التأَسِّي
Photo
نُصِح زوجي من قبل أحد أصدقائه بقراءة The M. (مانغا ياباني يتجاوز 160 Chapter) تدور أحداثه حول طبيب ياباني سافر إلى إلمانيا قبل سقوط جدار برلين فعاصر الصراع بين الألمانيتين، يعيش بمعضلة أخلاقية، وأحداث تدور حول سؤال: هل يعالج الطبيب كل الأنفس، الخيرة والشريرة؟ أم يختار العينة الخيرة فقط، وهل يمكنه تحديدها، وإن عالج غيرها، هل يستطيع أن يتحمل عاقبة الشر الذي سترتكبه بعد شفاءها؟ ثم تبدأ الأحداث العبثية بالتوالي، وتشتد الحبكة القصصية بالصراع والصدمة كعادة أي عمل درامي يمكن التعرض له.
لا يمكن الإدعاء بإن الكاتب يريد الترويج لأي ثقافة شرقية، فالآسيوي يبتعد عن كونه مبشرًا ويحب هاجس الثورة على المنظومة الروبوتية التي ينتمي إليها.
لكن في النهاية مؤلف أي عمل أدبي يحمل مبادئ وثقافة عصرية وأَسئلة تدور في نفسه سيعرضها وسيشاركها غيره، وغيره هو المتلقي، وهذا المتلقي أغلب الظن سيكون فردًا حداثيًا ذا خلفية ليبرالية، لا يملك أي قاعدة أخلاقية من دينه ينطلق منها لمحاكمة أي مدخل فني يتعرض له، سيستسلم للسردية التي صيغت له، وسيُشكلُ مفاهيمه للدنيا عبرها.
وما هو ذا المفهوم؟ لقد أراد المانغا؛ العبثية وحدها لا غير، وذلك جل المتاح.
ما يعني أن تتسامح مع القاتل، مع الشر؟ كيف يمكن للحُبّ أن يصير قاتلاً وحشًا إلى مسكينًا ضعيفًا، وضحية. أينعم، فالمجتمع والسياسة والنازيّة أي تجمع أُممي قد يجعل من أفراده ضحايا.
لقد قرأنا وتابعنا منه فصولاً كثيرة بغية التعرف على ما يراد التوصل إليه، ومللنا من عبثية الركض، والركض، حتى قرأنا تلك العبارة على لسان الطبيب: “I don’t have any time to waste”. ليس لدي وقت لأضيعه!
فرميناه بعيدًا، وقلنا نحن أحق باتباع هذه النصيحة.
نعيش في عالم سريع، الهاتف يسرع نفاد الوقت، لدينا دراسة وعمل وعائلة وواجبات، وهذه القصص ككارتون أو صور، مصممة لإضاعة الوقت، للانغماس فيها ونسيان العالم، مهيئة لمؤانسة الفرد المعزول اجتماعياً، الفرد الذي يعاني من اضطرابات نفسية فبدل محاولته التشافي والتحلية بما ينفع من مدخلات تزيد قوقعته حول نفسه وعقده وتصوراته اللادينية عن حركة الدنيا وعن العقاب والثواب وعن الغاية والمصير.
هناك أشياء تستحق أن تذهب فيها الأعمار والأوقات. أخرج البخاري في صحيحه(٦٤١٢) عن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ.
لا يمكن الإدعاء بإن الكاتب يريد الترويج لأي ثقافة شرقية، فالآسيوي يبتعد عن كونه مبشرًا ويحب هاجس الثورة على المنظومة الروبوتية التي ينتمي إليها.
لكن في النهاية مؤلف أي عمل أدبي يحمل مبادئ وثقافة عصرية وأَسئلة تدور في نفسه سيعرضها وسيشاركها غيره، وغيره هو المتلقي، وهذا المتلقي أغلب الظن سيكون فردًا حداثيًا ذا خلفية ليبرالية، لا يملك أي قاعدة أخلاقية من دينه ينطلق منها لمحاكمة أي مدخل فني يتعرض له، سيستسلم للسردية التي صيغت له، وسيُشكلُ مفاهيمه للدنيا عبرها.
وما هو ذا المفهوم؟ لقد أراد المانغا؛ العبثية وحدها لا غير، وذلك جل المتاح.
ما يعني أن تتسامح مع القاتل، مع الشر؟ كيف يمكن للحُبّ أن يصير قاتلاً وحشًا إلى مسكينًا ضعيفًا، وضحية. أينعم، فالمجتمع والسياسة والنازيّة أي تجمع أُممي قد يجعل من أفراده ضحايا.
لقد قرأنا وتابعنا منه فصولاً كثيرة بغية التعرف على ما يراد التوصل إليه، ومللنا من عبثية الركض، والركض، حتى قرأنا تلك العبارة على لسان الطبيب: “I don’t have any time to waste”. ليس لدي وقت لأضيعه!
فرميناه بعيدًا، وقلنا نحن أحق باتباع هذه النصيحة.
نعيش في عالم سريع، الهاتف يسرع نفاد الوقت، لدينا دراسة وعمل وعائلة وواجبات، وهذه القصص ككارتون أو صور، مصممة لإضاعة الوقت، للانغماس فيها ونسيان العالم، مهيئة لمؤانسة الفرد المعزول اجتماعياً، الفرد الذي يعاني من اضطرابات نفسية فبدل محاولته التشافي والتحلية بما ينفع من مدخلات تزيد قوقعته حول نفسه وعقده وتصوراته اللادينية عن حركة الدنيا وعن العقاب والثواب وعن الغاية والمصير.
هناك أشياء تستحق أن تذهب فيها الأعمار والأوقات. أخرج البخاري في صحيحه(٦٤١٢) عن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَه}
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٣٠]
{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَه}
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٣٠]
نهاية كرنفال البكالوريا
بعد انتهاء موسم البكالوريا وإعلان نتائج الثانوية العامة في عدد من البلدان دعوني أشارككم تجربتي الشخصية والعائلية والوظيفية بهذا الشأن.
لقد قررت مراقبة الامتحان الوزاري هذه السنة بصفتي مدرس لغة عربيّة، لسوء الحظ كانت على الطبقة المخملية، طالبات المدارس الأجنبية الأهلية، وطلبة المتمزيين والموهوبين(تدرج دراسي معمول به في العراق، يمثل الموهوبين نسبة 1٪ لمن يمتلك ذكاء مفرطًا ثم الأقل فالأقل حتى تصل للتعليم العام).
مرت عليّ نفوس مضطربة وبعقد وخوف شكلته سنوات طويلة بضرورة الحصول على مقعد في كلية الطب وكل امتياز غير هذا سيعني الخسارة والسقوط من عالية بالنسبة للمال والأحلام العائلية التي دفعت لتلك الفتاة وذلك الفتى.
من حولي مصابون بحمى الدروس والمعاهد الخصوصية، كل دعاء الأمهات لأولاد بعضهن ”يا رب الطبية“، وإن أحرز شيئًا من غيرها قيل ”يا خطية مسكين يلا أهم شيء الشهادة!“.
هذا جزء.
الثاني تجربة عائلية..
الوالدة امرأة حكيمة، درست درجة ذكائنا أني وأخواتي منذ الصغر، فكلما وصلنا لمرحلة الاختيار بين العلمي والأدبي، أقنعتنا بالأدبيات، وعللته بأمور كثيرة، أُجملها:
-ذكاؤكِ معنوي كأنثى أولاً وكذات خاصة ثانية، ودراسة العلميات تعني حربٌّ خاسرة للجميع بما فيهم سقف توقعاتك، كل من يدخلها يريد الطب، ولن تحرزيها، إذًا ستصيرين بفوبيا ثم لن يكون نصيبك إلا معهد رديء.
-الأدبيات بما فيها اللغات والتربيَّة متصلة بشكلٍ أو بآخر بالمعاني الإنثوية، بعضها ينمي ذوق المرأة وبعضه يعينها في تربية أبناءها، وإن أرادات العمل-وهو لم يعد خيارًا بل صار لازمًا في هذه العهود-ستكون مهنة التعليم مناسبة بدوامها الجزئي وعدم الاختلاط والمكان القريب، لن يؤثر خروجك من المنزل على زواجك أو أولادك بالصورة التي يفعلها لو صرتِ محامية أو طبيبة أو موظفة بصفة مهندسة.
-الأقسام العلمية والمنطقية تعني سحق الذات الأنثوية والتعامل مع العلوم الجامدة حتى تعجن المرأة بطابعها، ثم العمل بها، ساعات العمل الطويلة الأصل مع ضرورة توفر عيادات خاصة تعني أن تعيش المرأة كآلة تكدح وتركض لأجل إحرازها مقابل لتعب سنوات الدراسة تلك، فلن ترضى واحدة بدوام واحد وبراتب هزيل بعد شقاء سنوات الطب الستة مع الإقامة ثم التدرج الطبي والخفارة، ولن تحرز الكثير في أول عشرين عامًا إلا إذا اشتغلت بالتجميل أو غسيل الأموال كما يحدث الآن.
-ضرورة وجود طبيبة للمسلمات، مسألة مهمة، لا نجادل فيها، لكن غيرك سيظل ساعياً لخدمة المسلمات ولن يفرط بالأجر المرجو؛ أنت استقري : )
هذه السنة دخلت أختي الوسطى، منذ البداية عرفت هذه الكليشة، فعندها لم نضطر لأي درس خصوصي، ولا معهد تقنعه بها صديقة، ولا دخلت حالة من الفصام والتخبط لأجل مصيرها، عليها أن تتوكل على الله وتبذل ما بوسعها وأي نتيجة تحرزها ستكون خيرًا لها، المهم أن تخلصي من هذه المرحلة.
وفعلاً والحمدلله، درست أختي وحدها في غرفتها على محاضرات الإنترنت وأحرزت معدل 71٪، أعلى كلية أدبية ترحب بها من القانون والآداب واللغات والترجمة والتربية.
من دون تكاليف أو إرهاق نفسي وعائلي، وكلنا كلنا بحالة فرحة، هذا ذكاؤها، وهذا سعيها وهذا رزقها، وانتهى.
فالذي أريد إيصالها مما ذكرت:
بإمكان الفرد التميز وأن يكون ناجحًا وصالحًا في خيارات كثيرة تتناسب مع جنسه وهواياته ومهاراته وذكائه، عندما وزع ربنا أرزاق الذكاء لم يكلفنا إلا بالسعي المستطاع، ثم نأتي نحن ونفرض على أبناءنا قمم ما هم ببالغيها ثم نرهق أنفسنا بصعاب ما أنزل الله بها من سلطان ولم؟
امرأة أعرفها، أضطرت أن تدخل ابنتها كلية الصيدلة ودفعت لها قرابة 60 مليون عراقي، ثم قالت لن أزوجها حتى تعمل وترد دين دراستها لأني أصلاً بعت ما أملك وأخذت قروضا لأجله!
وأخرى ترفض الزواج وهي ما زالت طالبة لأن العريس لن يكون مستطيعًا تحمل قسط كلية الصيدلة الأهلية التي يلتزم فيها والدها.
دوامة ما لها غير الله مخلص وكاشف..
بعد انتهاء موسم البكالوريا وإعلان نتائج الثانوية العامة في عدد من البلدان دعوني أشارككم تجربتي الشخصية والعائلية والوظيفية بهذا الشأن.
لقد قررت مراقبة الامتحان الوزاري هذه السنة بصفتي مدرس لغة عربيّة، لسوء الحظ كانت على الطبقة المخملية، طالبات المدارس الأجنبية الأهلية، وطلبة المتمزيين والموهوبين(تدرج دراسي معمول به في العراق، يمثل الموهوبين نسبة 1٪ لمن يمتلك ذكاء مفرطًا ثم الأقل فالأقل حتى تصل للتعليم العام).
مرت عليّ نفوس مضطربة وبعقد وخوف شكلته سنوات طويلة بضرورة الحصول على مقعد في كلية الطب وكل امتياز غير هذا سيعني الخسارة والسقوط من عالية بالنسبة للمال والأحلام العائلية التي دفعت لتلك الفتاة وذلك الفتى.
من حولي مصابون بحمى الدروس والمعاهد الخصوصية، كل دعاء الأمهات لأولاد بعضهن ”يا رب الطبية“، وإن أحرز شيئًا من غيرها قيل ”يا خطية مسكين يلا أهم شيء الشهادة!“.
هذا جزء.
الثاني تجربة عائلية..
الوالدة امرأة حكيمة، درست درجة ذكائنا أني وأخواتي منذ الصغر، فكلما وصلنا لمرحلة الاختيار بين العلمي والأدبي، أقنعتنا بالأدبيات، وعللته بأمور كثيرة، أُجملها:
-ذكاؤكِ معنوي كأنثى أولاً وكذات خاصة ثانية، ودراسة العلميات تعني حربٌّ خاسرة للجميع بما فيهم سقف توقعاتك، كل من يدخلها يريد الطب، ولن تحرزيها، إذًا ستصيرين بفوبيا ثم لن يكون نصيبك إلا معهد رديء.
-الأدبيات بما فيها اللغات والتربيَّة متصلة بشكلٍ أو بآخر بالمعاني الإنثوية، بعضها ينمي ذوق المرأة وبعضه يعينها في تربية أبناءها، وإن أرادات العمل-وهو لم يعد خيارًا بل صار لازمًا في هذه العهود-ستكون مهنة التعليم مناسبة بدوامها الجزئي وعدم الاختلاط والمكان القريب، لن يؤثر خروجك من المنزل على زواجك أو أولادك بالصورة التي يفعلها لو صرتِ محامية أو طبيبة أو موظفة بصفة مهندسة.
-الأقسام العلمية والمنطقية تعني سحق الذات الأنثوية والتعامل مع العلوم الجامدة حتى تعجن المرأة بطابعها، ثم العمل بها، ساعات العمل الطويلة الأصل مع ضرورة توفر عيادات خاصة تعني أن تعيش المرأة كآلة تكدح وتركض لأجل إحرازها مقابل لتعب سنوات الدراسة تلك، فلن ترضى واحدة بدوام واحد وبراتب هزيل بعد شقاء سنوات الطب الستة مع الإقامة ثم التدرج الطبي والخفارة، ولن تحرز الكثير في أول عشرين عامًا إلا إذا اشتغلت بالتجميل أو غسيل الأموال كما يحدث الآن.
-ضرورة وجود طبيبة للمسلمات، مسألة مهمة، لا نجادل فيها، لكن غيرك سيظل ساعياً لخدمة المسلمات ولن يفرط بالأجر المرجو؛ أنت استقري : )
هذه السنة دخلت أختي الوسطى، منذ البداية عرفت هذه الكليشة، فعندها لم نضطر لأي درس خصوصي، ولا معهد تقنعه بها صديقة، ولا دخلت حالة من الفصام والتخبط لأجل مصيرها، عليها أن تتوكل على الله وتبذل ما بوسعها وأي نتيجة تحرزها ستكون خيرًا لها، المهم أن تخلصي من هذه المرحلة.
وفعلاً والحمدلله، درست أختي وحدها في غرفتها على محاضرات الإنترنت وأحرزت معدل 71٪، أعلى كلية أدبية ترحب بها من القانون والآداب واللغات والترجمة والتربية.
من دون تكاليف أو إرهاق نفسي وعائلي، وكلنا كلنا بحالة فرحة، هذا ذكاؤها، وهذا سعيها وهذا رزقها، وانتهى.
فالذي أريد إيصالها مما ذكرت:
بإمكان الفرد التميز وأن يكون ناجحًا وصالحًا في خيارات كثيرة تتناسب مع جنسه وهواياته ومهاراته وذكائه، عندما وزع ربنا أرزاق الذكاء لم يكلفنا إلا بالسعي المستطاع، ثم نأتي نحن ونفرض على أبناءنا قمم ما هم ببالغيها ثم نرهق أنفسنا بصعاب ما أنزل الله بها من سلطان ولم؟
امرأة أعرفها، أضطرت أن تدخل ابنتها كلية الصيدلة ودفعت لها قرابة 60 مليون عراقي، ثم قالت لن أزوجها حتى تعمل وترد دين دراستها لأني أصلاً بعت ما أملك وأخذت قروضا لأجله!
وأخرى ترفض الزواج وهي ما زالت طالبة لأن العريس لن يكون مستطيعًا تحمل قسط كلية الصيدلة الأهلية التي يلتزم فيها والدها.
دوامة ما لها غير الله مخلص وكاشف..
جاء في مصنف عبدالرزاق الصنعاني حديث رقم 20713:
أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه..
”قال: كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء دخل إلى أهله - أو قال : جمع - فقال: "إني نهيت عن كذا وكذا، والناس إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا ، وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل منكم وقع في شيء مما نهيت عنه الناس، إلا أضعفت له العقوبة لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر".
لا حاجة لبيان كثير لـ{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.
أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه..
”قال: كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء دخل إلى أهله - أو قال : جمع - فقال: "إني نهيت عن كذا وكذا، والناس إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا ، وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل منكم وقع في شيء مما نهيت عنه الناس، إلا أضعفت له العقوبة لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر".
لا حاجة لبيان كثير لـ{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.
التأَسِّي
قبل يومين حضرتُ محاضرة قدمتها لنا الدكتورة صبيحة السامرائي في مسجد الحي، وهي أستاذ سياسة شرعية وامرأة فاضلة قد سبغتها التجارب والأيام حتى بلغت درجة من العمر والفهم الطيب ما بلغت، وأني كثيرًا ما أحب الاستماع للنساء المتشرعات اللواتي يَقدمن من خلفية محافظة متوسطة…
بناتنا و أبناءنا النجباء وأصحاب المعدلات العالية ...حبذا لو أن بعضكم اختار التخصصات الشرعية...نحتاج إلى عقول نيرة لتحمل هذا الدين وتنافح عنه...وفقكم الله ونفع بكم.
-د. ابتهال أبو زيد
-د. ابتهال أبو زيد
بسم الله الرحمن الرحيم
{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا(٢٨) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما(٢٩)}
-[سُورَةُ الأَحْزَابِ: ٢٨-٢٩]
نداءٌ إيماني لطيف للنساء صبرًا على ضيق ذات يد أزواجهن في أي فترة من الحياة، بدايتها، وسطها أو بعد ذلك.
إن أحببتن الرفاهية والمتعة والكماليات؛ فمتاعكن من الطلاق حاصل، وإن صبرتن واحتسبتن الأجر فقد أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا، وتشير لفظة المحسنات لصورة الصبر: صبر بلا جزع ولا قنوط ولا تأفف، صبر إيماني بالوعد الإلهي، وهي صورة مخالفة تمامًا لنصائح الفراق والهجر وحب الذات وتقديمها على ما عند الله التي تقدم للنساء الحديثة من قبل "خبراء الزواج وأطباء النفسية".
{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا(٢٨) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما(٢٩)}
-[سُورَةُ الأَحْزَابِ: ٢٨-٢٩]
نداءٌ إيماني لطيف للنساء صبرًا على ضيق ذات يد أزواجهن في أي فترة من الحياة، بدايتها، وسطها أو بعد ذلك.
إن أحببتن الرفاهية والمتعة والكماليات؛ فمتاعكن من الطلاق حاصل، وإن صبرتن واحتسبتن الأجر فقد أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا، وتشير لفظة المحسنات لصورة الصبر: صبر بلا جزع ولا قنوط ولا تأفف، صبر إيماني بالوعد الإلهي، وهي صورة مخالفة تمامًا لنصائح الفراق والهجر وحب الذات وتقديمها على ما عند الله التي تقدم للنساء الحديثة من قبل "خبراء الزواج وأطباء النفسية".
لقد تعلم الإسلاميون خلال العهد الأخير من التعامل مع شبهات الملحدين والعلمانيين ما يجعلهم يثقون بدينهم ونصوصهم ويتوقفون عن أخذ موقف الدفاع والتبرير والتأويل لكلّ موقف يعيرون به، فأصبحنا نقف ندًا لند ونناقش كل المعارضين من دون خجل.
سواء تلك الشبهات الخاصة بالليبرالية أو المساواتية أو النسوية.
ولكن الوقف السني العراقي وعلماء المجمع كانوا مغيبين عن تجارب غيرهم، لقد تركوا رأي السنة بيد خطباء جهلة، وكُتّاب امتلئ جوف أحدهم بالحضارة الحديثة أكثر من امتلائه بالفقه والأصول يتحدثون بصفتهم الشخصية عن موقف أمة كاملة!
حتى أصبحت مسلمات عند العامة.
أعجزوا عن إيجاد طالب علم يتحدث بالحق من دون تأويل سخيف، وتبرير ضعيف، ومجاملات قبيحة؟
نفوض أمرنا لله مما يجري.
وحسبنا الله ونعم الوكيل على انتشار الكفر البواح على ألسنة الرعاع.
سواء تلك الشبهات الخاصة بالليبرالية أو المساواتية أو النسوية.
ولكن الوقف السني العراقي وعلماء المجمع كانوا مغيبين عن تجارب غيرهم، لقد تركوا رأي السنة بيد خطباء جهلة، وكُتّاب امتلئ جوف أحدهم بالحضارة الحديثة أكثر من امتلائه بالفقه والأصول يتحدثون بصفتهم الشخصية عن موقف أمة كاملة!
حتى أصبحت مسلمات عند العامة.
أعجزوا عن إيجاد طالب علم يتحدث بالحق من دون تأويل سخيف، وتبرير ضعيف، ومجاملات قبيحة؟
نفوض أمرنا لله مما يجري.
وحسبنا الله ونعم الوكيل على انتشار الكفر البواح على ألسنة الرعاع.
قال الحسن رحمه الله: ( لإن أتعلَّمُ باباً من العلم ، فأُعلمُهُ مسلماً أحبُّ إليَّ من أن تكون لي الدنيا كُلُّها ...)
-ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 40
-ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 40
عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو يعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة، فمن راح إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو يعلمه فله أجر حاج تام الحجة».
[حسن] - [رواه الحاكم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذهب في أول النهار إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلم خيرا للناس كان له مثل أجر من اعتمر عمرة كاملة بواجباتها وسننها، ومن ذهب إلى المسجد آخر النهار لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلم خيرا للناس فله مثل أجر حاج حجته تامه كاملة، وهذا من فضل الله سبحانه على عباده، ولما كان آخر النهار وقت عودة من الأعمال وطلب للراحة كان أجر العالم والمتعلم فيه أكبر؛ لأنه آثر العلم على الراحة.
[حسن] - [رواه الحاكم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذهب في أول النهار إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلم خيرا للناس كان له مثل أجر من اعتمر عمرة كاملة بواجباتها وسننها، ومن ذهب إلى المسجد آخر النهار لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلم خيرا للناس فله مثل أجر حاج حجته تامه كاملة، وهذا من فضل الله سبحانه على عباده، ولما كان آخر النهار وقت عودة من الأعمال وطلب للراحة كان أجر العالم والمتعلم فيه أكبر؛ لأنه آثر العلم على الراحة.
هنالك مسألتان تطرأ عليّ بشأن التعليم:
الأولى: لقد كافحت الدول المتعاقبة في كافة البلدان الطرق على مسألة الدراسة الحكومية وتجييش المجتمع للدخول بها، من خلال منظمات المجتمع، الإعلام، الأدب، حتى تكونت عقلية ترسم أن التسلق الاجتماعي السهل والجيد متمثل بالحصول على شهادة، ما بالك لو كانت الطب، فتراهم يتعجبون من اجتماع الفقر وتحصيل مقعد في كليات القمة.
=حتى ضاقت المدارس ولم تعد تستوعب الجيش الكامل، أُدرّس منذ ثماني سنين، الوضع يزداد بؤسًا يومًا بعد يوم، بلغ تعداد الصفوف خلال هذه السنوات بين 60 إلى 100 طالب تقريباً، هذا الوضع في أرقى مدن بغداد (الكرخ/ بلدية المنصور)، وكان أكثر جحيمًا في الرصافة حيث اجتمعت الأعداد مع انعدام الخدمات البيئية والتعليمية الأخرى، ولا تتوقف الحكومة عن فتح مدارس جديدة كل عام، ولكن تبدأ قليلة ثم تتضخم لتصل مدرسة ب12 صف إلى 1000 طالب!
الثانية:
في كل دائرة حكومية هناك قسم للمرأة، يختص بقضايا النساء، وأهمها التعليم، لقد نجحت هذه الأقسام والدعاية الحكومية بتعليم النساء ولكن مقابل ما؟
مقابل تقليل فرص تعليم الذكور، تقليل الاهتمام بمدارسهم وعددها ونوعية التعليم والتعامل مع مشاكل التهرب وترك المدارس، إضافة إلى الإهمال الذي نتج عنه تحول هذه المدارس إلى ثكنات للمخدرات واللواط والمشاكل المخيفة لهذه الأعمار.
الآن كل زميلة وصديقة وأخت عندما يصبح ابنها بمرحلة المتوسطة تبدأ حيرة ”أين يكمل؟ أي مدرسة نسجّله فيها؟ أي مكان فيه فرص أفضل؟"
تنعدم الحلول فتلجأ للمدارس الأهلية التي تكون مشاكلها أعقد، مشاكل الترف، والميوعة، والمراهقة المعجبة بالحضارة الغربية والتطلع العالي لحياة لن يجدها خارج أسوار هذه المدارس التي أنشئت لفئة السراق أصلا.
الأولى: لقد كافحت الدول المتعاقبة في كافة البلدان الطرق على مسألة الدراسة الحكومية وتجييش المجتمع للدخول بها، من خلال منظمات المجتمع، الإعلام، الأدب، حتى تكونت عقلية ترسم أن التسلق الاجتماعي السهل والجيد متمثل بالحصول على شهادة، ما بالك لو كانت الطب، فتراهم يتعجبون من اجتماع الفقر وتحصيل مقعد في كليات القمة.
=حتى ضاقت المدارس ولم تعد تستوعب الجيش الكامل، أُدرّس منذ ثماني سنين، الوضع يزداد بؤسًا يومًا بعد يوم، بلغ تعداد الصفوف خلال هذه السنوات بين 60 إلى 100 طالب تقريباً، هذا الوضع في أرقى مدن بغداد (الكرخ/ بلدية المنصور)، وكان أكثر جحيمًا في الرصافة حيث اجتمعت الأعداد مع انعدام الخدمات البيئية والتعليمية الأخرى، ولا تتوقف الحكومة عن فتح مدارس جديدة كل عام، ولكن تبدأ قليلة ثم تتضخم لتصل مدرسة ب12 صف إلى 1000 طالب!
الثانية:
في كل دائرة حكومية هناك قسم للمرأة، يختص بقضايا النساء، وأهمها التعليم، لقد نجحت هذه الأقسام والدعاية الحكومية بتعليم النساء ولكن مقابل ما؟
مقابل تقليل فرص تعليم الذكور، تقليل الاهتمام بمدارسهم وعددها ونوعية التعليم والتعامل مع مشاكل التهرب وترك المدارس، إضافة إلى الإهمال الذي نتج عنه تحول هذه المدارس إلى ثكنات للمخدرات واللواط والمشاكل المخيفة لهذه الأعمار.
الآن كل زميلة وصديقة وأخت عندما يصبح ابنها بمرحلة المتوسطة تبدأ حيرة ”أين يكمل؟ أي مدرسة نسجّله فيها؟ أي مكان فيه فرص أفضل؟"
تنعدم الحلول فتلجأ للمدارس الأهلية التي تكون مشاكلها أعقد، مشاكل الترف، والميوعة، والمراهقة المعجبة بالحضارة الغربية والتطلع العالي لحياة لن يجدها خارج أسوار هذه المدارس التي أنشئت لفئة السراق أصلا.
في الحديث: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. رواه أبو داود وصححه الألباني، وفي الحديث: من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي... رواه مسلم.