Telegram Web Link
«فالإمامة في الحديث عند السلف لا تحصل للشخص فقط بما يحفظه من
أحاديث، بل لا بد أن يضاف إلى ذلك فهمها عمن رواها، حفاظا على السند في الرواية وفقهها.
والإمامة في الفقه لا تحصل فقط من براعة الرجل في الاستنباط من القرآن والسنة، ولكن لا بد من أن يضاف إلى هذه الملكة: الفهمُ على سَنَن الماضين؛ لأن النصوص حمالة أوجه، ومعرفة ظروفها وملابساهتا هو الذي يرفع الاحتمال. والصحابة هم الذين شهدوا الظروف وعاينوا الملابسات. فالرسول لم يعطهم ألواحا وأمرهم بالعمل بها، وتركهم وشأنهم، بل عاش معهم، وطبق ما ينزل عليه، وأفهمهم ما عسر عليهم فهمه، وأزال عنهم احتمال ما يفهم من بعض النصوص وليس مرادًا».

د. الناجي لمين.
Forwarded from صيدٌ وقيدٌ
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
درس الدموع:

لا أنسى ما حييت معلماً أردنياً في الصف الأول الابتدائي، اسمه (يوسف أبو حميد)، كان كهلاً قد اشتعل رأسه وشاربه شيباً، يلوذ بصمته أواخر الحصص، يرسم في عقولنا أوّل ما نعرفه عن (الله) و(القرآن).

في أحد الأيام وأثناء حديثه مع نفسه غلبته الدموع، ثم شرع يكفكفها بمنديله، تجرأ أشجعنا وسأله ببراءة الصغار: "ليش تبكي يا أستاذ؟"
استعاد أنفاسه، وأجاب بصوتٍ متهدِّج:
"أبكي من خشية الله يا أولادي"!

كانت الجملة فوق إدراكنا، البكاء في أذهاننا قرين ضياع قلم، أو حرمان لعبة، أو ظلم معلم، أما أن يبكي الإنسان من خشية الله، فهذا شيء لم يخطر لنا في بال.

كررها بصيغة أثبت: "نعم، من خشية الله، لأن الله أحقّ أن نخشاه"، ثم قال كلماتٍ يسيرة، بقدر ما تحتمل قلوبنا الصغيرة.
لا أدري حتى اليوم هل كان ما فعله تعبيرًا عن حالٍ داخليٍّ غمره، فبكى؟ أم أنه استثمر لحظة عابرة من الذكرى أو الألم، فحولها إلى موقفٍ تربويٍّ عظيم، غرس فيه معنى سيظل حياً فينا إلى آخر العمر؟
لكني متيقّنٌ من أمرٍ واحد: أن الدرس قد حُفر في أعماقنا، وأنَّ طفولتنا وقفت يومها في حضرة دمعةٍ، كأنما تتهيّب معنى أكبر من أعمارنا.

هذا الموقف -رغم بساطته- ظلَّ يرافقني دائماً، "متى سأبكي من خشية الله؟"، ووالله لما قرأت موقف ابن الجوزي مع شيخه الأنماطي ما تذكرت إلا يوسف أبو حميد، يقول ابن الجوزي عن شيخه الإمام عبدالوهاب الأنماطي رحمهما الله:
‌‏«كنتُ أقرأ عليه وهو يبكي، فاستفدتُ ببكائه أكثر من استفادتي بروايته، وانتفعتُ به ما لم أنتفع بغيره».

كان الدرس يومئذٍ درس الدموع لا درسَ الحروف.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
"أقل منافع الأستاذ الفاضل أن يدل على الكتاب الصالح والطريق الصحيح . وهذا من إرشاده أعظم شيء مع قلته وخفة مؤونته، وإنه لو قال لك الأستاذ : اشتغل بهذا الكتاب و ارفض هذا الكتاب، فقد أفادك فائدة جليلة ونبهك على فضيلة استحق بها منك الشكر على الأبد. وبهذا المقدار يستحق رئاسة الأستاذية، ويوجب عليك حق التلمذة، وتصير من أتباعه؛ ولو لم يفدك في الكتاب شيئاً أصلاً سوى الدلالة عليه لكفى ذلك شرفاً وحقاً واجباً؛ ولو صرت في فهم الكتاب أكمل منه لما خرجت أن تكون من أتباعه وتلاميذه .كما أن الولد إذا اتفق أن يكون أفضل من أبيه، لم يخرج من أن يكون ابناً له ولم يسقط عنه شيء من حقوق الأب الواجبة على الابن من التبجيل والترحيب."

[ عبداللطيف البغدادي
كتاب النصيحتين : ص٦٨ ]
اللهم يا قويُّ يا جبار، يا من لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء،
اللهم إنك ترى ما نزل بإخواننا في غزة من البلاء، وتسمع أنين الثكالى وبكاء الأطفال وزفرات الجرحى والمكلومين،
اللهم إنه لا قوة لهم إلا بك، ولا ناصر لهم سواك، ولا حول لهم ولا قوة إلا بك يا علي يا عظيم،

اللهم انصرهم نصراً تعزُّ به الإسلام وترفع به الظلم، وتكسر به العدو، وتُرينا فيه وعدك الذي وعدت به عبادك المؤمنين، ووعيدك الذي توعدت فيه الظالمين المجرمين المفسدين.

اللهم اشفِ جرحاهم، وتقبل شهداءهم، وداوِ قلوب الثكالى، واربط على قلوب اليتامى.

اللهم عليك بمن ظلمهم وبغى عليهم، اللهم عليك بمن قتل أطفالهم، ودمّر بيوتهم، وأحرق أرواحهم؛ فإنهم لا يعجزونك.

اللهم اجعل لأهل غزة من كل ضيق مخرجاً، ومن كل همٍّ فرجاً، ومن كل ظلمٍ نجاة،
اللهم اجعل في ليلهم سكينة، وفي نهارهم نصراً، وفي صبرهم رفعة،
اللهم إنا نستودعك دماءهم وأعراضهم وأرواحهم، فأنت خير حافظا وأنت أرحم الراحمين.

اللهم اجعل دعاءنا لهم عملاً صالحًا في هذه العشر المباركة، وارفع به درجاتنا، وبلّغنا به رضوانك.

اللهم واجعل مصابهم عزا وتمكينا لهم، وسببا لإيقاظ المسلمين من غفلتهم ورجوعهم للتمسك بدينهم.

اللهم عجل لهم بالفرج، واجعل من تحت الركام حياة، ومن خلف الدمار نوراً، ومن بعد الخوف أمناً، إنك وليُّ ذلك والقادر عليه.

وصلِّ اللهم وسلم على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
#تهنئة

أحبتي الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عيدكم مبارك

كتبكم الله في السعداء، وألحقكم بالصالحين الأتقياء، وحقق فيما يرضيه آمالكم، وأصلح بالكم.

محبكم: أبو مجاهد محمد القحطاني
#موسميات #فتاوي_محررة


سئل الإمام ابن تيمية عمن يعمل كل سنة ختمة في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ هل ذلك مستحب؟ أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله، ‌جمع ‌الناس ‌للطعام في العيدين وأيام التشريق سنة وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين وإعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان هو من سنن الإسلام. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " {من فطر صائما فله مثل أجره} وإعطاء فقراء القراء ما يستعينون به على القرآن عمل صالح في كل وقت ومن أعانهم على ذلك كان شريكهم في الأجر. وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم.» انتهى من «مجموع الفتاوى» (25/ 298).

وجواب ابن تيمية -رحمه الله- يدل على رسوخه في العلم، ومعرفته بما تتشوف له نفوس الناس، مع مراعاةٍ لحكمة التشريع ومقاصده؛ حيث لم يجب عن المسألة التي سئل عنها مباشرة، بل بدأ ببيان نوع من أنواع الاجتماع المشروع الذي يحقق رغبة الناس في الاجتماع، فذكر فضائل الاجتماع للطعام في الأعياد، وإعانة الفقراء، وتشجيع القراء، ثم ختم بالتحذير من اتخاذ مواسم وعبادات مبتدعة لم ترد في الشرع.
وهذا من أحسن الفقه في الفتوى؛ حيث جمع بين تعظيم المشروع وبيان فضله، وإنكار البدعة وبيان ضلالها.

ومن فوائد هذه الإجابة الحكيمة: التأصيل قبل التفريع؛ حيث بدأ -رحمه الله- بتقرير الأصول الشرعية المتفق عليها (جمع الناس للطعام في العيدين، إطعام الفقراء، إعانة قراء القرآن) قبل الخوض في حكم المسألة المحددة. وهذا منهج علمي رصين يضع المسألة في إطارها الصحيح.
اتفاق_الصحابة_على_معنى_واحد_للفظة_تحتمل_معاني_أُخر.pdf
132.8 KB
#أسئلة_وأجوابة

وصلني هذا السؤال:

إذا اجتمع الصحابة على معنى للفظة ما، وكان لها معاني أخرى كلها صحيحة وتحتملها الآية؛ فهل القول بها في هذا المقام مردود؟
لأن تركهم لهذه المعاني مع ظهورها وقربها، قرينة على عدم إرادتها منهم
وبالتأكيد ان ما ذهبوا اليه هو الأقوى والأولى والأصح
والمعاني الأخرى دليلها من ألفاظ أخرى وسياقات مختلفة، والأخذ بها في هذا المقام فيه انتقاص لهم رضوان الله عليهم
فهل هذا القول صحيحا في معناه؟
وطبعا يخرج الاستدلال لأن طريقه القياس وليس المراد باللفظة
أم أنها مقبولة لأنها في الحقيقة غير مسقطة لهم في القول
جزاكم الله خيرا

فكان الجواب:
«إن المعرفة جزيرة في بحر من الجهل، وكلما اتَّسَعَت الجزيرة؛ اتَّسَعَت معها سواحل الجهل!».

نجيب الحصادي
#منهجيات

جاء رجل إلى التابعي الجليل مُطَرِّف بن الشِّخِّير،
فقال : لا تحدثونا إلا بالقرآن ,

فقال له مُطَرِّف :
(والله ما نريد بالقرآن بدلا , ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منّا).

جامع بيان العلم لابن عبدالبر .

🍃❄️🍃❄️🍃❄️🍃❄️🍃❄️🍃❄️🍃

رابط القناة /
https://www.tg-me.com/Dralderes
كنت تأمل مؤخرًا بعض الحكايات والأوصاف عن سعة الدعاوى وشؤمها في كتب التراجم ونحوها (المراد بسعة الدعوى -وقاني الله وإياك- نسبة المرء لنفسه علمًا أو عملًا زائدًا عن حقيقة حاله).
ومما وقفت عليه؛ سرعة انكشاف الدعوى، فقد نقل عن قتادة رحمه الله أنه قال مرةً: ما نسيت شيئًا!، ثم قال لغلامه: ناولني نعلي. فأجابه: نعلك في رجلك!، يعلّق الذهبي: «هذه الحكاية عبرة، فإن الدعاوي لا تثمر خيرًا!»، وصدق.
كما عيب جملة من الفضلاء والعلماء بهذا العيب، فقيل عن بعضهم: «كان إمامًا، عالمًا، لَسِنًا، فصيحًا… إلا أنه كان كثير الدعَاوَى»، وبعضهم تتفاقم به الحال، جاء في بعض التراجم عن أحد الفقهاء أنه قال مرةً «على كل حال؛ أنا شيخ الإسلام». والأقبح ارتباط سعة الدعوى بضيق العلم، وهذا معروف وله شواهد، وقد قيل عن بعضهم: «كثير الدعاوى قليل العلم»، وقيل عن آخر: «كثير الدعاوى، وهو بليد ناقص الفضيلة».
ونكتة الباب ما قاله بعض صلحاء المتقدمين: «ما زالت الدعاوى مشؤومة على أربابها مذ قال إبليس: أنا خير منه!».
‏[طريقةٌ وفّقني الله لَها كانت سببًا في انْتِفاعي ونَفْعِي بِمَا أقْرأ]
إنّ ضبط العلم الذي حوته الكتب الكثيرة, على اختلاف فنونها وتنوعها صعب جدًّا, وهو أمْرٌ يؤرّق كلّ محبّ للعلم والقراءة.
وإنّ مما وفّقني الله له وأكرمني وأحسن إليّ: أن هداني لطريقة كانت سببًا في انْتِفاعي ونَفْعِي بِمَا أقْرأ, وها أنا أنقلها لك – أخي القارئ وطالب العلم – لعل الله أن ينفعك بها, كما نفعني بها.
وهي أن تتَّبع هذه الخطوات بالترتيب:
1- الدعاء بصدق أن ينفعك الله بما في الكتاب.
2- أن تنوي العمل بما فيه من الحق.
3- التركيز على الكتاب وجمعُ فكرك فيه.
4- تلخيصه تلخيصًا متقنًا.
5- مراجعة التلخيص بعد ذلك.
وتفصيل ذلك: أن تعتني بالدعاء بصدق أن ينفعك الله بما في الكتاب من الحق والصواب, وتنوي العمل به, ولن يخيّبك الله وقد صدقت معه, ودعوته ورجوته وافتقرت إليه, وعزمت على العمل بما تعلمت.
ثم ركّز على الكتاب واجمع فكرك فيه, واحذر من التشتت، وذلك بانشغال فكرك بغيره, وبتنوّع الكتب والفنون, بل اجعل فكرك وهمّك منصبًّا على كتاب أو فنّ واحد بقدر الإمكان, وإن أكثرت فاقرأ في كتابين أو فنّين, ثم اقرأ بتمهل وتفكر, واجتنب السرد والسرعة في القراءة, وتفهّم العبارات, وتأمّل في اللطائف, وحاوِل أن تتشرّبها وتحوّلها إلى سلوك وعمل ما استطعت.
فلا تجعل قراءتك قراءةَ سلوةٍ واستمتاع، بل قراءةَ فهم وانتفاع.
ثم لخّص ما قرأت, واجعل للفوائد والعبارات عنوانًا, ليسهل عليك حفظ الفوائد والرجوع إليها, ثم ضع في الهامش ما يجول في خاطرك من تعليق أو نقل متعلّق بالفائدة, ثم اكتب أمام الفائدة أو العبارة التي لخصتها رقم الصفحة.
فيكون الكتاب صديقك وأنيسك وغذاء روحك وعقلك وقلبك.
فإذا انتهيت من تلخيصه اطبعه واجعله في مكان خاصّ, وبعد مدة من الزمن اقرأ ما لخصته مرة أو أكثر, حسب الحاجة.
وبعد ذلك قد ترى أن ما لخصته يُناسب أنْ تطبعه, بعد استشارة أهل العلم والخبرة.
وإني أحمد الله أن كثيرًا من كتبي خرجت من رحم هذه الطريقة المباركة النافعة، وبعضها لم تُطبع إلا بعد عشر سنوات، فلا يلزم الاستعجال في النشر، المهم هو الاستفادة والضبط، وتحويل العلم النافع الذي تعلّمتَه إلا سلوكٍ وعمَلٍ واعتقاد، وألا تظلّ المعلومات حبيسةً في دماغك، بل تسري إلى قلبك وروحك، فيتأثر بعد ذلك بدنك، بالعمل الجاد بما تعلمتَه، وعند ذلك يفتح الله لك من خزائن فضله وعلمه وكرمه، ويُبارك لك في علمك وعملك وكلامك وكتابتك.
من الأخطاء العلمية؛ نقل كلام العلماء والمشايخ في مجالس السمر، والمدارسة، على أنها آراء علمية لهؤلاء العلماء والمشايخ، وتتناقل بين طلبة العلم، وكم آذى مثل هذا الصنيع بعض المشايخ والعلماء؛ إلّا إن كان يُعلم أن هذا هو رأي الشيخ الذي يتبناه وينشره..
فهناك فرق بين المجلس العلمي الذي يشرح فيه العالم الدرس، ويبين الأقوال، ويفندها، وبين مجالس السمر والمدارسة التي يقع فيها تساهل، وأحيانًا يثق العالم بمن عنده، ويقول ما يطرأ في ذهنه، من إشكالات علمية، أو آراء، وقد تكون في طور النظر ولم يمحصها جيدًا، أو يدرسها..

وقد كان علماء الحديث يحذرون طلابهم من نقل أحاديثهم في مجالس المذاكرة لما يقع فيها من التساهل، كما ورد عن عبدالرحمن بن مهدي أنه كان يُحرج على أصحابه أن يكتبوا في المذاكرة شيئًا، وقال أيضا:(حرام عليكم أن تأخذوا عني في المذاكرة حديثًا؛ لأني إذا ذاكرت تساهلت في الحديث)
وقال ابن المبارك: (لا تحملوا عني في المذاكرة شيئًا)
وجاء مثل ذلك عن غيرهم..

لذا على طالب العلم أن يُميز المجالس، وأن يعرف ما يُنقل وما لا يُنقل؛ وكذلك إذا نُسب له قول إلى عالم فعليه أن يتأكد من الناقل أين قال العالم هذا القول، في درس أو جلسة سمر أو مدارسة، أو فتوى خاصة؟ وإن استطاع أن يتثبت من العالم فهو أفضل؟

وكذلك في الكتب التي خرجت عن العلماء وحياتهم وسيرهم ومجالسهم، والذين ينقلون فيها كل ما سمعوه، فهذه لا بد من الرجوع إلى كتب العالم التي حررها، وجلّى فيها رأيه، خاصة إذا كان الرأي الذي نُقل عن العالم غريبًا، ولا يجري على أصوله ولا فروعه، والله الهادي إلى سواء السبيل..

https://www.tg-me.com/nitharAlaikhtiar
الجلوس للتعزية ثلاثة أيام

قال ابن مفلح: «قال المصنف(١) في «شرح الهداية»:
«وإلى متى يمتد وقت التعزية؟
لم أجد فيه كلاما لأصحابنا، وذكر أصحاب الشافعي: أن وقتها يمتد إلى ثلاثة أيام، فلا تعزية بعدها؛ لأنها في حد القلة، وقد أذن الشارع في الإحداد فيها.

-ثم ذكر أحاديث ذلك ثم قال-:

وهذا يدل على أن ما يهجره المصاب من حسن الثياب والزينة؛ لابأس به مدة الثلاث.

وقال في مسألة كراهة الجلوس للتعزية:

«وعندي أن جلوس أهل المصيبة من الرجال والنساء بالنهار في مكان معلوم ليأتيهم من يعزيهم مدة الثلاث؛ لا بأس به. انتهى كلامه».

«النكت على مشكل المحرر» ٣١١/١.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) مجد الدين ابن تيمية، جد شيخ الإسلام.

#تعزية #جنائز
#فوائد_قرآنية

#زاد_الدعاة

قال الله تعالى في سياق قصة نوح في سورة يونس: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72]


إن جملة "وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" على لسان نوح عليه السلام، هي بمثابة حجر زاوية ومنطلق أساسي في فهم حقيقة دعوة الأنبياء جميعاً. وهذا تحليل علمي تأملي عميق، أرجو أن يكون مفيداً لكل داعية يسير على خطاهم:

هذه الجملة القصيرة، التي جاءت في ختام إعلان نوح عليه السلام تجرده وإخلاصه، ليست مجرد عبارة عابرة، بل هي إعلان عن هوية، ومنهج، وغاية، ومصدر للتلقي. وتحليلها يكشف عن كنوز للدعاة:

أولاً: الإسلام هو دين جميع الأنبياء (وحدة الرسالة)
التحليل: كلمة "المسلمين" هنا لا تعني الأمة المحمدية على وجه الخصوص، بل تعني جوهر الدين كله: الاستسلام الكامل والخضوع التام لله رب العالمين. نوح عليه السلام، أبو البشر الثاني، يعلن أن مهمته الأساسية وهويته الجوهرية هي أن يكون "من المسلمين". وهذا يكشف حقيقة علمية عقدية راسخة:
الدين عند الله واحد: من آدم إلى محمد ﷺ، الدين في جوهره هو الإسلام. قال تعالى: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ".
الأنبياء إخوة: رسالتهم واحدة في الأصل (التوحيد) وإن اختلفت في بعض التشريعات الفرعية (الفروع). قال ﷺ: "الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد".

الفائدة للداعية:

عالمية الخطاب: الداعية لا يدعو إلى دين جديد أو طائفة خاصة، بل يدعو إلى الحقيقة الأصيلة التي فُطرت عليها السماوات والأرض ودعا إليها كل نبي. هذا يمنحه ثقة وقوة في خطابه، ويجعله يتحدث بلسان قافلة النور الممتدة عبر التاريخ.
احترام جميع الأنبياء: الداعية المسلم الحق هو من يوقّر جميع الرسل ويعتبر نفسه امتداداً لدعوتهم. هذا يوسع أفقه ويجعل دعوته جامعة لا مفرّقة، تدعو الناس إلى أصل دينهم الذي دعاهم إليه موسى وعيسى وإبراهيم ونوح عليهم السلام.

ثانياً: العبودية لله هي أسمى تكليف وشرف (مصدر التشريع)
التحليل: تأمل الصيغة "وَأُمِرْتُ". جاءت بصيغة المبني لما لم يسمّ فاعله، للعلم بالآمر وهو الله سبحانه وتعالى. هذا التركيب اللغوي له دلالة نفسية وعقدية عميقة:

التلقي المباشر: نوح عليه السلام لا يتحدث من عند نفسه، ولا يتبع فلسفة بشرية أو هوى شخصي. هو عبدٌ مأمور، يتلقى توجيهاته من سلطة عليا مطلقة هي الله جل وعلا.
العبودية هي قمة الحرية: في حين يبحث الناس عن الحرية في التمرد، يعلن نوح أن قمة الشرف والرفعة هي في أن يكون عبداً مأموراً من الله. هذا الأمر الإلهي يحرره من كل عبودية أخرى: عبودية التقاليد، عبودية الجماهير، عبودية السلطة، وعبودية هوى النفس.

الفائدة للداعية:

مصدر القوة والثبات: عندما يستشعر الداعية أنه "مأمور" من الله، فإنه لا يبالي برفض الناس أو قبولهم. هو ينفذ أمراً، والأجر على الآمر سبحانه. هذا يمنحه صلابة عجيبة أمام التحديات ويحميه من اليأس أو الانكسار.
حماية من الانحراف: الداعية الذي يعيش بمعنى "وأُمرت" لا يبتدع في الدين، ولا يتنازل عن الثوابت إرضاءً لأحد، ولا يتبع أهواء الجماهير. مرجعيته واضحة: الأمر الإلهي (الكتاب والسنة). وهذا هو صمام الأمان الذي يحفظ الدعوة من التحريف والتمييع.

ثالثاً: الانتماء للجماعة لا الانفراد بالفضل (منهجية العمل)
التحليل: لم يقل نوح: "وأمرت أن أكون مسلماً"، بل قال: "أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ". حرف الجر "مِن" هنا للتبعيض، وهو يحمل دلالات تربوية واجتماعية فائقة الأهمية:

التواضع ونفي الغرور: كأنه يقول: "أنا لست شيئاً فريداً أو استثنائياً، بل أنا مجرد فرد واحد ضمن هذه الجماعة المباركة (جماعة المسلمين المستسلمين لله عبر العصور)". هذا يقتل العُجب والغرور في نفس الداعية، وهو أخطر أمراض الدعاة.
أهمية الجماعة: فيه إشارة إلى أن هذا الدين ليس ديناً فردانياً انعزالياً. الداعية هو جزء من أمة، يعمل معها ولها، ويستمد قوته من كونه فرداً في جماعة المؤمنين. هو ليس قائداً متعالياً، بل أخٌ ضمن إخوته.

الفائدة للداعية:

روح الفريق والعمل الجماعي: على الداعية أن يحرص على أن يكون جزءاً من الصف، لا نجماً منفرداً. يعمل مع إخوانه، ويشاورهم، ويتواضع لهم، ويفرح بوجوده "منهم" ومعهم. هذا يحفظ الدعوة من أهواء الأفراد وتنافسهم المدمر.
الشعور بالأنس والمعية: عندما يشعر الداعية أنه "مِن المسلمين"، فإنه يستشعر أنه ليس وحيداً في الميدان. هو فرد في قافلة عظيمة تضم الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين. هذا الشعور بالمعية التاريخية والإيمانية يمنحه أنساً وقوة لا تقدر بثمن، خاصة في أوقات الغربة والشدة.


خلاصة الفوائد للداعية المسلم:
من هذه الجملة القرآنية العميقة، يخرج الداعية بالزاد التالي:
2025/06/29 16:10:16
Back to Top
HTML Embed Code: