Telegram Web Link
عن عَبد اللهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من نَزلَتْ بهِ فاقَةٌ، فأنْزلَها بالنَّاس لم تُسَدَّ فاقتُهُ، ومن نَزلَتْ بهِ فَاقَةٌ، فَأنْزلَها باللهِ، فَيُوشِكُ اللهُ لهُ ‌بِرِزْقٍ ‌عاجلٍ ‌أو ‌آجلٍ". (رواه الترمذي في سننه وقال: حديث حسن صحيح).

ما أجمل هذا المعنى وأحوجنا إليه ونحن ننزل فاقتنا بأكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ونحن أحوج ما نكون إلى أن يجعل مولانا الكريم لنا من أمرنا وضيقنا هذا فرجا ومخرجا يُعِز فيه دينه وأولياءه
ونسأله أن يرزقنا ذلك عاجلا غير آجل بفضله وكرمه ورحمته ومنّه سبحانه.
قراءة في أفعال اليهود ونفسياتهم من خلال النظر في كتبهم المقدسة:

لا يمكن لعقل أن يتصور مدى الإجرام والعداء للإنسانية الكامن في قلوب هذه الكائنات اليهودية إلا إذا أدرك حقيقة ما تنطوي عليه عقائدهم ونفوسهم المجبولة بالكفر والعنصرية والاستكبار، وهذا من الحقائق التي أظهرتها هذه الحرب الكاشفة وهو من إيجابياتها لأن حبل عنصريتهم واستكبارهم هذا سيتمادى بهم ويلتف حول رقابهم حتى يختنقوا به لأنه سيقطع عنهم حبل الناس الذين لن يحتملوا عفن هذه الغطرسة والعنصرية.
وقد بدأ تململ الغرب فعلا، وهذا من استدراج اليهود ليحق عليهم وعد الآخرة بإذن الله تعالى.

وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112].

فإنما ضرب عليهم الذل والمسكنة بسبب كفرهم وقتلهم الأنبياء، وإنما كان السبب الرئيسي في ذلك هو استكبارهم وعنصريتهم التي بلغت إلى حد استخدامهم للدين لأجل ذواتهم بدلا من أن يكون العكس، وذلك من خلال تشريعهم لشرائع من عند أنفسهم يرسخون فيها هذه العنصرية والغطرسة كقولهم مثلا بأنهم لن يدخلوا النار إلا قليلا: {قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: من الآية 24]، وإلى حدّ محاربة الله تعالى ورسله إذ يتعارض أمره وشرعه حتماً مع هذه العقائد والتشريعات التي ابتدعتها غطرستهم وعنصريتهم فقال تعالى: {كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [المائدة: من الآية 70]، وكلما ازدادوا تديّناً ازدادوا إيغالاً في هذا المنزلق ونظروا بازدراء إلى سائر البشر {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: من الآية 75].

فلما بلغ بهم الكبر والتعالي على الناس إلى هذا الحد ضرب الله عليهم الذل للناس إلا بحبل من الناس بعد أن قطعوا حبل الله وباؤوا بغضب منه، ولما بلغت عنصريتهم ونظرتهم إلى أنفسهم إلى هذا الحد ضرب الله عليهم المسكنة في أنفسهم واحتقار ذواتهم فإن العدل يقتضي أن يكون الجزاء من جنس العمل.

والفرق بين الذل والمسكنة أن الذل يكون بأمر خارجي كهيمنة العدو فيخضع له ويذل نتيجة هذه الهيمنة، أما المسكنة فهي شعور ذاتي بالنقص والهوان من دون أي تأثير خارجي.

ويلفت الشيخ الشعراوي رحمه الله وجزاه خيرا نظرنا إلى أمر جميل مهم هنا فيقول رحمه الله في تفسيره: "ولنا أن نلاحظ أن الذلة في الآية لها استثناء، فهم ينالون العزة لو كانوا بجانب حبل من الله أو حبل من الناس، أما المسكنة فلا استثناء فيها، لأن المسكنة أمر ذاتي في النفس، إنهم مساكين بأمر من الله، أما الذلة فقد يأتي لهم من ينصرهم ويقف بجانبهم؛ فالذلة أمر من خارج، أما المسكنة فهي في ذاتيتهم، وعندما تكون المسكنة ذاتية فلا إنقاذ لهم منها؛ لأنه لا حبل من الله يأتيهم فينجيهم منها، ولا حبل من الناس يعصمهم من آثارها".

وهذا ينفعنا في معرفة حقيقة نفسياتهم الحقيرة وكيفية التعامل معها لأن اللئيم المطبوع على الهوان والحقارة والشعور بالنقص لا يُرجى منه الخير ولو كان صديقا بخلاف الكريم ولو كان عدوّا.

وعقائدهم المحرفة لا سيما في التلمود تدل على كل ذلك أكمل دلالة، ولذا رأيت أن أبرز بعضها للناس ليطّلعوا على حقائق هذه النفوس الحقيرة المتغطرسة الذليلة وذلك من خلال مقتطفات أنزلها على فترات بإذن الله تعالى.
يقف العقل واللسان والبنان عاجزين أمام الفظائع والمآسي التي يرتكبها أعداء الله والإنسانية من أم تفقد تسعة من أولادها دفعة واحدة صبّرها الله وأعانها وقوّاها، إلى صور الأطفال والأشلاء المقطعة التي تقطع القلب، وقطعان المستوطنين التي تنجس ساحات الأقصى الطاهرة السليبة وتهتف: "لنُسوّي غزة بالأرض"، و"محمد مات" عليه أفضل صلاة وأتم تسليم ولو كره المجرمون.

ولا يقل عن ذلك فظاعة الصمت الرهيب المطبق لأمة الإسلام، وهو صمت مرعب لأنه ينم عن مدى الهوان والذل والصغار الذي وصلت إليه هذه الأمة، إلى الدرجة التي تستضيف فيها المغرب الشقيقة هذا الجيش المجرم الذي يقتل أبناءهم وأخواتهم في غزة لتدريبه على أرضهم، لا يمكن لأي لسان أن يصور هذا الحضيض، فلم يعد في القوس منزع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لكن برغم عظم المصاب فإن من يتخلى عنا فإنما يضر نفسه، وإن عزاءنا "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، وأن لنا الله فهو أرحم بنا من أنفسنا وأمهاتنا وهو أحكم الحاكمين إن لم يكن به غضب علينا فلا نبالي بأحد، برحمته هو وحده نستغيث.

أنا لا ألوم الحكام بل لا أتوجه لهم بخطاب أصلا، لأني أراهم في الغالبية الساحقة أمواتا لا يدركون الخطاب، بل هم مجرد أحجار صماء بكماء عمياء على رقعة شطرنج أو أنعاما ليست أهلا للخطاب ولا تعرف في دنياها هذه إلا شهواتها ولا تفرح إلا بما يقدم لها من تبن وعلف بل هم أضل سبيلا.

ولكني أعتب على كثير ممن بهم بقايا الحياة من علماء وأخيار هذه الأمة التي لا تخلو من خير كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ولو عظم فيها الغثاء لأن العلماء هم قلب الأمة وشريانها النابض وهم قادتها الحقيقيون
فكنا نتمنى منهم جهدا أكبر في توحيد الجهود ورسم طريق الخلاص والرفعة للأمة للنهوض بواجباتها الكبرى، وعلى رأسها اليوم نصرة غزة المكلومة الذبيحة وتحرير الأقصى الأسير، ثم قيادة الأمة للسير في هذا الطريق
قال إمام الحرمين الجويني رحمه الله: "فَإِذَا شَغَرَ الزَّمَانُ عَنِ الْإِمَامِ وَخَلَا عَنْ سُلْطَانٍ ذِي نَجْدَةٍ وَكِفَايَةٍ وَدِرَايَةٍ، فَالْأُمُورُ مَوْكُولَةٌ إِلَى الْعُلَمَاءِ، وَحَقٌّ عَلَى الْخَلَائِقِ عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى عُلَمَائِهِمْ، وَيُصْدِرُوا فِي جَمِيعِ قَضَايَا الْوِلَايَاتِ عَنْ رَأْيِهِمْ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ هُدُوا إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَصَارَ عُلَمَاءُ الْبِلَادِ وُلَاةَ الْعِبَادِ". (غياث الأمم في التياث الظلم، ص: 391) وحكام اليوم كما ذكرت في حكم العدم.

وما يؤثر في العدو الصهيوني المجرم ومَن خلفه هو العمل المنظم المستمر، فقليل دائم خير من كثير منقطع.

فأرجو من سادتنا العلماء أن يوحدوا جهودهم، وعلى رأسهم الهيئات العلمائية العامة والعالمية كاتحاد علماء المسلمين وغيرهم، وأن يشكلوا لجنة علمائية عالمية لنصرة غزة ومساندتها تكون لها لجان عاملة ميدانيا في جميع بلاد المسلمين، وتنبثق منها لجان علمية وسياسية وإعلامية واقتصادية وجماهيرية:
– لتأصيل مسائل الجهاد لا سيما في غزة والتحريض عليه والرد على الشبهات التي تثار حوله.
– وللعمل السياسي المنظم والتأصيل للسياسة الشرعية المعاصرة بما يخدم قضية غزة.
– ولشن حملة دعوية إعلامية واسعة لا سيما في الغرب للتعريف بقضية غزة العادلة وفلسطين عموما من وجهة النظر الإسلامية والتاريخية.
– وأهم ما يمكن أن يؤثر في العدو هو العمل الاقتصادي والجماهيري المضاد، من خلال تحريض الشركات والناس عموما على مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية، وهو أمر له اعتبار عظيم جدا عند رجل تاجر كترامب.
– وكذلك التحريض الجماهيري للخروج المستمر والرباط في ساحات العواصم الإسلامية كل جمعة على الأقل ويكون العلماء على رأسه، فإن هذا من أعظم ما يرعب الصهاينة لأنهم يخافون على عروش الحكام الحاليين أن تهتز فتتحرر الشعوب ويتململ المارد الإسلامي، ولعل هذا التحريض والحشد الأسبوعي يكسر حاجز الخوف عند الشعوب فيتولد ربيع عربي ثان بإذن الله تعالى.
وأبشروا فإن في الأمة خير كثير وطاقة إيمانية عظيمة تحتاج فقط إلى من يوجهها التوجيه الصحيح.

المهم أن المأمول منكم يا سادتنا وتاج رؤوسنا أكبر بكثير من الواقع، وما يزداد عتب المحب إلا لعظم أمله، فسامحونا.

نسأل الله أن ينفعنا وينفع أمتنا بكم، وأن يسددكم ويقويكم ويؤيدكم بروح منه ويهديكم إلى سواء السبيل.

الشيخ الدكتور رامي بن محمد الدالي — غزة

الثلاثاء 29 ذو القعدة 1446 هـ
الموافق 27/ 5/ 2025 م
من مقاصد العشر المباركة ومعانيها

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد..

فإن معرفة مقاصد العبادات ومقاصد مواسمها من أهم ما يعين على أداء العبادة على أكمل وجه ويرسخ القَدَم فيها وفي معرفة أحكامها وأسرارها، وإن من أعظم مواسم العبادة هي هذه العشر المقبلة من ذي الحجة، فأحببت أن أجتهد في بيان بعض مقاصدها لتركيز الجهد وتحصيل أعظم الأجور والمنافع فيها، وهي باختصار كالتالي:

1. إن من أهم مقاصد رمضان تحقق التقوى وما يحتاجه ذلك من حصول المغفرة والتطهر والتجرد، فمن قامه وصامه غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن أهم مقاصد عشر ذي الحجة العتق من النار؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال: "ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ" (رواه مسلم).
فكأن رمضان مقدمة بين يدي العشر ووسيلة إليها، والعيد الصغير مقدمة بين يدي العيد الكبير ليتحقق العتق على أكمل وجه، وهذا يشير إلى أفضلية العشر على رمضان كما ذهب إليه جمع من العلماء باستثناء ليلة القدر التي لها مزيتها الخاصة، وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على أفضلية العشر مطلقا فقال: "أفضل أيام الدنيا العشر"، قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: "ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفَّر وجهه بالتراب". (رواه البزار وغيره وصححه الألباني)، وقال: "ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ." (رواه البخاري في صحيحه).

2. إذا فهمت المقاصد السابقة وأن رمضان كالمقدمة للعشر وهو يتميز بالصيام والقيام؛ تأكد عندنا استحباب قيام ليالي العشر من ذي الحجة وصيام نهارها ما عدا يوم الأضحى، وهذا يجعلنا نتأول باطمئنان حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه مسلم أنها ما رأت النبي صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط على أن ذلك مبلغ علمها لا أنه واقع الأمر، أو على أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله خشية أن يفرض على أمته كما ذهب إليه جماهير العلماء، ويدل عليه أن الصوم داخل في عموم العمل الصالح المستحب في هذه الأيام، والسُّنَّة القولية مقدمة على العملية، ويدل عليه أيضا تأكد استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج كمقدمة مباشرة للعتق.

3. العمل الصالح في العشر مقدمة وتهيئة لحصول العتق، فإن استمرار العمل الصالح لعشرة أيام يرجى أثره في القلب، وتمامه يرجى في شهر، ويستفاد ذلك من شرع شهر رمضان الذي يحقق التقوى ومن شرع الاعتكاف في عشر منه ومن ميقات موسى عليه السلام حيث ابتدأ بالشهر ولما احتاج إلى تمديد مختصر مُد إلى عشر.

4. إن أعظم عبادة ثابتة تؤدى في العشر ويتحقق بها مقصدها هي الحج، ومقصد الحج الأعظم هو ترسيخ التوحيد والعبودية لله وإعلاء ذكر الله تعالى في النفس وفي الأرض، فهو من أعظم شعائر التوحيد ويظهر ذلك في كل منسك من مناسكه، وإن من أعظم مظاهر التوحيد التجرد لله تعالى وقطع العوالق والعوائق دونه كما يظهر في الإحرام وسائر المناسك، وهذا يتم على أكمل وجه في الحج الذي يترتب عليه كمال العتق من النار في يوم عرفة للحجاج الواقفين عليه بكمال التجرد والتوحيد، ولذا كان أفضل ما يقال أثناء الدعاء فيه "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
ثم إن أفضل مظاهر التجرد والتوحيد الذي يقدر عليه كل أحد بعد الحج هو الصوم الذي لا يكون إلا لله تعالى، فشُرع وتأكد استحبابه لغير الحاج في يوم عرفة؛ لكنه احتاج إلى تكميل لنقصه عن الحج فكمل بالأضحية فتأكد استحبابها لغير الحاج لتأكد حاجته إليها ليتم العتق على أكمل وجه لما فيها من معاني التجرد والتعظيم والتوحيد التالية.
ويستفاد من ذلك أن كل عمل تتحقق به العبودية لله تعالى ولو قلَّ مطلوب في العشر، ولكن أعظم وسيلة يُتقرب بها إلى الله تعالى في هذه الأيام ويحقق مقصودها هي أشبه الوسائل بالحج أي العبادات التي يتم فيها ترسيخ التوحيد في النفس والأرض بالتجرد التام وإعلاء ذكر الله تعالى وكلمته ولوائه، ومن أعظمها الجهاد في سبيل الله تعالى، ولذلك ذكر في الحديث عديلا للعمل الصالح في هذه العشر كما مر، ولذلك أيضا كان الجهاد قرينا للحج في كونهما في سبيل الله كما ذكر العلماء في مصرف الزكاة وغيره، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن الحج جهاد النساء.
وكذلك يستحب كل ما اشتمل على هذا المعنى أو قاربه من الأعمال كالصوم كما مر وما في معناه من التجرد لله تعالى باطنا وظاهرا وكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله تعالى ومدارسة العلم وتعليمه وإقامة شعيرة الصلاة في المساجد على أتم وجه من لحوق تكبيرة الإحرام وإتمام الصلاة والخشوع ومن كثرة ذكر الله تعالى وإظهاره، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم الحث على ذلك في العشر فقال: "ما مِن أيَّامٍ أعظمَ عند الله، ولا أحبَّ إليه من العمل فيهِنَّ مِن هذه الأيام العشر؛ فأَكثِروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". وتتحقق بصيغة التكبير المعروفة في العيد، وقد صح عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا يجهران بالتكبير في أيام العشر في الأسواق لكثرة الغفلة فيها ويكبر الناس بتكبيرهم.
ولهذا أيضا لا أرى أفضليةً لاعتكافها كلها مع كونه فاضلا؛ لأنه يمنع من كثير من الأعمال المذكورة وغيرها والتي تتحقق فيها مقاصد العشر أكثر منه. بخلاف اعتكاف عشر رمضان لأن المقصد منه تحصيل ليلة القدر التي عبادتها الأهم تتمثل بالقيام والاعتكاف.

5. ذكرت أن غير الحاج يحتاج إلى تكميل الوسيلة عنده بالتضحية ليكون عتقه من النار على أكمل وجه ويلحقَ بذلك بالحاج؛ وذلك لأن الأضحية تشتمل على معاني عظيمة جدا من معاني التوحيد والتعظيم والتجرد، منها ما يلي:

أ. أنها تذكِّر بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام حين أُمر بذبح ابنه البكر لما تعلق قلبه به.
فيستفاد منها أن الأضحية ترمز إلى ذبح الأنداد التي في قلوبنا من دون الله تعالى لتكون خالصة له وحده؛ لأن هذا هو المقصد الذي أُنزلت لأجله الأضحية على خليل الله عليه السلام.

ب. أنها تذكر بعظيم حق الله تعالى علينا؛ فإنه مهما عملنا فإن عملنا لن يدخلنا الجنة إلا أن يتغمدنا الله برحمته، وإنا لو ذَبحنا أنفسنا وأولادنا وقدمنا أرواحنا وأرواحهم في سبيله لما أديناه حقه سبحانه؛ لأن حقه ونعمه علينا أعظم؛ ولذا أمر الله خليله صلى الله عليه وسلم بذبح ابنه فما اعترض بل سلما تسليما، وهذا هو كمال حق التسليم والعبودية الواجب لله تعالى المستجلب لكمال فداء أنفسنا من عذابه وحسابه، ولكنه تعالى قبِل منا أقل من ذلك بكثير رحمة منه وتفضلا وهو أن نفتدي أنفسنا وأهلينا من النار بذبح من الأنعام بدلا من نفوسنا فيعتق بكل عضوٍ منه عضواً منا من النار؛ ولذا اشتُرطت فيه السلامة من العيوب.
ولذا ينبغي لمن أراد أن يتم عتقه على أكمل وجه استحضار هذا المعنى والمقصد العظيم.
وإذا عُلم ذلك فُهم السر في النهي عن الأخذ من الشعر وغيره لمن أراد التضحية، وهو والله أعلم أن هذه العشر هي مقدمة للعتق من النار الذي يكمل بالافتداء بالأضحية كما سبق، فينبغي أن يُبقي كل ذرة من جسمه لأنه محتاج إلى فدائها فاذا أخذ شيئا فكأنه مستغن أو معرض فيخشى من بعض إعراض الله لعزته البالغة سبحانه فينعدم كمال العتق.

ج. كما أنها تشتمل على معاني أخرى مثل إظهار شكر الله تعالى وحده المنعم المتفضل المتضمن لتوحيده وذكره، ولذا فإنه لا يَذكر عليها عند ذبحها إلا اسمه سبحانه، ومثل البذل والصدقة التي تقي شح النفس وتشيع التكافل والتماسك والموالاة بين المسلمين وغير ذلك مما يحبه الله تعالى.
وهذا يلفتنا إلى أهمية الأضحية وعظيم خطرها ونفعها فلا ينبغي أن يتهاون في أمرها مؤمن يحب الله تعالى ويحرص على فداء نفسه من عذابه، ولكن دورها التكميلي يدل على ترجيح كونها سنة متأكدة الاستحباب كما يقول الجمهور لا واجبة؛ لأن أصل المقصود وهو العتق يتحقق في يوم عرفة، ويستفاد من ذلك أيضا أن النهي عن الأخذ من الشعر وغيره للتنزيه لأنه للكمال أيضا كما في أصل الأضحية.

6. كل عيد إنما يأتي بعد عبادة كبرى تقوم بها الأمة، فيكون بمثابة الجائزة والضيافة من الله تعالى بعد إقبالها عليه، ولذا يحرم صيامه، وهذا يرجح وجوب الحج لمن يستطيعه على الفور، فالحج شعيرة الأمة يجب على كل أفرادها جميعا ممن لم يحج ويستطيع الحج، والحجاج يمثلون الأمة فينبغي ألا يبقى مكلَّف قادر على الحج ولم يحج إلا ويحج إلا من منعه عذر، ثم إن هذا الخير يعم كل من حقق مقاصد الحج ومقاصد العشر ممن لم يتمكن من الحج على قدره، وهذا يبين السر في استحباب التراويح جماعة في رمضان مع استحباب صلاة النافلة في البيوت في غيره وذلك لأن رمضان شعيرة الأمة وعبادتها كذلك.

7. أيام التشريق مع يوم الأضحى أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى؛ لأنها أيام شكر وضيافة من الله تعالى لزوار بيته الحرام ولمن أقبل عليه من عباده في خير أيام الدنيا، ومن مقاصد المداومة على الذكر فيها التعود عليه في غير الأيام المخصوصة ليصير ديدنا لصاحبه؛ لأن المكوث أربعة أيام يُخرج صاحبه من حد السفر إلى حد الإقامة، ولذا أمر المهاجرون ألا يقيموا بمكة فوق ثلاث (متفق عليه) إتماما لهجرتهم لأنهم تركوها لله تعالى، فكذلك حد الإقامة على الفعل يتحقق بالمكوث فيه أربعة أيام على الأقل.

والله تعالى أعلم وأحكم.
س/ هل يجوز تشريك نية صيام العشر الأول من ذي الحجة مع قضاء رمضان؟

ج/ نعم، لأثر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: "وما من أيام أقضي فيها رمضان أحب إلي منها" يعني العشرَ. وذلك لأن المقصود في ذي الحجة مطلق العبادة؛ لفضيلة الزمان، فلا يتعارض ذلك مع قصد قضاء رمضان لأنه من أعظم التعبد فصحَّ التشريك.

وهذا بخلاف تشريك القضاء مع الست من شوال؛ لأن المقصود منها العدد والإضافة والتبعية لرمضان بدلالة الحكمة المنصوصة في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني، ولقوله في حديث مسلم ".. ثم أتبعه ستا من شوال" والإضافة العددية لا تكون إلا بعد اكتمال المضاف إليه أولاً؛ حتى يتحقق الجمع العددي المقصود هنا، فالقضاء يكمل عدةَ رمضان وصيامُ الست يضيف إليه عدة أخرى فلا يجتمعان وبالتالي لا يصح التشريك وهو قول أكثر العلماء والله أعلم.

لشيخنا د. رامي بن محمد الدالي –وفقه اللهُ تعالى–.
قناة: رامي بن محمد الدالي
مقتطفات أنزلها على فترات بإذن الله تعالى.
متابعة لهذا المنشور 👇(وسيتبعه منشورات أخرى بإذن الله، وبعد الانتهاء منها سيتم تجميعها في ملف واحد، ثم دمجها في مجموعة الرسائل إن شاءالله تعالى)
قناة: رامي بن محمد الدالي
قراءة في أفعال اليهود ونفسياتهم من خلال النظر في كتبهم المقدسة: لا يمكن لعقل أن يتصور مدى الإجرام والعداء للإنسانية الكامن في قلوب هذه الكائنات اليهودية إلا إذا أدرك حقيقة ما تنطوي عليه عقائدهم ونفوسهم المجبولة بالكفر والعنصرية والاستكبار، وهذا من الحقائق…
أولا: دحض مزاعم اليهود أعداء الله المفترين

عاش اليهود خلال الأزمنة المتطاولة يقدسون أنفسهم واستكبروا حتى ادعوا أنهم شعب الله المختار لذاته، وأنهم كعرق أبناء الله وأحباؤه، كأن بين الله وبينهم نسبا!! حاشاه، بل تمادى بهم الحال إلى درجة التعالي على الله ذاته سبحانه وصوروه إلهًا لهم خاصة يتزلف لهم أحيانا، واحتقروا غيرهم من البشر مطلقا على أساس عرقي مجرد حتى ساووهم بأحط الحيوانات كما سيأتي.
فاعوجت طباعهم وتلوثت فطرهم وخبثت نفوسهم والتوت أخلاقهم واستحقوا اللعنة والغضب من الله تعالى، وكانوا طوال السنين حربا على الإنسانية والخير وكل ما هو أصيل وسامٍ في النفس البشرية، فلا تكاد تجد فكرا منحرفا منحلا معاديا للعقل والفطرة والدين الصحيح إلا وتجد وراءه يهوديا خبيثا، كبولس الذي حرف النصرانية وأدخل فيها الشرك والتثليث، وعبد الله بن سبأ الذي أسس دين الرافضة، وماركس الذي مزق العالم بالإلحاد، وعبيد الله القداح الذي أسس الدولة الفاطمية العبيدية الباطنية الخبيثة، وغيرهم.
حتى التافهون من المحللين أو الكتاب منهم اليوم ما إن تقرأ لهم أو تسمعهم يبثون أفكارهم إلا وتشعر بالسم الزعاف يتسلل إلى بصرك وسمعك، وما أفيخاي أدرعي النصاب الخبيث عنا ببعيد.
ومن أجل ذلك كله لعنتهم الكتب السماوية ولفظتهم الأمم التي عاشوا بين ظهرانيها، ولم يستطيعوا أن ينالوا محبة شعب أو ثقة أمة من الأمم.

واليهود المفترون يزعمون مع ذلك أن الله تعالى أقطع نسل يعقوب (إسرائيل) عليه السلام الأرض المباركة ومنها أرض فلسطين إلى الأبد، وهذه الافتراءات كلها يدحضها العقل والنصوص المقدسة والتاريخ:

أما العقل:

فإن الله إنما خلق البشر جميعا على شاكلة واحدة عاقلة ليعبدوه، وهو يحاسبهم على هذا الأساس، فمعيار قربهم منه هو طاعتهم وعبادتهم وتقواهم التي خلقهم من أجلها، هذا هو مقتضى العدل الإلهي المطلق، ولا يقبل عقلا أن يكون معيار القرب والبعد عن الخالق سبحانه هو جنس أو لون لا اختيار للإنسان فيه أو ينحاز الله تعالى إلى بعض عبيده دون بعض ويقربهم ويكافئهم مع كونهم أظلم وأطغى وأفجر لأجل مجرد لون أو عرق؛ لأن في ذلك ظلم ومحاباة، والإله الحق منزه عن ذلك كله، وهو سبحانه ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب بل كل الخلق عبيده وهو مليكهم العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

وأما النصوص المقدسة:

فإن التوراة والإنجيل والقرآن متفقة على أن الله تعالى بعدله وحكمته المطلقة إنما يكافئ البار الطائع ولا يمكن أن يكافئ الفاجر العاصي، ولذلك فإنها جميعها متفقة على أن الله تعالى إنما وعد بني إسرائيل الأرض المباركة ومنحهم إياها بشرط أساسي وهو الإيمان والطاعة، فإن هم عصوا وكفروا لم يستحقوا هذه الهبة وهذا التكريم الإلهي.

ومع أن اليهود المفترين يتجاهلون هذا الشرط إلا أن الله صرفهم عن تحريفه في توراتهم ليكون حجة دامغة عليهم، فقد جاء الشرط فيها صريحا:
– "إذا حفظتم جميع هذه الوصايا التي أنا أوصيكم بها اليوم لتحبوا الرب إلهكم وتسلكوا في طرقه وتلتصقوا به، يطرد الرب جميع هذه الشعوب من أمامكم، فترثون شعوبًا أكبر وأعظم منكم." (سفر التثنية 11:22 - 23).
– وجاء على لسان موسى عليه السلام: "وإن نسيت الرب إلهك وذهبت وراء آلهة أخرى وعبدتها وسجدت لها أشهد عليكم اليوم أنكم تبيدون لا محالة كالشعوب الذين يبيدهم الرب من أمامكم كذلك تبيدون لأجل أنكم لم تسمعوا لقول الرب إلهكم" (سفر التثنية 8: 19 – 20).
– وتلاحقهم لعنة الله أينما كانوا: "والباقون منكم ألقي الجبانة في قلوبهم في أراضي أعدائهم فيهزمهم صوت وَرَقة مندفعة فيهربون كالهرب من السيف ويسقطون وليس طارد، ويعثر بعضهم ببعض كما من أمام السيف وليس طارد، ولا يكون لكم قيام أمام أعدائكم فتهلكون بين الشعوب وتأكلكم أرض أعدائكم،والباقون منكم يفنون بذنوبهم في أراضي أعدائكم" (سفر اللاويون 38: 16 ـ 39).
– وجاء في الإنجيل على لسان عيسى عليه السلام: "يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا" (إنجيل متى 23: 37 – 38).
– وجاء فيه أيضا: "ويعبر أمم كثيرة في هذه المدينة ويقولون الواحد لصاحبه: لماذا فعل الرب مثل هذا لهذه المدينة العظيمة؟ فيقولون: من أجل أنهم تركوا عهد الرب إلههم" (سفر أرميا 22: 8 – 9).
وفي القرآن الكريم:
– قال الله تعالى مبينا للشرط حكاية عن موسى عليه السلام: ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 21]، وقد ارتدوا على أدبارهم وكفروا وقتلوا الأنبياء.
– وقد بين الله تعالى في القرآن الكريم أن هذا الشرط عام وليس خاصا باليهود لأن الله تعالى إنما أنزل دينه الحق ليتم نوره ويظهره على الدين كله لتكون كلمته سبحانه هي العليا، فاقتضت حكمته أن الأرض يرثها عباده الصالحون فقال: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: 128].
– وقال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105].
ولهذا لما لم يحقق بنو إسرائيل الشرط انتقل منهم الميراث إلى أمة التوحيد الحق، وقد تنبأ المسيح عليه السلام بنبي يأتي من بعده به تختم النبوة ويسلم إليه وإلى أمته الميراث، فجاء في الإنجيل: "أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية، من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره" (سفر متى 21: 42 – 43).
– وردا على افتراءاتهم العنصرية قال الله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [المائدة: 18]
– وبين تعالى أن دينه القويم الحنيف كان موجودا قبل اليهودية واليهود فكيف يدعون لأنفسهم أنهم وحدهم على الحق دون الناس جميعا حتى ادعوا زورا وبهتانا أن إبراهيم عليه السلام كان يهوديا للإجماع على إمامته: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ... مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 65-67]
– وقال عز وجل مبينا لمعيار العدل والحق: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: من الآية 13]، ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 124]، ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾ [هود: 46].
– وقال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ ‌يُسْرِعْ بِهِ ‌نَسَبُهُ" (رواه مسلم في صحيحه).
– وقال صلى الله عليه وسلم وهو يذكر الفتن: "ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي، وَإِنَّمَا ‌أَوْلِيَائِي ‌الْمُتَّقُونَ" (رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني).
وأما التاريخ:

فإن المؤرخين مجمعون على أن فلسطين كانت مسكونة بسكان أصليين من الكنعانيين وغيرهم قبل مجيء اليهود إليها بآلاف السنين، والتوراة تؤكد ذلك.

وإنما حكم اليهود أجزاء من فلسطين لفترة قصيرة لم تتجاوز أربعة قرون، بينما استمر الحكم الإسلامي فيها أكثر من 13 قرنًا، وما زال الإسلام فيها وحولها قويا راسخا وجزء كبير من أهلها لا يعترفون أصلا بالدولة اليهودية، مما يدل على أن المسلمين أحق بها وأولى تاريخيا ودينيا، إذ إن اليهود والمسلمين كليهما يدعون أنهم موعودون بها من الله تعالى، فتاريخ المسلمين وتمكينهم الطويل فيها ووراثتهم الكاملة لها يدل على أن الحق معهم بلا ريب.

وقد طُرد اليهود من القدس ولم تعد لهم أي مملكة في فلسطين منذ عام 70م بعد أن طردهم الإمبراطور الروماني تيتوس، فهل يعقل أن تسلب منهم الأرض التي وعدوا أن يملكوها إلى الأبد بزعمهم إلى هذه الأيام –أي قرابة ألفي سنة–!؟ فأي أَبَدٍ هذا!؟ بل هذا هو السلب والحرمان والعقاب بعينه.

وقد جاء في التاريخ أنه لما ارتقى جوليان عرش الإمبراطورية الرومانية أنقذ اليهود إلى أجل قصير من التعذيب الذي فرضه عليهم أسلافه، فقد خفض عنهم الضرائب المفروضة عليهم، وألغى القوانين التي تجعلهم أقل منزلة من غيرهم، وصرح لهم بإعادة بناء هيكلهم من مال الدولة لممارسة عبادتهم، وأعاد فتح القدس لليهود، فهرعوا إليها من جميع أنحاء فلسطين ومن كل ولاية في الإمبراطورية، وسخّر الرجال والنساء والأطفال جهودهم لإقامة البناء وتبرعوا بحليهم وما ادخروه من أموالهم لتأثيث الهيكل الجديد.

ولكن سرعان ما تبددت نشوتهم، فبينما كانوا يحفرون الأرض لوضع الأساس إذ خرج من باطنها لهيب أحرق عددا من العمال والمهندسين القائمين بالعمل، غير أن اليهود عادوا إلى العمل من جديد فعادت هذه الظاهرة مرة أخرى وبالتالي ثبطت همة القائمين بالمشروع وفرح المسيحيون بهذه الظاهرة، إذ بدا لهم أن الله غير راضٍ عن إعادة بناء الهيكل، وعجب اليهود من هذا وحزنوا له.

ثم مات الإمبراطور جوليان فجأة، فحبست عنهم أموال الدولة، وسنت من جديد القوانين المقيدة لهم، وجعلت أشد صرامة مما كانت عليه من قبل، وحُرِم على اليهود مرة أخرى دخول أورشليم فعادوا إلى منفاهم وفقرهم وصلواتهم.»
(إسرائيل والتلمود - دراسة تحليلية: إبراهيم خليل أحمد، ص14، 15)

والواقع أنها لعنة الله حلت بهذا الشعب، ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [البقرة: من الآية 61]، وقال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [المائدة: 78]، وقال: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا ...﴾ [الأعراف: 167-168].

والتفسير الواقعي المنطقي الوحيد المقبول لعودتهم إلى فلسطين بعد كل هذه السنين هو ما نص عليه القرآن كإعجاز غيبي عظيم يفسر هذه العودة ويبين أنها طارئة عابرة وأنها استكمال لعقابهم وتدميرهم لأنهم ما ازدادوا إلا كفرا وطغيانا، حيث قال سبحانه: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ... فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: 4-7].

ولم يجتمع لهم علو مع إفساد كبير في هذه الأرض إلا مرتين فقط بالإجماع، الأولى مضت في عهد نبوخذ نصر، والثانية هي هذه المرة.
فنحن بانتظار وعد الآخرة فيهم حتما بإذن الله تعالى، وقد بدأت أولى مراحله وهي إساءة الوجه في طوفان أكتوبر، ونسأل الله تعالى أن يتم بنا وعده الحق بدخولنا المسجد الأقصى فاتحين متبرين ما علوا تتبيرا وما ذلك على الله بعزيز.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

يتبع يإذن الله
أيها الإخوة جاهدوا أنفسكم ألا تميل مع الصفقة يمنة ويسرة واثبتوا مع الله عز وجل ولا تلتفتوا بقلوبكم عنه إلى ترامب وغيره فإن ما يقدره سبحانه هو الخير ونحن تحت رحمته وحده وقلوب العباد كلها بين أصبعين من أصابعه فلا نسأل سواه ولا نستعين بسواه بل ولا نرى سواه عز وجل.

وادعوا لإخوانكم المفاوضين أن يثبتهم الله ويسددهم ويوفقهم لما يحب ويرضى ولما فيه الخير لشعبنا وأن يؤيدهم وييسر أمرهم
لماذا_هذا_البلاء_الشديد؟_وما_هي_نهايته_طالما_أن_المقصود_منه_وهو.pdf
1.1 MB
لماذا هذا البلاء الشديد؟
وما هي نهايته طالما أن المقصود منه "وهو التطهير" لم يتحقق ظاهرا؟
🌹 وعد النبي صلى الله عليه وسلم من يلزم الصلاة عليه أن يُغفر له ذنبه ويُكفى همه، وبالفعل هناك قصص عجيبة في تفريج الكربات لأناس التزموا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
❤️فلنعلنها يا أهل غزة حملة حب للنبي والتزام للصلاة عليه لعل الله يرحمنا بحبه صلى الله عليه وسلم ويرفع البلاء
🍀نرجوا النشر على أوسع نطاق بارك الله فيكم

✍🏻لا يصمت لسانك عن الصلاة على حبيبك صلى الله عليه وسلم
اليومان المكفران عرفة وعاشوراء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد..

فإن تخصيص يومين من السنة كلها قائمَين على مناسبتين منفصلتين لتكفير الذنوب ليوحي بعِظَم هاتين المناسبتين ورمزيتهما الدينية المهمة وكذلك بوجود رابط ما بينهما.

فيوم عرفة مرتبط بذلك الجمع المهيب المبارك على الجبل، وهذه المناسبة المباركة هي الوقوف بباب الرحمن جل وعلا للتطهر والتأهل قبل أن يؤْذَن لهم بزيارة الرب سبحانه في اليوم التالي؛ ولذلك كان هذا التطهر الذي يؤهل صاحبه لزيارة رب السماوات والأرض سبحانه هو أعظم تأهل يرفع صاحبه إلى مقام القرب من الله تعالى على الإطلاق.
وإذا تأملنا ما شُرع في هذا اليوم من الدعاء والإكثار من التهليل سنجد أن المعنى ينصبُّ في مقصد ترسيخ التوحيد الخالص لله تعالى؛ لأن أعظم مظاهر هذا التوحيد هو الإقرار باللسان بكثرة التهليل وشدة الخضوع والذل والافتقار له وحده سبحانه الذي يمنع من الالتفات إلى غيره والتجرد له، ويظهر ذلك في لباس الإحرام المتجرد من الدنيا وفي الدعاء الباكي المحترق الذي تتجسد فيه أسمى مظاهر الذل والافتقار له وحده سبحانه دون سواه فالقلب لا يلتفت لسواه بل لا يرى أصلا سواه لأن كل ما سواه يتلاشى وينخنس إلى أصله الذي هو العدم ولا يبقى في القلب ما يستحق التوجه إليه إلا الحق سبحانه ولا أحد يستحق أن يوقَف ببابه ويُعبد ويُسأل إلا الحي القيوم الملك الوهاب سبحانه.
فهذا التوحيد والتجرد هو أعظم ما يصلح القلب على الإطلاق، وأعظم تجلياته تكون في الحج في يوم عرفة، ولذلك إذا تحقق هذا المقصد على أكمل وجه فإنه كفيل بإبراء القلب وإصلاحه صلاحا لا ينكسر بعده أبدا، ولذا كان الحج المبرور عبادة العمر إذ إنه يُصلح ما فات ويقيل العثرات ويصلح ما هو آت فيكون وقودا لا ينفد.
ولكن رحمة الله تعالى تأبى أن تتجاوز غير الحاج في هذه المناسبة الجليلة المباركة فشرع له الصوم لأنه أقرب عبادة تتحقق فيها تلك المعاني من التوحيد ـ إذ لا يكون الصوم إلا لله ـ والتجرد لله من كل ما يَلفت عنه من الدنيا وشهواتها، ولكن الصوم لا يقوى على ما يقوى عليه الحج؛ فجُعل كل سنة ليقوم في السنة مقام الحج في العمر.
وهذا التوحيد هو المقصود الأعظم من الخلق لأنه لب العبادة التي خلقنا من أجلها.

ولكن مفهوم التوحيد والعبادة يبقى أوسع من دائرة الشخص نفسه وإن كانت هي الأساس؛ إذ هو الخلافة التي تقتضي أيضا توحيدَ الله تعالى وإقامةَ أمره ونشرَ نوره وإحقاق الحق وإبطال الباطل في الأرض كلها، لكن دائرة النفس هي الأصل وبقدر إحكام التوحيد في النفس بقدر إحكامه في الأرض، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "المجاهد من جاهد نفسَه في ذات الله".
ولذلك جاء يوم عاشوراء ليذكرنا الله تعالى من خلاله بتمام هذه المهمة التي خلقنا من أجلها، والتي لخصها قول نبينا صلى الله عليه وسلم لليهود الذين رآهم يصومون عاشوراء لأنه اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى عليه السلام وأغرق فيه فرعون: "نحن أَولى بموسى منكم"، فإن هذه الكلمات القليلة تعني انتقالَ الخلافة والأفضليةَ على العالمين إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهم الذين تُناط بهم مهمة الخلافة والرسالة وإقامة التوحيد في الأرض إلى قيام الساعة.
واختيار موسى عليه السلام بالذات لأنه أول رسول تتجسد فيه الخلافة على أكمل وجه بنزول كتاب وشريعة متكاملة عليه وهي التوراة لتأهل البشرية لذلك، وكل مَن بعده من الأنبياء تبع له؛ فاستلم الراية محمد صلى الله عليه وسلم من بعده.

ولذلك جاء صوم عاشوراء بعد عرفة؛ ليتمم معنى التوحيد ويذكرَ بالمهمةِ العظمى التي أُنيطت بهذه الأمة المباركة والمسؤوليةِ العظمى الملقاة على كاهلها.
ولذلك أيضا جاء أجر عاشوراء على النصف من عرفة؛ لأن المعنى الذي يرسخه عرفة هو الأصل وذلك فرعه.

والله تعالى أعلم.
قناة: رامي بن محمد الدالي
لماذا موقف عرفة في الحِل وليس في الحرم
وأعظم ما نتقرب به إلى الله سبحانه وتعالي لترسيخ التوحيد في القلب
ولماذا الجهاد في سبيل الله والصيام من أفضل الأعمال التي ترسخ التوحيد في القلب لغير الحاج
ولماذا الحاج غير محتاج للصوم في هذا يوم عرفة

وما هو السر في التكبير والتهليل والتحميد

وما هي الأسرار والمعاني التي في الأضحية (١/ ذبح الأغيار والأنداد التي في قلوبنا من دوان الله. ٢/ حق الله علينا عظيم ولو أمرنا أن نضحي بأنفسنا وأولادنا لكان ذلك قليلا في سبيل الله)
ولماذا يشترط أن تكون الأضحية سليمة الأعضاء
ولماذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المضحي أن يأخذ من أظفاره وأسعاره شيئا؟

وما هو السر في أن هذه الأيام عددها ١٠ أيام؟

وسبب الأمر بكثرة الذكر في أيام التشريق {كذكركم آباءكم أو اشد ذكرا}
ولماذا هي أيام أكل وشرب يحرم صيامها
ولماذا عدد أيام العيد مع أيام التشريق ٤ أيام
لماذا موقف عرفة في الحِل وليس في الحرم

وأعظم ما نتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى لترسيخ التوحيد في القلب
ولماذا الجهاد في سبيل الله والصيام من أفضل الأعمال التي ترسخ التوحيد في القلب لغير الحاج
ولماذا الحاج غير محتاج للصوم في هذا يوم عرفة

وما هو السر في التكبير والتهليل والتحميد

وما هي الأسرار والمعاني التي في الأضحية (١/ ذبح الأغيار والأنداد التي في قلوبنا من دوان الله. ٢/ حق الله علينا عظيم ولو أمرنا أن نضحي بأنفسنا وأولادنا لكان ذلك قليلا في سبيل الله)
ولماذا يشترط أن تكون الأضحية سليمة الأعضاء
ولماذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المضحي أن يأخذ من أظفاره وأشعاره شيئا؟

وما هو السر في أن هذه الأيام عددها ١٠ أيام؟

وسبب الأمر بكثرة الذكر في أيام التشريق {كذكركم آباءكم أو اشد ذكرا}
ولماذا هي أيام أكل وشرب يحرم صيامها
ولماذا عدد أيام العيد مع أيام التشريق ٤ أيام

"لم نستطع خدمة الدرس أكثر من ذلك بسبب ظروف الشبكة والكهرباء"
دعواتكم لشيخنا ولأهل غزة
قناة: رامي بن محمد الدالي
لأسرار والمعاني التي في الأضحية 14:57
١/ ذبح الأغيار والأنداد التي في قلوبنا من دون الله 16:00
٢/ [تفريغ نصي] حق الله علينا عظيم جدا، ولو أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نضحي بأنفسنا وأولادنا في سبيله لكان قليلا في حق الله عز وجل، والإنسان إذا استحضر هذا المعنى وعرف أن كمال العبودية وكمال التسليم لله عز وجل يكون بالتضحية بالنفس والمال والولد في سبيل الله عز وجل فإنه ينبغي أن يستعد لذلك وأن يتأهب لذلك، لأن هذا كمال التسليم وكمال العبودية لله عز وجل، أن يكون عندك الاستعداد أن تضحي بنفسك وولدك ومالك من أجل الله عز وجل.
ولذلك لمّا أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يذبح ولده (وليس أن يذبح نفسه؛ لأن ولده أحب إليه من نفسه) ولمّا أُمر إسماعيل أن يستجيب لإبراهيم عليه السلام لأن هذا أمر من الله سبحانه وتعالى قال {يا أبت افعل ما تؤمر} مباشرة طاعة وتسليم تام لله عز وجل، فلم يعنرض إبراهيم عليه السلام ولم يعترض إسماعيل عليه السلام ...، بالعكس؛ أسلما لله عز وجل؛ لأنهما يعلمان ان حق الله عليهما التسليم التام، والتسليم التام يقتضي أن يضحي الإنسان بكل شيء، بنفسه وولده وماله وبكل ما يملك في سبيل الله عز وجل.
لكن الله سبحانه وتعالى
كل عام وأنتم بخير إخواننا الفضلاء

ولا تهنوا ولا تحزنوا على فوات شعيرة الأضحية علينا في غزة

فإننا إذا استحضرنا هذه المعاني والأسرار في شعيرة الأضحية التي ذكرها شيخنا حفظه الله هان علينا ذلك
كنت كثيرا ما أفكر في حديث: "أَوَّلُ هَذَا الْأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ إِمَارَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الْحُمُرِ؛ فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ ‌أَفْضَلَ ‌رباطِكُمْ ‌عَسْقَلَانُ".

وهو حديث عجيب صححه العلامة الألباني وغيره، ويشهد له الواقع:
– فإنه بعد النبوة كانت خلافة على منهاجها.
– ثم ملك ورحمة، أي ملك إسلامي يغلب فيه الشرع والدين ولكن ليس كخلافة النبوة.
– ثم يتفكك هذا الملك إلى إمارات يغلب فيها الشرع والدين أيضا، وهو تماما ما حصل في أواخر الخلافة العباسية.
– ثم تغيب الرحمة لغياب الشريعة وتحول الحكم إلى حكم جبري دنيوي محض يتصارع عليه أصحابه كالحمر، وهو يمثل واقعنا الحالي.

وكنت أفكر في طبيعة المخرج الذي دل عليه الحديث وهو الجهاد، وأتساءل لماذا كان الرباط في هذه المرحلة هو خير الجهاد!؟ مع أن الجهاد بشكل عام أفضل من الرباط لأنه رباط وزيادة قتال.

فخطر لي أن الحديث يدل على المخرج الخاص بهذا الزمان، وأن أفضل مخرج منه (من حيث البداية والانطلاق وقوة التأثير وأجر السبق والإلهام) هو الرباط الخاص الذي سيكون في غزة (وهي من قضاء عسقلان وعلى حدودها)، وهو رباط حرب وشدة له قوة الجهاد وشدة القتل والقتال، وهو ينطبق على ما نحن فيه اليوم.

أي إن الرباط الذي نحن فيه الآن سيكون بإذن الله تعالى بداية التغيير وسبيل الخروج من هذه الحقبة المظلمة في تاريخ الأمة، ثم سينتشر الجهاد بعد ذلك لتنتهي هذه المرحلة تماما وتسقط أصنامها ورموزها الضالة تباعا كما سقط بشار وتبدأ مرحلة الخلافة الراشدة بإذن الله تعالى كما في الحديث الآخر الحسن: "تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ".

وفي ذلك بشارتان:

الأولى: أن المخرج من هذه الحقبة المظلمة قد بدأ والفرج قريب بإذن الله تعالى عموما في الأمة وخصوصا في غزة.

الثانية: أنه يشير إلى أن المقصد من هذا الرباط وهذه الحرب هو أن تكون هذه الحرب في غزة ملهمة للأمة لتكون بداية طريق التحرر والانعتاق بإذن الله تعالى، وهذا يعني أمرين:

الأول: أن هذه الحرب ستنتهي بنصر غزة إن شاء الله؛ لأنها لن تكون ملهمة إلا بالنصر.

الثاني: أن الفرج قريب في غزة بإذن الله، لا كما يتصور كثير من الناس حيث يظنون أن الفرج لن يحصل إلا إذا حدث تغير كبير في الأمة بالفعل.

وذلك يبدو بعيدا ولا تظهر بوادره، ولكننا إذا علمنا أن المقصود الإلهام وفتح الطريق لا ذات التغيير وأن التغيير سيبدأ بعد ذلك نتيجة هذه التجربة الملهمة؛ فتالله إن الإلهام لحاصل الآن بعد قرابة السنتين من الصمود والرباط والجهاد الأسطوري الذي شهدت له الدنيا بأسرها، وهو جهاد ملهم لكل الشعوب العربية التي لا تملك حكوماتها مجتمعة من القوة والهيمنة العالمية ما تملكه دولة الكيان المسخ، وتمام المقصود يدل على قرب الفرج، ونحن فقط بانتظار اللمسة الأخيرة وهي العزة والنصر في غزة إن شاء الله لأنه لا يكتمل الإلهام إلا به كما ذكرت.

لشيخنا د. رامي بن محمد الدالي حفظه الله
2025/10/22 10:31:04
Back to Top
HTML Embed Code: