Telegram Web Link
تتوارىٰ عن قلبٍ يحبَّك نحو من؟
آلـٰهي، أغدق علينا من نعيمك سكينة، وتلطّف بروحٍ أمَّنتنا إيّاها.
لأنَّك دائمًا مجبر أن تقول شيئًا ما، كلُّ ما حولك يغريك لأن تتحدّث، لأن تتقلّب بين ضفتيَّ المعنى والمجاز. لأن يمدّ الحرف عقلك ويجزر به كيفما يشاء. وأن تداعب شفتيك نسائم الأعالي لتسرق الكلام..

من أجل الغواية، كان السكون فضيلة. كان الانصات أكثر لذَّة، والهدوء أكثر شاعريَّة. وإذا افترضنا، اعتباطًا، أنَّ الكلمة هي كلّ شيء، علينا أن لا ننسى أبدًا، أنَّ الفراغ كان دائمًا هو أصل الأشياء!
يظلُّ المشهد عالقًا في رأسك، مترنِّحًا بين الخيال والواقع والحدّ رقيق، يتمايل فيه وعيك بين لذّة الاسهاب وورف المجاز. ينهمر من عينيك سحر الثمالة، تطفو أمانيك جنبًا إلى رغباتك، لتنهل روحك العطشى كلمة من شفاه السُّكرِ تارة، وقبلة تارة أخرىٰ.
النفس نزّاعة إلى شيء أجهله، فلا هي تهديني ولا هي تهدأ!
الإنسان الخاضع لكلّ رغباته، لن يتمتّع بأيٍّ منها.

-كيركيجارد
أيُّ وهمٍ أنت عشتُ به
كُنتَ في البالِ ولم تكُنِ
لم يبقَ منك شيء فيّ إذ أنت كلّي، وأنا شيء منك يكاد يفقد معناه مذ أن رحلت، لولا نظرتك الأخيرة الّتي وشمت في ذاكرتي، لا زمان يمحيها ولا كلمة. قد كان كلّ يوم في حياتي هو لك مذ أن خلقني الله امتدادك، يا بصيرة ترشدني حينما تبيضّ عينا ضميري شوقًا إليك. لو أفنيت عمري أبكيك ما انتهيت، ولو وهبني الله عمرًا فوق عمري سرته في سبيلك.. لا لغة تقول مابي ولا نحيب، الصبر عنك مرّ، والحنين أمرّ، والموت حقّ.. لـٰكنّه ظلمني بك.
تائهة، مثلما كنت طيلة السنوات السابقة؛ كان عزائي آنذاك إنِّي سأجد ضالَّتي يومًا، حينما أكبر.. ها أنا كبرت! لـٰكن ما وجدته هو أنَّني أعبر من تيهٍ إلىٰ تيهٍ أعتم بمرور السنين، أتمدّد فيه كما لو أنَّني سحابة شاء الله لها أن تكون عقيمًا فلا تسقي، وأرقّ من أن تظلَّ عبدًا صالحًا، وأكثر هشاشة من أن تصمد أمام الريح، بيد أنَّها صامدة، برحمة الله.
لا تنسوني من دعائكم، ووالدي العزيز رحمه الله.. الَّذي هو أكثر ما أفتقد، وأكثر من أحبُّ.
الزهرة الّتي زرعتها في قلبي بالأمس, نصل نزعته من صدري اليوم.
إن كانت دون الملائكة فهي فوق الناس.

-الرافعي
ما كان لي من الحياة خيرًا إلّا إنَّك معي، إلّا أنَّ يديك الطاهرتين تلمسانِ وجهي، وعينيك تنظران إليَّ بمحبّة، وصوتك نورٌ لبصيرتي يرشدني، ويلهمني الطريق..
واليوم، مالي من خيرها اليوم إلّا أنَّي أنسب إليك، أنَّ اسمي يتَّكئ على اسمك، أنَّ دمِّي الَّذي يحيي كلَّ خليَّة بي هو دمك، والله ما غبت عنِّي أبدا، ولو سها عنك عقلي لوهلة، فقلبي، قلبي الَّذي ما أحبَّ رجلًا غيرك، يلهج بك، كما لو أنَّي اسبِّح الله بذكرك.
كنت أمشي في الغابة الموحشة وحدي، بجبيني المُدمى وقدميّ الحافيتين، وكنت اعتدتُ علىٰ ذلك، أنّني هنا، منذ زمن طويل وحدي، ووحدي يجب أن أكمل المسير نحو لا وجهة. ومن حيث لا أعلم، ظهر أمامي فرس أدهم أحوى، بعينين مشتعلتين، تخترقان الفؤاد وتبصران البصيرة.. اقترب نحوي، جامحًا، صاخبًا؛ ألفت وجهه.. وشاهدت نورًا في عينيه كنت قد عرفته.. وامتلأ صدري بالضياء بعد أن كان محض ظلام.. أومأ بوجهه فمددت كفّي نحوه، كانت مملوءة بالجروح وبالندوب، وكنت أعرف أنّها كذلك، لـٰكنّي لم أكترث. وما أن لمست أصابعي طرفه حتَّىٰ اجتاحني ألم شلّ معصمي. عرفت آلامًا كثيرة بيد أنَّ هـٰذا الألم بدىٰ غريبًا، ومخيفًا! صرخت، سحبت يدي، بكيت، تراجعت خطوة إلى الوراء، وكان يحدّق بي مستنكرًا، ربمّا أو غاضبًا.. تابعت الرجوع، بعينين مذهولتين، ونظرة ثابتةٍ نحو عينيه.. وقف في مكانه، شامخًا، راسخًا، رمقني لثانية، ثمّ أشاح بوجهه عنّي نحو السماء.. وظللت أخطو إلى الوراء، وعيناي تتبعانه، وهو يصغر بعد كلّ خطوة إلىٰ أن اختفى.

وعدت وحدي، أمشي في الغابة الموحشة والليل، لـٰكن، بخطواتٍ إلى الوراء!
ولها بهاءٌ في النساء وبهجة
وبها تحلُّ الشمس حين تشرِّف

-أعشىٰ همدان
إنَّ اللذة تبقىٰ مدنّسة مالم تُصهَر بنار العاطفة.

-سيمون دي بوفوار
أصحو وأغفو وفي مخيّلتي وجه والدي فقط، وصوته يدور في رأسي، ليلًا نهارًا.. وأشعر من شدّة شوقي إليّه أنَّ نارًا لا تخمد تشتعل في صدري، وأتوق لتقبيل يديه، ولأن يلمس وجهي بكفّيه..
أتذّكر رائحته، موشومة في رئتي، حينما كنت أضع رأسي علىٰ صدره، ملاذي ومأمني، دهن عود عتيق. آهٍ كم أحبّه، وكم أحنّ إلىٰ عينيه.
كنت أقبّل عينيه وحاجبيه، وكان يضحك مستغربًا سبب اختياري لوضع قبلاتي هناك!
2025/06/27 11:54:40
Back to Top
HTML Embed Code: