الأندلس تأريخ وحضارة

- تصادف هذه الأيام ذكرى تأسيس مدينة القيروان أول عاصمة و مدينة عربية في بلاد المغرب العربي ، و بهذه المناسبة سوف نتطرق إلى كيفية بنائها و النكبات التي أصابتها جراء صراع الفاتحين حول السلطة :

- يعد القائد العربي معاوية بن حديج السكوني أول من بنى قيروانا بإفريقية (تونس الحالية) بعد تمكنه من فتح مناطق شاسعة من البلاد ، و بعد مقدم القائد الشهير عقبة بن نافع أمر بهدم القيروان القديم و بناء قيروان جديد كما جاء عند إبن الحكم : "نقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن حديج نزله ، إلى مكان القيروان اليوم ، و ركز رمحه و قال هذا قيروانكم "

- يبدوا أن المدينة في بداية أمرها كانت عبارة عن معسكر مخصص لتجميع الجيوش العربية الآتية من دمشق ، و هذا ما يدل عليه إسمها الذي يعني بالفارسية المعسكر كما ذكر ذلك ياقوت الحموي صاحب معجم البلدان رغم أن البعض يرى أن أصل التسمية بربري لكن الكثير من الباحثين يرجحون الأصل الفارسي لهذا الإسم ...

- لقد بدأ عقبة في تعمير مدينته إلى أن جاء قرار عزله و تولية المهاجر أبو دينار مكانه ، و قد كان أول قرار اتخذ من طرف الوالي الجديد هو اعتقال عقبة بن نافع و المبالغة في إذلاله...كما أمر أبو المهاجر بهدم قيروان عقبة و بناء قيروان جديد ، و أمر بهدم جامع عقبة و للإشارة فقد تعرض هذا الجامع للهدم مرات عديدة من طرف عدد من الملوك و الولاة الذين تعاقبوا على حكم افريقية ، فقد هدمه الوالي الأموي حسان بن النعمان ثم الوالي يزيد بن حاتم ، كذلك أمر الأمير الاغلبي زيادة الله بن الأغلب بهدمه و بناءه من جديد، فكل حاكم جديد لتونس يريد أن ينسب بناء المسجد لنفسه...كما حاول أحد خلفاء الفاطميين الشيعة تحويل قبلة المسجد لكن الناس حذروه من الإقدام على ذلك لأن عقبة بن نافع دعى على كل من حول قبلة المسجد بان يصيبه مكروه ، مما دفع الخليفة الفاطمي إلى إصدار أمر بنبش قبر عقبةو محاولة إحراق جثمانه...

- بعد عودة عقبة إلى ولاية إفريقية من جديد قام بعزل أبو المهاجر و كبله بالاغلال رفقة تابعه كسيلة البربري ، كما أعاد بناء القيروان القديمة التي أنشأها و هدم قيروان أبي المهاجر ، و قد بقيت القيروان منذ ذلك التاريخ عاصمة عربية بشمال إفريقيا في مواجهة العاصمة الرومانية قرطاج ، و قد تعرضت هذه المدينة للغزو من طرف البربر المتحالفين مع الروم مرة بقيادة القائد كسيلة و مرة أخرى بقيادة دهيا الكاهنة، كما انطلق منها القائد حسان بن النعمان لهدم العاصمة البيزنطية قرطاج و القضاء على الوجود الرومي بالمنطقة .

- من الروايات الطريفة حول بناء المدينة نجد بعضها يذكر كيف أن عقبة وقف قرب الوادي و أمر الحيات و العقارب و السباع بمغادرة المكان ، فاذعنت هذه الوحوش لأمره و أخلت المكان ، و تبقى هذه مجرد روايات لا أساس لها من الصحة و الرواية الأقرب إلى المنطق هي التي اوردها بن كثير : ركب بالناس إلى موضع القيروان اليوم، وكان غيْضة كثيرة الأشجار مأوى الوُحُوش والحيّات، فأمر بقطع ذلك وإحراقه، واختطَّ المدينة، وأمر الناس بالبنيان»[من خلال كلام هذا المؤرخ فإن موقع القيروان كان مليئا بالوحوش و الحيوانات السامة فما كان من عقبة سوى أن أمر جنوده بتحريق الاحراش المحيطة بالمنطقة مما أدى إلى فرار الوحوش المقيمة هناك...

- إن إختيار عقبة لموقع بناء هذه المدينة كان بسبب موقعها الإستراتيجي، فهي بعيدة عن البحر و هذا يقيها هجمات الروم ، كما أنها في الوقت نفسه بعيدة عن تجمعات البربر و جبالهم التي يتحصنون بها و ذلك يحفظها من غاراتهم و هجماتهم المباغثة ضد الجيوش العربية.

1.3K viewsيٌمْنَىَ اٌلجِنْدِي، 🌸🍃┋❥ ͢˓, 13:39