Telegram Web Link
وفي هذا السياق أيضا لشيخنا الدكتور رامي الدالي حفظه الله 👇
لماذا طال أمد الحرب؟.pdf
1.1 MB
لماذا طال أمد الحرب؟ (1)

الشيخ د. رامي بن محـمد الدالي

الخميس 26 شوال 1446هـ
الموافق 24/ 4/ 2025م

رابط الجزء الثاني/ https://www.tg-me.com/ramydaly/6003
لماذا طال أمد الحرب؟ (2).pdf
1011 KB
لماذا طال أمد الحرب؟ (2)

الشيخ د. رامي بن محمد الدالي –حفظه الله ونفع بعلمه–

رابط الجزء الأول/ https://www.tg-me.com/ramydaly/5996
تعانق السنن.pdf
669.9 KB
تعانق السنن

رامي بن محمد الدالي
لماذا_هذا_البلاء_الشديد؟_وما_هي_نهايته_طالما_أن_المقصود_منه_وهو.pdf
1.1 MB
لماذا هذا البلاء الشديد؟
وما هي نهايته طالما أن المقصود منه "وهو التطهير" لم يتحقق ظاهرا؟
تأملات في سورة الإسراء.pdf
969.3 KB
تأملات في سورة الإسراء

رامي بن محمد الدالي
قراءة_في_أفعال_اليهود_ونفسياتهم_من_خلال_النظر_في_كتبهم_المقدسة،.pdf
1 MB
قراءة في أفعال اليهود ونفسياتهم من خلال النظر في كتبهم المقدسة

رامي بن محمد الدالي
Forwarded from قناة: محمد إلهامي (محمد إلهامي)
ما نراه من عجز الأمة أمام المشاهد الحارقة الكاوية في غزة، هو في حقيقة الأمر "الاختبار الصهيوني" لردة فعل الأمة حين يقررون هدم الأقصى!

المسألة لم تعد الآن مسألة حركة إسلامية اتخذت قرارا محسوبا أو غير محسوب (مع أنه لا يُعرف في فقه المسلمين ولا في تاريخهم: ترك المسلم يُذبح ويُقتل وخذلانه لأنه اخطأ في قرار جهاده.. إنما المتكلمون بهذا يحاولون تخدير ضمائرهم وتبرير عجزهم)..

لم تعد المسألة الآن مسألة حركة أو قرار أو حتى غزة.. لقد آلت الأمور إلى أن الأمة الآن في اختبار حرج وخطير.. اختبار القدرة والعجز..

وتبدو النتائج حتى الآن، وكأن الأنظمة الحاكمة قد استطاعت حقا حبس هذه الأمة وتكبيلها.. وهو ما يعني بوضوح: أن التفكير في هدم الأقصى هو الأمر القائم الآن!

ولا تستغرب هذا.. فقد جرى احتلال بيت المقدس (1917م)، وما كان هذا الأمر مُتَصَوَّرًا أبدا، ولا كان يخطر بذهن الأمة التي عاشت قرونا في ظل المماليك والعثمانيين حتى ذهب من ذاكرتها تماما أن بيت المقدس احتلها الصليبيون يوما ما (حتى صلاح الدين كان شخصية منسية في أجيال ذلك الزمن.. إنما أعيد تذكره وانتشر ذكره بعد احتلال بيت المقدس)..

لا تستغرب أيضا أن الإنجليز تخوفوا من احتلال بيت المقدس، فلم يسمحوا للصهاينة بالاستيلاء عليه في 1948م، لخوفهم من أن يثير هذا ثورة عامة في ديار المسلمين من الهند إلى المغرب..

لكن النكبة جاءتنا حقا وصدقا حين تولى الحكم في بلادنا أمثال عبد الناصر والحسين بن طلال وحافظ الأسد.. فجرى احتلال بيت المقدس دون أن تطلق حوله طلقة، ولا أن يسقط تحته شهيد.. وانسحبت جيوش مصر والأردن، بل أُكِلت كما تؤكل الزبدة.. طيبة شهية سائغة للآكلين!!

وأشدُّ من ذلك وأكثر مرارة أن الأمة لم تستطع أن تخلع نظاما من هذه الأنظمة جراء خيانته لبيت المقدس.. بل كانت الشدة والسطوة والقسوة كفيلة بأن يعيد نفس هؤلاء الحكام تلميع أنفسهم، وأن يبقوا في مناصبهم، لتُسْتَكمل مسيرة الخزي والعار والهزيمة..

ثم أشدُّ من ذلك أيضا: أن هذه الأنظمة نفسها ساقت نفس هذه الشعوب المقهورة إلى السلام مع الصهاينة.. الأمر الذي لم يكن يخطر ببال أحد ولا حتى في الخيال في ذلك الوقت..

نحن الآن في وضع أشد من كل ما سبق.. لقد استطاعت هذه الأنظمة استعمال الشعوب والبلاد في حصار أهل فلسطين وقتلهم وتجويعهم وإمداد الصهاينة بالسلاح والغذاء وبالدعم الإعلامي.. حتى صارت القنوات "العربية" تأكل جثة الفلسطينيين وتؤنبهم وتوبخهم وتنصر الرواية الصهيونية عليهم!!

بل صارت مقرات أجهزة الأمن والمخابرات في بلادنا تسلخ المقاومين وتعذبهم عذابا شديدا لتستخرج منهم المعلومات التي تساعد في ضربهم وإنهائهم.. فليس في الكلام أدنى مبالغة حين تقول: إن أنظمتنا الحاكمة هي أدوات إسرائيلية صهيونية!!

لا أريد الآن إلا أن تفهم أن الأمة في لحظة حرجة.. وأن بقاء هذه الأنظمة يساوي فعلا هدم الأقصى وإنشاء إسرائيل الكبرى.. دون قدرة من هذه الأمة على دفع هذه النكبة والكارثة!!

إن الذي يحدث في غزة يكشف كثيرا من الحقائق لمن لم يكن يعرفها.. فأما من رضي بالجهل والغفلة فهو وما أراد.. وقد ذكر الله في كتابه أقواما فوصفهم على هذا الوصف {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا}.
لاحظ أ. محمد جلال كشك أن بين الغزوة الصهيونية في القرن العشرين والغزوة الصليبية في القرن الحادي عشر شبهًا يلاحظه كل دارس للتاريخ. وفي سياق حديثه عن ظروف ظهور القيادة الجديدة (صلاح الدين) التي حطَّمت ليل الهزيمة والانكسار، وبعثت روح المقاومة في الأمة، يقول:

"وإذا قلبنا الصفحات السود للغزوة الأولى (الغزوة الصليبية في القرن الحادي عشر)، سنجد أن الجماهير التي رزحت طويلًا تحت حكم وسيطرة الطبقات والقيادات المهترئة العفنة، وتحملت استغلالها واستبدادها وجبروتها، توقعت منها أن تهب لأداء مهمتها التاريخية وهي الدفاع عن الأرض التي تستغلها، ولكن الجماهير دفعت ثمن ثقتها في هذه القيادات، فكانت الانهيارات التي ترجع إلى الصدمة النفسية التي أصابت الجماهير بفعل الثقة الخاطئة التي وُضعت في غير محلها. فلما اكتشفت مدى انهيار هذه القيادات كانت الصدمة.

فالجماهير في طرابلس كانت تقاتل ضد الحصار الصليبي المتفوق، وصمدت الجماهير وهي تنتظر وصول الأسطول الفاطمي من مصر، أكبر دولة عربية وقتها وصاحبة السيادة على الشام. وفي صبيحة يوم تناقلوا نبأ وصول سفينة خاصة قادمة من مصر تحمل رسولًا خاصًّا من الخليفة الفاطمي، وتطلعوا إلى السفينة والرسول يتوقعون نجدة أو تعليمات خاصة فيما هم فيه.
فإذا بهم يعرفون أن مهمة الرسول الخاص هي البحث عن فتاة جميلة بلغ صيتها القاهرة، فأرسل الخليفة يطلبها، كما يطلب كمية من أخشاب المشمش تصلح لصنع عود لزوم الفرقة الموسيقية بقصر الخليفة!
وكانت الصدمة النفسية العنيفة التي أدت إلى تخاذل الجماهير عن القتال، وسقطت المدينة في يد المحاصرين.

فهذه الجماهير التي وضعت ثقتها خطأ في القيادات المهترئة، ارتكبت خطأ أفحش عندما تخلت عن القتال لمجرد افتضاح حقيقة هذه القيادات، ولكنها كانت مجرد مرحلة طبيعية، انتقلت الجماهير من الثقة الخاطئة في قيادات عاجزة إلى السلبية واليأس، ثم تخطتها سريعًا إلى مرحلة تحمل المسؤولية، ثم مرحلة الالتفاف حول القيادة الجديدة التي ستنبثق عنها حركة الأحداث".

في ظل حديث قادة العدو عن أطماعهم التوسعية، بل عن عقائدهم الدينية فيما يتعلق بحدود الكيان، وفي ظل طبيعة ردود الدول العربية، التي جاهر نتنياهو برغبته في مدّ “إسرائيل الكبرى” على أراضيها، لا يبقى مجال للتساؤل عمّا ستفعله قيادات هذه المناطق المستباحة والمهددة؛ إنما يبرز السؤال الأهم: كيف ستتصرف الجماهير… وماذا ستفعل الشعوب؟
أنزح للجنوب ولا ما أنزح ؟!

نقاش عقلي هادئ

⚠️ ألم يزعم الاحتلال من قبل، أن مواصي خانيونس آمنة !!
ألم يستشهد فيها أناس أكثر ممن استشهد ربما في غزة ؟!

🚨ألم يصرح الاحتلال، بأن دير البلح والوسطى ستكون المرحلة الثانية للعملية العسكرية بعد غزة لا قدر الله؟!

تزعلش مني لو صارحتك بقول: أنني مقتنع بأنني لو نزحت لمدينة الخيام التي يعمل عليها الاحتلال في جنوب موراج، لو عشت فيها، فسيحرص المحتل أن يعيشني فيها عيشة الكلاب، في معسكرات، أشبه بمعسكرات الاعتقال الكبيرة، ولكن على هيئة أسر وعائلات.

فهل هذه العيشة التي نتمنى أن نحياها ؟!

⚠️ هل تظن أنه لو تم تهجيرك خارج غزة، ستعيش عيشة الملوك، وستفتح لك الدنيا أبوابها ؟!

‼️ اسأل الناس اللي سافروا إلى دول قريبة من غزة، قبل إغلاق المعبر، اسألهم كيف يعيشون !!!

⚠️ وقبل أن أختم أذكرك هذه المرة النزوح راح يكون غير !!!

🚨 فإذا خرجنا من شمال غزة هذه المرة، *فلن نعود إليه مرة أخرى !!

مدرك بأن خيارات الثبات في شمال غزة ليست سهلة، ولكن النزوح للجنوب لن يكون أسهل.

ولذلك تفكيرك بالنزوح جنوبا، يعمل على تأجيل خوفك فقط !!

إن كنت تظن أن النزوح للجنوب سيجعلك في مأمن، فقد أخطأت التقدير.

إن كنت تظن أن المكان الذي يعد الاحتلال للنازحين جنوب موراج سيكون جنة، فقد أخطأت التقدير !

أخيرا، والله وتالله وبالله وأنا أقسم على ذلك، إن هذه آخر ورقة سيجربها المحتل !!

فإن أفشلناها، بثباتنا، والله سينتهي العدوان.

ماذا نفعل ؟!
١. ثباتنا في غزة وشمالها.
لا أقول نعرض أنفسنا للموت، ولكن تحرك من مكانك حال الخطر لمكان داخلي أكثر أمنا، *فالعدو يلعب على عامل الزمن كثيرا، ولذا يحاول التسريع من وتيرة التدمير، لكنه لا يملك ترف الوقت حاليا.

٢. نثبت من حولنا، وننشر حسن الظن بالله والتفاؤل، فهذا من نهج الأنبياء.

٣. مجاهدونا ما فرطوا من قبل، ليفرطوا بغزة في مثل هذا الوقت، فهم أمل للأمة جمعاء، فلنكثف الدعاء لهم.

٤. عملية أسر جديدة لجندي واحد لو حصلت خلال محاولة الاحتلال حصار غزة، كفيلة بإذن الله تعالى أن تقلب المشهد رأسا على عقب.

أخيرا: كل الأنبياء مروا بمحطات قريبة مما يحصل لنا في غزة اليوم، ولما انعدمت كل خيارات الأرض وأغلقت كل أبوابها، فتح الله لهم أبواب السماء، فصرف عنهم ما كانوا يكرهون، وسيكون ذلك لغزة بعون الله.

فلن يأتي أشد مما مضى، ولن يحمل الله غزة ما لا طاقة لها به.


منقول// https://www.tg-me.com/ssadlll2027/112
احتفل #الشعب_الأفغاني بمرور 4 سنوات على انتصارهم على الإمبراطورية الأمريكية بعد 20 عاما من الاحتلال، و 106 أعوام على انتصارهم على الإمبراطورية البريطانية، و 35 عاما على انتصارهم على الامبراطورية السوفيتية.. شعب بسيط هزم ثلاث إمبراطوريات كبيرة، لأنه يملك العقيدة و الشجاعة والإرادة، وهكذا شعب #فلسطين سيهزم كل الامبراطوريات التي تحاربه وتريد اقتلاعه من أرضه، لأنه يملك العقيدة والشجاعة والإرادة والأرض التي يدافع عنها ويتمسك بالبقاء فيها..
#أحمد_منصور
تأملات في حقيقة الحرب (1)

محمد إلهامي: "ما نراه من عجز الأمة أمام المشاهد الحارقة الكاوية في غزة، هو في حقيقة الأمر "الاختبار الصهيوني" لردة فعل الأمة حين يقررون هدم الأقصى!
المسألة لم تعد الآن مسألة حركة إسلامية
اتخذت قرارا محسوبا أو غير محسوب (مع أنه لا يُعرف في فقه المسلمين ولا في تاريخهم: ترك المسلم يُذبح ويُقتل وخذلانه لأنه اخطأ في قرار جهاده.. إنما المتكلمون بهذا يحاولون تخدير ضمائرهم وتبرير عجزهم).."

للأسف مازال كثيرٌ من البسطاء والسطحيين والعاطفيين من العوام بل ومن أهل العلم يحبسون أنفسهم وعقولهم في زاوية مظلمة ملتبسة الحقائق اسمها "7 أكتوبر" ولا يزالون يعيشون الحدث الذي انتهى تماما خلال يومين أو ثلاث وكأن ساعاته القليلة قد وسّعها خيالهم قصراً لتشمل الزمان كلّه.

فهم لايدركون أو لا يريدون أن يدركوا - لهول الصدمة أو لضعف النفوس وركونها إلى الدنيا وعدم قدرتها على تحمل النتائج الصعبة والتكلفة القاسية - أن7 أكتوبر قد انتهت تماماً بحقيقتها (التي هي دفع المحتل وتحرير الأرض المغصوبة) وآثارها التي ما توقع أحد أن تزيد على ستة أشهر على أبعد تقدير ولا أن تصل إلى هذه الوحشية والإجرام في ردة الفعل وأن مايجري الآن هو حدثٌ منفصلٌ تماماً وحرب إباده واستئصال عرقي يشنّها المحتل المجرم ويتحمل جميع تبعاتها ومسؤولياتها بشكل تامٍ ومنفرد ولايربطها بـ 7 أكتوبر إلا علاقة سببية ضعيفة كسببية الوالد في وجود ولده الذي قتل وأجرم دون تدخل والده، فهل يؤاخذ الوالد ويُعاقب لمجرد أنه سبب في وجود ذلك الولد؟ بالقطع لا؛ لأن هذه السببية الضعيفة انتهت عند السبب الحقيقي الأقوى وهو إرادة القاتل.

وكذلك الأمر هاهنا، فإن سببية 7 أكتوبر لما تعانيه غزة اليوم انتهت عند إرادة المحتل القاتل المجرم تجاوُز كل ردات الفعل المحتملة والمضي قُدما في إبادةٍ لا مبرر لها سوى أنها تتساوق مع إجرامه وتعطشه العقائدي لدماء الفلسطينيين وتهجيرهم، كمن قتل شخصا فاستغل أولياء المقتول الحادثة فقتلوا كل عائلة القاتل انسياقا لحقد دفين قديم في قلوبهم على العائلة، فلو فرضنا ان القاتل الأول كان مخطئا ومعتديا فهل يبرر ذلك قتل كل عائلته؟!
وكذلك لو افترضنا أن 7 أكتوبر كان اجتهاداً خاطئاً من قائدٍ أثبتت طريقة استشهاده البطولية صدق نواياه فهل يبرر ذلك عدوان المحتل وإجرامه وردة فعله التي فاقت حدود العقل والعُرف والإنسانية؟!

ولقد أدرك ذلك الانفصال بين 7 أكتوبر وحرب الإبادة الحالية كل الناس حتى أوروبا الظالمة فبدءوا يحمّلون المحتل المسؤولية الكاملة عن هذه الحرب ويسحبون ذرائعه إلا ترامب وليّهم الحميم وهذه الفئة التي ذكرتها من البسطاء والعاطفيين الضعفاء، والسبب في ذلك أحد أمرين:
إما الجهل بحقائق الواقع وعقائد اليهود العنصرية الإجرامية، وإما الركون إلى الدنيا وكراهية الموت الذي يدفعهم للاستسلام  واختيار السلام والنجاة على ذات الشوكة والجهاد، وحتى لا يظهروا بمظهر الخانع الضعيف لايفتؤون يصبون اللوم على 7 أكتوبر والمقاومة ويضخمون أخطاءها دون إعذار ويستخدمون هذا الحدث وتلك الأخطاء - التي لايخلو منها عامل - ذريعةً للمطالبة بالاستسلام، ويتسربلون بهذه الحجة ويزوقونها بكلامهم المُنمّق وتقعيراتهم الفقهية الشاذة الركيكة المعتمدة على أمثال هذه المغالطة كمغالطة المفاسد والمصالح (وسأفرد الحديث عنها والرد عليها إن شاء الله) وإنما يُخفونَ بها عوراتهم سواء كانوا يشعرون او لا يشعرون، ولكن هذه الحرب هي الكاشفة حقا، وبعض المنافقين قال الله عز وجل فيهم مع نفاقهم ﴿أَلا إِنَّهُم هُمُ المُفسِدونَ وَلكِن لا يَشعُرونَ﴾، فالمسلم أولى ألا يشعر بفساده وإفساده أحيانا لأنه يظن أنه على الحق ويريد الحق ولاينتبه إلى مكمن الخلل الدقيق في قلبه الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أخفى من دبيب النمل أحيانا.

وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الخلل في قوله: "يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا". فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ". فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ". (رواه ابو داوود في سننه وصححه الألباني).
ولا أجد مثلاً على ماذكرت من الانفصال بين 7 أكتــ.ـوبر والحرب الحالية وضعف السببية بينهما وانعدام أثرها من محاجّة موسى لآدم عليهما السلام كما في الصحيحين، قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ،وَأَشْقَيْتَهُمْ. (وفي رواية: أَنْتَ أَبُونَا، خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ. وفي رواية أخرى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَغْوَيْتَ النَّاسَ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) قَالَ: قَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ الله عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى".

فقد حمّل موسى آدم عليهما السلام مسؤولية نكبة أبنائه بخروجهم من الجنة وكل ماحدث لهم بعد ذلك من شقاءٍ وآلام لأنه كان السبب في ذلك، فتنصّل آدم عليه السلام من هذه المسؤولية لأنه لما أكل من الشجرة لم يكن يقصد أن يضر أحدا ولم يتوقع أن يحدث كل هذا الذي حدث وإنما أكل من الشجرة باجتهادٍ خاطئٍ أخطأ في تقديره وتقدير نتائجه ولم يقصدها، ولأن السبب الأقوى والمباشر الذي قطع سببيته الضعيفه هو قدر المولى العظيم الذي قدّره لذريته رحمةً وعدلاً وحكمةً والذي هو فوق قدرته وتقديره وتفكيره وتوقعه فلا يلام عليه من هذه الجهة وإنما يُلام فقط على خطئه الخاص وهو الأكل من الشجرة، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم لآدم عليه السلام بأنه حجّ موسى عليه السلام أي: غلبه في الحجة.
فهل يسلّم هؤلاء لحكم النبي صلى الله عليه وسلم أم يلومون أبانا آدم عليه السلام على هذه الحرب أيضا كونه السبب الأول للنزول من الجنة وكل شقاء بعدها!؟

هذا إذاً هو السبب الأول في عدم فهم الواقع وعدم الفصل بين ما نحن فيه وبين 7 أكتوبر وهو الجهل أو مرض القلب بالركون للدنيا وحبها...

يُتبع.

رامي بن محمد الدالي

الأربعاء 26 صفر 1447 هـ
الموافق 20 أغسطس 2025
تأمّلٌ وسط الخوف والظلام (1)

سبحان الله...
والله أجلس مع نفسي أتفكر في هذا الكرب العظيم الذي نحن فيه والذي ينتظرنا مع التهديد باحتلال غزة فأتلمّس نوراً عظيماً من بعيد لكن لا تخطئه عيناي وسط الظلام ويطرب له قلبي وسط الخوف والهمّ والأحزان المتراكمة.

أشعر أن إلـٰهنا ومولانا وحبيب قلوبنا جلّ في عُلاه يريد أن يطهرنا ويعلمنا ويصطفينا بهذا البلاء العظيم الشديد الذي يزداد ويتصاعد دون أن يظهر أي طوق نجاة في الأفق، وهذا هو سرُّ هذا البلاء، أن يضيّق الله تعالى الطوق على القلب ويسد عليه المنافذ والأبواب كلها إلا بابه الذي لايسد أبدا حتى يطرد من القلب كل التفاتٍ إلى غير مولاه عز وجل وكل أملٍ بغيره وكل ركونٍ إلى غيره، فلا يعود يرى سواه ولا يطمئن ولا يلجأ لسواه ولا يتعلق بسواه فيكتمل اليقين والتوحيد اللذان هما أعظم كنز يمكن أن يحصل عليه العاقل في هذه الحياة الدنيا وتكتمل السعادة في هذا القلب وتتحول المحنة إلى أعظم منحة.

قال تعالى : ﴿... حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾، ﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾.

يا الله... ما أعظم العيش مع هذا النور الذي لا أجمل منه ولو كان وسط كل هذا الظلام والخوف، وما أعظم هذا الربح الذي لا ترجح عليه خسارة فيصير القلب يرى بنور مولاه، فيرى من النصر وبشائر التمكين ما لا يراه الناس ولا يكادون، ويذكو فيه الأمل حين يذبل الفؤاد وييأس الناس وتدْلهمّ السّبل، وتطمئن الروح إلى رحمة مولاها ولطفه وحنانه ورحمته وحسن الظن به والرضا بقضائه والثقة بوعده حين تتقلب القلوب والأبصار وتبلغ القلوب الحناجر ويظن الناس بالله الظنونا.

والله إن مجرد الانتباه والشعور بهذه المعرفة الغالية العزيزة والإيمان الجازم بها الذي هو أعظم النّعم والمنن والإحساس بهذا الاصطفاء الخاص ليُنزل في القلب الطمأنينة والسعادة التي تغمر ظلمات الخوف والهم والحَزَن، وإن التحقق بنور واحد من أنوار اليقين والتوحيد والقرب لهو أحب إلينا وخير لنا من الدنيا ومافيها ومن كسبه فما خسر شيئا ومن خسره فما كسب شيئا.

وأدركت أن هذا النور هو الفرج الحقيقي وإن ضاقت الدنيا مهما ضاقت لأنه سرُّ السعادة حقاً كمَّاً ونوعاً:
فمن حيث الكمّ فهي السعادة التي لا يمكن أن تقارنها سعادةٌ أخرى في الكون والنور الذي لا يمكن أن تقف أمامه ظلمات الخوف والهمِّ والحَزَن لأن مقرّ السعادة هو القلب وسعادة كلِّ شيء بتحقق كمال ماخُلق لأجله، فالسعادة والاستمتاع بالعين يكون بقدر قوة إبصارها وباليد بقدر قوة بطشها وهكذا، والقلب إنما خُلِق لأجل معرفة الخالق سبحانه وتوحيده وتلقي أنواره فكمال سعادته بكمال ذلك.
وأما من حيث النوع، فهي السعادة التي تدوم ولا تنقطع فكل ما قد يحُفُّها من خوفٍ وأحزان يزول لا محالة ولو بالموت وتبقى هي خالدةٌ بلا زوال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حين هُدِّدَ بالقتل والأسر والنفي: "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني، إنّ حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة".

فيارب تحنّن علينا وارحم ضعف قلوبنا وسرعة تقلبها وحقق فينا هذه الأنوار وثبتها ورسّخها في قلوبنا وزدنا علماً وتضلّعاً بها فإن فيها عوضاً من كل فَقْد وجبراً لكل كسر وعوناً على كل عظيمة ونوالاً لكل عزٍّ وخير وفرّج مع ذلك كُرباتنا فإن عافيتك أوسع لنا.

والحمد لله رب العالمين.

رامي بن محمد الدالي

السبت 29 صَفَر 1447 هـ
الموافق 23 أغسطس 2025 م
🛡 التكافل المجتمعي.. سلاحنا الذي لا ينفد

شعبنا في غزة يخوض معركته الكبرى بوعيٍ وإيمان، فلا يقتصر الصمود على خطوط المواجهة حيث يقاتل المجاهدون، بل يمتد إلى كل بيت وحي وشارع.

🔹 كل موقف صادق، وكل يد تمتد لإعانة جارك، وكل لقمة تُقسم مع أسرة محتاجة، وكل كلمة طيبة تُقال في وقت الشدة.. هي رصاصات في معركة الثبات.
🔹 التكافل المجتمعي هو السور الذي يتحطم عليه الاحتلال، وهو السلاح الذي لا يستطيع عدونا كسره مهما امتلك من ترسانة نارية.
🔹 حين نتكاتف، نُفشل مخطط التجويع، ونكسر مؤامرة التركيع، ونُثبت أن غزة عصية على الانكسار.

ليتذكر كل واحدٍ منّا أن مسؤوليته اليوم لا تقل عن مسؤولية المقاتل في ميدانه؛ فالصمود مسؤولية جماعية، والنصر يصنعه الجميع.

🇵🇸 الجبهة الداخلية الفلسطينية 🇵🇸

📲 للمتابعة: تلجرام www.tg-me.com/jabha_d
بوت التواصل : @jabha_dpbot
قاتَل حتى آخر نفس ..
يا لسعدهِ والله .. ضحِكَ إليهِ ربُّهُ إن شاء الله

أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ "الَّذِينَ إِنْ يُلْقَوْا فِي الصَّفِّ لَا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ، حَتَّى يُقْتَلُوا، أُولَئِكَ يَتَلَبَّطُونَ فِي الْغُرَفِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ، وَيَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ، وَإِذَا ضَحِكَ رَبُّكَ إِلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا فَلَا حِسَابَ عَلَيْهِ" [رواه الإمام أحمد في مسنده وقوّاه الأرنؤوط].

اللهم ارزقنا ثباتا كهذا الثبات
تأمّلٌ وسط الخوف والظلام (2)

﴿وَلَمّا رَأَى المُؤمِنونَ الأَحزابَ قالوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَما زادَهُم إِلّا إيمانًا وَتَسليمًا ۝ مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا ۝ لِيَجزِيَ اللَّهُ الصّادِقينَ بِصِدقِهِم وَيُعَذِّبَ المُنافِقينَ إِن شاءَ أَو يَتوبَ عَلَيهِم إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفورًا رَحيمًا ۝ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذينَ كَفَروا بِغَيظِهِم لَم يَنالوا خَيرًا وَكَفَى اللَّهُ المُؤمِنينَ القِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزيزًا﴾

من عجيب حِكم الله تعالى أن جعل البلاء أحد الأسباب الرئيسية للتطهير وزيادة الإيمان والتسليم ولذلك جعله من حِكم الخلق وقرَنه به فقال تعالى: ﴿إِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَليهِ فَجَعَلناهُ سَميعًا بَصيرًا﴾، وجعل الصبر من أهم أسباب دخول الجنة فقال عز وجل: ﴿وَما يُلَقّاها إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَما يُلَقّاها إِلّا ذو حَظٍّ عَظيمٍ﴾

والسر في ذلك أن البلاء يُضيّق الخناق على القلب ويفصله عن الدنيا التي هي من أهم مواد فساده وغفلته فيبدأ بالاستيقاظ والالتفات لأنوار الحق والآخرة، ثم يزيد الخناق أكثر فيزيد الاختبار للعقل والقلب هل يختاران الإيمان ويثبتان عليه ويسلّمان للمولى عز وجل ويتبعان أمره برغم ما يكلف ذلك من أذى وشقاء أم يضعفان ويسلِّمان للراحة والهوى.

وذُكر الإيمان والتسليم ﴿إيمانًا وَتَسليمًا﴾ لأن كمال الإنسان بهما معاً فهما معرفة الحق واتباعه، فالمعرفة لوحدها دون اتباع لا تكفي بل تكون وبالاً وحجة على صاحبها، واتباع الحق لا يمكن أن يتم على الوجه الصحيح إلا بمعرفته ولذا أُثر من دعاء السلف: "اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه".

فكلما اختار الإنسان الإيمان والتسليم زاده الله إيماناً وتسليماً في كل مرة وذلك من عدل الله وكرمه، قال تعالى: ﴿هَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلَّا الإِحسانُ﴾ ﴿وَالَّذينَ اهتَدَوا زادَهُم هُدًى وَآتاهُم تَقواهُم﴾ حتى يصل الأمر في الشدة إلى درجة المفاصلة الكبرى التي تنقل صاحبها إلى مرحلة الإحسان وذلك حين يصل البلاء والاختبار إلى درجة من تراكم الفتن وانتفاش الباطل وتزيينه واغترار أكثر الناس به وقوة الشبهات وكثرتها والتباس الحق وخفوته جداً وسط ظلمات الفتن والمحن والاستيئاس من انتصاره بحيث تسد كل أبواب الأمل والحجج العقلية والحسابات المادية تقريباً ولايبقى سوى قوة الإيمان بالغيب المحض وقوة الثقة بالله وحده بحيث يصير المرء بين خيارين لا ثالث لهما ولا وسط بينهما:
إما أن يختار الإيمان المُجرّد ويعاند ويجابه كل مغريات الباطل وحججه وانتفاشه وتغوّله وقوته الظاهرية التي تكاد تصرع العقل والقلب معاً ويخالف أغلب الناس لأن الله تعالى يقول: ﴿وَما أَكثَرُ النّاسِ وَلَو حَرَصتَ بِمُؤمِنينَ﴾.
وإما أن ينهار ويستسلم أمام هذه القوة الجبارة ظاهراً والتي هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت مهما انتفشت فقد قال علام الغيوب سبحانه: ﴿مَثَلُ الَّذينَ اتَّخَذوا مِن دونِ اللَّهِ أَولِياءَ كَمَثَلِ العَنكَبوتِ اتَّخَذَت بَيتًا وَإِنَّ أَوهَنَ البُيوتِ لَبَيتُ العَنكَبوتِ لَو كانوا يَعلَمونَ﴾ ﴿ إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا﴾ ﴿إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيطانُ يُخَوِّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذينَ كَفَروا فِي البِلادِ﴾ ﴿وَقُل جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ إِنَّ الباطِلَ كانَ زَهوقًا﴾ ﴿بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى الباطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيلُ مِمّا تَصِفونَ﴾.

فإن اختار الأولى تمحّض الإيمان في قلبه خالصاً واكتمل واشتعل عقله وقلبه نوراً وصار سراجاً منيراً لأن كمال الإيمان يكون بكمال الإيمان بالغيب ولا يكمل الإيمان بالغيب إلا إذا خالف ظاهر العقل وبادئ الرأي وقدم الوحي الصادق على العقل القاصر، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه حين قال في حادثة المعراج: "إن كان قال فقد صدق"، وقال عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم التي أطاشت عقول أفضل الناس وأكملهم بعد الأنبياء: "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لايموت"، وحين أمضى جيش أسامة رضي الله عنه ثم قاتل المرتدين رغم معارضة الصحابة العقلية له وقوة حججهم السياسية المادية إذ كيف يُخرج الجيش الذي هو قوة المسلمين حينئذٍ وعَصبهم إلى الروم البعيدة والمدينة محاصرة؟ وكيف يقاتل المرتدين الذين يمثلون غالبية العرب وكانت المدينة وسطهم كالجزيرة الصغيرة وسط البحر الهائج؟ وكان بالإمكان سياسياً أن يقبل منهم ترك الزكاة مرحلياً ثم إذا تمكن بعد ذلك أرغمهم على إيتائها،
ولكن جوابه الصارم كان أنه سينفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنفاذ جيش أسامة مهما كان يقيناً منه بأن الخير كله في الاتباع ولن يسمح للمرتدين بأن يثلموا في الإسلام ثلمة قد لا تنجبر أبداً وأن ينقص الدين وهو حي يقيناً منه بأن الله تعالى وحده هو ولي النصر والتمكين "واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهَا"، فكانت النتيجة أن انتصر بعد بلاء عظيم حتى جاء عمر رضي الله عنه وقبّل بين عينيه وقال له: "لولا أنت لهلكنا"، فضرب لنا إلى يوم القيامة أعظم الأمثلة في اليقين وكان صدّيق الأمة حقاً.

وفي العصر الحديث حين عُرض على شيخ المجاهدين الشيخ أحمد ياسين أن يوقّع على ورقة يوافق فيها على اتفاقية أوسلو مجرد توقيع يخرج مقابله من السجن وينهي حكم المؤبد العسكري المحدد بتسع وتسعين سنة فرفض التوقيع وتحدى العدو بشموخ الإيمان وقال: "إن الذي يملك أن يُخرجني هو وحده الذي قدّر لي الدخول"، فكانت النتيجة أن أخرجه مولاه رغم أنوفهم في قصة محاولة اغتيال الأستاذ خالد مشعل المعروفة.
وكذلك المُلّا محمد عمر في أفغانستان حين قال بكل يقين: "إن الله وعدنا بالنصر، وبوش وعدنا بالهزيمة، فسترون أي الوعدين أصدق"، فصدّقه مولاه بعد عشرين سنة ونصر رايته أعز نصر.

هذا من جانب الإيمان، أما من جانب التسليم فيصل البلاء من الشدة بالمسلم المصطفى إلى درجة المساس بالروح فيكون محصوراً بين أمرين لا ثالث لهما أيضاً: إما التسليم لمولاه واتباع أمره مقابل تهديد روحه وما يملك وإما التسليم للهوى والنجاة، فإن اختار الأول زاده الله تسليماً وصار خالصاً مخلَصاً محرراً لمولاه وباع نفسه لله ولم يلتفت لسواه واكتمل نوره باكتمال الإيمان والتسليم معاً وبدأ يسير في مراحل مرتبة الإحسان التي يعبد الله فيها كأنه يراه بعد أن نقله البلاء والحصر الشديد إليها أو قرّبه منها، فهذا من أسرار قوله تعالى: ﴿وَما زادَهُم إِلّا إيمانًا وَتَسليمًا﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" (رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الأرنؤوط)، وقوله: "... كانَ الرَّجُلُ فِيمَن قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فِيهِ، فيُجَاءُ بالمِنْشَارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، ويُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ" (صحيح البخاري).

ويرجى بعد ذلك لمن ازدادوا إيماناً وتسليماً وصدقوا ماعاهدوا الله عليه ومابدلوا تبديلًا أن يجزيهم مولاهم بصدقهم فيعذب أعداءهم ويكفيهم إياهم ويردهم عنهم وحده سبحانه إن علم ضعفهم وعجزهم كما بينت الآيات التي في صدر المقال.

وهذه الحرب الضروس لمن أوضح الأمثلة على ما ذكرت من البلاء الشديد وما يترتب عليه من الآثار على مستوى الإيمان والتسليم لا سيما مع اشتداد البلاء بالتهديد باحتلال غزة وما يترتب عليه من انقسام الناس إلى من ينوي الثبات والرباط والجهاد إلى آخر رمق ويبيع نفسه لله فطوبى له ثم طوبى له أولئك الذين يُرجى لهم أن يبلغوا بنيتهم الصادقة أن يكونوا ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يتلبطون في الدرجات العلى ويضحك الله لهم، وإلى من يقرر الثبات إلى أقصى ما يستطيع من غير القادرين على الجهاد فهو من الناجين بإذن الله، وإلى من يقرر الفرار فورا وعدم تحمل جزء من مشاق الجهاد والرباط بدون أي ضعف أو عذر سوى إيثار السلامة والراحة الشخصية واستسلاما لتخويف الشيطان وإيهاماته التي يخوفنا بها من أوليائه فهذا يعرض نفسه لعذاب الله تعالى لأنه يساهم في إنجاح خطة العدو وتحقيق أهدافه.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وزدنا إيمانًا وتسليماً، اللهم رد الأحزاب عنا بغيظهم دون أن ينالوا خيراً واكفناهم كيف شئت وكفّ عنا بأسهم وشرّهم وثبت قلوبنا وأقدامنا إن قَدَّرت اللقاء.
اللهم آمين

رامي بن محمد الدالي

الأحد 1 ربيع أول 1447 هـ
الموافق 24 أغسطس 2025 م
حســن الظـن بالله في وجـه التهجير

أيها الصابرون في غزة المباركة...
يا من ضُربت بكم الأمثال في الصبر والثبات، إن من أعظم ما يحتاجه القلب في زمن المحن: حسن الظن بالله.
حسن الظن بالله ليس كلمات تُقال على اللسان، بل هو يقين يملأ القلب بأن الله لا يقدر إلا الخير، وأن ما يبدو لنا ابتلاءً إنما هو فى ميزان الغيب رحمة ورفعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله".
وما أجمل أن يظل قلب المؤمن عامراً بالثقة بربه، يرى في هدم بيته بناءً لأجره، وفي دموعه مغفرةً لذنبه، وفي فقده وابتلائه رفعةً لدرجاته.
وفي ظل التهديدات التي يمليها الاحتلال بتهجير أهل غزة من ديارهم، نزداد يقيناً أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وأن وعد الله حق، ولن يُضيع الله قوماً رابطوا وصبروا واحتسبوا.
إياك وأن تخاف شيئاً قبل حدوثه، لا تتخيَّل، واصرِفْ فِكرك وخوفك عن الغيبيات فهي في عِلمِ الله، واعلم أن البلاء إذا نزل على العبد ينزل معه اللطف، فإذا تصوّرت البلاء قبل أن يقع فقد استقبلت البلاء بدون لُطفٍ وأهلكت روحك..
واجبٌ عليك أن تتيقن أن لك رباً قيوماً لا ينام، فاطمئن به، وتوكل عليه، واستبشِر، وتفاءل بالخير تجده!
إنه مهما طال الليل، فلابد أن يعقبه الفجر.
ومهما اشتد البلاء، فإن وراءه فتحاً ونصراً.
قال تعالى: ﴿سَيَجعَلُ اللَّهُ بَعدَ عُسرٍ يُسرًا﴾ .
وما دمنا نحسن الظن بربنا، فإننا نوقن أن رحمته أوسع من جراحنا، وأن فضله أعظم من فقدنا، وأن ما عنده خير لنا مما فاتنا.
يا أهل غزة... إن جراحكم ترفع درجاتكم، ودموعكم بين يدي الله لا تضيع، ودماء شهدائكم تصنع للأمة حياة جديدة.
يا أهل غزة أنتم في رباط، وقد بشَّركم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق... لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله".
تفاءلوا.. فإن مع العسر يسرا.
أحسِنوا الظن بالله.. فهو سبحانه عند حسن ظن عبده به.
وانتظروا الفرج.. فإنها عبادة الصادقين الصابرين.

(من مطبوعات أكاديمية المرقاة للتعليم والتدريب)
https://www.tg-me.com/almarqaa/492
2025/10/19 00:54:31
Back to Top
HTML Embed Code: