Telegram Web Link
أفاد علماء النفس أنَّ التحولَ من عادةٍ إلى أخرى يستلزم تكريرها واحدًا وعشرين مرة بحدٍّ أدنى، وأربعين مرة بحدٍّ أقصى، مع حسن العزم وعدم الانقطاع.

واستحضار هذا المعنى مهمٌّ في رمضان؛ لأن الله يفتح فيه أبواب الحسنات بفتح أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب السيئات بغلق أبواب النار، ويصفِّد الشياطين التي تغويك وتغريك، ورمضان ثلاثون يومًا، فيكون أعظم فرصة لصناعة التحولات؛ وذلك بتثبيت عددٍ من الطاعات، وتقرير عددٍ من العادات، والله يجتبي إليه من يشاء، ويهدي إليه من ينيب.
رمضان في حياة المغترب والمُشرَّد والمهاجر ليس كرمضان في حياة المقيم في بلده وأهله، فهو في حقِّهم كالجهاد في سبيل الله، فيه من اللأواء ما فيه، لكن رمضان نفسه كما أنه يُذَكِّر بالداء إلا أنه يحمل الدواء وبلسم الشفاء، فليتجلد من كان بعيدًا عن أهله، فإنما الدنيا أيام، والغالب أن أولها عناء وجوفها عداء وآخرها هناء، والله هو المستعان وحده.
يكثر من الإفطار ثم يقف في التراويح ثقيلًا لا يكاد يعي ما يُتلى ويقول للإمام: من أمَّ منكم فليخفف، نقول له: مبنى صلاة التراويح على الإطالة، ولكن من أفطر منكم فليخفف.
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
معالم الطوفان.. إطلالة على كتاب مهم

محمد إلهامي – مجلة أنصار النبي ﷺ - مارس 2025م

صدر قبل أيام كتابٌ مهم، كتبه مجاهد غزيٌّ باسم: أحمد أبو صهيب، والكتاب بعنوان: "طوفان الأقصى سياقات ومآلات"، نُشِر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو كتيب صغير على أهميته لم يبلغ ثمانين صفحة. ولأهمية هذا الكتاب، فقد جعلت هذا المقال تلخيصا لأهم ما فيه، وإن كان التلخيص لا يغني عن الأصل.

أراد الكاتب المجاهد، الذي يكتب من قلب المعركة، أن يجاهد باللسان كما يجاهد بالسنان، لا سيما بعد اندلاع السؤال الكبير: هل كان طوفان الأقصى قرارا خاطئا؟

(1)

يشير المؤلف إلى أن هذا السؤال ليس نابعا في الأصل من قراءة موضوعية، بل هو مضَمَّخٌ بطعم الوحشية الدموية التي ألهبت أهل غزة بنيرانها، فكثير من الخائضين فيه هم من المستهدفين بخطة الصهاينة: كيِّ الوعي!

ومن ثَمَّ فأول ما ينبغي عمله في الإجابة عن هذا السؤال هو تذكر أصل القضية وجوهر الصراع، والنظر إلى قرار طوفان الأقصى ضمن مسار الكفاح الكبير، ليحسن فهمه، وتقييمه، ووضع اليد على ما فيه من الصواب أو الخطأ.

من ها هنا يبدأ الفصل الأول: سياقات الطوفان

ليس أهل فلسطين بدعا من الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال؛ وجميع تلك الشعوب التي جاهدت الاحتلال دفعت الثمن العظيم لقاء هذا التحرر، وهذا الثمن العظيم تدفعه الشعوب الضعيفة وهي تواجه الاحتلال بأكثر مما تدفعه قوات المحتل نفسه، والمنتصر هو أصبرهما، حين يوقن المحتل أنه لا يستطيع تحمل هذه التكلفة فيرحل، بعد أن يكون قد أثخن في الناس كثيرا كثيرا كثيرا.

وما من شعب تحرر إلا وكان ضحاياه أكثر من ضحايا المحتل نفسه! وكثيرا ما كان التحرر قضية أجيال لا ينتهي في جيل واحد، بل إن الجيل الذي هُزِم يورث الجيل القادم مهمة التحرر، فإن استطاع الجيل فبها ونعمت وورث جيل الأحفاد بلدا محررا، وإلا واصل جيل الأحفاد مهمتهم من جديد.

وواجب الكفاح هذا ليس قرارا تختاره فئة من الشعب المحتل، بل هو واجب على الجميع أن يؤديه، والناكص عنه جبان أو خائن، ليس حكيما أو محايدا!!

(2)

فإذا نظرنا إلى الحال، كيف وصل قبل الطوفان، فسنرى بوضوح أن الصهاينة كانوا يتخوفون من ثلاث جهات: إيران، لبنان، غزة. وقد كانت مناوراتهم العسكرية في الفترة الأخيرة تحاكي حربا متزامنة على ثلاثة جبهات.

وإلى أن تأتي لحظته المناسبة –سياسيا وعسكريا- لخوض هذه الحرب الكبيرة، فإنه تعامل مع غزة على طريقة المُسَكِّنات التي تعالج الصداع والأعراض، وأهم ما في هذه الطريقة: المضاعفة المستمرة لاحتياطاته الأمنية برا وبحرا وجوا:

فالسياج البري العازل تتراكم طبقاته الأمنية ومجسّاته الأرضية حتى استطاع إفشال عمليتيْن كبيرتيْن عبر أنفاق هجومية لاتخاذ أسرى، فقُتل جميع المنفذين وبذلك أخفقت وسيلة الأنفاق الهجومية. وضاعف تعقيداته الأمنية بحريا، وضاعف من قوة منظومة القبة الحديدية جوًّا بحيث لم يعد أمام المقاومة إلا رمي 100 صاروخ دفعة واحدة لكي يفلت منها بضعة صواريخ، وهو استنزاف هائل لقدرات المقاومة.

وهذا فضلا عن تشديد الحصار –الذي يشارك فيه بهِمَّة: النظام المصري- وعن ضربات يسددها العدو بين الفينة والأخرى ليمنع تراكم القوة لدى المقاومة ويختبر ما عندها.

ووراء كل هذا: الحرب الأمنية المجنونة التي استطاع فيها العدو كشف أمور كثيرة مهمة –بفعل تفوقه التقني وقدراته التجسسية الهائلة- من خطط المقاومة ومقدراتها، وكان أي نجاح صغير في هذا الجانب الأمني ينسف عمل السنين الطويلة والأموال الطائلة والجهود الشاقة.

وأما المقاومة في غزة، فقد حاولت مرارا، بالأساليب السياسية والعسكرية أن تتخلص من الحصار، وأن تتخلص كذلك من محاولات عزلها عن القضايا الجوهرية: القدس والأسرى والأرض، وأبدت من المرونة السياسية، وكذا من العبقرية العسكرية، ما اصطدم في النهاية بواقعٍ عربي يريد إنهاءها، حتى قررت بعد 2014م ألا تخوض معركة كبرى مع الاحتلال إلا إن كان سيؤدي إلى تحقيق هدف ملموس في قضية كبيرة مثل القدس والأسرى، كي لا تكون مجرد استنزاف!

(3)

انبثقت فكرة الطوفان، بالمصادفة ضمن مسيرات العودة، التي كشفت عددا من الثغرات في السياج البري، وكان لا بد من العمل السريع والسري على استغلال هذه الأمور، فإن تنبه العدو لثغرة عنده أو تسرب معلومة له قد يعني ضياع الفرصة.

كان تقدير المقاومة هو القيام بهجوم واسع على مواقع العدو المحاذية للقطاع، وأن هذا الهجوم سيفشل على أغلب المواقع، غير أن الصدمة التي سيحققها، وبعض الأسرى الذين سيمكن أخذهم سيؤدي إلى ردة فعل قاسية لكنها محتملة في النهاية، وسيمكن بهؤلاء تحقيق إنجاز في قضية مثل: القدس والأسرى.

وقد أخفق تقدير المقاومة؛ فلقد نجح هجومها نجاها باهرا لم يكن متوقعا، كما أن ردة الفعل الصهيونية الهائلة لم تكن في الحسبان!

لقد كان الطوفان واحدًا من أعظم العمليات العسكرية المدهشة عبر التاريخ؛ كما كانت حرب الصهاينة على غزة واحدة من أكثر الحروب توحشا ولا أخلاقية كذلك!

(4)
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
ثارت الكثير من الأسئلة، ولكن أهمها ثلاثة:

1. هل كان الأفضل تأجيل الهجوم حتى نكون أكثر قوة؟
2.
3. هل كان ينبغي أن يكون صغيرا محدودا لئلا يترتب عليه هذا العنف الهائل من العدو؟
4.
5. وهل قدم الهجوم ذريعة لوحشية الاحتلال؟
6.
لو فكرنا في تأجيل الهجوم، فماذا كان سيكون؟

إن الأرض في النهاية لن تتحرر بالمعارك والمناوشات الصغيرة، فإن لم نهاجم اليوم فسنهاجم بعد مدة، وفي هذه المدة سنكون أكثر ضعفا وسيكون العدو أكثر قوة لأن الزمن وتراكم القوة يعمل في صالحه، فنحن شعب محاصر يزداد التضييق علينا، وهو عدو مفتوحةٌ له الأبواب والخزائن بالأموال والسلاح والتقنيات.

ما من يومٍ إلا والميزان يميل لصالح العدو أكثر فأكثر، ولم يكن بعيدا ذلك اليوم الذي تتطور فيه أسلحة العدو ومنظومة قبته الحديدية لتصير كل أسلحتنا وصواريخنا غير فعالة ولا قيمة لها، ولا نأمن في كل يوم أن ينكشف لنا سرٌّ أو خطة أو يتمتع العدو بمزية تقنية جديدة تكشف له الأنفاق ومخازن الصواريخ وأماكن قادة المقاومة، فيسدد لنا الضربة القاضية أو نعجز أن نفعل شيئا مطلقا أمام خطوة جديدة منه: سياسية أو عسكرية، وخطة الطوفان نفسها كان يمكن أن تفشل تماما لو أضيف تحسين أمني جديد بقصد أو بغير قصد على السياج العازل.

كذلك فإن الانتظار قد يعني موت القضية، فلقد كانت أن القضية تتعرض لضربات موجعة بموجة التطبيع الخليجية والتي تبعتها حملات كبرى لتقزيم القضية والتملص منها وجعلها قضية الفلسطينيين وحدهم، كذلك هذا التهديد المستمر للأقصى واقتحاماته المتكررة، وهذا حال المقاومة في الضفة والداخل يزداد ضعفا.

فماذا لو فكرنا في تصغير الهجوم؟

إن الذي تحقق أصلا كان مفاجئا للمقاومة كما هو مفاجئ للاحتلال، فلم يكن المتوقع نجاحٌ بهذا القدر ولا أسر كل هؤلاء، ولكن لو رجع بنا الزمن فقررنا تصغير الهجوم، فماذا كان سيكون؟ معركة صغيرة جديدة كالمعارك السابقة التي تستنزف غزة وتحتاج من بعدها سنوات لتعويض ما فقدت، وعودة إلى نفس الحال. هذا مع أن رد فعل العدو ليس مضمونا كذلك، فإن هذا العدو الخالي من كل أخلاق، والذي تتقبل كل الدول جرائمه بطيب نفس، والذي يتمتع بدعم إقليمي أيضا.. إن هذا العدو غير مقَيَّدٍ بشيء في ردّ فعله!

لو كان الهجوم أصغر من ذلك فنحن الخاسرون، لأن الأسرى الذين بأيدينا سيكونون أقل بكثير مما حصل فعلا، أي أن تصغير الهجوم لن يؤدي إلا تصغير الأوراق التي معنا، دون أن نضمن صِغَر ردّ الفعل. لو كنا سنندم على شيء فهو أن الهجوم لم يكن أكبر من ذلك، وأننا أسرنا فقط ما بين 250 – 300، فيا ليته كان بأيدينا 2500 – 3000 أسير، ولكن ما من أحدٍ كان يتوقع أن يكون العدو بهذه الهشاشة!!

إن التجربة مع الصهاينة تؤكد أن هذا العدو لا يتورع عن توحشه، لأنه لا قيد عليه من أحد! لا سيما وأن استخبارات المقاومة كانت ترصد خطط العدو لهجوم شامل مفاجئ تضرب فيه القيادات الأولى والمفصلية، وكذلك فإن خطط الاجتياح البري لغزة كانت موجودة ومعدة وتنتظر التحسينات النهائية عند لحظة اتخاذ القرار، ومثلها خطط اجتياح جنوب لبنان والجولان، كل هذا كان موجودا ينتظر اللحظة المناسبة، فلم يكن العدو يتجنب المواجهة مع هذه الجبهات، بل كان يؤجلها إلى لحظة مناسبة.

لقد فاجأه الطوفان وانتزع منه زمام المبادرة، ومعها كثير من الأسرى. لكن التوحش الذي نراه الآن كان سيحدث في كل الأحوال ولو لم يكن ثمة طوفان، لسبب بسيط: أن العدو يرى في هذا التوحش ضرورة عسكرية لصدم المقاومة وإفقادها السيطرة، لذلك فهو ينفذه كجزء من الخطة العسكرية، وبغير ضرورة عملياتية، فإن من أهداف العدو ومقصوداته: تهجير الناس وتوسيع دولته، وهذا لا يكون بغير توحش صادم وهائل! وهذه العقيدة لدى العدو حاضرة قبل الطوفان وبعده، سواء وقع الطوفان أم لم يقع.

(5)

لو أن ثمة خللا لدى المقاومة، فهو الخلل في تقدير ردّ الفعل الصهيوني، وهو الأمر الذي بُنيت عليه خطط الدفاع، وخطة الإدارة الداخلية.. ولكن من ذا يستطيع أن يلوم المقاومة إن كان هجومها قد نجح بأعلى بكثير من المتوقع؟! كما أن في محاولة علاج هذا الخلل بأثر رجعي نسيانٌ لأمور وتفاصيل كثيرة كانت مراعاتها جزءا من خطة السرية التي رافقت الطوفان. إنه ما من أحد، سوى أهل المقاومة أنفسهم، يستطيعون تقدير البدائل الأفضل في حالة كهذه.

وإذن، فقد يسأل سائل: من المسؤول عما وقع؟

والجواب بوضوح: إنه لا يُسأل الذي قام بواجبه لماذا قمت بالواجب؟ بل يُسأل الذي لم يقم بواجبه لماذا لم يفعل؟.. لئن كانت غزة قد فعلت أقصى ما بوسعها بل حققت معجزة، فالسؤال ينبغي أن يُقال بعد ذلك لسائر الذين لم يقوموا بواجبهم: في فلسطين المحتلة، وفي المحيط العربي، وفي العالم الإسلامي، وفي الخارج العالمي كذلك!.. فلو أن هؤلاء جميعا قد قاموا بواجباتهم كما قد قامت به غزة، ما استطاع العدو أن ينفذ هذه المذبحة المروعة!
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
إن البعض يتعامل مع قضية فلسطين بمبدأ: نتمنى تحرير فلسطين، وليس بمبدأ: نريد تحرير فلسطين. فإن الإرادة تبعث عملا محموما، بل وتبعث في صاحبها روحا ووعيا يفهم بها ومعها أن الثمن اللازم لتحرير فلسطين لن يكون أقل من الثمن الذي دفعته الشعوب المحتلة، وما أعظمه! بل سيكون أكبر من هذا الثمن لخصوصية هذه القضية وقداستها! وما دُفِع حتى هذه اللحظة ليس إلا جزءا من الثمن، ولا ندري هل ما بقي منه لا يزال هو الجزء الأكبر؟!

(6)

هل انتصرنا؟

إن الثورات وحركات التحرر لا تنتصر بالضربة القاضية، بل بالضربات المتراكمة المستمرة الصبورة الدؤوبة، النصر سيكون من نصيب الأصبر الأقدر على النهوض بعد كل ضربة! من نصيب الأعلى حظا من الأمل والأكثر استمساكا بحقه!

لهذا فإن حسبة القوة المحتلة غير حسبة الواقع تحت الاحتلال، يكفي الواقع تحت الاحتلال أنه لم ينكسر ولم ينهزم، أما قوة الاحتلال فإن لم تنتصر فقد انهزمت، وإن لم تحقق أهدافها فقد خسرت! وقد تنتهي سائر الجولات على شعب لم ينتصر، لكن النهاية تكون رحيل الاحتلال الذي هو نفسه قد انتصر في سائر الجولات الصغيرة. ولم نذهب بعيدا؟ فهذه الثورة السورية، سائر جولاتها أنها الخاسرة، لكنها انتصرت في النهاية بعد ضربات كثيرة مؤلمة، وحين يأتي النصر تتحول التضحيات إلى مفاخر!

ربما يقال: نحن في هذه الجولة لم تنتصر، ولكن في الأحوال جميعها نحن من سيقرر إن كنا سننهزم أم لا.. فالهزيمة قرار يملكه كل أحد!

(7)

لقد أخفق العدو في استراتيجيته: تصفير الأخطار.. لقد انتهت هذه الحرب، ولا تزال الجبهات الثلاثة: إيران ولبنان وغزة قائمة وقادرة على التهديد حتى بعد تعرضها لضربات مؤثرة، وحتى غزة التي هي أضعف هذه الجبهات والتي انصبت عليها النيران الكبرى لهذه الحرب، لم تزل المقاومة هي التي تديرها وتحكمها، وقد فشلت سائر المحاولات الإسرائيلية في تهجير أهلها –لا سيما أهل الشمال الذين أنجزوا بصمودهم أسطورة خاصة بهم- وفي حكمهم مباشرة أو عبر أجسام مدنية، ولا يزال بعيدا أن تستطيع قوة ما حكم قطاع غزة دون رضا المقاومة أو بالتفاهم معها.. كذلك لا يزال بعيدا أن تقول إسرائيل بأنها قد أمنت نفسها من التهديد الغزي.

كذلك فشلت إسرائيل في سحب القوى الدولية لتفتح جبهة إيران، وهي الجبهة التي لا تستطيع أن تفتحها بنفسها منفردة، وانتهى الحال ولا يزال التهديد الإيراني قائما.

كذلك جبهة حزب الله في لبنان، لقد فوجئ العدو بعد كل استعداداته بما لم يكن يتوقعه من استعدادات، ومع أنه نفذ ضربات جريئة جدا ليجرّ الحزب إلى حالة الحرب، بقي الحزب متمسكا بحالة جبهة الإسناد، وبقي حتى النهاية متمسكا بضرب المواقع العسكرية فقط دون التصعيد باستهداف المدنيين! ففي الخلاصة نجح العدو في إضعاف الحزب لكن لم يقترب إطلاقا من إزالة خطره عليه.

ثم جاء النجاح المفاجئ للثورة السورية، وفي كل الأحوال فإن مآلها سيكون أنها جبهة جديدة خطرة على المشروع الصهيونية!

انتهت المساحة المخصصة للمقال، ولم يزل ثلث الكتاب الأخير باقيا.. فلعل ما سبق يكون محفزا لقراءة الكتاب نفسه.. والله المستعان.

يمكنك تحميل الكتاب من هنا 👇🏻
Forwarded from أحمد الجوهري
يعلّمني رمضان أنّ كلّ طاعة.. يسيرة، مهما بدت في أولها شاقّة عسيرة، لكنها تحتاج إلى جهد وصبر واستمرار.
ومع مرور الأيام يتدرب الإنسان عليها ويتمرن فيقوى ويتمكن.
ثم تأتي المرحلة الأكمل والأتم في كل طاعة: مرحلة الاستمتاع وتذوّق حلاوة الطاعة.
.
لم أقف على حكمة فوز المصلي للتراويح مع الإمام حتى الوتر بأجر ليلةٍ كاملة، لكني أشعر بالصدمة عندما أرى من يتم التراويح ويترك الوتر، مع سهولة العمل وعظيم الأجر، وأتذكر حينها أن قضية التعبد قضية توفيقٍ وحرمان لا معرفةٍ وبيان.
تكاد تكون الصلاة أهم عمل يصلح قلبك، فأحسن هذه العبادة، واخشع فيها، واستعن على ذلك بحُسنِ التهيؤ لها، وحِفظِ أذكارها، والإلحاح على الله تعالى أن يجعل قرة عينك فيها، وقَصْدِ مسجدٍ ذي إمامٍ خاشعٍ يطيل الصلاة بها، ويمكن أن تقرأ كتاب "أول مرة أصلي" وتتابع السلسلة المرئية: "كيف تتلذذ بصلاتك؟".
من أهم وظائف رمضان:

1- أن تطهر قلبك بكثرة الاستغفار والتوبة والحسنات الماحية حتى تخرج من رمضان وقد غفر الله ذنبك وبيَّضت صحيفة عملك فيما تقدم من عمرك.

2- أن تُرَتِّبَ شخصيتك وتنظم حياتك، حتى لكأنك مؤسسةٌ لها نَظْمٌ إداريٌّ متينٌ تمشي على الأرض.

3- أن تُخرِجَ من نفسيِّتك سُمومَ الهموم والأحزان والاكتئاب والإحباط، وتُقبِلَ على الله وعلى أعباء الحياة مع تقلب أحوالها بجَلَدٍ وعزمٍ وسكينة نفس واطمئنان قلب فتستمتع بالزمن والعمل ولو كنت ذا بلاء.

4- أن تستدرك فيه ما فاتك من طاعاتٍ في العام؛ فتضاعف التلاوة والذكر والقراءة والدعاء والصدقة وبذل المعروف.

والله يهدي من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم.
أجر صلاة السر ولو في النهار كأجر صلاة الجماعة في العلن؛ ففي الحديث: "صلاة الرجل تطوعًا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسًا وعشرين درجة". صححه الألباني، فطوبى لعبدٍ أغلق الباب على نفسه وصلى، وكرر ذلك دومًا.
اجعل صلاتك بالليل زمنًا تلتزم به لا قدرًا تنتهي إليه؛ كأن تنوي ساعةً أو نصفها، ولا يكن همك آخر الصفحة أو الجزء، ولو لم تصل إلا ركعة، ولم تقرأ إلا آية؛ فالقصد هنا تربية القلب وتزكية النفس، ولهذا إذا وجدت قلبك في القيام.. فلا تركع، أو في الركوع أو السجود.. فلا ترفع، فمن بورك له في شيء فليلزمه.
أفضل ساعات اليوم ثلاثة: الساعة التي تسبق الفجر، والتي تعقبه، والتي بين يدي المغرب، فلا تضيعها مهما كنت مشغولًا، وأعرف من المجاهدين من كان يرابط طيلة الليل ثم يمكث في المسجد حتى الشروق مع معاناة النعاس؛ سعيًا في إدراك الفضل، فاتعب في ذات الله، فيذهب التعب ويبقى الأجر، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
من أَجَلِّ غايات العابد في رمضان هذه الثماني:
1. التعرف على الله تعالى، وذلك من خلال أربعة أشياء: آياته القرآنية، وآياته الكونية، وأسمائه وصفاته، وسننه في خلقه التي تُعرف بفقه السنن.
2. تقوى الله تعالى، ويُعرف ذلك بزيادة الحسنات وقلة السيئات والجد في الخشية.
3. مغفرة الذنوب.
4. فهم الشريعة من خلال حسن النظر في معاني القرآن أثناء التلاوة.
5. نقاء النفس وتخليصها من التشتت.
6. التحصل على خاتم التوفيق.
7. شحن النفس بالأمل والفأل وصلاح الحال وراحة البال.
8. تحقيق الحوائج من خلال التزام الدعاء.
كم من بابٍ بقي مقفلًا طيلة العام، ثم جاء رمضان يحمل المِفتاح، فدعاءُ رمضان مسموعٌ مرفوع، فحدِّد أدعيتك، ولا تضيع مواطن الإجابة، وادع وألح على ربك ولا تيأس ولا تعجل، وفضل الله واسع، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
السيئات آتيةٌ من ثلاث جهات: من شياطين الجن وشياطين الإنس والنفس الأمارة بالسوء، صفَّد الله شياطين الجن في رمضان؛ إعانة لك على تكثير الحسنات بغير كثير مشقة، وترك السيئات بغير كثير مجاهدة، وليتميز لك الذنب الذي سببه الشيطان من الذنب الذي سببه الإنسان.
تبصَّر وأنت تدخل إلى رمضان بقول الشيخ محمد الغزالي عليه رحمة الله إذ قال فأحسن القول:

ما أجملَ أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها؛ ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات القصيرة المدى والطويلة المدى ليتخلص من هذه الهَنَات التي تُزري به!

في كل بضعة أيام أنظر إلى أدراج مكتبي لأُذهِب الفوضى التي حلَّت به من قصاصاتٍ متناثرة، وسجلاتٍ مبعثرة، وأوراق أدَّت الغرض منها، فأرتب كل شيء في وضعه الصحيح، ويستقر في سلة المهملات ما لا معنى للاحتفاظ به.

وغرف البيت وصالاتُه تصبح مشعَّثة مرتبكة عقب أعمال يوم كامل، فإذا الأيدي الدائبة تجول هنا وهناك لتنظف الأثاث المغبر، وتطرد القمامة الزائدة، وتعيد إلى كل شيء نظامه.

ألا تستحق حياة الإنسان مثل هذا الجهد؟!
ألا تستحق نفسك أن تتعهد شئونها بين الحين والحين لترى ما عراها من اضطراب فتزيله، وما لحقها من إثم فتنفيه عنها مثلما تنفي القمامة عن الساحات الطهور؟!
ألا تستحق النفس بعد كل مرحلةٍ تقطعها من الحياة أن نعيد النظر فيما أصابها من غُنم أو غُرم، وأن نُرجع إليها توازنها واعتدالها كلما رجَّتها الأزمات وهزَّها العراك الدائب على ظهر الأرض في هذه الدنيا المائجة؟

إنَّ الإنسانَ أحوجُ الخلائقِ إلى التنقيب في أرجاء نفسه، وتعهد حياته الخاصة والعامة بما يصونها من العلل والتفكك؛ ذلك أن الكيان العقلي والعاطفي للإنسان قلَّما يبقى متماسك اللبنات مع حِدَّةِ الاحتكاك بصنوف الشهوات وضروب المغريات، فإذا تُرِك لعوامل الهدم تنال منه فهي آتيةٌ عليه لا محالة، وعندئذٍ تنفرط المشاعر العاطفية والعقلية كما تنفرط حبات العِقْد إذا انقطع سِلْكُه، وهذا شأن {.. مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] ا. هـ.
إحياءُ الليلِ بالصلاة عملٌ مركزيٌّ في رمضان، وهو أولى من نوافل الرباط حيث لم تكن نوبة الحراسة على المجاهد، ومن تنفَّل بالرِّباط وجمع معه الصلاة فهو أكمل، وما ألذ اجتماع الصلاة والرِّباط على الثغور معًا إذ تجتمع تربية الحراب والمحاريب معًا!
إذا كان يشق عليك النومُ أول الليل والاستيقاظُ في الثلث الأخير منه وتخشى فوات حظِّك من القيام.. فصلِّ التراويح، وبعد نحو ساعةٍ ابدأ بإحياء الليل حتى يغلبك النعاس، وتحتسب نومتك كقومتك، وتجعل ما بين السحور والأذان للدعاء والاستغفار، وبهذا لا يضيع عليك أكثر الليل، وإذا اعتدت ذلك.. وصلت العشر الأواخر من الشهر وقد تيسر لك أن تحيي الليل كله أو جُلَّه، ومن طابت لياليه بالقيام في رمضان طاب له الشهر كله.
2025/10/24 07:47:05
Back to Top
HTML Embed Code: