نص قرأته قبل قليل منشورا من أحد الإخوة يصلح الاستشهاد به هنا

صباحٌ واحدٌ نقي يكفيني لأستعيد قوتي، مهما اكتنفه من وحشة الليالي وشدة حَرِّ الهواجر!

حسابات تأتي بالعافية وتعمر قلب الناظر فيها وعقله..
وحسابات أخرى فيها السم الزعاف
ونحن نزعم أننا ننتقي..
ونعثر في طريقنا بالكثير من الرذائل والقبائح.
هكذا هي وسائل التواصل
يمضي الحريص فيها بين الخوف والرجاء

فمنا النائي عنها السالم منها الذي حُرم خيرها وشرها!
ومنا الناجي المخدوش..
ومنا المُكبّ فيها على وجهه، يُسَرّ بما فيها وإن كان فيه هلاكه!

نسأل الله لنا ولكم العافية.

‏إننا نحاول أن نرمّم بالكتابة ما تُهدِّمه منا الحياة.

‏من أبأَسِ الناس، وإن كان لا يعلم ولا يحس ببؤسِه:

‏المتصالح مع تناقضاته!

‏ذلك الذي يفعل الشيء ونقيضه وهو مسرور
‏مثلا يدعو للفضيلة في الظاهر
‏وينغمس في الرذيلة في الباطن
‏بلا حزن على حاله ولا تأنيب ضمير ولا حرص على الإصلاح.

يا له من مجلس يليق بليالي الشتاء الطويلة الباردة

ألا ليتنا كنا هنا، مع ثلة من أصفياء الروح وندماء الأدب والحكمة:
"فنلنا سِقاطاً من حديثٍ كأنه
جنى النحلِ أو أبكار كرمٍ يُقَطّفُ".

أيها الكاتب
إذا شعرت أنك أصبحت تتكرر ، وأن التكرار في نتاجك وفيما يجول في نفسك من خواطر يغلب على الإبداع والتجدد، فاعلم أن مرحلةً من رحلتك الكتابية قد انقضَت، وأن شيئاً ما تغيّر.. إما في نفسك، وإما في جهدك المعرفي وقراءاتك.. أو أن الطاقة الإبداعية لمخزونك المعرفي قد نفِدت فهي بحاجةٍ إلى الإنقاذ!
التكرار ناقوس خطر، أو لنستعمل عبارة ألطف وأكثر أملاً: التكرار "فرصة" للنظر في المسيرة وتصحيح المسار وتطوير الملَكة وإجراء بعض التغييرات المهمة.
كل هذا الكلام هو عن غلبة التكرار على نتاج الكاتب، لا عن مجرد حصول التكرار فهو أمر لا بد منه.

أَخَفُّ الناسِ حِملاً أَسلَمُهم قلبا.

‏فرحة أهل⁧ غزة بالدنيا كلها..
‏بعد كل ما حدث:
‏ها هي غزة تتنفس..

‏اللهم تمم أفراحهم واجبر قلوبهم وأخلف عليهم خيرا.

حصار عكا ٥٨٧هـ
حرب غزة ١٤٤٧هـ
هل هناك أوجُهُ شبَهٍ بين الحدثين؟

من التوافق العجيب المدخل على نفسي الأنس والاستبشار أنني قرأت في هذين اليومين الفائتين عن حصار عكا، من هذا الكتاب الرائع (صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس)، تأليف ستانلي لين بول، وترجمة الصديق د. علاء مصري النهر ، فوافق قراءتي الإعلانُ عن وقف إطلاق النار في غـزة، فشعرت بتشابهٍ بين الحدَثين في كثير من جوانبهما، كان ذلك الحصار بعد عامين من فتح بيت المقدس، التي فُتحت عام ٥٨٣هـ، وكان القائد المظفّر صلاح الدين -رحمه الله- مشغولاً باستكمال تحرير المدن من أيدي الصليبيين، فاستغل الصليبيون ذلك وجمعوا فلولهم المنهزمة وبدؤوا حصار عكا عام ٥٨٥هـ واستمر الحصار والقصف قرابة سنتين، حتى عام ٥٨٧هـ، إذ تأَلَّبَ عليهم الكفار الصليبيون من كل مكان، وضاق الخِناقُ أكثر على المسلمين بحضور مددٍ عظيم من الصليبيين بقيادة ملك فرنسا: فيليب، وملك إنجلترا الداهية ريتشارد قلب الأسد، وكان ثباتُ المسلمين فيها عجيباً بشهادة الغزاة الصليبيين أنفسهم.. وحاول صلاح الدين كسرَ الحصار من خلف صفوف القوات الصليبية المحاصِرة للمدينة، فاستبسلَ هو وجنوده أيما استبسال، لكن قضى الله أن تستسلم المدينة تحت ضغط الحصار والقصف، دون إذن السلطان صلاح الدين، فاستُبيحت المدينة بشروط مُذلّة، إلا أن عزة المسلم لا تفارقه مهما كان حجم الخسائر وفداحتها.. كما نرى الآن وجوه أهل غـزة تفيض بِشراً وكرامةً رغم كل ما حصل لهم من الأحداث الهائلة..

فإليك هذا النص الذي نقله المؤلف عن كتاب (صليبية رتشارد)، يصف فيه جموعَ المسلمين - وهم الذين يسميهم هذا الكاتب الغربي "الترك" كما يسميهم كثير من المؤرخين الغربيين، وإن كانوا من العرب ومن غيرهم من أعراق المسلمين- ، يقول هذا الكاتب الصليبي:

" في ذلك اليوم وعندما بدأ هؤلاء الترك المشهورون بالبسالة العجيبة والبراعة في القتال يتنقلون فوق الأسوار قبل مُغادَرَتهم فى أبهى زينة، كان رجالنا يُحدقون فيهم بفضول مُفرط. ودهشوا لرؤية مظاهر البِشر على وُجُوه الرجال الذين كانوا يخرجون من مدينتهم وهم أقرب إلى الإفلاس، وأرغمتهم الضرورة القصوى على التضرع لطلب العون، لم تظهر عليهم أدنى إشارات الأسى لفقدانهم كُلّ ما ملكوه، وبدوا بتماسكهم وجلدهم الذي ظهر على محياهم أنهم هم المنتصرون..".

قد يكون من العقاب على المعصية: فقدان الإحساس بالتفريط وموت الضمير الحيّ المؤنّب على التقصير.

‏"أنا شخصياً…"

‏"فعلياً"

‏"حرفياً"

‏هذه مؤكِّدات مُستحدَثة في اللغة، أراها تُشوِّه الكلام ولا تُضيف له شيئا، وهي في الغالب متأثرة بترجمات ضعيفة من مترجمين لم يعرفوا العربية حق المعرفة، ولم يعانقوا روائعها.

من أعظم النعم أن يُطيّب الله نفسَك.. فتذوق هناءة العَيش وتحسُن عاقبتُك.

توكل على العزيز الرحيم وأصلح ما بينك وبينه وحسِّن ظنك بإخوانك وأحبب لهم ما تحب لنفسك وادعُ لهم بظهر الغيب= تطِبْ نفسُك وتكُن ممن يأتي ربه بقلب سليم.

الذي يبغضني لن تُجدي معه مسوِّغاتي، والذي يحبني لا يحتاج إليها!

‏ويا رب اجعل خاطرَ الحلم والصبر والاحتساب أسرع إلى نفوسنا من خاطر الغضب والسخط والانتقام..
‏ولا تجعل لسيئ الأخلاق إلينا سبيلا.

العودة من القراءة إلى الواقع تُشبه الإفاقة من حُلُمٍ جميل.. إنها تُعيد نشاطَ الروح، وتُقبِل بها على الحياة، وتُجدِّد نظرها إلى الأشياء.

‏أُعيذ نفسي وإياك أن نزهد في خيرٍ لِإلفِه وكثرةِ سَماعِه.. ما أكثر أمثال هذا الحديث العظيم التي تمرّ بنا ونُذكَّر بها دون أن نقدرها قدرها ونعمل بها!

ما قرأتُ لعالم عالج أدواء النفوس الخفيّة، وكانت كلماته كالبلسم على الجراح، وكالنور الساطع في ليل الشهوات والشبهات البهيم= كابن قيّم الجوزية رحمه الله

الله ما أجمل هذا الكلام وما أشد إيناسه للسائرين المستوحشين في طريق الجنة.

‏في الدنيا من أذى الناس وجورهم ما لا يُنجي منه إلا الاعتصام بالله تعالى واللجَأ إليه..
‏والله تعالى إذا ألقى السكينةَ في قلب عبدٍ لم يضره شيء على الحقيقة، فكل الدواهي تصبح عند ذلك زوابع خارجية لا تكسر قلباً ولا تثلم عزما.