Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
"الحاخام كوك يواصل الصلاة من أجل الأسرى بغزة"
إذا كان هذا المس الشيطاني صلاة من أجل أسراهم ومقاتليهم فلتطمئن قلوب المتوكلين على إله الحق رب العالمين
المئات يتجمعون حول جثمان الشهيد طارق دلول من نخبة القسام في مستشفى شهداء الأقصى، بعد أن فاحت منه رائحة المسك.
فرح البعض لخبر اغتيال القادة، ثم تلاشت أفراحهم هباء، من كان هذا حاله ولو كان غزاويا فيخشى عليه من الكفر، أو على الأقل أن يبوء بإثم مقتلهم حكما لا حقيقة، والاختلاف مع المسلم لا يلغي حدود الولاء بين المسلمين المختلفين.

من كان في قلبه شك في أن الأمريكي ليس وسيطا محايدا فالآن تجلى الأمر وانزاح الستر وأفصحت الفعال عن النيات الخبيئة الخبيثة والمكر الكبير، فلا يعول عليهم بعد ذلك إلا خب مهما علا شأنه وذاعت سمعته.

لو أرادت العرب نجاة الغزيين - ربما - فقد جاءت الفرصة سانحة لقلب الطاولة على العدو واستثمار الحدث بذكاء ودهاء وجعله أداة فعالة في إنهاء الحرب على غزة، كيف؟ لا أدري لكن هم يدرون، يمكن استخدام قاعدة العديد الأمريكية في قطر مثلا كورقة ضغط.

نأمل من الله وحده أن تكون هذه العملية الفاشلة طوق نجاة لأهل غزة المنكوبة، وأن يكون هذا الفشل هو من مكر الله لأهل غزة، ومكره على يهود وكبيرهم العتل الجواظ المتكبر، ولا أنسى الشيطان الأكبر الأمريكي.

رحم الله من قضى لا سيما أخانا الحبيب الدكتور همام الحية طالب العلم، الحافظ لكتاب الله، عرفته في ليالي الاعتكاف صاحب خلق وأدب وسمت حسن، بسام المحيا، يأسرك بتواضعه، وأحسب أنه من المخلصين وأنه كان من طلاب الشهادة، ولا أزكيه على الله؛ فكيف لرجل تأتيه منيته شهيدا في بلاد ليست مظنة القتل والشهادة، يذكرني هذا بدعاء عمر رضي الله عنه حين قال: اللهم شهادة في سبيلك، في بلد رسولك، والمدينة حينها ليست بلد حرب وقتال، حتى جاءته الشهادة إلى محرابه.

اللهم احفظ القادة ينكأون لك عدوا ويمشون إلى صلاة، ووفقهم واهدهم لما فيه مصلحة العباد والبلاد، آمين
صلى الله على نبينا محمد وسلم، الذي أخبرنا منذ الزمن الأول عن القتال مع اليهود في آخر الزمان.
وأحداث الواقع متوجهة إلى هذه الحقيقة التي أخبر بها النبي ﷺ، منذ مجيئهم من أشتات الأرض إلى فلسطين حتى طغيانهم وعلوّهم الحالي.
وستثبت الأيام أن حقائق الوحي هي الصواب، وأن الصورة السلمية المعاصرة ليست إلا وهماً وهباء صنعه ساسة العالم المجرمون بعد الحرب العالمية الثانية وفرضوه علينا ولم يلتزموا به.
وبناء على ذلك فإن الأولوية اليوم لا بد أن تتوجه إلى مركزية الوعي بسبيل المجرمين وتحقيق التدافع مع العدو الصهيوني المحتل وأنصاره وأعوانه، وهي أولوية قصوى ولا معنى للانشغال عنها بغيرها -وإن كان لا بأس بالانشغال بغيرها معها-.
هذا أولاً..

أما ثانياً؛ فإن التوسع الصهيوني الأخير وعلوهم وطغيانهم وضربهم في كل مكان دون رادع،
وعربدتهم في غزة دون ممانعة من الخارج،
وحالة الحيرة العمياء التي تحيط بالأمة في ظل ذلك؛ لم يكن هذا كله فجأة،
بل كان نتيجة لحرب شعواء وُجهت على الفاعلين المؤثرين في الأمة منذ بضع وعشرين سنة من الآن حتى امتلأت بهم السجون والمقابر وأُبعدوا عن مساحات التأثير الحقيقية على الأمة.
ومن هنا فإن من أعظم واجبات الوقت إمداد الأمة بجيل جديد من العاملين والمصلحين مع السعي إلى نصرة رموز الأمة التي غيبت عن هذا الواقع.
قناة: رامي بن محمد الدالي
وهذه الحرب الضروس لمن أوضح الأمثلة على ما ذكرت من البلاء الشديد وما يترتب عليه من الآثار على مستوى الإيمان والتسليم لا سيما مع اشتداد البلاء بالتهديد باحتلال غزة وما يترتب عليه من انقسام الناس إلى من ينوي الثبات والرباط والجهاد إلى آخر رمق ويبيع نفسه لله فطوبى له ثم طوبى له أولئك الذين يُرجى لهم أن يبلغوا بنيتهم الصادقة أن يكونوا ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يتلبطون في الدرجات العلى ويضحك الله لهم، وإلى من يقرر الثبات إلى أقصى ما يستطيع من غير القادرين على الجهاد فهو من الناجين بإذن الله، وإلى من يقرر الفرار فورا وعدم تحمل جزء من مشاق الجهاد والرباط بدون أي ضعف أو عذر سوى إيثار السلامة والراحة الشخصية واستسلاما لتخويف الشيطان وإيهاماته التي يخوفنا بها من أوليائه فهذا يعرض نفسه لعذاب الله تعالى لأنه يساهم في إنجاح خطة العدو وتحقيق أهدافه.
"وهذه الحرب الضروس لمن أوضح الأمثلة على ما ذكرت من البلاء الشديد وما يترتب عليه من الآثار على مستوى الإيمان والتسليم لا سيما مع اشتداد البلاء بالتهديد باحتلال غزة وما يترتب عليه من انقسام الناس إلى من ينوي الثبات والرباط والجهاد إلى آخر رمق ويبيع نفسه لله فطوبى له ثم طوبى له أولئك الذين يُرجى لهم أن يبلغوا بنيتهم الصادقة أن يكونوا ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يتلبطون في الدرجات العلى ويضحك الله لهم، وإلى من يقرر الثبات إلى أقصى ما يستطيع من غير القادرين على الجهاد فهو من الناجين بإذن الله، وإلى من يقرر الفرار فورا وعدم تحمل جزء من مشاق الجهاد والرباط بدون أي ضعف أو عذر سوى إيثار السلامة والراحة الشخصية واستسلاما لتخويف الشيطان وإيهاماته التي يخوفنا بها من أوليائه فهذا يعرض نفسه لعذاب الله تعالى لأنه يساهم في إنجاح خطة العدو وتحقيق أهدافه".
تأملات في حقيقة الحرب (2)

لقد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وزُلزلنا زلزالاً شديداً وزادت وطأة البلاء وطال أمده حتى بدأ بعض المؤمنين وبعض أهل العلم يفقدون الثقة بالنصر ويظنون بالله الظنونا وبدأت تتسرب الشكوك والشبهات بل والردّة أحياناً إلى قلوب وألسنة بعض الناس بسبب طول البلاء وانسداد الأفق ومن ثم تمكّن اليأس الذي هو ضد الإيمان من العقول والقلوب ﴿إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾، ولكن مهما عظُمَ الكرب وتكاثفت الظلمات فإنها لا تستطيع أبداً أن تُخمد جذوة النور التي اشتعلت مع نفخة الملك العلوية للروح وزادها الوحي نوراً على نور فهي تضطرم في قلوب أولياء الله الذين ثبتوا على الحق ومعه وصدقوا ماعاهدوا الله عليه ومابدلوا تبديلًا، فأولئك مايزيدهم البلاء إلا إيماناً وتسليماً كما بينت في مقال "تأمل وسط الخوف والظلام (2)".

وقد وصل الأمر ببعض أهل العلم إلى شبه الانهيار واليأس حتى طالب بعضهم المقاومة بالاستسلام "ولو على حساب تصفية القضية الفلسطينية" هكذا بالنص بل ويطالبون علماء الأمة بإفتاء المقاومة بوجوب الاستسلام ليسهلوا عليهم ذلك. ويستند هؤلاء إلى شبهات عديدة أهمها ثلاثة:

الأولى: تحميل المقاومة وِزْرَ هذه الحرب لأنها التي بدأتها في أكتوبر وتتحمل تبعاتها وعليها أن تنهيها ولو بالاستستلام، وقد أجبت عن هذه الشبهة في المقال الأول.

الثانية: الزعم بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة وليست قضية الفلسطينين وحدهم والذين أدوا ماعليهم وزيادة وأن دماء المسلمين أغلى من القضية الفلسطينية.
وقد نسي إخواننا هؤلاء أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية أرض حتى تكون المفاضلة بين الأرض والنفس بل هي قضية مقدسات ودين ودفاع عن كيان أمة الإسلام فهي من صُلب الدين وإذا كانت المفاضلة بين النفس والدين فمصلحة الدين مقدمة كما يقرر العلماء.
وحتى لو كانت المفاضلة بين الأرض والنفس فإنك تجد كثيرا من أصحاب هذه النظرة المادية البحته -حتى من الكفار- ينظرون إلى أرضهم كرمز للعز والشرف كنظرتهم للعرض لأنها تمثل هويتهم وكيانهم ووجودهم فهي المكان الذي يحويهم وآباءهم، والزمان والمكان جزء لا يتجزأ من وجود الإنسان وكيانه ولذلك نجد كفاراً يضربون أروع الأمثلة في التفاني وبذل الأرواح رخيصة في سبيل أرضهم وأمتهم لرسوخ هذه المفاهيم في نفوسهم كما حصل في فيتنام وغيرها مما مدحه لهم الكافر والمسلم، ومن الأمثلة الشهيرة في ذلك مدينة ستالينغراد السوفيتية الشيوعية التي ثبتت أمام حصار الألمان وهجومهم وتدميرهم الساحق لها وضحّت بقرابة المليون من أبنائها أكثرهم من المدنيين الذين صبروا مع المقاتلين وكانوا حاضنةً لهم وماتوا تحت القصف والجوع والبرد لأنهم كانوا يعلمون أن سقوطها يعني سقوط أمتهم فثبتوا ثباتاً أسطورياً كان من الأسباب الرئيسية في بداية انهيار دولة هتلر فيما بعد.
أهؤلاء الكفار أولى بالشرف والعز والتضحية والثبات منّا وقد أعزنا الله بالإسلام؟!
ثم إن قضية فلسطين صحيحٌ أنها قضية الأمة ولكن القدَر جعلنا رأس الحربة لهذه الأمة وشرّفنا بتحمل تبعات الدفاع عنها وعن مقدساتها وكلفنا بذلك وكلّف الأمة بنصرتنا تكليفاً مستقلاً فلا نملك التخلّي ولو تخلّت الأمة بأسرها، قال تعالى: ﴿فَقاتِل في سَبيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلّا نَفسَكَ﴾ أي لا تُسأل إلا عن نفسك وتحاسب على تقصيرها فيما كُلفت به خاصة ولا تسأل عن تقصير غيرك.

الشبهة الثالثة والأهم: وهي عبثية استمرار الحرب ومخالفة ذلك للحكمة ووجوب المحافظة على الأرواح المُهدرة بالآلاف وحقن شلالات الدماء التي تسيل بلا فائدة لعدم إمكان التغلب على العدو المجرم المُجهّز والمدعوم بأعتى الأسلحة مع تواطؤ الحكومات العربية وخيانتها وتخاذل الشعوب الإسلامية المُشين المُهين.
وللإجابة عن ذلك لابد من التنبيه على أمر أساسي، وهو أن الفرق بين المؤمنين وغيرهم أن المؤمن لا يعتمد في تفكيره وقراره على الجانب السياسي المادي البحت فقط - مع عدم إغفاله له - ولكن يُدخل معه في حساباته جانب الدين والوحي ويجعله المرتكز الأساسي في مجموع هذه الحسابات لأنه يؤمن بأن الوحي في ذاته غير قابل للخطأ ولكن قد يكون الخطأ في أمرٍ خارجيٍ عنه كصحة فهمه وقوة الإيمان به والاعتماد عليه فنسبة الخطأ فيه أقل بكثير من نسبة الخطأ في النظر المادي البحت المُعتمد كلياً على العقل غير المعصوم في ذاته.
وبناء عليه أقول في الرد على هذه الشبهة من تحت القصف ووسط الخوف والمعاناة:
لابد للحكم على هذه الحرب بدقةٍ وتجرّد من عدم إغفال أبعادٍ ثلاثةٍ رئيسية: البعد الإيماني، والبعد الإقليمي والعالمي، والبعد الواقعي وهو إمكانية الدفاع والمُمانعة.
أولاً البُعد الإيماني:
والنظر من خلال هذا البعد الأهم يؤكد رُجحان عدم انكسار غزة بنسبة كبيرة جداً وذلك لعدة أسباب فصّلتها في كثير من المقالات السابقة أهمها (بعد عام من الطوفان) وألخص أهمها هنا للتيسير والتذكير الذي نحن بحاجة إليه في هذه الظروف العصيبة:

1- الراية المرفوعة راية إسلامية صحيحة واضحة نقية في الجملة لاسيّما في مواجهة أخبث راية وهي راية المغضوب عليهم وفي معركةٍ فاصلة فهي حَرِيّةٌ لأن تكون من الطائفة المنصورة المستقرة في الشام إلى يوم القيامة.

2- الأحاديث الكثيرة الثابتة في فضل الشام وأهلها وكفالة المولى عز وجل لمؤمنيها واصطفائه لهم مع الحديث الخاص بغزة الذي يُبيّن أن الرباط بها (باعتبارها من قضاء عسقلان وعلى حدودها) هو أفضل الرباط والجهاد في هذا الزمان الذي هو زمان الحكم الجبري، وأفضلية رباطها يقتضي كونها قدوة ومُلهِمة للأمة في الخروج من هذه الحُقبة العصيبة إلى الخلافة الراشدة مما يلزم منه عدم انكسارها بإذن الله عز وجل في هذا الرباط وهذه الحرب فإن انكسارها سيكون بمثابة انكسار للأمة لا رافعةً لها وهو خلاف ما يدل عليه الحديث.

3- السنن الإلهية الكونية التي لاغالب لها والتي تتحقق في هذه الحرب على الأرجح، ومنها:

أ- سُنّة التمهيد للخلافة الراشدة الثانية التي بشّر بها الصادق المصدوق ﷺ ونحن على أعتابها اليوم لأسباب عديدة فصّلتها سابقاً ومنها أنّا في الحقبة السابقة لها مباشرة وهي الحكم الجبري كما بيّن الحديث، كما أن الأصل في الدين أنه أُنزل ليسود ويُظهره المولى عز وجل على الدين كلّه وانحساره في مرحلة الحكم الجبري استثناء لا يمكن أن يطول في حياة الأمة كيلا يصير أصلاً ولما سبق في النقطة السابقة من أن غزة ستكون ملمهةً للأمة في هذه الحقبة العصيبة، وكذلك مايدل عليه القرآن والسنة من قرب زوال دولة الكيان في فترة قريبة خلال عشرِ سنوات تقريباً كما فصّلته في مقال (بعد عام من الطوفان) ولا يسمح المقام بإعادته هنا لطوله.
وكل ذلك يشير إلى أن هذا الرباط الأسطوري المؤيد قطعاً من المولى عز وجل يمثّل رافعةً للأمة وبدايةً لمرحلة الصعود الذي سينتهي بالخلافة بإذنه تعالى لاسيّما إذا أضفنا لذلك السُنّة الإلهية التالية.

ب- سُنّة الإفساد والعلو الكبير الثاني لبني إسرائيل والذي ينتهي بما ذُكر في وعد الآخرة، ومن شبه المؤكد أنهم يعيشون الآن هذا الإفساد والعلو الثاني لأن المولى عز وجل وضع علامتين لابد من تحققهما معاً في الوعدين وهما: الإفساد، والعلو الكبير. ولم تحصُلا معاً في تاريخ اليهود إلا مرتين: بعد مملكة سليمان عليه السلام والتي كانت ذات علوٍّ كبير ولكنّه خالٍ من الإفساد ثم تطرق الفساد والإفساد إلى الملوك من بعده واجتمع مع العلوِّ الكبير فقضى عليهم بُختنَصّر في الوعد الأول، ثم لم يجتمع لهم إفسادٌ مع علوٍّ كبير إلا في عصرنا مع قيام كيانهم المارق هذا.
وقد بلغوا أقصى درجات العلوِّ والإفساد فيما يظهر في هذه الحرب الظالمة وما بعد ذلك إلا الانهيار والسقوط وتحققُ وعد الآخرة فيهم بإذنه تعالى والذي سيكون على مراحل كما بيّن القرآن، أولاها: إساءةُ وجوههم والذي سيستمر دون فاصلٍ بأشكالٍ شتّى حتى تحقق المرحلة الثانية وهي دخول المسجد الأقصى قال تعالى: ﴿... فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ لِيَسوءوا وُجوهَكُم وَلِيَدخُلُوا المَسجِدَ كَما دَخَلوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّروا ما عَلَوا تَتبيرًا﴾، ومن أهم هذه الأشكال وأُولاها على الأرجح هو حدث 7 أكتوبر لأنه ما أُسيئت وجوههم حسيّاً ومعنوياً أمام العالم كما أُسيئت في هذا الحدث الاستثنائي العجيب وهذا أمرٌ ظاهرٌ جداً، وقد استمرت هذه الإساءة بشكل آخر من خلال ثبات غزة الأسطوري أمام جيشهم الجرّار وإثخان أسود المقاومة فيهم ولذلك نؤكد أنه لن تنكسر هذه المقاومة ولن تبيَضّ وتفرح لذلك وجوه اليهود وستنتصر إرادة المقاومة بإذن الله تعالى، ثم ستستمر الإساءة أيضا بأشكال مختلفة دون انقطاع كما ذكرت ومما تحقق منها انتصار الثورة في سوريا وعلى الطريق انتصار الإسلام بإذنه تعالى في باقي الدول لاسيّما مصر والشام وهو أقصى ما يؤرق العدو المجرم الزائل حتماً بإذن الله تعالى.

ج- الثبات الأسطوري للمجاهدين في هذه الحرب، وثبات بعض المجاهدين حول راية الحق كفيل بعدم انكسارها وسقوطها كما حصل في أُحد وحُنين.

د- قوله تعالى ﴿ذلِكَ وَمَن عاقَبَ بِمِثلِ ما عوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفورٌ﴾، والعدو المجرم يبغي علينا مرة أخرى في هجومه الحالي على غزة وعزمه على احتلالها فيقيننا أن مولانا سينصرنا بإذنه تعالى كما حلف على ذلك من قبل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مع التتار تحقيقاً لا تعليقاً كما قال.
هـ- قوله تعالى ﴿وَمَن أَظلَمُ مِمَّن مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَن يُذكَرَ فيهَا اسمُهُ وَسَعى في خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُم أَن يَدخُلوها إِلّا خائِفينَ لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ﴾، وهي تشتمل على معنى الأمر بمحاربتهم وتخويفهم وعلى معنى الوعد بإذلالهم كما فصّلت ذلك سابقاً، وما دُمّرت المساجد وانتُهكت أكثر مما دُمّرت في هذه الحرب.

و- سُنّة الله تعالى في المعارك الحاسمة الفاصلة بين الحق والباطل أن ينصر راية الحق فكيف إذا كانت المعركة بين الحق الأبلج وأخبث الباطل، وقد نبّه النبي ﷺ على ذلك في غزوة بدر حين قال "إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ" (صحيح مسلم)، وفهم ذلك والتقطه القائد التقي المظفر قطز حين قال في معركة عين جالوت الفاصلة مع التتار "من للإسلام إن لم نكن نحن" وكان يُردّد في المعركة "واإسلاماه"، ومعركة غزة هذه من أعظم وأهم المعارك الفاصلة بين الإسلام وأعدائه التي لها ما بعدها وقد أصبحت معياراً للحق والأخلاق في العالم كله كما قال أحد الناشطين الأجانب. فالظن بالمولى عز وجل أن لا يفجع الإسلام والمسلمين بكسر غزة.
وهذه السُنّة متعانقة ومتعاضدة بسُنّة أخرى وهي سُنّة إحقاق الحق وإبطال الباطل والتي تظهر في أسمى تجليّاتها عند المفاصلة بين الحق والباطل قال تعالى في بدر ﴿لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ الباطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمونَ﴾، وهذا أمر إلهي علوي فوق اختيار البشر يخضع للحكمة الإلهية البالغة لا لاستعجال البشر وأهوائهم ونَظرِهم القاصر ولو كانوا من المؤمنين الخُلّص ﴿وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطّائِفَتَينِ أَنَّها لَكُم وَتَوَدّونَ أَنَّ غَيرَ ذاتِ الشَّوكَةِ تَكونُ لَكُم وَيُريدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقطَعَ دابِرَ الكافِرينَ ۝ لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ الباطِلَ وَلَو كَرِهَ المُجرِمونَ﴾، ولذلك جاء في صحيح مسلم أن المسلمين في بدر كانوا يسألون الغلام الأسود عن جَمع المشركين فإذا أخبرهم أنه جيش قريش بقيادة أبي جهل ضربوه وإن قال إنها قافلة أبي سفيان - رضي الله عنه - تركوه ورسول الله ﷺ قائم يصلي فلما رأى ذلك انصرف وقال: "وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَتَضْرِبُوهُ إذَا صَدَقَكُمْ، وَتَتْرُكُوهُ إذَا كَذَبَكُمْ"، وهذا يُمثّل حالنا في هذه الحرب وهو من أسرار طول هذه الحرب إذ إنه من أسباب إبطال باطل اليهود، وبداية انهيارهم قطع حبال الناس عنهم ﴿ضُرِبَت عَلَيهِمُ الذِّلَّةُ أَينَ ما ثُقِفوا إِلّا بِحَبلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبلٍ مِنَ النّاسِ﴾، وهو في نفس الوقت شكل من أشكال إساءة وجوههم وهذه إحدى حكم إطالة الحرب لتقطيع حبال الناس عنهم وهذا من تعانق السُنن وتداخلها، وإحقاق الحق وإبطال الباطل قضية عظمى أكبر من تصوراتنا البسيطة السطحية وأُمنياتنا الآنية وما علينا إلا الصبر مع الله والتسليم لقضائه وحكمته.

ز- قال تعالى عن اليهود ﴿...كُلَّما أَوقَدوا نارًا لِلحَربِ أَطفَأَهَا اللَّهُ وَيَسعَونَ فِي الأَرضِ فَسادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ﴾ وهذا وعد للمؤمنين الخُلّص المُتصفين بصفات إيمانية خاصة كما في أول المقطع: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾.
ووالله الذي لا إله غيره لولا أننا لم نزل نوقد نار هذه الحرب بأخطاء بعضنا من الميل للرافضة ومن ارتكاب كبائر الذنوب كاستغلال التجار والربا وجهر البعض بسب الذات الإلهية وغير ذلك لانطفأت الحرب من أول أيامها فخبر المولى عز وجل لا يكذب ووعده لا يَتَخلّف ولكن المشكلة فينا نحن.
ولكن من فضل الله تعالى وجود ما يدعم جانب إطفاء الحرب فإن الخبث ولو كثُر فإنه لا يهلك إلا إذا غلب وكانت له اليد العليا كما دل عليه حديث السفينة المشهور وهو ليس كذلك في غزة بفضل الله تعالى، كما أن من سُننه عز وجل أنه ﴿لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ﴾ وأنه ﴿لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدينَ﴾ وأنه ﴿موهِنُ كَيدِ الكافِرينَ﴾، ونشهد أن كثيراً من أهل غزة ومجاهديها قد أحسنوا إحساناً عظيماً صبراً وثباتاً وتضحيةً وإقداماً وفداءً، وثبات البعض وإحسانهم يكفي لعدم الانكسار كما مرّ، وثبات الأغلب وإحسانهم كفيل بتنزّل النصر والتمكين الكامل كما دل عليه الوحي الكريم.
ثانيا: البُعد الإقليمي والعالمي:
لا بد لمن أراد الحكم على هذه الحرب أن يدرك بُعدها الإقليمي والعالمي وأنها معركة الأمة كلها وخط دفاعها الأول وأن عيون مخلصي الأمة كلهم تتجه نحو غزة كما تتجه الجوارح نحو القلب، ومعارك الأمة معارك فارقة في تاريخ العالم كله، فمن أدرك ذلك لم يستعظم التضحيات العظام فالخطبُ عظيمٌ جداً أيها المسلمون والاستسلام في هذه المرحلة يعني الاستعباد التام والاستباحة الكاملة للدماء والمقدسات ليس لأهل فلسطين فقط بل للأمة جميعاً وتنكيساً لراية الإسلام والفتنة في الدين التي هي أشد من القتل وقد صرح كبير مجرميهم بنواياهم المجرمة تجاه الأمة فلم يدع مجالاً للتكهنات.

ثالثا: البُعد الواقعي:
نقل ابن تيمية رحمه الله إجماع العلماء على أنه لا يُشترط في جهاد الدفع إلا شرط الإمكان وهذا هو لُبّ مسألتنا هذه، والذي أراه أن إمكان الدفع موجود في هذه الحرب لسببين:
الأول: ما ذكرته من أسباب إيمانية مبشّرة وهي من أعظم أسباب الصبر والثبات إن أخذناها بيقين وضممنا إليها التقوى والاستقامة والتوكل على الله عز وجل وهي الفارق الجوهري بين المؤمنين وغيرهم في اتخاذ القرار ولا بد بعد ذلك من الأخذ بالأسباب المادية والإعداد بقدر المستطاع كما أُمرنا فإن فعلنا ما علينا تكفّل الله عز وجل لنا بما بقي لأنه صاحب الخلق والأمر في الحقيقة ﴿قاتِلوهُم يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ بِأَيديكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدورَ قَومٍ مُؤمِنينَ﴾ ﴿فَلَم تَقتُلوهُم وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُم وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ...﴾ ﴿...ادخُلوا عَلَيهِمُ البابَ فَإِذا دَخَلتُموهُ فَإِنَّكُم غالِبونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلوا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾.
الثاني: أنا رأينا الإمكان وتأييد الله عز وجل وتثبيته العجيب للناس وللمجاهدين رأي العيَان طوال سنتين كاملتين وهذا من أعظم البراهين ولو تأمّلنا تدابير المولى عز وجل في ذلك لرأينا عجباً، فكيف بمن رأى هذا التأييد والإعجاز على مدى هذا الزمن الطويل والذي أدى إلى إسلام كثير من الكفار أن يشك أو يشكّّك في مسألة الإمكان بعد ذلك كله.
كما أن وضع العدو داخليا ودوليا صعب ولا يسمح له بالاستمرار في الحرب بلا نهاية قريبة.

إن كل ما سبق يجعلنا نرى وجوب الصبر والثبات ومواصلة المقاومة وعدم الاستسلام فإنما النصر صبر ساعة ونحن الآن في مرحلة عضّ الأصابع والله المستعان على الضر والأذى وعظيم المصاب وهو حسبنا ونعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين.
رسالة إلى من أوشك زاد الصبر عندهم على النفاد!!

يقول ابن القيّم في كلامٍ قيِّم:

فلم يمنع الرب عبده ما العبد محتاجٌ إليه..

بخلا منه.

ولا نقصا من خزائنه..

ولا استئثارا عليه ..

بل منعٓه ليرُدّه إليه..

وليُعِزّه بالتذلل له..

وليُغنيه بالافتقار إليه..

وليٓجبُره بالانكسار بين يديه..

وليذيقه بمرارة المنع حلاوة الخضوع له..

ولذة الفقر إليه..

وليُلبِسه خلعة (ثوب) العبودية..

ويُوٓليه بعزله أشرف الولايات..

وليُشهِده:

حكمته في قدرته..

ورحمته في عزته..

وبره ولُطفه في قهره..

وأن منعه عطاء..

وعزله تولية..

وعقوبته تأديب..

وامتحانه محبة وعطاء..

وتسليط أعدائه عليه سائقٌ يسوقه به إليه!

صفوت بركات/ https://www.tg-me.com/safwatbarakat5/4662
يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين:

"وهاهنا للعبد أحد عشر مشهداً فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه:

المشهد التاسع: مشهد النعمة/
...ومنها: أن يشهد نعمة الله عليه في التّكفير بذلك من خطاياه، فإنّه ما أصاب المؤمنَ من همٍّ ولا غمٍّ ولا أذًى إلّا كفّر الله به من خطاياه ، فذلك في الحقيقة دواءٌ يُستخرج به منه أدواء الخطايا والذُّنوب. ومن رضي أن يلقى الله بأدوائه كلِّها وأسقامه، ولم يُداوِه في الدُّنيا بدواءٍ يوجب له الشِّفاء فهو مغبونٌ سفيهٌ. فأذى الخلقِ لك كالدّواء الكريه من الطّبيب المشفق عليك، فلا تنظرْ إلى كراهة الدّواء ومن كان على يديه، وانظر إلى شفقة الطّبيب الذي ركّبه لك.

المشهد العاشر: مشهد الأسوة/
وهو مشهدٌ لطيفٌ شريفٌ جدًّا، فإنّ العاقل اللّبيب يرضى أن يكون له أسوةٌ برسل الله وأنبيائه وأوليائه وخاصَّتِه من خلقه، فإنّهم أشدُّ الخَلْق امتحانًا بالنّاس، وأذى النّاسِ إليهم أسرعُ من السَّيل في الحَدُور. ويكفي تدبُّر قصص الأنبياء عليهم السّلام مع أممهم، وشأنِ نبيِّنا ﷺ وأذى أعدائه له بما لم يُؤذَ به مَن قبله.

المشهد الحادي عشر: وهو أجلُّ المشاهد وأرفعها: مشهد التوحيد/
فإذا امتلأ قلبه بمحبّة الله تعالى، والإخلاصِ له ومعاملته، وإيثارِ مرضاته، والتّقرُّب إليه، وقرّتْ عينه بالله، وابتهجَ قلبه بحبِّه والأنسِ به، واطمأنّ إليه، وسكنَ إليه، واشتاق إلى لقائه، واتّخذه وليًّا دونَ ما سواه، بحيث فوَّض إليه أمورَه كلّها، ورضي به وبأقضيته، وفَنِيَ بحبِّه وخوفه ورجائه وذكره والتّوكُّل عليه عن كلِّ ما سواه فإنّه لا يبقى في قلبه متّسَعٌ لشهودِ أذى النّاس له البتّةَ".
- بشرى لمن يسمع أصوات القصف !

لا يجمع الله على عبد خوفين
لعَلَّ مِنْ أرجَى ما يَجِدُ العبدُ في صحيفَتِهِ وأَثْقَلِهِ في ميزانِهِ: احتسابُهُ مَخَاوِفَهُ في سبيلِ اللهِ تعالى.
وإِنَّهُ لَيُرْجَى للصَّابِرِ المُحتسبِ على فَزَعَاتِ قَصْفِ العدوِّ ومخاوِفِهَا وفِتَنِهَا أَنْ يُؤَمِّنَهُ اللهُ تَعالَى فِتْنَةَ القَبْرِ وَفَزَعَ يَومِ القيامةِ؛ فإنَّ مَنْ خافَ في اللهِ تعالى، وَفُتِنَ فيه، وَفُزِعَ فيه؛ رُجِيَ أَنْ يُؤَمِّنَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ المَخَاوِفَ وَالفِتَنَ والفَزَعَاتِ عِنْدَ المَوْتِ وفي القَبْرِ وفي الآخرةِ؛
فإنَّ مِنْ سُنَّةِ اللهِ تعالى في الحِسَابِ أَنَّهُ يُعَامِلُ عَبْدَهُ بِمثلِ ما يُعَامِلُ العَبْدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ لا يَجْمَعُ عَلَى عَبْدِهِ خَوفًا فِي الدُّنيا وخَوفًا في الآخرةِ، فَفي الحديث: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا بَالُ المُؤمنينَ يُفْتَنُونَ في قبورِهِم إلا الشَّهِيدَ؟
قَالَ: «كَفَى ببارِقَةِ السُّيوفِ على رأسِهِ فِتنةً».

هَذا الوَعْدُ الكريمُ على الخوفِ مِنْ بَارِقَةِ السُّيوفِ؛ فَكَيفَ بِبَوَارِقَ أَطْنَانِ المُتَفَجِّرَاتِ وَرُعْبِ أَصْوَاتِهَا.
فَاللَّهُمَّ اكْتُبْ لَنَا الصَّبْرَ والثَّبَاتَ والاحتِسَابَ عَليهَا
وَلا تَحْرِمْنَا أَجْرَهَا، وَانْصُرْنَا على مَنْ عَادَانَا.

✒️ أبو عبد الله زكريا
﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾
"حَتّى إِذَا استَيأَسَ" استيأس بمعنى يئس وزيدت السين والتاء للمبالغة أي حتى إذا يئس الرسل أشد اليأس من كل الأسباب المادية للنصر بما في ذلك نصرة القريب والحليف بل فرغت قلوبهم حتى من أتباعهم وجندهم المؤمنين فظنوا أنهم - لشدة الضعف وانعدام الحيلة - لن يصدقوهم الوعد بالثبات ولن يطيقوا ذلك، وهناك قراءة أخرى بتشديد الذال "كُذِّبوا" أي كذَّبهم قومهم والناس فيما وعدوهم به من النصر.
فلما فرغت قلوبهم من كل ما سوى الله تعالى ولم يتعلقوا إلا به ولم يتكلوا إلا عليه وحده أكرمهم بالنصر وثبت جندهم وكذلك أتباع الرسل من بعدهم على ذات السنة والسبيل.
من مقالين مدمجين للأستاذ المؤرخ محمد إلهامي:

١. لا ريب أن الدخول في معركة مع "الأحمق المدجج بالسلاح" يكون أمرا صعبا، لكن الانتصار فيها أكبر بكثير من دخول نفس المعركة مع "الذكي المدجج بنفس السلاح"!!

والواقع أن لدينا في أمريكا رئيسا غبيا جدا، وهذا من فضل الله على الجميع، ومهووسا بالتاريخ وبأن يضع اسمه في سجل الأذكياء، والجميع يغازلونه بالباطل لمعرفتهم بهذا الطبع فيه!!

ما كان يتصور أحدٌ أن يبلغ الغرور والسفه بأحدهم أن يقف ليقول: الآن أستطيع تحقيق السلام الأبدي في المنطقة التي تعاني من المشكلة منذ آلاف السنين!!

وكيف سولت له نفسه ذلك.. شكَّل مجلسا سماه مجلس السلام، ووضع من رأسه خطة استسلام، ويعتمد على قوته المسلحة، وعلى صنائعه الخائفين منهم والخونة!!

ما هذا المستوى من السفه والحماقة؟!!

ألا يوجد من يهمس في أذن هذا البليد أن الحركة لو استسلمت فعلا ونزعت سلاحها، لما انتهت المشكلة ولما جاء السلام، بل سيخرج غيرها ليواصل المهمة؟!.. إن المشكلة ذات الجذور البعيدة المتعلقة بمقدسات وأديان وظروف سياسية واجتماعية متشابكة، هي بطبيعتها أكبر من استسلام فصيل أو استمساكه!!

ألم يفكر هذا الغبي البليد أن لو كان الحل في مجلس سلام وخطة استسلام لكان قد فعلها من كانوا قبله، وكانوا أشد منه قوة وأكثر جمعا، وكنا نحن أقل قوة بكثير من هذه اللحظة؟!!

الإمبراطورية الأمريكية تدمّر نفسها.. وهذا من فضل الله على الجميع.. غير أننا سنعاني، ونتألم!!
ويبقى أصل معاناتنا وجوهرها وقطب رحاها في أولئك الخونة الذين يملكون رقابنا قهرا وقسرا، ويفرطون في بلادنا ومصالحنا ويوافقون الغبي والذكي على ما يفعل بنا وفينا!!.. لعنهم الله ولعن من يدعم أنظمتهم!

٢. لا يختلف عاقلان على أن ما طرحه ترمب هو خطة استسلام مهينة ومذلة، وفوق الإذلال والإهانة فهي بلا ضمانات أيضا..

والذين يقبلون بها نوعان:

1. نوعٌ صارت نفسه لا تتحمل التكلفة الهائلة، فهو يريد أي شيء لإنهاء الحرب.. وهذا سيكتشف بعد قليل أنه كالمستجير من الرمضاء بالنار. وأنه لم يفعل سوى الهروب من لسعة الحر ليلقي بنفسه في أتون اللهب!

وهؤلاء نسأل الله لنا ولهم الهداية والبصيرة، وأن يلهمنا وإياهم الثبات والحزم وأن يغلب العقل العاطفة!

ولا أدري كيف يكون حالي لو أني في غزة الآن، فلعلي كنتُ منهم.. والمرء في المحنة وتحت سطوة الألم يتغير عقله، وصدق القائل:

يُقضى على المرء في أيام محنته .. حتى يرى حَسَنًا ما ليس بالحسن

2. ونوعٌ هو بوقٌ لمن يدفع له، فهو ينطق عنه، وسواءٌ أكان المنطوق عنه من أولئك الخونة الذين هم سبب أصلي في النكبة التي وصلنا إليها، أو كان من أولئك الخائفين العاجزين المرتعشين.. فالمنتهى واحد!!

إن الانسحاب والتنازل قد يقع من القائد القوي الصادق المخلص، كما قد يقع من الضعيف المتراخي المحبط.. وربما يشتبه الفعل الواحد من كليهما، وما بين غرضيهما كما بين المشرق والمغرب.

فالمعركة في حقيقتها حرب إرادة وصبر، فالنصر صبر ساعة، وقد حفل القرآن بالأمر بالصبر والمصابرة والمثابرة، حتى مع وقوع الزلزلة والشدة والمحنة..

وكم في التاريخ من ساعات صبر كانت ثمرتها حاسمة لمائة سنة أو لمئات السنين..

فالخلاصة: من لم يكن يملك أن يدعم أهل الميدان بشيء، فليصمت عن كلام يضغط على معنوياتهم ويأكل من رصيد صبرهم وصلابتهم وطاقتهم.. وليكثر من الدعاء لهم {عسى الله أن يكفّ بأس الذين كفروا، والله أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلا}

محمد إلهامي
من أعظم مواقف الثبات الإيماني العظيم في أحلك الظروف وأضعف الأحوال وأمام أعتى الطغاة قف وتأمل قول الله العظيم:

﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٧۰) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (٧١) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦) ﴾

فجاء الفرج بعد الثبات الذي لم يتزلزل والتضحيات العظيمة

﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧۸) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (٧۹) ﴾
﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ ﴿...وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾
لنكثف الدعاء للإخوة المفاوضين في هذا الموقف العصيب - الذي تكالبت فيه الأمم كلها مع كثير من أمتنا علينا - أن يثبتهم الله ويربط على قلوبهم ويملأها بالتقوى واليقين ويطهرها من كل ما سواه ويلهمهم الحكمة والصواب ويقرروا ما فيه الخير للدين والعباد والبلاد وأن يمكر لنا ويجعل مكر عدونا في نحره ويجعل لنا من هذا الضيق مخرجا بلطفه ورحمته ف
﴿...إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾
وعلى كل حال نوقن بخبره ووعده سبحانه:
﴿...إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾
﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥۰) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١)﴾
﴿...سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥)﴾
﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢۸)﴾
﴿ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤)﴾
﴿...فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾
ميدان المفاوضات لا يقل أهمية عن ميدان القتال، ولكل منهما رجاله وقواعده وخبراته وصولاته وجولاته، وقد ذكر الله الميدانين في كتابه وأوصى في كل منهما وفرض وأمر وأفهم.
وتُعدّ هذه الجولة من المفاوضات التي خاضها إخواننا في غزة أخطر الجولات وأصعبها وأشدها حساسية.
ولعل الله تعالى وفق إخواننا فيها لأرشد الأمر بقدر ما هو متاح وممكن من الظروف وبأقل الخسائر ودون تسليم مفتوح لإرادة العدو.

وبعد هذا البلاء الحسن الذي أبلوه ليس لهم إلا التسليم لرب العالمين الذي هو وكيل المؤمنين ووليهم وكافيهم "والله خير الماكرين" سبحانه؛ نعم المولى ونعم النصير.
﴿وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله﴾
﴿وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم﴾

اللهم امكر لإخواننا في غزة ولا تمكر عليهم
2025/10/18 16:03:20
Back to Top
HTML Embed Code: