منه التودد وإظهار الفرح والسرور.
قال الإمام عبد الرزاق الصنعاني(ت211هـ): وسألت معمراً(ت153هـ) عن صيام الست التي بعد يوم الفطر، وقالوا له: تصام بعد الفطر بيوم، فقال: "معاذ الله إنما هي أيام عيد وأكل وشرب، ولكن تصام ثلاثة أيام قبل أيام الغر، أو ثلاثة أيام الغر أو بعدها، وأيام الغر ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر". وسألنا عبد الرزاق: "عمن يصوم يوم الثاني؟ فكره ذلك، وأباه إباء شديداً". ["المصنف"(4/316)].
قال الشرواني الشافعي -رحمه الله- : "..لا تطلب – أي : التهنئة - في أيام التشريق وما بعد يوم عيد الفطر، لكن جرت عادة الناس بالتهنئة في هذه الأيام ولا مانع منه ; لأن المقصود منه التودد وإظهار السرور ، ويؤخذ من قوله يوم العيد أيضاً : أن وقت التهنئة يدخل بالفجر لا بليلة العيد خلافا ، لما في بعض الهوامش ا هـ ، وقد يقال : لا مانع منه أيضاً إذا جرت العادة بذلك ؛ لما ذكره من أن المقصود منه التودد وإظهار السرور ، ويؤيده ندب التكبير في ليلة العيد " [انتهى من: "حواشي الشرواني على تحفة المحتاج"(2/57)] .
والله الموفق والمعين.
------------------------------
⚪مدونة د. خالد بن قاسم الردادي:
http://kraddrdd2.blogspot.be/?m=1
⚪حساب د. خالد بن قاسم الردادي على التويتر:
http://twitter.com/kradd2?s=09
⚪صفحة د. خالد بن قاسم الردادي على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/kradd2/
⚪قناة د. خالد بن قاسم الردادي على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
X (formerly Twitter)
د خالد بن قاسم الردادي (@kradd2) on X
قناة التيلجرام:
https://t.co/rsMZjqoX7Q
https://t.co/rsMZjqoX7Q
شرح_السنة_للبربهاري_تحقيق_الردادي.pdf
1.9 MB
📚 شرح السنة
للإمام أبي محمد الحسن بن علي البربهاري رحمه الله
📝 تحقيق:
فضيلة الشيخ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
https://www.tg-me.com/kradd2
للإمام أبي محمد الحسن بن علي البربهاري رحمه الله
📝 تحقيق:
فضيلة الشيخ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى
https://www.tg-me.com/kradd2
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
شيخنا ربيع المدخلي-حفظه الله-يعتبر من أوائل من حذر بالحجة والدليل من كتب سيد قطب وبيّن حقيقة منهجه وانحرافه،
في وقت صمت فيه كثير من الناس!
في وقت صمت فيه كثير من الناس!
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
مشروعية صيام يوم قبل و بعد يوم عاشوراء معه:
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد.
فقد انتشر في هذه الأيام فتاوى غريبة تنقل عبر شبكات التواصل تشكك الناس في ماجرت عليه فتوى علماء هذه البلاد -حرسها الله- الكبار من القول بجواز صيام يوم قبل و بعد يوم عاشوراء معه وأن هذا لا أصل له بل وبالغ بعضهم فعد صيام التاسع والعاشر والحادي عشر معاً من البدع المحدثة!
فأردت في هذه العجالة أن أبين خطأ هذا القول وتعسّف قائليه وإنكارهم لما قد صح به الدليل وقال به الراسخون، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً- متن الحديث الوارد في هذا ولفظه:
عن عبدالله بْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صُومُوا عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا».
وفي لفظ: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ؛ صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا».
وفي لفظ:« لَئِنْ بَقِيتُ لآمُرَنَّ بِصِيَامِ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ».
ثانياً- تخريجه ودراسة أسانيده:
أخرجه أحمد رقم(2154)، وابن خزيمة رقم(2095)، وابن عدي في "الكامل"(3/88)، وابن بشران في "أماليه" رقم(475) والبيهقي في "سنن الكبرى"(4/ 287)، وفي "فضائل الأوقات" رقم(243)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" رقم(1872)من طريق هشيم بن بشير.
والحميدي في "مسنده" رقم(485)-ومن طريقه البيهقي(4/287)- عن سفيان بن عيينة.
وابن عدي (3/ 89) من طريق الحارث بن النعمان بن سالم عن سفيان به.
والبزار في "مسنده" رقم(1052-كشف الاستار)عن عيسى.
والطبري في "تهذيب الآثار" (مسند عمر 1/ 387) والطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 78)من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحناط الصغير.
والطحاوي (2/ 78)من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى.
جميعهم (هشيم، وسفيان، وعيسى، وأبو شهاب، ومحمد بن عمران ) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس، فذكره.
وهو عندهم -إلَّا البزّار- بالتخيير. "صوموا قبله يومًا أو بعده ... ".
قال البزار: "قد رُوي عن ابن عباس من غير وجهٍ، ولا نعلم روى: (صوموا قبله يومًا أو بعده) إلَّا داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس، تفرّد بها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". أهـ.
وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 188 - 189): "وفيه محمد بن أبي ليلى، وفيه كلام". أهـ.
وهو صدوق سيّء الحفظ جدًا كما في "التقريب".
وقال البوصيري في"اتحاف الخيرة"(3/81):"رَوَاهُ مُسَدَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لِضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَقَدْ تَابِعُهُ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي صَالِحِ بْنِ حَيِّ".
ومتابعة ابن حي أخرجها ابن عدي في "الكامل" (3/ 89)من طريق عَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ، عن سفيان بن عيينة عنه.
وقال الغماري في "المداوي"(4/348) وهو يتعقب تضعيف المناوي للحديث:
"كلام الهيثمى لا يدل على أن الحديث غير صحيح، فإن ابن أبي ليلى المذكور فقيه عالم مجتهد، وإنما كان سئ الحفظ فوقعت المناكير في حديثه، وليس هذا الخبر مما يهم فيه الإنسان لقلة ألفاظه وصغر متنه، وأما داود بن على فهو ثقة أيضًا، قال عثمان الدارمى عن ابن معين: شيخ هاشمى إنما يحدث بحديث واحد، قال ابن عدى: أظن الحديث في عاشوراء، وقد روى غير هذا بضعة عشر حديثا، وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عدى: عندى أنه لا بأس بروايته عن أبيه عن جده، فهذا توثيق للرجلين يجعل الحديث حسنا، فإذا وجد له شاهد ارتفع إلى الصحيح، ولهذا الحديث شواهد متعددة يطول بذكرها الكتاب.
وأما قول الذهبى: ليس بحجة فمراده أنه ليس من أهل الرواية والإتقان لها ولا من أهل هذا الشان لأنه كان أميرًا حاكمًا كما ليس من شأنه الرواية، ولذلك عقب ذلك بقوله: قال ابن معين أرجو أنه لا يكذب، إنما يحدث بحديث واحد ثم ذكر الذهبى الحديث لا على أنه من منكراته، وإنما ذكره تبيينًا لما نص عليه ابن معين من أنه ليس له إلا حديث واحدٌ، ثم ذكر أحاديث أخرى مما استدركه ابن عدى، وبين أن ابن أبي ليلى توبع عليه عن داود، فقال: وروى الحسن بن حى عن داود نحوًا من هذا".
وقد صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قوله، لكن دون ذكر الحادي عشر، وله عنه طريقان:
الأول: يرويه ابن جريج أخبرني عطاء أنّه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر.
أخرجه عبد الرزاق (7839) عن ابن جريج به.
ومن طريقه أخرجه البيهقي (4/ 287) وفي "فضائل الأوقات" (242)
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 78) من طريق رَوح بن عبادة البصري ثنا ابن جريج به. وإسناده صحيح.
وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (مسند عمر 1/ 392) بإسناد صحيح عن أبي كُريب محمد بن العلاء الهَمْداني ثنا ابن عُيينة عن عمرو بن د
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد.
فقد انتشر في هذه الأيام فتاوى غريبة تنقل عبر شبكات التواصل تشكك الناس في ماجرت عليه فتوى علماء هذه البلاد -حرسها الله- الكبار من القول بجواز صيام يوم قبل و بعد يوم عاشوراء معه وأن هذا لا أصل له بل وبالغ بعضهم فعد صيام التاسع والعاشر والحادي عشر معاً من البدع المحدثة!
فأردت في هذه العجالة أن أبين خطأ هذا القول وتعسّف قائليه وإنكارهم لما قد صح به الدليل وقال به الراسخون، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً- متن الحديث الوارد في هذا ولفظه:
عن عبدالله بْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صُومُوا عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا».
وفي لفظ: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ؛ صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا».
وفي لفظ:« لَئِنْ بَقِيتُ لآمُرَنَّ بِصِيَامِ يَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ».
ثانياً- تخريجه ودراسة أسانيده:
أخرجه أحمد رقم(2154)، وابن خزيمة رقم(2095)، وابن عدي في "الكامل"(3/88)، وابن بشران في "أماليه" رقم(475) والبيهقي في "سنن الكبرى"(4/ 287)، وفي "فضائل الأوقات" رقم(243)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" رقم(1872)من طريق هشيم بن بشير.
والحميدي في "مسنده" رقم(485)-ومن طريقه البيهقي(4/287)- عن سفيان بن عيينة.
وابن عدي (3/ 89) من طريق الحارث بن النعمان بن سالم عن سفيان به.
والبزار في "مسنده" رقم(1052-كشف الاستار)عن عيسى.
والطبري في "تهذيب الآثار" (مسند عمر 1/ 387) والطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 78)من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحناط الصغير.
والطحاوي (2/ 78)من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى.
جميعهم (هشيم، وسفيان، وعيسى، وأبو شهاب، ومحمد بن عمران ) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس، فذكره.
وهو عندهم -إلَّا البزّار- بالتخيير. "صوموا قبله يومًا أو بعده ... ".
قال البزار: "قد رُوي عن ابن عباس من غير وجهٍ، ولا نعلم روى: (صوموا قبله يومًا أو بعده) إلَّا داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس، تفرّد بها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". أهـ.
وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 188 - 189): "وفيه محمد بن أبي ليلى، وفيه كلام". أهـ.
وهو صدوق سيّء الحفظ جدًا كما في "التقريب".
وقال البوصيري في"اتحاف الخيرة"(3/81):"رَوَاهُ مُسَدَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، لِضَعْفِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَقَدْ تَابِعُهُ عَلَيْهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي صَالِحِ بْنِ حَيِّ".
ومتابعة ابن حي أخرجها ابن عدي في "الكامل" (3/ 89)من طريق عَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ، عن سفيان بن عيينة عنه.
وقال الغماري في "المداوي"(4/348) وهو يتعقب تضعيف المناوي للحديث:
"كلام الهيثمى لا يدل على أن الحديث غير صحيح، فإن ابن أبي ليلى المذكور فقيه عالم مجتهد، وإنما كان سئ الحفظ فوقعت المناكير في حديثه، وليس هذا الخبر مما يهم فيه الإنسان لقلة ألفاظه وصغر متنه، وأما داود بن على فهو ثقة أيضًا، قال عثمان الدارمى عن ابن معين: شيخ هاشمى إنما يحدث بحديث واحد، قال ابن عدى: أظن الحديث في عاشوراء، وقد روى غير هذا بضعة عشر حديثا، وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن عدى: عندى أنه لا بأس بروايته عن أبيه عن جده، فهذا توثيق للرجلين يجعل الحديث حسنا، فإذا وجد له شاهد ارتفع إلى الصحيح، ولهذا الحديث شواهد متعددة يطول بذكرها الكتاب.
وأما قول الذهبى: ليس بحجة فمراده أنه ليس من أهل الرواية والإتقان لها ولا من أهل هذا الشان لأنه كان أميرًا حاكمًا كما ليس من شأنه الرواية، ولذلك عقب ذلك بقوله: قال ابن معين أرجو أنه لا يكذب، إنما يحدث بحديث واحد ثم ذكر الذهبى الحديث لا على أنه من منكراته، وإنما ذكره تبيينًا لما نص عليه ابن معين من أنه ليس له إلا حديث واحدٌ، ثم ذكر أحاديث أخرى مما استدركه ابن عدى، وبين أن ابن أبي ليلى توبع عليه عن داود، فقال: وروى الحسن بن حى عن داود نحوًا من هذا".
وقد صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قوله، لكن دون ذكر الحادي عشر، وله عنه طريقان:
الأول: يرويه ابن جريج أخبرني عطاء أنّه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر.
أخرجه عبد الرزاق (7839) عن ابن جريج به.
ومن طريقه أخرجه البيهقي (4/ 287) وفي "فضائل الأوقات" (242)
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 78) من طريق رَوح بن عبادة البصري ثنا ابن جريج به. وإسناده صحيح.
وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (مسند عمر 1/ 392) بإسناد صحيح عن أبي كُريب محمد بن العلاء الهَمْداني ثنا ابن عُيينة عن عمرو بن د
Forwarded from دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
ينار سمع عطاء يقول: سمعت ابن عباس يقول: فذكره.
الثاني: يرويه سفيان بن عيينة سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود.
أخرجه الشافعي كما في "التلخيص" (2/ 214) عن سفيان به.
وبالجملة فالحديث المرفوع حسن لغيره إن شاء الله ومثله يمشى ويرخص فيه؛ لأنه وارد في الفضائل.
ثالثاً: من فوائده ومسائله:
قال الإمام أحمد: "من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك" [" المغني " (4/441)].
فتبين بهذا أنه لا يصح وصف صيام الأيام الثلاثة بأنه لا أصل له.
وأما من فاته صيام اليوم التاسع، فإن صام العاشر وحده، فلا حرج في ذلك، ولا يكون ذلك مكروهاً، وإن ضم إليه صيام الحادي عشر فهو أفضل.
قال المرداوي في "الإنصاف" (3/346):
"لا يكره إفراد العاشر بالصيام على الصحيح من المذهب، ووافق الشيخ تقي الدين [ابن تيمية] أنه لا يكره".
وقال ابن رجب في "اللطائف"(ص51):"جاء في رواية: "أو بعده" فإما أن تكون "أو" للتخير أو يكون شكا من الراوي: هل قال قبله أو بعده وروي هذا الحديث بلفظ آخر وهو: "لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده" يعني عاشوراء وفي رواية أخرى: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ولآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده" يعني عاشوراء أخرجهما الحافظ أبو موسى المديني.
وقد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر قال الإمام أحمد أنا أذهب إليه..وممن رأى صيام التاسع والعاشر: الشافعي رضي الله عنه وأحمد واسحاق، وكره أبو حنيفة إفراد العاشر بالصوم".
قال السيخ ابن باز -رحمه الله- كما في "فتاوى نور على الدرب"(16/399):
"صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من محرم سنة، ويستحب أن يصوم قبله يومًا، أو بعده يومًا، أو يصوم الثلاثة جميعًا: التاسع والعاشر والحادي عشر".
والله أعلم وهو الموفق والمعين.
كتبه/ د.خالد بن قاسم الردادي
-------------------------------------------------------
رابط المدونة:
http://kraddrdd2.blogspot.com/?m=1
رابط الصفحة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/kradd2/
قناة الدكتور خالد بن قاسم الردادي على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
الثاني: يرويه سفيان بن عيينة سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود.
أخرجه الشافعي كما في "التلخيص" (2/ 214) عن سفيان به.
وبالجملة فالحديث المرفوع حسن لغيره إن شاء الله ومثله يمشى ويرخص فيه؛ لأنه وارد في الفضائل.
ثالثاً: من فوائده ومسائله:
قال الإمام أحمد: "من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك" [" المغني " (4/441)].
فتبين بهذا أنه لا يصح وصف صيام الأيام الثلاثة بأنه لا أصل له.
وأما من فاته صيام اليوم التاسع، فإن صام العاشر وحده، فلا حرج في ذلك، ولا يكون ذلك مكروهاً، وإن ضم إليه صيام الحادي عشر فهو أفضل.
قال المرداوي في "الإنصاف" (3/346):
"لا يكره إفراد العاشر بالصيام على الصحيح من المذهب، ووافق الشيخ تقي الدين [ابن تيمية] أنه لا يكره".
وقال ابن رجب في "اللطائف"(ص51):"جاء في رواية: "أو بعده" فإما أن تكون "أو" للتخير أو يكون شكا من الراوي: هل قال قبله أو بعده وروي هذا الحديث بلفظ آخر وهو: "لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده" يعني عاشوراء وفي رواية أخرى: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ولآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده" يعني عاشوراء أخرجهما الحافظ أبو موسى المديني.
وقد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر قال الإمام أحمد أنا أذهب إليه..وممن رأى صيام التاسع والعاشر: الشافعي رضي الله عنه وأحمد واسحاق، وكره أبو حنيفة إفراد العاشر بالصوم".
قال السيخ ابن باز -رحمه الله- كما في "فتاوى نور على الدرب"(16/399):
"صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من محرم سنة، ويستحب أن يصوم قبله يومًا، أو بعده يومًا، أو يصوم الثلاثة جميعًا: التاسع والعاشر والحادي عشر".
والله أعلم وهو الموفق والمعين.
كتبه/ د.خالد بن قاسم الردادي
-------------------------------------------------------
رابط المدونة:
http://kraddrdd2.blogspot.com/?m=1
رابط الصفحة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/kradd2/
قناة الدكتور خالد بن قاسم الردادي على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
Telegram
دروس ومحاضرات وفوائد الدكتور خالد بن قاسم الردادي
قناة علمية لنشر دروس و مقالات و كتب و فوائد د. خالد بن قاسم الردادي و تحت إشرافه حفظه الله