السّؤال الثّالث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السائل: خليل بن فاتح حدار
البلد : الجزائر
المسؤول: الشيخ أبي عاصم السمان حفظه الله تعالى
السؤال: بارك الله فيك يا شيخنا قد يتحرج البعض من إتيان بعض المفطرات بعد أذان الفجر الثاني وكما هو المعلوم وبينتم أن توقيت أم القرى مقدم على وقت الفجر الصادق
فما نصيحتكم بارك لله فيكم
ــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لا يضر الإمساك عن المفطرات بعد الأذان الأول، الذي يضر هو الصلاة قبل وقتها فليس شرطاً ألا تمسك بعد الأذان الذي يذاع على التقويم، فمن تحرج لا يفطر لكن لا يصلي قبل الوقت إن كان هو الإمام ولو لم يجد مسجداً يصلي يقيم بعد الأذان بثلث ساعة يصلي مع الجماعة وصلاته صحيحة لأن صلاة المأموم تبعاً لصلاة الإمام والإمام يعتقد صحة التقويم
وفي هذا الفيديو الأدلة على صحة صلاتك مع الجماعة
https://youtu.be/jUWqJbYZc10?feature=shared
أبوعاصم السمان
،،،،،،،،،،،،،،،،،
السّؤال الرّابع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا أبا عاصم السمان أخوكم عابد بودربالة من الجزائر هل التحذير من أئمة المساجد ممن هم واقعون في الشرك أو البدعة يعد خروجا على الحاكم لأنه هو من عينهم وكيف نحذر منهم.
ـــــــــــــــــــــــــ
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لا يعد التحذير من أئمة المساجد المضلين من الخروج على الحاكم وحتى لو اعتبرنا شيخ الأزهر أو المفتي أو غيرهم من أصحاب المناصب الدينية نواباً عن ولي الأمر، فإن مصلحة الدين تقتضي بيان فساد عقيدتهم التي يدعون إليها على الملأ، لأنها ليست من قبيل ظلم الحكام وجورهم وفسقهم الذي أمَرَنا الله بالصبر عليه، وإنما يعد فعلهم تغييراً لعقيدة المسلمين وتثبيتا للباطل في نفوس العوام الذين ليس عندهم من العلم الشرعي ما يفرقون به بين الحق والباطل ، والشريعة مبناها على تحقيق المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، ، ومن مقاصدها العظيمة: حفظ الضرورات الخمس وعلى رأسها حفظ الدين، وكل ما كان وسيلة إلى حفظ الدين فهو مأمور به شرعاً ما لم يكن مخالفاً للشرع، فالوسائل لها أحكام المقاصد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ولذلك جهر الإمام أحمد بالإنكار على عقيدة الجهمية والمعتزلة وعلى أحمد بن ابي دؤاد قاضي القضاة ومستشار الخليفة المأمون وكفر من قال بخلق القرآن وألف كتابه "الرد على الزنادقة والجهمية" وكان الجهمية والمعتزلة نواب ولي الامر ومستشاريه، كقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولا كل من قال إنه جهمي كفره ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم وإمتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة لم يكفرهم أحمد وأمثاله بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم ويدعو لهم ويرى الإئتمام بهم فى الصلوات خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وإن لم يعلموا هم أنه كفر وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان فيجمع بين طاعة الله ورسوله فى إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة وإن كانوا جهالا مبتدعين وظلمة فاسقين ) مجموع الفتاوى ( 7 / 507 - 508 )

فانظر إلى تقديم الأمام أحمد مصلحة الدين في وجوب إنكار العقيدة الفاسدة وجمعه بين هذا الإنكار وبين وجوب طاعة الأئمة وتحريم الخروج عليهم وهذا من الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيراً
وقد رد شيخنا الشيخ ربيع على شيخ الأزهر في تقديمه لكتاب يمدح فيه مؤلفه عقيدة ابن عربي ورد عليه في مؤتمر الشيشان الذي رعاه لنشر العقيدة الاشعرية
ورد الشيخ أحمد النجمي ـرحمه الله ـ على المفتون المسمى أسامة القوصي في زعمه الباطل الذي دافع فيه عن هذا المبطل المسمى علي جمعة مفتي مصرـ
ورد الشيخ عبدالمحسن العباد على وزير التعليم السعودي في مطالبته بإباحة الاختلاط في التعليم
والضابط في ذلك ألا يرد على هؤلاء المسؤولين عن المناصب الدينية الكبيرة كشيخ الأزهر والمفتي إلا العلماء الكبار أو طلابهم المتمكنون الذين يعرفون أصول الرد على المخالف وتقدير المصالح والمفاسد المترتبة على هذه الردود حتى لا تجر على الدعوة الويلات ، وان يستعمل معهم المداراة بإنزالهم منزلتهم لاتقاء شرهم وعدم استعمال شوكتهم ومنصبهم في الإضرار بدعوة الحق وأهلها
ولذلك نعذر إخواننا من الدعاة من أهل السنة من الخطباء في مساجد مصر في عدم ردهم على مثل هؤلاء لئلا يعزلوا من الخطابة، ويقوم عنهم بهذا الفرض الكفائي غيرهم ممن ليس لهم منابر، وهذا من الحكمة في الدعوة أن يعرف العالم وطالب العلم والداعية متى ينكر ومتى يسكت.
وهذه رسالة أرسلتها لشيخ الأزهر عسى أن تصله ويطلع عليها، وفيها بيان عدة مخالفات للشريعة وقعت في عهده وهو شيخ للأزهر، غير ما يحاول جاهداً ترويجه لعقيدة الماتريدية على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة.
https://www.facebook.com/100000184709074/posts/4225196167496498/

أما كيفية التحذير من أئمة المساجد المضلين فينظر فيه للمصلحة والمفسدة فإذا تيقنت أو غلب على ظنك عدم حدوث فتنة من التحذير منهم بأسمائهم ولا عدم وقوع ضرر عليك أو على الدعوة فيجوز ذكرهم بالاسم والتحذير منهم في الدروس وفي وسائل التواصل وفي المجالس وغير ذلك من الوسائل
أبوعاصم السمان
.......................
السّؤال الخامس
السلام عليكم شيخنا أبا عاصم السمان
صلاح الدين عطوي من الجزائر
سائل يقول أن أباه في الفترة الاخيرة من حياته مرض و عند صيامه في رمضان ينسى أحيانا بأنه صائم و يفطر و هو لا يعلم كم عدد الأيام التي أفطرها ، فماذا عليه ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إن أكل أو شرب الصائم ناسياً فصيامه صحيح ولا قضاء عليه وإنما أطعمه الله وسقاه وسواء كان هذا النسيان من صحيح أو مريض فالحكم واحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق حكم الأكل والشرب ناسياً ولم يقيده بصحيح أو مريض فتبقى الرخصة مطلقة
لما ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ رواه البخاري(1933)، ومسلم (1155).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة ) أخرجه ابن حبان (8/288)، والحاكم (1/430) وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(6070)

أما أن كان يتعمد الإفطار ويعلم أنه مفطر فيجب عليه القضاء ويحسب الأيام بما يغلب على ظنه فيقضيها إن كان ما زال حياً إن كان يستطيع القضاء وإن لم يستطع القضاء لكبر سنه أطعم عن كل يوم مسكيناً ، وإن مات من عليه قضاء صام عنه وليه
حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) رواه البخاري (1952) ومسلم (1147) .

ولقوله عليه الصلاة والسلام للمرأة التي سألته بقولها: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ عَنْهَا؟» قالت: نعم. قال: «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» متفق عليه.

قال ابن قدامة:

وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يَخلُ من حالين :

أحدهما : أن يموت قبل إمكان الصيام ، إما لضيق الوقت ، أو لعذر من مرض ، أو سفر ، أو عجز عن الصوم : فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم ، وحكي عن طاوس وقتادة أنهما قالا : يجب الإطعام عنه ، ثم ذكر علة ذلك وأبطلها"

الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء ، فالواجب أن يُطعَمَ عنه لكل يوم مسكين ، وهذا قول أكثر أهل العلم ، رُوي ذلك عن عائشة وابن عباس ...
ثم قال : وقال أبو ثور : يصام عنه ، وهو قول الشافعي" " المغني" ( ص241 ج 3)

قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله :
" يستحب لوليه أن يقضيه فإن لم يفعل، قلنا : أطعم عن كل يوم مسكينا قياسا على صوم الفريضة " .
وقال : " فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابنا ، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يوما فيجزئ . ولو كانوا ثلاثين وارثا وصاموا كلهم يوما واحدا ، فيجزئ لأنهم صاموا ثلاثين يوما ، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده ، حتى يتموا ثلاثين يوما " انتهى من "الشرح الممتع" (6/ 450- 452) .

ومقدار الإطعام في حال لم هو كيلو ونصف أرز أو قمح نصف صاع تقريباً عن كل يوم فإن صام واحد من الأولاد عنه فهذا هو الأفضل وإن كان لا يجب عليهم ذلك وإن لم تصم عنه فلك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً
أبوعاصم السمان
...........................
السّؤال السّادس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. محمد رضوان محمد على السنان من مصر و السؤال للشيخ أبى عاصم السمان حفظه الله . توفيت أختى و تركت ثلاثة أبناء منذ أربع سنوات. ومازال والدى حي والحمد لله. ولقد علمت أنه ليس لهم حق شرعي فيما يخلفه بعد وفاته. و قال لنا والدى أعطوهم ما ترون أنتم بعد وفاتى و ترك الأمر لتقديرنا نحن ولكن أعلم أن لوالدى أن يوصى لهم بشئ . فهل هذه الوصيه على سبيل الوجوب أم الاستحباب و كم قدرها من التركة. ؟ و هل يجوز أن يترك الأمر لنا دون تحديد ؟ و جزاكم الله خير
ــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
هذه الوصية من والدكم واجبة النفاذ بما لا يزيد عن الثلث أو بما لا يزيد عن إرث أمهم، فإن كان الثلث أقل من إرث أمهم أعطوهم الثلث وإن كان إرث أمهم أقل من الثلث أعطوهم ما يعادل إرث أمهم على أنه وصية من والدكم.
وهذا هو المعمول به في معظم الدول العربية يورثون أبناء من توفاه الله في حياة أبيهم على أنه وصية واجبة من الجد وإن كان هذا القانون أخذ بمذهب أبي حنيفة لكنه خلاف القول الراجح الذي تدعمه الأدلة وما يعطاه الأولاد من غير وصية يكون على سبيل العطية أو الهبة من الورثة فيستحب للورثة أن يعطوا أولاد أخيهم أو أختهم شيئاً يعيشون به ، أما على سبيل الوجوب فلا ، لأن هؤلاء الأولاد إن لم يجدوا عائلاً لهم من جهة أبيهم عادت النفقة على القادر من أرحامهم سواء جدهم من جهة أمهم أو أخوالهم لأنهم أرحام لهم
ومن تجب عليه نفقة الأطفال الفقراء في حياة أبيهم الفقير العاجز عن الكسب أو بعد موت أبيهم: هم كل قريب وارث لهم بفرض أو تعصيب، فمن مات أبوه وتركه فقيرًا، فإن نفقته تكون على ورثته العصبة وأصحاب الفروض، كلٌّ على قدر إرثهم منه؛
ويشترط لوجوب الإنفاق شروط:
١- لا تجب النفقة لذوى الأرحام المحارم على محارمهم إلا للفقير منهم العاجز عن الكسب
٢ - أن يكون الذي تجب عليه النفقة وارثاً
٣- أن يكون لمن تجب عليه النفقة مال ينفق عليهم فاضلاً عن نفقة نفسه، إما من ماله وإما من كسبه.
٤- إذا اجتمع فى قرابة الفقير أب وأم وأخوة لأب وأعمام وكان الأب والأم موسرين وفى مالهم فضل عن نفقتهم كانت النفقة عليهم دون الآخرين
٥ - إذا اجتمع فى قرابة الفقير أب وأم وأخوة لأب وأعمام وكان الأب والأم معسرين كانت النفقة على الأخوة لأب دون الأعمام لأن المعتبر فى وجوب النفقة فى هذه الحالة هو الإرث، وهكذا الأقرب فالأقرب فإن عجز الأصول انتقل إلى الفروع وإن عجز الفروع انتقل إلى الحواشي من جهة الأب.
قال أبو حنيفة: "ينفق على الغلام حتى يبلغ صحيحاً فإذا بلغ انقطعت نفقته، ولا تسقط نفقة الجارية حتى تزوج، وبنحوه قال مالك إلا أنه قال: ينفق على النساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن، فإن طلقن قبل البناء بهن فهن على نفقتهن." انظر قول ابي حنيفة في فتح القدير (3 / 343)، وقول مالك في: حاشية ابن عابدين( 3 / 642)
ومن الأدلة على ذلك:
أولاً : من القرآن :
١- قوله تعالى: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) {البقرة:233}،
٢- قوله تعالى (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الأنفال/75.
٣- قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء/26.
ثانياً: من السنة :
١- عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ.) رواه مسلم (997) .
٢- عن طارق بن عبدالله المحاربي قال: "قدِمتُ المدينةَ، فإذا رسولُ اللَّهِ، قائمٌ علَى المنبرِ، يخطبُ النَّاسَ، وَهوَ يقولُ: (يدُ المعطى العُليا، وابدأ بمن تعولُ : أمَّكَ وأباكَ، فأختَكَ وأخاكَ، ثمَّ أدناكَ أدناكَ) رواه النسائي (2532) وصححه شيخناالألباني في مشكلة الفقر (٤٦) وصحيح النسائي (٢٥٣١)
ثالثاً : من الآثار عن الصحابة:
عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: أن عمر حبس عصبة صبي على نفقته: الرجال دون النساء."أخرجه أبو عبيد في الأموال ص305 595، وابن زنجويه في الأموال (2 / 214)
قال ابن قدامة في المغني: "إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَارِثِهِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثَانِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، فَالنَّفَقَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ؛ فَإِذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ، وَجَدٌّ، فَعَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ كَذَلِكَ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَرِدَ بِالتَّعْصِيبِ، فَأَشْبَهَ الْأَبَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْعَصَبَاتِ خَاصَّةً". المغني (٨/ ٢١٩)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وصلة الأرحام واجبة بالإجماع، كنفقة الأقارب، وحمل العاقلة، وعتق ذي الرحم المحرم. وإنما الاختلاف فيمن تجب صلته، وما مقدار الصلة الواجبة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29 / 186).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ} [البقرة: 233] هو الوارث المطلق، وهو العاصب إن كان موجودًا؛ لأن عمر جبر بني عم منغوس على نفقته. وهذه الآية صريحة في إلحاق نفقة الصغير على الوارث العاصب، وقال بها جمهور السلف، وليس فيما خالفها حجة أصلا". "المستدرك على مجموع الفتاوى" (2/ 147)
وقال ابن القيم في الزاد : "وروى النسائي من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك فهكذا وهكذا"، وهذا كله تفسير لقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36]، وقوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26]، فجعل سبحانه حق ذي القربى يلي حق الوالدين كما جعله النبي صلى الله عليه وسلم سواء بسواء، وأخبر سبحانه أن لذي القربى حقًا على قرابته، وأمر بإتيانه إياه، فإن لم يكن ذلك حق النفقة فلا ندري أي حق هو! وأمر تعالى بالإحسان إلى ذي القربى، ومن أعظم الإساءة أن يراه يموت جوعًا وعريًا وهو قادر على سد خلته وستر عورته، ولا يطعمه لقمة ولا يستر له عورة إلا بأن يقرضه ذلك في ذمته، وهذا الحكم من النبي صلى الله عليه وسلم مطابق لكتاب الله تعالى حيث يقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]، فأوجب سبحانه وتعالى على الوارث مثل ما أوجب على المولود له، وبمثل هذا الحكم حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فروى سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه حبس عصبة صبي على أن ينفقوا عليه، الرجال دون النساء. وقال عبد الرزاق: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقف بني عم على منفوس كلالة بالنفقة عليه مثل العاقلة، فقالوا: لا مال له، فقال: ولو، وقوفهم بالنفقة عليه كهيئة العقل، قال ابن المديني: قوله: ولو، أي ولو لم يكن له مال. وذكر ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: جاء ولي يتيم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "أنفق عليه، ثم قال: لو لم أجد إلا أقضي عشيرته لفرضت عليهم، وحكم بمثل ذلك أيضا زيد بن ثابت. قال ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت قال: "إذا كان أم وعم فعلى الأم بقدر ميراثها، وعلى العم بقدر ميراثه"، ولا يعرف لعمر وزيد مخالف في الصحابة ألبتة. وقال ابن جريج: قلت لعطاء: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]، قال: على ورثة اليتيم أن ينفقوا عليه كما يرثونه، قلت له: أيحبس وارث المولود إن لم يكن للمولود مال؟ قال: أفيدعه يموت؟! وقال الحسن: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] قال: على الرجل الذي يرث أن ينفق عليه حتى يستغني، وبهذا فسر الآية جمهور السلف... إلى أن قال: فالنفقة تستحق بشيئين: بالميراث بكتاب الله، وبالرحم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم العطية للأقارب، وصرح بأنسابهم فقال: "وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك، حق واجب ورحم موصولة". اهـ. مختصرًا من "زاد المعاد" (5/ 484-489)
وقال البهوتي في الروض المربع: (تجب النفقة أو تتمتها لأبويه وإن علوا، ولولده وإن سفل، حتى ذوي الأرحام منهم، حجبه معسر أو لا...) الروض المربع ص459
والله أعلم
أبوعاصم السمان
................................
السّؤال السّابع
السلام عليكم ورحمة الله
من السائل أبو عبد الله محمد علي الغيني الفلاني
إلى الشيخ الفاضل أبي عاصم السمان حفظه الله تعالى
السؤال ما حكم التعاقد مع كافر لأجل بناء مسجد أو إدخاله في المسجد لكي يصلح ما يحتاج إلى إصلاح ؟ وفقكم الله وبارك فيكم
ــــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الأولى أن يتولى بناء المساجد المسلمون، لأن الكفار أعداء لهذا الدين ولأهله، والمساجد من أهم مميزات المسلمين وخصوصياتهم ودور عبادتهم ، والكفارغير مأمونين - لو أشرفوا على بناء المسجد - أن يدسوا فيه مايسيء له ولأهله، مع ما هو ملازم له من النجاسة والأقذار التي يجب أن تبعد عن بيوت الله تعالى، لكن لواشتركوا في أعمال البناء لعدم وجود البديل ، أو كان الكافر أجود في الصنعة أو أرخص ويتم البناء حسب شروط محددة ويشرف على البناء مسلم فلا حرج في دخول الكافر المسجد للمصلحة كما ربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال وهو كافر في سارية من سواري المسجد ليرى صلاة المسلمين حتى وقع الإسلام في قلبه وأسلم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما نفس بناء المساجد فيجوز أن يبنيها البر والفاجر والمسلم والكافر، وذلك يسمى بناء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة)".انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/ 499) .
وسئل شيخنا صالح الفوزان حفظه الله :
هل تجوز الصلاة في مسجد بناه أحد الكفار على نفقته ؟
فأجاب : " لا بأس بذلك إذا لم يكن له غرض كالدعوة إلى الكفر أو غير ذلك ، إذا كان بناه بدون غرض فلا بأس بالصلاة فيه " انتهى باختصار .
https://youtu.be/Lj91ZhPBbFA?feature=shared
أبوعاصم السمان
............................
السّؤال الثّامن
السلام عليكم و رحمة الله وباركاته جزاك الله خيرا الشيخ ابا عاصم السمان معك زعدود سليم من الجزائر
هل يجوز لي إذا رأيت أخا يصلي بدون سترة في المسجد أن أضع سترة أمامه كالكرسي او قارورة ماء لكي لا يقطعون الممرين صلاته لأن سمعت بعض الأئمة يقولون انه لا يجوز لأنه لابد نية المصلي في وضع السترة و بارك الله فيك.
ـــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
نعم , يجوز وضع سترة أمام المصلي لأن هذا فيه حفظ لصلاته فهو من التعاون على البر والتقوى , ومن نفع الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُم أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) أخرجه مسلم (2199)
ولكي يتمكن المصلون من المرور من وراء السترة دون قطع صلاته وفيه تذكير لمن لم يتخذ السترة وتعليمه السنة وإقامة لها ,

عن قرة ابن اياس قال : رآني عمر رضي الله عنه وأنا أصلي بين أسطوانتين فأخذ بقفائي فأدناني إلى سترة فقال : صل اليها" أخرجه البخاري تعليقًا (١/ ٥٧٧)، بصيغة الجزم، ووصله ابن أبي شيبة (٢/ ٣٧٠)، وهو أثر حسن.
وقال الحافظ ابن حجر :" أراد عمر بذلك أن تكون صلاته إلى سترة "فتح الباري (١/ ٥٧٧).

وقال ابن قدامة رحمه الله : " وقد روي عن حميد بن هلال, قال : رأى عمر بن الخطاب رجلاً يصلي , والناس يمرون بين يديه , فولاه ظهره, وقال بثوبه هكذا, وبسط يديه هكذا. وقال: صل, ولا تعجل، وعن نافع, قال: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلاً إلى سارية من سواري المسجد , قال : ولِّني ظهرك ، رواهما النجاد بإسناده " انتهى من "المغني"(2/38).

جاء في الإقناع مع شرحه: " وفي المستوعب: إن احتاج المار إلى المرور ألقى شيئاً بين يدي المصلي ، يكون سترة له ، ثم مر من ورائه" انتهى . فيكون مروره من وراء السترة " انتهى من "كشاف القناع"(1/376) .

وقد سئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
السؤال121: ما حكم اتخاذ السترة في الصلاة مع الدليل، وهل حديث الخط في اتخاذ السترة صحيح أم لا، وهل من السنة أن أضع سترةً لمن لم يتخذ سترة؟
الجواب: أما اتخاذ السترة فالصحيح الوجوب لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا صلّى أحدكم، فليصلّ إلى سترة وليدن منها)
وأما حديث الخط فهو ضعيف، فمن أهل العلم من ضعّفه بالاضطراب كابن الصلاح، ومنهم من ضعفه لجهالة بعض رواته، فقد اضطرب في اسم الراوي وهو أيضًا مجهول، ولو كان ثقةً لما ضر الاضطراب في اسمه.
وإذا رأيت أخًا يصلي بدون سترة ووضعت له سترةً فهذا أمر لا بأس به، وهو من باب التعاون على الخير والتعليم.
http://old.muqbel.net/books/book04.htm
أبوعاصم السمان
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
السّؤال التّاسع
عبدالرحيم خربوش ابوايوب من المغرب 🇲🇦
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله وبياكم سؤالي فضلاً الشيخ ابو عاصم السمان
هو عندنا في المغرب أكثر المساجد لا تصلي الفجر في الوقت
ماذا عليا أن أفعل وجزاكم الله خيرا واحسن الله اليكم 🇲🇦👍
ــــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على النبي وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إن لم تجد مسجداً يقيم بعد الأذان بثلث ساعة فيجب عليك الصلاة مع الجماعة وصلاته صحيحة وإن أعدتها احتياطاً فلا حرج، لأن صلاة المأموم تبعاً لصلاة الإمام والإمام يعتقد صحة التقويم ومن اعتقد صحة صلاته لنفسه وكان إماماً صحت صلاة من خلفه
وفي هذا الفيديو الأدلة على صحة صلاتك مع الجماعة
https://youtu.be/jUWqJbYZc10?feature=shared
أبوعاصم السمان
............................
السّؤال العاشر
السلام عليكم شيخ أبو عاصم السمان السائل منصور علي الحيدري من بلاد اليمن سؤال إذا الشخص داخل قلبه يمرر على قلبه كلمات سب الله قبيحه ينطقها داخل قلبه يوميا /والشخص لايسب الله عبر للسانة خوفا من الكفر والردة والشخص اصلا لايريد ان يكفر با الله ولايحب ان يكون مرتداَ ويخاف على نفسه من الردة ويتمنا يموت مسلما ويخشئ عذاب الله ولاكن في قلبه يجد قلبه عامدا يوميا يتلفظ داخل قلبه بي كلمات سب الله قبيحة
ــــــــــــــــــــــــ
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،،
أما الوساوس الشيطانية سواء بسب الله أو قول الشيطان للعبد من خلق الله ؟ أو الشك في الوضوء والصلاة وباقي العبادات فلم يسلم منه حتى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من حديث النفس وتنغيص الشيطان على العبد الذي عجز عن إغوائه ، والله سبحانه لا يؤاخذ عباده على الخطرات ولا الوساوس التي تدور في أنفسهم مالم يقل ذلك بلسانه أو يفعل بحوارحه

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّم ) . رواه البخاري ( 2391 ) ومسلم (127)

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : والمراد : نفي الحرج عما يقع في النفس ، حتى يقع العمل بالجوارح ، أو القول باللسان على وفق ذلك ، والمراد بالوسوسة : تردد الشيء في النفس ، من غير أن يطمئن إليه ، ويستقر عنده .فتح الباري " ( 5 / 161)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ( جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ ، قَالَ : وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ ) . رواه مسلم ( 132 )

وأخرج البخاري و مسلم من حديثي أبي هريرة و أنس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال( يأتي الشيطان أحدكم فيقول: (من خلق كذا و كذا؟) ،و في رواية عند مسلم (من خلق السموات و الأرض ؟ فيقول : الله فيقول من خلق الله ، قال صلى الله عليه و سلم فمن وجد ذلك فليستعذ بالله و لينته)

قال النووي – رحمه الله - :
معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه ، وأما الكافر : فإنه يأتيه من حيث شاء ، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة ، بل يتلاعب به كيف أراد ، فعلى هذا معنى الحديث : سبب الوسوسة : محض الإيمان ، أو الوسوسة علامة محض الإيمان ، وهذا القول اختيار القاضي عياض ... .
شرح مسلم " ( 2 / 154 ) .

وقال النووي – رحمه الله -أيضاً :
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليستعذ بالله ولينته ) فمعناه : إذا عرض له هذا الوسواس : فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شرِّه عنه ، وليُعرض عن الفكر في ذلك ، وليَعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان ، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء ، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته ، وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها ، والله أعلم . شرح مسلم " ( 2 / 155 ، 156)

قال الإمام الخطابي: "المراد بصريح الإيمان هو الذي يعظم في نفوسهم إن تكلموا به، ويمنعهم ‏من قبول ما يلقي الشيطان، فلولا ذلك لم يتعاظم في نفوسهم حتى أنكروه ، وليس المراد ‏أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، بل هي من قبل الشيطان وكيده"

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد ، و الصريح الخالص كاللبن الصريح وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان فصار صريحا اهـ ( مجموع الفتاوى 7/282 ).

وقال أيضاً : وهذه الوسوسة هي مما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان فإذا كرهه العبد و نفاه كانت كراهته صريح الإيمان اهـ.مجموع الفتاوى (14 / 108).

فإذا غلبتك هذه الهواجس والوساوس فلا تسترسل معها واستعذ بالله منها وانتهي عن ذلك
أما قولك إنك تتعمد سب الله بقلبك فتعمد الكفر بالقلب يكفر به المسلم لأن القلب محل النية ومحل الإيمان والكفر والنفاق ، والمنافقون يظهرون الإسلام ويتعمدون الكفر بقلوبهم وقد كفرهم الله عز وجل رغم أنهم لم ينطقوا بالكفر بل ينطقون بالإسلام ، ففرق بين الوساوس التي تهجم على الإنسان بسب الله أو إنكار وجوده وبين تعمد قول الكفر بالقلب ، فلا تتعمد قول الكفر بلسانك ولا بقلبك وإذا هجم عليك هذا الوسواس الشيطاني فالجأ إلى الله واستعذ به ولا تردد في قلبك ذلك السب ولا ذلك الكلام القبيح ولا تسترسل معه
أبوعاصم السمان
/////
سؤال: هل يشترط صحة السند في الأخبار التاريخية؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد،،،

فإن القصص التاريخية والقصص التي تتضمن مواعظ وحِكَم لم يشترط من كتب فيها من علماء أهل السنة الثقات صحة السند ويكفي فيها الشهرة إلا إن ترتب عليها حكم شرعي أو كانت تمس العقيدة فحينئذ لا نقبل منها إلا ما صح سنده

فكتب التاريخ حوت الحق والباطل والصدق والكذب فهي مجرد حكايات وروايات مشهورة عند الناس عن حقبة تاريخية، ولم تحقق كتحقيق الأحاديث، ولذلك لا يُقطع بنسبة ما فيها ولا تعد مصدراً موثوقا لأخذ الأحكام

يقول الإمام ابن جرير الطبري في مقدمة كتابه تاريخ الملوك : «فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّيَ إلينا.» انتهى من مقدمة تاريخ الملوك للطبري.

يقول عبد الرحمن بن مهدي:” إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال"
رواه الحاكم في المستدرك بعد رقم (1801)

وقَالَ: حَدَّثَنَا حرملة بْن يَحْيَى التجيبي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي، يقول: "من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق" رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد في ترجمة ابن إسحاق

وعن على بن المديني قَالَ سمعت سفيان يقول: قَالَ ابن شهاب- وسئل عن مغازيه- فقال: هذا أعلم الناس بها- يعني ابن إسحاق" تاريخ بغداد

وقال عباس بن محمد الدوري: سمعت أحمد بن حنبل وذكر محمد بن إسحاق؛ فقال: أما في المغازي وأشباهه فيكتب، وأما في الحلال والحرام فيحتاج إلى مثل هذا. ومد يده وضم أصابعه."
"الجرح والتعديل" 7/ 193

وقال الإمام أحمد رحمه الله : " ثلاثة كتب ليس لها أصول : المغازي والملاحم والتفسير " انتهى .رواه الخطيب في "الجامع" (2/162) وفسره بقوله: المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة ، غير معتمد عليها ، ولا موثوق بصحتها ، لسوء أحوال مصنفيها ، وعدم عدالة ناقليها ، وزيادات القصاص فيها " ، وفسرها شيخ الإسلام ابن تيمية بكثرة المراسيل في هذه الأبواب

وقال البيهقي عن الأحاديث الضعيفة المتفق على ضعفها: وهذا النوع على ضربين: ضرب رواه من كان معروفا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملا في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين، وضرب لا يكون راويه متهما بالوضع، غير أنه عرف بسوء الحفظ وكثرة الغلط في رواياته، أو يكون مجهولا لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول، فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملا في الأحكام، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولة عند الحكام، وقد يستعمل في الدعوات والترغيب والترهيب، والتفسير والمغازي فيما لا يتعلق به حكم. اهـ. من دلائل النبوة.
عقده الخطيب البغدادي في كتابه: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 2ـ316ـ320ـ بعنوان: ما لا يفتقر كتبه إلى إسناد، وقول الخطيب: وأما أخبار الصالحين وحكايات الزهاد والمتعبدين، ومواعظ البلغاء، وحكم الأدباء فالأسانيد زينة لها، وليست شرطا في تأديتها، ثم أسند الخطيب قصة رجل خرساني كان يجلس عند يزيد بن هارون فيكتب الكلام ولا يكتب الإسناد، فلما لاموه على ذلك قال: أنا للبيت أريده لا للسوق، فعلق الخطيب على ذلك بقوله: إن كان الذي كتبه الخرساني من أخبار الزهد والرقائق وحكايات الترغيب والمواعظ، فلا بأس بما فعل، وإن كان من أحاديث الأحكام وله تعلق بالحلال والحرام فقد أخطأ في إسقاط إسناده، لأنها هي الطريق إلى تثبته

ويقول ابن خلدون في "المقدمة" (ص/28) : " فإذا يحتاج صاحب هذا الفن إلى العلم بقواعد السياسة وطبائع الموجودات واختلاف الأمم والبقاع والأعصار في السير والأخلاق والعوائد والنحل والمذاهب وسائر الأحوال ، والإحاطة بالحاضر من ذلك ، ومماثلة ما بينه وبين الغائب من الوفاق أو بون ما بينهما من الخلاف ، وتعليل المتفق منها والمختلف ، والقيام على أصول الدول والملل ومبادئ ظهورها وأسباب حدوثها ودواعي كونها وأحوال القائمين بها وأخبارهم ، حتى يكون مستوعبا لأسباب كل خبره ، وحينئذ يعرض خبر المنقول على ما عنده من القواعد والأصول ، فإن وافقها وجرى على مقتضاها كان صحيحا ، وإلا زيفه واستغنى عنه .
وما استكبر القدماء علم التاريخ إلا لذلك ، حتى انتحله الطبري والبخاري وابن إسحاق من قبلهما ، وأمثالهم من علماء الأمة ، وقد ذهل الكثير عن هذا السر فيه حتى صار انتحاله مجهلة ، واستخف العوام ومن لا رسوخ له في المعارف مطالعته وحمله والخوض فيه والتطفل عليه ، فاختلط المرعي بالهمل ، واللباب بالقشر ، والصادق بالكاذب ، وإلى الله عاقبة الأمور " انتهى .
فهناك نقص في التحقيق التاريخي ، والنقد المنهجي لكتب التاريخ، إلا أننا لا ننفي وجوده، فقد سطر نقاد العلماء كُتُبَاً محققة محكمة ، محَّصوا فيها الصادق من الكاذب، والحقيقي من الزائف، فيمكن الاستفادة منها والرجوع إليها، ما لم تخالف أصلا شرعيا ولم يبن عليها حكم شرعي ومنها :
"العواصم من القواصم" لأبي بكر ابن العربي المالكي ، "البداية والنهاية" لابن كثير ، وتاريخ الملوك والرسل للطبري وكتب الحافظ الذهبي عموما : "تاريخ الإسلام" و "سير أعلام النبلاء" ، و"العبر" وغيرها .

ويقول الدكتور أكرم ضياء العمري (صاحب كتاب صحيح السيرة النبوية ): “أما اشتراط الصحة الحديثية في قبول الأخبار التاريخية التي لا تمس العقيدة والشريعة ففيه تعسُّف كثيرٌ، والخطر الناجم عنه كبير؛ لأن الروايات التاريخية التي دوَّنها أسلافنا المؤرخون لم تُعامل معاملة الأحاديث، بل تمّ التساهل فيها، وإذا رفضنا منهجهم فإن الحلقات الفارغة في تاريخنا ستمثِّل هوَّة سحيقة بيننا وبين ماضينا، مما يولد الحيرة والضياع والتمزق والانقطاع”

أجاب عنه : أبوعاصم السمان
لا يَغتَابُ مسلماً إلا من كان عنده نقص في العقل والدين، واعلموا أن التحذير من أهل البدع بأعيانهم ليس من الغيبة بل من النصيحة للمسلمين.
إذا اغتابك أو طعن فيك أحدٌ بغير حق فلا تحزن، واحمد الله أن سخر لك بعض البشر يعملون الصالحات ويحولون حسناتهم المقبولة إلى حسابك في الآخرة.
كيف تحزن والمغتاب يُشاركك في حسناتِه... ويعطيك أجرَ صومِه وصلاته...ويحمل عنك وزرا تنوء بحمله ....ويؤثرك بذلك عن أبنائه وبناتِه.
قال عبدُ الرَّحمنِ بنُ مَهديٍّ: (لولا أنِّي أكرَهُ أن يُعصى اللهُ لتمَنَّيتُ ألَّا يبقى في هذا المِصرِ أحدٌ إلَّا وقَعَ فيَّ واغتابني! وأيُّ شيءٍ أهنأُ من حَسَنةٍ يجِدُها الرَّجُلُ في صحيفتِه يومَ القيامةِ لم يعمَلْها ولم يعلَمْ بها؟!) (حلية الأولياء) لأبي نعيم (9/ 11)، (شعب الإيمان) للبيهقي (9/ 97).
وعن عبدِاللهِ ابنِ المبارَكِ قال: (قُلتُ لسُفيانَ الثَّوريِّ: يا أبا عبدِ اللهِ، ما أبعَدَ أبا حنيفةَ من الغِيبةِ، ما سمِعتُه يغتابُ عَدُوًّا له قطُّ! قال: هو -واللهِ- أعقَلُ مِن أن يُسَلِّطَ على حَسَناتِه ما يُذهِبُ بها!) (تاريخ بغداد) للخطيب (15/ 497)
وقال ابن المبارك: لو كنت مغتابًا أحدًا لاغتبت والدَيّ لأنهما أحقُّ بحسناتي." (شرح صحيح البخاري) لابن بطال (9/245)،
وعن الحسن البصري:
"أنَّ رَجُلًا قال له: إنَّك تغتابُني، فقال: "ما بلَغَ قَدْرُك عندي أن أحَكِّمَك في حَسَناتي!" (الأذكار النووية) (ص: 340).
وقال سُفيانُ بنُ عُيَينةَ: (لو أنَّ رَجُلًا أصاب من مالِ رَجُلٍ شيئًا فتورَّع عنه بعدَ موتِه، فجاء به إلى وَرَثتِه، لكُنَّا نرى ذلك كَفَّارةً له، ولو أنَّ رجُلًا أصاب من عِرضِ رَجُلٍ شيئًا فتوَرَّع عنه بَعدَ مَوتِه، فجاء إلى وَرَثتِه وإلى جميعِ أهلِ الأرضِ فجَعَلوه في حِلٍّ، ما كان في حِلٍّ! فعِرْضُ المُؤمِنِ أشَدُّ من مالِه، افقَهوا ما يُقالُ لكم) (حلية الأولياء) لأبي نعيم (7/ 278).
وقال الفضيل بن عياض : "ربَّما قال الرَّجُلُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فأخشى عليه النَّارَ! قيل: وكيف ذاك؟! قال: يُغتابُ بَيْنَ يَدَيه رجُلٌ، فيُعجِبُه، فيقولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وليس هذا موضِعَها، إنَّما هذا موضِعُ أن يَنصَحَ له في نفسِه، ويقولَ له: اتَّقِ اللهَ!" رواه أبو بكر الدِّينَوَري في (المجالسة وجواهر العلم) (663)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (55/144).
أبوعاصم السمان
2024/05/15 10:18:01
Back to Top
HTML Embed Code: