الساعة ذاتها، الثالثة فجرًا، وربما لم أضطجع في فراشي، ولم أجلس على الكرسي الخشبي، ولم أعتد يقظة مفاجئة ولا ليالٍ غامضة. بل لعلني لم أعتد شيئًا أصلًا.
فلا سر في ليالينا، ولا غموض يستحق النبذ أو الوصف. كل شيء يمضي، ولا يستحق التوقف عليه أو اجتراره.

تسأل: هل يمكن أن يموت شيء فينا؟
وأنا أقول: بل لا يموت شيء أصلًا، لأن لا شيء يولد في داخلنا، لا وجود لأحد فينا إلا كما يتوهّم العطشى سراب الماء.
من نحبهم، من نكرههم، من نخافهم، هم انعكاسات لصورتنا، أشباح نُسقطها ونُسميها أشخاصًا. حين يرحلون لا يتركون بقايا، بل يتركون فضاءً عاد كما كان: فارغًا.

لا شيء يُدفن، ولا شيء يُثمر. الموت لا يُخلف غراسًا، ولا الغراس تُنبت عزاء.
والأغراض القديمة، التي تشبه الوجوه العابرة، مكانها أن تبقى أو تزول، لا فرق.
لا إصلاح ولا استفادة ولا حتى تعويض. الزمن نفسه يمشي علينا، يرمينا من قمة إلى قمة، لا يعبأ بما حملناه في جيوبنا.

أما الكيانات التي تتكلم وتحتضن في داخلنا؟
أوه، أي سذاجة هذه؟
لم تكن تلك الكيانات إلا كائنات خلقناها ونحن نرتجف من الوحدة، فلما نضجنا قليلًا، اكتشفنا أنها محض أشباح صنعتها الحاجة، لا القلب.

تتكلم عن لباس الأنفة والحمية، كأنه خطيئة.
وأنا أراه حكمة.
لا نلبسه نفاقًا، بل وقاية.
إن إظهار الحزن فظيع في زمان لا يحترم الألم.
وإن التظاهر باللاشيء خيرٌ ألف مرة من أن نُلقي حزننا لعابري الطريق ليُداس كما يُداس الطين.
بل أقول: الشجاعة الحقيقية هي أن تُنكر جرحك بنفسك، لا أن تصرخ به أمام من لا يفهم.

لا ثكل له قيمة.
ولا مفقود يستحق أن نبكي عليه طويلًا.
من رحل، رحل.
ومن بقي، بقي.
وأي محاولة للبحث عن قداسة للفقد مجرد حيلة نفسية بائسة.

وأما ما قلت عن عدم اكتراثك بالمودة والعداوة...
أبتسم هنا.
لأن من يعلن أنه لا يعبأ، يعبأ أكثر مما يظن.
ولو كنت حقًا لا تبالي، لما بعثت برسالتك، ولا أرهقت أصابعك على كيبوردك المتعب.
اللامبالاة الحقيقية صامتة، لا تكتب خطابات وداع، ولا تُرسل بيانات قطيعة.

صدقني:
من يزرع قطيعته كلماتٍ، فهو لا يزال في قلبه بقايا من التعلّق.
والحق أن أقسى وداع هو الصمت، لا الكتابة.

أنا لست معك في شيء.
ولا أراك على صواب.
لكنني معك في أنك متألم... وهذا يكفي لأن أسامح تضادنا كلّه.

"أضفى الإنسانية والرقة على ابطاله المزيفين، وكان قادرًا على تغيير شكله وجسده كالحرباء، وكأنه يستطيع أن يحمي نفسه بشكل أفضل من خلال تغيير مظهره باستمرار، كأن يجيد الإختباء على مرءًا من الجمهور، هل حاول الكشف عن جزء صغير من نفسه وراء قناع شخصياته فانتهى به الأمر إلى تجسيد اكثر الشخصيات عنفًا".

وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"

شلذ اسمك على الخاطر!

الفرق بين وسوسة الشيطان والنفس

" لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "

وَلَا تَشۡتَرُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ إِنَّمَا عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (95) مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (96) مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ (97)