Telegram Web Link
في قصة أصحاب الجنة، ذكر شيخ الإسلام فوائد، ومنها هذه القاعدة في كل نعمة يكفرها العبد: (فإنه سبحانه إذا أنعم على عبد بباب من الخير وأمره بالإنفاق فيه فبخل عاقبه بباب من الشر يذهب فيه أضعاف ما بخل به وعقوبته في الآخرة مدخرة). الفتاوى: (٧٠/١٦).
في قوله تعالى: (یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تُحَاۤجُّونَ فِیۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَمَاۤ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَاةُ وَٱلۡإِنجِیلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦۤۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ دليل على فضل تعلم التاريخ في دحض شبهات الخصوم والأدعياء.
ومن اللطائف في تزوير التاريخ ما ذكره ابن كثير: من مواقف ابن تيمية الطريفة مع اليهود في تزويرهم كتابا عليه ﷺ: (وفي هذا الشهر [شوال] عقد مجلس لليهود الخيابرة، وألزموا بأداء الجزية. فأحضروا كتابا معهم يزعمون أنه من رسول الله بوضع الجزية عنهم. فلما وقف عليه الفقهاء تبينوا أنه مكذوب مفتعل؛ لما فيه من الألفاظ الركيكة، والتواريخ المخبطة، واللحن الفاحش. وحاققهم عليه شيخ الإسلام، وبين لهم خطأهم وكذبهم. وأنه مزور مكذوب. قلت: وقد وقفت أنا ــ أي المؤلف ــ على هذا الكتاب، فرأيت فيه شهادة سعد بن معاذ عام خبير. وقد توفي سعد قبل ذلك بنحو من ثلاث سنين، وشهادة معاوية بن أبي سفيان، ولم يكن أسلم إذ ذاك، وإنما أسلم بعد ذلك بنحو من سنتين. وفيه: وكتب علي بن أبو طالب! ! وهذا لحن لا يصدر عن أمير المؤمنين علي). البداية والنهاية بواسطة الجامع لسيرة شيخ الإسلام: (٤١٣).
عشر ذي الحجة فرصة للغنيمة، والمنافسة للخير، وفي مواسم الخير والمضاعفة، يعظم احتياج العبد إلى التضرع واللجوء إلى الله في طلب العون في عمله ووقته، ويرى العبد آثار طاعته في عونه على العبادات المتنوعة وتيسيرها عليه، ويرى آثار معصيته في غلق أبواب الخير عليه رغم حرصه على الطاعة، كان ابن تيمية يعظم دعاء: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، قال ابن القيم: (وإذا أراد الله بالعبد خيرا أعانه بالوقت، وجعل وقته مساعدا له، وإذا أراد به شرا جعل وقته عليه، وناكده وقته فكلما أراد التأهب للمسير لم يساعده الوقت، والأول كلما همت نفسه بالقعود أقامه الوقت وساعده) مدارج السالكين
في أزمان المضاعفة يتساءل الصالحون عن أفضل الأعمال، يقول شيخ الإسلام في المفاضلة بين العبادات، بحسب الأعمال والأوقات والأشخاص: (أفضل العبادات البدنية الصلاة ثم القراءة ثم الذكر ثم الدعاء والمفضول في وقته الذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من القراءة وكذلك الدعاء في آخر الصلاة أفضل من القراءة ثم قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل. وقد ييسر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقه لعجزه عن الأفضل).
الفتاوى: (٤٠١/١٠)
قال ابن القيم في مناسبة ختم سورة المنافقين بالأمر بالذكر: (إن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله: ﴿ولا يذكرون الله إلا قليلًا﴾ قال كعب: من أكثر ذكر الله برئ من النفاق ولهذا - والله أعلم - ختم الله تعالى سورة المنافقين بقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)…وسئل بعض الصحابة رضي الله عنهم عن الخوارج: منافقون هم؟ قال: لا، المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلًا…والله عز وجل أكرم من أن يبتلي قلبًا ذاكرًا بالنفاق، وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله عز وجل).
في الحديث عن الحجر الأسود: (كان أشد بياضًا من الثلج حتى سوَّدته خطايا أهل الشرك).

اعترض بعض الملحدين القُدامى على الحديث فقال: لماذا لم تبيِّضه طاعات الموحدين؟
قال ابن قُتيبة: إنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ، ولا ينصبغ على العكس من البياض.

قال المُحب الطبري: في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة؛ فإن الخطايا إذا أثَّرتْ في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد.
سئل شيخ الإسلام عن أسباب زيادة الإيمان للعبد فأجاب بهذا الجواب المسدد. الفتاوى: (٦٥١/٧)
من أحوال السلف عند ذكر النبي ﷺ قال شيخ الإسلام: وذكر عن مالك أنه سئل عن أيوب السختياني فقال: (حج حجتين فكنت أرمقه فلا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي ﷺ بكى حتى أرحمه فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي ﷺ كتبت عنه. وقال مصعب بن عبد الله: كان مالك إذا ذكر النبي ﷺ يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. فقيل له يوما في ذلك فقال: لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون لقد كنت أرى محمد بن المنكدر - وكان سيد القراء - لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه).
الفتاوى: (٢٢٦/١).
أشواق القلوب إلى البيت:
في قوله تعالى: ﴿وإذ جعلنا البيت مثابة للناس﴾، قال مجاهد وغيره: لا يَنصَرِف عنه مُنصَرِفٌ وهو يرى أنه قد قَضى منه وطَرًا. قال ابن عاشور في نكتة التعبير بالأفئدة في قوله تعالى: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) (والمراد: فاجعل أناسا يهوون إليهم، فأقحم لفظ الأفئدة لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة حتى كأن المسرع هو الفؤاد لا الجسد.). التحرير والتنوير
من أعظم مقاصد الحج الظاهرة: مخالفة المشركين في أفعالهم في الحج وإعلان الولاء والبراء، كان المشركون يقفون في مزدلفة يوم عرفة ويقولون: نحن أهل الحرم ولا نخرج منه إلى الحل وهو عرفات، ويخالفون إبراهيم عليه السلام، فنزلت: (ثُمَّ أَفِیضُوا۟ مِنۡ حَیۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ) أي: سائر العرب دون قريش، وكانوا لا يفيضون من مزدلفة حتى تطلع الشمس فخالفهم وأفاض قبل طلوع الشمس كما في البخاري، وكانوا يطوفون بالبيت عراة، الرجال والنساء: الرجال بالنهار، والنساء بالليل. وكانت المرأة تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ...
وما بدا منه فلا أحله
فأنزل الله: (یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ)
وكانوا يقفون بعد قضاء المناسك فيسألون الله الدنيا: اللهم اجعله عام خصب، وعام مطر، وارزقنا إبلا، ولا يسألون الآخرة، فأنزل الله: (فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وكانوا يمدحون آباءهم: أبي كان يطعم المسكين ويتفاخرون بالنسب، فقال جل وعلا تعريضا بهم: (فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا)، فأخرجهم من ضيق الثناء على النسب إلى الثناء على الله.
من أشهر العلماء الذين لم يحجُّوا:
ابن حزم، والبغوي صاحب التفسير وشرح السنة، وأبو إسحاق الشيرازي إمام الشافعية، والقاضي عياض إمام المالكية، وابن سِيده، وابن جماعة، وغيرهم.

وبسبب ذلك ظهرت لبعضهم هفوات فقهية، فابن سِيده قال: إن الجمار في عرفة! وقال القاضي عياض: يطوف للوداع مرتين!

وما يُنسب لابن حزم بأنه يقول: السعي بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطًا، ذكره ابن القيِّم في زاد المعاد عنه؛ ولكن في كتابه (المُحلَّى) غير ذلك.

وأما عدم الحج فبسبب الفقر، كما جاء في ترجمة أبي إسحاق الشيرازي: كان فقيرًا، ولو أراده لحملوه على الأعناق.

وأكثر علماء أهل المغرب لبعد الشُقة.
#فوائد_الحج
يتقصد بعض الحجاج المشقة طلبا للأجر، وقد عقد شيخ الإسلام فصلا قصيرا في (قول بعض الناس: الثواب على قدر المشقة: ليس بمستقيم على الإطلاق كما قد يستدل به طوائف على أنواع من الرهبانيات والعبادات المبتدعة…مثل (حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن يصوم وأن يقوم ولا يجلس ولا يستظل ولا يتكلم) …ولو قيل: الأجر على قدر منفعة العمل وفائدته لكان صحيحا، ولكن قد يكون العمل الفاضل شاقا ففضله لمعنى غير مشقته، والصبر عليه مع المشقة يزيد ثوابه فيزداد الثواب بالمشقة كما أن من كان بعده عن البيت في الحج والعمرة أكثر: يكون أجره أعظم من القريب كما قال ﷺ لعائشة في العمرة: (أجرك على قدر نصبك}..فكثيرا ما يكثر الثواب على قدر المشقة والتعب لا لأن التعب والمشقة مقصود من العمل؛ ولكن لأن العمل مستلزم للمشقة والتعب). الفتاوى مختصرا: (٦٢٠/١٠). والمراد: أن المشقة جاءت على سبيل العرض وتبعا للعمل وليست مقصودة عند الشارع في العمل، أو أن يتقصدها العامل.
☝️ ولزيادة الإيضاح بالمثال
فالطواف الواحد يتفاوت الحجاج فيه فبعضهم تزداد مشقته لكبر سنه أو لموافقته شدة زحام من غير تقصد منه أو يصادف في الطريق زحاما للسيارات
ويأتي آخر لنفس الطواف فيجد الطريق سالكا والناس قليل والسيارات تسير بسهولة.
فهذا أعظم أجرا من هذا الوجه.
والحديث الذي في صحيح مسلم
ولكن أجرك على قدر نصبك ونفقتك.

الحافظ رحمه الله تعالى: واستدل به على أن الاعتمار لمن كان بمكة من جهة الحل القريبة أقل أجرًا من الاعتمار من جهة الحل البعيدة وهو ظاهر هذا الحديث.
فالعمرة واحدة
لكن لما صادفت عمرتها المكان القريب لم تكن كالعمرة من ميقات الحليفة.
نقل ابن القيم عن شيخ الإسلام سبع مسائل في التفضيل:
منها المفاضلة بين عائشة وفاطمة رضي الله عنهن، وأيضا بين خديجة وعائشة رضي الله عنهن، وبين الغني الشاكر والفقير الصابر، وبين ليلة القدر وليلة الإسراء، ويوم الجمعة ويوم النحر، وقال في التفضيل بين عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. ثم علق ابن القيم: وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا، فإنه "ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة" وفيهما يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية. وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالى الإحياء التي كان رسول الله ﷺ يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر، فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلى بحجة صحيحة). وأتبعه بقواعد مهمة في مسائل المفاضلة فانظرها. بدائع الفوائد: (١١٠٢/٣).
سئل شيخ الإسلام هذا السؤال العظيم فأجاب في قرابة عشر صفحات بجواب نافع، ومنه هذا المصور: سؤال أبي القاسم المغربي: يتفضل أبو العباس ابن تيمية "بأن يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي؟ ويرشدني إلى كتاب يكون عليه اعتمادي في علم الحديث وفي غيره من العلوم الشرعية وينبهني على أفضل الأعمال الصالحة بعد الواجبات ويبين لي المكاسب كل ذلك على قصد الإيماء والاختصار والله يحفظه.الفتاوى مختصرا: (٦٥٣/١٠)
كان من دعاء إبراهيم: (وأرنا مناسكنا) قال قتادة: أراهما الله مناسكهما؛ الموقف بعرفات، والإفاضة من جَمْع، ورمي الجمار، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، وقد كان من دعاء إبراهيم: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)، رؤية ثمرة العمل الصالح وأثره في الناس من أسباب انشراح الصدر وقرة العين، ومن عاجل بشرى المؤمن، وذلك من نعيم الدنيا العاجل، فاجعل لك عملا تبقي به ذكرك، ودعوات تصل إليك بعد موتك.
2025/06/28 15:04:03
Back to Top
HTML Embed Code: