كنت أتمنى أن أجد على الإنترنت أي بصيص أمل ، ولكن تصريحات السيد باسم نعيم واضحة ، والوجهة واضحة

لم ندرك بعد أن حياتنا المدنية قد انتهت ، وبأن ما ينتظر معظمنا لمدة عشرة سنوات على الأقل حياة بدائية بكل ما تحمل الكلمة من معنى بعد أن كنا غارقين في الرفاهية والتمدن

عصر حجري لمن يحتمله ويختاره ، أو تذكرة خروج للعالم الخارجي ، لا يوجد خيار ثالث

الورد اليومي

لا إله إلا الله
محمد رسول الله

أنا بخير يا أحباب

رحلة النزوح أصعب بكثير من أن تعطينا رفاهية البحث عن شبكة انترنت في خضم التنقل ومحاولة التأقلم ، قطعة من الجحيم دخلنا بها ، أكثر من أسبوع من العمل الشاق والتشرد للحصول على 20 متر مربع وحمام بدائي ، جميعنا تشردنا وألقينا في الشوارع والطرقات ، الكثير لم يتمكن حتى من الحصول على أي مأوى

بعد أن أمنت مأوى لا يصلح للحياة الآدمية في القرن الحادي والعشرين ، سأبدأ بالبحث عن مصدر انترنت لأعيد تواصلي اليومي معكم ، الكثير من الكلام في قلبي ولكن المجال لا يتسع حاليًا ، منطقتنا في غزة تعرضت لعدوان هائل ولم يتبقى فيها أحد تقريبًا ، لم أطلع على أي أنباء منذ مدة ، ولكن أستمع عن وجود خطة جادة لغزة

سأحاول الإتصال معكم بين الفينة والأُخرى ، حياكم الله جميعًا والحمدلله على كل حال

حراك سياسي هائل لوقف حرب غزة بينما يتعرض ما تبقى من مدينة غزة للإفناء والترحيل ، لا أعرف ما الذي يجب أن نتفاعل معه ، خطة إنهاء الحرب أم الجحيم الذي فُتح في مدينة غزة ، نسأل الله أن يفرغ علينا صبرًا حتى نبلغ النهاية التي تلوح في أفق مغمس بالدم والعذاب ، والطريق له مليء بالمخاوف والأخطار

مجددًا نقف أمام نفس المشهد ولكن بروافع ضغط هائلة وغير مسبوقة على الطرفين

في المحصلة ، نتنياهو مخير بين ترامب والتطبيع من جهة وبين سموتريتش وبن غفير من جهة أُخرى ، وحركة حماس مخيرة بين فداء غزة وشعبها وكتابة السطر الأخير في مسلسل مأساتهم ، أو التمسك بطريقها على حساب مزيد من الفناء والعذاب لهم

الكل يترقب إعلان الليلة وردود الفعل ، ما يجري العمل عليه يتمتع بتأييد أمريكي أوروبي عربي تركي قطري ، والتصادم معه يعني تصادم مع الكل حرفيًا

اثنان مليون غزّي يقفون على قدم واحدة على أمل أن تتوقف مأساتهم ، مئات الآلاف منهم لا يزالون في أحياء الدرج والرمال والميناء بمدينة غزة ، يراهنون بكل شيء على أن تتوج الجهود الأخيرة بالنجاح قبل أن تصلهم المدرعات المفخخة وطائرات الدرون وقبل أن يضطروا للخروج من غزة وتسليمها فارغة خالية لجرافات الدي ناين ، حتى سكان غزة النازحين يأملون أن تتوج الجهود بالنجاح قبل أن تحال بقايا مساكنهم لرماد

مرة أُخرى نقف على الحافة بمخاوف كبيرة ، ولكن أمل بالله أكبر

غزة ضحية عدو متجبر نازي
غزة ضحية أمة متهافتة
غزة ضحية جماهير غارقة في الوهم والتخلف
غزة ضحية أيديولوجيات ضيقة وجامدة
غزة ضحية قادة لا يبصرون أبعد من أنفهم
غزة ضحية التنظير واللا منطقية والاستهتار

غزة قُتلت بالنار ، وقُهرت بالقرار العقيم والكلمة الجاحدة ، ورقص على دمائها معظم من يدعي التعاطف معها

خطية غزة ثقيلة بثقل خطية أطفالها ، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، لا أظن أن شعب غزة سيسامح حتى من تفوه بكلمة تبرر استمرار محرقته تحت أي اعتبار كان ، وعند الله تجتمع الخصوم

بيان حركة حماس أكثر من إيجابي ، فهو يشيد بجهود ترامب أولًا ، ويؤكد الموافقة على إطلاق سراح كل الأسرى وفق صيغة التبادل الواردة بمبادرة ترامب دون أي تعديل ، بالإضافة لإعلان الاستعداد لتسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية بمرجعية عربية إسلامية ، والأهم في البيان هو ربط القضايا الأُخرى الأكثر حساسية التي احتوتها مبادرة ترامب بالموقف الوطني الجامع والقوانين والقرارات الدولية ، وهذا يعد تفويض للموقف الفلسطيني الموحد والموقف العربي والدولي للبت في تلك القضايا ، وهذا تحول تاريخي غير مسبوق لمن يدرك ويعلم ماذا يعني ربط القضايا الحساسة بالقرارات والقوانين الدولية والرؤى العربية

نسأل الله أن يتمم على خير

فرحة عارمة في الشارع الغزيّ بعد موافقة "حماس" على مقترح ترامب لوقف الحرب

خلاصة - وفد رفيع من حركة حماس يصل القاهرة الليلة ، مفاوضات القاهرة ستبدأ غدًا ، وستكون بمشاركة ويتكوف وكوشنر ورون ديرمر ومسؤولين آخرين إسرائيليين ومصريين وقطريين ، جولة الغد ستمتد لأيام ولن تطول ، وستهدف لوضع الترتيبات العملية والميدانية لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترمب

المستوى السياسي الإسرائيلي أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بإيقاف توسع العمليات في مدينة غزة ، والاكتفاء بوتيرة تصعيد منخفضة ، وذلك على ضوء المصادقة المبدأية على خطة ترامب والمفاوضات الجارية لتنفيذها ، وعلى الرغم من ذلك العدوان على مدينة غزة لا يزال مستمرًا

الذباب الذي كان يدعو حماس لرفض خطة ترامب هو نفسه من يتغنى الآن برد الحركة وإيجابيتها ويكتب الأشعار بحنكتها ، وضاعة غير مسبوقة على حساب مظلوميتنا ، إخجلوا من أنفسكم واخرسوا أمام نكبتنا

ما هي فحوى خطة ترامب ؟

خطة ترامب التي صيغت مع العرب ليست مجرد مقترح لهدنة أو صفقة تبادل أو إنهاء حرب ، بل خطة مستدامة لقطاع غزة تخرجه من مربع العسكرة والمواجهة تمامًا وتتيح له الانفتاح على العالم وإنهاء مأساته ، الخطة تسمح بإعمار قطاع غزة وإنهاء احتلاله ، وتفتح المجال للتعامل مع الغزيين بناءً على حقيقة أنهم شعب أعزل ، الخطة تعيد ربط القطاع بالمنظومة العربية ، وتعطي الغزيين فرصة ليتخلصوا من عبء كبير ألقي على كاهلهم بغير وجه حق

حديث حركة حماس عن ال9 نقاط يعني أنها هي من ستتصدر التفاوض بشأنهم لأنهم يخصونها بالدرجة الأولى مثل ملف التبادل وغيرها ، أما بقية النقاط مثل السلاح ومستقبل غزة والسلام وغيرها فقد أكدت الحركة بأن التفاوض عليهم لن يكون مسؤوليتها وحدها بل سيتم بإجماع وطني وبمرجعية عربية ودولية ، لم ترفض حركة حماس أو تتحفظ على أي بند من البنود ال21 ، ولكنها فصلت بين ما ستتصدر القرار والتفاوض فيه ، وبين البنود التي سيبت فيها الكل الفلسطيني والعمق العربي والقرار الدولي بالتشارك معها بحسب ما جاء في بيانها ، وهذا يجب أن يكون واضحًا

نتنياهو سيعقد اجتماع مساء اليوم لمناقشة قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل الأسرى الإسرائيليين ، الانسحاب الذي سيتزامن مع عملية التبادل سيكون حتى الخط الأصفر ، ما سيعني الانسحاب من معظم مدينة غزة ، وتمكن مئات آلاف النازحين الذين نزحوا مؤخرًا من العودة لغزة حين يتم تطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق

الخريطة التي قُدمت في الدوحة في يوليو الماضي بكل سوئها كانت أفضل من هذه الخريطة بمراحل وكانت مقابل نصف الأسرى فقط ، والآن كل الأسرى سيتم تقديمهم مقابل وقف عملية غزة والانسحاب الجزئي منها واحتفاظ الجيش بأكثر من نصف مساحة القطاع لحين تطبيق بقية مراحل الخطة ، تقلص المطروح يعد نتائج طبيعية لقيادة تصف محرقة شعب بأنها حرب استنزاف طويلة ، ويخرج أحد مفكريها ليقول بأن الوقت يسير لصالحنا بينما يتم محو وجودنا ، شعور غريب ينتابني حين أتخيل حجم الدم والهدم والمعاناة التي كان من الممكن تجنبها في حال تحلت القيادة بالواقعية وتخلت عن حالة الإنكار التي كانت تعيشها ونظرت لنا بعينا الرحمة مبكرًا ، لقد استخدم نتنياهو ورقة الأسرى كذريعة ومبرر لإطالة أمد الحرب وكغطاء لتغيير الشرق الأوسط وكوسيلة لتحقيق أهدافه الشخصية واهداف ائتلافه المتطرفة ، وبينما كنا نظن أننا نحافظ على ورقة القوة الوحيدة بيدينا كنا في الحقيقة نحافظ على ذريعته ، وحين انهى نتنياهو مخططاته وجه جهوده لحسم ملف الأسرى وملف غزة وساعده بذلك الكل حرفيًا ، الضغط القطري التركي الذي كان غائبًا طيلة عامين وظهر فجأة يزيد من احتقاننا تجاه كل دولة كانت قادرة على الدفع نحو إنهاء مأساتنا ولم تفعل سوى حين طلبت واشنطن ذلك

ونقول مجددًا كلمات إبراهيم طوقان

في يدينا بقية من بلاد ، فاستريحوا كي لا تضيع البقية