Telegram Web Link
بسم الله الرحمن الرحيم

(فضل الشهداء عند ربهم)
الشهادة لها فضل عظيم عند الله سبحانه وتعالى، لأن الشهيد يُضحي بأعز ما يملك، ويبذل روحه رخيصة في سبيل الله عز وجل ؛ اعلاءً لكلمة الله تعالى ، ودفاعاً عن أرضه وعِرضه ووطنه، فقد باع نفسه وماله لله تعالى، قال الله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ سورة التوبة:111، لذلك كان جزاؤه عند ربه عظيماً، ومنزلته عند الله عالية، قال الله تعالى:﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ سورة الحديد:19، وقد بشّر اللهُ الشهيدَ عند موته بالرحمة والمغفرة: قال الله تعالى :(وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ سورة آل عمران: 157.
ومن الخصال العظيمة التي تبين مكانة الشهداء عند الله سبحانه وتعالى، أنهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون، قال الله تعالى:﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، سورة آل عمران: ،171،169 ، فهم قد ماتوا في الدنيا في الظاهر؛ فأحياهم الله تبارك وتعالى جزاءً لهم في الآخرة، وهذه من سنن الله في الكون فمن عاش ذليلاً لربه سبحانه في الدنيا عاش عزيزاً في الآخرة، ومن كان فقيراً في الدنيا أغناه الله في الآخرة، قال الله تعالى:﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ سورة النساء:74
روى مسلم في صحيحه من حديث مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية الكريمة: ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) . قال : أما أنا فقد سألنا عن ذلك فقال : ( أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل .. ). الحديث. قال ابن النحاس رحمه الله تعالى: ( جعل الله أرواح الشهداء في ألطف الأجساد وهو الطير الملون بألطف الألوان وهو الخضرة ، يأوي إلى ألطف الجمادات وهي القناديل المنورة والمفرحة في ظل عرش اللطيف الرحيم؛ لتكمل لها لذة النعيم في جوار الرب الكريم، فكيف يظن أنها محصورة، كلا والله إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليشمر المشمرون وعليه فليجتهد المجاهدون ).
ومنها: أنه يخفف عن الشهيد مس الموت حتى إنه لا يجد من ألمه إلا كما يجد أحدُنا من مس القرصة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "(ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة) رواه الترمذي.
ومنها: لا يجف دم الشهيد حتى يرى الحور العين، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : (إِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ أَهْبَطَ اللَّهُ الْحُورَ الْعِينَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَأَيْنَ الرَّجُلَ يَرْضَيْنَ مَقْدَمَهُ، قُلْنَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ. فَإِنْ نَكَصَ احْتَجَبْنَ مِنْهُ، وَإِنْ هُوَ قُتِلَ نَزَلْنَ إِلَيْهِ، فَمَسَحَنَ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ، وَقُلْنَ: اللَّهُمَّ عَفِّرْ مَنْ عَفَّرَهُ، وَتَرِّبْ مَنْ تَرَّبَهُ) رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح
ومنها: أن الملائكة تُظلُّ الشهيدَ بأجنحتها، فقد ورد عن جَابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، أنه قالَ: (جِيءَ بأَبِي يَومَ أُحُدٍ قدْ مُثِّلَ به، حتَّى وُضِعَ بيْنَ يَدَيْ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عنْه، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عنْه، فَنَهَانِي قَوْمِي، فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقالَ: مَن هذِه؟ فَقالوا: ابْنَةُ عَمْرٍو - أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو - قالَ: فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ لا تَبْكِي، فَما زَالَتِ المَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بأَجْنِحَتِهَا حتَّى رُفِعَ) أخرجه
البخاري ومسلم
ومنها : أن الشهداء لا يفتنون في القبور، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه سأل جبريل عن هذه الآية: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ )، من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ قال : هم شهداء الله ” ، أخرجه الحاكم ، وعن سعيد بن جبير في قوله عز وجل:﴿ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ ( الزمر: 68 ) قال: ( هم الشهداء ، ثنية الله عز وجل حول العرش متقلدين السيوف)
ومنها أن الشهيد يأتي يوم القيامة وجرحه لونه لون الدم وريحه المسك، وقال رسول الله : ( والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله – والله أعلم بمن يكلم في سبيله – إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم ، والريح ريح المسك ) أخرجه البخاري
ومنها: أن الشهداء أول من يدخلون الجنة، قال الله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ سورة محمد: 6،4، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله: (عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة ، وأول ثلاثة يدخلون النار ، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ، ونصح لسيده ، وعفيف متعفف ذو عيال . . .) رواه الترمذي
ومنها : أن باب الشهداء في الجنة هو أحسن الدور وأفضلها، عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "(رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل لم أرَ قط أحسن منها قالا لي: أما هذه فدار الشهداء) .أخرجه البخاري
والحق أن الشهيد في أعلى الدرجات في الجنة بل أنه في الفردوس الأعلى منها، فعن أم حارثة أنها أتت النبي فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة – وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غَرب – فإن كان في الجنة صبرت – وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، قال: ( يا أم حارثة ، إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ) أخرجه البخاري
وقد قدم الله تعالى الشهيد على الصالحين في محكم التنزيل في قول الله تعالى: ﴿فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾ سورة النساء:69، وهو وحده من أهل الجنة الذي يحب أن يرجع إلى الدنيا كما في حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا، وأن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد؛ فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة) ، وفي رواية: (لما يرى من فضل الشهادة) أخرجه البخاري ومسلم.
كما أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته : عن أم الدرداء قالت : سمعت أبا الدرداء يقول : قال رسول الله: ” يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته ” وتقدم حديث المقدام بن معدي كرب، وفيه أن ” الشهيد يشفع في سبعين من أهله “رواه البيهقي.
فهنيئاً لكم يا أهل غزة هاشم مرقد هاشم بن عبد مناف جدّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومولد الإمام الشافعي المُطلِبّي رضي الله عنه، وهنيئاً لكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنكم :( خير الرباط رباط عسقلان) ، وعسقلان المذكورة في الحديث هي غزة اليوم ، وهي من ضمن الأرض التي بارك الله حولها، قال الامام النووي رحمه الله تعالى المشهور الذي عليه الجمهور أن الامام الشافعي المُطلِبّي ولد في غزة وقيل بعسقلان وهما من الأراضي المقدسة التي بارك الله فيها فإنها على نحو مرحلتين من بيت المقدس، قال صلى الله عليه وسلم : ( وإن أفضل جهادكم الرباط وأفضل رباطكم عسقلان) رواه الهيثمي والطبراني.
فتقبل الله رباطكم وثباتكم ورحم الله شهداءكم ، اللهم داو جرحاهم وارفع الظلم والعدوان عنهم ، ولنُكثر ـ معاشر المسلمين ـ من قول: ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم) رَوَاه الْبُخَارِيّ .
واعلموا أن هذا الدعاء نناجي به الله تعالى في اسمه العظيم تذللاً لعظمة الله ، والحليم رجاءً لحِلم الله وربّ السموات والأرض رب العرش العظيم يقيناً بأن الأمر كله بيد الله وأكثروا عند تكالب الأعداء علينا من قول ( حسبنا الله ونعم الوكيل)، لأن الله تعالى قال: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾آل عمران:173،174
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102.
لا تنسوا الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أُبي بن كعب رضي الله عنه: (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ ﴾الأحزاب :43، ومن دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر".
ومن قال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكُتِبَتْ له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي"، وعليكم أيضاً بــ ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن وهما سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) قدر المستطاع.
والحمد لله ربّ العالمين
فَفِرُّوا إِلى اللهِ
الخطبة الاولى
إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً. أمّا بعد: عِبادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ تَعالى، وَابْذُلُوا أَسْبابَ الفَوْزِ بِرَحْمَتِه. وَاعْلَمُوا أَنَّنا فُقَراءُ إلى اللهِ، لَا نَسْتَغْنِي عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾. فَنَحْنُ فُقَراءُ إِلَيْهِ بِالذَّاتِ بِكُلِّ مَعْنًى وَاعْتِبارٍ. وَلِذلِكَ أَمَرَنَا بالفِرارِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ﴿فَفِرُّوا إِلى اللهِ إِنِّي لكم من نذيرٌ مُبين * ولا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إلها آَخَرَ إِنِّي لَكُم مِنْه نَذيرٌ مُبين﴾.
فَفِرُّو إلى اللهِ وَاهْرُبُوا أيُّها الناسُ مِنَ النارِ، وَمِنْ عِقابِ اللهِ إلى رَحْمَتِهِ، بِالإيمانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، واتِّباعِ أَمْرِهِ والعَمَلِ بِطاعَتِهِ.
فِرُّوا مِمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ ظاهِرًا وباطِنًا، إلَى مَا يُحِبُّه ظاهِرًا وباطِنًا.
فِرُّوا مِنْ الجَهْلِ بِدينِهِ وَشَرِيعَتِهِ إلَى العِلْمِ بِالتَّوْحِيدِ والسُّنَّةِ وبِمَا يَقُومُ بِهِ دينُكُم ، وَمِنْ الكُفْرِ إلى الإيمانِ، وَمِن الْمَعْصِيَةِ إلى الطاعةِ، وَمِن الغَفْلَةِ إلى ذِكْرِ اللهِ، حَتَّى الْمَكْرُوبُ والْمُتَضَرِّرُ يَفِرُّ إِلى اللهِ بِدُعائِهِ والتَضَرُّعِ إِلَيْهِ والاستِغاثَةِ بِهِ، لِكَشْفِ ضَرِّهِ وكَرْبِهِ، سَواءً كانَ مَرَضًا أَو فَقْرًا أَو دَينًا أَو هَمًّا.
ولَمَّا كانَ التَّوْحِيدُ وَتَرْكُ الشِّرْكِ أَصْلَ الفِرارِ إِلى الله، قالَ تَعَالَى بَعْدَ هذِهِ الآيةِ الكَرِيمَةِ: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾، وَذَلِكَ أَنْ يَفِرَّ العَبْدُ مِنْ اتِّخاذِ آلِهِةٍ غَيْرِ اللهِ مِنْ الأَوْثانِ والأَنْدادِ والقُبُورِ وَغَيْرِها مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ، وَيُخْلِصَ لِرَبِّهِ العِبادَةَ وَالخَوْفَ والرَّجاءَ والدُّعاءَ والإِنابَةَ.
بَخِلافِ الْمُشْرِكين فإنَّهُم يَفِرُّونَ إِلَى غَيْرِ اللهِ، يَفِرُّونَ إِلَى آلِهَتِهِم ، وإِنْ حَصَلَ لَهُم أَحْيانًا لُجُوءٌ إِلى اللهِ فَإِنَّه مُؤْقَّتٌ، لِأَنَّه مُتَعَلِّقٌ بِظَرْفٍ خاصٍّ، إِذا زالَ رَجَعَوا إِلى مَا كانُوا عليهِ مِن الشِّرْكِ، كَمَا قالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾، وَقَالَ تَعالَى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وجَعَلَ للهِ أَنْدادًا لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ﴾ . وَهَذِهِ الآلِهَةُ والْمَعْبُوداتُ مُتَنَوِّعَةٌ، قَدْ تَكونُ مِن الأحْجار وَقَدْ تَكُونُ مِن الأشْجارِ وَقَدْ تَكُونُ مِن الحَيَوَاناتِ، بَلْ وَحَتَّى مِنْ الْمَلَائِكَةِ والأَنْبِياءِ والصالِحِينَ. فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ هذِهِ الْمَعْبُوداتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالحُكْمِ عَلَى عابِدِيها، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَدْعُو بُوذَا أَوْ البَقَرَ أَوْ صاحِبَ القَبْرِ مَهْما كانَتْ مَنْزِلَتُه. واقْرَأُوا القْرآنَ والسُّنَّةَ يَتَبَيَّنْ لَكُمْ ذَلِكَ، فَقَدْ قال اللهُ تَعالَى فِي شَأْنِ الأَشْجارِ والأحْجارِ وَالتَّماثِيِلِ ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَ﴾. واللَّاتُّ كانَ يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحاجِّ فَمَاتَ فَعَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ . وَقالَ تَعالَى فِي شَأْنِ المَلَائِكَةِ والأَنْبِياءِ: ﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً… ﴾. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾. وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الصالِحِينَ: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتِكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾. وَهَذِهِ أسْماءُ رِجالٍ صالِحِينَ صُوِّرَتْ تَماثِيلُهُمْ، وَعُكِفَ عِنْدَ قُبُورِهِم، وَمِنْ ثَمَّ عُبِدَ أَصْحابُها. فالناسُّ الذينَ بُعِثَ فِيهِمْ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم كانُوا مُتَفَرِّقِينَ فِي عِبادَاتِهِمْ وَمَعْبُودِيهِم، وَمَعَ ذلك لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ .
لَمْ يُفَرِّقْ بَيْن مَن يَعْبُدُ ويَدْعُوا الأشْجارَ والأَحْجارَ والشمسَ والقَمَرَ، وبَيْن مَن يَدعُو ويَعْبُدُ الْملائِكَةَ والأنبياءَ والصالِحِينَ. لِأَنَّ مَنْ دَعَا وَعَبَدَ غَيْرَ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ، أَيًّا كانَ هذا المَعْبُودُ.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً . أَمّا بَعدُ: وَمِن الفِرَارِ إلى اللهِ الفِرارُ إِلَيْهِ عِنْدَ الاخْتِلافِ وَالفِتَنِ وَالْمِحَنِ والبَلَايَا وَتَكالُبِ الأَعْداءِ، وَهَذا الفِرارُ يَا عِبادَ اللهِ واجِبٌ عَلى الفَرْدِ والأُمَّةِ، فَإِنَّه أَوَّلُ الحُلُولِ وَبابُها، وَذلكَ بِالتَّوْبَةِ والاستِغْفارِ، وَكَثْرَةِ الدُّعاءِ وَتَصْحِيحِ الحالِ مَعَ اللهِ، والحَذَرِ مِنْ الغَفْلَةِ، والاجْتِماعِ عَلى عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ، وَتَحْقِيقِ أُصُولِ الإيمانِ وأَرْكانِ الإِسْلامِ، ولُزُومِ السُّنَّةِ وما عَلَيْهِ سَلَفُ هذه الأُمَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَلُزُومِ الجَماعَةِ وَالسَّمْعِ والطَّاعَةِ لِوَلِيِّ الأَمْرِ، حَتَّى لَوْ رَأَى الْمُسْلِمُ ما يَكْرَه، والبُعْدِ عَنْ الشِّرْكِ والبِدَعِ والفُرْقَةِ والاخْتِلافِ والحِزْبِيَّاتِ والتَّنْظِيماتِ التَّكْفِيرِيَّةِ التي جَرَّتْ عَلَى الأُمَّةِ الوَيْلاتِ، وشَوَّهَتْ صُورَةَ الإسْلامِ. هَكَذا يَكُونُ الفِرارُ إلى اللهِ، فَإنَّ الأُمَّةَ لَنْ تَسْتَطيعَ أَنْ تَجْتَمِعَ إلا بِذلكَ، وَلَنْ تَنْتَصِرَ عَلَى عَدُوِّها حَتَّى يَكُونَ البابُ الأَوَّلُ هُوَ الفِرارَ إلى اللهِ.
اللهمَّ عَلِّمْنا ما يَنْفَعُنا، وانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنا، وَثَبِّتْنا عَلى دِينِكَ، وانْصُرْ بِنا دِينَكَ، وأَعْلِ بِنا كَلِمَتَكَ، وأَغِظِ بِنا أَعْداءَكَ، وتوفَّنا مسلِمِين وألحقْنَا بالصالحين، اللهُمَّ أصلحْ قلوبنَا وأعمالَنا وأحوالَنا، اللهُمَّ أصلحْ أحوالَ المسلمين، اللهُمَّ اجمعْ كلمةَ المسلمينَ على كتابِك وسُنَّةِ نبيِّك محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، اللهُمَّ اجعلْ كلمتَهم واحدةً ورايتَهم واحدةً واجعلْهم يداً واحدةً وقوَّةً واحدةً على مَن سواهم، ولا تجعلْ لأعدائهم مِنَّةً عليهم يا قويُّ يا عزيزُ، اللهم عليكَ بالكفرةِ والْمُلحِدين الذين يصدُّون عن دينِك ويقاتِلون عبادَك المؤمنين ، اللهُمَّ عليك بهم فإنهم لا يُعجِزُونك، اللهُمَّ زَلْزِل الأرضَ من تحت أقدامِهم، اللهم سلِّطْ عليهم منْ يسومُهم سوءَ العذابِ يا قويُّ يا متين، اللهُمَّ احفظْ بلادَنا من كيدِ الكائدين وعُدْوانِ المعتدين، اللهُمَّ احفظْ بلادَنا مما يكيدُ لها، وانصرها على أعدائِها في داخِلِها وخارجِها، اللهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أمرِنا بتوفيقِك، وأيِّدْهم بتأييدِك، واجعلْهم من أنصارِ دينِك، وارزقْهُم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ، اللهُمَّ اغفرْ للمسلمين والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ، إنك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعواتِ، اللهُمَّ صلِّ وسَلِّمْ على نبيِّنا محمَّدٍ .
عداوة اليهود لله تعالى ولأوليائه
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْبَشَرَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِمْ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يَصْطَفِي مِنَ الرُّسُلِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْتَارُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَنْ يَشَاءُ، وَيُفَضِّلُ مِنَ الْأُمَمِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَرْفَعُ مِنَ الْأَفْرَادِ مَنْ يَشَاءُ؛ فَلَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ فِعْلِهِ، جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَتَقَدَّسَ فِي سَمَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ اصْطَفَاهُ رَبُّهُ وَاجْتَبَاهُ، وَمِنَ الْفَضْلِ وَالْخَيْرِ أَعْطَاهُ، وَأَعْلَى قَدْرَهُ، وَرَفَعَ ذِكْرَهُ، وَأَعْلَى مَكَانَهُ؛ فَهُوَ صَاحِبُ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَاللِّوَاءِ الْمَعْقُودِ، وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّكُمْ فِي زَمَنٍ لُبِسَ فِيهِ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ، وَبُدِّلَتْ فِيهِ الثَّوَابِتُ، وَزُوِّرَ فِيهِ التَّارِيخُ، وَعَلَا ضَجِيجُ الْأَسَافِلِ، وَخَفَتَ صَوْتُ الْأَفَاضِلِ، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا الصَّحِيحُ؛ فَالْبَاطِلُ سَاعَةٌ، وَالْحَقُّ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؛ ﴿بَلْ ​نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 18].
أَيُّهَا النَّاسُ: أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ هُدًى لِلنَّاسِ، وَكَشْفًا لِلْحَقَائِقِ، وَدَحْضًا لِلْبَاطِلِ، وَإِذَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْمٍ فِي الْقُرْآنِ فَلَنْ يُجَاوِزُوا خَبَرَهُ، وَمِنَ اللَّافِتِ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْثَرَ الْحَدِيثَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَصَّ قَصَصَهُمْ وَأَخْبَارَهُمْ، وَكَشَفَ دَوَاخِلَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ، وَلَا سِيَّمَا الْيَهُودُ، وَمِمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ الْيَهُودِ عَدَاوَتُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعَدَاوَتُهُمْ لِمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ وَذَلِكَ فِي مَقَامَاتٍ عَدِيدَةٍ، وَآيَاتٍ كَثِيرَةٍ:
فَمِنْ مُعَادَاةِ الْيَهُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَصْفُهُمْ إِيَّاهُ سُبْحَانَهُ بِالْفَقْرِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ​فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 181-182]،
وَمِنْ مُعَادَاةِ الْيَهُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَصْفُهُمْ إِيَّاهُ سُبْحَانَهُ بِالْبُخْلِ؛ ﴿وَقَالَتِ ​الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «لَيْسَ يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّ يَدَ اللَّهِ مُوثَقَةٌ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ بَخِيلٌ أَمْسَكَ مَا عِنْدَهُ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا»، وَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِرْيَتَهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [الْمَائِدَةِ: 64].
وَمِنْ مُعَادَاةِ الْيَهُودِ لِلَّهِ تَعَالَى ادِّعَاءُ الْوَلَدِ لَهُ؛ ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ ​عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التَّوْبَةِ: 30]، مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنِ الْوَلَدِ؛ ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ ​صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الْأَنْعَامِ: 101]، ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ ​صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا﴾ [الْجِنِّ: 3]، وَعُزَيْرٌ الَّذِي ادَّعَوْا بُنُوَّتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، كَمَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَتَبَعًا لِعَدَاوَةِ الْيَهُودِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُمْ عَادَوْا مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ، وَلَا سِيَّمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ اخْتَبَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمُورٍ خَمْسَةٍ، وَوَعَدُوا إِنْ هُوَ عَرَفَهَا أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ
بِالنُّبُوَّةِ وَيَتَّبِعُوهُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَرْبَعٍ وَصَدَّقُوهُ فِيهَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَالُوا: «إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي نُبَايِعُكَ إِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ، فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبُكَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالُوا: جِبْرِيلُ ذَاكَ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ وَالْعَذَابِ عَدُوُّنَا، لَوْ قُلْتَ: مِيكَائِيلُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالنَّبَاتِ وَالْقَطْرِ، لَكَانَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا ​لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 97-98]» رَوَاهُ أَحْمَدُ، فَهَذِهِ عَدَاوَتُهُمْ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بِوَحْيٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ، (وَمِنْ عَجِيبِ ​تَهَافُتِ ​اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ أَنَّهُ مَلَكٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَبْغَضُونَهُ، وَهَذَا مِنْ أَحَطِّ دَرَكَاتِ الِانْحِطَاطِ فِي الْعَقْلِ وَالْعَقِيدَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اضْطِرَابَ الْعَقِيدَةِ مِنْ أَكْبَرِ مَظَاهِرِ انْحِطَاطِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ تَظَاهُرِ آرَائِهِمْ عَلَى الْخَطَأِ وَالْأَوْهَامِ). وَذَلِكَ «لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَنْزِلُ بِالْأَمْرِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَنْزِلُ بِأَمْرِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ [مَرْيَمَ: 64]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 192-194]، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ»، وَلِهَذَا غَضِبَ اللَّهُ لِجِبْرِيلَ عَلَى مَنْ عَادَاهُ، فَقَالَ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾».
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِلْحَقِّ الْمُبِينِ، وَمُجَانَبَةَ صِرَاطِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ ، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ .
الخطبةُ الثانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 223].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَبَعًا لِعَدَاوَةِ الْيَهُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ؛ فَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ يُعَادُونَ جُمْلَةً مِنْ رُسُلِهِ، وَيَصِلُ عَدَاؤُهُمْ إِلَى حَدِّ قَتْلِهِمْ؛ كَمَا خَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا ​تَقْتُلُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 87]، وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ​وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ​وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 21-22]، وَقَدْ قَتَلُوا زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَحَاوَلُوا قَتْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، وَوَضَعُوا السُّمَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ، فَتَأَلَّمَ مِنْ سُمِّهِمْ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُتَأَثِّرًا بِسُمِّهِمْ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ ​انْقِطَاعَ ​أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ.
وَهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ يُعَادُونَ أَتْبَاعَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ خَاطَبَ الْيَهُودَ الْمُعَاصِرِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ فَلِمَ ​تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 91]، مَعَ أَنَّ الَّذِينَ تَوَجَّهَ إِلَيْهِمُ الْخِطَابُ لَمْ يَقْتُلُوا نَبِيًّا، لَكِنَّ أَخْلَاقَهُمْ هِيَ أَخْلَاقُ أَجْدَادِهِمْ، وَعَدَاوَتُهُمْ لِلرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ هِيَ ذَاتُ عَدَاوَةِ أَجْدَادِهِمْ، وَهَذَا يُفَسِّرُ قَسْوَتَهُمْ عَلَى أَتْبَاعِ الرُّسُلِ، وَاسْتِحْلَالَ قَتْلِ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَهُمْ هُمْ، لَمْ وَلَنْ يَتَغَيَّرُوا مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِمَا حُرِّفَ مِنْ كُتُبِهِمْ، مُدَّعِينَ أَنَّ لَهُمْ مَزِيَّةً عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَصَدَقَ اللهُ العَظِيمُ إِذْ يَقُولُ ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة: 82].
كَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، وَرَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أيها المسلمون ، وما زالت الحملةُ الشعبيَّةُ التي دعا إليه خادِمُ الحرمين ووليُّ عهدِه لإخوتِنا في غَزَّةَ قائمةً عَبْرَ مَنَصَّةِ (سَاهِم) ، فلا تنسَوا الوقوفَ معهم بالدعاءِ وبما تجودُ به أنفسُكم .
عبادَ اللهِ : صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِين، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ. اللَّهُمَّ ارزُقنَا الشُّكرَ عِندَ النِّعمَةِ، وَالصَّبرَ عِندَ المُصِيبَةِ، وَزِدنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَرِضًا وَتَسلِيمًا . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنهُ وَمَا لَمْ نَعلَمْ، وَنَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا يُقَرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن النَّارِ وَمَا يُقرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللهُمَّ نَجِّ المستضعفين من المؤمنين ، اللهُمَّ احفظْ إخوتَنا في فلسطينَ وفي السودانَ ، اللهم اجبُرْ مُصَابَهم ، واشف مرضاهم ، واحفظهم بحفظِك يا عزيزُ يا رحيمُ يا حفيظُ .
اللهم عليك باليهودِ فإنهم لا يُعْجِزونك ، اللهم عليك باليهودِ فإنهم لا يُعْجِزُونك .
عِبَادَ اللَّهِ: اذكُرُوا اللَّهَ العَظِيمَ يَذكُرْكُم، وَاشكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم، وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ، وَاَللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ.
( المسارعة لتدارك رمضان ، والتهيؤا للعشر الأواخر ....)

⤵️⤵️⤵️⤵️⤵️

📜 #الخطبة_الاولى :-

إنَّ الحمدَ لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، منْ يُهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ، ومنْ يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أما بعدُ:

ها هي ايام شهر رمضان تمضي بنا سريعا، وها هو الشهر يكاد ينتصف، ونحن لا زلنا مقصرين في تحصيل الطاعات، ولم نعمل الا اليسير مما كنا قد عزمنا فعله في هذا الشهر المبارك ، لذلك نشعر بالألم يعتصر قلوبنا ندماً وحسرةً على تقصيرنا، وترتجف أفئدتنا خوفا من أن تمضي بقية أيامه، ونحن على هذا التقصير وهذه الغفلة، فكما ذهبت تلك الايام السابقة، ستذهب بقية أيام الشهر ، حتى ذاك من يظن أنه قد عمل الصالحات ومطمئن على ما قام به من العمل ..! عليه الا يغتر بذلك، فهو أيضا لا زال مقصرا في عمله، مقارنةً بأعمال الصالحين السابقين من سلف هذه الامة، وكيف كانوا يحيون رمضان ليلهم ونهارهم في عبادة مستمرة، فأين نحن من ذلك .....!

فوآحسرتاه على تفلت هذه الايام المباركة من أيدينا...! ولا ندري هل سنتدارك بقية الشهر أم سيكون مثل الذي مضي، وربما يكون العمل أقل، لأن الهمة إذا كانت في البداية ضعيفة، فماذا نتوقع في النهاية. ...!
.
أيها الأحبة الافاضل:

اتقوا الله تعالى واجتهدوا في الأعمال الصالحة في ما بقي من أيام شهركم ..!
فكم من الناس حتى يومنا هذا لم يستفد من شهر رمضان قد ضيع نهاره في النوم ولياليه في السهر المحرم..!
حتى متى يعيش الإنسان للذاته وشهواته، وحتى متى يسير في طريق النار ومع ركب إبليس، ألا ينزجر هذا المسكين، ألا يصبحوا من سبات الغفلة وضياع العمر.

تولى العمر في سهر**
و في لهو وفي خسر.
فيا ضيعة ما أنفقت **
في الأيام من عمري

أما يعلم المفرط في الطاعة أن شهر رمضان شهر مليء بأسباب المغفرة فمن فرّط في هذه الأسباب كان محروما غاية الحرمان .

وفي الحديث ((من أدرك رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله)) .

وقال سعيد عن قتادة، كان يقال : من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له في ما سواه،..

فأين أنت يا من تريد العتق من النار ومغفرة الذنوب ورضا الرحمن....، ينبغي لك أن تأتي بأسباب توجب لك الرحمة والمغفرة والعتق من النار وهي كما ذكرنا متيسرة في هذا الشهر من الصيام والقيام وقراءة القرآن والذكر ومساعدة الفقراء والمحتاجين وإطعامهم والصدقة والاستغفار وغير ذلك من الأعمال الصالحة .

وقد ورد في الترمذي وغيره بسند صحيح ((إن لله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة))،

أيها الاخوة : اعلموا أن المؤمن يجتمع له في رمضان جهادان لنفسه جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين، ووفى بحقوقهما وصبر عليهما، وفي أجره بغير حساب د غير أهل القرآن والصيام، يعطون أجورهم بغير حساب ...كما في المسند بسند صحيح، عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال : ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، فيقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان)) .

فيا من ضيع عمره في غير الطاعة...!
ويا من فرط في شهره بل في دهره وأضاعه في اللهو والغفلة ...
ويا من بضاعته التسويف والتفريط....! وبئست البضاعة، أيا من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان، كيف ترجوا من خصمك الشفاعة.

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وقائم حظه من قيامه والسهر، كل قيام لا ينه عن الفحشاء والمنكر لا يزيد صاحبه إلا بعدا، وكل صيام لا يصان عن قول الزور والعمل به لا يورث صاحبه إلا مقتا وردا.

أيها المسلمون : ها نحن في منتصف العشر الأوسط من رمضان وقد انقضت العشر الأوائل منه بما عملناه من طاعات فنسأل الله عز وجل أن يتقبل منا مصالح الأعمال وأن يغفر لنا التفريط والتقصير.
ابن آدم : يا من تكاسلت عن القيام بواجب الطاعة في أول الشهر لا تكن من المحرومين ففي الوقت فسحة وفي الشهر بقية هل لك الآن أن تبادر وتستقبل بقية الشهر أم تزيد أن تكون من المحرومين؟

أيها العبد الفقير إلى ربك لو عرفت قدر نفسك ما أمرضتها بالمعاصي، لأنك أنت المختار من المخلوقات، ولك أعدت الجنة، إن اتقيت وعملت صالحا، فهي إنما أعدت للمتقين، فكيف ترضى أن تكون من أتباع إبليس، وأن تكون معه في النار غدا من جملة أتباعه، وإنما طرد الشيطان من الجنة من أجلك حيث تكبر عن السجود لأبيك، ثم بعد ذلك ترضى لنفسك أن تكون من حزبه وإنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون .
.
تنصف الشهر والهفـاه وانهمـرا
واختص بالفوز بالجنات من حزما

وأصبح الغافل المسكـين منكسرا
مثلي فيا ويحـه يا عظيم ما حرما

من فاته الزرع في وقت النذار فما
تـراه يحصد إلا الـهـم و الندما

طوبى لمن كانت التقوى بضاعته
في شـهره و بحبـل الله معتصما

معشر المؤمنين. : لقد كان سلفنا الصالح يصومون عن كل محرم وعن كل شهوة من شهوات الدنيا ولسان حال الواحد منهم:

وقد صمت عن لذات الدهر كلها
ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي

عـــباد الله : هذا شهر رمضان قد انتصف، وهو شهر عظيم أنزل الله القرآن فيه ، فكم قد قرأنا من القرآن في تلك الايام التي ذهبت ...!

فمن فاته الحظ في الايام السابقة ففي بقيت الشهر للعابدين مستمع، وهذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم ويسمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع، ومع هذا فلا قلب يخشع، ولا عين تدمع، ولا صيام يصان عن الحرام فينفع، ولا قيام استقام فيرجى فيه صاحبه أن يشفع، قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، وتراكمت عليها ظلمت الذنوب فهي لا تبصر ولا تسمع، كم تتلى علينا آيات القرآن وقلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة، وكمم يتوالى علينا شهر رمضان وما لنا فيه كحال أهل الشهوة، ألا الشاب منا ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينزجر عن القبيح فيلتحق بالصفوة، أين نحن من قوم إذا سمعوا داعي الله أجابوا الدعوة وإذا تليت عليهم آياته جلت قلوبهم جلوه، وإذا صاموا صامت منهم الألسنة والأسماع والأبصار، أما لنا فيهم أسوة، كم بيننا وبين حال أهل الصفّا أبعد مما بيننا وبين الصفاء المروة...

يا نفس فاز الصالحون بالتقى
وأبصروا الحق وقلبي قد تممي

ويحـك يا نفـس ألا تيقـظ
ينفـع قبـل أن تزل قـدمـي

مضى الزمان في توان وهوى
فاستدركي ما قد بقي واغتنمي
لقد مضى من رمضان صدره، وانقضى منه شطره، واكتمل منه بدره، فاغتمنوا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب، وادخلوا قبل أن يُغلق الباب .. فإنه يوشك الضيف أن يرتحل، وشهر الصوم أن ينتقل، فأحسنوا فيما بقي، يُغفَر لكم ما مضى، فإن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي .

رحل نصف رمضان ، وبين صفوفنا الصائم العابد، الباذل المنفق الجواد، نقي السريرة، طيب المعشر ، فهنيئاً لهؤلاء العاملين ما ادخروه عند رب العالمين .

رحل نصف رمضان ، وبين صفوفنا صائم عن الطعام والشراب، يبيت ليله يتسلى على أعراض المسلمين، وتقامر عينه شهوة محرمة يرصدها في ليل رمضان، يده امتدت إلى عاملٍ مسكين فأكلت ماله، أو حفنةِ ربا فأخذتها دون نظر إلى عاقبة ، أو تأمل في آخرة .

رحل نصف رمضان ، وبين صفوفنا من فاتته صلوات وجماعات، قد آثر النوم والراحة على كسب الطاعات .. وبين صفوفنا بخيلٌ شحيح، أسودُ السريرة، سيءُ المعشر، دخيلُ النية، فأحسن الله عزاء هؤلاء جميعاً في نصفهم الأول، وجبرهم في مصيبتهم، وأحسن الله لهم استقبال ما بقي لهم .

أيها المفرطون في شهر رمضان القائم، هل أنتم على يقين من العيش إلى رمضان قادم؟! فقوموا بحق شهركم، واتقوا الله في سرِّكم وجهركم، واعلموا أن عليكم ملكين يصحبانكم طول دهركم، ويكتبان كل أعمالكم، فلا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم.

إن أيام رمضان يجب أن تُعظَّم وتصان، وتُكرَّم ولا تُهان، فهل حبستم غرضكم فيها عن فضول الكلام والنظر؟! وكففتم جوارحكم عن اللهو والأشر؟! واستعددثم من الزاد ما يصلح للسفر؟! أم أنتم ممن تعرض في هذا الشهر للمساخط، وقارف المظالم والمساقط .
في صحيح ابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: ((آمين، آمين، آمين))، فقال الصحابة: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين!!، فقال : ((إن جبريل عليه السلام أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، قلت: آمين)) [أخرجه ابن خزيمة وابن حبان]
كان قتادة رحمه الله يقول: كان يقال: من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له .

أيها الإخوة المؤمنون ، إننا مسؤولون عن هذه الأوقات من أعمارنا، في أي مصلحة قضيناها؟ أفي طاعة الله وذكره، وتلاوة كتابه وتعلم دينه، أم قضيناها في المقاهي وأمام القنوات ، أو في اللهو واللعب الذي لا يعود علينا بكبير فائدة، بل هو من أسباب البعد عن الله تعالى .
فلنستدرك باقي الشهر، فإنه أشرف أوقات الدهر، هذه أيام يحافظ عليها وتصان، هي كالتاج على رأس الزمان، ولنعلم أننا مسؤولون عما نضيعه من أوقات وأحيان .

أيها المؤمنون، إن شهر رمضان شهر العتق من النيران، شهر فكاك الرقاب من دار الشقاء والحرمان ، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لله عز وجل عند كل فطر عتقاء)) [أخرجه أحمد والطبراني وحسنه الألباني .. وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند أحمد وصححه الألباني : ((إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة يعني في رمضان وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة .

فاجتهدوا – يا رعاكم الله – ما استطعتم في إعتاق رقابكم، وفكاك أبدانكم، وشراء أنفسكم من الله جل جلاله.
.
الخطبـــة.الثانيـــة.cc

أيها المسلمون: ما أشبه الليلة بالبارحة‍‍‍‍!! بالأمس كنا نستقبل رمضان ، وها نحن نودع اسبوعين مضت منه بما فيها من طاعات وأعمال صالحة من صيام وقيام وتلاوة قران وهاهي أيامه الجميلة ولياليه الطاهرة تمشي الهويني لكي تطوي علينا هذا الشهر المبارك.
إذا تم أمر بدا نقصه**
تأمل زوالا إذا قيل تم

أيــها الاخــوة:

إنه والله من العجيب
أن نرى أناسا ليس لهم هم في هذه الدنيا إلا تضييع الأوقات في اللهو والغفلة تمر عليهم المواسم والفرص ولا يحرصون على استغلالها في طاعة الله انظروا مثلا للناس في صلاة العشاء يملؤن المسجد حتى إذا فرغوا من صلاة العشاء خرجوا من المسجد بحيث أنهم لا يفكروا مجرد تفكير يتبعه عمل، في صلاة التراويح ويحرمون أنفسهم أجر مغفرة الذنوب، وكأن الدنيا فائتة وسوف تذهب عليهم فلماذا العجلة إذاً؟

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه عموما......
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
#الشيخ_الخثلان: نستقبل موسمًا من مواسم التجارة مع الله عز وجل بالأعمال الصالحة: ليالي العشر الأواخر من رمضان، كان النبي ﷺ يخلط العشرين الأولى من رمضان بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر شد المئزر وأيقظ أهله وأحيا ليله، وكان ﷺ إذا دخلت هذه العشر تفرغ تفرغًا تامًّا للعبادة واعتزل الناس وبقي في مسجده يتعبد الله عز وجل، فينبغي أن نقتدي بالنبي ﷺ ومن تيسر له أن يعتكف هذه العشر الأواخر فهذا هو الأكمل، ومن لم يتيسر له الاعتكاف فلا أقل من أن يتخفف من مشاغل الدنيا التي لا تنقضي، وأن يزيد من الوقت المخصص للعبادة وبخاصة في الليل، فإن هذه الليالى تختص بأن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، من وفق لها فقد وفق لخير عظيم.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
مقطع صوتي🎙️
(تحروا ليلة القدر ولا تمنعكم المنامات).
للشيخ #عبدالرزاق_البدر حفظه الله.
2025/06/28 09:10:02
Back to Top
HTML Embed Code: