إذا حاولت أن تفهم قضية فلسطين وفكَّرتَ في قراءة تاريخها، فمن أهم الاكتشافات التي ستتفاجأ بها أن إسرائيل لم تنشأ في 1948م..
لقد ظلت تنشأ وتتكوَّن وتترسخ على الأرض، وبطبيعة الحال جرى هذا في حضانة المحتل الإنجليزي ورعايته.
تضاعف عدد اليهود 13 ضعفا، فبعد أن كانوا حوالي خمسين ألفا عام 1918، أي 8% من السكان، بلغت أعدادهم 650 ألفا، وكان يملك الفلسطينيون 98.5% من أراضيهم عام 1918 م، فصار اليهود عند 1948 يملكون 6% من الأرض. وبعد أن لم يكن لليهود جندي واحد في فلسطين صار لهم نحو 60 ألف جندي، وثلاثة مصانع للأسلحة، ومخابيء سرية ومخازن كبيرة للأسلحة، ومئات بل آلاف السيارات المصفحة، وطائرات تجوب سماء فلسطين وتقصف المدن والقرى. وبعد أن لم يكن لليهود في فلسطين تنظيم شعبي أو هيئة قيادية، صار لهم فيها حكومة قائمة!!
وخذ عندك هذه المعلومة التي لا يعرفها أكثر الناس الآن..
في ذلك الوقت، كانت الحكومات العربية (تبدو مستقلة)، وتتصرف على هذا النحو المستقل.. سواء في مصر أو في الأردن، ولم يكن مقبولا أن تتعامل مع ملك مصر أو ملك الأردن باعتبارهم خاضعين للإنجليز.. يعني: نفس حالتنا الآن!! يحدثك عن الوطنية والاستقلال والعروبة، وربما يحاكمك بتهمة العمالة للإنجليز وتعريض أمن الوطن للخطر، في الوقت الذي يبيت هو في أحضان الإنجليز!!
السؤال هنا.. إذا لم تنشأ إسرائيل في 1948، فماذا إذن الذي حدث في هذا العام؟
حدث أمران.. وأريدك -عزيزي القارئ- أن تنتبه معي، فهما مقصود هذا الكلام.. الذي حدث هو:
1. (الإعلان) عن قيام دولة إسرائيل!
2. (تصفية الجيوب) التي تعيق قيام هذه الدولة!
أما الإعلان فهو مفهوم.. إنه يشبه وضع الختم على القرار.. فبعد تهيئة الأمور والتدبير والإعداد والتخطيط.. يأتي إصدار القرار والتوقيع عليه وإعلانه في الجريدة الرسمية!
وأما تصفية الجيوب فمعناها: تهجير المدن ذات الكتلة السكانية العربية الكبيرة لكي يستقيم بقاء الدولة الجديدة.. لم يكن ممكنا أن تقوم إسرائيل وفيها مدينتان مثل حيفا ويافا..
لذلك حصلت مؤامرة خاصة على تهجير هاتين المدينتيْن تحديدا.. لن يتسع الوقت لأحكي لك قصتهما.. لكن ابحث عنهما لترى المأساة.
والآن.. ماذا أريد أن أقول؟
أريد أن أقول بوضوح: لا تستغرب يا عزيزي القارئ إذا كنا نعيش الآن حالة "إسرائيل الكبرى" التي تتمدد من النيل إلى الفرات لكن دون (الإعلان) الرسمي عن ذلك.
لو رجعت إلى أجواء 1948، كنتَ سترى مظهرا عروبيا هادرا في رفض إسرائيل وفي الاستعداد لقتالها حتى بإرسال الجيوش وإرسال المتطوعين والإعلان عن فتح معسكرات التدريب وجمع التبرعات، فضلا عن المواقف السياسية الهائجة..
اكتشفنا بعد السنين، بعد أن صارت الأحداث تاريخا، أن هذا كله كان جزءا من المؤامرة!!
هل تتذكر تغريدة إيدي كوهين التي صدقت فعلا والتي قال فيها: النقطة التي ستتوقف فيها قافلة الصمود هي الحدود الحقيقية لإسرائيل.. وبالفعل توقفت القافلة عند حدود سيطرة حفتر في شرقي ليبيا؟!
ثم توقفت مرة أخرى عند مطار القاهرة وفنادق القاهرة التي دوهمت فيها مجموعات النشطاء الآتين بالطيران.. ثم مرة أخرى عند الإسماعيلية على حدود قناة السويس!!
حين ترى أن النقطة الوحيدة التي أغلقت على إسرائيل (التجارة البحرية في باب المندب، بفعل ضربات الحوثيين) قد نشطت لها دول الخليج والأردن فصنعت مسارا آخر لنقل البضائع بريا.. ثم مسارا آخر بحريا ينتهي إلى بورسعيد ومنها إلى ميناء أسدود!!
حين ترى المناورات العسكرية الإسرائيلية العربية المشتركة تقوم في المغرب، وفيها يجري التدريب على اقتحام الأنفاق!!
حين ترى الإعلام العربي عموما يتبنى الرواية الإسرائيلية وينزل بثقله الفضائي والإلكتروني على غزة وأهلها.. ويصير نجومه هؤلاء الذين يقولون الخيانة العلنية جهارا نهارا!!
حين ترى أفرادا من اليهود وصلوا إلى بلادنا المقدسة ونفخوا فيها البوق وأقاموا فيها شعائر يهودية!!
إن الطائرات الإسرائيلية تطير فوق سائر هذه المساحة العربية، حتى فوق الدول التي لم (تعلن) التطبيع معها.. بل حتى فوق الشرق التركي، الدولة التي أعلنت حظرا للطيران الإسرائيلي فوقها!!
ألا يشير هذا كله إلى أننا في وضع مشابه لذلك التاريخ.. قبل 1948، حين كان أجدادنا يظنون أنهم مستقلون، وأن الحكومات لن تسمح بقيام إسرائيل، بل وأنها سترسل الجيوش والمتطوعين لمنع "تدنيس عروبة فلسطين"؟!!
ألا يجعلنا هذا نتوقع أنه ما بقي إلا (الإعلان) عن إسرائيل الكبرى التي هي في حقيقة الأمر تسيطر على هذه المساحة بين النيل والفرات؟!!
أفهم أنه قد يبدو كلاما مبالغا فيه ومتطرفا.. تماما مثلما كان سيوصف بهذا من كان يقول في عام 1948م: لقد اتفق الجميع على إنشاء إسرائيل، وإسرائيل قد قامت بالفعل!
ثم لم يبق إذن إلا تصفية الجيوب.. الجيوب التي تعيق قيام هذه الدولة!!
لقد ظلت تنشأ وتتكوَّن وتترسخ على الأرض، وبطبيعة الحال جرى هذا في حضانة المحتل الإنجليزي ورعايته.
تضاعف عدد اليهود 13 ضعفا، فبعد أن كانوا حوالي خمسين ألفا عام 1918، أي 8% من السكان، بلغت أعدادهم 650 ألفا، وكان يملك الفلسطينيون 98.5% من أراضيهم عام 1918 م، فصار اليهود عند 1948 يملكون 6% من الأرض. وبعد أن لم يكن لليهود جندي واحد في فلسطين صار لهم نحو 60 ألف جندي، وثلاثة مصانع للأسلحة، ومخابيء سرية ومخازن كبيرة للأسلحة، ومئات بل آلاف السيارات المصفحة، وطائرات تجوب سماء فلسطين وتقصف المدن والقرى. وبعد أن لم يكن لليهود في فلسطين تنظيم شعبي أو هيئة قيادية، صار لهم فيها حكومة قائمة!!
وخذ عندك هذه المعلومة التي لا يعرفها أكثر الناس الآن..
في ذلك الوقت، كانت الحكومات العربية (تبدو مستقلة)، وتتصرف على هذا النحو المستقل.. سواء في مصر أو في الأردن، ولم يكن مقبولا أن تتعامل مع ملك مصر أو ملك الأردن باعتبارهم خاضعين للإنجليز.. يعني: نفس حالتنا الآن!! يحدثك عن الوطنية والاستقلال والعروبة، وربما يحاكمك بتهمة العمالة للإنجليز وتعريض أمن الوطن للخطر، في الوقت الذي يبيت هو في أحضان الإنجليز!!
السؤال هنا.. إذا لم تنشأ إسرائيل في 1948، فماذا إذن الذي حدث في هذا العام؟
حدث أمران.. وأريدك -عزيزي القارئ- أن تنتبه معي، فهما مقصود هذا الكلام.. الذي حدث هو:
1. (الإعلان) عن قيام دولة إسرائيل!
2. (تصفية الجيوب) التي تعيق قيام هذه الدولة!
أما الإعلان فهو مفهوم.. إنه يشبه وضع الختم على القرار.. فبعد تهيئة الأمور والتدبير والإعداد والتخطيط.. يأتي إصدار القرار والتوقيع عليه وإعلانه في الجريدة الرسمية!
وأما تصفية الجيوب فمعناها: تهجير المدن ذات الكتلة السكانية العربية الكبيرة لكي يستقيم بقاء الدولة الجديدة.. لم يكن ممكنا أن تقوم إسرائيل وفيها مدينتان مثل حيفا ويافا..
لذلك حصلت مؤامرة خاصة على تهجير هاتين المدينتيْن تحديدا.. لن يتسع الوقت لأحكي لك قصتهما.. لكن ابحث عنهما لترى المأساة.
والآن.. ماذا أريد أن أقول؟
أريد أن أقول بوضوح: لا تستغرب يا عزيزي القارئ إذا كنا نعيش الآن حالة "إسرائيل الكبرى" التي تتمدد من النيل إلى الفرات لكن دون (الإعلان) الرسمي عن ذلك.
لو رجعت إلى أجواء 1948، كنتَ سترى مظهرا عروبيا هادرا في رفض إسرائيل وفي الاستعداد لقتالها حتى بإرسال الجيوش وإرسال المتطوعين والإعلان عن فتح معسكرات التدريب وجمع التبرعات، فضلا عن المواقف السياسية الهائجة..
اكتشفنا بعد السنين، بعد أن صارت الأحداث تاريخا، أن هذا كله كان جزءا من المؤامرة!!
هل تتذكر تغريدة إيدي كوهين التي صدقت فعلا والتي قال فيها: النقطة التي ستتوقف فيها قافلة الصمود هي الحدود الحقيقية لإسرائيل.. وبالفعل توقفت القافلة عند حدود سيطرة حفتر في شرقي ليبيا؟!
ثم توقفت مرة أخرى عند مطار القاهرة وفنادق القاهرة التي دوهمت فيها مجموعات النشطاء الآتين بالطيران.. ثم مرة أخرى عند الإسماعيلية على حدود قناة السويس!!
حين ترى أن النقطة الوحيدة التي أغلقت على إسرائيل (التجارة البحرية في باب المندب، بفعل ضربات الحوثيين) قد نشطت لها دول الخليج والأردن فصنعت مسارا آخر لنقل البضائع بريا.. ثم مسارا آخر بحريا ينتهي إلى بورسعيد ومنها إلى ميناء أسدود!!
حين ترى المناورات العسكرية الإسرائيلية العربية المشتركة تقوم في المغرب، وفيها يجري التدريب على اقتحام الأنفاق!!
حين ترى الإعلام العربي عموما يتبنى الرواية الإسرائيلية وينزل بثقله الفضائي والإلكتروني على غزة وأهلها.. ويصير نجومه هؤلاء الذين يقولون الخيانة العلنية جهارا نهارا!!
حين ترى أفرادا من اليهود وصلوا إلى بلادنا المقدسة ونفخوا فيها البوق وأقاموا فيها شعائر يهودية!!
إن الطائرات الإسرائيلية تطير فوق سائر هذه المساحة العربية، حتى فوق الدول التي لم (تعلن) التطبيع معها.. بل حتى فوق الشرق التركي، الدولة التي أعلنت حظرا للطيران الإسرائيلي فوقها!!
ألا يشير هذا كله إلى أننا في وضع مشابه لذلك التاريخ.. قبل 1948، حين كان أجدادنا يظنون أنهم مستقلون، وأن الحكومات لن تسمح بقيام إسرائيل، بل وأنها سترسل الجيوش والمتطوعين لمنع "تدنيس عروبة فلسطين"؟!!
ألا يجعلنا هذا نتوقع أنه ما بقي إلا (الإعلان) عن إسرائيل الكبرى التي هي في حقيقة الأمر تسيطر على هذه المساحة بين النيل والفرات؟!!
أفهم أنه قد يبدو كلاما مبالغا فيه ومتطرفا.. تماما مثلما كان سيوصف بهذا من كان يقول في عام 1948م: لقد اتفق الجميع على إنشاء إسرائيل، وإسرائيل قد قامت بالفعل!
ثم لم يبق إذن إلا تصفية الجيوب.. الجيوب التي تعيق قيام هذه الدولة!!
وهذا الذي يحدث في غزة.. وهو نفسه الذي يحدث لكل حركة إسلامية، غير أن غزة يقتلها الصهاينة بأنفسهم مع الدعم الإقليمي والدولي، وأما سائر الحركات الأخرى فتتكفل بها الحكومات (العربية والإسلامية، الوطنية)..
ولهذا لا تسمع في فضاء ساحتنا العربية والإسلامية إلا حديث "الإرهاب" وحديث "الجماعات الإرهابية"!!
نحن في لحظة تحتاج إلى كل جهد، وكل كلمة حق، وكل حركة سعي، وكل دينار ودرهم وفلس، وكل قطرة بطولة، وكل عضة صبر، وكل مسكة ثبات..
فكل هذا الذي يدبرون له قد ينهار وينقلب على رؤوسهم إن كان فينا بقية من صبر وعمل وجهد وثبات.. فإما أن ننجح أو نلقى الله على ذلك!
ولهذا لا تسمع في فضاء ساحتنا العربية والإسلامية إلا حديث "الإرهاب" وحديث "الجماعات الإرهابية"!!
نحن في لحظة تحتاج إلى كل جهد، وكل كلمة حق، وكل حركة سعي، وكل دينار ودرهم وفلس، وكل قطرة بطولة، وكل عضة صبر، وكل مسكة ثبات..
فكل هذا الذي يدبرون له قد ينهار وينقلب على رؤوسهم إن كان فينا بقية من صبر وعمل وجهد وثبات.. فإما أن ننجح أو نلقى الله على ذلك!
إن يمسسكم قرحٌ فقد مسَّ القوم قرحٌ مثله!!
تدري يا أخي.. ما يكاد شيء رأيته في حياتي هذه إلا اطلعت على مثله في صفحات التاريخ.. وتلك هي فائدة التاريخ العظمى، فلقد أنزل الله على نبيه قصص الأنبياء من قبله ليخفف عنه ويُسلِّيه ويُصَبِّره..
حتى اليأس الذي يخيم علينا الآن، أراه في كلام أعدائنا يوم كنا دولة عظيمة ذات أمجاد، بل حتى وصف بلادنا بأنها دولة قانون كانوا يقولونه إعجابا بنا وتدليلا على طول بقائنا!
[خذ مثالا: هذا جيمس بورتر، سفير إنجلترا في اسطنبول عند منتصف القرن الثامن عشر، يقول: مهما تكن العيوب التي قد توجد في النظام السياسي للأتراك، فإمبراطوريتهم مؤسسة على أساس راسخ من الدين المتحد بالقانون، ومدعومة بحماسة عامة وعناية وافتخار من أفراد الرعية، ولهذا فكما بقيت هذا الردح من الزمن، فإنها تبشر باستقرارها لعصور عديدة.. مرفق صورة كلامه من كتابه: ملاحظات عن دين الأتراك وقانونهم وحكومتهم وأخلاقهم]
حتى الذين استثقلوا الطريق وتحولوا من زعماء نضال إلى عملاء، ترى مثل ذلك قد وقع لهم!
[خذ مثالا: هذا أحد قادة الحركة الصهيونية، يسمى ألفريد نوسيج، وقد كان ممن فاوض طلعت باشا على أوضاع اليهود في فلسطين (1918 م)، انتهى به الأمر إلى أن قد عمل لحساب النظام الألماني النازي ووضع خطةً لإبادة اليهود في أوروبا فيما بعد.. والصورة من موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، للدكتور المسيري، 6/43]
حتى تعلقنا بالرؤى والأحلام والنبوءات، قد كان فيمن قبلنا مثل ذلك.. وهذه قصة أفردتها قبل ذلك [انظر: https://melhamy.blogspot.com/2015/12/blog-post_16.html ]
وذلك كله يزيد المؤمن إيمانا بما قاله لنا ربنا:
{وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء، والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين * أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين؟}
لا يبقى إلا أن نسأل الله الثبات على الأمر، وأن لا تخوننا أنفسنا فنزلّ ونضلّ وننهزم أمام الصعوبات والتحديات.. فلكم ضلَّ أناسٌ وهم على علم، وكم ختم الله على قلوب أناس لأنهم اتبعوا الهوى، وكم في الناس من علم سبيل الرشد فأعرض عنه، وعلم سبيل الغي فاتخذه سبيلا..
المعركة في حقيقتها معركة قلوب، لا معركة عقول فحسب.. فنسأل الله لنا ولك أن يصلح قلوبنا، وأن يثبتنا على أمره حتى نلقاه!
تدري يا أخي.. ما يكاد شيء رأيته في حياتي هذه إلا اطلعت على مثله في صفحات التاريخ.. وتلك هي فائدة التاريخ العظمى، فلقد أنزل الله على نبيه قصص الأنبياء من قبله ليخفف عنه ويُسلِّيه ويُصَبِّره..
حتى اليأس الذي يخيم علينا الآن، أراه في كلام أعدائنا يوم كنا دولة عظيمة ذات أمجاد، بل حتى وصف بلادنا بأنها دولة قانون كانوا يقولونه إعجابا بنا وتدليلا على طول بقائنا!
[خذ مثالا: هذا جيمس بورتر، سفير إنجلترا في اسطنبول عند منتصف القرن الثامن عشر، يقول: مهما تكن العيوب التي قد توجد في النظام السياسي للأتراك، فإمبراطوريتهم مؤسسة على أساس راسخ من الدين المتحد بالقانون، ومدعومة بحماسة عامة وعناية وافتخار من أفراد الرعية، ولهذا فكما بقيت هذا الردح من الزمن، فإنها تبشر باستقرارها لعصور عديدة.. مرفق صورة كلامه من كتابه: ملاحظات عن دين الأتراك وقانونهم وحكومتهم وأخلاقهم]
حتى الذين استثقلوا الطريق وتحولوا من زعماء نضال إلى عملاء، ترى مثل ذلك قد وقع لهم!
[خذ مثالا: هذا أحد قادة الحركة الصهيونية، يسمى ألفريد نوسيج، وقد كان ممن فاوض طلعت باشا على أوضاع اليهود في فلسطين (1918 م)، انتهى به الأمر إلى أن قد عمل لحساب النظام الألماني النازي ووضع خطةً لإبادة اليهود في أوروبا فيما بعد.. والصورة من موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، للدكتور المسيري، 6/43]
حتى تعلقنا بالرؤى والأحلام والنبوءات، قد كان فيمن قبلنا مثل ذلك.. وهذه قصة أفردتها قبل ذلك [انظر: https://melhamy.blogspot.com/2015/12/blog-post_16.html ]
وذلك كله يزيد المؤمن إيمانا بما قاله لنا ربنا:
{وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء، والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين * أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين؟}
لا يبقى إلا أن نسأل الله الثبات على الأمر، وأن لا تخوننا أنفسنا فنزلّ ونضلّ وننهزم أمام الصعوبات والتحديات.. فلكم ضلَّ أناسٌ وهم على علم، وكم ختم الله على قلوب أناس لأنهم اتبعوا الهوى، وكم في الناس من علم سبيل الرشد فأعرض عنه، وعلم سبيل الغي فاتخذه سبيلا..
المعركة في حقيقتها معركة قلوب، لا معركة عقول فحسب.. فنسأل الله لنا ولك أن يصلح قلوبنا، وأن يثبتنا على أمره حتى نلقاه!
كلهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن النظام ضعيف وأن جيشه متهالك وأن البلاد مهددة وأن العدو قادر على الاحتلال..
ولكنهم يتغنون بالوطنية وبالجيش و.. و.. إلى آخره.! بغرض قهر الناس وكبتهم وإذلالهم وإسكاتهم عن حقوقهم وانتهاك كرامتهم!!
وأما هذا الكلب فأهون وأدنى من أن أتكلف الرد عليه!!
ولكنهم يتغنون بالوطنية وبالجيش و.. و.. إلى آخره.! بغرض قهر الناس وكبتهم وإذلالهم وإسكاتهم عن حقوقهم وانتهاك كرامتهم!!
وأما هذا الكلب فأهون وأدنى من أن أتكلف الرد عليه!!
كيف يقف ضد التهجير، وهو قد أزال رفح المصرية؟!
كيف يقف ضد التهجير، وقد نسف وأغرق الأنفاق التي تمدّ أهل غزة بالحياة وبالسلاح الذي يمنعون به التهجير؟!
كيف يقف ضد التهجير وهو يتواطأ ويعذب ويحاصر أولئك الذين يقاتلون بأنفسهم ويضحون بحياتهم لا لمنع التهجير فحسب بل للتحرير؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو يتعاون أمنيا وعسكريا مع الصهاينة ويهجِّر أهالي شمال سيناء من أراضيهم المغروسين فيها؟!
كيف يقف ضد التهجير، وقد شق قناة ثانية تضاعف المانع المائي الذي عبرناه بمعجزة عسكرية لتصير المعجزة مستحيلة؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو لم يحاول تعمير سيناء ولا ملأها بالسكان طوال 12 عاما؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو يسن القوانين التي تسمح للأجانب بتملك الأرض في سيناء.. أي: بالتفاف بسيط يمكن للصهاينة شراء الأراضي في سيناء؟
كيف يقف ضد التهجير، وهو يمول الخزانة الصهيونية بـ 35 مليار دولار ويرهن قطاع الطاقة المصرية لجيل قادم؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو قد تخلى عن كل أوراق الضغط التي يمكن أن يساوم بها الصهاينة:
- الجزيرتان في مدخل خليج العقبة اللتان تحبسان إسرائيل (تيران وصنافير) وتمسكان بخناقها.. هذه وحدها نقطة قوة لا يمكن أن يفرط فيها أي سياسي ولو كان نصف خائن!
- حقول غاز المتوسط!
- الأراضي الساحلية على البحر الأحمر التي صارت متاحة لمشاريع استثمارية، والتي لا تذهب في الواقع إلا لجيوب صهيونية ملتحفة بثياب عربية!!
كيف يقف ضد التهجير، وهو الذي قال بلسانه لسيده البرتقالي: "هتجدني وبقوة أيضا داعم وبشدة كل الجهود اللي هتبذل من أجل إيجاد حل لقضية القرن، صفقة القرن، اللي انا متأكد إن فخامة الرئيس هيستطيع إنه ينجزها"
كيف يقف ضد التهجير وهو يضعف القوة الطبيعية للبلد: نهر النيل، الأصول، الديون، التفريط في أمن الحدود الغربية والجنوبية التي صارت بيد تابعين لعملاء الصهاينة؟!!
لئن امتد بنا العمر، أو متنا قبل ذلك، فينبغي أن يحاكم هو بتهمة الخيانة.. وينبغي أن يحاكم كثيرون غيره بتهمة التخلف العقلي والتمكين للخيانة!!
كيف يقف ضد التهجير، وقد نسف وأغرق الأنفاق التي تمدّ أهل غزة بالحياة وبالسلاح الذي يمنعون به التهجير؟!
كيف يقف ضد التهجير وهو يتواطأ ويعذب ويحاصر أولئك الذين يقاتلون بأنفسهم ويضحون بحياتهم لا لمنع التهجير فحسب بل للتحرير؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو يتعاون أمنيا وعسكريا مع الصهاينة ويهجِّر أهالي شمال سيناء من أراضيهم المغروسين فيها؟!
كيف يقف ضد التهجير، وقد شق قناة ثانية تضاعف المانع المائي الذي عبرناه بمعجزة عسكرية لتصير المعجزة مستحيلة؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو لم يحاول تعمير سيناء ولا ملأها بالسكان طوال 12 عاما؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو يسن القوانين التي تسمح للأجانب بتملك الأرض في سيناء.. أي: بالتفاف بسيط يمكن للصهاينة شراء الأراضي في سيناء؟
كيف يقف ضد التهجير، وهو يمول الخزانة الصهيونية بـ 35 مليار دولار ويرهن قطاع الطاقة المصرية لجيل قادم؟!
كيف يقف ضد التهجير، وهو قد تخلى عن كل أوراق الضغط التي يمكن أن يساوم بها الصهاينة:
- الجزيرتان في مدخل خليج العقبة اللتان تحبسان إسرائيل (تيران وصنافير) وتمسكان بخناقها.. هذه وحدها نقطة قوة لا يمكن أن يفرط فيها أي سياسي ولو كان نصف خائن!
- حقول غاز المتوسط!
- الأراضي الساحلية على البحر الأحمر التي صارت متاحة لمشاريع استثمارية، والتي لا تذهب في الواقع إلا لجيوب صهيونية ملتحفة بثياب عربية!!
كيف يقف ضد التهجير، وهو الذي قال بلسانه لسيده البرتقالي: "هتجدني وبقوة أيضا داعم وبشدة كل الجهود اللي هتبذل من أجل إيجاد حل لقضية القرن، صفقة القرن، اللي انا متأكد إن فخامة الرئيس هيستطيع إنه ينجزها"
كيف يقف ضد التهجير وهو يضعف القوة الطبيعية للبلد: نهر النيل، الأصول، الديون، التفريط في أمن الحدود الغربية والجنوبية التي صارت بيد تابعين لعملاء الصهاينة؟!!
لئن امتد بنا العمر، أو متنا قبل ذلك، فينبغي أن يحاكم هو بتهمة الخيانة.. وينبغي أن يحاكم كثيرون غيره بتهمة التخلف العقلي والتمكين للخيانة!!
Forwarded from مؤلفات محمد إلهامي
بعض كتب أخيكم في معرض بغداد للكتاب
- خلاصة تاريخ الإسلام (3 مجلدات)
- في أروقة التاريخ (5 مجلدات)
تجدونها في ديوان الشناقطة c13
- خلاصة تاريخ الإسلام (3 مجلدات)
- في أروقة التاريخ (5 مجلدات)
تجدونها في ديوان الشناقطة c13
سارع البعض إلى إرجاع الفضل في فشل محاولة اغتيال القادة في الدوحة إلى الدولة الفلانية أو العلانية.. نعم، هؤلاء في العموم سذج ينبغي أن نتوجس منهم، وربما نشفق عليهم!!
ولكن أن يسارع بعض المحللين المهذبين والمتحفظين، إلى الحديث عن "انتظار ردة فعل عربية".. فهذا ينبغي أن نجعلنا أكثر توجسا وربما شفقة عليهم من الأولين!!
ردة فعل!!
أبعد عاميْن من الطوفان الفاضح الكاشف لم نعرف أن الأنظمة في هذا الشرق الأوسط، أحسن ما فيها عاجز، وأقوى ما فيها ضعيف.. والبقية خائن يعمل بجد ونشاط وفاعلية في تمكين الصهاينة؟!!
تعالوا نعترف ونقرر بالحقيقة المُرة، ولو لمَرّة واحدة.. حتى لو فعلنا هذا بيننا وبين أنفسنا، وحتى لو فعلناه على شبكات التواصل الاجتماعي وحدها.. فإن هذا الكلام ممنوع على القنوات والصحافة:
لن ينكسر الصهاينة حقا، ولن يرتدع الأمريكان، إلا بفعل "استشهادي" على نحو ما فعله أصحاب الطوفان..
وهذه النفسية يستحيل أن توجد عند رؤساء الدول والملوك والأمراء، فتلك نفسية لا يفهمها صاحب الدولة والحكم الملتصق بمنصبه، أو الذي يفكر في الكون من منظور "دولته".. فأولئك أبعد الناس عن التفكير بالآخرة والجنة والواجب نحو الأمة والدين والرسالة!
حسنا.. إن لم يستطع هؤلاء أن يكونوا بمثل تلك النفسية، فلن تتم لهم النجاة من مصير الذل في الدنيا، ومن مصير خيانة "حلفائهم" لهم.. إلا بالدعم المخلص العنيد لهذه الثلة القليلة "الاستشهادية" في هذه الأمة.. الحركة الخضراء ومثيلاتها.. وهم موجودون وإن لم يكونوا كثرة..
عندئذ فقط قد يشعر الصهيوني بالتهديد الحقيقي، وقد يشرع الأمريكان في إعادة حساباتهم وإعادة التفكير في طريقة معالجتهم للأمور.. لأن الأمور تنفلت من بين أيديهم.
ولكن هذا الخيار أيضا بحاجة إلى نفسية صلبة عنيدة، متجردة مخلصة، ترجو الله والدار الآخرة وتنظر إلى واجب الدين والأمة والرسالة.. وتحسب حسبة المصالح والمفاسد بعد أن تدخل في عناصر هذه الحسبة: الجنة والنار، ومصير الأمة المسلمة، ومصير المسجد الأقصى والكعبة المشرفة!!
وإنك إذا نظرت في حال الأنظمة القائمة لوجدتَ هذا أبعد شيء عنهم: عن عقولهم وعن نفوسهم وعن طبائعهم!!
إن كلاما كثيرا يمكن أن يُقال، ولكنه يُختصر في هذه الآية {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون}
ولو أردتَ أن تختبر صحة هذا الكلام من خطئه، فتصوَّر معي عزيزي القارئ، لو أن هذه الحركة الخضراء وجدت دعما حقيقيا وصادقا ومخلصا من الأنظمة العربية منذ أن نشأت.. بل منذ أن بدأ الطوفان..
تأمل فقط، ماذا لو انقطعت أوجه الدعم العربي: الاقتصادية والإعلامية والسياسية عن الكيان.. وتُرِك وحده يواجه التفاعلات الطبيعية للشعوب، حتى دون أن تتدخل الأنظمة بفعل إيجابي في دعم الطوفان.. فقط: لو تركوا التفاعلات الطبيعية الشعبية، ورفعوا أيديهم عن دعم الكيان!!
هل كان يجرؤ الكيان -والحال هكذا- أن يبقى في الحرب إلى هذه اللحظة؟!!
فهل كان يجرؤ أن يطير بطائراته الحربية ليقصف البلد -وسيط التفاوض- بعد أن يمر على بلديْن آخريْن على الأقل؟!!
إن كل ما حصل وما يحصل إنما هو نتيجة أمريْن يتفاعلان معا: الخيانة والشلل.. الخيانة التي تجعل الصهاينة يضربون حيث شاؤوا وهم مطمئنين تماما.. والشلل الذي يجعل الآخرين يستميتون لتفويت الفرصة وسحب الذريعة وعبور المرحلة دون الانخراط في مواجهة!!
وكل تأخر لهم في الانخراط فيها، يؤدي إلى انخراطهم فيها وقد فقدوا كل أنواع المبادرة وكل أوراق القوة والمساومة..
فلا تتحدثوا الآن -يا أصدقاء- عن رد فعل مرتقب.. اللهم إلا إن كان رد الفعل المرتقب بيانات من مجلس الأمن والجمعية العمومية وأوراق سقفها: قرارات من محكمة دولية، لن يساوي الحبر الذي كتب به!!
ولكن أن يسارع بعض المحللين المهذبين والمتحفظين، إلى الحديث عن "انتظار ردة فعل عربية".. فهذا ينبغي أن نجعلنا أكثر توجسا وربما شفقة عليهم من الأولين!!
ردة فعل!!
أبعد عاميْن من الطوفان الفاضح الكاشف لم نعرف أن الأنظمة في هذا الشرق الأوسط، أحسن ما فيها عاجز، وأقوى ما فيها ضعيف.. والبقية خائن يعمل بجد ونشاط وفاعلية في تمكين الصهاينة؟!!
تعالوا نعترف ونقرر بالحقيقة المُرة، ولو لمَرّة واحدة.. حتى لو فعلنا هذا بيننا وبين أنفسنا، وحتى لو فعلناه على شبكات التواصل الاجتماعي وحدها.. فإن هذا الكلام ممنوع على القنوات والصحافة:
لن ينكسر الصهاينة حقا، ولن يرتدع الأمريكان، إلا بفعل "استشهادي" على نحو ما فعله أصحاب الطوفان..
وهذه النفسية يستحيل أن توجد عند رؤساء الدول والملوك والأمراء، فتلك نفسية لا يفهمها صاحب الدولة والحكم الملتصق بمنصبه، أو الذي يفكر في الكون من منظور "دولته".. فأولئك أبعد الناس عن التفكير بالآخرة والجنة والواجب نحو الأمة والدين والرسالة!
حسنا.. إن لم يستطع هؤلاء أن يكونوا بمثل تلك النفسية، فلن تتم لهم النجاة من مصير الذل في الدنيا، ومن مصير خيانة "حلفائهم" لهم.. إلا بالدعم المخلص العنيد لهذه الثلة القليلة "الاستشهادية" في هذه الأمة.. الحركة الخضراء ومثيلاتها.. وهم موجودون وإن لم يكونوا كثرة..
عندئذ فقط قد يشعر الصهيوني بالتهديد الحقيقي، وقد يشرع الأمريكان في إعادة حساباتهم وإعادة التفكير في طريقة معالجتهم للأمور.. لأن الأمور تنفلت من بين أيديهم.
ولكن هذا الخيار أيضا بحاجة إلى نفسية صلبة عنيدة، متجردة مخلصة، ترجو الله والدار الآخرة وتنظر إلى واجب الدين والأمة والرسالة.. وتحسب حسبة المصالح والمفاسد بعد أن تدخل في عناصر هذه الحسبة: الجنة والنار، ومصير الأمة المسلمة، ومصير المسجد الأقصى والكعبة المشرفة!!
وإنك إذا نظرت في حال الأنظمة القائمة لوجدتَ هذا أبعد شيء عنهم: عن عقولهم وعن نفوسهم وعن طبائعهم!!
إن كلاما كثيرا يمكن أن يُقال، ولكنه يُختصر في هذه الآية {وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون}
ولو أردتَ أن تختبر صحة هذا الكلام من خطئه، فتصوَّر معي عزيزي القارئ، لو أن هذه الحركة الخضراء وجدت دعما حقيقيا وصادقا ومخلصا من الأنظمة العربية منذ أن نشأت.. بل منذ أن بدأ الطوفان..
تأمل فقط، ماذا لو انقطعت أوجه الدعم العربي: الاقتصادية والإعلامية والسياسية عن الكيان.. وتُرِك وحده يواجه التفاعلات الطبيعية للشعوب، حتى دون أن تتدخل الأنظمة بفعل إيجابي في دعم الطوفان.. فقط: لو تركوا التفاعلات الطبيعية الشعبية، ورفعوا أيديهم عن دعم الكيان!!
هل كان يجرؤ الكيان -والحال هكذا- أن يبقى في الحرب إلى هذه اللحظة؟!!
فهل كان يجرؤ أن يطير بطائراته الحربية ليقصف البلد -وسيط التفاوض- بعد أن يمر على بلديْن آخريْن على الأقل؟!!
إن كل ما حصل وما يحصل إنما هو نتيجة أمريْن يتفاعلان معا: الخيانة والشلل.. الخيانة التي تجعل الصهاينة يضربون حيث شاؤوا وهم مطمئنين تماما.. والشلل الذي يجعل الآخرين يستميتون لتفويت الفرصة وسحب الذريعة وعبور المرحلة دون الانخراط في مواجهة!!
وكل تأخر لهم في الانخراط فيها، يؤدي إلى انخراطهم فيها وقد فقدوا كل أنواع المبادرة وكل أوراق القوة والمساومة..
فلا تتحدثوا الآن -يا أصدقاء- عن رد فعل مرتقب.. اللهم إلا إن كان رد الفعل المرتقب بيانات من مجلس الأمن والجمعية العمومية وأوراق سقفها: قرارات من محكمة دولية، لن يساوي الحبر الذي كتب به!!
قبل أن نخلد إلى النوم الخليّ من راحة البالِ.. نوجه تحية عاطرة للشعب النيبالي!!
ومن يدري.. لطالما تكلم المؤرخون عن تأثير الفراشة!
ولطالما تكلم المؤمنون عن جنود ربك التي لا يعلمها إلا هو!!
ومن يدري.. لطالما تكلم المؤرخون عن تأثير الفراشة!
ولطالما تكلم المؤمنون عن جنود ربك التي لا يعلمها إلا هو!!
"كانت رعاية المعرفة عنوانا من أعظم عناوين المجد عند الحكام المسلمين في جميع الأجيال"
المستشرق الألماني الموسوعي كارل بروكلمان
تاريخ الشعوب الإسلامية، ص409.
المستشرق الألماني الموسوعي كارل بروكلمان
تاريخ الشعوب الإسلامية، ص409.
- كلمة في شأن الضربة الإسرائيلية لقطر
- لماذا يعد الحسن بن علي معيارا فاصلا بين الإيمان والانحراف؟
- ما هي أحوال قريش السياسية والاقتصادية والدينية قبل غزوة أحد؟
- كيف سارت الأحداث نحو حرب جديدة بين المسلمين وقريش؟
- ما موقع غزوة أحد بين الغزوات في السيرة النبوية؟
https://youtu.be/Nqn2nxWS4f4
- لماذا يعد الحسن بن علي معيارا فاصلا بين الإيمان والانحراف؟
- ما هي أحوال قريش السياسية والاقتصادية والدينية قبل غزوة أحد؟
- كيف سارت الأحداث نحو حرب جديدة بين المسلمين وقريش؟
- ما موقع غزوة أحد بين الغزوات في السيرة النبوية؟
https://youtu.be/Nqn2nxWS4f4
YouTube
السيرة النبوية | 68. انقلاب غير متوقع في قيادة قريش | محمد إلهامي
- كلمة في شأن الضربة الإسرائيلية لقطر
- لماذا يعد الحسن بن علي معيارا فاصلا بين الإيمان والانحراف؟
- ما هي أحوال قريش السياسية والاقتصادية والدينية قبل غزوة أحد؟
- كيف سارت الأحداث نحو حرب جديدة بين المسلمين وقريش؟
- ما موقع غزوة أحد بين الغزوات في السيرة…
- لماذا يعد الحسن بن علي معيارا فاصلا بين الإيمان والانحراف؟
- ما هي أحوال قريش السياسية والاقتصادية والدينية قبل غزوة أحد؟
- كيف سارت الأحداث نحو حرب جديدة بين المسلمين وقريش؟
- ما موقع غزوة أحد بين الغزوات في السيرة…
في مثل هذا اليوم (13 سبتمبر 1882م) هُزِم الجيش المصري بقيادة الزعيم الإسلامي والبطل الكبير أحمد عرابي.. وهو الأمر الذي ترتب عليه احتلال مصر لسبعين سنة..
وقد نزل الإنجليز لاحتلال مصر، بعد أن بدا أن الثورة العرابية المباركة ستطيح بنظام أسرة محمد علي، ذلك النظام الخائن التابع للأجانب، والذي أذلَّ المصريين وقهرهم واستصفى أموالهم واستباح كرامتهم، وجعل من هذا البلد الطيب دجاجة تبيض ذهبا للأجانب..
فجاء الاحتلال بنفسه، لما بدا أن النظام العميل على وشك السقوط..
وتلك كانت المرة الأولى في تاريخنا -ولم تكن الأخيرة- التي ترى فيها الأمة اتحاد الطغيان والاحتلال عليها.. وتستيقن بالتجربة والمعاناة أن الأنظمة الحاكمة هي أنظمة احتلال بالوكالة، وأنها مقدمة للاحتلال الأجنبي.. فالاحتلال هو سندها ودرعها وخط إمدادها..
وقد خاب قومٌ وتعسوا إذا اعتقدوا أن الأنظمة المعاصرة هي أنظمة وطنية ومستقلة.. وإن لم يستفيقوا قبل الاحتلال، فستأتيهم الاستفاقة بعد فوات الأوان.. ولو أني أقسم على الغيب لأقسمت أن منافقي الأنظمة اليوم، أولئك الذين يتحدثون عن الوطن والوطنية، هم الذين سيكونون منافقي الاحتلال غدا!!
في أسباب هزيمة الثورة العرابية وتداعياتها، وهل كان من أسبابها منشور العصيان الذي صدر عن السلطان العثماني.. يمكن إلقاء نظرة على هذه المقالات والمرئيات:
مقال | لهذا فشلت الثورة العرابية
https://melhamy.blogspot.com/2017/09/blog-post_6.html
مقالان | دروس من الثورة العرابية المهزومة
http://melhamy.blogspot.com.tr/2015/07/blog-post_4.html
http://melhamy.blogspot.com.tr/2015/07/blog-post_11.html
مقال | لماذا تخلى السلطان عبد الحميد عن أحمد عرابي ووصفه بالعاصي؟
melhamy.blogspot.com/2015/07/blog-post_21.html
دراسة | موقف السلطان عبد الحميد الثاني من الثورة العرابية
https://www.tg-me.com/kotob_elhamy/52 - المجلد 3/ 193 وما بعدها
مقال | مصانع الخيانة
https://melhamy.blogspot.com/2018/10/blog-post.html
مقال | رأي الغزالي في أحمد عرابي
http://melhamy.blogspot.com/2018/03/blog-post_7.html
مقال | معارك المصطلحات في الواقع الإسلامي
https://melhamy.blogspot.com/2015/09/blog-post_22.html
فيديو | ويبقى الأثر 2 | 15. مذكرات أحمد عرابي
https://youtu.be/aZWce3wLmJ0
- لماذا فكر أحمد عرابي في ردم قناة السويس.. هذه مقالات ودراسات في شؤم قناة السويس ولعنتها المستمرة منذ نحو قرنين حتى يومنا هذا
https://www.tg-me.com/kotob_elhamy/52 -
المجلد 1/ 261 وما بعدها
المجلد 3 / 387 وما بعدها.
وقد نزل الإنجليز لاحتلال مصر، بعد أن بدا أن الثورة العرابية المباركة ستطيح بنظام أسرة محمد علي، ذلك النظام الخائن التابع للأجانب، والذي أذلَّ المصريين وقهرهم واستصفى أموالهم واستباح كرامتهم، وجعل من هذا البلد الطيب دجاجة تبيض ذهبا للأجانب..
فجاء الاحتلال بنفسه، لما بدا أن النظام العميل على وشك السقوط..
وتلك كانت المرة الأولى في تاريخنا -ولم تكن الأخيرة- التي ترى فيها الأمة اتحاد الطغيان والاحتلال عليها.. وتستيقن بالتجربة والمعاناة أن الأنظمة الحاكمة هي أنظمة احتلال بالوكالة، وأنها مقدمة للاحتلال الأجنبي.. فالاحتلال هو سندها ودرعها وخط إمدادها..
وقد خاب قومٌ وتعسوا إذا اعتقدوا أن الأنظمة المعاصرة هي أنظمة وطنية ومستقلة.. وإن لم يستفيقوا قبل الاحتلال، فستأتيهم الاستفاقة بعد فوات الأوان.. ولو أني أقسم على الغيب لأقسمت أن منافقي الأنظمة اليوم، أولئك الذين يتحدثون عن الوطن والوطنية، هم الذين سيكونون منافقي الاحتلال غدا!!
في أسباب هزيمة الثورة العرابية وتداعياتها، وهل كان من أسبابها منشور العصيان الذي صدر عن السلطان العثماني.. يمكن إلقاء نظرة على هذه المقالات والمرئيات:
مقال | لهذا فشلت الثورة العرابية
https://melhamy.blogspot.com/2017/09/blog-post_6.html
مقالان | دروس من الثورة العرابية المهزومة
http://melhamy.blogspot.com.tr/2015/07/blog-post_4.html
http://melhamy.blogspot.com.tr/2015/07/blog-post_11.html
مقال | لماذا تخلى السلطان عبد الحميد عن أحمد عرابي ووصفه بالعاصي؟
melhamy.blogspot.com/2015/07/blog-post_21.html
دراسة | موقف السلطان عبد الحميد الثاني من الثورة العرابية
https://www.tg-me.com/kotob_elhamy/52 - المجلد 3/ 193 وما بعدها
مقال | مصانع الخيانة
https://melhamy.blogspot.com/2018/10/blog-post.html
مقال | رأي الغزالي في أحمد عرابي
http://melhamy.blogspot.com/2018/03/blog-post_7.html
مقال | معارك المصطلحات في الواقع الإسلامي
https://melhamy.blogspot.com/2015/09/blog-post_22.html
فيديو | ويبقى الأثر 2 | 15. مذكرات أحمد عرابي
https://youtu.be/aZWce3wLmJ0
- لماذا فكر أحمد عرابي في ردم قناة السويس.. هذه مقالات ودراسات في شؤم قناة السويس ولعنتها المستمرة منذ نحو قرنين حتى يومنا هذا
https://www.tg-me.com/kotob_elhamy/52 -
المجلد 1/ 261 وما بعدها
المجلد 3 / 387 وما بعدها.
Forwarded from مجدي المغربي - فلسطين - قطاع غزة
درس مهم في مستقبل أفغانستان
محمد إلهامي - مجلة الصمود - إمارة أفغانستان الإسلامية - عدد سبتمبر 2025م.
أبدأ هذا المقال باعتذار لإخواني في الإمارة الإسلامية بأفغانستان، فلقد شغلتنا المصائب القريبة في مصر وفلسطين ومنطقتنا العربية عن متابعة أحوالهم والعناية بها على النحو اللائق. على أن لهذا النسيان جانب طيب، وهو ما لدينا من الثقة في قيادة هذا البلد، تلك القيادة التي أنجزت التحرير، وأنجزت معه معركة التفاوض.. ومن طبيعة المرء أن ينشغل عن الأمر الذي يتولاه الكفء ثقة فيه، ثم يذهب للاعتناء بالأمر الذي لا يجد الأكفاء!!
وقد بدأت بهذا الاعتذار، لأنني سأذكر في هذا المقال أمورًا لستُ أدري ماذا تكون سياسة الإمارة الإسلامية فيها: هل هم يعرفونها ويقومون بها، أم ثمة قصور في المعرفة أو في التطبيق. فإن كان الأمر على ما يرام فالحمد لله رب العالمين، وإن كانت الحاجة إليه قائمة، فتلك السطور هي أهم ما يرى مثلي أنها أمور أحق بالعناية بها.
لقد احتفلنا –وحق لنا الاحتفال- بالتحرر الأفغاني من الاحتلال الأجنبي، وقد مضى من الوقت ما يكفي لأن ننتقل من مقالات الاحتفاء والاحتفال إلى مقامات النصح والبيان، فالدين النصيحة، وهو واجبٌ علينا في كل وقت.
وإن من أشد ما أخشاه للتجربة الأفغانية، بل ولكل تجربة إسلامية أخرى أدركت التحرر، أن تذهب في اتجاه: بناء دولة حديثة مركزية، كما هو النموذج الشائع في العالم كله، وإن نموذج "الدولة الحديثة" هو نموذج شديد الإغراء لكل منتصر وزعيم، وذلك أنه يوافق لذة نفسه في تمكين سلطته، وهو يوافق النظام العالمي القائم، وقد يرى المنتصر المُحَرِّر أن إقامة هذا النموذج هو الذي يحقق بالفعل مصلحة البلد ويقيها أخطار التمزق والتفرق! وقد يجد في علماء المسلمين من يتقبل نموذج الدولة الحديثة هذا ويرى له تخريجا إسلاميا يجعله غير مخالف للدين.. وهكذا.
أريد أن أقول هنا إن من أعظم مزايا الإسلام، ومن أعظم معجزاته في بنائه لنظامه السياسي أنه كان ضد فكرة الدولة الحديثة ومنطقها، حتى قبل أن توجد هذه الفكرة في واقع الناس!
لقد حرص الإسلام على بناء سلطة قوية نعم، لكنها سلطة محدودة الصلاحيات، تهتم بجوانب الأمن والدفاع وما يتعلق بهما، وأما بقية الجوانب والأنشطة من الاقتصاد والتعليم والثقافة وغيرها، فهي من شأن المجتمع الذي ينطلق لخدمتها وإشباعها، فالسلطة لا تهيمن عليها ولا تتحكم فيها، إنما تدعمها وتراقبها.
ومن هاهنا اهتم الإسلام كثيرا بتقوية المجتمع وتمتينه وتعميق روابطه: روابط الإسلام والأرحام والجوار، وكانت عبادات الإسلام وشعائره وأحكامه ميدانا خصبا لتنمية هذه العلاقات وتقويتها، بحيث ينشط المجتمع من تلقاء نفسه ولا يكون رهينا بالسلطة!
إن شرح هذا يطول، ولعل من أراد الاستزادة أن يرجع إلى كتابيّ "منهج الإسلام في بناء المجتمع" و"سبيل الرشاد".
ومن أهم ثمرات هذا الوضع أن الحضارة الإسلامية واصلت ازدهارها حتى في أوقات ضعف السلطة أو انهيارها، ومن أهم الثمرات أيضا أن السلطة إذا انهارت كان المجتمع قادرا على مقاومة المحتل الأجنبي واستئناف مقاومة شعبية، كما أنه كان قادرا على تدبير شؤون نفسه وإدارتها بمعزل عن سلطة الاحتلال أو سلطة العملاء.
وتلك كانت العقدة التي واجهت الأمريكان في احتلال أفغانستان، والتي عبَّر عنها صُنَّاع القرار عندهم، إن قوة المجتمع وضعف السلطة الأفغانية جعل الاحتلال الأجنبي لا يعرف كيف يقضي على المقاومة، ولا كيف يمسك بخناق هذا الشعب الباسل، إن المقاومة روح عامة سارية، والشعب يمكنه أن يدير نفسه دون احتياج إلى السلطة، وبذلك فشلت محاولاتهم في إنشاء سلطة مركزية على نمط الدولة الحديثة، تلك السلطة التي تستطيع أن تكبل المجتمع وتقيده.
سأذكر بعض تلك الأقوال التي سجلوها بأنفسهم في كتبهم، لكي يطِّلع إخواننا الأفغان على أهمية هذا الأمر، ومن خلاله يطَّلعون على خطورة أن يذهبوا باتجاه إقامة دولة حديثة ذات سلطة مركزية مهيمنة، وذلك كي تبقى مسيرة بناء الحكم الجديد متسقة مع الإسلام أولا، ونافعا للشعب الأفغاني ثانيا، ومخالفة لهوى الأعداء ثالثا..
أوردت كونداليزا رايس –وقد شغلت منصبي وزير الخارجية ومستشارة الأمن القومي الأمريكي- في مذكراتها أن بول وولفوتيز، معاون وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد، اقترح أن يكون البدء بضرب العراق لا أفغانستان، مع أن العراق لا علاقة له بأحداث سبتمبر، والسبب في ذلك أن مواجهة جيش نظامي في العراق سيكون أسهل كثيرا، مما يمكن معه تحقيق نصر سهل وسريع تحتاجه المعنويات الأمريكية! لم يؤخذ برأيه في نهاية الأمر لأسباب سياسية، لكن الرجل قد كشف عن السرِّ، وهو السر الذي تحقق بالفعل كما نراه جميعا[1].
لقد كان تركيز الأمريكان، كما يقول روبرت جيتس الذي تولى منصبي مدير المخابرات الأمريكية ثم وزير الدفاع بعد رامسفيلد، هو: "في إنشاء حكومة مركزية قوية في بلد لم يسبق له عمليا أن كانت فيه حكومة"[2].
محمد إلهامي - مجلة الصمود - إمارة أفغانستان الإسلامية - عدد سبتمبر 2025م.
أبدأ هذا المقال باعتذار لإخواني في الإمارة الإسلامية بأفغانستان، فلقد شغلتنا المصائب القريبة في مصر وفلسطين ومنطقتنا العربية عن متابعة أحوالهم والعناية بها على النحو اللائق. على أن لهذا النسيان جانب طيب، وهو ما لدينا من الثقة في قيادة هذا البلد، تلك القيادة التي أنجزت التحرير، وأنجزت معه معركة التفاوض.. ومن طبيعة المرء أن ينشغل عن الأمر الذي يتولاه الكفء ثقة فيه، ثم يذهب للاعتناء بالأمر الذي لا يجد الأكفاء!!
وقد بدأت بهذا الاعتذار، لأنني سأذكر في هذا المقال أمورًا لستُ أدري ماذا تكون سياسة الإمارة الإسلامية فيها: هل هم يعرفونها ويقومون بها، أم ثمة قصور في المعرفة أو في التطبيق. فإن كان الأمر على ما يرام فالحمد لله رب العالمين، وإن كانت الحاجة إليه قائمة، فتلك السطور هي أهم ما يرى مثلي أنها أمور أحق بالعناية بها.
لقد احتفلنا –وحق لنا الاحتفال- بالتحرر الأفغاني من الاحتلال الأجنبي، وقد مضى من الوقت ما يكفي لأن ننتقل من مقالات الاحتفاء والاحتفال إلى مقامات النصح والبيان، فالدين النصيحة، وهو واجبٌ علينا في كل وقت.
وإن من أشد ما أخشاه للتجربة الأفغانية، بل ولكل تجربة إسلامية أخرى أدركت التحرر، أن تذهب في اتجاه: بناء دولة حديثة مركزية، كما هو النموذج الشائع في العالم كله، وإن نموذج "الدولة الحديثة" هو نموذج شديد الإغراء لكل منتصر وزعيم، وذلك أنه يوافق لذة نفسه في تمكين سلطته، وهو يوافق النظام العالمي القائم، وقد يرى المنتصر المُحَرِّر أن إقامة هذا النموذج هو الذي يحقق بالفعل مصلحة البلد ويقيها أخطار التمزق والتفرق! وقد يجد في علماء المسلمين من يتقبل نموذج الدولة الحديثة هذا ويرى له تخريجا إسلاميا يجعله غير مخالف للدين.. وهكذا.
أريد أن أقول هنا إن من أعظم مزايا الإسلام، ومن أعظم معجزاته في بنائه لنظامه السياسي أنه كان ضد فكرة الدولة الحديثة ومنطقها، حتى قبل أن توجد هذه الفكرة في واقع الناس!
لقد حرص الإسلام على بناء سلطة قوية نعم، لكنها سلطة محدودة الصلاحيات، تهتم بجوانب الأمن والدفاع وما يتعلق بهما، وأما بقية الجوانب والأنشطة من الاقتصاد والتعليم والثقافة وغيرها، فهي من شأن المجتمع الذي ينطلق لخدمتها وإشباعها، فالسلطة لا تهيمن عليها ولا تتحكم فيها، إنما تدعمها وتراقبها.
ومن هاهنا اهتم الإسلام كثيرا بتقوية المجتمع وتمتينه وتعميق روابطه: روابط الإسلام والأرحام والجوار، وكانت عبادات الإسلام وشعائره وأحكامه ميدانا خصبا لتنمية هذه العلاقات وتقويتها، بحيث ينشط المجتمع من تلقاء نفسه ولا يكون رهينا بالسلطة!
إن شرح هذا يطول، ولعل من أراد الاستزادة أن يرجع إلى كتابيّ "منهج الإسلام في بناء المجتمع" و"سبيل الرشاد".
ومن أهم ثمرات هذا الوضع أن الحضارة الإسلامية واصلت ازدهارها حتى في أوقات ضعف السلطة أو انهيارها، ومن أهم الثمرات أيضا أن السلطة إذا انهارت كان المجتمع قادرا على مقاومة المحتل الأجنبي واستئناف مقاومة شعبية، كما أنه كان قادرا على تدبير شؤون نفسه وإدارتها بمعزل عن سلطة الاحتلال أو سلطة العملاء.
وتلك كانت العقدة التي واجهت الأمريكان في احتلال أفغانستان، والتي عبَّر عنها صُنَّاع القرار عندهم، إن قوة المجتمع وضعف السلطة الأفغانية جعل الاحتلال الأجنبي لا يعرف كيف يقضي على المقاومة، ولا كيف يمسك بخناق هذا الشعب الباسل، إن المقاومة روح عامة سارية، والشعب يمكنه أن يدير نفسه دون احتياج إلى السلطة، وبذلك فشلت محاولاتهم في إنشاء سلطة مركزية على نمط الدولة الحديثة، تلك السلطة التي تستطيع أن تكبل المجتمع وتقيده.
سأذكر بعض تلك الأقوال التي سجلوها بأنفسهم في كتبهم، لكي يطِّلع إخواننا الأفغان على أهمية هذا الأمر، ومن خلاله يطَّلعون على خطورة أن يذهبوا باتجاه إقامة دولة حديثة ذات سلطة مركزية مهيمنة، وذلك كي تبقى مسيرة بناء الحكم الجديد متسقة مع الإسلام أولا، ونافعا للشعب الأفغاني ثانيا، ومخالفة لهوى الأعداء ثالثا..
أوردت كونداليزا رايس –وقد شغلت منصبي وزير الخارجية ومستشارة الأمن القومي الأمريكي- في مذكراتها أن بول وولفوتيز، معاون وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد، اقترح أن يكون البدء بضرب العراق لا أفغانستان، مع أن العراق لا علاقة له بأحداث سبتمبر، والسبب في ذلك أن مواجهة جيش نظامي في العراق سيكون أسهل كثيرا، مما يمكن معه تحقيق نصر سهل وسريع تحتاجه المعنويات الأمريكية! لم يؤخذ برأيه في نهاية الأمر لأسباب سياسية، لكن الرجل قد كشف عن السرِّ، وهو السر الذي تحقق بالفعل كما نراه جميعا[1].
لقد كان تركيز الأمريكان، كما يقول روبرت جيتس الذي تولى منصبي مدير المخابرات الأمريكية ثم وزير الدفاع بعد رامسفيلد، هو: "في إنشاء حكومة مركزية قوية في بلد لم يسبق له عمليا أن كانت فيه حكومة"[2].
والأمريكان يحبون تسمية الدولة غير المهيمنة على كل شيء باسم قبيح، "الدولة الفاشلة"، لا لكونها تفشل في خدمة شعبها، بل لكونها ثغرة في جدار النظام الأمني العالمي الذي يخدم أمريكا، تقول رايس: "تبين لنا أن الدول الضعيفة والفاشلة تشكل تهديدا أمنيا خطيرا على الولايات المتحدة. فهي لا تستطيع السيطرة على حدودها، وقد تصبح الملاذ الآمن للإرهابيين، لذلك فإن إعادة بنائها يشكل مهمة ضخمة وهامة في آن... ومع أن هذه الفرق (فرق الإعمار الإقليمي) كانت متنوعة التركيب والنشاط إلا أن لها جميعا هدفا واحدا، هو مد سلطة الحكومة الأفغانية المركزية"[3].
وهذه العبارة الأخيرة ذاتها يقولها أيضا روبرت جيتس، "كانت عشرات الدول والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية منخرطة في محاولة مساعدة الأفغان على تأسيس حكومة فاعلة"[4].
وقبيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان هنري كيسنجر متأسفا على الخطأ الذي قام به أوباما حين حدد مواعيد نهائية لانتهاء المهمة في أفغانستان، وذلك أن كيسنجر يرى أن هدفا مثل تأسيس حكومة مركزية في بيئة أفغانية هو شيء لا يمكن أن يُلتزَم فيه بالوقت، لكونه يحتاج أمدا طويلا.. والسبب في هذا أن أفغانستان لم تتعود على هذه الحكومة المركزية، يقول: "فقدنا التركيز الاستراتيجي. لقد أقنعنا أنفسنا أنه في نهاية المطاف، لا يمكن الحيلولة دون إعادة إنشاء القواعد الإرهابية إلا من خلال تحويل أفغانستان إلى دولة حديثة ذات مؤسسات ديمقراطية وحكومة تحكم البلاد بطريقة دستورية. ومثل هذا المشروع لا يمكن أن يكون له جدول زمني قابل للتوافق مع العمليات السياسية الأمريكية"، ويواصل قائلا: "إن بناء دولة ديمقراطية حديثة في أفغانستان، بحيث تسري أوامر الحكومة بشكل موحد في جميع أنحاء البلاد يعني ضمنا أن يكون هناك إطار زمني يمتد لسنوات عديدة، بل عقودا؛ وهذا ما يصطدم مع الطبيعة الجغرافية والعرقية الدينية لأفغانستان. لقد كان تناثر مناطق أفغانستان، وعدم إمكانية الوصول إليها وغياب السلطة المركزية هي على وجه التحديد التي جعلت منها قاعدة جذابة للشبكات الإرهابية في المقام الأول"[5].
وكان هنرى كيسنجر نفسه، حين بدا له الانسحاب الأمريكي وشيكا من أفغانستان، قد أراد تحريض سائر دول المنطقة ليكملوا هم ما فشل فيه الأمريكان، فنادى على باكستان وإيران وروسيا والصين، أن انهضوا للحفاظ على أمنكم بعد أن يرحل الأمريكان عن أفغانستان، فأنتم أشد حاجة من أمريكا إلى هذا الأمان[6].. وصدق الذي قال: برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين!
تحتاج التجارب الإسلامية اليوم إلى اجتهاد ذكي ومنضبط، يراعي تنزيل الشرع الإسلامي على أرض الواقع غير الإسلامي، وفي بيئة المنظومة الدولية التي شكلتها الهيمنة الكُفرية على العالم، فإنه لن يمكننا الانخلاع من العالم ولا من تقاليد الحكم فيه مرة واحدة، كذلك لن يمكننا تطبيق الإسلام كما كان في عهد النبي والراشدين دفعة واحدة. يجب على الأقل أن نعرف ماذا نريد وأن نحث السير إليه، حتى لو كانت الظروف لا تسمح بتطبيق ما نريد على النحو الذي نريد.
وفق الله رجال الإمارة الإسلامية لما فيه خير البلاد والعباد.. وأسأل الله تعالى كما أيدهم بالنصر على أعدائه وأعدائهم أن يؤيدهم بالنصر على أنفسهم وأن يستعملهم في مرضاته وأن يُمَكِّن لهم خير ما يمكن به لعباده الصالحين.
-------
[1] كونداليزا رايس، أسمى مراتب الشرف، ص114، وما بعدها.
[2] روبرت جيتس، الواجب، ص238.
[3] كونداليزا رايس، أسمى مراتب الشرف، ص139.
[4] روبرت جيتس، الواجب، ص248.
[5] مقال هنري كيسنجر في الإيكونوميست بتاريخ 25 أغسطس 2021م.
[6] هنري كيسنجر، النظام العالمي، ص313، 314.
وهذه العبارة الأخيرة ذاتها يقولها أيضا روبرت جيتس، "كانت عشرات الدول والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية منخرطة في محاولة مساعدة الأفغان على تأسيس حكومة فاعلة"[4].
وقبيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان هنري كيسنجر متأسفا على الخطأ الذي قام به أوباما حين حدد مواعيد نهائية لانتهاء المهمة في أفغانستان، وذلك أن كيسنجر يرى أن هدفا مثل تأسيس حكومة مركزية في بيئة أفغانية هو شيء لا يمكن أن يُلتزَم فيه بالوقت، لكونه يحتاج أمدا طويلا.. والسبب في هذا أن أفغانستان لم تتعود على هذه الحكومة المركزية، يقول: "فقدنا التركيز الاستراتيجي. لقد أقنعنا أنفسنا أنه في نهاية المطاف، لا يمكن الحيلولة دون إعادة إنشاء القواعد الإرهابية إلا من خلال تحويل أفغانستان إلى دولة حديثة ذات مؤسسات ديمقراطية وحكومة تحكم البلاد بطريقة دستورية. ومثل هذا المشروع لا يمكن أن يكون له جدول زمني قابل للتوافق مع العمليات السياسية الأمريكية"، ويواصل قائلا: "إن بناء دولة ديمقراطية حديثة في أفغانستان، بحيث تسري أوامر الحكومة بشكل موحد في جميع أنحاء البلاد يعني ضمنا أن يكون هناك إطار زمني يمتد لسنوات عديدة، بل عقودا؛ وهذا ما يصطدم مع الطبيعة الجغرافية والعرقية الدينية لأفغانستان. لقد كان تناثر مناطق أفغانستان، وعدم إمكانية الوصول إليها وغياب السلطة المركزية هي على وجه التحديد التي جعلت منها قاعدة جذابة للشبكات الإرهابية في المقام الأول"[5].
وكان هنرى كيسنجر نفسه، حين بدا له الانسحاب الأمريكي وشيكا من أفغانستان، قد أراد تحريض سائر دول المنطقة ليكملوا هم ما فشل فيه الأمريكان، فنادى على باكستان وإيران وروسيا والصين، أن انهضوا للحفاظ على أمنكم بعد أن يرحل الأمريكان عن أفغانستان، فأنتم أشد حاجة من أمريكا إلى هذا الأمان[6].. وصدق الذي قال: برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين!
تحتاج التجارب الإسلامية اليوم إلى اجتهاد ذكي ومنضبط، يراعي تنزيل الشرع الإسلامي على أرض الواقع غير الإسلامي، وفي بيئة المنظومة الدولية التي شكلتها الهيمنة الكُفرية على العالم، فإنه لن يمكننا الانخلاع من العالم ولا من تقاليد الحكم فيه مرة واحدة، كذلك لن يمكننا تطبيق الإسلام كما كان في عهد النبي والراشدين دفعة واحدة. يجب على الأقل أن نعرف ماذا نريد وأن نحث السير إليه، حتى لو كانت الظروف لا تسمح بتطبيق ما نريد على النحو الذي نريد.
وفق الله رجال الإمارة الإسلامية لما فيه خير البلاد والعباد.. وأسأل الله تعالى كما أيدهم بالنصر على أعدائه وأعدائهم أن يؤيدهم بالنصر على أنفسهم وأن يستعملهم في مرضاته وأن يُمَكِّن لهم خير ما يمكن به لعباده الصالحين.
-------
[1] كونداليزا رايس، أسمى مراتب الشرف، ص114، وما بعدها.
[2] روبرت جيتس، الواجب، ص238.
[3] كونداليزا رايس، أسمى مراتب الشرف، ص139.
[4] روبرت جيتس، الواجب، ص248.
[5] مقال هنري كيسنجر في الإيكونوميست بتاريخ 25 أغسطس 2021م.
[6] هنري كيسنجر، النظام العالمي، ص313، 314.