ما زلت منذ وعيتُ كأنما أُفرغ في قلبي هذا قلوب الناس بتوجعي لهم وحناني عليهم، وكأنما أعيش في هذه الأرض عیش من وضع رجلاً في الدنيا ورجلا في الآخرة؛ أحفظ الله في خلقه لأني أحفظ في نفسي الرحمة لهم وإن كان فيهم من يُشبه في التلفف على دواهِيهِ بابا مقفلا على مغارة مظلمة في ليل دامس ... وأتّقى طائلة قلوبهم وألبسهم على تفصيلهم قصاراً أو طوالاً كما خرجوا من شقَّي المِقَصّ المجتمعين من الليل والنهار تحت مسمار الشمس، وأُصدِرهم من نفسي مَصدراً واحداً لأني أعلم أن ميزان الله الذي يَشيل ويَرْجح بالخفيف والثقيل ليس في يدي فلا استخفُّ ولا استثقل، وأعرف أن الفضيلة ليست شيئاً في نفسها وإنما هي بالاعتبار فلا أدري إن كانت عند الله في فلان الذي يحقِّر الناس أو فلان الذي يحقِّره الناس. وليس من طبعي أن أتصفّح على الخلق فإن من وضع نفسه هذا الموضع هلك بالناس ولا يَحيَوْن به وتعقَّدوا في صدره كما يتعقد الماء العذب بالغُصَص المؤلمة، ورَموْه بذنوبهم من حيث لا يُمَحِّصُ عنهم شيئاً وقد خلقهم من عَلِمُهمْ كيف يجيئون وكيف يذهبون؛ وما تَقذِفُ بطون الأمهات في هذه الأرض إلا تواريخ كُتبت في الأزل كما قدّر الله ولما قضاة فمن استقامَ فعلى الخطِّ الذي امتد له، ومن زاغَ فللدائرة التي انحرف به محيطها المائل من طَرَفيه إن سَفَل وإن علا.
رسائل الأحزان 🌷
رسائل الأحزان 🌷
يا هَمَّ مَن يُحِسُ ويَعرِفُ ويَرَى كيف يَموتُ العَزيزُ عليه، وكيف يَتَحَوَّلُ مَن يُحِبُّهُ إلى ذِكرَى!!
[المساكين]
[المساكين]
رأيتُ أزواجَ النَّبِيِّ ﷺ فَقيراتٍ مَقتورًا عليهِنَّ الرِّزقُ، غَيرَ أنَّ كُلًّا مِنهُنَّ تَعيشُ بمعاني قَلبِها المُؤمِنِ القَويّ، في دارٍ صَغيرةٍ فَرَشَتْها الأرضُ؛ ولكِنَّها من معاني ذلك القَلبِ كأنَّها سَماءٌ صَغيرةٌ مُختَبِئَةٌ بين أربعةِ جُدران. إنَّهُنَّ لم يَبتَعِدنَ عن الغِنَى إلا ليَبعُدنَ عن حَماقَةِ الدُّنيا التي لا تَكونُ إلا في الغِنَى.
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
ورأيتُهُنَّ في دُورِهِنَّ يُقاسِينَ الحَياة، ويُعانِينَ من الرِّزقِ ما شَحِّ دَرُّهُ فلا يَجِيءُ إلا كالقَطرَةِ بعد القَطرَةِ، وهُنَّ على ذلك، ما واحِدَةٌ مِنهُنَّ إلا هي مَلِكَةٌ من مَلِكاتِ الآدَمِيَّةِ كُلِّها، وما فَقرُهُنَّ إلا كِبرياءُ الجَنَّةِ نَظَرَتْ إلى الأرضِ فقالت: لا …!
يُجاهِدْنَ مُجاهَدَةَ كُلِّ شَريفٍ عَظيمِ النَّفس، هَمُّهُ أن يكونَ الشَّرَفُ أو لا يكونُ شَيءٌ؛ ويرى الغافِلُ أنَّ مِثْلَهُنَّ هالِكاتٌ في تَعَبِ الجِهاد، ويَعلَمنَ من أنفُسِهِنَّ غَيرَ ما يري ذلك المِسكين؛ يَعلَمنَ أنَّ ذلك التَّعَبَ هو لَذَّةُ النَّصرِ بعَينِها.
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
يُجاهِدْنَ مُجاهَدَةَ كُلِّ شَريفٍ عَظيمِ النَّفس، هَمُّهُ أن يكونَ الشَّرَفُ أو لا يكونُ شَيءٌ؛ ويرى الغافِلُ أنَّ مِثْلَهُنَّ هالِكاتٌ في تَعَبِ الجِهاد، ويَعلَمنَ من أنفُسِهِنَّ غَيرَ ما يري ذلك المِسكين؛ يَعلَمنَ أنَّ ذلك التَّعَبَ هو لَذَّةُ النَّصرِ بعَينِها.
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
ألا كَم من قَصرٍ هو في مَعناهُ مَقبَرَةٌ، ليس فيها من هؤلاء الأغنياء، رِجالِهِم ونِسائِهِم، إلا جِيَفٌ يُبلِي بعضُها بعضًا!.
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
ينظر الرجل إلى المرأة في حبه إياها بعينٍ غير العين التي تنظر بها إليه في حبها إياه، فهو يراها أداته الخاصة به التي لا حق لإنسان غيره في التمتع بها بوجهٍ من الوجوه، ويرى أن حقًّا عليها أن تختصه بجميع مزاياها وصفاتها، فلا تقع على حسنها عينٌ غير عينه، ولا تسمع رنة صوتها أذنٌ غير أذنه، ولا يشعر بروعة جمالها قلبٌ غير قلبه، فيغار عليها من النظرة واللفتة، وكلمة الاستحسان، وبسمة الإعجاب، ويخيل إليه أن الناظرين إليها والمحتفلين بها والمتحدثين بأحاديث حسنها وجمالها إنما هم قومٌ جناةٌ متلصصون قد مدوا أيديهم إلى خزانة ذخائره التي يملكها وحده من دون الناس جميعًا، فاختلسوا من جواهرها جوهرةً لا حق لهم فيها، وفازوا بها من دونه، فيُلِمُّ بنفسه من الألم والامتعاض ما يلم بنفس الشحيح المختل إذا رأى السابلة تفر من حر الهاجرة إلى جدران داره لتستذري بظلالها ساعة من الزمان، وإن لم يضره ذلك شيئًا، وقد يكون من أشهى الأشياء إلى نفسه وأعجبها إليه أن يرى الناس قد أجمعوا رأيهم على استقباحها والزراية عليها ووصفها بأقبح الصفات وأشنعها، وأنها قد أصبحت في نظرهم ضحكة الضاحكين، وآية السائلين، حتى يكون جمالها سرًّا من الأسرار الخفية، لا تراه عينٌ غير عينه، ولا يبلغ صميمه نفسٌ غير نفسه. ( نظرة أهل النخوة والغيرة لا الدياثة )
أما المرأة فتنظر إلى الرجل الذي تحبه نظرها إلى حليتها التي تلبسها وتعتز بها وتدل بمكانها على أترابها ونظائرها، فلا أوقع في نفسها ولا أشهى إلى قلبها من أن تسمع الرجال يقولون عنه إنه رجل عظيم، والنساء يقلن عنه إنه فتى جميل، فهي تحبه لخيلائها وكبريائها أكثر مما تحبه للذاتها وشهواتها، وترى في إعجاب المعجبين به وافتنان المفتتنات بحسنه وجماله اعترافًا منهم بحسن حظها وسطوع نجمها، واكتمال أسباب سعادتها وهنائها، وهذا كل ما يعنيها من شئون حياتها.
المنفلوطي
أما المرأة فتنظر إلى الرجل الذي تحبه نظرها إلى حليتها التي تلبسها وتعتز بها وتدل بمكانها على أترابها ونظائرها، فلا أوقع في نفسها ولا أشهى إلى قلبها من أن تسمع الرجال يقولون عنه إنه رجل عظيم، والنساء يقلن عنه إنه فتى جميل، فهي تحبه لخيلائها وكبريائها أكثر مما تحبه للذاتها وشهواتها، وترى في إعجاب المعجبين به وافتنان المفتتنات بحسنه وجماله اعترافًا منهم بحسن حظها وسطوع نجمها، واكتمال أسباب سعادتها وهنائها، وهذا كل ما يعنيها من شئون حياتها.
المنفلوطي
Forwarded from كُنَّاشَة الدَرعَمِيِّ
بائس أنا، كمن أُطفئ السعي في قلبه، فما عاد يرى في الحياة إلا عبثًا متكررًا ينهش روحه. أحمل بين جنبيَّ قلبًا مثقلًا، نبضاته أصداء أوجاعٍ لا تهدأ، ونظراتي تائهة في فضاءٍ لا يُجيب.
بائس أنا، أعيش كمن يسير على طريقٍ ممتد، لا يعرف إن كان له نهاية أم أنه وهمٌ صنعه الخيال. كلما رفعت رأسي للسماء، وجدتها ملبدة بغيومٍ ثقيلة، كأنها تعكس ما يعتمل داخلي من كدر.
ورغم ذلك، أتساءل: هل هذا البؤس إلا بوابة لوعيٍ أعمق؟ ألم يقل المنفلوطي إن "الآلام هي أقداح السم التي تُمزج في خمرة السعادة، فمن لم يذق طعمها، لم يعرف لذة السعادة الحقيقية"؟ ربما بؤسي هذا دربٌ إلى ضوءٍ خفي، ينتظرني إذا ما قاومت الانطفاء.
#كناشة_الدرعمي
بائس أنا، أعيش كمن يسير على طريقٍ ممتد، لا يعرف إن كان له نهاية أم أنه وهمٌ صنعه الخيال. كلما رفعت رأسي للسماء، وجدتها ملبدة بغيومٍ ثقيلة، كأنها تعكس ما يعتمل داخلي من كدر.
ورغم ذلك، أتساءل: هل هذا البؤس إلا بوابة لوعيٍ أعمق؟ ألم يقل المنفلوطي إن "الآلام هي أقداح السم التي تُمزج في خمرة السعادة، فمن لم يذق طعمها، لم يعرف لذة السعادة الحقيقية"؟ ربما بؤسي هذا دربٌ إلى ضوءٍ خفي، ينتظرني إذا ما قاومت الانطفاء.
#كناشة_الدرعمي
أرأيتَ إذا كان الإيمانُ قد وُلِدَ ونشأ وتَرَعرَعَ في قَلبِ المَرأةِ، ألا يكونُ هو طِفلَ قَلبِها؟.
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
"لمن يبحث عن عبق الكلمات وصدق المعاني..."
انضم إلى قناة مصطفى لطفي المنفلوطي، حيث الأدب الراقي، واللغة التي تلامس الروح، والمعاني التي تجسد أعمق المشاعر الإنسانية.
لماذا قناتنا؟
تجد فيها مقالات المنفلوطي التي تنبض بالحكمة والجمال.
اقتباسات مختارة تُحيي في نفسك حب الأدب واللغة.
رحلات بين سطور كتبه: "النظرات"، "العبرات"، وغيرها، لتعيش مع كل حرف تجربة فريدة.
دع الأدب يروي عطشك للمعرفة، ويرتقي بروحك فوق هموم الحياة.
اشترك الآن، وكن جزءًا من هذا الإرث الأدبي الذي لا يُنسى.
https://www.tg-me.com/+VOmNHtkZrTUcmY7l
انضم إلى قناة مصطفى لطفي المنفلوطي، حيث الأدب الراقي، واللغة التي تلامس الروح، والمعاني التي تجسد أعمق المشاعر الإنسانية.
لماذا قناتنا؟
تجد فيها مقالات المنفلوطي التي تنبض بالحكمة والجمال.
اقتباسات مختارة تُحيي في نفسك حب الأدب واللغة.
رحلات بين سطور كتبه: "النظرات"، "العبرات"، وغيرها، لتعيش مع كل حرف تجربة فريدة.
دع الأدب يروي عطشك للمعرفة، ويرتقي بروحك فوق هموم الحياة.
اشترك الآن، وكن جزءًا من هذا الإرث الأدبي الذي لا يُنسى.
https://www.tg-me.com/+VOmNHtkZrTUcmY7l
Telegram
مصطفى لطفي المنفلوطي
📖
إنَّ نَفسَ الأُنثَى لرَجُلٍ واِحدٍ؛ لزَوجِها وَحدَه.
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
[ذيلُ القصَّة وفلسفةُ المال || وحي القلم]
ولقد تَزَوَّجَ رسولُ اللهِ ﷺ بَعضَ نِسائِهِ على عشرةِ دَراهِمَ وأثاثِ بَيتٍ، وكان الأثاثُ: رحَى يَدٍ، وجَرَّةَ ماءٍ، ووِسادَةً من أدمٍ حَشْوُها ليف، وأَوْلَمَ على بعضِ نِسائِهِ بمُدَّينِ من شَعير، وعلى أُخرَى بمُدَّينِ من تَمرٍ ومُدَّينِ من سَوِيق. وما كان به ﷺ الفَقرُ، ولكِنَّهُ يُشَرِّعُ بسُنَّتِهِ ليُعَلِّمَ الناسَ من عَمَلِهِ أنَّ المَرأةَ للرَّجُلِ نَفسٌ لنَفسٍ، لا مَتاعٌ لشارِيهِ؛ والمَتاعُ يُقَوَّمُ بما بُذِلَ فيه إنْ غالِيًا وإنْ رَخيصًا، ولكِنَّ الرَّجُلَ يُقَوَّمُ عند المَرأةِ بما يكونُ منه؛ فمَهرُها الصَّحيحُ ليس هذا الذي تأخُذُهُ قبل أن تُحمَلَ إلى دارِه، ولكِنَّهُ الذي تَجِدُهُ منه بعد أن تُحمَلَ إلى دارِه؛ مَهرُها مُعامَلَتُها، تأخُذُ منه يومًا فيومًا، فلا تَزالُ بذلك َعروسًا على نفسِ رَجُلِها ما دامَتْ في مُعاشَرَتِه. أمّا ذلك الصَّداقُ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، فهو صَداقُ العَروسِ الدَّاخِلَةِ على الجِسمِ لا على النَّفس؛ أفلا تَراهُ كالجِسمِ يَهلَكُ ويَبلَى؟ أفلا تَرَى هذه الغالِيَةُ — إن لم تَجِدِ النَّفسَ في رَجُلِها — قد تكونُ عَروسَ اليومِ ومُطَلَّقَةَ الغَدِ؟!.
[قصَّةُ زواجٍ وفلسفةُ المَهْر || وحي القلم]
[قصَّةُ زواجٍ وفلسفةُ المَهْر || وحي القلم]
وما لي أراكَ مُتَيَبِّسًا كالمَيِّتِ في قَبرِهِ غَيرَ أنَّكَ لم تَمُتْ؟
وما لكَ أُعطِيتَ الحَياةَ غَيرَ أنَّكَ لم تَحيَ؟.
[حديثُ قِطَّين || وحي القلم]
وما لكَ أُعطِيتَ الحَياةَ غَيرَ أنَّكَ لم تَحيَ؟.
[حديثُ قِطَّين || وحي القلم]
والسَّعادَةُ والشَّقاءُ كالحَقِّ والباطِل، كُلُّها من قِبَلِ الذَّات، لا من قِبَلِ الأسبابِ والعِلَلِ، فمَن جاراها سَعِدَ بها، وَمن عَكَسَها عن مَجراها فبِها يَشقَى.
[حديثُ قِطَّين || وحي القلم]
[حديثُ قِطَّين || وحي القلم]
-
وأَتغافل عنها أيامًا؛ وطال ذلك مِني وشق عليها، وكأني صغرتُ إليها نفسها، وأرهقتها بمعنى الخُضوع، بيدُ أن كِبرياءها التي أَبتْ لها أن تُقدِمَ، أبت عليها كذلك أن تنهزم.
#وحي_القلم🍒
وأَتغافل عنها أيامًا؛ وطال ذلك مِني وشق عليها، وكأني صغرتُ إليها نفسها، وأرهقتها بمعنى الخُضوع، بيدُ أن كِبرياءها التي أَبتْ لها أن تُقدِمَ، أبت عليها كذلك أن تنهزم.
#وحي_القلم🍒
Forwarded from كُنَّاشَة الدَرعَمِيِّ
اغرورقتْ عينا رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالدموعِ وهو يُقلِّبُ بيديهِ قلادةً جاءتْ بها ابنتُهُ زينبُ، بعدَ وفاةِ أمِها خديجةَ!! يا عجبًا: أقلادةٌ تُبكيكَ يا رسولَ اللهِ؟!
نعمْ إنها الرقةُ والرقيُ والوفاءُ؛ فلقدْ أيقظتْ تلكَ القلادةُ في فؤادهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكرياتٍ لتلكَ الإنسانةِ العظيمةِ التي ملكتْ عليهِ قلبَه ووجدانَه قبلَ أن ترحلَ من الدنيا، إنها قلادةُ زوجتهِ الحبيبةِ المحبةِ الوفيةِ خديجةَ بنتِ خويلدٍ.
وتَذكَّرَ وهو يُقلِّبُ القلادةَ ذلكَ اليومَ الذي خلعتْ به تلكَ الإنسانةُ قلادتَها من عنقِها؛ لكي تُلبِسَها لابنتِها زينبَ يومَ زواجِها، وابتسامتُها ترتسمُ على مُحياها، لِتنعكسَ تلكَ الابتسامةُ في عينَي أبِيها رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي عاشَ طفولتَه يتيمًا عائلاً، فآنسَه اللهُ وأغناهُ منذُ زواجهِ بخديجة.
إنها قلادةُ المرأةِ التي أحبتْهُ وواستْهُ بمالهِا وروحِها، وصبَّرتهُ وزمَّلتهُ برداءٍ؛ لتُهدِّئَ من رَوعهِ، يومَ جاءهُ جبريلُ بالوحيِ لأولِ مرةٍ، وكانت تصعدُ جبالَ مكةَ الشاهقةَ لتضعَ طعامَه وشرابَه في غارِ حراءٍ، ثم تتركَهُ هانئًا بخلوتهِ مع ربهِ.
إن مواقفَ خديجةَ لَمَواقفُ وفاءٍ عظيمةٌ، لكنَّ العَظَمةَ من لَدُنْ ذِي الخُلقِ العظيمِ لَتَتَجلَّى بأبهى صورِها؛ حيثُ الوفاءُ التامُّ، حين يُعلنُ للملأِ حبَّها دونَ خجلٍ أو كبرياءٍ -وحاشاهُ-، فيقولُ عن خديجةَ: "إني رُزِقتُ حُبَّها".
ولقد كانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعاهَدُ صديقاتِها بعدَ موتِها. وربما ذبحَ الشاةَ، فيُقطِّعُها، ثم يبعثُ بها إليهن، فيترحَّموُنَ عليها.
ومرةً –وهذهِ الأعجبُ- حيثُ استأذنتْ أختُها هالةُ بنتُ خويلدٍ على رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدَ وفاةِ خديجةَ، فعرفَ استئذانَ خديجةَ؛ لشَبَهِ الصوتِ بينهن، فتَذَكَّرَ خديجةَ فارتاعَ، ثم ارتاحَ للصوتِ: فقالَ: "اللهم هالة"؛ لأنهُ تَذكَّرَ أيامًا سابقة، كانَ عيشُهُ معها –رضوان الله عليها-.
لقد بلغَ من كثرةِ ذِكْرهِ لخديجةَ أن غارتْ منها عائشةُ -رضيَ اللهُ عنهنَ- حتى قالت: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ؟! مع أن خديجةَ ماتتْ قبلَ أن يتزوجَ عائشةَ بثلاثِ سنينَ.
إنه رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القدوةُ الحسنةُ، الذي كانَ قولُهُ جليلاً وفعلُهُ جميلاً، فهوَ القائلُ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"
فيا أيُها الأزواجُ والزوجاتُ: إن رأيتمْ من أزواجِكم شيئاً من وفاءٍ فلْتَحْمَدُوا الله، ولتُقابِلوا الوفاءَ بالوفاءِ، ولتشكُرُوا لبعضِكم بالثناءِ، ولا تكونُوا صامتينَ بلا مشاعرَ، فالزواجُ سَكَنٌ، جدرانُه المودةُ، وسقفُهُ الرحمةُ، وتفكرُوا في قولِ ربِنا: (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
#كناشة_الدرعمي
نعمْ إنها الرقةُ والرقيُ والوفاءُ؛ فلقدْ أيقظتْ تلكَ القلادةُ في فؤادهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكرياتٍ لتلكَ الإنسانةِ العظيمةِ التي ملكتْ عليهِ قلبَه ووجدانَه قبلَ أن ترحلَ من الدنيا، إنها قلادةُ زوجتهِ الحبيبةِ المحبةِ الوفيةِ خديجةَ بنتِ خويلدٍ.
وتَذكَّرَ وهو يُقلِّبُ القلادةَ ذلكَ اليومَ الذي خلعتْ به تلكَ الإنسانةُ قلادتَها من عنقِها؛ لكي تُلبِسَها لابنتِها زينبَ يومَ زواجِها، وابتسامتُها ترتسمُ على مُحياها، لِتنعكسَ تلكَ الابتسامةُ في عينَي أبِيها رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي عاشَ طفولتَه يتيمًا عائلاً، فآنسَه اللهُ وأغناهُ منذُ زواجهِ بخديجة.
إنها قلادةُ المرأةِ التي أحبتْهُ وواستْهُ بمالهِا وروحِها، وصبَّرتهُ وزمَّلتهُ برداءٍ؛ لتُهدِّئَ من رَوعهِ، يومَ جاءهُ جبريلُ بالوحيِ لأولِ مرةٍ، وكانت تصعدُ جبالَ مكةَ الشاهقةَ لتضعَ طعامَه وشرابَه في غارِ حراءٍ، ثم تتركَهُ هانئًا بخلوتهِ مع ربهِ.
إن مواقفَ خديجةَ لَمَواقفُ وفاءٍ عظيمةٌ، لكنَّ العَظَمةَ من لَدُنْ ذِي الخُلقِ العظيمِ لَتَتَجلَّى بأبهى صورِها؛ حيثُ الوفاءُ التامُّ، حين يُعلنُ للملأِ حبَّها دونَ خجلٍ أو كبرياءٍ -وحاشاهُ-، فيقولُ عن خديجةَ: "إني رُزِقتُ حُبَّها".
ولقد كانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعاهَدُ صديقاتِها بعدَ موتِها. وربما ذبحَ الشاةَ، فيُقطِّعُها، ثم يبعثُ بها إليهن، فيترحَّموُنَ عليها.
ومرةً –وهذهِ الأعجبُ- حيثُ استأذنتْ أختُها هالةُ بنتُ خويلدٍ على رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدَ وفاةِ خديجةَ، فعرفَ استئذانَ خديجةَ؛ لشَبَهِ الصوتِ بينهن، فتَذَكَّرَ خديجةَ فارتاعَ، ثم ارتاحَ للصوتِ: فقالَ: "اللهم هالة"؛ لأنهُ تَذكَّرَ أيامًا سابقة، كانَ عيشُهُ معها –رضوان الله عليها-.
لقد بلغَ من كثرةِ ذِكْرهِ لخديجةَ أن غارتْ منها عائشةُ -رضيَ اللهُ عنهنَ- حتى قالت: كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ؟! مع أن خديجةَ ماتتْ قبلَ أن يتزوجَ عائشةَ بثلاثِ سنينَ.
إنه رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القدوةُ الحسنةُ، الذي كانَ قولُهُ جليلاً وفعلُهُ جميلاً، فهوَ القائلُ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي"
فيا أيُها الأزواجُ والزوجاتُ: إن رأيتمْ من أزواجِكم شيئاً من وفاءٍ فلْتَحْمَدُوا الله، ولتُقابِلوا الوفاءَ بالوفاءِ، ولتشكُرُوا لبعضِكم بالثناءِ، ولا تكونُوا صامتينَ بلا مشاعرَ، فالزواجُ سَكَنٌ، جدرانُه المودةُ، وسقفُهُ الرحمةُ، وتفكرُوا في قولِ ربِنا: (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
#كناشة_الدرعمي
لا يُريدون أبَدًا أن تُسَمَّى الغَلطَةُ باسمِها، فإذا أخطأوا فلا تَقُولَنَّ أخطأوا، ولكِنْ قُل: إنَّهُ صَوابٌ جديد.
[تحت راية القرآن]
[تحت راية القرآن]
فَلْسَفَتِي أنَّ الكِبْرِياءَ على المُتَكَبِّرِين هو أَعلَى التَّواضُع.
[كلمة وكليمة]
[كلمة وكليمة]
فمَن أرادَ أن يَسمو بالحُبِّ فلْيَضَعهُ في نفسِه بين شَيئين: الخُلق الرفيع، والحِكمة الناضجة؛ فإن لم يَستطِع فلا أقلَّ من شيئين: الحلال، والحرام.
[القلب المسكين (٥) || وحي القلم]
[القلب المسكين (٥) || وحي القلم]
أنتَ عَجَزتَ أيّها الإنسانُ فأيقَنتَ أنَّكَ لا تَستطِيعُ أنْ تُغَيِّرَ أطوارَ الدُّنيا، ولكِنْ كيفَ نَسِيتَ الذي يَستطِيعُ أن يُغيِّرَها وهو يُغيِّرُها كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ؟
[كلمة وكليمة]
[كلمة وكليمة]