مقالات مختارة
Photo
يرى أوموت بارماكسيز الباحث في جامعة بريستول أن تركيا لم تكن يوما مجتمعا علمانيا تماما، ولم يسبق أن سيطرت عليها الأفكار الإلحادية أو المادية، بل على النقيض، أصبحت تركيا تدريجيا أكثر تدينا خلال العقدين الأخيرين، وهي العملية التي بدأت بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002.
ورغم صوابية هذه الملاحظة التي دوّنها الباحث، إلا أن ذلك لا يعني ارتباط تدين الشعب التركي بتوجهات القيادة ارتباطا طرديا، لأن الشعب كان ولا يزال يعرف نفسه باعتبار شعب مسلم مؤمن، وقد أظهر استطلاع القيم العالمية في تركيا قبل عامين أن حوالي 96% من الشعب التركي يعرفون أنفسهم على أنهم مسلمون أو مؤمنون.
لكن مظاهر التدين كانت في تزايد مستمر حتى قبل وصول الحزب إلى الحكم، حيث أظهر استطلاع القيم العالمية ارتفاع نسبة الأتراك الذين يعتقدون أهمية الدين في الحياة بشكل كبير في السنوات التي سبقت صعود الحزب إلى السلطة.
وتعتبر معركة الحجاب التي ناضلت فيها حكومة العدالة والتنمية ومؤيدوها ضد التيار العلماني، أبرز الميادين التي أظهرت انتصار إسلامية الشعب التركي على علمانيته، بعد أن كان رئيس الوزراء نفسه لا تستطيع ابنته دخول الجامعة بالحجاب.
لكنه نظرا لضعف الثقافة الإسلامية بعد عقود من تهميش دور العلم والعلماء، قد أوجدت العلمانية لنفسها موضعا فيما يختص بالنظر إلى القرآن باعتباره مصدرا واجبا للدستور والقوانين، وفيما يتعلق كذلك بالسلوكيات العامة لدى الطبقات الأرستقراطية، كالفطر في نهار رمضان.
الحكومة التركية ذات الجذور الإسلامية، لا تعبأ كثيرا بالتوصيف، فربما طرحت نفسها باعتبارها علمانية محافظة منعا للاصطدام بدستور الدولة الذي وُضع على أسس علمانية، لكنها في واقع الحياة تعمل على أسلمة الحياة في تركيا، بربطها بالتراث العثماني المرتكز أساسا على الفكرة الإسلامية، ذلك لأن الإسلام يمثل الهوية الثقافية للشعب التركي، والعبث في تلك الهوية واستبدالها بهوية تغريبية لا تتفق وثقافة ذلك الشعب، سيكون عائقا أمام أي مشروع نهضوي. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
https://www.tg-me.com/menoathgafi
ورغم صوابية هذه الملاحظة التي دوّنها الباحث، إلا أن ذلك لا يعني ارتباط تدين الشعب التركي بتوجهات القيادة ارتباطا طرديا، لأن الشعب كان ولا يزال يعرف نفسه باعتبار شعب مسلم مؤمن، وقد أظهر استطلاع القيم العالمية في تركيا قبل عامين أن حوالي 96% من الشعب التركي يعرفون أنفسهم على أنهم مسلمون أو مؤمنون.
لكن مظاهر التدين كانت في تزايد مستمر حتى قبل وصول الحزب إلى الحكم، حيث أظهر استطلاع القيم العالمية ارتفاع نسبة الأتراك الذين يعتقدون أهمية الدين في الحياة بشكل كبير في السنوات التي سبقت صعود الحزب إلى السلطة.
وتعتبر معركة الحجاب التي ناضلت فيها حكومة العدالة والتنمية ومؤيدوها ضد التيار العلماني، أبرز الميادين التي أظهرت انتصار إسلامية الشعب التركي على علمانيته، بعد أن كان رئيس الوزراء نفسه لا تستطيع ابنته دخول الجامعة بالحجاب.
لكنه نظرا لضعف الثقافة الإسلامية بعد عقود من تهميش دور العلم والعلماء، قد أوجدت العلمانية لنفسها موضعا فيما يختص بالنظر إلى القرآن باعتباره مصدرا واجبا للدستور والقوانين، وفيما يتعلق كذلك بالسلوكيات العامة لدى الطبقات الأرستقراطية، كالفطر في نهار رمضان.
الحكومة التركية ذات الجذور الإسلامية، لا تعبأ كثيرا بالتوصيف، فربما طرحت نفسها باعتبارها علمانية محافظة منعا للاصطدام بدستور الدولة الذي وُضع على أسس علمانية، لكنها في واقع الحياة تعمل على أسلمة الحياة في تركيا، بربطها بالتراث العثماني المرتكز أساسا على الفكرة الإسلامية، ذلك لأن الإسلام يمثل الهوية الثقافية للشعب التركي، والعبث في تلك الهوية واستبدالها بهوية تغريبية لا تتفق وثقافة ذلك الشعب، سيكون عائقا أمام أي مشروع نهضوي. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
https://www.tg-me.com/menoathgafi
Telegram
مقالات مختارة
" رُبّ مقال كانت فائدته بوزن كتاب "
مقالات مختارة
Photo
.
يصر العلماني العربي على وصف العرب و المسلمين انهم مكبوتين جنسيا و همجيين و رعاع بالمقارنة مع ما وصل اليه الغرب من حضارة و رقي -_- . لكن هل يعلم العلماني العربي ان 17 ولاية أمريكية تبيح الجنس مع الحيوانات !! في #الدنمارك كانت هناك حانات لممارسة الجنس مع الحيوانات ، حتى تم تشريع قانون يجرم ممارسة الجنس مع الحيوانات في نهاية 2015 بعد تزايد الشكاوى من جمعيات حقوق الحيوان التي اعتبرت ممارسة الجنس مع الحيوان انتهاك لحقوقه وخصوصيته
في 2011 في الدانمارك 17% من مالكي الحيوانات الأليفة أقروا بممارسة الجنس معها، سواء كان كلبا أو قطة او حيوان بهيمي آخر !!!!! ظل ممارسة الجنس مع الحيوانات مباحا في #السويد حتى سنة 2014، وتم تجريمه لاحقا بعد تزايد حالات "اغتصاب الحيوانات" وما تلاها من حملة الدعاية السلبية التي قامت بها جمعيات حقوق الحيوان .
العديد من حالات الجنس مع الحيوان تؤدي إلى وفاة أحد الطرفين إما الإنسان (رجلا أو امرأة) أو الحيوان ، خاصة عند وصول الإنسان إلى حد من العنف والعصبية للسيطرة على الحيوان جنسيا فيقوم بقتله
في #ألمانيا أصبح ممارسة الجنس مع الحيوانات "أسلوب حياة" معتاد ومقبول في المجتمع
منتدى أمريكي واحد فقط من منتديات "البورنو بالحيوانات" لديه مليون ونصف مشترك
ويشاهده يوميا نحو 10 آلاف مشاهد من غير المشتركين وفيه 10 مليون ونصف مادة مصورة لإنسان مع حيوان أو العكس في وضع جنسي و أكبر عدد زوار لديه من أمريكا و #أستراليا وألمانيا و #بريطانيا و #كندا .
قال تعالى : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا )
وقال تعالى : (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ )
وقال تعالى: ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ )
وقال تعالى: ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ )
.
.
يصر العلماني العربي على وصف العرب و المسلمين انهم مكبوتين جنسيا و همجيين و رعاع بالمقارنة مع ما وصل اليه الغرب من حضارة و رقي -_- . لكن هل يعلم العلماني العربي ان 17 ولاية أمريكية تبيح الجنس مع الحيوانات !! في #الدنمارك كانت هناك حانات لممارسة الجنس مع الحيوانات ، حتى تم تشريع قانون يجرم ممارسة الجنس مع الحيوانات في نهاية 2015 بعد تزايد الشكاوى من جمعيات حقوق الحيوان التي اعتبرت ممارسة الجنس مع الحيوان انتهاك لحقوقه وخصوصيته
في 2011 في الدانمارك 17% من مالكي الحيوانات الأليفة أقروا بممارسة الجنس معها، سواء كان كلبا أو قطة او حيوان بهيمي آخر !!!!! ظل ممارسة الجنس مع الحيوانات مباحا في #السويد حتى سنة 2014، وتم تجريمه لاحقا بعد تزايد حالات "اغتصاب الحيوانات" وما تلاها من حملة الدعاية السلبية التي قامت بها جمعيات حقوق الحيوان .
العديد من حالات الجنس مع الحيوان تؤدي إلى وفاة أحد الطرفين إما الإنسان (رجلا أو امرأة) أو الحيوان ، خاصة عند وصول الإنسان إلى حد من العنف والعصبية للسيطرة على الحيوان جنسيا فيقوم بقتله
في #ألمانيا أصبح ممارسة الجنس مع الحيوانات "أسلوب حياة" معتاد ومقبول في المجتمع
منتدى أمريكي واحد فقط من منتديات "البورنو بالحيوانات" لديه مليون ونصف مشترك
ويشاهده يوميا نحو 10 آلاف مشاهد من غير المشتركين وفيه 10 مليون ونصف مادة مصورة لإنسان مع حيوان أو العكس في وضع جنسي و أكبر عدد زوار لديه من أمريكا و #أستراليا وألمانيا و #بريطانيا و #كندا .
قال تعالى : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا )
وقال تعالى : (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ )
وقال تعالى: ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ )
وقال تعالى: ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ )
.
.
📝الثيرانُ والضفادع!*
✍بقلم : أدهم شرقاوي
يروي "إيسوب"، فيلسوفُ الإغريقِ الشهير، في كتابه "خُرافات" أنَّ ثورين قررا أن يكون بينهما نِزال ومبارزة، يَحظى فيها الثورُ الفائزُ على أجملِ بقرةٍ في القطيع، وتكونُ له السيادة على الحقلِ بأكمله.
وقبلَ أن يبدأَ النِّزالُ قالتْ ضفدعة: يا لتعسنا نحن!
فقالتْ لها ضفدعة تقفُ بجوارها: وما شأننا نحن بهذا النِزال؟
فقالتْ لها: إذا انتهتْ المُبارزة سيُنفى الثورُ الخاسرُ من مرجِهِ الأخضر، ويأتي إلينا ليأكل من القصبِ في المُستنقع، ويدوس علينا بأظلافه، ويسحقنا ضفدعاً بعد ضفدع، ولن يكونَ مهرُ البقرةِ العروس في النهاية إلا لحمنا ودمنا!
وتحققتْ نُبوءة الضفدعة، لقد انسحبَ الثورُ المهزومُ ليُخفي عارَ هزيمته، إلى موطنِ الضفادعِ الآمنة، وراحَ يسحقُها في كلِّ ساعة!
المساكينُ دوماً يدفعون ثمنَ صراعِ الأقوياءِ الذي هو أساساً صراعٌ على النفوذ! يُخيَّلُ إليَّ أن العقلَ البشري لا يستطيع أن يملكَ مدفعاً دون أن يُفكرَ كيف يجعلُ مناطقَ سيطرته ونفوذه حيث تستطيعُ نيرانُ مدفعيته أن تصل!
ولكن لو أردنا أن نُخرِجَ مفهومَ أن البسطاء دوماً يدفعون الثمنَ من عباءةِ السياسةِ والصراعاتِ إلى عباءةِ الحياةِ العاديةِ لصحَّ ذلكَ قطعاً!
في الطلاقِ مثلاً الخاسر الأكبر هُم الأبناء، وللأسف هُم الطرف الذي لم يخُضْ صراعَ شخصين راشدين، ولكنهم أكثر الأطرافِ تضرُّراً، رغم أنهم أشبه بجمهورِ كرةِ القدمِ الذي شاهدَ مباراةً بين فريقين ثم كان عليه أن يتحملَ نتائجَ لعبٍ سيّءٍ لم يشتركوا به!
https://www.tg-me.com/menoathgafi
✍بقلم : أدهم شرقاوي
يروي "إيسوب"، فيلسوفُ الإغريقِ الشهير، في كتابه "خُرافات" أنَّ ثورين قررا أن يكون بينهما نِزال ومبارزة، يَحظى فيها الثورُ الفائزُ على أجملِ بقرةٍ في القطيع، وتكونُ له السيادة على الحقلِ بأكمله.
وقبلَ أن يبدأَ النِّزالُ قالتْ ضفدعة: يا لتعسنا نحن!
فقالتْ لها ضفدعة تقفُ بجوارها: وما شأننا نحن بهذا النِزال؟
فقالتْ لها: إذا انتهتْ المُبارزة سيُنفى الثورُ الخاسرُ من مرجِهِ الأخضر، ويأتي إلينا ليأكل من القصبِ في المُستنقع، ويدوس علينا بأظلافه، ويسحقنا ضفدعاً بعد ضفدع، ولن يكونَ مهرُ البقرةِ العروس في النهاية إلا لحمنا ودمنا!
وتحققتْ نُبوءة الضفدعة، لقد انسحبَ الثورُ المهزومُ ليُخفي عارَ هزيمته، إلى موطنِ الضفادعِ الآمنة، وراحَ يسحقُها في كلِّ ساعة!
المساكينُ دوماً يدفعون ثمنَ صراعِ الأقوياءِ الذي هو أساساً صراعٌ على النفوذ! يُخيَّلُ إليَّ أن العقلَ البشري لا يستطيع أن يملكَ مدفعاً دون أن يُفكرَ كيف يجعلُ مناطقَ سيطرته ونفوذه حيث تستطيعُ نيرانُ مدفعيته أن تصل!
ولكن لو أردنا أن نُخرِجَ مفهومَ أن البسطاء دوماً يدفعون الثمنَ من عباءةِ السياسةِ والصراعاتِ إلى عباءةِ الحياةِ العاديةِ لصحَّ ذلكَ قطعاً!
في الطلاقِ مثلاً الخاسر الأكبر هُم الأبناء، وللأسف هُم الطرف الذي لم يخُضْ صراعَ شخصين راشدين، ولكنهم أكثر الأطرافِ تضرُّراً، رغم أنهم أشبه بجمهورِ كرةِ القدمِ الذي شاهدَ مباراةً بين فريقين ثم كان عليه أن يتحملَ نتائجَ لعبٍ سيّءٍ لم يشتركوا به!
https://www.tg-me.com/menoathgafi
Telegram
مقالات مختارة
" رُبّ مقال كانت فائدته بوزن كتاب "
#تغريدات_ساخنة
كائنات مطاطية!
الذين خانوا جمهورية 26 سبتمبر في 2014 وأعادوا الإمامة بوقاحة أصبحوا يدّعون اليوم أنهم هُمُ الجمهوريون! وبنفس الحماس والوقاحة يزعمون أنهم وحدهم يمثلون 26 سبتمبر!
لم يندموا أو يتغيروا حتى اللحظة!
بل إنهم اليوم يناصبون العداء كل من وقف ضد الحوثي!
كائنات مطاطية لانظير لها في أيّ بلد عربي أو أجنبي!
✍ خالد الرويشان
https://www.tg-me.com/menoathgafi
كائنات مطاطية!
الذين خانوا جمهورية 26 سبتمبر في 2014 وأعادوا الإمامة بوقاحة أصبحوا يدّعون اليوم أنهم هُمُ الجمهوريون! وبنفس الحماس والوقاحة يزعمون أنهم وحدهم يمثلون 26 سبتمبر!
لم يندموا أو يتغيروا حتى اللحظة!
بل إنهم اليوم يناصبون العداء كل من وقف ضد الحوثي!
كائنات مطاطية لانظير لها في أيّ بلد عربي أو أجنبي!
✍ خالد الرويشان
https://www.tg-me.com/menoathgafi
Telegram
مقالات مختارة
" رُبّ مقال كانت فائدته بوزن كتاب "
مقالات مختارة
Photo
#ثورة ٢٦سبتمبر بين رِبقات العبودية وقلائد الحرية!
#اد_فؤاد_البنا
في ليلة ٢٦ سبتمبر من عام ١٩٦٢م اندلعت ثورة عظيمة باركها رب السماء الذي لا يرضى بالظلم ولم يأذن بالقهر؛ حيث انطلقت لتُحرر ملايين اليمنيين من أغلال الاستعباد السلالي المقيت وتنقذهم من أدعياء الحق الإلهي المزعوم تحت شعارات ودعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، فنزعت هذه الثورة من أعناقهم ربقات العبودية وعلّقت عليها قلائد الحرية، وطرحت من فوق رؤوسهم أوقار الذل واضعة بدلا عنها تيجان الكرامة.
وقد اجتهد قادة الثورة ورواد الحرية وجاهدوا في كل سبيل، من أجل أن تخرجهم هذه الثورة المباركة من غياهب الجهل إلى أنوار المعرفة، وتنتشلهم من قيعان الهوان إلى فراقد العزة، وناضلوا من أجل أن تستنقذهم من براثن الفقر وتبعدهم عن أوجاع المرض، مرتقية بهم في آفاق الصحة وقمم الحياة الكريمة.
وبحمد الله تعالى وتوفيقه، فقد أنجزت الثورة الأدبيات النظرية المطلوبة لتحقيق تلك الغاية العظيمة، وهي الدساتير والقوانين والمناهج والمواثيق، وقطعت في الجانب العملي أشواطا مهمة، مقارنة بما كان عليه الحال قبل الثورة، فقد كانت اليمن تعيش في عصور ما قبل التاريخ كما شهد كل من عرف الأوضاع عن كثب من غير اليمنيين، غير أن الوضع ظل دون ما ينبغي أن يكون عليه الحال بكثير، وذلك بفعل عوامل عديدة تتراوح بين الموضوعية والذاتية، وتتوزع مسؤوليتها بين الخارج والداخل.
وتتمثل العوامل الذاتية في عدد غير قليل من صور القصور والتقصير التي شابت عمل الثوار، وظهرت في سياسات من أمسك السلطة بعدهم، وبعضهم ممن لا خلاق لهم ولا يهمهم إلا ملئ جيوبهم، وقد تضافرت هذه العوامل الذاتية لتفتح، من غير وعي أصحابها، مجموعة من الثقوب في حوائط الوطن اليمني، مما أدى إلى تسلّل ثعالب الإمامة الحوثية إلى داخل حصون الجمهورية، وهي الثعالب التي انقلبت إلى ذئاب مفترسة ووحوش ضارية بعد انقلابها على الشرعية الثورية والدستورية ومكتسبات اليمنيين خلال نصف قرن.
وللأسف الشديد فقد ساعد هؤلاء المتوحشين في افتراس ضحاياهم ضعفُ المناعة الثقافية والوطنية عند أعداد وفيرة من المصابين بآفة الأمية الأبجدية والفكرية من عامة اليمنيين ولا سيما وسط القبائل في شمال الشمال، بجانب ندرة الحُرّاس المرابطين في ثغور الفكر والثقافة، فقد ظن الوطنيون لغفلتهم عن سنن التغيير، أن التأريخ قد انتهى وأن الحق قد انتصر إلى الأبد، وأن الإماميين لن تقوم لهم قائمة بعد أن نجحت ثورة سبتمبر وفضحت كهنوتهم ورفعوا من مستوى اليمنيين؛ فتوقفّوا _أي الوطنيون الأحرار__ عن بَثّ الفكر وصناعة الوعي، وبدلاً عن تفجير ثورة ثقافية ترتقي بالعقول وتوسع مساحات الوعي، انشغلت النخب الثقافية بممارسة اللعَب السياسية ووضع المتاريس في طرق بعضها، وأشعلت بعض القوى حروباً باردة ضد بعضها، وكانت تتطور في بعض الأحيان إلى مواجهات مسلّحة دامية؛ مما أدى إلى اتساع مساحات الجهل والفقر في العقدين الأخيرين، وتسبب ذلك في وقوع أعداد غير قليلة من اليمنيين في حبائل الفكر السلالي الطائفي، بتحريض ودعم من قوى إقليمية ودولية لا تريد لليمن الاستقرار ولا تستسيغ قيام نظام جمهوري حقيقي يستظل تحت راية الدستور ولا ينحرف عن جادة القانون، ويتكئ على الشورى ويستفيد من الديمقراطية، ويبسط العدل ويحقق المواطنة المتساوية، ويقدس الحقوق والحريات لجميع المواطنين .
وفي مثل هذه المناسبة ينبغي أن يتداعى كافة الأحرار والعقلاء، وأن يتنادى أهل العلم والثقافة للتعاهد العملي على التعاون والتآزر في إطلاق ثورة وعي كبرى تؤدي إلى إرساء قيم الحرية والعلم والعدالة والمساواة والوحدة والأمن في العقول والقلوب، وتجفيف منابع العبودية والظلم والجهل والفقر وسائر أشكال التفرقة العنصرية والطائفية والطبقية والجهوية، إن لم يكن من منظور القيم التي تدعو لها ثورة ٢٦ سبتمبر فمن زاوية مواجهة العدو المشترك الذي يتربص بجميع اليمنيين الدوائر ويشيع فيهم الفتنة وينشر الفساد ويرفع في وجوههم السلاح، مغتصباً للأرض والأموال والسلطة ومُصادراً للحرية والعزة والكرامة.
https://www.tg-me.com/menoathgafi
#اد_فؤاد_البنا
في ليلة ٢٦ سبتمبر من عام ١٩٦٢م اندلعت ثورة عظيمة باركها رب السماء الذي لا يرضى بالظلم ولم يأذن بالقهر؛ حيث انطلقت لتُحرر ملايين اليمنيين من أغلال الاستعباد السلالي المقيت وتنقذهم من أدعياء الحق الإلهي المزعوم تحت شعارات ودعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، فنزعت هذه الثورة من أعناقهم ربقات العبودية وعلّقت عليها قلائد الحرية، وطرحت من فوق رؤوسهم أوقار الذل واضعة بدلا عنها تيجان الكرامة.
وقد اجتهد قادة الثورة ورواد الحرية وجاهدوا في كل سبيل، من أجل أن تخرجهم هذه الثورة المباركة من غياهب الجهل إلى أنوار المعرفة، وتنتشلهم من قيعان الهوان إلى فراقد العزة، وناضلوا من أجل أن تستنقذهم من براثن الفقر وتبعدهم عن أوجاع المرض، مرتقية بهم في آفاق الصحة وقمم الحياة الكريمة.
وبحمد الله تعالى وتوفيقه، فقد أنجزت الثورة الأدبيات النظرية المطلوبة لتحقيق تلك الغاية العظيمة، وهي الدساتير والقوانين والمناهج والمواثيق، وقطعت في الجانب العملي أشواطا مهمة، مقارنة بما كان عليه الحال قبل الثورة، فقد كانت اليمن تعيش في عصور ما قبل التاريخ كما شهد كل من عرف الأوضاع عن كثب من غير اليمنيين، غير أن الوضع ظل دون ما ينبغي أن يكون عليه الحال بكثير، وذلك بفعل عوامل عديدة تتراوح بين الموضوعية والذاتية، وتتوزع مسؤوليتها بين الخارج والداخل.
وتتمثل العوامل الذاتية في عدد غير قليل من صور القصور والتقصير التي شابت عمل الثوار، وظهرت في سياسات من أمسك السلطة بعدهم، وبعضهم ممن لا خلاق لهم ولا يهمهم إلا ملئ جيوبهم، وقد تضافرت هذه العوامل الذاتية لتفتح، من غير وعي أصحابها، مجموعة من الثقوب في حوائط الوطن اليمني، مما أدى إلى تسلّل ثعالب الإمامة الحوثية إلى داخل حصون الجمهورية، وهي الثعالب التي انقلبت إلى ذئاب مفترسة ووحوش ضارية بعد انقلابها على الشرعية الثورية والدستورية ومكتسبات اليمنيين خلال نصف قرن.
وللأسف الشديد فقد ساعد هؤلاء المتوحشين في افتراس ضحاياهم ضعفُ المناعة الثقافية والوطنية عند أعداد وفيرة من المصابين بآفة الأمية الأبجدية والفكرية من عامة اليمنيين ولا سيما وسط القبائل في شمال الشمال، بجانب ندرة الحُرّاس المرابطين في ثغور الفكر والثقافة، فقد ظن الوطنيون لغفلتهم عن سنن التغيير، أن التأريخ قد انتهى وأن الحق قد انتصر إلى الأبد، وأن الإماميين لن تقوم لهم قائمة بعد أن نجحت ثورة سبتمبر وفضحت كهنوتهم ورفعوا من مستوى اليمنيين؛ فتوقفّوا _أي الوطنيون الأحرار__ عن بَثّ الفكر وصناعة الوعي، وبدلاً عن تفجير ثورة ثقافية ترتقي بالعقول وتوسع مساحات الوعي، انشغلت النخب الثقافية بممارسة اللعَب السياسية ووضع المتاريس في طرق بعضها، وأشعلت بعض القوى حروباً باردة ضد بعضها، وكانت تتطور في بعض الأحيان إلى مواجهات مسلّحة دامية؛ مما أدى إلى اتساع مساحات الجهل والفقر في العقدين الأخيرين، وتسبب ذلك في وقوع أعداد غير قليلة من اليمنيين في حبائل الفكر السلالي الطائفي، بتحريض ودعم من قوى إقليمية ودولية لا تريد لليمن الاستقرار ولا تستسيغ قيام نظام جمهوري حقيقي يستظل تحت راية الدستور ولا ينحرف عن جادة القانون، ويتكئ على الشورى ويستفيد من الديمقراطية، ويبسط العدل ويحقق المواطنة المتساوية، ويقدس الحقوق والحريات لجميع المواطنين .
وفي مثل هذه المناسبة ينبغي أن يتداعى كافة الأحرار والعقلاء، وأن يتنادى أهل العلم والثقافة للتعاهد العملي على التعاون والتآزر في إطلاق ثورة وعي كبرى تؤدي إلى إرساء قيم الحرية والعلم والعدالة والمساواة والوحدة والأمن في العقول والقلوب، وتجفيف منابع العبودية والظلم والجهل والفقر وسائر أشكال التفرقة العنصرية والطائفية والطبقية والجهوية، إن لم يكن من منظور القيم التي تدعو لها ثورة ٢٦ سبتمبر فمن زاوية مواجهة العدو المشترك الذي يتربص بجميع اليمنيين الدوائر ويشيع فيهم الفتنة وينشر الفساد ويرفع في وجوههم السلاح، مغتصباً للأرض والأموال والسلطة ومُصادراً للحرية والعزة والكرامة.
https://www.tg-me.com/menoathgafi
Telegram
مقالات مختارة
" رُبّ مقال كانت فائدته بوزن كتاب "
مقالات مختارة
Photo
قبل قيام ثورة سبتمبر اليمنية في سبتمبر 1962 بسنتين كان الروس قد وصلوا القمر، فيما كان إمام اليمن وطاغيته يحيى حميدالدين يقول لشعبه إن الكرة الأرضية معلقة بقرن ثور، ويخفي مذياعه في سلة معلقة وسط الغرفة ويقول للناس أن هذا صوت الجن الذين يستطيع التحكم بهم، ويجلس على كرسي الخيزران الهزاز ويقول لهم تحركني الجن... ويصدقون!.. فكل فرد لا يعرف أكثر من قريته، وأكثرهم معرفة من زار عدن ورأى البحر.
وبعد ثورة سبتمبر ظل سكان العاصمة صنعاء لا يأكلون السمك لعدة أعوام باعتبارها "ديدان" لا يجوز أكلها، فالناس هنا في ظلام وظلم وعزلة كونية لا يعرفون من الدنيا غير الحقل والبهيمة وركبة مولانا الإمام التي يجب تقبيلها كركن لا يكتمل الإيمان إلا به.
كان الإمام أحمد قد أباح صنعاء للقبائل المتوحشة المحيطة بها 14 يوماً مقابل قضائهم على ثورة 48 الدستورية التي استفادت من مقتل والده الطاغية يحيى وأطاحت بحكم بيت حميدالدين ورممت البيت الإمامي من الداخل واستبقت حكم البطنين ونصبت عبدالله الوزير إماماً مع شيء من إصلاح أدوات الحكم، وفتح ثغرة بسيطة للحرية، ولأجل عودة سيف الإسلام أحمد أباح صنعاء لأهمج حملة قبلية في تاريخ اليمن، ومن يقرأ مذكرات الطبيبة الفرنسية "كلوديا فاين"، "كنت طبيبة في اليمن"، سيعرف فداحة المأساة وكيف هجمت قبائل محيط صنعاء على المدينة ونهبت كل شيء، باستثناء ملابس النساء!.
حتى النوافذ والأبواب نزعتها، وأوعية المطابخ والفراشات وملابس الأطفال والرجال والمواشي وحبوب الذرة سرقتها، وبعد أسبوعين من الهمجية والوحشية كانت صنعاء عبارة عن مساكن تنخرها الرياح، ليس في محلاتها شيء، وليس في بيوتها غير ملابس النساء، ولا تزال تلك الذاكرة السوداء هي ما يخيف أهالي صنعاء الآن من أي فلتان أمني، خوفاً من القبائل الموالية للحوثي.
في منتصف ستينيات القرن الماضي قال مغترب يمني أنه جاء من لندن إلى جدة بالطائرة، قبل أن يستقل سيارة إلى اليمن، وفي مجلس المقيل سأله الشيخ المتعالي ماذا يقصد بالطائرة؟!.. شرح له قصده ليكون جزاءه القتل الفوري لأنه "تعلم الطرطرة بالخارج وجاء يستهين بعقول الرجال.. كيف 200 نفر يركبوا داخل حديد يطير من لندن إلى جدة!".
كان آل أحفاد الرسي الذين تعاقبوا على حكم اليمن بالقوة المسلحة الطاغية قد تعمدوا عزل اليمن عن العالم، وتغييب اليمني عما حوله، حتى أقتنع أن كل ما في الخارج خرافة وانحراف عن الدين!.
المشترك في مسيرة كل طغاة الإمامة من يحيى الرسي "الإمام الهادي" إلى عبدالملك الحوثي عدائهم الشديد لمنابر التنوير وفي مقدمتها المدارس والمساجد، والتحدث مع الشعب باستخفاف وبخل شديد، وتعمد سياسة التجويع وتعالي النسب، فالإمام يحيى الذي سرق كل خيرات البلاد وامتلك في جيبه كثير من أوقاف جبال ووديان اليمن، ترك الناس تموت جوعاً رافضاً أن يخرج لهم شيء من حبوب الذرة التي فسدت في مخازنه، وفي عهده عرف اليمن أسوء مجاعة في تاريخه.
وحين جاءت ثورة سبتمبر 1962 كان عدد المدارس النظامية في اليمن "صفر".. فالتعليم هو العدو الذي يجب تحييده.
يكرر التاريخ مأساته، ولا تزال ذاكرة اليمنيين خضراء طرية تتذكر كل جرائم أئمة اليمن خلال ألف عام، وتجد أن كل ما يفعله الحوثي اليوم هو تكرار لجرائم أسلافه، واستنساخ لعقليتهم الحاكمة، فكل مدرسة ومسجد يصادف طريقه لابد من تفجيره، وكل جامعة لابد من تعطيلها أو تحويلها إلى منبر طائفي عنصري، والجيش لابد أن يتحول إلى حامي لدولة الفرد ويهتف باسمه، ووظائف الدولة العليا وثروات البلاد هي ملك حصري لذوي النسب الهاشمي، وتجويع الشعب هي سياسية متوارثة.
✍بقلم : عارف أبو حاتم
https://www.tg-me.com/menoathgafi
وبعد ثورة سبتمبر ظل سكان العاصمة صنعاء لا يأكلون السمك لعدة أعوام باعتبارها "ديدان" لا يجوز أكلها، فالناس هنا في ظلام وظلم وعزلة كونية لا يعرفون من الدنيا غير الحقل والبهيمة وركبة مولانا الإمام التي يجب تقبيلها كركن لا يكتمل الإيمان إلا به.
كان الإمام أحمد قد أباح صنعاء للقبائل المتوحشة المحيطة بها 14 يوماً مقابل قضائهم على ثورة 48 الدستورية التي استفادت من مقتل والده الطاغية يحيى وأطاحت بحكم بيت حميدالدين ورممت البيت الإمامي من الداخل واستبقت حكم البطنين ونصبت عبدالله الوزير إماماً مع شيء من إصلاح أدوات الحكم، وفتح ثغرة بسيطة للحرية، ولأجل عودة سيف الإسلام أحمد أباح صنعاء لأهمج حملة قبلية في تاريخ اليمن، ومن يقرأ مذكرات الطبيبة الفرنسية "كلوديا فاين"، "كنت طبيبة في اليمن"، سيعرف فداحة المأساة وكيف هجمت قبائل محيط صنعاء على المدينة ونهبت كل شيء، باستثناء ملابس النساء!.
حتى النوافذ والأبواب نزعتها، وأوعية المطابخ والفراشات وملابس الأطفال والرجال والمواشي وحبوب الذرة سرقتها، وبعد أسبوعين من الهمجية والوحشية كانت صنعاء عبارة عن مساكن تنخرها الرياح، ليس في محلاتها شيء، وليس في بيوتها غير ملابس النساء، ولا تزال تلك الذاكرة السوداء هي ما يخيف أهالي صنعاء الآن من أي فلتان أمني، خوفاً من القبائل الموالية للحوثي.
في منتصف ستينيات القرن الماضي قال مغترب يمني أنه جاء من لندن إلى جدة بالطائرة، قبل أن يستقل سيارة إلى اليمن، وفي مجلس المقيل سأله الشيخ المتعالي ماذا يقصد بالطائرة؟!.. شرح له قصده ليكون جزاءه القتل الفوري لأنه "تعلم الطرطرة بالخارج وجاء يستهين بعقول الرجال.. كيف 200 نفر يركبوا داخل حديد يطير من لندن إلى جدة!".
كان آل أحفاد الرسي الذين تعاقبوا على حكم اليمن بالقوة المسلحة الطاغية قد تعمدوا عزل اليمن عن العالم، وتغييب اليمني عما حوله، حتى أقتنع أن كل ما في الخارج خرافة وانحراف عن الدين!.
المشترك في مسيرة كل طغاة الإمامة من يحيى الرسي "الإمام الهادي" إلى عبدالملك الحوثي عدائهم الشديد لمنابر التنوير وفي مقدمتها المدارس والمساجد، والتحدث مع الشعب باستخفاف وبخل شديد، وتعمد سياسة التجويع وتعالي النسب، فالإمام يحيى الذي سرق كل خيرات البلاد وامتلك في جيبه كثير من أوقاف جبال ووديان اليمن، ترك الناس تموت جوعاً رافضاً أن يخرج لهم شيء من حبوب الذرة التي فسدت في مخازنه، وفي عهده عرف اليمن أسوء مجاعة في تاريخه.
وحين جاءت ثورة سبتمبر 1962 كان عدد المدارس النظامية في اليمن "صفر".. فالتعليم هو العدو الذي يجب تحييده.
يكرر التاريخ مأساته، ولا تزال ذاكرة اليمنيين خضراء طرية تتذكر كل جرائم أئمة اليمن خلال ألف عام، وتجد أن كل ما يفعله الحوثي اليوم هو تكرار لجرائم أسلافه، واستنساخ لعقليتهم الحاكمة، فكل مدرسة ومسجد يصادف طريقه لابد من تفجيره، وكل جامعة لابد من تعطيلها أو تحويلها إلى منبر طائفي عنصري، والجيش لابد أن يتحول إلى حامي لدولة الفرد ويهتف باسمه، ووظائف الدولة العليا وثروات البلاد هي ملك حصري لذوي النسب الهاشمي، وتجويع الشعب هي سياسية متوارثة.
✍بقلم : عارف أبو حاتم
https://www.tg-me.com/menoathgafi
Telegram
مقالات مختارة
" رُبّ مقال كانت فائدته بوزن كتاب "
مقالات مختارة
Photo
📝 الإماميون والمعاهد العلمية..
مثلت المعاهد العلمية في أواخر القرن الماضي أهم مشروع إستراتيجي للنهوض العلمي باليمن وأحد أهم ركائز التعليم العام التي نهضت بالمجتمع اليمني لمحاولة إيجاد معادل موضوعي للتعليم الطائفي الذي نشرته الإمامة في اليمن طيلة ألف ومائتي عام، على الرغم من أن منهج المعاهد العلمية استطاع أن يستوعب الآراء الفقهية المتعددة للمدارس التاريخية اليمنية بمنهج وسطي معتدل وجد فيه اليمنيون -سنة وشيعة- ضالتهم التعليمية بمعزل عن أي عصبيات أو فوارق.
كان منهج تلك المعاهد وسطياً يأخذ بالآراء الفقهية السنية المختلفة والآراء المعتدلة من الزيدية، وساعد ذلك على انتشارها في مختلف أرجاء اليمن بما فيها المناطق التي تحسب تاريخياً على الغالبية الزيدية كصعدة وما جاورها.
وكانت مناهجها مكثفة في الجانب الفقهي الإسلامي والجانب اللغوي (العربي) من نحو وبلاغة وعلوم العربية حتى إن طالباً خريجاً للمعاهد العلمية المتوسطة يفوق في هاتين المادتين خريجاً جامعياً.
اليوم ونحن نعيش هذه المأساة الانقلابية من تدمير التعليم وملشنته وتطييفه والتسيب العلمي، واجتثاث السنة من صعدة ومحاولة الحوثيين طمس هوية اليمنيين وخاصة في مناطق شمال الشمال بقوة الحديد والنار نفتقد تلك المعاهد ونشاطها وعلمها، فقد كانت السد المنيع أمام تغول التعليم الطائفي الإمامي عبر التاريخ، وما الجانب التنويري في البيئة القبلية في مناطق شمال الشمال إلا نتاجًا لوهج تلك المعاهد في نشر التعليم والثقافة وانتشال القبائل من ظلام الجهل إلى نور العلم والمعرفة والثقافة والانفتاح على كافة مكونات المجتمع اليمني.
المعاهد العلمية والإماميون الجدد
كان التيار الإمامي يرى في المعاهد العلمية التي أسستها الدولة عام 1974 خطراً كبيراً على أيديولوجيتهم العنصرية؛ لأن المعاهد العلمية ساحت في كل المناطق اليمنية وخاصة الأرياف منها وصولاً إلى صعدة، تنشر الدعوة الإسلامية الصحيحة القائمة على أساس الكتاب والسنة بعيداً عن الغلو والتطرف والتعصب المذهبي.
ومع إقبال الكثير من الطلاب على هذه المعاهد وما مثلته من حركة تنويرية قضت على العصبويات الجاهلية مثل التعصب السلالي والمناطقي والطائفي، واندماج الطلاب مع بعضهم وتآلفهم، رغم أن مناهج المعاهد العلمية هي مناهج وزارة التربية والتعليم المعتدلة والوسطية التي لا تميز بين فقير ولا غني ولا مذهب على آخر، إلا ما كان منها من اختلاف بسيط في شيئين اثنين؛ هما: تكثيف المواد الإسلامية من قرآن ومواد فقهية ودعوية، وتكثيف مواد اللغة العربية، وكذلك التسكين الداخلي ببرامج إرشادية مختلفة مع كفالة هؤلاء الطلبة في معيشتهم، الأمر الذي لا يختلف عن المدارس الإسلامية اليمنية في العهد اليمني الوسيط وخاصة أيام الدولتين الرسولية والطاهرية، قبل أن تظهر عصى شرطي النظام العالمي الجديد في تصنيف الناس والمناهج والتعليم إلى إرهابيين ومعتدلين.
كما كانت تلك المعاهد تخضع لمؤسسات الدولة وبإشراف وزارة التربية والتعليم وتتلقى موازنتها التشغيلية من نفس الوزارة ومن الحكومة اليمنية مع بعض الإشراف المنهجي والتربوي لمعلمين تربويين محسوبين على الحركة الإصلاحية الإسلامية التي تأتي امتدادا للحركة الإصلاحية اليمنية من عهد الشوكاني وابن الأمير الصنعاني وغيرهم.
هذا التوسع الدعوي، ونشر المعاهد العلمية، رآه التيار الإمامي من زاوية ضيقة جداً وهي زاوية الزحف المذهبي على ما يسمونه مناطقهم التاريخية، وخوفهم من تمدد السنة على حساب الشيعة في صعدة وعمران وحجة وصنعاء وذمار التي يعتبرونها مناطقهم التاريخية، واعتبروه استفزازاً لهم، غير أن الأمر لم يكن كما يصوروه؛ إذ إن هذه المناطق لم تكن زيدية شيعية غالبة وإنما التسلط السياسي كان لهم، بينما الثقافة التاريخية والعقيدة الإسلامية هي العقيدة السنية الخالصة المتمثلة بالمذهب الشافعي.
مثلت المعاهد العلمية في أواخر القرن الماضي أهم مشروع إستراتيجي للنهوض العلمي باليمن وأحد أهم ركائز التعليم العام التي نهضت بالمجتمع اليمني لمحاولة إيجاد معادل موضوعي للتعليم الطائفي الذي نشرته الإمامة في اليمن طيلة ألف ومائتي عام، على الرغم من أن منهج المعاهد العلمية استطاع أن يستوعب الآراء الفقهية المتعددة للمدارس التاريخية اليمنية بمنهج وسطي معتدل وجد فيه اليمنيون -سنة وشيعة- ضالتهم التعليمية بمعزل عن أي عصبيات أو فوارق.
كان منهج تلك المعاهد وسطياً يأخذ بالآراء الفقهية السنية المختلفة والآراء المعتدلة من الزيدية، وساعد ذلك على انتشارها في مختلف أرجاء اليمن بما فيها المناطق التي تحسب تاريخياً على الغالبية الزيدية كصعدة وما جاورها.
وكانت مناهجها مكثفة في الجانب الفقهي الإسلامي والجانب اللغوي (العربي) من نحو وبلاغة وعلوم العربية حتى إن طالباً خريجاً للمعاهد العلمية المتوسطة يفوق في هاتين المادتين خريجاً جامعياً.
اليوم ونحن نعيش هذه المأساة الانقلابية من تدمير التعليم وملشنته وتطييفه والتسيب العلمي، واجتثاث السنة من صعدة ومحاولة الحوثيين طمس هوية اليمنيين وخاصة في مناطق شمال الشمال بقوة الحديد والنار نفتقد تلك المعاهد ونشاطها وعلمها، فقد كانت السد المنيع أمام تغول التعليم الطائفي الإمامي عبر التاريخ، وما الجانب التنويري في البيئة القبلية في مناطق شمال الشمال إلا نتاجًا لوهج تلك المعاهد في نشر التعليم والثقافة وانتشال القبائل من ظلام الجهل إلى نور العلم والمعرفة والثقافة والانفتاح على كافة مكونات المجتمع اليمني.
المعاهد العلمية والإماميون الجدد
كان التيار الإمامي يرى في المعاهد العلمية التي أسستها الدولة عام 1974 خطراً كبيراً على أيديولوجيتهم العنصرية؛ لأن المعاهد العلمية ساحت في كل المناطق اليمنية وخاصة الأرياف منها وصولاً إلى صعدة، تنشر الدعوة الإسلامية الصحيحة القائمة على أساس الكتاب والسنة بعيداً عن الغلو والتطرف والتعصب المذهبي.
ومع إقبال الكثير من الطلاب على هذه المعاهد وما مثلته من حركة تنويرية قضت على العصبويات الجاهلية مثل التعصب السلالي والمناطقي والطائفي، واندماج الطلاب مع بعضهم وتآلفهم، رغم أن مناهج المعاهد العلمية هي مناهج وزارة التربية والتعليم المعتدلة والوسطية التي لا تميز بين فقير ولا غني ولا مذهب على آخر، إلا ما كان منها من اختلاف بسيط في شيئين اثنين؛ هما: تكثيف المواد الإسلامية من قرآن ومواد فقهية ودعوية، وتكثيف مواد اللغة العربية، وكذلك التسكين الداخلي ببرامج إرشادية مختلفة مع كفالة هؤلاء الطلبة في معيشتهم، الأمر الذي لا يختلف عن المدارس الإسلامية اليمنية في العهد اليمني الوسيط وخاصة أيام الدولتين الرسولية والطاهرية، قبل أن تظهر عصى شرطي النظام العالمي الجديد في تصنيف الناس والمناهج والتعليم إلى إرهابيين ومعتدلين.
كما كانت تلك المعاهد تخضع لمؤسسات الدولة وبإشراف وزارة التربية والتعليم وتتلقى موازنتها التشغيلية من نفس الوزارة ومن الحكومة اليمنية مع بعض الإشراف المنهجي والتربوي لمعلمين تربويين محسوبين على الحركة الإصلاحية الإسلامية التي تأتي امتدادا للحركة الإصلاحية اليمنية من عهد الشوكاني وابن الأمير الصنعاني وغيرهم.
هذا التوسع الدعوي، ونشر المعاهد العلمية، رآه التيار الإمامي من زاوية ضيقة جداً وهي زاوية الزحف المذهبي على ما يسمونه مناطقهم التاريخية، وخوفهم من تمدد السنة على حساب الشيعة في صعدة وعمران وحجة وصنعاء وذمار التي يعتبرونها مناطقهم التاريخية، واعتبروه استفزازاً لهم، غير أن الأمر لم يكن كما يصوروه؛ إذ إن هذه المناطق لم تكن زيدية شيعية غالبة وإنما التسلط السياسي كان لهم، بينما الثقافة التاريخية والعقيدة الإسلامية هي العقيدة السنية الخالصة المتمثلة بالمذهب الشافعي.
مقالات مختارة
📝 الإماميون والمعاهد العلمية.. مثلت المعاهد العلمية في أواخر القرن الماضي أهم مشروع إستراتيجي للنهوض العلمي باليمن وأحد أهم ركائز التعليم العام التي نهضت بالمجتمع اليمني لمحاولة إيجاد معادل موضوعي للتعليم الطائفي الذي نشرته الإمامة في اليمن طيلة ألف ومائتي…
🔸 كانت هذه المعاهد التي انشأها الاصلاح لمحاربة الفكر الإمامي ثقافيا مند السبعينات
لها دور عظيما في نشر المذهب الشافعي في شمالي اليمن وخرج منها جيل اليوم الذي يقاتل الإماميون الجدد
▪️ولهذا تجد الحوثيين عندما يدخلوا محافظة يفجرون مقر الاصلاح دار القرآن
لها دور عظيما في نشر المذهب الشافعي في شمالي اليمن وخرج منها جيل اليوم الذي يقاتل الإماميون الجدد
▪️ولهذا تجد الحوثيين عندما يدخلوا محافظة يفجرون مقر الاصلاح دار القرآن
مقالات مختارة
Photo
📝 المدارس النظامية.. ثورة التعليم السني!
✍ بقلم : محمد شعبان أيوب
حَفَل تاريخ الإسلام بالعديد من العظماء، الذين حملوا رسالة الإسلام بإخلاص، ودعوا إلى الله على بصيرة، وجاهدوا في الله حق جهاده... وخلَّد التاريخ أسماءهم، ولا زال الجيل بعد الجيل يلهج بذكرهم ويعتز بالانتساب إليهم، ويتخذ منهم منارات هدى على دربه الطويل.
وكان من السياسيين الأعلام الذين لم يُعْطَوا حقهم من الدرس والبحث؛ الوزير الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، الملقب بـ"نظام المـُلك"، الذي كان من أكابر الوزراء في الدولة السلجوقية. حيث كانت له أياد بيض في خدمة الدولة، والدفاع عن عقيدتها، والوقوف في وجه أعدائها... وقد كرس حياته كلها من أجل رفع شأن الدين. فحارب الباطنية والمبتدعين، وآوى العلماء إلى ركن شديد، وبنى المدارس لطلبة العلم، وقدَّم يد العون للفقراء، وأنجز الكثير من الخدمات للدولة، ثم قضى نحبه شهيدًا.
لقد كتب الله لهذه الشخصية الفذة أن تظهر في فترة حرجة من تاريخنا الإسلامي، وهي فترة القرن الخامس الهجري، حيث عَظُمَ فيها أمر الفِرَق الباطنية، واستفحل شرها، وتطاير شررها في العديد من أصقاع العالم الإسلامي... وقد بذل هذا السياسي الكبير الجهد الكبير في سبيل حماية دولة الإسلام، وتثبيت أمرها، ورفع شأنها، والتصدي للكائدين لها، الذين كانوا يعملون ليل نهار للقضاء على الإسلام وأهله.
أدرك نظام الملك أن الفترة التي سبقت مجيء السلاجقة الأتراك لحكم العالم الإسلامي في ظل السيادة الدينية للعباسيين كانت فترة يحكمها الشيعة البويهيون في العراق وإيران، وهي فترة ازدهر فيها الفكر الشيعي الإمامي، والإسماعيلي، هذا فضلا عن وجود الدولة الفاطمية في مصر التي كانت تبث دعاتها، وتنفق الأموال الطائلة على نشر المذهب الإسماعيلي، وتسعى جاهدة لتقويض دعائم أهل السنة في مناطق نفوذ العباسيين والسلاجقة كافة.
ومن هنا، فإننا نرى في كتابه "سير الملوك" هجوما حادا على هذه الفِرق، ومدى خطرها، ناصحا السلاجقة بعدم التعاون أو الاعتماد عليها، أو الوثوق فيها، يقول: "سيتضح للملك في اليوم الذي أتنحى فيه جانبا فسادهم، وفكرهم وسوء فعلهم، وسيعلم أيضا مدى ما كان لي من شفقة وهوى وميل في دولته القاهرة، وأني لم أكن بغافل وغير مطلع على أحوال هذه الطائفة، وما كان يدور في خلدها، بل لقد كنتُ أعرضها على الأعتاب السامية دائما، لكني لما رأيت أن أقوالي لم تكن تلقى لديه قبولا، ولم يُصدّقها عزفتُ عن تكريرها"[7].
على أن الأخطر من ذلك كله كان ظهور فرقة الإسماعيلية الحشاشية بزعامة الحسن الصباح، وقلاعهم المتناثرة في كلٍّ من إيران وبلاد الشام، وكثيرا ما أُرسلت القوات السلجوقية للقضاء على هذه الطائفة التي لم تكن تهدأ في القيام بعمليات الاغتيال لكبار الأمراء والعلماء وكل من كانوا يرونه عقبة أمام أفكارهم ومشروعهم، واستطاعوا بسبب حصانة مواقعهم ونشاط دُعاتهم أن يستميلوا كثيرا من أهل المناطق المحيطة بهم في دامغان والألموت وغيرها من أقاليم إيران إلى أفكارهم، هذا فضلا عن توسّعهم في بلاد الشام أيضا وهو الأمر الذي طالما حذّر منه نظام الملك السلطات السلجوقية.
أيقن نظام الملك أن المواجهة يجب أن تكون شاملة، لا تكتفي بالعنصر العسكري أو الأمني أو الخشن فقط، بل يجب أن يرافقها مشروع ثقافي تتبناه الدولة، وكان هذا المشروع ممثلا في إنشاء المدارس "النظامية" في حواضر العالم الإسلامي في بغداد ونيسابور ومرو والري وغيرها، وكانت هذه المدارس بمنزلة الجامعات الحكومية التي أوقف عليها الأموال الضخمة.
صحيح أن تأسيس المدارس في عالم الإسلام كان سابقا لعصر نظام الملك، وأنه لم يكن مبتكره، ولكنه كان أول من سنَّ نظاما جديدا في حقل التربية والتعليم، وهو تعيين رواتب وتخصيص مساكن لطلاب العلم، وتأمين سكن ونفقات للمدرّسين، وكانت مدارس/جامعات مُجهّزة ليل نهار؛ إذ كانت أسباب فراغ البال والمطالعة وتحصيل العلم متوافرة فيها للمعلمين وطلاب العلم على حدٍّ سواء[8].
وكان لحسن حظّ الوزير نظام الملك أن مجموعة من أكابر علماء وفقهاء السنة كانت تُعاصره، مثل العلامة إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (ت 478هـ/1085م) وهو شافعي مثل نظام الملك، وقد تقرب الرجلان من بعضهما، بل إن الجويني أهدى إلى نظام الملك أحد كتبه الذي سماه "الرسالة النظامية"، ومن أجل الجويني بنى نظام الملك المدرسة النظامية في نيسابور عاصمة خراسان، أما العلامة أبو حامد الغزالي (ت 505هـ/1111م) وهو ابن مدينة طوس المدينة ذاتها التي وُلد فيها نظام الملك، كما أنه تلميذ الجويني، فقد تقرب هو الآخر من نظام الملك[9]، واستدعاه إلى بغداد كي يدرس في المدرسة النظامية التي بناها لإحياء المذاهب والعقائد السنية بين أوساط العامة وطلبة العلم.
كان يحضر في نظامية نيسابور ثلاثمئة طالب يوميا، وعلى مدار ثلاثين سنة للإصغاء إلى دروس إمام الحرمين الجويني، أما نظامية بغداد التي أُسست بين عامي 457 إلى 459هـ،
✍ بقلم : محمد شعبان أيوب
حَفَل تاريخ الإسلام بالعديد من العظماء، الذين حملوا رسالة الإسلام بإخلاص، ودعوا إلى الله على بصيرة، وجاهدوا في الله حق جهاده... وخلَّد التاريخ أسماءهم، ولا زال الجيل بعد الجيل يلهج بذكرهم ويعتز بالانتساب إليهم، ويتخذ منهم منارات هدى على دربه الطويل.
وكان من السياسيين الأعلام الذين لم يُعْطَوا حقهم من الدرس والبحث؛ الوزير الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، الملقب بـ"نظام المـُلك"، الذي كان من أكابر الوزراء في الدولة السلجوقية. حيث كانت له أياد بيض في خدمة الدولة، والدفاع عن عقيدتها، والوقوف في وجه أعدائها... وقد كرس حياته كلها من أجل رفع شأن الدين. فحارب الباطنية والمبتدعين، وآوى العلماء إلى ركن شديد، وبنى المدارس لطلبة العلم، وقدَّم يد العون للفقراء، وأنجز الكثير من الخدمات للدولة، ثم قضى نحبه شهيدًا.
لقد كتب الله لهذه الشخصية الفذة أن تظهر في فترة حرجة من تاريخنا الإسلامي، وهي فترة القرن الخامس الهجري، حيث عَظُمَ فيها أمر الفِرَق الباطنية، واستفحل شرها، وتطاير شررها في العديد من أصقاع العالم الإسلامي... وقد بذل هذا السياسي الكبير الجهد الكبير في سبيل حماية دولة الإسلام، وتثبيت أمرها، ورفع شأنها، والتصدي للكائدين لها، الذين كانوا يعملون ليل نهار للقضاء على الإسلام وأهله.
أدرك نظام الملك أن الفترة التي سبقت مجيء السلاجقة الأتراك لحكم العالم الإسلامي في ظل السيادة الدينية للعباسيين كانت فترة يحكمها الشيعة البويهيون في العراق وإيران، وهي فترة ازدهر فيها الفكر الشيعي الإمامي، والإسماعيلي، هذا فضلا عن وجود الدولة الفاطمية في مصر التي كانت تبث دعاتها، وتنفق الأموال الطائلة على نشر المذهب الإسماعيلي، وتسعى جاهدة لتقويض دعائم أهل السنة في مناطق نفوذ العباسيين والسلاجقة كافة.
ومن هنا، فإننا نرى في كتابه "سير الملوك" هجوما حادا على هذه الفِرق، ومدى خطرها، ناصحا السلاجقة بعدم التعاون أو الاعتماد عليها، أو الوثوق فيها، يقول: "سيتضح للملك في اليوم الذي أتنحى فيه جانبا فسادهم، وفكرهم وسوء فعلهم، وسيعلم أيضا مدى ما كان لي من شفقة وهوى وميل في دولته القاهرة، وأني لم أكن بغافل وغير مطلع على أحوال هذه الطائفة، وما كان يدور في خلدها، بل لقد كنتُ أعرضها على الأعتاب السامية دائما، لكني لما رأيت أن أقوالي لم تكن تلقى لديه قبولا، ولم يُصدّقها عزفتُ عن تكريرها"[7].
على أن الأخطر من ذلك كله كان ظهور فرقة الإسماعيلية الحشاشية بزعامة الحسن الصباح، وقلاعهم المتناثرة في كلٍّ من إيران وبلاد الشام، وكثيرا ما أُرسلت القوات السلجوقية للقضاء على هذه الطائفة التي لم تكن تهدأ في القيام بعمليات الاغتيال لكبار الأمراء والعلماء وكل من كانوا يرونه عقبة أمام أفكارهم ومشروعهم، واستطاعوا بسبب حصانة مواقعهم ونشاط دُعاتهم أن يستميلوا كثيرا من أهل المناطق المحيطة بهم في دامغان والألموت وغيرها من أقاليم إيران إلى أفكارهم، هذا فضلا عن توسّعهم في بلاد الشام أيضا وهو الأمر الذي طالما حذّر منه نظام الملك السلطات السلجوقية.
أيقن نظام الملك أن المواجهة يجب أن تكون شاملة، لا تكتفي بالعنصر العسكري أو الأمني أو الخشن فقط، بل يجب أن يرافقها مشروع ثقافي تتبناه الدولة، وكان هذا المشروع ممثلا في إنشاء المدارس "النظامية" في حواضر العالم الإسلامي في بغداد ونيسابور ومرو والري وغيرها، وكانت هذه المدارس بمنزلة الجامعات الحكومية التي أوقف عليها الأموال الضخمة.
صحيح أن تأسيس المدارس في عالم الإسلام كان سابقا لعصر نظام الملك، وأنه لم يكن مبتكره، ولكنه كان أول من سنَّ نظاما جديدا في حقل التربية والتعليم، وهو تعيين رواتب وتخصيص مساكن لطلاب العلم، وتأمين سكن ونفقات للمدرّسين، وكانت مدارس/جامعات مُجهّزة ليل نهار؛ إذ كانت أسباب فراغ البال والمطالعة وتحصيل العلم متوافرة فيها للمعلمين وطلاب العلم على حدٍّ سواء[8].
وكان لحسن حظّ الوزير نظام الملك أن مجموعة من أكابر علماء وفقهاء السنة كانت تُعاصره، مثل العلامة إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (ت 478هـ/1085م) وهو شافعي مثل نظام الملك، وقد تقرب الرجلان من بعضهما، بل إن الجويني أهدى إلى نظام الملك أحد كتبه الذي سماه "الرسالة النظامية"، ومن أجل الجويني بنى نظام الملك المدرسة النظامية في نيسابور عاصمة خراسان، أما العلامة أبو حامد الغزالي (ت 505هـ/1111م) وهو ابن مدينة طوس المدينة ذاتها التي وُلد فيها نظام الملك، كما أنه تلميذ الجويني، فقد تقرب هو الآخر من نظام الملك[9]، واستدعاه إلى بغداد كي يدرس في المدرسة النظامية التي بناها لإحياء المذاهب والعقائد السنية بين أوساط العامة وطلبة العلم.
كان يحضر في نظامية نيسابور ثلاثمئة طالب يوميا، وعلى مدار ثلاثين سنة للإصغاء إلى دروس إمام الحرمين الجويني، أما نظامية بغداد التي أُسست بين عامي 457 إلى 459هـ،
مقالات مختارة
Photo
فكان لها أوقاف كثيرة من أسواق وحمّامات ودكاكين وضياع لتأمين أجور العمال والأساتذة ونفقات الطلبة، وكان فيها أيضا مكتبة قيّمة ذات منصّة وأساتذة ومعيدون وكُتبية وحُرّاس وخدم كثيرون، لقد كانت نفقات الأساتذة والطلاب خمسة عشر ألف دينار سنويا، وكان عدد طلابها ستة آلاف طالب يدرسون النحو واللغة، والفنون الأدبية، والفقه، والتفسير، والحديث، وغير ذلك من العلوم الشرعية.
انتشرت المدارس النظامية في البصرة وأصفهان وبلخ وهراة ومرو والموصل، وكان أكثر أساتذة النظاميات وكتبييها وطلابها من مشاهير علماء القرن الخامس والسادس والسابع الهجري، وكانت الأولوية لعلماء الشافعية والأشاعرة، وقد انتشر طلابها في حواضر العالم الإسلامي وتولّوا الوظائف المختلفة، حتى إن العلامة أبو إسحاق الشيرازي، المدرس الأول لنظامية بغداد، يحكي عن الأثر الكبير الذي أحدثه مشروع "المدارس النظامية" قائلا:
"لما خرجتُ في رسالة الخليفة المقتدي إلى خراسان لم أدخُل بلدا أو قرية إلا وجدتُ قاضيها وخطيبها من تلامذتي"، ومن هنا بدأ المشروع يؤتي ثماره بتخرج دفعات من الطلاب الحريصين على نشر المذاهب السنية، والوقوف في وجه الحركات الباطنية والمناوئة لاعتقاد أهل السنة، حتى أصبح للمدارس النظامية سمعتها وقوتها في جميع أرجاء العالم الإسلامي.
ولعل هذا النجاح الكبير هو الذي جعل العلامة الحافظ ابن عساكر مؤرخ الشام ومحدّثها يُسارع للخروج من دمشق إلى بغداد ليسمع الدروس في الجامعة النظامية، وبعد عودته يعكف على تأليف أهم موسوعة خُطّت في ذلك العصر وهي "تاريخ دمشق" في أكثر من 70 مجلدا، بل إن صيت هذه المدرسة بلغ إلى آفاق بعيدة؛ إلى بلاد المغرب الأقصى، حيث سمع عنها ابن تومرت مؤسس الدولة الموحدية، فشد الرحال من المغرب إلى المدرسة النظامية لكي يتفقّه على يد العلامة أبي حامد الغزالي وغيره ثم يعود إلى موطنه يُناظر العلماء، ويدعو لنفسه، ويؤسس دولة الموحدين على أنقاض دولة المرابطين[10].
كان إنشاء هذه المدارس في كلٍّ من بغداد ونيسابور وبلخ وهراة وأصبهان والموصل والبصرة ومرو وطبرستان دليلا على التخطيط الجيد، والتوزيع الجغرافي المقصود، فقد أُنشئت في المدن التي اتخذت مركز الصدارة والريادة والتوجه الفكري آنذاك، فضلا عن أن كثيرا منها كانت مراكز لتفريخ الأفكار الباطنية الإسماعيلية مثل البصرة ونيسابور وطبرستان وخوزستان والجزيرة الفراتية.
كان الوزير نظام الملك الطوسي يختبر بنفسه معلومات الأساتذة والعلماء من خلال المناظرات التي كان يعقدها في المناسبات المختلفة ويُلقي عليهم أسئلة كان قد أعدّها سابقا
ونظرا للمكانة الكبيرة التي احتلتها المدارس النظامية في الوعي العام في كامل بقاع العالم الإسلامي، أصبحت الجامعات النظامية أُمنية لكل أستاذ وشيخ كبير للتدريس والعمل فيها، بل وإنفاق الأموال والذخائر للوصول إلى هذه الغاية مثل عبد الرحمن الطبري وأبي حامد البردي اللذين درّسا في هذه الجامعات بعد تعب وجهد، لكن اختيار الأساتذة للتدريس في هذه الجامعات كان يجري على وفق تقاليد تشبه إلى حدٍّ ما تقاليد أرقى الجامعات الحديثة.
كان الوزير نظام الملك الطوسي يختبر بنفسه معلومات الأساتذة والعلماء من خلال المناظرات التي كان يعقدها في المناسبات المختلفة ويُلقي عليهم أسئلة كان قد أعدّها سابقا؛ فإذا لمس لديهم من العلم ما يؤهّلهم إلى التدريس في هذه المدارس وجّههم نظام الملك إلى المكان الملائم لهم في هذه المدارس، فيوفدهم إلى إلى أكثر المدن احتياجا إلى علمهم وخبرتهم ودُربتهم[11].
لم يكن اهتمام نظام الملك بالمدارس النظامية التي أنشأها في كامل حواضر الدولة الإسلامية في خراسان وإيران والعراق مُنصبا على العلوم النقلية فقط لتخرج الفقهاء والوعاظ والقضاة، ونشر ثقافة العلوم الشرعية بين عموم الناس، بل إنه اهتم بإنشاء أقسام علمية في هذه الجامعات، واستقدم لها أعظم العلماء التطبيقيين في عصره، فقد دعا عالم الرياضيات عمر بن الخيام الذي أنشأ له مرصدا فلكيا كان يعتبر من أحدث المراصد الفلكية في عصره، فاخترع التقويم السلجوقي أو الجلالي الذي عمل به ابتداء من عام 472هـ/1079م[12].
كانت الخطوة التالية أن نظام الملك حضّ علماء المدارس النظامية على تأليف مصنفات تواجه دعاية وأراجيف المذاهب الباطنية والإسماعيلية، وتُبيّن حقيقة هذه العقائد، وتكشف الأسرار التي لا يُدركها عامة الناس، وتعطيهم دفعة من الأمان المعلوماتي والديني لصوابية الإسلام السني، ووقفت الخلافة العباسية موقف تعضيد وتأييد لنظام الملك ومشروعه الثوري ذلك. وكان من أكثر تلك المصنفات شهرة ما كتبه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في رسالته الشهيرة في نقض عقائد الباطنية، وكانت تكليفا من الخليفة العباسي المستظهر، فسماها الغزالي بـ"المستظهري"، وأنتج عقب ذلك عدة أعمال أقصر ضد الإسماعيليين وشرعية إمامهم، في الوقت الذي دافع فيه عن حقوق الخليفة العباسي[13] في قيادة الأمة.
أحدثت المدارس/الجامعات النظامية طفرة هائلة في
انتشرت المدارس النظامية في البصرة وأصفهان وبلخ وهراة ومرو والموصل، وكان أكثر أساتذة النظاميات وكتبييها وطلابها من مشاهير علماء القرن الخامس والسادس والسابع الهجري، وكانت الأولوية لعلماء الشافعية والأشاعرة، وقد انتشر طلابها في حواضر العالم الإسلامي وتولّوا الوظائف المختلفة، حتى إن العلامة أبو إسحاق الشيرازي، المدرس الأول لنظامية بغداد، يحكي عن الأثر الكبير الذي أحدثه مشروع "المدارس النظامية" قائلا:
"لما خرجتُ في رسالة الخليفة المقتدي إلى خراسان لم أدخُل بلدا أو قرية إلا وجدتُ قاضيها وخطيبها من تلامذتي"، ومن هنا بدأ المشروع يؤتي ثماره بتخرج دفعات من الطلاب الحريصين على نشر المذاهب السنية، والوقوف في وجه الحركات الباطنية والمناوئة لاعتقاد أهل السنة، حتى أصبح للمدارس النظامية سمعتها وقوتها في جميع أرجاء العالم الإسلامي.
ولعل هذا النجاح الكبير هو الذي جعل العلامة الحافظ ابن عساكر مؤرخ الشام ومحدّثها يُسارع للخروج من دمشق إلى بغداد ليسمع الدروس في الجامعة النظامية، وبعد عودته يعكف على تأليف أهم موسوعة خُطّت في ذلك العصر وهي "تاريخ دمشق" في أكثر من 70 مجلدا، بل إن صيت هذه المدرسة بلغ إلى آفاق بعيدة؛ إلى بلاد المغرب الأقصى، حيث سمع عنها ابن تومرت مؤسس الدولة الموحدية، فشد الرحال من المغرب إلى المدرسة النظامية لكي يتفقّه على يد العلامة أبي حامد الغزالي وغيره ثم يعود إلى موطنه يُناظر العلماء، ويدعو لنفسه، ويؤسس دولة الموحدين على أنقاض دولة المرابطين[10].
كان إنشاء هذه المدارس في كلٍّ من بغداد ونيسابور وبلخ وهراة وأصبهان والموصل والبصرة ومرو وطبرستان دليلا على التخطيط الجيد، والتوزيع الجغرافي المقصود، فقد أُنشئت في المدن التي اتخذت مركز الصدارة والريادة والتوجه الفكري آنذاك، فضلا عن أن كثيرا منها كانت مراكز لتفريخ الأفكار الباطنية الإسماعيلية مثل البصرة ونيسابور وطبرستان وخوزستان والجزيرة الفراتية.
كان الوزير نظام الملك الطوسي يختبر بنفسه معلومات الأساتذة والعلماء من خلال المناظرات التي كان يعقدها في المناسبات المختلفة ويُلقي عليهم أسئلة كان قد أعدّها سابقا
ونظرا للمكانة الكبيرة التي احتلتها المدارس النظامية في الوعي العام في كامل بقاع العالم الإسلامي، أصبحت الجامعات النظامية أُمنية لكل أستاذ وشيخ كبير للتدريس والعمل فيها، بل وإنفاق الأموال والذخائر للوصول إلى هذه الغاية مثل عبد الرحمن الطبري وأبي حامد البردي اللذين درّسا في هذه الجامعات بعد تعب وجهد، لكن اختيار الأساتذة للتدريس في هذه الجامعات كان يجري على وفق تقاليد تشبه إلى حدٍّ ما تقاليد أرقى الجامعات الحديثة.
كان الوزير نظام الملك الطوسي يختبر بنفسه معلومات الأساتذة والعلماء من خلال المناظرات التي كان يعقدها في المناسبات المختلفة ويُلقي عليهم أسئلة كان قد أعدّها سابقا؛ فإذا لمس لديهم من العلم ما يؤهّلهم إلى التدريس في هذه المدارس وجّههم نظام الملك إلى المكان الملائم لهم في هذه المدارس، فيوفدهم إلى إلى أكثر المدن احتياجا إلى علمهم وخبرتهم ودُربتهم[11].
لم يكن اهتمام نظام الملك بالمدارس النظامية التي أنشأها في كامل حواضر الدولة الإسلامية في خراسان وإيران والعراق مُنصبا على العلوم النقلية فقط لتخرج الفقهاء والوعاظ والقضاة، ونشر ثقافة العلوم الشرعية بين عموم الناس، بل إنه اهتم بإنشاء أقسام علمية في هذه الجامعات، واستقدم لها أعظم العلماء التطبيقيين في عصره، فقد دعا عالم الرياضيات عمر بن الخيام الذي أنشأ له مرصدا فلكيا كان يعتبر من أحدث المراصد الفلكية في عصره، فاخترع التقويم السلجوقي أو الجلالي الذي عمل به ابتداء من عام 472هـ/1079م[12].
كانت الخطوة التالية أن نظام الملك حضّ علماء المدارس النظامية على تأليف مصنفات تواجه دعاية وأراجيف المذاهب الباطنية والإسماعيلية، وتُبيّن حقيقة هذه العقائد، وتكشف الأسرار التي لا يُدركها عامة الناس، وتعطيهم دفعة من الأمان المعلوماتي والديني لصوابية الإسلام السني، ووقفت الخلافة العباسية موقف تعضيد وتأييد لنظام الملك ومشروعه الثوري ذلك. وكان من أكثر تلك المصنفات شهرة ما كتبه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في رسالته الشهيرة في نقض عقائد الباطنية، وكانت تكليفا من الخليفة العباسي المستظهر، فسماها الغزالي بـ"المستظهري"، وأنتج عقب ذلك عدة أعمال أقصر ضد الإسماعيليين وشرعية إمامهم، في الوقت الذي دافع فيه عن حقوق الخليفة العباسي[13] في قيادة الأمة.
أحدثت المدارس/الجامعات النظامية طفرة هائلة في
مقالات مختارة
Photo
مواجهة المشروع الإسماعيلي الباطني، وكذلك انتشار ثقافة نشر العلوم والمعارف والعقائد السنية، والدعم السخي غير منقوص للأبحاث العلمية "التصانيف" وللأساتذة وطلبة العلم والقائمين على المكتبات في كامل بقاع العالم الإسلامي في ظل الخلافة العباسية والدولة السلجوقية.
لكن النتائج كانت أعظم أثرا من عصر نظام الملك الطوسي في خلال القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، لقد كان هذا المشروع مُلهما للدول كافة التي أعقبت السلاجقة في منطقة الشرق الإسلامي كما حدث مع الدولة الزنكية والأيوبية والمملوكية من خلفهم، وكلهم ساروا على نهج نظام الملك ونظامه التعليمي الذي كفل التشجيع على إقامة المدارس وإيقاف الأوقاف عليها، وهو ما ضمن حرية الدراسة والبحث العلمي، ونتج عنه في نهاية المطاف كمًّا هائلا ورصينا من المصنفات في فروع العلوم الإسلامية التي أُلّفت في القرون السادس والسابع والثامن والتاسع الهجري، والتي لا تزال شاهدة على عبقرية وثورية هذا النظام الذي أحدثه الوزير أبو علي الحسن نظام الملك الطوسي.
وبسبب هذا النجاح الباهر، وهذه العقلية المبدعة التي جمعت بين مهارة الإدارة، وغزارة العلم، والإلمام بالتحديات، والتقرب من الرعية وإقامة العدل، فقد قرر الباطنية الإسماعيلية الانتقام من هذا الوزير الذي بدد جهودهم وأحلامهم، فخرج إليه رجل منهم على زي صوفي فقير يُعطيه مظلمته ليكشفها، فاقترب منه النظام لكن الباطني غدر به، وسدد طعنة نافذة إلى قلبه، فسقط ميتا من فوره، وذلك في العاشر من شهر رمضان سنة 485هـ/1092م بالقرب من مدينة نهاوند بإقليم فارس، وقد حُمل جثمانه ووُورِي الثرى في مدينة أصفهان، ودُفن في الجامعة النظامية التي أنشأها في تلك المدينة، وهو في السابعة والسبعين من عمره.
https://www.tg-me.com/menoathgafi
لكن النتائج كانت أعظم أثرا من عصر نظام الملك الطوسي في خلال القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، لقد كان هذا المشروع مُلهما للدول كافة التي أعقبت السلاجقة في منطقة الشرق الإسلامي كما حدث مع الدولة الزنكية والأيوبية والمملوكية من خلفهم، وكلهم ساروا على نهج نظام الملك ونظامه التعليمي الذي كفل التشجيع على إقامة المدارس وإيقاف الأوقاف عليها، وهو ما ضمن حرية الدراسة والبحث العلمي، ونتج عنه في نهاية المطاف كمًّا هائلا ورصينا من المصنفات في فروع العلوم الإسلامية التي أُلّفت في القرون السادس والسابع والثامن والتاسع الهجري، والتي لا تزال شاهدة على عبقرية وثورية هذا النظام الذي أحدثه الوزير أبو علي الحسن نظام الملك الطوسي.
وبسبب هذا النجاح الباهر، وهذه العقلية المبدعة التي جمعت بين مهارة الإدارة، وغزارة العلم، والإلمام بالتحديات، والتقرب من الرعية وإقامة العدل، فقد قرر الباطنية الإسماعيلية الانتقام من هذا الوزير الذي بدد جهودهم وأحلامهم، فخرج إليه رجل منهم على زي صوفي فقير يُعطيه مظلمته ليكشفها، فاقترب منه النظام لكن الباطني غدر به، وسدد طعنة نافذة إلى قلبه، فسقط ميتا من فوره، وذلك في العاشر من شهر رمضان سنة 485هـ/1092م بالقرب من مدينة نهاوند بإقليم فارس، وقد حُمل جثمانه ووُورِي الثرى في مدينة أصفهان، ودُفن في الجامعة النظامية التي أنشأها في تلك المدينة، وهو في السابعة والسبعين من عمره.
https://www.tg-me.com/menoathgafi
Telegram
مقالات مختارة
" رُبّ مقال كانت فائدته بوزن كتاب "
مقالات مختارة
Photo
🔸لو سألتك : من هو الزعيم الاكثر دموية و وحشية في هذه الصور ؟؟
بالتأكيد سوف تجيبني : هتلر ... لان هذا ما قاله لك الاعلام الغربي بسبب ارتكابه لمحرقة الهولوكوست (الغير مؤكدة ) وقتله لــ14 مليون انسان في الحرب العالمية الثانية.
يؤسفني ان اقول لك ان جوابك خاطئ فهناك من هم اشد جرما و عنصرية من هتلر و قتلوا اكثر مما قتل هتلر ... بل ان هتلر هو حمامة سلام و رجل وديع بالمقارنة بهم لكن الاعلام الغربي لا يذكرهم لك وهم :
- ليوبولد الثاني ملك بلجيكا (1885-1909 ) قتل هذا الرجل اكثر من 27 مليون انسان خلال فترة حكمه بينهم 10 ملايين في افريقيا و 4 ملايين في اندونيسيا و بطرق وحشية و يلقب بقاطع الايادي .
- غاستون دومرغ رئيس فرنسا (1924 - 1931) راديكالي متطرف و رغم فترة رئاسته القصيرة الا انها شهدت ابادة 18 مليون انسان في اسيا و افريقيا ..خاصة في الصين و الفيتنام .
- اخيرا ونستون تشرشل رئيس الحكومة البريطانية ( تولى الرئاسة على فترتين رئاسيتين ) (و تصوره وسائل الاعلام الغربية على انقذ البشرية من النازية ) قتل اكثر من 4 مليون الماني في الحرب العالمية الثانية كما قتل 3 مليون اخرين في الهند و قمع التظاهرات المطالبه بالاستقلال و كان يرفض استقلال المستعمرات بشدة .
ببساطة التاريخ يكتبه المنتصرون ... و هتلر بطبيعة الحال مهزوم و هؤلاء منتصرون ..فلو انتصر هتلر ربما لن تسمع عن جرائمه ...فيما سوف تسمع كثيرا عن جرائم هؤلاء
.
.
بالتأكيد سوف تجيبني : هتلر ... لان هذا ما قاله لك الاعلام الغربي بسبب ارتكابه لمحرقة الهولوكوست (الغير مؤكدة ) وقتله لــ14 مليون انسان في الحرب العالمية الثانية.
يؤسفني ان اقول لك ان جوابك خاطئ فهناك من هم اشد جرما و عنصرية من هتلر و قتلوا اكثر مما قتل هتلر ... بل ان هتلر هو حمامة سلام و رجل وديع بالمقارنة بهم لكن الاعلام الغربي لا يذكرهم لك وهم :
- ليوبولد الثاني ملك بلجيكا (1885-1909 ) قتل هذا الرجل اكثر من 27 مليون انسان خلال فترة حكمه بينهم 10 ملايين في افريقيا و 4 ملايين في اندونيسيا و بطرق وحشية و يلقب بقاطع الايادي .
- غاستون دومرغ رئيس فرنسا (1924 - 1931) راديكالي متطرف و رغم فترة رئاسته القصيرة الا انها شهدت ابادة 18 مليون انسان في اسيا و افريقيا ..خاصة في الصين و الفيتنام .
- اخيرا ونستون تشرشل رئيس الحكومة البريطانية ( تولى الرئاسة على فترتين رئاسيتين ) (و تصوره وسائل الاعلام الغربية على انقذ البشرية من النازية ) قتل اكثر من 4 مليون الماني في الحرب العالمية الثانية كما قتل 3 مليون اخرين في الهند و قمع التظاهرات المطالبه بالاستقلال و كان يرفض استقلال المستعمرات بشدة .
ببساطة التاريخ يكتبه المنتصرون ... و هتلر بطبيعة الحال مهزوم و هؤلاء منتصرون ..فلو انتصر هتلر ربما لن تسمع عن جرائمه ...فيما سوف تسمع كثيرا عن جرائم هؤلاء
.
.
إن من الناس من إذا مات يعزى فيه أهله،
ومنهم من تعزى فيه عشيرته،
ومنهم من تعزى فيه منطقته،
ومنهم من تعزى فيه مدينته،
ومنهم من يعزى فيه وطنه
ومن الناس من إذا مات تعزى فيه أمته جميعا
وفي مقدمتهم وعلى رأسهم في هذا العصر هو إمام العصر الشيخ الدكتور يوسف عبدالرحمن القرضاوي
الذي انتقل إلى رحمة ربه
بعد عمر حافل بالعلم والعمل والجهاد والاجتهاد
فعزاؤنا لأنفسنا وأمتنا الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها برحيل هذا
العالم المجدد
والفقيه المجتهد
والداعية المجاهد
نسأل الله أن يجعل مقامه في عليين مع النبيين والصدقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا،
وأن يعوض أمتنا عن هذا القامة العلمية والهامة الفقهية من يسد الفراغ الذي خلّفه
حسبنا الله ونعم الوكيل
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومنهم من تعزى فيه عشيرته،
ومنهم من تعزى فيه منطقته،
ومنهم من تعزى فيه مدينته،
ومنهم من يعزى فيه وطنه
ومن الناس من إذا مات تعزى فيه أمته جميعا
وفي مقدمتهم وعلى رأسهم في هذا العصر هو إمام العصر الشيخ الدكتور يوسف عبدالرحمن القرضاوي
الذي انتقل إلى رحمة ربه
بعد عمر حافل بالعلم والعمل والجهاد والاجتهاد
فعزاؤنا لأنفسنا وأمتنا الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها برحيل هذا
العالم المجدد
والفقيه المجتهد
والداعية المجاهد
نسأل الله أن يجعل مقامه في عليين مع النبيين والصدقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا،
وأن يعوض أمتنا عن هذا القامة العلمية والهامة الفقهية من يسد الفراغ الذي خلّفه
حسبنا الله ونعم الوكيل
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
وإنا لله وإنا إليه راجعون.