علينا كمربين أن نعي اليوم أن من أشد أوبئة العصر هو داء اللا اكتراث، داء "I don't care"، مرض "So what" المتفشي، مشكلة "ماذا فيها؟" التي تنتشر. كالنار في الهشيم.
وإن كانت تلك كلها نتيجة الكسل البشري الهوائي فإنها تتجاوزه بأميال كثيرة، إلى إطفاء العقل والذهن، إلى ترك النفس ضحية لأول من يحاكي هواها، نحو فقدان كل المعيارية وكل الثوابت، ليكون أي شيءٍ مقبولاً، أي شيءٍ عادياً..

هؤلاء الملايين الذين يتابعون المقالب على تيك توك لم يأتوا بين يوم وليلة، الملايين الذين يشاهدون الساعات تلو الساعات من مقاطع لاعبي الألعاب الالكترونية على يوتيوب ليسوا صدفة، هؤلاء كارثة حقيقية، ليسوا أغبياء ولا حمقى، إنهم يعلمون تماماً أن الذي يفعلونه مضرٌ وسيء لهم، يعلمون أنه تضييع للوقت والجهد، لكنهم يختارون وبكل إرادتهم أن يدعوا نفوسهم لها، يختاروا أن يطفئوا فكرهم وعقلهم ويستسلموا للشهوة لأن "So What"! لأن "it's all okay", ولأنهم فعلياً لا يبالون بنفوسهم ولا بحياتهم، لا يشعرون بقيمة ذواتهم ولا بمسؤوليتهم ولا يريدون إلا تحصيل المزيد والمزيد من المتعة في الأوقات التي يمكنهم فيها ذلك!

هؤلاء ضحايا فكرٍ مستشرٍ في الإعلام والأغاني يقول لليافع واليافعة ونهايةً لكل إنسانٍ أنه موجودٌ هنا هكذا، يموت ويحيا وما يهلكه إلا الدهر، ليست له قيمة وراء أخذه من الدنيا ولذتها وتحصيله للثروة والسمعة الدنيوية، هذا حده وآخره، لا يوجد ما يهمه وراء دنياه، ليست لديه رسالة ولا هدف ولا هو مقبل على جنة ولا نار ولا سؤال عن العمر والصحة والجسد والمال!

ولهذا ينبغي العودة والتأكيد على أهمية كل مسلم، ازرعوها في أذهانكم وفي أذهان الشباب واليافعين، أنت مسؤول، أنت مهم، أنت ذو قيمة وذو قدرة كبيرة على التأثير، أنت رجلٌ وأنتِ امرأة من أمة الإسلام التي هي الوحيدة القادرة على تخليص البشر من تعاستهم، أنت ذو قيمة وبغض النظر عن متابعيك على وسائل التواصل، أنت مهم وإن لم يكن أحد يعرفك أو يكترث بك من البشر، أنت عبد لله، أنت ابن آدم، أنت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا يليق بك أن تترك نفسك لأول مؤثر سوشال ميديا تجده، لا ينبغي أن تحدد ملابسك ألو فاشنيستا تتابعينها، لا ينبغي أن يمر نصف يومك أو أكثر على ألعاب الفيديو التي صنعها لك من لا يخاف الله فيك ومن يريد شراء أيامك بشيء يسير من مالك، العمر يمر وأنت لم تتعلم بعد، لم تجد غايتك بعد، لم تعمل على الهدف الذي تقول أنه هدفك بعد، إنه كل ثروتك وأنت تنفقها على ما تعلم أنه تفاهة محضة فقط..

أنقذوا أبناءكم من سيل التفاهة، علموهم قيمة نفوسهم ومسؤوليتهم، املؤوا يومهم بما ينفعهم وكونوا قدوة لهم في حملكم للمسؤولية وتحميلها لهم..

لا يعني الأمر أن يكون المرح واللعب ممنوعاً، ولا يعني ألا يرفه اليافعون عن نفوسهم. بل الترويح له مكانه وقد يؤجر عليه المسلم إن كانت النية سليمة وخياراته صحيحة ولا يتجاوز حده في اليوم، ولذا ينبغي فيه أن نوجّه ونصوّب ونعطي الخيارات التي ترضي الله عنا وفي الوقت المناسب لها..

تِلك الصّورة ذكّرتني بأطيافٍ لِماضينا..

الطِّفل + المُصحف + الطَّهي.

كان سَعيد بن المُسيِّب يجلس مع القُرآن ويُردِّد الذِكر كثيرًا ، ويقول لإبنه

[ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا يا بُنيّ ، لعلَّ الله يُصلحك بي].

وكان الشَّافعي يقول لإبنهِ :

[ يَابُنيّ ، لَوْ قَدَرْت أَنْ أُطْعِمُك الْعِلْم لأِطعمَتك إيَّاه ].

كانت أم الإمام البُخاري تجلس لتُقيم الليل وتبكي لله رجاءًا منهُ أن يُمكّن ابنها في الدِين لأنّ الإمام البُخاري اصابهُ مرض شديد وهو لازال صغير وكان على وشك أن يُصبح ضريرًا، فكانت تجلس وتصلي وتدعو الله أن يُرجع الله لهُ بصره، ومجرد أن تمّ شفاءه وهو لازال طفل صغير قالت له : الآن اذهب لبقاع الأرض وتعلّم فأنت خليفة.

وكانت أُم مُحمد الفاتح تجلس بجواره وهو لازال ابن الخمس سنوات وتقول لهُ :

يا بُنيّ، لتُفْتَحَنَّ القُسطَنْطِينِيَّةُ فلنعمَ الأميرُ أميرُها ولنعمَ الجيشُ ذلك الجيش.. يا بُنيِّ أنت من سيفعل ذلك.

وبالفعل قام بفتحها..

وكانت أم الإمام أحمد تُعمِّمهُ ، وتقول لهُ وهو لازال ابن السبع سنوات:
اذهب ، وتعلّم، فلأجلِ هذا خُلقت.

كانت أم الإمام بن تيمية تجلس بجواره وتُطعمهُ العِلم، فانتسب لها ولم يُنسب لأبيهِ... ابن تيميّة.. تيميّة هي أمه.

جلس ابن الباز للفتوى وهو ابن الثمانية عشر عامًا بعد أن أصرّت أمّه على تعليمه وهو ابن العشر سنوات.

لولا أن سخّر الله [ أم أيمن ] ما كان [ أسامة ] ، ولولا [ أسماء ] ماكان [ ابن الزبير ]، ولولا [ هِند ] ما كان معاوية.

كان معاوية يقف في وسط الرجال والقادة والخلفاء ويقول أنا ابن هِند، أنا صناعة هِند.

سورة النِّساء ماسميت بالنِّساء إلا لعظيمِ فعل النساء في بناء الأمم ، و ﺍﻷﻧﻔَﺎﻝ ﻭ ﻣُﺤﻤَّﺪ ﻧﺰﻟﺘَﺎ ﻟﻴﺼﻨﻌَﺎ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﺭﺟﻞ ..

فاصنعن لنا قادة ...فقد سئمت الأمّة أرباب المياعة والبلادة والخلاعة.

لو كان الذي يَسْكُنُ فيك هو هَمُّك لَهَانَ الأَمْر.. لكنّها أُمَّة كاملة!

هَمُّ مَن فِيها مُتَجَذِّرٌ فيك لَا يَنْفَصِلُ، ينامُ الجسدُ منك والقَلبُ مُنْشَغِلٌ.. وَالعَقْلُ يَبْنِي أَلْف حكايةٍ وغاية!

لو كُنت وحْدك لهانتْ.. لكنّها أُمَّة يا فَتىٰ..

سلْ هذه السجّادة يا بُني .. كم كنتُ أغرقها دعاءًا ودموعًا لعلّك لا تعرى، ولا تجوع ، ولا تحزن.

= ولا أضِلّ يا أمي ؟

- ولا تضلّ يا حبيبي.
#إسراء_عاطف

لا أحد يسرق منك رمضان بغير إرادتك
بل تتساهل وتُفرط فيه فيسرقه منك النت والتلفزيون والنوم.. وغيرها..

إذا كنت أنت أو كانت أسرتُك ممن ابتُليَ بالتساهل في تضييع الوقت على النت ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج التافهة في رمضان أوغيره
-فنصيحتي لك قبل أن يبدأ رمضان المبارك:
مهِّدْ الأمر للأسرة بترك مشاهدة هذه الأشياء في رمضان (ولعلّها تكون البداية لتركها كل وقت إن شاء الله)
فهي واللهِ :
مجلبةٌ للإثم
ومضيعة للعمر
ومُفسدة للأخلاق
وشاغلة عن العمل النافع.
-علّمهم عن فضل الشهر واغتنامه في طاعة الله وتعويد النفس على الاشتغال بما ينفع.
-ومهما كانت أسرتُك اعتادتْ عليه فبالاستعانة بالله والحكمة والدعاء والتأني والقرب منهم والبدائل =تستطيع إن شاء الله قطع ذلك من بيتك
ستتعب معهم في أول الأمر، ويشق عليك وعليهم وسيغضبون بعض الوقت
ثم سيعتادون إن شاء الله بحسب حسمك للأمر وصبرك عليه وحكمتك فيه.
-ولا تتساهل في هذا الأمر ولا تتصور أن ولدك وابنتَك التي تشاهد الأفلام والمسلسلات والبرامج التافهة وما فيها من عقائد فاسدة ونشر لأخلاق سيئة، وتطبيع مع قلة الأدب، وتزييف للتاريخ والواقع..
فلا تحسب أنها مجرد تسلية بالنسبة لهم
ولا تحسب أن المُنتجين يُنفقون تلك الأموال الطائلة لتسليةِ ولدك وفرفشتِه
وإنما هي تشكيل لعقل ولدك وتصوراته وتوجهاته وطموحاته
وهو متأثرٌ بها لا محالة
وهي مِعوَل الهدم الذي يهدم ما تحاولُ أن تبنيَه في ولدك من معاني الاستقامة وتزكية النفس وسلامة القلب وحسن الخلق، والعزم والصبر وغيرها
-وكلُّ شرٍّ أو مشاكل تتوقعُها لو منعتَهم من مشاهدة تلك القاذورات أهونُ من ضريبة التطبيع معها والاستسلام لها.
وكُلّما تأخرتَ كان الفِطامُ أصعب
وترسّخت آثارُ تلك السخافات في قلوبهم وشوّهتْ فطرتَهم.
-فبادِرْ وأنت تستطيع إن شاء الله فطامَهم عنها، مهما كانوا قد اعتادُوا عليه.
-ليتك تعودهم على قضاء الوقت فيما ينفعهم :
مثل الرياضة والقراءة والصناعة والزراعة وتعلم الحساب والبرمجة واللغات وألعاب الذكاء
وغير ذلك مما ينفعهم وهو ذاتُه يشغلهم عن عالم الإعلام الفاسد.

استعن بالله..

دَرَجات الصّوم
-----------------------

قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: "اعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ صَوْمُ الْعُمُومِ وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص"

نجي نشرحهم واحد واحد :
١. أما صوم العموم قال : "فَهُوَ كَفُّ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ عَنْ قضاء الشهوة " ما ياكُل أو يشرب و التانية دي الله يعرس ليكم :).

٢. أما صوم الخصوص فقال :" فَهُوَ كَفُّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ ، وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ،  عَنِ الْآثَامِ" .

تَلِم كُرعينك و عيونك و يدينك ديل كويس من المحرمات : الغيبة و النميمة و النظر الحرام و الألفاظ غير الجميلة و غيرها.

٣. أما صوم خصوص الخصوص فقال :" فصوم القلب عن الهمم الدَّنِيَّةِ ، وَالْأَفْكَارِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، وَكَفُّهُ عَمَّا سِوَى اللَّهِ عز وجل بالكلية" و هذا يأتي باستحضار النية.

تمسك يومك الرمضاني دا كلو تَمْلاهو نيات فما تتحرك إلا بنية :
- أفطر عشان راجياني تراويح و تهجد.
- أنوم عشان أصحى عشان أصلي.
- أسوي العصائر عشان بر الوالدين و عشان سُقي العطشان و عشان" من فطر صائماً"
- أخت التلفون في الشاحن عشان يشحن عشان أحضر بثوث النوادي الدينية "🌚"
- أقرأ عشان بر الوالدين و عشان أطلب الرزق و أعَرّس و أعِف نفسي.

قال سفيان الثوري رحمه الله "إن استطعت ألا تَحُك رأسَك إلا بِأثَر فافعل"

#درجات_الصوم
#استثمر_رمضان ✨

(كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر أولوا الألباب)
الجبال خشعت وتصدعت لرهبته!
الجن استرقت السمع واذعنت لسطوته!!
حتى المشركين حين سمعوه انبهروا بعظمته!!✨
حين تعلم أن هناك من يقوم الليل كله بآية واحدة يكررها ويبكي لك أن تتساءل  اي معاني قد لامست شغاف قلبه! وأي أفكار قد سيطرت على وجدانه ومشاعره!
يتضح جليا ان الامر تجاوز قراءةالحروف وتقليب الصفحات  فقط
أعلمُ أن البعض منا الان قد يستاءل:
ما الذي وجدوه في هذا القران ؟
لماذا انا لا أشعر بما يشعرون ؟
ماذا أفعل؟
كيف السبيل إلى هذه اللذة؟
ماهو الطريق لهذه السعادة ؟
كيف أحرك هذا القلب الصخري بداخلي فأجعله يتفكر في آيات الله المسطورة والمنظورة ؟
اريد أن ألبي نداء ربي (ألم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق)

نريد أن نعلنها جميعا:

(أن قد آن ياربُ قد آن !!) ✨

يا كرام (قلوبكم، عقولكم ، مشاعركم ، وبالطبع تساؤلاتكم ) اجمعوها جميعا وكونوا على أهبة الاستعداد لمشاركتنا الرحلة في محاضرة متميزة بعنوان (ليدبروا آياته) بصحبة البروفيسور إياد قنيبي

⏰موعدنا يوم الاثنين ٥ رمضان في تمام الساعة 5 عصرا  بتوقيت مكة

حضوركم البهي يزيد اللقاء عبقاً وألقاً ✨

كيف أقرأ *ختمتي التدبرية* في رمضان؟

١- انتبه لاسم السورة
فمحور السورة يدور حولها.

٢- اهتم بمطلع السورة
فغالباً يكون مطلع السورة هو موضوعها.

٣- وانظر إلى خاتمة السورة
ستجد الرابط بين مطلعها وختامها.

٤- حاول أن تلاحظ وتُمعِن النظر في نهاية كل سورة، ومطلع السورة التي تليها، ستجد أن هناك رابطاً ما. ( قد لا يظهر لك من أول قراءة )

٥- لا تغفل عن أفعال الله في السورة، ( خلق- جعل- سخر- أنزل ..) فهذا يزيد من معرفتك بربك.

٦- لاحظ الألفاظ المتكررة والمتشابهة في السورة، فهي مفاتيح لفهم السورة.

٧- تفكر في أسماء الله الواردة في السورة وعلاقتها بالآيات.

٨- ركز على الأمثال التي ضربها الله في السورة، فالمثل يكون لتقرير أمر هام.

٩- وركّز أيضاً على القصص الواردة في السورة، بحيث تخرج من السورة وأنت تستحضر أنه ذكر بها قصة كذا .

١٠- حاول أن تلاحظ أركان الإيمان الستة في السورة إن وجدت ( الإيمان بالله/ الملائكة/ الكتب/ الرسل/ اليوم الآخر/ القدر).

١١- استخدم مصحفاً في هوامشه معاني الكلمات، أو تفسيراً مبسطاً لتفهم السياق العام، ثم أبحر في التدبر، و أسقط الآيات على حياتك، و تساءل *كيف أستفيد من هذه الآية في واقعي ..*
و سجل ذلك في دفتر خاص..
(جهز دفترك من الآن )

١٢- *لا تربط نفسك - حال قراءتك للختمة - بالأجزاء* بل حاول أن تقرأ سوراً متكاملة حتى لا ينقطع المعنى (قدر الاستطاعة). واجعل لنفسك أوقاتاً محددة تنقطع فيها عن الملهيات لتقرأ فيها.
*(اقرأ بالمعنى والوقت، وليس بالجزء والوجه )*

١٣- إن مررت بأوصاف للمؤمنين مثلاً؛ قف واعرض هذه الأوصاف على نفسك.
وإذا مررت بأوصاف للمنافقين والكافرين فاعرضها على نفسك أيضاً، وصفات أصحاب الجنة والنار توقف عندهم ..
وكذلك الأوامر والنواهي
انظر ما نصيبك منها،
لأن *القرآن يخاطبنا.*

١٤-قيِّد ما يستشكل عليك من معانٍ ودونها في ورقة، ثم ارجع إلى تفسيرها من أحد التفاسير الموثوقة.

١٥- لا تمل .. لن تجد المعاني التدبرية منذ اللقاءات الأولى مع الآيات.. صاحب القرآن بحب .. (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ )

*شَمِّروا .. جددوا النوايا واشحذوا الهمم*
ولا تنسو الدعاء لأنفسكم بأن يفتح الله على بصيرتكم وقلوبكم
( *وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا* )
منقول

أكثرُ ما أحمدُ اللهَ عليه بعد أن هداني للإسلام
أنه هداني لحُب كتابه الكريم وطلبِه ودراسته
وهذا الكلامُ أكتبُه لكل مُسلمٍ يطلبُ الهدى عمومًا، ولطالب العلم، خصوصا من سألني منهم عن مفتاح الهُدى:
أقولُ: أعظمُ قرارٍ وُفِّقْتُ فأخذتُه:
{طلبُ القرآن الكريم : تلاوةً وعلما وتدبُّرا وحِفظًا ومجاهدةً للوقوف على حدوده}
((ولم يشغلني في طلبه إلا أن ألقى اللهَ طالبا له مُجتهدا في إرادته ، وآخِذًا بأسبابه:سواءٌ كنتُ في الأساس طالبَ علمٍ أوْ لا، سواءٌ كنتُ حسنَ الصوت به أوْ لا، ختمتُه حِفظًا أوْ لا،صِرْتُ من المَهرةِ به، أو بقيتُ فيه أتتعتعُ.. حسبي أن أبقَى طالبا له.. فقط هذا ما أُريد وأطلبُ))
ومن يومِها وأنا أجني بركاتِ هذا القرار، وآثارَه وثمارَه في شأني كُلِّه.
وأعيشُ في طريق تعلُّمه فرحًا و راحةً وبهجةً وغنًى وطمأنينة تعجزُ الكلمات أن تفِي بعُشر معشارها!
لا يمُرّ عليَّ يومٌ معه إلا وأزدادُ يقينًا بأنه تنزيلٌ من حكيمٍ عليمٍ مُتعال بَرٍّ قدوس...وأحمدُه سبحانه على توفيقه
وكلما ذُقتُ فرحتَه و حلاوتَه ووجدتُ أثرَه :أتحسّرُ على عشرين عاما مضتْ من عمري لم أكن أطلب فيها كتاب الله، بل لم أكن أتلوه إلا نادرا ..
ولكن قدّر الله وما شاء فعل.. وكلُّ شيء عنده بمقدار وأجلٍ.
ولا يتحسرُ العاقلُ على ما فات إلا ليجعل ذلك وقودًا مُحرِّكًا للاستدراك والتعويض..
و اللهُ سبحانه يبارك في قليل ما بقي من العمر
ولا قوةَ إلا بك...
#يكفي أن يستحضر العبد أن هذا القرآن هو من الله.. من الله!

وأقولُ لكلّ من أخّر طلب القرآن :
إذا أراد الله بك خيرا وطلبتَه يومًا ما ستبقى نادما تتحسّر على ما فرّطتَ
أمّا إذا مُتَ وأنت لم تطلبْه فقد - واللهِ- حُرمتَ خير مطلب في هذه الحياة الدنيا..
كما أقولُ لمن حصر علاقته به في مجرد حفظ حروفه أو الاستدلال به : أنت كشخص أمامه بحرٌ كبيرٌ فيه أنفسُ الجواهر والكنوز والتُّحف فاكتفى منه بجرعة ماء!
اللهم ربَّنا أحينا بكتابِك، وعلمنا إيّاه ويَسِّره لنا
وارفعْنا به
فإنّك به ترفعُ وتخفضُ
#رحلتُك_مع_القرآن

نصيحة: تعمدوا أن تقولوا لأمهاتكم كلمات مثل: "من عيني"، "حاضر"، "ولا يهمك يا حبيبتي"، "تأمري أمر"، "أبشري"...وشبيهاتها من قاموس التودد..
وتعمدوا الإكثار من قولها لأمهاتكم أمام الناس أو إذا كانت أمك تكلمك على الهاتف بحيث يعرف مَن حولها أنك تخاطبها بهذه الكلمات.
هذه كلمات تَحُفُّ أمهاتكم بالشعور بالتقدير والأمان، ويفتخرن بهذا البر أمام المعارف والأقرباء..وهي داخلة في عموم قول الرحمن عز وجل: (وبالوالدَين إحسانا)..(إحسانا): ليس طاعة واحترام فحسب، بل تفنن في الإرضاء والإسعاد.

‏قالَت السيدة عائشة لسيدنا محمَّد ﷺ :
يا رسولَ الله إدعُ لي !
فقالَ ﷺ : اللهمَّ اغفر لِعائشة ما تقدَّمَ مِن ذنبِها وما تأخَّر ، وما أسرَّت وما أعلنَت .

فَضحكَت مِن شدَّةِ سرورِها ، حتى سقطَ رأسُها في حجرِها مِن شِدَّةِ الضحك ..
فقالَ لها : أيسرُّكِ دُعائي يا عائشة ؟
قالت : ومالي لا يَسرُّنِي دُعاؤك !
فَقال ﷺ : واللهِ إنَّها دعوتِي لِأمَّتِي في كلِّ صلاة.

اللهُ تبارك وتعالى (يختار.. يصطفي.. يجتبي.. يختصُّ.. يمُنُّ.. يهدي..)
فما الذي اختصك به.. ما الذي اختاره لك من العمل
كيف يمضي يومُك.. ما الذي يشغلُك.. إلى أي شيء تسعى.. وماذا تعمل؟
العلامةُ الخاصّةُ التي تعرفُ بها حُبَّ الله لك، وكرامتَك عنده، و رضاهُ عنك:
أنّك تجده سبحانه يُيسّرك للعمل الصالح (فرائضه و نوافله) و يُعينُك عليه، ويشرح صدرك له، ويمضي يومُك فيما خُلِقتَ له.
فهذه هي اليُسرى التي يُيسرك اللهُ لها. فأعظمُ نعمةٍ من الله على عبده، وأعظم كرامة: الاستقامةُ على طاعة الله.
فأبصرْ ماذا عندك منها، فاحمد الله عليه، وماذا ينقصك فسدّده. فهذا ميزانك أيها العبد.
#أمّا ما دون ذلك من مظاهر المُتعة و الرزق (شَكل، سكن، طعام، مال، ذرّيّة، جاه، ثقافة، ..) فهي زينةُ الحياة الدنيا، فلا يخُصّ الله بها أولياءه، بل يجعلها حتى لأعظم الناس كفرا ..
*****
ومع ذلك: فلن يُضيّع الله دُنيا عبدٍ جعل الآخرة مطلوبه، وسعى لها وهو مؤمن.
بل يُسعده ويُرضّيه بما بين يديه، ويُقنّعُه ويُطمئنُ قلبه، وينزل عليه سكينةً وأمنًا وهدايةً يعيشُ بها حلاوةَ الإيمان، ويجعلُ أمره كلّه له خيرًا سراءه وضرّاءه.
والربُّ سبحانه شكور: ومِن شُكره لعبده أن يُحييه حياةً طيبةً بإيمانه وعمله الصالح.
فاجعل الاستقامة على الإسلام مطلوبك، وعينُك على الدار الآخرة.
(إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)