يقوم التصور الميتافيزيقي عند سبينوزا على:
- استبعاد الغائية والإعتماد على التفسير العلمي.
- وجود توازٍ عقلي- فيزيائي في كل الكون.
- وجود جوهر واحد هو الطبيعة- الله وهي طبيعة طابعة أي مجموع الصفات اللامتناهية ومن بينها الفكر والامتداد والطبيعة المطبوعة فتشمل كل الأحوال تبدأ من تلك التي تنبسط مباشرة من الصفات مثل الذهن اللامتناهي والحركة والسكون الى أكثر الأشياء تحديدا.
- الضرورة مطلقة في الكون وكل شيء خاضع لقانون دقيق ولا شيء يحدث صدفة أو اتفاقا بل ان قوانين الطبيعة هي القوانين الالهية وتستمد منها أيضا القوانين الأخلاقية.
إن تأكيد اسبينوزا على الحتمية ورفضه للعلل الغائية في الفيزياء يوافق رأي ديكارت، إن المادة قابلة لأخذ كلّ الأشكال التي بإمكانها أن تأخذها (المبادئ، III، 47).
وتتلخص نظريته الشهيرة فيما يلي: أن قصص المعجزات الواردة في الإنجيل كالمشي على الماء وشفاء الأعمى وسوى ذلك ما هي إلا أساطير. وكانت هي الوسيلة الوحيدة آنذاك لتصور العالم أو لتفسير ظواهره الطبيعية كما كانت الوسيلة الوحيدة لإقناع الناس الذين تسيطر عليهم العقلية الخيالية أو الأسطورية في ذلك الزمان. فالعلم الحديث لم يكن قد نشأ بعد والعقلية السائدة كانت بدائية. وبالتالي فالأسطورة كانت تشكل في العصور القديمة، أي قبل ظهور العلم الحديث، الوسيلة لفهم الوجود البشري أو للتعبير عنه. ولكننا لم نعد بحاجة إليها الآن في عصر العلم والعقل. وبالتالي فبامكاننا أن ننظف الإنجيل من هذه العقلية الأسطورية لكي نتوصل إلى نواته الأخلاقية الحقيقية المختبئة وراء تراكمات الأساطير.
يضاف إلى ذلك أن المعجزة ترمز إلى شيء معين، أو إلى تهذيب أخلاقي أو قيمة روحية. فلسنا مضطرين للايمان بها ولخروقاتها للنظام الطبيعي ولقوانين الكون لكي نصبح مؤمنين. إنما يكفي أن نفهم المغزى الكائن وراء المعجزة أو القيمة التي ترمز إليها وهي القيمة الإنسانية. وهذا هو معنى نزع الأسطورة عن الإنجيل: إنه يعني تقديم قراءة عقلانية له، قراءة تليق بعصرنا أو بوعي معاصرينا الذي أصبح مغموساً بالعقلية العلمية وبخاصة في أوروبا. كل هذا استبق عليه سبينوزا بمائتي سنة على الأقل.. وهنا تكمن عظمته أو عبقريته المدهشة بالنسبة لنا.
على هذا النحو تمكن سبينوزا من فصل الفلسفة عن اللاهوت، فللدين مجاله، وللعقل مجاله. ففي رأي سبينوزا، وهو رأي حديث جداً، إن الفكر الفلسفي يمارس عمله في مجال خارجي كلياً على مجال الإيمان. وإذا ما أخضعنا الفلسفة للإيمان أو للدين فإنها تختنق فوراً، أو تذبل وتموت.
تبقى نقطة أساسية ينبغي أن نضيفها هنا لكي تكتمل الصورة. في الواقع إن العقيدة المعروضة هنا تخلَّى عنها سبينوزا في كتابه اللاحق "الأخلاق". فتصور الله على أساس أنه قاض أو سيد مهيمن هو تصور خيالي مرفوض تماماً في الكتاب المذكور لأنه يعني تشبيه الله بالإنسان أو بالصفات الإنسانية. نقول ذلك ونحن نعلم أن سبينوزا راح يبلور تصوراً آخر مختلفاً عن الله في كتابه الفلسفي الأساسي. إنه تصور يطابق بين الله وكلية ما هو موجود، أي كلية الطبيعة وقوانين الطبيعة. ولكنه تبنى التصور العقائدي السابق لكي يصل إلى عقول الملايين من البشر المؤمنين بوجود اله شخصي والذين لا يفهمون الله إلا بهذه الطريقة. فالعامة لا تفهم إلا عن طريق التشبيه والتشخيص. في الواقع إن الإيمان بالمعنى التقليدي للكلمة ضروري فقط للعامة، وأما النخبة المثقفة أو الفلسفية فلها طريق آخر يرضيها ويكفيها هو: طريق الغبطة الفلسفية. بمعنى آخر فإن الدين يكفي للعامة، والفلسفة خصصت للنخبة، ولا ينبغي الخلط بينهما. فالنخبة المفكرة يكفيها العقل كهادٍ ودليل، وليست بحاجة إلى كتب مقدسة أو وحي خارق للعادة أو معجزات... إنها قادرة عن طريق العقل على التوصل إلى الحقيقة من جهة وإلى اتباع الفضيلة والاستقامة في سلوكها اليومي من جهة أخرى.
4
- استبعاد الغائية والإعتماد على التفسير العلمي.
- وجود توازٍ عقلي- فيزيائي في كل الكون.
- وجود جوهر واحد هو الطبيعة- الله وهي طبيعة طابعة أي مجموع الصفات اللامتناهية ومن بينها الفكر والامتداد والطبيعة المطبوعة فتشمل كل الأحوال تبدأ من تلك التي تنبسط مباشرة من الصفات مثل الذهن اللامتناهي والحركة والسكون الى أكثر الأشياء تحديدا.
- الضرورة مطلقة في الكون وكل شيء خاضع لقانون دقيق ولا شيء يحدث صدفة أو اتفاقا بل ان قوانين الطبيعة هي القوانين الالهية وتستمد منها أيضا القوانين الأخلاقية.
إن تأكيد اسبينوزا على الحتمية ورفضه للعلل الغائية في الفيزياء يوافق رأي ديكارت، إن المادة قابلة لأخذ كلّ الأشكال التي بإمكانها أن تأخذها (المبادئ، III، 47).
وتتلخص نظريته الشهيرة فيما يلي: أن قصص المعجزات الواردة في الإنجيل كالمشي على الماء وشفاء الأعمى وسوى ذلك ما هي إلا أساطير. وكانت هي الوسيلة الوحيدة آنذاك لتصور العالم أو لتفسير ظواهره الطبيعية كما كانت الوسيلة الوحيدة لإقناع الناس الذين تسيطر عليهم العقلية الخيالية أو الأسطورية في ذلك الزمان. فالعلم الحديث لم يكن قد نشأ بعد والعقلية السائدة كانت بدائية. وبالتالي فالأسطورة كانت تشكل في العصور القديمة، أي قبل ظهور العلم الحديث، الوسيلة لفهم الوجود البشري أو للتعبير عنه. ولكننا لم نعد بحاجة إليها الآن في عصر العلم والعقل. وبالتالي فبامكاننا أن ننظف الإنجيل من هذه العقلية الأسطورية لكي نتوصل إلى نواته الأخلاقية الحقيقية المختبئة وراء تراكمات الأساطير.
يضاف إلى ذلك أن المعجزة ترمز إلى شيء معين، أو إلى تهذيب أخلاقي أو قيمة روحية. فلسنا مضطرين للايمان بها ولخروقاتها للنظام الطبيعي ولقوانين الكون لكي نصبح مؤمنين. إنما يكفي أن نفهم المغزى الكائن وراء المعجزة أو القيمة التي ترمز إليها وهي القيمة الإنسانية. وهذا هو معنى نزع الأسطورة عن الإنجيل: إنه يعني تقديم قراءة عقلانية له، قراءة تليق بعصرنا أو بوعي معاصرينا الذي أصبح مغموساً بالعقلية العلمية وبخاصة في أوروبا. كل هذا استبق عليه سبينوزا بمائتي سنة على الأقل.. وهنا تكمن عظمته أو عبقريته المدهشة بالنسبة لنا.
على هذا النحو تمكن سبينوزا من فصل الفلسفة عن اللاهوت، فللدين مجاله، وللعقل مجاله. ففي رأي سبينوزا، وهو رأي حديث جداً، إن الفكر الفلسفي يمارس عمله في مجال خارجي كلياً على مجال الإيمان. وإذا ما أخضعنا الفلسفة للإيمان أو للدين فإنها تختنق فوراً، أو تذبل وتموت.
تبقى نقطة أساسية ينبغي أن نضيفها هنا لكي تكتمل الصورة. في الواقع إن العقيدة المعروضة هنا تخلَّى عنها سبينوزا في كتابه اللاحق "الأخلاق". فتصور الله على أساس أنه قاض أو سيد مهيمن هو تصور خيالي مرفوض تماماً في الكتاب المذكور لأنه يعني تشبيه الله بالإنسان أو بالصفات الإنسانية. نقول ذلك ونحن نعلم أن سبينوزا راح يبلور تصوراً آخر مختلفاً عن الله في كتابه الفلسفي الأساسي. إنه تصور يطابق بين الله وكلية ما هو موجود، أي كلية الطبيعة وقوانين الطبيعة. ولكنه تبنى التصور العقائدي السابق لكي يصل إلى عقول الملايين من البشر المؤمنين بوجود اله شخصي والذين لا يفهمون الله إلا بهذه الطريقة. فالعامة لا تفهم إلا عن طريق التشبيه والتشخيص. في الواقع إن الإيمان بالمعنى التقليدي للكلمة ضروري فقط للعامة، وأما النخبة المثقفة أو الفلسفية فلها طريق آخر يرضيها ويكفيها هو: طريق الغبطة الفلسفية. بمعنى آخر فإن الدين يكفي للعامة، والفلسفة خصصت للنخبة، ولا ينبغي الخلط بينهما. فالنخبة المفكرة يكفيها العقل كهادٍ ودليل، وليست بحاجة إلى كتب مقدسة أو وحي خارق للعادة أو معجزات... إنها قادرة عن طريق العقل على التوصل إلى الحقيقة من جهة وإلى اتباع الفضيلة والاستقامة في سلوكها اليومي من جهة أخرى.
4
المبحث الثالث: الله هو الطبيعة
هناك فرق بين العقل والإيمان، أو بين الدين والفلسفة،
الإيمان يؤدي إلى الطاعة، والعقل يؤدي إلى الحقيقه النظرية
اسبينوزا
الله هو الطبيعة:
أعني بالجوهر ما يوجد في ذاته، ويُتصور بذاته، أي ما لا نحتاج في تكوين تصوّر له غلى تصوّر أي شيء آخر (الأخلاق، الكتاب الأول، التعريف الثالث).
في الإتيقا، برهن اسبينوزا وحدة الجوهر على منهج علماء الهندسة انطلاقاً من الفكرة الديكارتية أن الله "علة ذاته" القائمة بدورها على البرهان الوجودي وعلى أن الكمال هو اللامتناهي المطلق في الميادين كلها.
يحمل الوجود عند اسبينوزا اسم "الجوهر"، والجوهر في عرفه يقصد به العالم من حيث هو المجال الذي يحتوي كلّ شيء، والذي يكون في الوقت نفسه علّة ذاته وعلّة كلّ موجود، مادّةً كان أو فكراً، حركة أو سكوناً. هذا الجوهر المحايث لذاته ليس علّة خالقة ولا منزّهة، بل هو "التحقّق المطلق المادّيّ لذاته في كلّ لحظة". وأوّل سمات الجوهر أنّه واحد"، فصحيح أنّ الذات الإلهية أو الجوهر أو الطبيعة منقسمة [في ذاتها]، ولكنّها ليست مفككة. ولأنّ الجوهر واحد، فهو مطلق Absolutus في طبيعته، كما في تحقّقه، ولا ينبغي فهم المطلقية هنا بنفس دلالة الكمال الثيولوجية، بل العكس تماما، فالجوهر مطلق لأنّ تحقّقه أزليّ أبديّ، أو قل إنّه سرمديّ، فهو إذن غير مخلوق، فهو الذي يفعل بذاته، وهو الذي ينفعل بذاته "فالإله عند اسبينوزا لا يسكن" pâti ، لأنّه العلّة المحرّكة لكلّ تحقّقاتها في كلّ لحظة، وبالتالي فهو "قوّة في فعل دائم "in acta"، قوّة ربط وحلّ لا ينقطعان للعلاقات وفق قوانين أبدية"، لا حاجة إذن لتوهّم فكرة البداية والخلق، أو فكرة النهاية والغاية.
ولأنّ الجوهر هو العلّة المطلقة المحايثة لذاتها الشاملة لكلّ ما يوجد، فإنّه لا يدرك كإرادة أو كذات كما يتوهّم الوعي الثيولوجي حين "يؤنسن" الإله، بل يدرك فقط كتحقّق، أو "كتعبير"، إذ أنّ ماهية الجوهر- الله- الطبيعة، هي كونها محض "عبارة"expression ، " فليس الإلـه "شخصا"؛ ليس "ذاتا"، بل هو مجرّد تعبيراتـه، أي إنّه ليس في المحصّلة إلا الأشياء في تحقّقاتها الحالية . يعني هذا الأمر أنّ الجوهر لا يتقوّم إلا بصفاته التي تعبّر عنه وتحقّقه، والصفات بدورها لا تتقوّم إلا بأحوالها التي تعبّر عنها، وهذا هو المعنى الكلّيّ لمفهوم الوجود عند اسبينوزا، حيث يكون هو هذا البساط الذي يشمل في نفس الآن كلّ شيء : المادة والفكر كصفات، والتحقّقات العينية لهذه الصفات كأحوال (شجر، إنسان، حجر، حيوان، معدن، وعي…)، والصفات هي ما يأخذ عنده تسمية الطبيعة "الطابعة"، والأحوال هي ما يأخذ عنده صفة الطبيعة "المطبوعة، وكون الطبيعة طابعة لذاتها ومطبوعة بذاتها، هو ما يعطينا في النهاية معنى "وحدة الوجود".
5
هناك فرق بين العقل والإيمان، أو بين الدين والفلسفة،
الإيمان يؤدي إلى الطاعة، والعقل يؤدي إلى الحقيقه النظرية
اسبينوزا
الله هو الطبيعة:
أعني بالجوهر ما يوجد في ذاته، ويُتصور بذاته، أي ما لا نحتاج في تكوين تصوّر له غلى تصوّر أي شيء آخر (الأخلاق، الكتاب الأول، التعريف الثالث).
في الإتيقا، برهن اسبينوزا وحدة الجوهر على منهج علماء الهندسة انطلاقاً من الفكرة الديكارتية أن الله "علة ذاته" القائمة بدورها على البرهان الوجودي وعلى أن الكمال هو اللامتناهي المطلق في الميادين كلها.
يحمل الوجود عند اسبينوزا اسم "الجوهر"، والجوهر في عرفه يقصد به العالم من حيث هو المجال الذي يحتوي كلّ شيء، والذي يكون في الوقت نفسه علّة ذاته وعلّة كلّ موجود، مادّةً كان أو فكراً، حركة أو سكوناً. هذا الجوهر المحايث لذاته ليس علّة خالقة ولا منزّهة، بل هو "التحقّق المطلق المادّيّ لذاته في كلّ لحظة". وأوّل سمات الجوهر أنّه واحد"، فصحيح أنّ الذات الإلهية أو الجوهر أو الطبيعة منقسمة [في ذاتها]، ولكنّها ليست مفككة. ولأنّ الجوهر واحد، فهو مطلق Absolutus في طبيعته، كما في تحقّقه، ولا ينبغي فهم المطلقية هنا بنفس دلالة الكمال الثيولوجية، بل العكس تماما، فالجوهر مطلق لأنّ تحقّقه أزليّ أبديّ، أو قل إنّه سرمديّ، فهو إذن غير مخلوق، فهو الذي يفعل بذاته، وهو الذي ينفعل بذاته "فالإله عند اسبينوزا لا يسكن" pâti ، لأنّه العلّة المحرّكة لكلّ تحقّقاتها في كلّ لحظة، وبالتالي فهو "قوّة في فعل دائم "in acta"، قوّة ربط وحلّ لا ينقطعان للعلاقات وفق قوانين أبدية"، لا حاجة إذن لتوهّم فكرة البداية والخلق، أو فكرة النهاية والغاية.
ولأنّ الجوهر هو العلّة المطلقة المحايثة لذاتها الشاملة لكلّ ما يوجد، فإنّه لا يدرك كإرادة أو كذات كما يتوهّم الوعي الثيولوجي حين "يؤنسن" الإله، بل يدرك فقط كتحقّق، أو "كتعبير"، إذ أنّ ماهية الجوهر- الله- الطبيعة، هي كونها محض "عبارة"expression ، " فليس الإلـه "شخصا"؛ ليس "ذاتا"، بل هو مجرّد تعبيراتـه، أي إنّه ليس في المحصّلة إلا الأشياء في تحقّقاتها الحالية . يعني هذا الأمر أنّ الجوهر لا يتقوّم إلا بصفاته التي تعبّر عنه وتحقّقه، والصفات بدورها لا تتقوّم إلا بأحوالها التي تعبّر عنها، وهذا هو المعنى الكلّيّ لمفهوم الوجود عند اسبينوزا، حيث يكون هو هذا البساط الذي يشمل في نفس الآن كلّ شيء : المادة والفكر كصفات، والتحقّقات العينية لهذه الصفات كأحوال (شجر، إنسان، حجر، حيوان، معدن، وعي…)، والصفات هي ما يأخذ عنده تسمية الطبيعة "الطابعة"، والأحوال هي ما يأخذ عنده صفة الطبيعة "المطبوعة، وكون الطبيعة طابعة لذاتها ومطبوعة بذاتها، هو ما يعطينا في النهاية معنى "وحدة الوجود".
5
الجوهر إذن هو الوعاء الحامل والمباطن لكلّ ما يوجد، من أكثر الأجسام تناهيا في الصغر وأكثر الأفكار بساطة في التركيب، إلى أرقى إمكانات التحقق التجريبي والمنطقي، وإذا نظرنا للعالم من هذه الزاوية كما أوردنا، لا يصير محتاجا لافتراض "علّة صانعة" كما عند الأقدمين، لأنه يكون حينها مكتفيا بذاته، في ذاته.
صفات الله:
يؤكد اسبينوزا أن من الصفات التي يمكن عبرها إدراك طبيعة الجوهر لا نعرف سوى اثنتين: الإمتداد والفكر. وهاتان الصفتان هما الجوهران الديكارتيان المتناهيان.
اذن إن صفات الله التي يؤمن بمعرفتها اسبينوزا هي الامتداد والفكر فقط وهذه صفات يمكن معرفتها ولكن لهُ صفات كثيره لا يمكن معرفتها معرفة عقلية، فنحن حينما نتصور افعال الله نحضر اذواقنا واهوائنا وبناءً عليها نقيس افعال الله وهذا غير صحيح فلا بدّ من التجرد من الاهواء والاذواق لمعرفة افعال الله، فالله في نظر اسبينوزا ليس العلة الفاعلة ولا العلة الغائية للكون، فوجود الكون ليس سببه الله بل الضرورة المنطقية هي من جعلتهُ موجود! وهذا كلهُ ناتج عن طبيعة الله فطبيعة الله هي من أوجدت الكون والطبيعه، وهُنا تأتي النظرية الشمولية السبينوزية لله وللطبيعة فهو يعتبر الله والطبيعة شيء واحد، الله فيها الطبيعة الطابعة والكون هو الطبيعة المطبوعة، وهذا يحدث بفعل نظامين اثنين، الأول النظام الفيزيائي (لكل معلول علّة) فمثلاً المطر يسقط لان الماء بالأرض يتبخر وتتكون السحب ويعود الماء على شكل مطر، والثاني النظام الأفكاري (عقل الانسان) فمثلاً تصوراتنا عن احداث الكون تكون بناء على افكارنا الموجوده بعقولنا وليس بناء على الاسباب الحقيقيه لحدوثها، وبهذا الشىء نستنتج ان سبينوزا ينكر الحُريه الفعلية للإنسان، حيث سنبحث في الحرية لاحقاً..
وعند التحدث عن الطبيعة الحقيقية للإنسان تكون هي الطبيعة التي يملكها الإنسان واقعياً. من هنا يتبين أن مع وجه التشابه بين منهجي ديكارت واسبينوزا، لكنهما يختلفا عن بعضهما. لا شك أن هناك علماً واحداً، إنه العلم الرياضي. ففي الرياضيات، مع التأكد بعدم وجود الشكل الكروي في الكون إلّا أن خصائص هذا الشكل الكروي تبقى حقيقية. وانطلاقا من ذلك، يمكن القول إن ديكارت يدمج النظرية الرياضية داخل مذهب عام هو مذهب واقعي بالأساس وليس مذهبا رياضياً، فتكون المشكلة الكبرى هي التساؤل عما إذا كانت الرياضيات نفسها تناسب الوجود أو لا تناسب العالم الواقعي، والعالم الفزيائي. إذن لم يعد الأمر يتعلق هنا بمشكل رياضي، فالمشكل الرياضي يتوقف عند حدود الافتراض-الاستنتاج. ومادام البرهان الرياضي يقول: "إذا كان هذا حقيقيا، فإن ذلك حقيقي"، ومادام علماء الرياضيات لا يتساءلون عما إذا كان العالم الواقعي مطابقا لما يتحدثون عنه أو ليس مطابقا، إنهم يتساءلون عما إذا كان ما يتحدثون عنه مستنبطاً بشكل جيد من المبادئ التي سلموا بها.
6
صفات الله:
يؤكد اسبينوزا أن من الصفات التي يمكن عبرها إدراك طبيعة الجوهر لا نعرف سوى اثنتين: الإمتداد والفكر. وهاتان الصفتان هما الجوهران الديكارتيان المتناهيان.
اذن إن صفات الله التي يؤمن بمعرفتها اسبينوزا هي الامتداد والفكر فقط وهذه صفات يمكن معرفتها ولكن لهُ صفات كثيره لا يمكن معرفتها معرفة عقلية، فنحن حينما نتصور افعال الله نحضر اذواقنا واهوائنا وبناءً عليها نقيس افعال الله وهذا غير صحيح فلا بدّ من التجرد من الاهواء والاذواق لمعرفة افعال الله، فالله في نظر اسبينوزا ليس العلة الفاعلة ولا العلة الغائية للكون، فوجود الكون ليس سببه الله بل الضرورة المنطقية هي من جعلتهُ موجود! وهذا كلهُ ناتج عن طبيعة الله فطبيعة الله هي من أوجدت الكون والطبيعه، وهُنا تأتي النظرية الشمولية السبينوزية لله وللطبيعة فهو يعتبر الله والطبيعة شيء واحد، الله فيها الطبيعة الطابعة والكون هو الطبيعة المطبوعة، وهذا يحدث بفعل نظامين اثنين، الأول النظام الفيزيائي (لكل معلول علّة) فمثلاً المطر يسقط لان الماء بالأرض يتبخر وتتكون السحب ويعود الماء على شكل مطر، والثاني النظام الأفكاري (عقل الانسان) فمثلاً تصوراتنا عن احداث الكون تكون بناء على افكارنا الموجوده بعقولنا وليس بناء على الاسباب الحقيقيه لحدوثها، وبهذا الشىء نستنتج ان سبينوزا ينكر الحُريه الفعلية للإنسان، حيث سنبحث في الحرية لاحقاً..
وعند التحدث عن الطبيعة الحقيقية للإنسان تكون هي الطبيعة التي يملكها الإنسان واقعياً. من هنا يتبين أن مع وجه التشابه بين منهجي ديكارت واسبينوزا، لكنهما يختلفا عن بعضهما. لا شك أن هناك علماً واحداً، إنه العلم الرياضي. ففي الرياضيات، مع التأكد بعدم وجود الشكل الكروي في الكون إلّا أن خصائص هذا الشكل الكروي تبقى حقيقية. وانطلاقا من ذلك، يمكن القول إن ديكارت يدمج النظرية الرياضية داخل مذهب عام هو مذهب واقعي بالأساس وليس مذهبا رياضياً، فتكون المشكلة الكبرى هي التساؤل عما إذا كانت الرياضيات نفسها تناسب الوجود أو لا تناسب العالم الواقعي، والعالم الفزيائي. إذن لم يعد الأمر يتعلق هنا بمشكل رياضي، فالمشكل الرياضي يتوقف عند حدود الافتراض-الاستنتاج. ومادام البرهان الرياضي يقول: "إذا كان هذا حقيقيا، فإن ذلك حقيقي"، ومادام علماء الرياضيات لا يتساءلون عما إذا كان العالم الواقعي مطابقا لما يتحدثون عنه أو ليس مطابقا، إنهم يتساءلون عما إذا كان ما يتحدثون عنه مستنبطاً بشكل جيد من المبادئ التي سلموا بها.
6
وهكذا نجد نظرية ديكارت، نظرية مزدوجة. فهي تتضمن، من جهة، بعداً واقعياً، وتعمل، بمجموعها، في إطار تصور تستمد فيه حقيقة الفكرة ومعناها وقيمتها من حقيقة الشيء. لكنها تتضمن، من جهة أخرى، عناصر، توجهها في الاتجاه المعاكس، أي في الاتجاه الرياضي.
سيعارض اسبينوزا بشكل قطعي كل العناصر الغائية – إذا أمكن القول- التي يدرجها ديكارت ضمن نظرية هي مع ذلك آلية وبالخصوص نظرية رياضية عن العالم. إن الله هو الطبيعة، والطبيعة هي الله. لقد ادعى ديكارت العكس بالضبط. لقد كان ديكارت يقول لنا: "تذكروا أن الطبيعة ليست بإلهة". لقد أراد أن يبعد عن الطبيعة كل قوة داخلية. وفي مقابل ذلك، نجد هنا أن الطبيعة تتبلور بفعل ذاتها. إنها المنبع، إنها علة كل شيء. ويأخذ سبينوزا ديكارت على ابتعاده كل البعد عن معرفة العلة الأولى وعن أصل كل الأشياء.
وفعلا، فالله، بالنسبة لسبينوزا، علة فريدة. إن هذا الحد قد يسلم به ديكارت، إذ بالنسبة لديكارت أيضا الله علة فريدة. لكن القول إن الله علة فريدة، بالنسبة لسبينوزا، ليس هو القول، كما كان يفعل ديكارت، بأنه يخلق العالم خارج ذاته، وأنه يحدث لحظة بعد لحظة عالما خارج ذاته. إن الله علة فريدة بالنسبة لسبينوزا يعني أنه جوهر فريد وأنه حاضر في كل مكان؛ أو أن فكرة العلة، عند سبينوزا، تقترن بفكرة الجوهر. وهناك، في الفلسفة السبينوزية، فكرة أساسية: فكرة العلة المحايثة، وهي علة تنتج معلولات غير متميزة عنها. إنها مع ذلك فكرة غامضة، لكنها فكرة أساسية. وبالتالي، إنكم ترون هنا اندماج العلة والجوهر واختلاطهما. لتصبح الطبيعة في الآن الواحد وحدة وكلا.
إن فكرة العلة المحايثة هي من أقدم الأفكار التي نصادفها عند سبينوزا، مادمنا نجدها ليس في الرسالة القصيرة فحسب، وهو عمل سبينوزا الأول، بل إننا نعثر عليها أيضا في الحوارات التي أدمجت في الرسالة القصيرة. هناك ضمن الرسالة القصيرة، حوارات عديدة، وهي بدون شك، من أقدم النصوص التي نعرف لسبينوزا. ونعثر على نظرية العلة المحايثة هاته في القضية من كتاب الإيتيقا، الكتاب الأول، معلنة "أن الله علة محايثة وليس علة متعدية لكل شيء". وبعبارة أخرى، الله علة كل شيء. لكن اله لا ينتج شيئا خارج ذاته، وليست معلولاته متميزة عنه؛ إنها، أحوال جوهره. إنه إذن ليس صانع الطبيعة؛ إنه الطبيعة. الله أو الطبيعة Deus sive Natura، كما يقول سبينوزا.
لقد كانت الطبيعة الديكارتية متوقفة على إله يظل خارجها، إله يمدها، لحظة بعد لحظة، بحركته وبوجوده. ستصبح الطبيعة عند سبينوزا على العكس من ذلك علة ذاتها، وعلة كل الأشياء. ستصبح قبل كل شيء تلقائية، ومبدأ فعالا للتبلور.
يجب الذهاب إلى أبعد من ذلك. إن هذه الخاصية التلقائية المطلقة لن يجعلها سبينوزا خاصة بالجوهر وحده. ستصبح لصفات الجوهر، لكل صفة من صفات الجوهر. إن الجوهر، الذي هو جوهر فريد، له ما يتناهى من الصفات، وأن هذه الصفات لا متناهية في جنسها، في حين أن الله لا متناهي في كل الأجناس. والصفتان اللتان لنا معرفة بهما هما الامتداد والفكر.
7
سيعارض اسبينوزا بشكل قطعي كل العناصر الغائية – إذا أمكن القول- التي يدرجها ديكارت ضمن نظرية هي مع ذلك آلية وبالخصوص نظرية رياضية عن العالم. إن الله هو الطبيعة، والطبيعة هي الله. لقد ادعى ديكارت العكس بالضبط. لقد كان ديكارت يقول لنا: "تذكروا أن الطبيعة ليست بإلهة". لقد أراد أن يبعد عن الطبيعة كل قوة داخلية. وفي مقابل ذلك، نجد هنا أن الطبيعة تتبلور بفعل ذاتها. إنها المنبع، إنها علة كل شيء. ويأخذ سبينوزا ديكارت على ابتعاده كل البعد عن معرفة العلة الأولى وعن أصل كل الأشياء.
وفعلا، فالله، بالنسبة لسبينوزا، علة فريدة. إن هذا الحد قد يسلم به ديكارت، إذ بالنسبة لديكارت أيضا الله علة فريدة. لكن القول إن الله علة فريدة، بالنسبة لسبينوزا، ليس هو القول، كما كان يفعل ديكارت، بأنه يخلق العالم خارج ذاته، وأنه يحدث لحظة بعد لحظة عالما خارج ذاته. إن الله علة فريدة بالنسبة لسبينوزا يعني أنه جوهر فريد وأنه حاضر في كل مكان؛ أو أن فكرة العلة، عند سبينوزا، تقترن بفكرة الجوهر. وهناك، في الفلسفة السبينوزية، فكرة أساسية: فكرة العلة المحايثة، وهي علة تنتج معلولات غير متميزة عنها. إنها مع ذلك فكرة غامضة، لكنها فكرة أساسية. وبالتالي، إنكم ترون هنا اندماج العلة والجوهر واختلاطهما. لتصبح الطبيعة في الآن الواحد وحدة وكلا.
إن فكرة العلة المحايثة هي من أقدم الأفكار التي نصادفها عند سبينوزا، مادمنا نجدها ليس في الرسالة القصيرة فحسب، وهو عمل سبينوزا الأول، بل إننا نعثر عليها أيضا في الحوارات التي أدمجت في الرسالة القصيرة. هناك ضمن الرسالة القصيرة، حوارات عديدة، وهي بدون شك، من أقدم النصوص التي نعرف لسبينوزا. ونعثر على نظرية العلة المحايثة هاته في القضية من كتاب الإيتيقا، الكتاب الأول، معلنة "أن الله علة محايثة وليس علة متعدية لكل شيء". وبعبارة أخرى، الله علة كل شيء. لكن اله لا ينتج شيئا خارج ذاته، وليست معلولاته متميزة عنه؛ إنها، أحوال جوهره. إنه إذن ليس صانع الطبيعة؛ إنه الطبيعة. الله أو الطبيعة Deus sive Natura، كما يقول سبينوزا.
لقد كانت الطبيعة الديكارتية متوقفة على إله يظل خارجها، إله يمدها، لحظة بعد لحظة، بحركته وبوجوده. ستصبح الطبيعة عند سبينوزا على العكس من ذلك علة ذاتها، وعلة كل الأشياء. ستصبح قبل كل شيء تلقائية، ومبدأ فعالا للتبلور.
يجب الذهاب إلى أبعد من ذلك. إن هذه الخاصية التلقائية المطلقة لن يجعلها سبينوزا خاصة بالجوهر وحده. ستصبح لصفات الجوهر، لكل صفة من صفات الجوهر. إن الجوهر، الذي هو جوهر فريد، له ما يتناهى من الصفات، وأن هذه الصفات لا متناهية في جنسها، في حين أن الله لا متناهي في كل الأجناس. والصفتان اللتان لنا معرفة بهما هما الامتداد والفكر.
7
👍1
وبالتالي، فالصفة السبينوزية موجودة بذاتها. إنها علة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، إنها علة أولى بشكل مطلق، وهي لا تكون أبدا معلولا. إنها ليست معلول الجوهر. إنها تعبر عن الجوهر لكنها ليست معلولا له.
ذلك، أولا، هو حال الامتداد. الامتداد، عند ديكارت، في عطالة. إن الله هو الذي يخلقه، لحظة بعد لحظة، ويمده بالحركة . أما عند سبينوزا، كل الأجسام أحوال للامتداد. والامتداد نفسه صفة للجوهر، غير أن هذه الصفة نفسها تعبر عن الجوهر. إنها لا متناهية. إنها موجودة بذاتها. وهي تشمل مبدأ كل ما يحدث فيها، إنها منبع لا محدد للتغيرات وللأفعال. بل يمكن القول تقريبا، إنها إله، وهي على كل حال موجودة في الله.
ماذا سيصبح الفكر إذن؟ أيجب الاعتقاد أن الذهن -مادام أنه موضوع أمام طبيعة فزيائية كافية إلى هذا الحد، وذاتية الاكتفاء- لم يعد له من دور سوى فهم هذه الطبيعة والالتحاق بها بملاحظة الأحداث التي تجتمع فيها ملاحظة سلبية؟ بل العكس. فمثلما أن هناك تلقائية فزيائية للامتداد، هناك تلقائية عقلية للفكر، الذي، هو أيضا، صفة إلهية. وهذا ما يميّز سبينوزا عن كل الفلاسفة الآخرين حيث أن سبينوزا يسند هذه التلقائية، ليس فقط إلى الفكر الذي هو صفة الله، بل وكذلك إلى الفهم المتناهي؛ ليس إلى الفكر وحده، وليس إلى الفهم الإلهي فحسب، لأن هناك أيضا فهماً إلهياً، بل وإلى كل الأفهام، حتى وإن كانت أفهاما متناهية.
الدولة والحرية:
رفض اسبينوزا التمييز بين العقل والإرادة ومن ثم نفي الحرية التي تفترضها الإرادة ومن ثم نفى الحرية التي تفترضها الإرادة هذه وهذا عند كل من الله والإنسان. وهكذا قضى اسبينوزا على الحرية التي هي محرّك الشك الجذري وعلى استقلالية "الأنا أفكر".
تدهش عندما تقارن النتيجه التي توصل اليها سبينوزا مع بدايات الفلسفة السياسية في اوروبا بالنتيجه الى وصلت اليها في ذروتها مع هيجل، فكما يعتبر هيجل ان غايه التاريخ هي الحرية وما عدا ذلك باطل الاباطيل وقبض الريح واضعا فلاسفه التاريخ وافكارهم وصراعاتهم تروسا في ماكينه من تصميمه لانتاج الحريه وفقط الحريه، كذلك اعتبر سبينوزا قبل قرون ان غاية الدولة هي الحرية وفقط الحرية .
فالدولة كاملة بنظر سبينوزا (وهي ايضا نقطه مفترضه في التاريخ حيث ان الدولة بالنسبه الى الفرد لدى سبينوزا هي كالعقل بالنسبه للعاطفة لدى الانسان وكما انه لا يوجد عقل كامل فلا توجد كذلك دولة كاملة) هي تلك الدولة التي لن تحد من حريات او حقوق او قوى مواطنيها الى عندما تكون تلك الحريات او الحقوق او القوى مدمره بشكل متبادل بين الافراد كحريه السرقه عند اشتهاء مقتنى الاخر مثلا او القتل عند الغضب، وهي لن تحرم اي حريه الا لتضيف حريات اوسع فتحريم القتل عند الغضب مثلا يعطي بالمقابل حريات او حقوق للناس بان تعيش بامان وهكذا دواليك.
8
ذلك، أولا، هو حال الامتداد. الامتداد، عند ديكارت، في عطالة. إن الله هو الذي يخلقه، لحظة بعد لحظة، ويمده بالحركة . أما عند سبينوزا، كل الأجسام أحوال للامتداد. والامتداد نفسه صفة للجوهر، غير أن هذه الصفة نفسها تعبر عن الجوهر. إنها لا متناهية. إنها موجودة بذاتها. وهي تشمل مبدأ كل ما يحدث فيها، إنها منبع لا محدد للتغيرات وللأفعال. بل يمكن القول تقريبا، إنها إله، وهي على كل حال موجودة في الله.
ماذا سيصبح الفكر إذن؟ أيجب الاعتقاد أن الذهن -مادام أنه موضوع أمام طبيعة فزيائية كافية إلى هذا الحد، وذاتية الاكتفاء- لم يعد له من دور سوى فهم هذه الطبيعة والالتحاق بها بملاحظة الأحداث التي تجتمع فيها ملاحظة سلبية؟ بل العكس. فمثلما أن هناك تلقائية فزيائية للامتداد، هناك تلقائية عقلية للفكر، الذي، هو أيضا، صفة إلهية. وهذا ما يميّز سبينوزا عن كل الفلاسفة الآخرين حيث أن سبينوزا يسند هذه التلقائية، ليس فقط إلى الفكر الذي هو صفة الله، بل وكذلك إلى الفهم المتناهي؛ ليس إلى الفكر وحده، وليس إلى الفهم الإلهي فحسب، لأن هناك أيضا فهماً إلهياً، بل وإلى كل الأفهام، حتى وإن كانت أفهاما متناهية.
الدولة والحرية:
رفض اسبينوزا التمييز بين العقل والإرادة ومن ثم نفي الحرية التي تفترضها الإرادة ومن ثم نفى الحرية التي تفترضها الإرادة هذه وهذا عند كل من الله والإنسان. وهكذا قضى اسبينوزا على الحرية التي هي محرّك الشك الجذري وعلى استقلالية "الأنا أفكر".
تدهش عندما تقارن النتيجه التي توصل اليها سبينوزا مع بدايات الفلسفة السياسية في اوروبا بالنتيجه الى وصلت اليها في ذروتها مع هيجل، فكما يعتبر هيجل ان غايه التاريخ هي الحرية وما عدا ذلك باطل الاباطيل وقبض الريح واضعا فلاسفه التاريخ وافكارهم وصراعاتهم تروسا في ماكينه من تصميمه لانتاج الحريه وفقط الحريه، كذلك اعتبر سبينوزا قبل قرون ان غاية الدولة هي الحرية وفقط الحرية .
فالدولة كاملة بنظر سبينوزا (وهي ايضا نقطه مفترضه في التاريخ حيث ان الدولة بالنسبه الى الفرد لدى سبينوزا هي كالعقل بالنسبه للعاطفة لدى الانسان وكما انه لا يوجد عقل كامل فلا توجد كذلك دولة كاملة) هي تلك الدولة التي لن تحد من حريات او حقوق او قوى مواطنيها الى عندما تكون تلك الحريات او الحقوق او القوى مدمره بشكل متبادل بين الافراد كحريه السرقه عند اشتهاء مقتنى الاخر مثلا او القتل عند الغضب، وهي لن تحرم اي حريه الا لتضيف حريات اوسع فتحريم القتل عند الغضب مثلا يعطي بالمقابل حريات او حقوق للناس بان تعيش بامان وهكذا دواليك.
8
👍1
ان غاية الدولة النهائية لا تتمثل بالسيطره على الناس وتخويفهم وارهابهم بل عل العكس ان غايتها تحريرهم من الخوف ليعملوا بأمن واطمئنان حتى تتحرر طاقاتهم، فغاية المجموع بالأساس وانطلاقاً من الفرضية الأساسية الا وهي دولة الطبيعة او الغابة اتاحه فرصة للنماء والتطور للنوع لم تكن لتتوفر للناس اذا عاشو فرادى وبما ان النماء والتطور غير ممكن الا في ظل اجواء الحريه فإن غاية الدولة واقعاً وفعلاً هي الحرية.
تظر هنا عبقريه الرجل واضحه في عرض سابق لعصره على ما يصطلح على تسميته بالكلمه النهائيه في علم السياسه وعلم الاخلاق ايضاً الا وهي: كيف نحد من شهواتنا وعواطفنا وغرائزنا في ضوء تجربتنا، كما يظهر لنا الفرق واضحاً بين النظام المدني والنظام الديني الذي يحد من الشهوه والغريزه والعاطفه في ضوء وحي الهي كُموني.
الخاتمه
إن سبينوزا يعتبر الأكثر الحاداً بل والأكثر اقناعاً في الحاده بالرغم من أنه لم يطرح أفكاراً مضادة بشكل صريح للإيمان. فهو لا يتطرق في أفكاره إلى رأيه الشخصي بمسألة وجود الله، أو كيفية نشأة الخليقة، أو مصير الروح بعد الموت. ولكنه في ذات الوقت لا يحاول تعديل أفكاره لكي تتناسب مع الأفكار الشائعة في عصره. إنه يقدم تصوراً جديداً يصدم العقول في طبيعة الإيمان ودوره. في الواقع إنه يتناول الكتاب المقدس ويتبنّى قناعة المؤمنين في الوحي الإلهي، ولكنه يفعل ذلك لكي يوضح لهم مضمون هذا الوحي ومدلوله الحقيقي. وهو بذلك يحاول تنظيف الإيمان عن طريق قصقصة أجنحته اليابسة أو المتخشبة: أي عن طريق إزالة الخرافات والعقائد الدوغمائية المتحجرة منه.
وهكذا فبواسطة المنهج الرياضي وبه وحده سيتمكن اسبينوزا من تأسيس الأصالة العميقة. وسيستطيع هذا المذهب من اخراج عصر النهضة من الالتباس الصوفي الذي ينتمي اليه. إن الأمر الذي سيمكن سبينوزا من إعطاء النشاط الروحي معنى عقليا ومضبوطا، والأمر الذي سيسمح له بالتفكير في الطبيعة بإبعاد كل ضباب غائي عنها، هو المنهج الرياضي، والمنهج الرياضي وحده.
هكذا يكون سبينوزا قد نفى كل غائية داخل الطبيعة، وبالتالي إلى نفي كل تصور لإله منفصل، لكل إله متعال عن الطبيعة. وبواسطة الرياضيات وحدها سيسمح بتأسيس تصور طبيعي وعقلاني جديد، لأنها هي التي تبين كيف أن الذهن يستطيع، بمجرد قوته، وبدون أي بعد سلبي، وبدون الإحالة على أي شيء يكون خارج ذاته، أن يبني أفكاره بحرية.
9
تظر هنا عبقريه الرجل واضحه في عرض سابق لعصره على ما يصطلح على تسميته بالكلمه النهائيه في علم السياسه وعلم الاخلاق ايضاً الا وهي: كيف نحد من شهواتنا وعواطفنا وغرائزنا في ضوء تجربتنا، كما يظهر لنا الفرق واضحاً بين النظام المدني والنظام الديني الذي يحد من الشهوه والغريزه والعاطفه في ضوء وحي الهي كُموني.
الخاتمه
إن سبينوزا يعتبر الأكثر الحاداً بل والأكثر اقناعاً في الحاده بالرغم من أنه لم يطرح أفكاراً مضادة بشكل صريح للإيمان. فهو لا يتطرق في أفكاره إلى رأيه الشخصي بمسألة وجود الله، أو كيفية نشأة الخليقة، أو مصير الروح بعد الموت. ولكنه في ذات الوقت لا يحاول تعديل أفكاره لكي تتناسب مع الأفكار الشائعة في عصره. إنه يقدم تصوراً جديداً يصدم العقول في طبيعة الإيمان ودوره. في الواقع إنه يتناول الكتاب المقدس ويتبنّى قناعة المؤمنين في الوحي الإلهي، ولكنه يفعل ذلك لكي يوضح لهم مضمون هذا الوحي ومدلوله الحقيقي. وهو بذلك يحاول تنظيف الإيمان عن طريق قصقصة أجنحته اليابسة أو المتخشبة: أي عن طريق إزالة الخرافات والعقائد الدوغمائية المتحجرة منه.
وهكذا فبواسطة المنهج الرياضي وبه وحده سيتمكن اسبينوزا من تأسيس الأصالة العميقة. وسيستطيع هذا المذهب من اخراج عصر النهضة من الالتباس الصوفي الذي ينتمي اليه. إن الأمر الذي سيمكن سبينوزا من إعطاء النشاط الروحي معنى عقليا ومضبوطا، والأمر الذي سيسمح له بالتفكير في الطبيعة بإبعاد كل ضباب غائي عنها، هو المنهج الرياضي، والمنهج الرياضي وحده.
هكذا يكون سبينوزا قد نفى كل غائية داخل الطبيعة، وبالتالي إلى نفي كل تصور لإله منفصل، لكل إله متعال عن الطبيعة. وبواسطة الرياضيات وحدها سيسمح بتأسيس تصور طبيعي وعقلاني جديد، لأنها هي التي تبين كيف أن الذهن يستطيع، بمجرد قوته، وبدون أي بعد سلبي، وبدون الإحالة على أي شيء يكون خارج ذاته، أن يبني أفكاره بحرية.
9
تتميز النظرية السبينوزية :
هو أن الحقيقة هي طابع نفسها. يتعلق الأمر بالمقولة الشهيرة: verum index sui.. "إن من لديه فكرة صادقة، يعرف في الوقت ذاته أن لديه فكرة صادقة، ولا يمكنه الشك في ذلك".
وأخيرا يجب الملاحظة، أن سبينوزا بإحلاله داخل تعريفه للحقيقة، تسمية داخلية محل تسمية خارجية، لم يول ظهره أبدا للخاصية الكلاسيكية للفكرة الحقيقية التي يجب أن توافق موضوعها. إنه لا يحدد الحقيقة بمقتضى التوافق مع موضوعها، غير أنه يعتقد مع ذلك أن الحق يوافق موضوعه. إن الفلسفة السبينوزية ليست فلسفة مثالية. يعتقد سبينوزا أن هناك أشياء خارج الذهن. وإذا استطاع الفكر، هناك أيضاً، بالاعتماد على ذاته، وبدون الإحالة على شيء، أن يكون صادقاً، فذلك لأن هناك، كما يقول سبينوزا، تطابقاً بين نظام الفكر ونظام الواقع. بحيث أنه بتوليده للأفكار وفق النظام الضروري، يعيد الفكر إنتاج نظام الأشياء واقترانها، أو بشكل أكثر دقة، ومن أجل استعمال نفس الصيغة التي يستعملها سبينوزا، إن نظام الأشياء واقترانها ليسا إلا نفس النظام الواحد، وهما ليسا إلا نفس الشيء الواحد: هما نفس، يقول سبينوزا.
وهكذا، أن النظرية السبينوزية للحقيقة - التي تثبت أن الحقيقة هي خاصية الحكم الحر، وغير المتعلقة إلا بالذهن، إلا بحكم بديهي، حكم خاص بالذهن الواعي بالحقيقة التي يثبتها، وغير المتعلقة أخيرا إلا بالحكم الموافق للواقع- هي نظرية تحيل بكل مواضيعها الأساسية، على أصلين مرجعيين. إنها تحيل، من جهة، على التصور الرياضي؛ وتحيل، من جهة أخرى، على نظرية للطبيعة التي يبدو أنها كانت موجودة قبل هذا التصور الرياضي نفسه.
المراجع:
- اسبينوزا، باروخ، علم الإخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب للنشر، تونس.
- اسبينوزا، باروخ، رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة حسن حنفي، دار التنوير، بيروت، 2005.
- ساسين، فارس، محاضرات جامعية ألقيت في الجامعة اللبنانية – كلية الآداب – الفرع الرابع، 2009-2010.
- فردنان، ألكيي، محاضرات جامعية، مترجم بواسطة الاستاذ أحمد العلمي بعنوان: (الطبيعة والحقيقة في فلسفة سبينوزا).
- الموسوعه الفلسفيه - عبدالرحمن بدوي.
- بعض المواقع الفكريه و المنتديات في الانترنت.
11
الفيلسوف الجديد
هو أن الحقيقة هي طابع نفسها. يتعلق الأمر بالمقولة الشهيرة: verum index sui.. "إن من لديه فكرة صادقة، يعرف في الوقت ذاته أن لديه فكرة صادقة، ولا يمكنه الشك في ذلك".
وأخيرا يجب الملاحظة، أن سبينوزا بإحلاله داخل تعريفه للحقيقة، تسمية داخلية محل تسمية خارجية، لم يول ظهره أبدا للخاصية الكلاسيكية للفكرة الحقيقية التي يجب أن توافق موضوعها. إنه لا يحدد الحقيقة بمقتضى التوافق مع موضوعها، غير أنه يعتقد مع ذلك أن الحق يوافق موضوعه. إن الفلسفة السبينوزية ليست فلسفة مثالية. يعتقد سبينوزا أن هناك أشياء خارج الذهن. وإذا استطاع الفكر، هناك أيضاً، بالاعتماد على ذاته، وبدون الإحالة على شيء، أن يكون صادقاً، فذلك لأن هناك، كما يقول سبينوزا، تطابقاً بين نظام الفكر ونظام الواقع. بحيث أنه بتوليده للأفكار وفق النظام الضروري، يعيد الفكر إنتاج نظام الأشياء واقترانها، أو بشكل أكثر دقة، ومن أجل استعمال نفس الصيغة التي يستعملها سبينوزا، إن نظام الأشياء واقترانها ليسا إلا نفس النظام الواحد، وهما ليسا إلا نفس الشيء الواحد: هما نفس، يقول سبينوزا.
وهكذا، أن النظرية السبينوزية للحقيقة - التي تثبت أن الحقيقة هي خاصية الحكم الحر، وغير المتعلقة إلا بالذهن، إلا بحكم بديهي، حكم خاص بالذهن الواعي بالحقيقة التي يثبتها، وغير المتعلقة أخيرا إلا بالحكم الموافق للواقع- هي نظرية تحيل بكل مواضيعها الأساسية، على أصلين مرجعيين. إنها تحيل، من جهة، على التصور الرياضي؛ وتحيل، من جهة أخرى، على نظرية للطبيعة التي يبدو أنها كانت موجودة قبل هذا التصور الرياضي نفسه.
المراجع:
- اسبينوزا، باروخ، علم الإخلاق، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب للنشر، تونس.
- اسبينوزا، باروخ، رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة حسن حنفي، دار التنوير، بيروت، 2005.
- ساسين، فارس، محاضرات جامعية ألقيت في الجامعة اللبنانية – كلية الآداب – الفرع الرابع، 2009-2010.
- فردنان، ألكيي، محاضرات جامعية، مترجم بواسطة الاستاذ أحمد العلمي بعنوان: (الطبيعة والحقيقة في فلسفة سبينوزا).
- الموسوعه الفلسفيه - عبدالرحمن بدوي.
- بعض المواقع الفكريه و المنتديات في الانترنت.
11
الفيلسوف الجديد
لوكريتيوس (Lucretius) (نحو 98 ـ 55 ق.م)
تيتوس لوكريتيوس كاروس Titus Lucretius Carus أحد كبار الشعراء الرومان وشعراء الفلسفة الأبيقورية. لايُعرف عن حياته إلا النزر اليسير، كما تضاربت الآراء حيال الروايات التي وصلت عنه. يُستدل من اسمه أنه كان ينتمي إلى أسرة رومانية من الطبقة الأرستقراطية، لكن بعض الباحثين يشككون في نسبته إليها على غير وجه حق. تلقى تعليمه - على الأرجح - على يد الفيلسوف والشاعر فيلوديموس Philodemos من غدارا (إحدى مدن الديكابوليس في جنوبي سورية)، الذي أسس مدرسة للفلسفة الرواقية في نابولي تتلمذ فيها الشاعر فرجيليوس[ر]. كان صديقاً للخطيب والقاضي مميوس C.Memmius الذي كان نصيراً وراعياً للأدباء والشعراء وكان كاتولوس [ر] Catullus أحدهم، وقد أهداه ديوانه الشعري. ويذكر أحد كتاب سيرته من عصر النهضة أنه كان صديقاً لأتيكوس وشيشرون [ر] وكاسيوس وبروتوس.
ترك لوكريتيوس قصيدة طويلة يتيمة أعطاها عنواناً فلسفياً هو «في طبيعة الأشياء» De Rerum Natura، كانت ديوان شعره الوحيد الذي نشره شيشرون بعد وفاته، وهو يقع في ستة كتب يشرح فيها فلسفة أبيقور [ر] ونظريته المادية الذرية في نشأة الكون العائدة إلى الفيلسوف الطبيعي ديموقريطس [ر]، ويحاول أن يبين أن كل شيء في العالم ينشأ ويزول حسب قوانين أبدية، وأنه لايوجد تأثير لقوى ما بعد الطبيعة، ولاحياة بعد الموت؛ وبالتالي فعلى الإنسانية أن تتحرر من الخوف من الآلهة ومن عذاب بعد الموت. هاجم الاعتقادات السائدة حول تدخل الآلهة في حياة البشر ولامس نظرية أبيقور الأخلاقية حول كون اللذة Voluptas (وبالإغريقية Vedome) هي غاية الوجود. ويستهل لوكريتيوس قصيدته بالتوجه إلى فينوس [ر] ربة الحب والجمال والخصب بوصفها مصدر الإبداع والإلهام، ثم يتحدث عن خلود المادة ويختم بالقول إن الكون وما فيه والذرات والفضاء كلها لامتناهية. يتغنى في الكتاب الثاني من القصيدة بأفضال الفلسفة ومسراتها، ويعالج الكتاب الثالث مسألة الروح وعلاقتها بالجسد وفناءها بعد الموت. أما الكتاب الرابع فيهدف إلى تحرير البشرية من الأوهام والخزعبلات، ويعالج سيكولوجية الحس والفكر. ويعزز الكتاب الخامس الظواهر الطبيعية وتكوّن العالم وخلق الإنسان ومراحل تطوره. ويفتتح الكتاب السادس والأخير بالثناء مجدداً على معلمه أبيقور الإلهي، ثم يتناول بعض الظاهرات الطبيعية في الأرض والسماء وتنتهي القصيدة بوصف الطاعون الذي أصاب أثينا. لقد أراد لوكريتيوس أن يقنع مميوس - الذي أهدى إليه مؤلفه هذا - بالفلسفة الأبيقورية وسيلة للتحرر من الخوف. ومع أن دعوته الأبيقورية تنصبّ على الخلاص الفردي، فإنه يرى أن لاوجود للسعادة والطمأنينة في هذه الحياة ما لم يخضع الإنسان لسيادة القانون. وهكذا نراه يشكو أهوال الحرب الأهلية وشرورها.
حرص لوكريتيوس على إثراء قصيدته بضرب كثير من الأمثلة واستخدام التشبيهات والاستعارات المستمدة من ملاحظة دقيقة واعية للعالم. و يجمع أسلوبه بين الموروث الملحمي اللاتيني ولغة العلم السائدة في عصره، إلا أنه يدين لإنيوس [ر] Ennius والشعراء الرومان القدامى أكثر منه للمعاصرين من أتباع مدرسة الإسكندرية. وهو يستخدم الجناس والسجع وتراكيب ومفردات قديمة ويشكو من فقر اللغة اللاتينية، ولا يتردد في ابتكار كلمات جديدة كلما اضطره السياق إلى ذلك. ولا ينكر أحد على لوكريتيوس براعته في شرح النظرية الذرية شعراً. وتتسم أبياته بالجزالة وعمق الإحساس مما جعل بعض النقاد يضعونه في الصف الأول من شعراء روما إلى جانب فرجيليوس أو حتى قبله.
كان لوكريتيوس أبيقورياً مخلصاً نذر نفسه وموهبته لهذه القصيدة الفلسفية التي تعد درة فريدة في الأدب اللاتيني. كان شاعراً بالفطرة ووجد ضالته في الأبيقورية التي اتخذها عقيدة دافع عنها بحماس شديد، واستطاع أن يجعل من المادة الفلسفية الجافة قصيدة ممتعة وآية في الشعر الفني وإحدى القصائد التعليمية النادرة في العالم القديم، وصلت بالأدب اللاتيني إلى ذرى المجد، وجعلت من صاحبها أحد الأدباء الكلاسيكيين الكبار. كان ڤولتير [ر] يقرأ في «طبيعة الأشياء» بخشوع، ويقول كما قال الشاعر الروماني أوڤيد[ر] قبله «إن ما فيها من أبيات ثورية سيبقى ما بقيت الأرض». وقد صدر هذا العمل الشعري الكبير في طبعات علمية محققة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وتُرجم شعراً ونثراً إلى معظم اللغات الحديثة الحية، وصدر عنه كثير من الدراسات الأدبية والفلسفية، وكل هذا يؤكد المكانة السامية التي تبوأها شعره في التراث الإنساني
@Newphilosopher
الفيلسوف الجديد
تيتوس لوكريتيوس كاروس Titus Lucretius Carus أحد كبار الشعراء الرومان وشعراء الفلسفة الأبيقورية. لايُعرف عن حياته إلا النزر اليسير، كما تضاربت الآراء حيال الروايات التي وصلت عنه. يُستدل من اسمه أنه كان ينتمي إلى أسرة رومانية من الطبقة الأرستقراطية، لكن بعض الباحثين يشككون في نسبته إليها على غير وجه حق. تلقى تعليمه - على الأرجح - على يد الفيلسوف والشاعر فيلوديموس Philodemos من غدارا (إحدى مدن الديكابوليس في جنوبي سورية)، الذي أسس مدرسة للفلسفة الرواقية في نابولي تتلمذ فيها الشاعر فرجيليوس[ر]. كان صديقاً للخطيب والقاضي مميوس C.Memmius الذي كان نصيراً وراعياً للأدباء والشعراء وكان كاتولوس [ر] Catullus أحدهم، وقد أهداه ديوانه الشعري. ويذكر أحد كتاب سيرته من عصر النهضة أنه كان صديقاً لأتيكوس وشيشرون [ر] وكاسيوس وبروتوس.
ترك لوكريتيوس قصيدة طويلة يتيمة أعطاها عنواناً فلسفياً هو «في طبيعة الأشياء» De Rerum Natura، كانت ديوان شعره الوحيد الذي نشره شيشرون بعد وفاته، وهو يقع في ستة كتب يشرح فيها فلسفة أبيقور [ر] ونظريته المادية الذرية في نشأة الكون العائدة إلى الفيلسوف الطبيعي ديموقريطس [ر]، ويحاول أن يبين أن كل شيء في العالم ينشأ ويزول حسب قوانين أبدية، وأنه لايوجد تأثير لقوى ما بعد الطبيعة، ولاحياة بعد الموت؛ وبالتالي فعلى الإنسانية أن تتحرر من الخوف من الآلهة ومن عذاب بعد الموت. هاجم الاعتقادات السائدة حول تدخل الآلهة في حياة البشر ولامس نظرية أبيقور الأخلاقية حول كون اللذة Voluptas (وبالإغريقية Vedome) هي غاية الوجود. ويستهل لوكريتيوس قصيدته بالتوجه إلى فينوس [ر] ربة الحب والجمال والخصب بوصفها مصدر الإبداع والإلهام، ثم يتحدث عن خلود المادة ويختم بالقول إن الكون وما فيه والذرات والفضاء كلها لامتناهية. يتغنى في الكتاب الثاني من القصيدة بأفضال الفلسفة ومسراتها، ويعالج الكتاب الثالث مسألة الروح وعلاقتها بالجسد وفناءها بعد الموت. أما الكتاب الرابع فيهدف إلى تحرير البشرية من الأوهام والخزعبلات، ويعالج سيكولوجية الحس والفكر. ويعزز الكتاب الخامس الظواهر الطبيعية وتكوّن العالم وخلق الإنسان ومراحل تطوره. ويفتتح الكتاب السادس والأخير بالثناء مجدداً على معلمه أبيقور الإلهي، ثم يتناول بعض الظاهرات الطبيعية في الأرض والسماء وتنتهي القصيدة بوصف الطاعون الذي أصاب أثينا. لقد أراد لوكريتيوس أن يقنع مميوس - الذي أهدى إليه مؤلفه هذا - بالفلسفة الأبيقورية وسيلة للتحرر من الخوف. ومع أن دعوته الأبيقورية تنصبّ على الخلاص الفردي، فإنه يرى أن لاوجود للسعادة والطمأنينة في هذه الحياة ما لم يخضع الإنسان لسيادة القانون. وهكذا نراه يشكو أهوال الحرب الأهلية وشرورها.
حرص لوكريتيوس على إثراء قصيدته بضرب كثير من الأمثلة واستخدام التشبيهات والاستعارات المستمدة من ملاحظة دقيقة واعية للعالم. و يجمع أسلوبه بين الموروث الملحمي اللاتيني ولغة العلم السائدة في عصره، إلا أنه يدين لإنيوس [ر] Ennius والشعراء الرومان القدامى أكثر منه للمعاصرين من أتباع مدرسة الإسكندرية. وهو يستخدم الجناس والسجع وتراكيب ومفردات قديمة ويشكو من فقر اللغة اللاتينية، ولا يتردد في ابتكار كلمات جديدة كلما اضطره السياق إلى ذلك. ولا ينكر أحد على لوكريتيوس براعته في شرح النظرية الذرية شعراً. وتتسم أبياته بالجزالة وعمق الإحساس مما جعل بعض النقاد يضعونه في الصف الأول من شعراء روما إلى جانب فرجيليوس أو حتى قبله.
كان لوكريتيوس أبيقورياً مخلصاً نذر نفسه وموهبته لهذه القصيدة الفلسفية التي تعد درة فريدة في الأدب اللاتيني. كان شاعراً بالفطرة ووجد ضالته في الأبيقورية التي اتخذها عقيدة دافع عنها بحماس شديد، واستطاع أن يجعل من المادة الفلسفية الجافة قصيدة ممتعة وآية في الشعر الفني وإحدى القصائد التعليمية النادرة في العالم القديم، وصلت بالأدب اللاتيني إلى ذرى المجد، وجعلت من صاحبها أحد الأدباء الكلاسيكيين الكبار. كان ڤولتير [ر] يقرأ في «طبيعة الأشياء» بخشوع، ويقول كما قال الشاعر الروماني أوڤيد[ر] قبله «إن ما فيها من أبيات ثورية سيبقى ما بقيت الأرض». وقد صدر هذا العمل الشعري الكبير في طبعات علمية محققة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وتُرجم شعراً ونثراً إلى معظم اللغات الحديثة الحية، وصدر عنه كثير من الدراسات الأدبية والفلسفية، وكل هذا يؤكد المكانة السامية التي تبوأها شعره في التراث الإنساني
@Newphilosopher
الفيلسوف الجديد
المثقفون والسلطة، مقابلة ميشيل فوكو مع جيل دولوز
ميشيل فوكو:
قال لي ماو: "سارتر ، أنا أفهم جيدًا لماذا هو معنا ، ولماذا يلعب السياسة وبأي معنى يفعل ذلك ؛ أنت ، إذا لزم الأمر ، أفهم قليلاً ، لطالما كنت تطرح مشكلة الحجز. لكن دولوز ، حقا ، أنا لا أفهم." أدهشني هذا السؤال بشكل كبير ، لأنه يبدو واضحًا جدًا بالنسبة لي.
جيل دولوز:
ربما أننا نعيش بطريقة جديدة في علاقات الممارسة النظرية. في بعض الأحيان تصورنا الممارسة كتطبيق للنظرية ، ونتيجة لذلك ، في بعض الأحيان ، على العكس من ذلك ، كضرورة إلهام النظرية ، باعتبارها نفسها مبدعة لشكل من أشكال النظرية القادمة. على أي حال ، تم تصور علاقاتهم في شكل عملية تجميع ، بطريقة أو بأخرى. ربما بالنسبة لنا ، يتم طرح السؤال بشكل مختلف. العلاقات بين النظرية والممارسة أكثر جزئية ومجزأة. من ناحية ، تكون النظرية دائمًا محلية ، وتتعلق بمجال صغير ، ويمكن أن يكون لها تطبيق في مجال آخر ، بشكل أو بآخر. تقرير التطبيق لا يتشابه أبداً. من ناحية أخرى ، بمجرد أن تغرق النظرية في مجالها الخاص ، فإنها تؤدي إلى عقبات وجدران واشتباكات تجعل من الضروري أن يتم نقلها بنوع آخر من الخطاب (هذا النوع الآخر الذي الانتقال في النهاية إلى مجال مختلف). الممارسة هي مجموعة من التبديلات من نقطة نظرية إلى أخرى ، والنظرية ، تتابع من ممارسة إلى أخرى. لا يمكن لأي نظرية أن تتطور دون مواجهة نوع من الجدار ، ويستغرق الأمر اختراق الجدار. على سبيل المثال ، لقد بدأت بالتحليل النظري لبيئة من الحبس مثل اللجوء النفسي في القرن التاسع عشر في المجتمع الرأسمالي. ثم تأتي إلى الحاجة للأشخاص الذين تم حبسهم بدقة للتحدث عن أنفسهم ، ليكونوا بمثابة تتابع (أو ، على العكس من ذلك ، أنت كنت بالفعل تتابع فيما يتعلق بهم) ، وهؤلاء الناس موجودون في السجون ، هم في السجون. عندما نظمت مجموعة معلومات السجون ، كان هذا على أساس: تهيئة الظروف التي يمكن للسجناء التحدث فيها بأنفسهم. سيكون من الخطأ تمامًا أن نقول ، كما بدا أن ماو يقول ، أنك ستمرن من خلال تطبيق نظرياتك. لم يكن هناك تطبيق ، ولا مشروع إصلاح ، ولا تحقيق بالمعنى التقليدي. كان هناك شيء آخر تمامًا: نظام التبديلات بشكل عام ، في تعدد الأجزاء والقطع في نفس الوقت النظري والعملي. بالنسبة لنا ، لم يعد المنظر الفكري موضوعًا أو ممثلًا أو وعيًا تمثيليًا. أولئك الذين يتصرفون والذين يقاتلون توقفوا عن التمثيل ، حتى من قبل حزب ، النقابة التي بدورها ستطالب بالحق في ضميرهم. من يتكلم ومن يتصرف؟ إنه دائمًا تعددية ، حتى في الشخص الذي يتحدث أو يتصرف. نحن جميعا مجموعات صغيرة. لم يعد هناك أي تمثيل ، هناك فقط عمل ، عمل نظري ، عمل الممارسة في علاقات التتابع أو الشبكة.
1
ميشيل فوكو:
قال لي ماو: "سارتر ، أنا أفهم جيدًا لماذا هو معنا ، ولماذا يلعب السياسة وبأي معنى يفعل ذلك ؛ أنت ، إذا لزم الأمر ، أفهم قليلاً ، لطالما كنت تطرح مشكلة الحجز. لكن دولوز ، حقا ، أنا لا أفهم." أدهشني هذا السؤال بشكل كبير ، لأنه يبدو واضحًا جدًا بالنسبة لي.
جيل دولوز:
ربما أننا نعيش بطريقة جديدة في علاقات الممارسة النظرية. في بعض الأحيان تصورنا الممارسة كتطبيق للنظرية ، ونتيجة لذلك ، في بعض الأحيان ، على العكس من ذلك ، كضرورة إلهام النظرية ، باعتبارها نفسها مبدعة لشكل من أشكال النظرية القادمة. على أي حال ، تم تصور علاقاتهم في شكل عملية تجميع ، بطريقة أو بأخرى. ربما بالنسبة لنا ، يتم طرح السؤال بشكل مختلف. العلاقات بين النظرية والممارسة أكثر جزئية ومجزأة. من ناحية ، تكون النظرية دائمًا محلية ، وتتعلق بمجال صغير ، ويمكن أن يكون لها تطبيق في مجال آخر ، بشكل أو بآخر. تقرير التطبيق لا يتشابه أبداً. من ناحية أخرى ، بمجرد أن تغرق النظرية في مجالها الخاص ، فإنها تؤدي إلى عقبات وجدران واشتباكات تجعل من الضروري أن يتم نقلها بنوع آخر من الخطاب (هذا النوع الآخر الذي الانتقال في النهاية إلى مجال مختلف). الممارسة هي مجموعة من التبديلات من نقطة نظرية إلى أخرى ، والنظرية ، تتابع من ممارسة إلى أخرى. لا يمكن لأي نظرية أن تتطور دون مواجهة نوع من الجدار ، ويستغرق الأمر اختراق الجدار. على سبيل المثال ، لقد بدأت بالتحليل النظري لبيئة من الحبس مثل اللجوء النفسي في القرن التاسع عشر في المجتمع الرأسمالي. ثم تأتي إلى الحاجة للأشخاص الذين تم حبسهم بدقة للتحدث عن أنفسهم ، ليكونوا بمثابة تتابع (أو ، على العكس من ذلك ، أنت كنت بالفعل تتابع فيما يتعلق بهم) ، وهؤلاء الناس موجودون في السجون ، هم في السجون. عندما نظمت مجموعة معلومات السجون ، كان هذا على أساس: تهيئة الظروف التي يمكن للسجناء التحدث فيها بأنفسهم. سيكون من الخطأ تمامًا أن نقول ، كما بدا أن ماو يقول ، أنك ستمرن من خلال تطبيق نظرياتك. لم يكن هناك تطبيق ، ولا مشروع إصلاح ، ولا تحقيق بالمعنى التقليدي. كان هناك شيء آخر تمامًا: نظام التبديلات بشكل عام ، في تعدد الأجزاء والقطع في نفس الوقت النظري والعملي. بالنسبة لنا ، لم يعد المنظر الفكري موضوعًا أو ممثلًا أو وعيًا تمثيليًا. أولئك الذين يتصرفون والذين يقاتلون توقفوا عن التمثيل ، حتى من قبل حزب ، النقابة التي بدورها ستطالب بالحق في ضميرهم. من يتكلم ومن يتصرف؟ إنه دائمًا تعددية ، حتى في الشخص الذي يتحدث أو يتصرف. نحن جميعا مجموعات صغيرة. لم يعد هناك أي تمثيل ، هناك فقط عمل ، عمل نظري ، عمل الممارسة في علاقات التتابع أو الشبكة.
1
👍1
ميشيل فوكو:
يبدو لي أن تسييس المثقف كان يتم تقليديًا من شيئين: مكانته كمفكر في المجتمع البرجوازي ، في نظام الإنتاج الرأسمالي ، في الأيديولوجية التي ينتجها أو يفرضها (ليتم استغلالها) ، اختزل إلى بؤس ، رفض ، "ملعون" ، متهم بالتخريب ، الفسق ، إلخ.) ؛ خطابه الخاص بقدر ما كشف حقيقة معينة ، أنه اكتشف علاقات سياسية حيث لم يدرك المرء أيًا منها. هذان الشكلان من التسييس لم يكنا غريبين عن بعضهما البعض ، لكنهما لم يتطابقا بالضرورة. كان هناك نوع "الرجيم" ونوع "الاشتراكي". تم الخلط بين هذين التسييسين بسهولة في لحظات معينة من رد الفعل العنيف من جانب السلطة ، بعد عام 1848 ، بعد الكومونة ، بعد عام 1940: تم رفض المفكر ، واضطهاده في نفس اللحظة التي ظهرت فيها "الأشياء" في "حقيقتها" ، عندما لا يقال أن الملك كان عاريا. قال المثقف الحقيقة لأولئك الذين لم يروها بعد وباسم أولئك الذين لم يستطيعوا قولها: الضمير والبلاغة. ما اكتشفه المثقفون منذ الحملة الأخيرة هو أن الجماهير لا تحتاج إليهم أن يعرفوا. إنهم يعرفون بشكل أفضل وواضح أفضل بكثير مما يعرفون ؛ ويقولون ذلك بشكل جيد للغاية. ولكن هناك نظام سلطة يحظر هذا الخطاب وهذه المعرفة ، ويحظرها ، ويبطلها. قوة لا تقتصر فقط على حالات الرقابة العليا ، ولكنها تنغمس بعمق شديد ، وببراعة شديدة في شبكة المجتمع بأكملها. هم أنفسهم ، المثقفون ، هم جزء من نظام القوة هذا ، والفكرة القائلة بأنهم عوامل "الوعي" والكلام هي نفسها جزء من هذا النظام. لم يعد دور المثقف أن يضع نفسه "متقدماً قليلاً أو جانباً قليلاً" ليقول الحقيقة البكم للجميع. بل هو بالأحرى محاربة أشكال القوة حيث يكون الهدف والأداة: في ترتيب "المعرفة" ، "الحقيقة" ، "الضمير" ، " الكلام ". هذا هو السبب في أن النظرية لن تعبر ، تترجم ، تطبق ممارسة ، إنها ممارسة. لكن محلي وإقليمي ، كما تقول: لا يحسب. حارب ضد السلطة ، حارب لجعلها تظهر وابدأها حيث تكون غير مرئية وأكثرها خبثًا. النضال ليس من أجل "الوعي" (لقد مر وقت طويل منذ الوعي حيث اكتسبت الجماهير المعرفة ، والوعي كما هو موضوع ، تحتله البرجوازية) ، ولكن من أجل تقويض واستيلاء على السلطة ، بجانبه ، مع كل أولئك الذين يقاتلون من أجله ، وليس وراء تنويرهم. "النظرية" هي النظام الإقليمي لهذا النضال.
جيل دولوز:
هذا كل ما في الأمر ، نظريًا ، تمامًا مثل صندوق الأدوات. لا علاقة للمؤشر ... يجب أن تستخدم ، يجب أن تعمل. وليس لنفسك. إذا لم يكن هناك أشخاص يستخدمونها ، لتبدأ مع المنظر نفسه الذي توقف بعد ذلك عن كونه المنظر ، فهو أنه لا يستحق شيئًا ، أو أن اللحظة ليست تعال. نحن لا نعود إلى نظرية ، نحن نصنع الآخرين ، لدينا آخرون للقيام به. من الغريب أنه كان مؤلفًا يمر بمفكر نقي ، بروست ، الذي قال ذلك بوضوح: تعامل مع كتابي كزوج موجه نحو الخارج ، حسنًا ، إذا لم تناسبك ، خذ - في الآخرين ، ابحث عن جهازك الخاص الذي هو بالضرورة جهاز قتالي. النظرية ، لا تجمّع ، تتكاثر وتتكاثر. إنها القوة التي تعمل بطبيعتها عمليات التجميع ، وأنت تقول بالضبط: النظرية بطبيعتها ضد السلطة. بمجرد أن تغرق النظرية في مثل هذه النقطة ومثل هذه النقطة ، فإنها تعارض استحالة وجود أقل عواقب عملية ، دون انفجار ، إذا لزم الأمر في نقطة مختلفة تمامًا. ولهذا السبب فإن مفهوم الإصلاح غبي للغاية ونفاقي. فإما أن يتم الإصلاح من قبل أشخاص يدعون أنهم ممثلون ويصرحون بالتحدث باسم الآخرين نيابة عن الآخرين ، وهو ترتيب للسلطة ، وتوزيع للسلطة يقترن بزيادة القمع. فإما أن يكون إصلاحًا يطالب به من يهمه الأمر ، ويتوقف عن الإصلاح ، فهو عمل ثوري مصمم ، من أسفل طابعه الجزئي ، على استجواب كل السلطة وهرميته. ويتضح ذلك في السجون: يكفي طلب السجناء الأصغر والأكثر تواضعا لتفريغ بليفين للإصلاح الزائف. إذا كان الأطفال الصغار قادرين على جعل احتجاجاتهم مسموعة في روضة الأطفال ، أو حتى أسئلتهم ببساطة ، فسيكون ذلك كافياً لإحداث انفجار في النظام التعليمي بأكمله. في الحقيقة ، هذا النظام الذي نعيش فيه لا يمكن أن يتحمل أي شيء: ومن هنا هشاشته الراديكالية في كل نقطة ، وكذلك قوته القمعية العالمية. في رأيي ، كنت أول من علمنا شيئًا أساسيًا ، سواء في كتبك أو في مجال عملي: عدم جدارة التحدث للآخرين. أعني: سخرنا من التمثيل ، وقلنا أنه انتهى ، لكننا لم نستدل على نتيجة هذا التحويل "النظري" ، أي أن النظرية تتطلب أن يتحدث الأشخاص المعنيون عمليًا نيابة عنهم.
2
يبدو لي أن تسييس المثقف كان يتم تقليديًا من شيئين: مكانته كمفكر في المجتمع البرجوازي ، في نظام الإنتاج الرأسمالي ، في الأيديولوجية التي ينتجها أو يفرضها (ليتم استغلالها) ، اختزل إلى بؤس ، رفض ، "ملعون" ، متهم بالتخريب ، الفسق ، إلخ.) ؛ خطابه الخاص بقدر ما كشف حقيقة معينة ، أنه اكتشف علاقات سياسية حيث لم يدرك المرء أيًا منها. هذان الشكلان من التسييس لم يكنا غريبين عن بعضهما البعض ، لكنهما لم يتطابقا بالضرورة. كان هناك نوع "الرجيم" ونوع "الاشتراكي". تم الخلط بين هذين التسييسين بسهولة في لحظات معينة من رد الفعل العنيف من جانب السلطة ، بعد عام 1848 ، بعد الكومونة ، بعد عام 1940: تم رفض المفكر ، واضطهاده في نفس اللحظة التي ظهرت فيها "الأشياء" في "حقيقتها" ، عندما لا يقال أن الملك كان عاريا. قال المثقف الحقيقة لأولئك الذين لم يروها بعد وباسم أولئك الذين لم يستطيعوا قولها: الضمير والبلاغة. ما اكتشفه المثقفون منذ الحملة الأخيرة هو أن الجماهير لا تحتاج إليهم أن يعرفوا. إنهم يعرفون بشكل أفضل وواضح أفضل بكثير مما يعرفون ؛ ويقولون ذلك بشكل جيد للغاية. ولكن هناك نظام سلطة يحظر هذا الخطاب وهذه المعرفة ، ويحظرها ، ويبطلها. قوة لا تقتصر فقط على حالات الرقابة العليا ، ولكنها تنغمس بعمق شديد ، وببراعة شديدة في شبكة المجتمع بأكملها. هم أنفسهم ، المثقفون ، هم جزء من نظام القوة هذا ، والفكرة القائلة بأنهم عوامل "الوعي" والكلام هي نفسها جزء من هذا النظام. لم يعد دور المثقف أن يضع نفسه "متقدماً قليلاً أو جانباً قليلاً" ليقول الحقيقة البكم للجميع. بل هو بالأحرى محاربة أشكال القوة حيث يكون الهدف والأداة: في ترتيب "المعرفة" ، "الحقيقة" ، "الضمير" ، " الكلام ". هذا هو السبب في أن النظرية لن تعبر ، تترجم ، تطبق ممارسة ، إنها ممارسة. لكن محلي وإقليمي ، كما تقول: لا يحسب. حارب ضد السلطة ، حارب لجعلها تظهر وابدأها حيث تكون غير مرئية وأكثرها خبثًا. النضال ليس من أجل "الوعي" (لقد مر وقت طويل منذ الوعي حيث اكتسبت الجماهير المعرفة ، والوعي كما هو موضوع ، تحتله البرجوازية) ، ولكن من أجل تقويض واستيلاء على السلطة ، بجانبه ، مع كل أولئك الذين يقاتلون من أجله ، وليس وراء تنويرهم. "النظرية" هي النظام الإقليمي لهذا النضال.
جيل دولوز:
هذا كل ما في الأمر ، نظريًا ، تمامًا مثل صندوق الأدوات. لا علاقة للمؤشر ... يجب أن تستخدم ، يجب أن تعمل. وليس لنفسك. إذا لم يكن هناك أشخاص يستخدمونها ، لتبدأ مع المنظر نفسه الذي توقف بعد ذلك عن كونه المنظر ، فهو أنه لا يستحق شيئًا ، أو أن اللحظة ليست تعال. نحن لا نعود إلى نظرية ، نحن نصنع الآخرين ، لدينا آخرون للقيام به. من الغريب أنه كان مؤلفًا يمر بمفكر نقي ، بروست ، الذي قال ذلك بوضوح: تعامل مع كتابي كزوج موجه نحو الخارج ، حسنًا ، إذا لم تناسبك ، خذ - في الآخرين ، ابحث عن جهازك الخاص الذي هو بالضرورة جهاز قتالي. النظرية ، لا تجمّع ، تتكاثر وتتكاثر. إنها القوة التي تعمل بطبيعتها عمليات التجميع ، وأنت تقول بالضبط: النظرية بطبيعتها ضد السلطة. بمجرد أن تغرق النظرية في مثل هذه النقطة ومثل هذه النقطة ، فإنها تعارض استحالة وجود أقل عواقب عملية ، دون انفجار ، إذا لزم الأمر في نقطة مختلفة تمامًا. ولهذا السبب فإن مفهوم الإصلاح غبي للغاية ونفاقي. فإما أن يتم الإصلاح من قبل أشخاص يدعون أنهم ممثلون ويصرحون بالتحدث باسم الآخرين نيابة عن الآخرين ، وهو ترتيب للسلطة ، وتوزيع للسلطة يقترن بزيادة القمع. فإما أن يكون إصلاحًا يطالب به من يهمه الأمر ، ويتوقف عن الإصلاح ، فهو عمل ثوري مصمم ، من أسفل طابعه الجزئي ، على استجواب كل السلطة وهرميته. ويتضح ذلك في السجون: يكفي طلب السجناء الأصغر والأكثر تواضعا لتفريغ بليفين للإصلاح الزائف. إذا كان الأطفال الصغار قادرين على جعل احتجاجاتهم مسموعة في روضة الأطفال ، أو حتى أسئلتهم ببساطة ، فسيكون ذلك كافياً لإحداث انفجار في النظام التعليمي بأكمله. في الحقيقة ، هذا النظام الذي نعيش فيه لا يمكن أن يتحمل أي شيء: ومن هنا هشاشته الراديكالية في كل نقطة ، وكذلك قوته القمعية العالمية. في رأيي ، كنت أول من علمنا شيئًا أساسيًا ، سواء في كتبك أو في مجال عملي: عدم جدارة التحدث للآخرين. أعني: سخرنا من التمثيل ، وقلنا أنه انتهى ، لكننا لم نستدل على نتيجة هذا التحويل "النظري" ، أي أن النظرية تتطلب أن يتحدث الأشخاص المعنيون عمليًا نيابة عنهم.
2
ميشيل فوكو:
وعندما بدأ السجناء يتكلمون ، كانت لديهم نظرية السجن والعقوبة والعدالة. هذا النوع من الخطاب المناهض للسلطة ، هذا الخطاب المضاد الذي يحمله السجناء أو أولئك الذين يطلق عليهم الجانحين ، هذا هو ما يهم ، وليس نظرية حول الانحراف. مشكلة السجن هذه مشكلة محلية وهامشية ، لأنها لا تقضي أكثر من 100 ألف شخص في السجون سنوياً ؛ في فرنسا اليوم ، ربما يكون هناك 300.000 أو 400.000 شخص مروا عبر السجن. هذه المشكلة الهامشية تهز الناس. لقد فوجئت برؤية أن الكثير من الأشخاص الذين ليسوا في السجن يمكن أن يكونوا مهتمين بمشكلة السجن ، وفوجئت لرؤية الكثير من الأشخاص الذين لم يكن مقدرا لهم سماع هذا الخطاب من قبل السجناء ، وكيف في نهاية المطاف سمعت ذلك. كيف نفسر ذلك؟ أليس هذا ، بشكل عام ، نظام العقوبات هو الشكل الذي تظهر فيه القوة كسلطة بشكل أوضح؟ وضع أحد الأشخاص في السجن ، وإبقائه في السجن ، وحرمانه من الطعام ، والتدفئة ، ومنعه من الخروج ، وممارسة الحب ، وما إلى ذلك ، وهذا في الواقع أكثر مظاهر الوهم بالسلطة التي يمكن تخيله. في ذلك اليوم ، كنت أتحدث إلى امرأة كانت في السجن ، فقالت: "عندما تظن أنني ، البالغ من العمر أربعين عامًا ، عوقبت يومًا ما في السجن بوضع نفسي على خبز جاف. ما يلفت النظر في هذه القصة ليس فقط طفولة ممارسة السلطة ، ولكن أيضًا السخرية التي تمارس بها كقوة ، في أكثر الأشكال القديمة ، الأكثر طفولية ، أكثر أشكال الأطفال. اختزل شخصًا إلى الخبز والماء ، أخيرًا ، تعلمنا أنه عندما نكون أطفالًا. السجن هو المكان الوحيد الذي يمكن للسلطة أن تظهر فيه في الحالة العارية بأبعادها المفرطة ، وتبرير نفسها كقوة أخلاقية. "إنني محق في أن أعاقب ، لأنك تعلم أنه من القبيح أن تسرق ، أن تقتل ..." هذا هو الأمر الرائع في السجون ، لأنه بمجرد أن لا تختبئ السلطة ، إنه لا يخفي نفسه ، ويظهر نفسه على أنه طغيان يدفع في أصغر التفاصيل ، وبسخرية من نفسه ، وفي الوقت نفسه فهو طاهر ، إنه "مبرر" تمامًا ، لأنه يمكنه أن يصيغ بالكامل في الجزء الداخلي من الأخلاق التي تؤطر تمرينها: يظهر طغيانها الإجمالي على أنه هيمنة هادئة على الخير على الشر ، والنظام على الفوضى.
3
وعندما بدأ السجناء يتكلمون ، كانت لديهم نظرية السجن والعقوبة والعدالة. هذا النوع من الخطاب المناهض للسلطة ، هذا الخطاب المضاد الذي يحمله السجناء أو أولئك الذين يطلق عليهم الجانحين ، هذا هو ما يهم ، وليس نظرية حول الانحراف. مشكلة السجن هذه مشكلة محلية وهامشية ، لأنها لا تقضي أكثر من 100 ألف شخص في السجون سنوياً ؛ في فرنسا اليوم ، ربما يكون هناك 300.000 أو 400.000 شخص مروا عبر السجن. هذه المشكلة الهامشية تهز الناس. لقد فوجئت برؤية أن الكثير من الأشخاص الذين ليسوا في السجن يمكن أن يكونوا مهتمين بمشكلة السجن ، وفوجئت لرؤية الكثير من الأشخاص الذين لم يكن مقدرا لهم سماع هذا الخطاب من قبل السجناء ، وكيف في نهاية المطاف سمعت ذلك. كيف نفسر ذلك؟ أليس هذا ، بشكل عام ، نظام العقوبات هو الشكل الذي تظهر فيه القوة كسلطة بشكل أوضح؟ وضع أحد الأشخاص في السجن ، وإبقائه في السجن ، وحرمانه من الطعام ، والتدفئة ، ومنعه من الخروج ، وممارسة الحب ، وما إلى ذلك ، وهذا في الواقع أكثر مظاهر الوهم بالسلطة التي يمكن تخيله. في ذلك اليوم ، كنت أتحدث إلى امرأة كانت في السجن ، فقالت: "عندما تظن أنني ، البالغ من العمر أربعين عامًا ، عوقبت يومًا ما في السجن بوضع نفسي على خبز جاف. ما يلفت النظر في هذه القصة ليس فقط طفولة ممارسة السلطة ، ولكن أيضًا السخرية التي تمارس بها كقوة ، في أكثر الأشكال القديمة ، الأكثر طفولية ، أكثر أشكال الأطفال. اختزل شخصًا إلى الخبز والماء ، أخيرًا ، تعلمنا أنه عندما نكون أطفالًا. السجن هو المكان الوحيد الذي يمكن للسلطة أن تظهر فيه في الحالة العارية بأبعادها المفرطة ، وتبرير نفسها كقوة أخلاقية. "إنني محق في أن أعاقب ، لأنك تعلم أنه من القبيح أن تسرق ، أن تقتل ..." هذا هو الأمر الرائع في السجون ، لأنه بمجرد أن لا تختبئ السلطة ، إنه لا يخفي نفسه ، ويظهر نفسه على أنه طغيان يدفع في أصغر التفاصيل ، وبسخرية من نفسه ، وفي الوقت نفسه فهو طاهر ، إنه "مبرر" تمامًا ، لأنه يمكنه أن يصيغ بالكامل في الجزء الداخلي من الأخلاق التي تؤطر تمرينها: يظهر طغيانها الإجمالي على أنه هيمنة هادئة على الخير على الشر ، والنظام على الفوضى.
3
👍1
جيل دولوز:
وفجأة أصبح العكس صحيحا. ليس السجناء فقط هم الذين يعاملون كأطفال ، ولكن الأطفال كسجناء. الأطفال يخضعون للرضع وهو ليس ملكهم. بهذا المعنى ، صحيح أن المدارس عبارة عن سجون صغيرة ، والمصانع بها الكثير من السجون. عليك فقط رؤية مدخل رينو. أو في مكان آخر: ثلاثة تبول جيدة خلال النهار. لقد وجدت نصًا لجيريمي بينثام من القرن الثامن عشر ، يقترح على وجه الدقة إصلاح السجون: باسم هذا الإصلاح العالي ، ينشئ نظامًا دائريًا حيث يعمل كل من السجن الذي تم تجديده كنموذج وحيث يمر المرء بشكل غير محسوس من من المدرسة إلى التصنيع ، من التصنيع إلى السجن ، والعكس بالعكس. هذا هو جوهر الإصلاحية ، التمثيل التمثيلي. على العكس من ذلك ، عندما يبدأ الناس في التحدث والتصرف نيابة عنهم ، فإنهم لا يعارضون تمثيلًا واحدًا حتى عكس الآخر ، فهم لا يعارضون تمثيلًا آخر للتمثيل الزائف للسلطة. على سبيل المثال ، أتذكر أنك قلت أنه لا توجد عدالة شعبية ضد العدالة ، فهي تحدث على مستوى آخر.
ميشيل فوكو:
أعتقد أنه ، في ظل الكراهية التي يمتلكها الناس من أجل العدالة والقضاة والمحاكم والسجون ، يجب ألا نرى فقط فكرة عدالة أخرى أفضل وأكثر عدالة ، ولكن أولاً وقبل كل شيء تصور نقطة مفردة حيث تمارس السلطة على حساب الشعب. إن المعركة ضد العدالة هي معركة ضد السلطة ، وأنا لا أعتقد أنها معركة ضد الظلم وضد العدالة ومن أجل تحسين أداء السلطة القضائية. ومع ذلك ، من اللافت للنظر أنه في كل مرة كانت هناك أعمال شغب وثورات ومثيرات ، كان القضاء هو الهدف ، في نفس الوقت وبنفس الطريقة التي كان بها الجهاز المالي والجيش والآخرين. أشكال السلطة. فرضيتي ، لكنها مجرد فرضية ، هي أن المحاكم الشعبية ، على سبيل المثال في وقت الثورة ، كانت وسيلة للبرجوازية الصغيرة المتحالفة مع الجماهير للتعافي ، واللحاق بالحركة لمحاربة العدالة . وللتعويض عن ذلك ، اقترحنا نظام المحكمة هذا الذي يشير إلى العدالة التي يمكن أن تكون عادلة ، إلى القاضي الذي يمكنه إصدار حكم عادل. إن شكل المحكمة ذاته ينتمي إلى إيديولوجية العدالة التي هي البرجوازية.
4
وفجأة أصبح العكس صحيحا. ليس السجناء فقط هم الذين يعاملون كأطفال ، ولكن الأطفال كسجناء. الأطفال يخضعون للرضع وهو ليس ملكهم. بهذا المعنى ، صحيح أن المدارس عبارة عن سجون صغيرة ، والمصانع بها الكثير من السجون. عليك فقط رؤية مدخل رينو. أو في مكان آخر: ثلاثة تبول جيدة خلال النهار. لقد وجدت نصًا لجيريمي بينثام من القرن الثامن عشر ، يقترح على وجه الدقة إصلاح السجون: باسم هذا الإصلاح العالي ، ينشئ نظامًا دائريًا حيث يعمل كل من السجن الذي تم تجديده كنموذج وحيث يمر المرء بشكل غير محسوس من من المدرسة إلى التصنيع ، من التصنيع إلى السجن ، والعكس بالعكس. هذا هو جوهر الإصلاحية ، التمثيل التمثيلي. على العكس من ذلك ، عندما يبدأ الناس في التحدث والتصرف نيابة عنهم ، فإنهم لا يعارضون تمثيلًا واحدًا حتى عكس الآخر ، فهم لا يعارضون تمثيلًا آخر للتمثيل الزائف للسلطة. على سبيل المثال ، أتذكر أنك قلت أنه لا توجد عدالة شعبية ضد العدالة ، فهي تحدث على مستوى آخر.
ميشيل فوكو:
أعتقد أنه ، في ظل الكراهية التي يمتلكها الناس من أجل العدالة والقضاة والمحاكم والسجون ، يجب ألا نرى فقط فكرة عدالة أخرى أفضل وأكثر عدالة ، ولكن أولاً وقبل كل شيء تصور نقطة مفردة حيث تمارس السلطة على حساب الشعب. إن المعركة ضد العدالة هي معركة ضد السلطة ، وأنا لا أعتقد أنها معركة ضد الظلم وضد العدالة ومن أجل تحسين أداء السلطة القضائية. ومع ذلك ، من اللافت للنظر أنه في كل مرة كانت هناك أعمال شغب وثورات ومثيرات ، كان القضاء هو الهدف ، في نفس الوقت وبنفس الطريقة التي كان بها الجهاز المالي والجيش والآخرين. أشكال السلطة. فرضيتي ، لكنها مجرد فرضية ، هي أن المحاكم الشعبية ، على سبيل المثال في وقت الثورة ، كانت وسيلة للبرجوازية الصغيرة المتحالفة مع الجماهير للتعافي ، واللحاق بالحركة لمحاربة العدالة . وللتعويض عن ذلك ، اقترحنا نظام المحكمة هذا الذي يشير إلى العدالة التي يمكن أن تكون عادلة ، إلى القاضي الذي يمكنه إصدار حكم عادل. إن شكل المحكمة ذاته ينتمي إلى إيديولوجية العدالة التي هي البرجوازية.
4
جيل دولوز:
إذا أخذنا في الاعتبار الوضع الحالي ، فإن القوة لديها بالضرورة رؤية شاملة أو عالمية. أعني أن جميع أشكال القمع الحالية ، المتعددة ، يمكن تلخيصها بسهولة من وجهة نظر السلطة: القمع العنصري ضد المهاجرين ، القمع في المصانع ، القمع في التعليم ، القمع ضد الشباب على العموم. يجب ألا نسعى فقط إلى وحدة كل هذه الأشكال في رد فعل على 68 مايو ، ولكن أكثر من ذلك بكثير في إعداد وتنظيم متضافرين لمستقبلنا القادم. إن الرأسمالية الفرنسية في حاجة ماسة إلى "حذافة" للبطالة ، وتتخلى عن القناع الليبرالي والأب للعمالة الكاملة.
ومن هذا المنطلق تم العثور على وحدتهم: الحد من الهجرة ، بمجرد أن يقال أن المهاجرين قد حصلوا على العمل الشاق والجميل ، القمع في المصانع ، لأنه مسألة يعيدوا إلى الفرنسيين "ذوق" العمل الشاق بشكل متزايد ، ومكافحة الشباب والقمع في التعليم ، لأن قمع الشرطة يزداد شدة حيث تقل الحاجة للشباب في سوق العمل. ستتم دعوة جميع أنواع الفئات المهنية لممارسة وظائف الشرطة على نحو متزايد الدقة: المعلمين والأطباء النفسيين والمعلمين من جميع الأنواع ، إلخ. هناك شيء كنت تعلن عنه منذ فترة طويلة ، والذي اعتقدنا أنه لا يمكن أن يحدث: تعزيز جميع هياكل الحبس. لذا ، في مواجهة سياسة القوة العالمية هذه ، نقوم بعمل استجابات محلية ، ونيران مضادة ، ودفاعات نشطة ووقائية في بعض الأحيان. لا يتعين علينا أن نجمع ما يتم تجميعه فقط من جانب السلطة والذي لا يمكننا أن نجمعه من جانبنا إلا من خلال استعادة الأشكال التمثيلية من المركزية والتسلسل الهرمي. من ناحية أخرى ، ما يتعين علينا القيام به هو إنشاء روابط جانبية ، نظام كامل من الشبكات ، من القواعد الشعبية. وهذا هو الصعب. على أي حال ، لا يمر الواقع بالنسبة لنا على الإطلاق من خلال السياسة بالمعنى التقليدي للمنافسة وتوزيع السلطة ، من ما يسمى الهيئات التمثيلية في الحزب الشيوعي أو الجمعية العامة للعمال. الواقع هو ما يحدث بالفعل اليوم في مصنع ، في مدرسة ، في ثكنات ، في سجن ، في مركز شرطة. بحيث يتضمن الإجراء نوعًا من المعلومات ذات طبيعة مختلفة تمامًا عن المعلومات في الصحف (وبالتالي نوع المعلومات من وكالة الصحافة للتحرير).
5
إذا أخذنا في الاعتبار الوضع الحالي ، فإن القوة لديها بالضرورة رؤية شاملة أو عالمية. أعني أن جميع أشكال القمع الحالية ، المتعددة ، يمكن تلخيصها بسهولة من وجهة نظر السلطة: القمع العنصري ضد المهاجرين ، القمع في المصانع ، القمع في التعليم ، القمع ضد الشباب على العموم. يجب ألا نسعى فقط إلى وحدة كل هذه الأشكال في رد فعل على 68 مايو ، ولكن أكثر من ذلك بكثير في إعداد وتنظيم متضافرين لمستقبلنا القادم. إن الرأسمالية الفرنسية في حاجة ماسة إلى "حذافة" للبطالة ، وتتخلى عن القناع الليبرالي والأب للعمالة الكاملة.
ومن هذا المنطلق تم العثور على وحدتهم: الحد من الهجرة ، بمجرد أن يقال أن المهاجرين قد حصلوا على العمل الشاق والجميل ، القمع في المصانع ، لأنه مسألة يعيدوا إلى الفرنسيين "ذوق" العمل الشاق بشكل متزايد ، ومكافحة الشباب والقمع في التعليم ، لأن قمع الشرطة يزداد شدة حيث تقل الحاجة للشباب في سوق العمل. ستتم دعوة جميع أنواع الفئات المهنية لممارسة وظائف الشرطة على نحو متزايد الدقة: المعلمين والأطباء النفسيين والمعلمين من جميع الأنواع ، إلخ. هناك شيء كنت تعلن عنه منذ فترة طويلة ، والذي اعتقدنا أنه لا يمكن أن يحدث: تعزيز جميع هياكل الحبس. لذا ، في مواجهة سياسة القوة العالمية هذه ، نقوم بعمل استجابات محلية ، ونيران مضادة ، ودفاعات نشطة ووقائية في بعض الأحيان. لا يتعين علينا أن نجمع ما يتم تجميعه فقط من جانب السلطة والذي لا يمكننا أن نجمعه من جانبنا إلا من خلال استعادة الأشكال التمثيلية من المركزية والتسلسل الهرمي. من ناحية أخرى ، ما يتعين علينا القيام به هو إنشاء روابط جانبية ، نظام كامل من الشبكات ، من القواعد الشعبية. وهذا هو الصعب. على أي حال ، لا يمر الواقع بالنسبة لنا على الإطلاق من خلال السياسة بالمعنى التقليدي للمنافسة وتوزيع السلطة ، من ما يسمى الهيئات التمثيلية في الحزب الشيوعي أو الجمعية العامة للعمال. الواقع هو ما يحدث بالفعل اليوم في مصنع ، في مدرسة ، في ثكنات ، في سجن ، في مركز شرطة. بحيث يتضمن الإجراء نوعًا من المعلومات ذات طبيعة مختلفة تمامًا عن المعلومات في الصحف (وبالتالي نوع المعلومات من وكالة الصحافة للتحرير).
5
ميشيل فوكو:
هل هذه الصعوبة ، إحراجنا في إيجاد الأشكال المناسبة من النضال لا يأتي من حقيقة أننا ما زلنا لا نعرف ما هي القوة؟ بعد كل شيء ، لم يكن حتى القرن التاسع عشر لمعرفة ما هو الاستغلال ، ولكن ربما لا تزال لا تعرف ما هي القوة. وربما لم يكن ماركس وفرويد كافيين لمساعدتنا في معرفة هذا الشيء الغامض للغاية ، وفي نفس الوقت مرئي وغير مرئي ، وحاضر وخفي ، واستثمر في كل مكان ، والذي يسمى القوة. ربما لا تستنفد نظرية الدولة والتحليل التقليدي لأجهزة الدولة مجال ممارسة السلطة وعملها. إنه المجهول العظيم اليوم: من يمارس السلطة؟ وأين يمارسها؟ في الوقت الحالي ، نعرف تقريبًا من يستغل ، وإلى أين يذهب الربح ، ومن يمرر ، وأين يعيد استثماره ، في حين أن السلطة ... نحن نعلم جيدًا أنه ليس الحكام هم الذين يملكون السلطة. لكن مفهوم "الطبقة الحاكمة" ليس واضحًا جدًا ولا متقنًا. "الهيمنة" ، "المباشر" ، "الحاكم" ، "المجموعة في السلطة" ، "جهاز الدولة" ، إلخ. ، هناك مجموعة كاملة من المفاهيم التي تحتاج إلى تحليل. وبالمثل ، يجب أن يكون واضحًا إلى أي مدى يتم ممارسة السلطة ، ومن خلال التبديلات التي تصل غالبًا إلى حالات صغيرة من التسلسل الهرمي والتحكم والمراقبة والمحظورات والقيود. حيثما كانت هناك قوة ، تمارس السلطة. لا أحد يتحدث بشكل صحيح هو صاحب. ومع ذلك ، يتم ممارستها دائمًا في اتجاه معين ، حيث يكون أحدهما على جانب والآخر من جهة أخرى ؛ نحن لا نعرف من لديه بالضبط. لكننا نعرف من ليس لديه. إذا كانت قراءة كتبك (من نيتشه حتى أحس بالرأسمالية والفصام) ضرورية للغاية بالنسبة لي ، فذلك لأنهم يبدو لي أنهم يذهبون بعيدًا جدًا في موقف هذه المشكلة: في ظل هذا القديم موضوع المعنى ، المدلول ، الدلالة ، وما إلى ذلك ، وأخيرًا مسألة السلطة ، وعدم المساواة في القوى ، وصراعاتها. يتطور كل صراع حول مركز معين للسلطة (أحد المراكز الصغيرة التي لا تعد ولا تحصى والتي يمكن أن تكون رئيسًا صغيرًا ، وحارس نزل، ومدير السجن ، وقاض ، ومسؤول نقابي ، ومحرر صحيفة). وإذا قاموا بتصميم المنازل ، وشجبها ، والتحدث عنها علنًا ، فهذا صراع ، ليس لأن أحداً لم يكن على علم بها بعد ، بل لأنه يتحدث عنها ، مما يجبر الشبكة معلومات مؤسسية ، وتسمية ، وقول من فعل ماذا ، وتحديد الهدف ، هو عكس أول للسلطة ، إنها خطوة أولى للصراعات الأخرى ضد السلطة. إذا كانت خطابات مثل تلك ، على سبيل المثال ، للسجناء أو أطباء السجن تكافح ، فذلك لأنهم يصادرون للحظة على الأقل سلطة التحدث عن السجن ، الذي تشغله حاليًا الإدارة فقط وزملاؤها الإصلاحيون. . خطاب النضال لا يعارض اللاوعي: إنه يعارض السر. يبدو أنه أقل بكثير. ماذا لو كان أكثر من ذلك بكثير؟ هناك سلسلة كاملة من الغموض حول "الخفي" و "المكبوت" و "غير المعلن" ، والتي تجعل من الممكن "التحليل النفسي" بتكلفة منخفضة ما يجب أن يكون موضوع صراع. قد يكون الكشف عن السر أكثر صعوبة من اللاوعي. يبدو أن الموضوعين اللذين واجهناهما كثيرًا بالأمس ، "الكتابة ممنوعة" و "الكتابة تخريبية تلقائيًا" ، يبدو لي أنهما يخونان عددًا معينًا من العمليات التي يجب شجبها بشدة .
6
هل هذه الصعوبة ، إحراجنا في إيجاد الأشكال المناسبة من النضال لا يأتي من حقيقة أننا ما زلنا لا نعرف ما هي القوة؟ بعد كل شيء ، لم يكن حتى القرن التاسع عشر لمعرفة ما هو الاستغلال ، ولكن ربما لا تزال لا تعرف ما هي القوة. وربما لم يكن ماركس وفرويد كافيين لمساعدتنا في معرفة هذا الشيء الغامض للغاية ، وفي نفس الوقت مرئي وغير مرئي ، وحاضر وخفي ، واستثمر في كل مكان ، والذي يسمى القوة. ربما لا تستنفد نظرية الدولة والتحليل التقليدي لأجهزة الدولة مجال ممارسة السلطة وعملها. إنه المجهول العظيم اليوم: من يمارس السلطة؟ وأين يمارسها؟ في الوقت الحالي ، نعرف تقريبًا من يستغل ، وإلى أين يذهب الربح ، ومن يمرر ، وأين يعيد استثماره ، في حين أن السلطة ... نحن نعلم جيدًا أنه ليس الحكام هم الذين يملكون السلطة. لكن مفهوم "الطبقة الحاكمة" ليس واضحًا جدًا ولا متقنًا. "الهيمنة" ، "المباشر" ، "الحاكم" ، "المجموعة في السلطة" ، "جهاز الدولة" ، إلخ. ، هناك مجموعة كاملة من المفاهيم التي تحتاج إلى تحليل. وبالمثل ، يجب أن يكون واضحًا إلى أي مدى يتم ممارسة السلطة ، ومن خلال التبديلات التي تصل غالبًا إلى حالات صغيرة من التسلسل الهرمي والتحكم والمراقبة والمحظورات والقيود. حيثما كانت هناك قوة ، تمارس السلطة. لا أحد يتحدث بشكل صحيح هو صاحب. ومع ذلك ، يتم ممارستها دائمًا في اتجاه معين ، حيث يكون أحدهما على جانب والآخر من جهة أخرى ؛ نحن لا نعرف من لديه بالضبط. لكننا نعرف من ليس لديه. إذا كانت قراءة كتبك (من نيتشه حتى أحس بالرأسمالية والفصام) ضرورية للغاية بالنسبة لي ، فذلك لأنهم يبدو لي أنهم يذهبون بعيدًا جدًا في موقف هذه المشكلة: في ظل هذا القديم موضوع المعنى ، المدلول ، الدلالة ، وما إلى ذلك ، وأخيرًا مسألة السلطة ، وعدم المساواة في القوى ، وصراعاتها. يتطور كل صراع حول مركز معين للسلطة (أحد المراكز الصغيرة التي لا تعد ولا تحصى والتي يمكن أن تكون رئيسًا صغيرًا ، وحارس نزل، ومدير السجن ، وقاض ، ومسؤول نقابي ، ومحرر صحيفة). وإذا قاموا بتصميم المنازل ، وشجبها ، والتحدث عنها علنًا ، فهذا صراع ، ليس لأن أحداً لم يكن على علم بها بعد ، بل لأنه يتحدث عنها ، مما يجبر الشبكة معلومات مؤسسية ، وتسمية ، وقول من فعل ماذا ، وتحديد الهدف ، هو عكس أول للسلطة ، إنها خطوة أولى للصراعات الأخرى ضد السلطة. إذا كانت خطابات مثل تلك ، على سبيل المثال ، للسجناء أو أطباء السجن تكافح ، فذلك لأنهم يصادرون للحظة على الأقل سلطة التحدث عن السجن ، الذي تشغله حاليًا الإدارة فقط وزملاؤها الإصلاحيون. . خطاب النضال لا يعارض اللاوعي: إنه يعارض السر. يبدو أنه أقل بكثير. ماذا لو كان أكثر من ذلك بكثير؟ هناك سلسلة كاملة من الغموض حول "الخفي" و "المكبوت" و "غير المعلن" ، والتي تجعل من الممكن "التحليل النفسي" بتكلفة منخفضة ما يجب أن يكون موضوع صراع. قد يكون الكشف عن السر أكثر صعوبة من اللاوعي. يبدو أن الموضوعين اللذين واجهناهما كثيرًا بالأمس ، "الكتابة ممنوعة" و "الكتابة تخريبية تلقائيًا" ، يبدو لي أنهما يخونان عددًا معينًا من العمليات التي يجب شجبها بشدة .
6
جيل دولوز:
بالنسبة إلى هذه المشكلة التي تطرحها: يمكننا أن نرى بوضوح من يستغل ، ومن الذي يستفيد ، ومن يحكم ، ولكن السلطة لا تزال أكثر انتشارًا ، سأضع الفرضية التالية: حتى وقبل كل شيء ، حددت الماركسية المشكلة من حيث المصلحة (السلطة تحتفظ بها طبقة مهيمنة تحددها مصالحها). فجأة ، واجهنا السؤال: كيف يتبع الناس غير المهتمين ، ويتبنون السلطة عن كثب ، ويتوسلون للحصول على قطعة منها؟ ربما ، من حيث الاستثمارات ، الاقتصادية واللاواعية ، الفائدة ليست الكلمة الأخيرة ، هناك استثمارات الرغبة التي تشرح لماذا يمكن للمرء ، إذا لزم الأمر ، الرغبة ، لا ليس ضد مصلحته ، لأن المصلحة تتبع دائمًا وتوجد حيث تضعها الرغبة ، ولكن الرغبة بطريقة أكثر عمقًا وانتشارًا من مصلحته. يجب أن تقبل سماع صرخة رايش: لا ، لم تخدع الجماهير ، أرادوا الفاشية في مثل هذا الوقت! هناك استثمارات الرغبة التي تشكل السلطة وتنشرها ، والتي تجعل السلطة على مستوى الشرطي مثل رئيس الوزراء ، ولا يوجد فرق في الطبيعة بين السلطة على الإطلاق. أن يمارس شرطي صغير والسلطة التي يمارسها وزير. إن طبيعة استثمارات الرغبة في هيئة اجتماعية هي التي تفسر لماذا يمكن للأحزاب أو النقابات التي سيكون لها استثمارات ثورية باسم المصالح الطبقية أن يكون لها استثمارات إصلاحية أو رجعية تمامًا على مستوى الرغبة.
ميشيل فوكو:
كما تقول ، العلاقات بين الرغبة والسلطة والمصالح أكثر تعقيدًا مما يعتقده المرء عادة ، وليس بالضرورة أن أولئك الذين يمارسون السلطة لديهم مصلحة في ممارستها ؛ أولئك الذين لديهم مصلحة في ممارستها لا يمارسونها ، والرغبة في السلطة تلعب بين السلطة والمصلحة لعبة لا تزال فريدة من نوعها. يحدث أن الجماهير ، في وقت الفاشية ، تريد البعض أن يمارسوا السلطة ، وبعضهم لا يجب الخلط معهم ، لأن السلطة ستمارس عليهم وعلى نفقتهم ، حتى موتهم ، تضحياتهم ، مذبحتهم ، ومع ذلك يريدون هذه القوة ، يريدون ممارسة هذه السلطة.
لعبة الرغبة والسلطة والمصلحة هذه لا تزال غير معروفة. استغرق الأمر وقتًا طويلاً لمعرفة ما هو الاستغلال. وكانت الرغبة ولا تزال شأنا طويلا. من الممكن أن النضالات التي تدور الآن ، ومن ثم هذه النظريات المحلية والإقليمية المتقطعة التي يتم تطويرها في هذه النضالات هي واحدة منها تمامًا ، هذه هي بداية اكتشاف كيف تمارس السلطة.
7
بالنسبة إلى هذه المشكلة التي تطرحها: يمكننا أن نرى بوضوح من يستغل ، ومن الذي يستفيد ، ومن يحكم ، ولكن السلطة لا تزال أكثر انتشارًا ، سأضع الفرضية التالية: حتى وقبل كل شيء ، حددت الماركسية المشكلة من حيث المصلحة (السلطة تحتفظ بها طبقة مهيمنة تحددها مصالحها). فجأة ، واجهنا السؤال: كيف يتبع الناس غير المهتمين ، ويتبنون السلطة عن كثب ، ويتوسلون للحصول على قطعة منها؟ ربما ، من حيث الاستثمارات ، الاقتصادية واللاواعية ، الفائدة ليست الكلمة الأخيرة ، هناك استثمارات الرغبة التي تشرح لماذا يمكن للمرء ، إذا لزم الأمر ، الرغبة ، لا ليس ضد مصلحته ، لأن المصلحة تتبع دائمًا وتوجد حيث تضعها الرغبة ، ولكن الرغبة بطريقة أكثر عمقًا وانتشارًا من مصلحته. يجب أن تقبل سماع صرخة رايش: لا ، لم تخدع الجماهير ، أرادوا الفاشية في مثل هذا الوقت! هناك استثمارات الرغبة التي تشكل السلطة وتنشرها ، والتي تجعل السلطة على مستوى الشرطي مثل رئيس الوزراء ، ولا يوجد فرق في الطبيعة بين السلطة على الإطلاق. أن يمارس شرطي صغير والسلطة التي يمارسها وزير. إن طبيعة استثمارات الرغبة في هيئة اجتماعية هي التي تفسر لماذا يمكن للأحزاب أو النقابات التي سيكون لها استثمارات ثورية باسم المصالح الطبقية أن يكون لها استثمارات إصلاحية أو رجعية تمامًا على مستوى الرغبة.
ميشيل فوكو:
كما تقول ، العلاقات بين الرغبة والسلطة والمصالح أكثر تعقيدًا مما يعتقده المرء عادة ، وليس بالضرورة أن أولئك الذين يمارسون السلطة لديهم مصلحة في ممارستها ؛ أولئك الذين لديهم مصلحة في ممارستها لا يمارسونها ، والرغبة في السلطة تلعب بين السلطة والمصلحة لعبة لا تزال فريدة من نوعها. يحدث أن الجماهير ، في وقت الفاشية ، تريد البعض أن يمارسوا السلطة ، وبعضهم لا يجب الخلط معهم ، لأن السلطة ستمارس عليهم وعلى نفقتهم ، حتى موتهم ، تضحياتهم ، مذبحتهم ، ومع ذلك يريدون هذه القوة ، يريدون ممارسة هذه السلطة.
لعبة الرغبة والسلطة والمصلحة هذه لا تزال غير معروفة. استغرق الأمر وقتًا طويلاً لمعرفة ما هو الاستغلال. وكانت الرغبة ولا تزال شأنا طويلا. من الممكن أن النضالات التي تدور الآن ، ومن ثم هذه النظريات المحلية والإقليمية المتقطعة التي يتم تطويرها في هذه النضالات هي واحدة منها تمامًا ، هذه هي بداية اكتشاف كيف تمارس السلطة.
7
جيل دولوز:
لذا ، أعود إلى السؤال: الحركة الثورية الحالية متعددة الأوجه ، وليست ضعفًا وقصورًا ، لأن مجموعًا معينًا ينتمي إلى القوة ورد الفعل. على سبيل المثال ، تعد فيتنام استجابة محلية رائعة. ولكن كيف يمكن تصور الشبكات ، والصلات المتقاطعة بين هذه النقاط النشطة غير المستمرة ، من بلد إلى آخر أو داخل نفس البلد؟
ميشيل فوكو:
ربما يعني هذا الانقطاع الجغرافي الذي تتحدث عنه هذا: طالما أننا نكافح ضد الاستغلال ، فإن البروليتاريا هي التي لا تقود النضال فحسب ، بل تحدد الأهداف والأساليب والأماكن وأدوات النضال ؛ إن التحالف مع البروليتاريا هو الانضمام إليها في مواقفها ، وأيديولوجيتها ، واستئناف دوافع قتالها. هذا هو الاندماج. ولكن إذا كان ضد السلطة أن يقاتل المرء ، فعندئذ يمكن لجميع أولئك الذين تُمارس السلطة عليهم على أنها إساءة ، يمكن لجميع أولئك الذين يدركون أنها لا تطاق أن يشاركوا في القتال حيث هم وبدءًا من نشاطهم (أو سلبي) نظيف. من خلال الانخراط في هذا النضال الذي هو هدفهم ، والذين يعرفون هدفهم جيدًا تمامًا والذين يستطيعون تحديد أسلوبهم ، يدخلون في العملية الثورية. بطبيعة الحال ، حلفاء البروليتاريا ، لأنه ، إذا ما مارست السلطة كما تمارس ، فهي للحفاظ على الاستغلال الرأسمالي. إنهم يخدمون حقًا قضية الثورة البروليتارية من خلال القتال على وجه التحديد حيث يمارس القمع عليهم. لقد بدأت النساء ، والسجناء ، وجنود الوحدة ، والمرضى في المستشفيات ، والمثليون جنسياً معركة محددة ضد الشكل المعين للسلطة ، والقيود ، والسيطرة التي تمارس عليهم. إن مثل هذه الصراعات هي حاليا جزء من الحركة الثورية ، بشرط أن تكون جذرية ، بدون تسوية أو إصلاحية ، دون محاولة تطوير نفس السلطة مع تغيير الملكية على الأكثر. وترتبط هذه الحركات بالحركة الثورية للبروليتاريا نفسها بقدر ما عليها أن تحارب كل الضوابط والقيود التي تجدد في كل مكان القوة نفسها. أي أن عمومية النضال بالتأكيد لا تتم في شكل هذا التجميع الذي كنت تتحدث عنه سابقًا ، هذا التجميع النظري ، في شكل "الحقيقة". ما يجعل عمومية النضال هو نظام السلطة ذاته ، وجميع أشكال الممارسة وتطبيق القوة.
جيل دولوز:
وأننا لا نستطيع أن نلمس أي شيء في أي نقطة من التطبيق دون أن نواجه هذه المجموعة المنتشرة ، والتي من الآن فصاعدًا نرغب بالضرورة في التفجير ، بدءًا من أصغر ادعاء موجود. وهكذا ينضم أي دفاع أو هجوم ثوري جزئي إلى نضال العمال. "
الفيلسوف الجديد
@Newphilosopher
8
لذا ، أعود إلى السؤال: الحركة الثورية الحالية متعددة الأوجه ، وليست ضعفًا وقصورًا ، لأن مجموعًا معينًا ينتمي إلى القوة ورد الفعل. على سبيل المثال ، تعد فيتنام استجابة محلية رائعة. ولكن كيف يمكن تصور الشبكات ، والصلات المتقاطعة بين هذه النقاط النشطة غير المستمرة ، من بلد إلى آخر أو داخل نفس البلد؟
ميشيل فوكو:
ربما يعني هذا الانقطاع الجغرافي الذي تتحدث عنه هذا: طالما أننا نكافح ضد الاستغلال ، فإن البروليتاريا هي التي لا تقود النضال فحسب ، بل تحدد الأهداف والأساليب والأماكن وأدوات النضال ؛ إن التحالف مع البروليتاريا هو الانضمام إليها في مواقفها ، وأيديولوجيتها ، واستئناف دوافع قتالها. هذا هو الاندماج. ولكن إذا كان ضد السلطة أن يقاتل المرء ، فعندئذ يمكن لجميع أولئك الذين تُمارس السلطة عليهم على أنها إساءة ، يمكن لجميع أولئك الذين يدركون أنها لا تطاق أن يشاركوا في القتال حيث هم وبدءًا من نشاطهم (أو سلبي) نظيف. من خلال الانخراط في هذا النضال الذي هو هدفهم ، والذين يعرفون هدفهم جيدًا تمامًا والذين يستطيعون تحديد أسلوبهم ، يدخلون في العملية الثورية. بطبيعة الحال ، حلفاء البروليتاريا ، لأنه ، إذا ما مارست السلطة كما تمارس ، فهي للحفاظ على الاستغلال الرأسمالي. إنهم يخدمون حقًا قضية الثورة البروليتارية من خلال القتال على وجه التحديد حيث يمارس القمع عليهم. لقد بدأت النساء ، والسجناء ، وجنود الوحدة ، والمرضى في المستشفيات ، والمثليون جنسياً معركة محددة ضد الشكل المعين للسلطة ، والقيود ، والسيطرة التي تمارس عليهم. إن مثل هذه الصراعات هي حاليا جزء من الحركة الثورية ، بشرط أن تكون جذرية ، بدون تسوية أو إصلاحية ، دون محاولة تطوير نفس السلطة مع تغيير الملكية على الأكثر. وترتبط هذه الحركات بالحركة الثورية للبروليتاريا نفسها بقدر ما عليها أن تحارب كل الضوابط والقيود التي تجدد في كل مكان القوة نفسها. أي أن عمومية النضال بالتأكيد لا تتم في شكل هذا التجميع الذي كنت تتحدث عنه سابقًا ، هذا التجميع النظري ، في شكل "الحقيقة". ما يجعل عمومية النضال هو نظام السلطة ذاته ، وجميع أشكال الممارسة وتطبيق القوة.
جيل دولوز:
وأننا لا نستطيع أن نلمس أي شيء في أي نقطة من التطبيق دون أن نواجه هذه المجموعة المنتشرة ، والتي من الآن فصاعدًا نرغب بالضرورة في التفجير ، بدءًا من أصغر ادعاء موجود. وهكذا ينضم أي دفاع أو هجوم ثوري جزئي إلى نضال العمال. "
الفيلسوف الجديد
@Newphilosopher
8
الحرية
إما أنني مُخطئ بقدر كبير وإما أن لوك صائغ التعريفات عرَّف الحرية تعريفًا جيدًا جدًّا بأنها «قوة». أنا مخطئ مرة أخرى، أو كولينز — قاضي لندن الشهير — هو الفيلسوف الوحيد الذي محَّص هذه الفكرة جيدًا، وكان ردُّ كلارك عليه ردَّ رجل لاهوتي محض. لكنْ من بين كل ما كُتِب في فرنسا عن الحرية، هذا الحوار القصير يبدو لي الأوضح:
أ: هناك مدفعية تُطلق نيرانها على مسمع منك، فهل لديك الحرية في أن تسمعها أو لا تسمعها؟
ب: لا شك أنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من سماعها.
أ: هل ترغب في أن يُصيب هذا السلاح رأسك ورأسَي زوجتك وابنتك السائرتَين معك؟
ب: عمَّ تتحدث؟ طالما أنعم بالعقل فلا أستطيع أن أرغب في شيء كهذا. هذا مستحيل.
أ: حسنًا؛ أنت تسمع تلك النيران بالضرورة، وبالضرورة ترغب في ألا تموت أنت ولا أسرتك من جراء قذيفة مدفع وأنتم في الخارج تتجوَّلون؛ وليست لديكم القوة سواء لكيلا تسمعوا، أو لكي تبقوا هنا؟
ب: تمامًا.
أ: لا بد أنكم سِرتم ما يقرب من ثلاثين خطوة لتكونوا بمأمن من المدفع، وكانت لديك الحرية لسير هذه الخطوات القليلة معي؟
ب: تمامًا مرة أخرى.
أ: ولو كنتَ معاقًا لما استطعت تجنُّب التعرض لتلك الأسلحة، ولسمعت بالضرورة قذيفة المدفع وتلقيتها؛ ولمُتَّ بالضرورة؟
ب: صحيح تمامًا.
أ: أين تَكمن حريتك إذًا إن لم تكن في تلك القدرة التي مارسَتْها ذاتُك على أداء ما اقتضته إرادتك من ضرورة مطلقة؟
ب: أنت تربكني؛ ليست الحرية إذًا سوى تلك القدرة على فعل ما أريد أن أفعله؟
أ: فكِّر في الأمر، وانظر إن كان يمكن فهم الحرية بطريقة أخرى.
ب: في تلك الحالة فإن كلب صيدي حرٌّ مثلما أنا حر؛ فلديه بالضرورة القدرة على أن يركض حيث يرى الأرنب، ولديه القدرة على الركض إن لم يكن يعاني آلاما في أرجله. لا شيء لديَّ إذًا أكثر مما لدى كلبي؛ نزلتَ بي إلى درجة البهائم.
أ: يا لها من سفسطة بائسة من السوفسطائيين المُفلسين الذين علموك. يُحزنك حقًّا أن تكون حرًّا مثل كلبك! ألا تأكل وتنام وتتكاثَر مثله، بل وبالأسلوب نفسه تقريبًا؟ هل تريد لحاسَّة الشم أن تكون بغير أنفك؟ لماذا ترغب في حرية غير التي يحظى بها كلبك؟
1
إما أنني مُخطئ بقدر كبير وإما أن لوك صائغ التعريفات عرَّف الحرية تعريفًا جيدًا جدًّا بأنها «قوة». أنا مخطئ مرة أخرى، أو كولينز — قاضي لندن الشهير — هو الفيلسوف الوحيد الذي محَّص هذه الفكرة جيدًا، وكان ردُّ كلارك عليه ردَّ رجل لاهوتي محض. لكنْ من بين كل ما كُتِب في فرنسا عن الحرية، هذا الحوار القصير يبدو لي الأوضح:
أ: هناك مدفعية تُطلق نيرانها على مسمع منك، فهل لديك الحرية في أن تسمعها أو لا تسمعها؟
ب: لا شك أنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من سماعها.
أ: هل ترغب في أن يُصيب هذا السلاح رأسك ورأسَي زوجتك وابنتك السائرتَين معك؟
ب: عمَّ تتحدث؟ طالما أنعم بالعقل فلا أستطيع أن أرغب في شيء كهذا. هذا مستحيل.
أ: حسنًا؛ أنت تسمع تلك النيران بالضرورة، وبالضرورة ترغب في ألا تموت أنت ولا أسرتك من جراء قذيفة مدفع وأنتم في الخارج تتجوَّلون؛ وليست لديكم القوة سواء لكيلا تسمعوا، أو لكي تبقوا هنا؟
ب: تمامًا.
أ: لا بد أنكم سِرتم ما يقرب من ثلاثين خطوة لتكونوا بمأمن من المدفع، وكانت لديك الحرية لسير هذه الخطوات القليلة معي؟
ب: تمامًا مرة أخرى.
أ: ولو كنتَ معاقًا لما استطعت تجنُّب التعرض لتلك الأسلحة، ولسمعت بالضرورة قذيفة المدفع وتلقيتها؛ ولمُتَّ بالضرورة؟
ب: صحيح تمامًا.
أ: أين تَكمن حريتك إذًا إن لم تكن في تلك القدرة التي مارسَتْها ذاتُك على أداء ما اقتضته إرادتك من ضرورة مطلقة؟
ب: أنت تربكني؛ ليست الحرية إذًا سوى تلك القدرة على فعل ما أريد أن أفعله؟
أ: فكِّر في الأمر، وانظر إن كان يمكن فهم الحرية بطريقة أخرى.
ب: في تلك الحالة فإن كلب صيدي حرٌّ مثلما أنا حر؛ فلديه بالضرورة القدرة على أن يركض حيث يرى الأرنب، ولديه القدرة على الركض إن لم يكن يعاني آلاما في أرجله. لا شيء لديَّ إذًا أكثر مما لدى كلبي؛ نزلتَ بي إلى درجة البهائم.
أ: يا لها من سفسطة بائسة من السوفسطائيين المُفلسين الذين علموك. يُحزنك حقًّا أن تكون حرًّا مثل كلبك! ألا تأكل وتنام وتتكاثَر مثله، بل وبالأسلوب نفسه تقريبًا؟ هل تريد لحاسَّة الشم أن تكون بغير أنفك؟ لماذا ترغب في حرية غير التي يحظى بها كلبك؟
1