‏يا ناصر الحق في بدرٍ وفي أحدٍ
‏وفي حنينٍ غداةَ الجيش قد لانا

‏يا مُنجيًا نوحًا بالطوفان من غرَقٍ
‏يا صادق الوعْد لِما وعْده حانا

‏يا ربَّ أيوب يا كشَّاف كربته
‏وربَّ ذي النون إذ ناداك ولْهانا

‏يا جامعًا شمل يعقوب كم ذرَفَت
‏عيناه وابيضَّت العينان أحزانا

يا ربَّ يوسف بعد السجن مكّنه
‏فنال مُلكًا وآباءًا وإخوانا

‏يا ربَّ جبريل والأملاك قاطبة
‏يا ربَّ كل تقيٍّ بالتُّقى ازدانا

‏اقصم بعزِّك يا جبّار شرذمةً
‏عاثت بإخواننا فتْكًا وعُدوانا
ارضَ بقضاء الله على ما كان من عسر ويسر؛
فإن ذلك أقلَّ لهمِّك، وأبلغ فيما تطلب من
آخرتك، واعلم أنَّ العبد لن يصيب حقيقة
الرِّضا حتى يكون رضاه عند الفقر والبلاء
كرضاه عند الغِنى والرخاء
، وسُئِل بعضهم
عن الرضا فقال: من لم يندم على ما فات من
الدنيا، ولم يتَأَسَّف عليها.

وكما قيل:
«الْعَبْدُ ذُو ضَجَرٍ وَالرَّبُّ ذُو قَدَرٍ
وَالدَّهْرُ ذُو دُوَلٍ وَالرِّزْقُ مَقسُومُ

وَالخَيْرُ أَجْمَعُ فِيمَا اخْتَارَ خَالِقُنَا
وَفِي اخْتِيَارِ سِوَاهُ اللَّوْمُ وَالشُّومُ»

وقال ابن القيِّم: منْع الله سبحانه وتعالى لعبده
المؤمن المحب عطاءً، وابتلاؤه إياه عافية،
وذلك أنه لم يمنع عن بخل ولا عدم، وإنما نظَر
في خير عبده المؤمن، فمنعه اختيارًا، وحسن
نظر، فالعاقل الراضي من يَعدُّ البلاء عافية،
والمنْع نعمة، والفقر غِنًى، وهو الذي يَعدُّ نعَم
اللّٰه عليه فيما يكرهه أكثر وأعظم من نعَمه
عليه فيما يُحبه لقوله تعالى: ﴿وَعَسَىَ أَن
تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦]

-أعمال القلوب | خالد السبت.
لو رُزِق العبد الدُّنيا بما فيها ثم قال: الحمد لله، لكان
إلهام الله له بالحمد أعظم نعمة من إعطائه الدُّنيا؛
لأنَّ نعيم الدُّنيا يفنى وثواب الحمد يبقى
‏لك الحمد يا منَّان، حمدًا مباركًا 🤍
لو أنَّ رجلًا مشى في طريقه لمُلاقاة عدوِّه، فأثقله
درعه فخلعه، وأثقله سيفه فرماه، وأثقله طعامه
وشرابه فتركهما، ثمَّ لاقى عدوه حاسرًا أعزلًا جائعًا،
فأنَّى له ينتصر؟، كذلك من ثَقُل عليه الذكر فتركه،
وثَقُلت عليه السنن الرواتب ففرط فيها، وثقلت عليه
الفرائض فأخَّرها، وثقلت عليه الأوامر والنواهي
فهانت عليه

ثم يشتكي تسلط الشيطان على قلبه!
‏لقد صرع نفسَه قبل أن يصرعه عدوُّه
Audio
"..ما وجدتُ شيئًا أذوبَ لقسوة القلب
وذهابِ غفلته؛ من سماع القرآن!"
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
﴿ ٱدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡكُمۡ وَلَاۤ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ ﴾ ❤️‍🩹
ليُدرك كلٌ منَّا أنهُ مأمورٌ بنَصرةِ إخوانه، كلٌّ حسب
وُسعه؛ والدُّعاء هو وسع الجميع ولا يستثنى منه
أحد
.

لا يكن دعاؤك تمتماتٍ تائهاتٍ تُبرِّىء بها ضميرك
وقلبك لاهٍ! ادعُ لإخوانك كما لو دعوتَ لنفسكَ وقد
ضاقت عليكَ الأرضُ، أُمَّتُكَ اليوم في فاقة، وأهل غزَّة
ضاقت عليهم الأرض واللّٰه غالب.

ثمَّ وليُعلم أن تمام النصرة إصلاح النَّفس! أقبل على
نفسك فتِّش جوانب ضعفك، ابحث عن ذلك الذَّنبُ
الَّذي تغشَّاك، وتخفف منه بإقلاعٍ وتوبة واستغفار؛
أقبل على ربِّك بطاعاتٍ يحبها منك ويناديك أن تكون
من أهلها، هذه هي النصرة يا أخي فأنت الجزء من
ذلك الجسد الذي يئن! فداوِ ضعفك لتشفى أُمَّتك!
إنَّا إلى الله.. ما الدُّنيا لنا سكن
هكذا هو قلب المؤمن الذي يتربَّى في مدرسة حبيبه
محمد آخذًا بوصيته ﷺ "كن في الدُّنيا كأنك غريب أو
عابر سبيل"

فهي ليست دارنا ولا ديارنا،
هي وسيلةُ تزوّدٍ لا وجهة!
وهي محطةُ عبورٍ لا مستقرّ!
أما الوجهة فـ "إلى الله"
والغاية "المستقرّ بجوارِ ربِّ العالمين"

وخلاصة القَول: «تذكَّرْ أنك مسافرٌ بلا رجعةٍ، فاحزِم
أمتعتك، واملأْ حقائب الآخرة بالأعمال الصالحة. وأرسل
لآخرتك أجودَ الأعمال وأنفسَها.
ولا تركَنْ إلى الدّنيا ولا تحرَصْ عليها، فما ستُبقِيه فيها
هو زائل، أمّا الذي ينفعك فهو ما سترسله إلى الدار
الآخرة.»
يشدُّ الكربُ أوصالَ المؤمنين في هذا الزمان، ويشتدُّ وثاقُه حتى تكاد القلوبُ تتقطّع قهرًا وألمًا، غير أنَّ
العيون لا تلوذُ بالحبالِ الملتفّة، بل ترفع بصرها إلى سماءٍ مفتوحة، إلى ربٍّ بيده مفاتيح الفرج ومقاليد
الغيب..

لا إله إلا الله العظيم الحليم،
لا إله إلا الله ربِّ العرش الكريم

نقف على باب العبودية أذلَّ ما نكون،
ونحمل في قلوبنا من التعظيم ما يعلو إلى آفاق السماء وما وراءها،
ثم نبسط النداء إلى ربٍّ حليمٍ يسمع أنينَ أضعف صورةٍ فينا

إلهنا.. نُناجيك
حلَّ وثاق هذه الحبال الملتفَّة على أرواحنا
واكشف غشاوة الكرب عن وجوه عبادك
وانصر أهل غزة نصرًا مؤزرًا،
وافتح لهم أبواب الفرج كما تُفتح أبواب الصبح بعد ليلٍ طويل.
"ما هلَّ نورٌ في البسيطةِ أو سرى
كضياءِ نُوركَ يا مُحَمَّدُ في الورى

صلّى عليكَ الله في عليائِه
ما أمطَر الغيثُ البريةَ أو جرى

أو حرّكَ الغُصنُ الرطِيب نسائمًا
أو شاهدَتْ عينٌ نباتًا أخضرًا"
والله لو كُشفت لنا أكنّة الغيب ما اخترنا إلا خيرة الله.
كم خار الله لعبده وهو كاره؟ وكم طوى له المنحة في طيّ المحنة؟

روی مکحول أن ابن عمر رضي الله عنه كان يقول: "إن الرجل ليستخير الله فيختار له، فيتسخط على ربِّه، ولا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خير له"

وكم من الأقدار رأينا فيها عقبى الخير, وكنا نبيتُ الليالي حَزانى أن الله كتبها.. نشكوها إليه، فصارت بعد شطر مباهجنا في الحياة ومنبع سعادتنا في الدنيا.

قال ابن القيم: "وإنما يشتد البلاء على العبد إذا فارق ملاحظة النعيم"

وما أعذب قول الشاعر:
يجرى القضاء وفيه الخير نافلةٌ
لمؤمن واثق بالله لا لاهي
إن جاءهُ فرحٌ أو نابهُ ترحٌ
في الحالتين يقول الحمد لله!

كان السلف -أنعش الله أرواحهم بالرضا- تصيب أحدهم الفاجعة فيُرى في الناس وما عليه أثرها لعُمق إيمانهم بالله، ويقينهم به، ورضوا بما يقضي ويُقدر. نسأل الله من فضله.

وما برحَ الرضا عن الله مقامًا تتقرح قلوب الصالحين فرَقًا أن تحرمه.

هذا أحَدُ السلف قُتِلَ ابنٌ له في سبيل الله فبكى..
فقيل له: تبكي ابنك وقد قُتل في سبيل الله؟
قال: إنما أبكي كيف رضاه عن الله عز وجل حين أخذته السيوف!

ونحن كيف رضانا عن الله حين تأخذنا سيوف المحن؟
كيف رضانا عن الله حين تشهر علينا المواجع أسنتها؟
كم كربَةٍ طرقت جنح الظَّلام،
‏وَمَا تنفَّس الصُّبح حَتَّى فرَّج الله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
عَجبًا لأمـرِ المؤمن!
تُثقِلهُ الهُموم وتُرهقهُ الظنون،
حتى يوسوس له الخَفِيُّ المَلعون،
فيميلُ مع الريحِ بلا سَكون،
وينسى أن له ربًّا حنُون،
ألمْ تسمع نداءَ ذا النون؟
إذ نادى في الظلماتِ وهو مَغبُون:
"لا إله إلا أنت"، فانقشع السُّكون،
واستجابت له السمواتُ وما فيها من سُكون،
فلماذا لا تُلقي بحِملك على المدبِّرِ المصون؟
وتبوحُ له بما يختبئ في قلبك المَفتُون؟
لعلَّ في سَجدةٍ يُقال لأمنياتك: كُن فيكون
﴿ رَبَّنا إِنَّكَ مَن تُدخِلِ النّارَ فَقَد أَخزَيتَهُ ﴾
وأنت ملجأ المهموم، وملجأُ من ضاقت به الحيلُ والمُغيث لكلِّ مريض؛ أنت المُغيثُ لكل حزين لا غيثَ إلا غيثُك، أنت المُنادى به في كل حادثة
تَناسيتُ عَهدَك رَبِّي، فَلَما
رجَعتُ إليكَ، وجَدتُ القُبولا
عصَيتُ، فستّرتَني برُحَابٍ
تفيضُ حنانًا وتمنَحُ جَميلا

خَطايايَ كانت ثِقالًا، ولكنك
رحيمٌ سَمَحتَ.. وجُدتَ جَزيلا
نسيتُك.. فذكّرتَني بلُطفٍ
وألقيتَ في القلبِ نورًا نبِيلا

دعَوتُكَ والدَّمعُ يَهمي خفوقي
فقلتَ: أجِبْ عبدَنا إن دعى سُؤلا
سبحانك اللهمَّ ما أكرمَ العفوَ
إذا مـــا أتَيتَكَ طَلبتَ القَبولَا
ففجِّر ينابيع الرحمة على أغصانك! تتدفَّق عليكَ شلالاتها
من أعالي جبال الصلاة على محمد ﷺ شلالاتٍ لم يزَل
انصبابها يرتفع في السماء؛ ما دمتَ تدعو بالصلاة عليه.
ثمَّ يشتدُّ وابِلُ الرحمةِ الربَّانية هُطولًا على أغصَانِك
الولهى، حتى لا يُبقي بها درَنًا! ذلك مصداق البشرى
النبوية الكريمة لقوافل السالكين:
"مَن صَلَّى عَلَيَّ واحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عليه عَشْرًا"
يا من أثقله الذنب، وأضناه التكرار، وتلفّتَ حوله
فلم يرَ إلا سوادًا من الندم، أَنصِت؛ فإن ربك يناديك
نداءَ رحمةٍ لا يُشبِهه نداء: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾


تأمَّل.. لم يُعَيّرك بذنبك، ولم يُقصِك بخطيئتك، بل
نسَبك إليه -رغم إسرافك في حقه-: يا عبــادي!
فأبشر يا من تجاوزت الحدّ، وأغرقتك الزلّات،
وأسرفتَ في البُعد؛ فما زلتَ عبدًا له، لم يطردك،
ولم يوصد بابه دونك! بل من كمال كرمه؛ أن نهاك
عن القنوط من رحمته، وبشّرك بسَعة مغفرته: ﴿ إِنَّ
اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
لا بعضها، ولا أهونها، ولا
أيسرها وأحقرها، __بل جميعها، مهما كثرت، مهما
عظمت!


فَعُد إليه كما أنت؛ بضعفك، بندمك، ببقايا قلبٍ
أنهكته المعصية
فالله لا يطلب منك كمالًا -وهو أعلم بضعفك- إنما
يطلب منك صدقَ العودة
قُم من وحل ذنبك، وارفع رأسك؛ فما بينك وبين
الغفران إلا كلمة صادقة تخرج من قلب منيب:
أستغفر الله وأتوب إليه
2025/10/23 22:06:51
Back to Top
HTML Embed Code: