Telegram Web Link
فقال له ربنا سبحانه: ارجع، فقل له " يعني لسيدنا موسى عليه السلام" يضع يدَه على متن ثورٍ، فله بكل ما غطتْ به يده بكل شعرة سنة
قال سيدنا موسى : أي ربّ! ثم ماذا؟ قال : ثم الموت
قال: فالآن!

هكذا يبصر السادة من المصطفين الأخيار حقيقة الدنيا، ويتهيأون دومًا للرحيل إلى الآخرة، فيكون الموت بوابتهم للقاء ربهم والتنعم بجواره، مرتحلين عن دار الغصص ومرابض الكذب والغدر ومحافل التكالب على الحطام!

ثم ماذا؟
هذان هما الحرفان اللذان يُنهضان العبدَ من عثرته ويوقظانه من غفلته!
ثم ماذا، إن ظلمتَ فطغيتَ، أو سطوتَ فاعتديتَ، أو خُضت في ردغات الخبال، أو تركتَ الصلوات منشغلًا عن ربك، وركبت المحرمات؟
ثم ماذا؟
ثم ماذا إذا أوتْ نفسك إلى سعير الباطل واجترأت على اللحاق بـ "وكنا نخوض مع الخائضين"؟
ثم ماذا؟
" وأنَّ إلى ربِّك المُنتهى".

وهما أيضًا الحرفان اللذان يجلوان القلب ويحملان العبد إلى شهود المصير ولمح فَجْر العاقبة وأنوار الوصول إلى الله، فيهون عليه تعب صومه عن الدنايا، وترحل عنه أثقال اللحظة الخانقة، والدمعة الكاوية!
رجاءَ جمال العوض وفرحة الوصول وأنوار اللقاء بالله تعالى الملك الحق المبين!
" فاصبر إن العاقبة للمتقين"!

سيمضي هذا كله ويرتحل هذا كله!
خاطرة تربوية، على شفير يأس:

ثمَّ إنك تنثر كنانة حلولك مُتناسيًا أن الأمر بيد الله .. أخذتك سكرة الأساليب والطرق، فلا تنتبه حتى تحيد سهامك عن الهدف، لتخبرك أن الدعاء الذي غفلت عنه، ونفَّذته برتابة إنما هو السهم النافذ!

فعد، وابرِ دعاءك، وريِّشه، وأحدَّ نصله .. ثم اعمَد إلى نبالك فكسِّرها، ثم ضع سهمك هذا في كبد قوسك، وشدّ وترك .. ثم أطلق سهمك وأَقسم أن تصيب، فإني أُقسم أن لا تحنث .. ارمِ به، ثم التفت عنه وانتظر شهقة موتِ همِّك

من رمى بالدعاء سَدَّد!
« وذلك ذنبٌ عقابه فيه »
ظاهر الأمر أنك استسلمت، تراخَت يداك، ما عُدت تريد من الأمر ذرَّة، بكت عينك، لانَ دربُك، وتاهت خُطاك!

ألف صورةٍ تلوح في ذهنك الآن، تستفزّ كل شيءٍ فيك ألّا تقف، تهمس لك أن استمر، تُخبرك أنَّ ثمرة الوصول أعظم ممّا مضى، ونبتة الجهد لا بُدّ مثمرة

أحيانًا تكون على بُعد خطوة فقط، تحمَّل قليلًا، يرى الله كل خطوة فاطمئن، الليل يُسدِل ستائره، وقلبك يكشف سِرّه، ويدك ترتفع للسماء، والله يعلم دواخلك

أنفاس الليل وإن طالت، فنبض الفجر قريبٌ جدًا، أقرب إليك من سوء ظنّك، وأفضل من طول يأسك، وأجمل من دمعة اليأس، فلا بأس
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
‏﴿ لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما
عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ ﴾

قال عزيز بن يحيى في تفسيرها؛
‹ أنه ﷺ لا يُرضيه إلا دخولكم الجنَّة
﴿ وَاتَّقوا يَومًا تُرجَعونَ فيهِ إِلَى اللَّهِ.. ﴾
"وقف الرسول ﷺ ذات يوم على شفير قبر متفكرًا، فأحبَّ أن يسكب من وهج مواجيده عبرًا في قلوب أصحابه الكرام، فقال: من صاحب هذا القبر؟ قالوا: فلان. فقال: ركعتان خفيفتان بما تحقرون وتنفلون، يزيدها هذا في عمله، أحب إليه من بقية دنياكم!

‏تلك إذن حقيقة الحياة:
‏أرض خصبة وماء فرات. ولكن أين الزارعون؟
‏آه يا قلب! حتى متى وأنت معجب بأوراق غصنك الزاهية؟ وعاصفة الخريف على أبواب بستانك تعصف من قريب!
‌‏ألا رش خمائلك الوسنى برذاذ السحر اللطيف؛ فإن «أفضل الصلاة -بعد الصلاة المكتوبة- الصلاة في جوف الليل» و«أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر ﷲ في تلك الساعة فكن!»

‏هذه رياح الشوق تطرد النوم عن عيون المحبين، فيتململون في فرشهم عند ذكر اللحظة البارقة، ثم تنجذب قلوبهم إلى هبوب الروح، فينهضون سراعًا، يستدرون قطر الحياة من ماء الوضوء، ثم ينسلون بهدوء إلى خلوات المحاريب، قيامًا بمقام الجوار الأقرب وتنتفض الشجيرات المشوقة بجمال ﷲ، فتتناثر الأداء من أفنانها، ثم تدخل في الصلاة؛ فإذا بساتينها الخضراء محاريب للتهجد الخفي، وإذا أغصانها الغضة ترسم انحناءات العبد ركوعًا وسجودًا، انحناءات ذات هالات من نور، تومض في سواد الليل البهيم.

هنا مقام التهجد، هنا توزع العطايا الرحمانية على العباد، شهداء الفيض العظيم"

- وتركم
إنما أنت في هذه الدنيا في صراع، تغلبك النفس تارة وقد تغلبها تارات، واعلم بأنَّ الله قد تفضل عليك بأنَّ السيئة تُذهبها الحسنة، وأنَّك لو غُلِبت ألف مرّة فسيزول هذا السجل إن صدقت في التوبة، فلا تملَّ مِن مُنَاكفة العدوِّ، والاستكثار من الحسنات ما لم تبلغْ روحك الحلقوم
يقول ﷺ:
خير أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه
أدخل الجنة وفيه أهبط منها وفيه تقوم الساعة
وفيه ساعة لا يرد فيها سائلًا؛ فأكثروا عليّ من
الصلاة فيها فإن صلاتكم معروضةٌ عليّ

‏قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد
أرمت؟ أي: بليت
‏قال: إنَّ الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
إنها تُطوَى وتمُر وكأنَّها ما كانت، ولا أناخَت ركابها الثقيلة على النفوس. كل تلك الأوقات التي ظننتَ من فرط عِبئها بأنَّها دائمة، تمضي وتترك في أعقابها رسالة مضمونها: لا دوام لحال
فجرٌ جديد..

ابتسم ما زلتَ حيًا، ها أنتَ مرةً أخرى، تستعدُّ لخُطى الإحسان، فسدُّ الثغرة لا يأتِ بعثرة، انفُض عنك غبار الفراغ، هاتيك صفحة بيضاء كقلبك، تكتب فيها أثرًا لا يُمحى

استنشق كما لم تتنفس من قبل، اركض كأن الكون صدرُك، دع شروق الشمس يتغلغل فيك، وإن غفت عيناك انتفِض، لا نومَ اليوم لتائق!
الفجرُ محرابُنا.. دعواته الصَّباحية، وهمساته القلبية، وسرٌّ يتجدَّد!

ولطفُ ربك ..
يدٌ تلمس ثُقب القلب فترويه، وسَير الدرب فتبنيه، وشتات الأمر فتهديه، كُل لحظةٍ حاولتَ بها ترتيب أمرك ورسم دربك كانت يدُ الله ترعاكَ بلُطفٍ خفيٍّ تعجزُ عن فهمه وإدراكه، بل إن جمالية الأمر تكمُن في الخفاء، في الظِّلّ هناك، فلو أدركتَ ما دُهشت!

لو جلستَ ألف عامٍ لإعداد الخطط، وألفًا ثانيةً لتدبير تفاصيل يومك ولحظاتك وما بينها، فإنّك تقف عاجزًا أمام تدبير الله لك.. كم من مرّةٍ أهداك الحياة وسط الغرق، ولو كُنتَ على مركبٍ من ورق

عليك الدهشةُ ومنهُ الكرم
لمَّا مات الحافظ أحمد الشيرازي، جاء إلى ابنه
رجلٌ فقال: رأيت أباك في النوم وهو في
المِحراب واقفٌ بجامع شيراز وعليه حُلَّة وعلى
رأسه تاج مُكَلِّلٌ بالجَوهر، فقلت: ما فعل الله
بك؟، قال: غفرَ لي وأكرمني، قلتُ: بماذا؟، قال:
بكثرة صلاتي على رسول الله
لا بأس إن شحُبتْ ملامحك، وانطفأ النور في عينيك، وثقُلَ وجودك، واغتمَّ حديثك، وطوَّقتكَ عُزلتك. لا بأس إن تعثّر سعيُك، وتَحدَّرَ إنتاجك، وتمنَّعَ إنجازك.

لا بأس إن خارَتْ أوراقُك في مهبِّ السقوط، وجفَّت أزهارُك في مهب الذُّبول. لا بأس إن ترنَّحتَ شيئًا، أو حتّى طُرِحتَ أرضًا.

فما هذه كلها إلا ظواهرك التي تُقلِّبُها الطُّقوس، والنفوس. وما لكَ لا تنظرُ في أغوارِك، وتُطمْئنُ قلبك بما ترى. فهذا الخير لا زال وفيرًا، وتلك المحبة لا زالت واسعة، وذاك النور ما زال ساطعًا، وكل تلك النوايا، والآمال لا زالت نابضةً، صافية.

وانحدارُك هذا ليس إلا طَوْرٌ من نَسَق الحياة الذي يتْبعُه صُعودٌ؛ فلا تَخَفْ إن تناوبَتْ عليك مواسمُ التغيير، ما دامَ جِذرُك ثابتًا في أُصوله، وما دامت رُوحك ندِيَّةً بالرضا.. يَانِعةً باليقين
إن المعرفة بالله تملأ قلبك أنسًا بالله، ثم أنسًا بالحياة، وأنسًا بالكون والكائنات، وأنسًا بالموت، الذي لن ترى فيه -إذ تقف عليه- إلا موعدًا جميلًا للقاءٍ جميل، مع ربٍّ جميل؛ فذلك ذوق الإحسان في قمة المشاهدات الإيمانية، وإنما الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

ألا يا حسرة على الناس إذ جهلوا بالله!

حتى إذا وجدت ما وجدت، وعرفت من ربك ما عرفت، أبت عليك معرفتك وما فاضت به عليك من جمال الأخوة الكونية؛ إلا أن تسعى بهذا الخير إلى الناس كل الناس، داعيًا إلى الله ومعرفًا به، لا يمكن لعارف بالله حقًّا إلا أن يكون داعية إليه، وهل يستطيع المحب أن يكتم من محبته شيئًا؟ إنَّ الوجدان ليضيق عن كتمان جمال تشرق أنواره على الكون كله، ولا يمكن للنور إلا أن ينير!


- | فريد الأنصاري، بلاغ الرسالة القرآنية |
بالله عليك أيُّ خير، وأيُّ فضْلٍ، وأيّ حظٍّ سيفوتك لو أنَّك اخترت حفظ القرآن على سائر ما أنت منشغلٌ به الآن؟

ماذا عليك لو أنَّك اعتكفت عليه حفظًا، وتفسيرًا، وتدبرًا، وعملًا، فاخترته على ما سواه .. حتَّى إذا ما انكببت عليه حقَّ الإنكباب فتح الله لك فتوحًا لا تكاد تحصي مداه!

أيُّ خير ترجوه بعد ذلك وأنت تحمل كلام الله كاملًا بين جنبيك، أينما حللت وتوجَّهت بك قدماك كلام الله موجودًا حاضرًا دائمًا في صدرك؟

أيُّ نعيم ذلك الذي ستعيشه حينما يتيسَّر لك حفظ أحاديثه ﷺ بعد حفظك لكلام ربك كاملًا، فتصبح بهذا الشَّرف حاملًا لأعظم ما عرفته البشرية على الإطلاق!

والله، لو أنَّك اخترتهم على كلّ ما سواهم لاختارك كل خير، وكل فضل، وكل حسن ..

فابدأ أرجوك ما دام عرق قلبك ينبض!
يا صاحب الذنب لا تأمن عاقبة ذنبك، واعلم أن مايتبَعُ الذنب أعظمُ من الذنبِ نفسِهِ
فإن عدم استحيائكَ مِمَّن على يمينك وعلى شمالك وأنت تقترف الذنب لا يقِلُّ عنِ الذنب
وإنَّ ضَحِكَكَ عند الذنب وأنت لا تدري ما الله صانعٌ بكَ أعظمُ من الذنب
وإنَّ فرحكَ بالذنب إذا ظفرت به أعظمُ من الذنب
وإنَّ حُزْنَكَ على الذنب إذا فاتك أعظمُ من الذنب
وإنَّ خوفَكَ من الريَّحِ إذا حرَّكت سِتْرَكَ، وأنت ترتكب الذنب مع كونك لا يضطربُ فُؤادُكَ مِن نَظَرِ اللهِ إليْكَ أعظَمُ مِن الذنب.

يا صاحب الذنب : أتدري ما كان ذنبُ أيوب عليه السلام حين ابتلاهُ الله عز وجل بجسده ومالِه؟
إنما كان ذنبه أنه استعان بهِ مسكينٌ ليدفع عنه الظلمَ فَلَمْ يُعِنهُ.

📚 صور من حياة الصحابة
كان ﷺ يحب سماع القرآن من غيره،
فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-
قال: قال لي رسول الله ﷺ: «اقرأ عليَّ القرآن»

فقلت: يا رسول الله! أقرأ عليك؛ وعليك أُنزِل؟
فقال: «نعم، فإني أحب أن أسمعه من غيري»
2025/10/27 12:21:12
Back to Top
HTML Embed Code: