ملجأ | لـ محمد

لا تحكم على الآخرين 🚫

▫️ إفراط مجحف: نحن نرفض الأحكام الخاطئة، ونرفض الأحكام المتسرعة أو غير المنطقية، ونرفض الأحكام التعميمية أو غير الملمة بالتفاصيل، ونرفض الحكم بالظن والحكم بالتأويل المتعسف، ونرفض الحكم على النوايا والتنقيب عن السرائر؛ أما رفض فكرة الحكم على الآخرين في حدّ ذاتها فهذا إفراط مجحف، وتجريد للإنسان من مكوّن أساسي من مكوّنات إنسانيته الفطرية التي وهبها الله له، بل هي إحدى غوايات الشيطان لبني آدم، فإن الشيطان يحب للمنكر أن يُفعل دون إنكار.

▫️أعظم المعينات: الكاتب الأمريكي "جاسون كروز" خرج بنتيجة يؤكد فيها أن هناك مرضاً يتسلل ببطء وسط جيل المراهقين والشباب بسبب هوس الثقافة الغالبة بفكرة التسامح وقبول الآخر؛ وينبهنا الشيخ "علاء عبدالحميد" إلى أن رؤية أنفسنا بعيون غيرنا من أعظم المعينات على تحسين وتطوير أنفسنا، فيقول: (لا تظن أن مهاجمة أحدهم لك هي محض عداوة، فحتى لو كان يبغضك، فلولا أن رأى شيئاً فيك لما أبرزه).

▫️ تقديس التسامح: تخبرنا "مارشا لينيهان" أن هناك نوعين من الأحكام: (الحكم الذي يميز، والحكم الذي يقيّم)، ثم تقدم لنا نموذجاً لعقلية اللاحكم الطاغية في عالمنا الحديث بسبب الثقافة الرأسمالية العالمية التي ترفع قيمة التسامح إلى مستوى التقديس، فتوصينا بأن نهجر أحكامنا التقييمية على الأشخاص والأفعال والسلوكيات، وننظر إلى العالم كما هو فحسب دون محاولة إضافة صبغة أخلاقية بوصفها وصاية عليه، وبهذه الطريقة سنتقبّل أنفسنا كما هي عليه، وسنتقبّل الجميع كما هم عليه، ونعيش جميعاً في بيئة من التسامح والرقي والتحضر !!

▫️المساحات الآمنة: هذه الثقافة من اللاحكم تسببت في توليد حساسية مفرطة لدى قطاع كبير من الشباب والفتيات تجاه الحكم عليهم، فهربوا إلى الاندماج في المجتمعات والمساحات التي تغيب فيها معاني النصح وإنكار المنكر وإبطال الباطل وإحقاق الحق. فالمساحة الآمنة حسب "كلير فوكس" تعني (الحماية من أي فكرة معادية أو سلبية). وحتى النقد البنّاء والنصيحة الصادقة غير مسموح بها في هذه المساحات.

▫️أبغَضُ النّاس: التصور الرومانسي للأمان خلق بيئات خالية من الأحكام المسبقة، وفارغة من أي بوصلة أخلاقية أو ميزان معياري للحكم على الأشياء، فصارت مثل هذه البيئات مفرطة الحساسية تجاه إصدار الأحكام؛ لا لشيء إلا لأن الحكم على سلوك شخص ما قد تعني أذيته نفسياً، ولعل هذا ما نبّه إليه ابن قدامة رحمه الله قائلاً: (كان السلف رحمهم الله يحبون من ينبههم إلى عيوبهم، أما نحن الآن فأبغض الناس إلينا من يعرّفنا عيوبنا).

▫️الهروب الدائم: تظهر أزمة أخرى غير أزمة التسامح مع المنكر، تتمثل في الهروب الدائم من محاسبة النفس ومكاشفتها، مما يجعل المرء ضعيفاً أمام أي نقد يوجّه إليه، ويتأذى من أدنى إشارة سلبية له، وهذا أحد عوامل تعزيز ما نراه اليوم من جيل غير قادر على تحمّل أعباء الحياة، وغير مسئول عن تصرفاته؛ فضلاً أن يكون مسئولاً عن تصرفات غيره.

▫️عقلية اللاحكم: ينتقد "تيري كوبر" عقلية اللاحكم على الأشياء، فيقول: (الكثير منّا يخلط بين إصداره للأحكام وبين كونه حكَمياً، ويعتبر هاتين العمليتين الذهنيتين مختلفتين بالكلّية، ويعتبر عدم التفاعل مع السلوكيات الضارّة تعني امتلاكاً لضمير تمّ تخديره، والعيش في عالم بدون أحكام يعني أن نعيش في عالم بدون إدانة ولا مبادئ ولا قضايا أخلاقية، وهذه النزعة نحو اللاحكم ستودي بنا في نهاية المطاف - كما يرى المؤلف الأمريكي "ديريك دوبكر" - إلى أن نجعل كل وجهات النظر متساوية ونسبية، ومن ثمّ فلا شيء له أهمية.

▫️ الدين النصيحة: أشار النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى خطورة ترك فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن مجالسة الناس دون نصحهم وتقويمهم وإرشادهم إلى الخير يعني هلاك المجتمع بأسره لا الفرد وحده، وحتى الصالحين لن ينجوا من الهلاك عندها، ولكن هذا الأمر له أهله ومختصوه وأناسه {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، كما أن المسلمين ينبغي أن يتورعوا عن إساءة الظن بإخوانهم، وألا يقدموا الظن الفاسد على الظن الصالح، وغني عن الذكر أن أسلوب النصيحة وتوقيتها وألفاظها وطريقة إلقائها كلها من الآداب النبوية.

📖 #الهشاشة_النفسية (16)

✦• ┈┈•• ملجأ ••┈┈ •✦
تيليقرام www.tg-me.com/mljaa360

1.1K viewsedited 06:57