لكن الانعكاس حرّك شفتيه بنفس الكلمات، لكن بلا صوت.
ثم رفع يده، وكتب على البخار المتكثف على سطح الزجاج كلمة واحدة ظهرت بشكل معكوس:
"اقترب."
---
أغلق يوسف باب الحمام بعنف، وعاد إلى سريره كمن يهرب من كابوس.
لكن الجدران لم تعد مألوفة. ولم يعد يشعر أن الغرفة ملكه.
شيء ما تغيّر.
لم تكن المرآة مجرد مرآة.
كانت نافذة... أو ربما بابًا.
---
في اليوم التالي، قرر ألا ينام في المنزل.
ذهب إلى شقة صديقه زيد، وطلب أن يبيت عنده بدعوى أن شقته تُجرى فيها صيانة.
في تلك الليلة، لم تحدث أشياء غريبة.
لا مرايا تُصدر وميضًا، لا ابتسامات خاطئة، ولا أصوات.
لكن، أثناء استحمامه في شقة زيد، لاحظ شيئًا بسيطًا في المرآة فوق المغسلة:
قطرة ماء... تنزلق على خد الانعكاس،
بينما وجهه الحقيقي كان جافًا تمامًا.
---
في صباح اليوم التالي، قبل أن يغادر، لمح رسالة بخط يده على طاولة زيد:
ورقة صغيرة، مكتوب فيها:
> "أنت الآن في الخارج... لا تَدخُل مجددًا."
سأل زيد عنها، لكن الأخير أنكر أنه رآها أو حتى أن يوسف كتبها.
وحين دقّق يوسف في الخط… شعر أنه فعلاً خطه.
لكنه لا يتذكّر أنه كتبها.
خرج من شقة زيد مرتبكًا، يتصبب عرقًا، وضوء الشمس لا يدفئه.
كان يشعر أنه يُراقَب… ليس من الخلف… بل من الداخل.
---
بدأ يوسف يغطي المرايا في منزله. واحدة تلو الأخرى.
لكنه نسي مرآة صغيرة معلّقة على مفتاح الإضاءة قرب الباب.
وفي اللحظة التي مرّ فيها بجانبها، لمح من طرف عينه:
انعكاسه يبتسم... قبل أن يبتسم هو.
الفصل الثالث: "ليلى"
في اليوم التالي، وبينما كان يوسف يحاول استعادة هدوئه، استقبل مكالمة مفاجئة من امرأة غريبة الصوت.
– "هل أنت يوسف؟"
قالت بصوت خافت، لكنه حاد.
– "نعم، من المتصل؟"
ردّ بتردد.
– "اسمي ليلى، وأعلم ما يحدث معك."
توقفت قليلاً، ثم أضافت:
"أنا أواجه نفس الشيء منذ أشهر. وأعتقد أن المرآة التي تراها ليست مجرد زجاج."
قطع يوسف أنفاسه للحظة.
كيف يمكن لشخص آخر أن يعرف؟
هل هو مجنون أم أن هناك حقيقة أعمق خلف كل هذا؟
قال لها:
– "كيف عرفت؟ ولماذا تتصلين بي؟"
– "لأنني أحتاج لمساعدتك، ونحن فقط من يمكننا إنقاذ بعضنا البعض."
---
اتفقا على اللقاء في مقهى صغير على أطراف المدينة.
عندما وصل يوسف، كانت ليلى تجلس هناك، ترتدي معطفًا داكنًا، وعينيها تحملان الكثير من الحكايات.
بدأت تحدثه عن قصتها:
"قبل ستة أشهر، بدأت أرى انعكاسات غريبة في المرايا. أصوات همسات لا أفهمها. وابتسامات ليست لي.
في البداية ظننت أنني أفقد عقلي، لكن بعد بحث طويل، وجدتُ كتابًا قديمًا يتحدث عن كائنات تعيش خلف المرايا، تنتظر فرصة للعبور إلى عالمنا."
يوسف استمع بدهشة، وكل كلمة كانت تضاعف قلقه.
ثم قالت:
"المرايا ليست فقط لنعكس صورنا، بل هي بوابات بين عوالم متوازية، وبعضها مظلم وشرير."
– "ماذا نفعل؟"
سأل يوسف.
– "هناك طقوس قديمة يمكن أن تمنع هذه الكائنات من العبور، لكننا بحاجة إلى أن نكون شجعان ونواجهها."
---
بدأ يوسف وليلى بالتحضير، جمعا الأدوات والكتب القديمة، وخصصا غرفة في بيت يوسف لتكون مركز المعركة القادمة.
كانت الليالي التالية مليئة بالأحداث الغريبة، أصوات، حركات في الظلام، ومرايا تومض بضوء غريب.
لكن مع كل تحدي، كانا يزدادان قوة وإصرارًا.
---
في أحد الأيام، أثناء البحث، وجدا مرآة قديمة مخبأة خلف لوحة في بيت يوسف.
كانت هذه المرآة مختلفة. إطارها مزخرف بنقوش غريبة، وعندما نظر إليها يوسف، شعر برعب لم يشعر به من قبل.
ليلى همست:
"هذه هي بوابة الكائن."
ابتسم يوسف ابتسامة حازمة، وقال:
"حان وقت المواجهة."
الفصل الرابع: "المواجهة"
في ليلةٍ مظلمة وعاصفة، اجتمعا يوسف وليلى في الغرفة التي جهزاها للمعركة.
المرايا تحيط بهما من كل جانب، بعضها عادي، وبعضها ذاك المرآة القديمة ذات النقوش الغريبة.
أشعل يوسف شمعة كبيرة، وبدأ يقرأ الطقوس التي كتبت في الكتاب القديم بصوت مرتجف،
بينما ليلى تمسكت بحبل من الخرزات الغامضة التي اعتقدا أنها تحميهما.
فجأة، بدأت المرايا تهتزّ، والانعكاسات تلتوي، لتظهر وجوه مشوهة وأصوات همسات تتعالى.
– "لا تخافوا!"
صرخ يوسف محاولًا الثبات،
– "لن نسمح لكم بالعبور!"
تدفق الضوء من الخرزات، وبدأت الطقوس تشتد،
الظلال بدأت تتراجع، والصراخ يتلاشى شيئًا فشيئًا.
لكن فجأة، ظهرت يدٌ سوداء من داخل المرآة القديمة، محاولة القبض على يوسف.
بشجاعة، أمسكت ليلى بيد يوسف وسحبته بعيدًا.
قالت:
– "هذه المعركة ليست سهلة، علينا أن نستمر."
---
استمرت المواجهة ساعات، حتى بدأت المرايا تستقر والظلال تذوب.
في النهاية، هدأت الغرفة، وانطفأت الشموع، وبقي يوسف وليلى يتنفسان بعمق، وقد عادا إلى الحياة من جديد.
---
قال يوسف:
– "شكرًا لك، ليلى. لم أكن لأتمكن من ذلك بدونك."
ابتسمت ليلى:
– "نحن فريق الآن، وسنظل نراقب هذه المرايا، لأن هذه ليست النهاية."
---
ثم رفع يده، وكتب على البخار المتكثف على سطح الزجاج كلمة واحدة ظهرت بشكل معكوس:
"اقترب."
---
أغلق يوسف باب الحمام بعنف، وعاد إلى سريره كمن يهرب من كابوس.
لكن الجدران لم تعد مألوفة. ولم يعد يشعر أن الغرفة ملكه.
شيء ما تغيّر.
لم تكن المرآة مجرد مرآة.
كانت نافذة... أو ربما بابًا.
---
في اليوم التالي، قرر ألا ينام في المنزل.
ذهب إلى شقة صديقه زيد، وطلب أن يبيت عنده بدعوى أن شقته تُجرى فيها صيانة.
في تلك الليلة، لم تحدث أشياء غريبة.
لا مرايا تُصدر وميضًا، لا ابتسامات خاطئة، ولا أصوات.
لكن، أثناء استحمامه في شقة زيد، لاحظ شيئًا بسيطًا في المرآة فوق المغسلة:
قطرة ماء... تنزلق على خد الانعكاس،
بينما وجهه الحقيقي كان جافًا تمامًا.
---
في صباح اليوم التالي، قبل أن يغادر، لمح رسالة بخط يده على طاولة زيد:
ورقة صغيرة، مكتوب فيها:
> "أنت الآن في الخارج... لا تَدخُل مجددًا."
سأل زيد عنها، لكن الأخير أنكر أنه رآها أو حتى أن يوسف كتبها.
وحين دقّق يوسف في الخط… شعر أنه فعلاً خطه.
لكنه لا يتذكّر أنه كتبها.
خرج من شقة زيد مرتبكًا، يتصبب عرقًا، وضوء الشمس لا يدفئه.
كان يشعر أنه يُراقَب… ليس من الخلف… بل من الداخل.
---
بدأ يوسف يغطي المرايا في منزله. واحدة تلو الأخرى.
لكنه نسي مرآة صغيرة معلّقة على مفتاح الإضاءة قرب الباب.
وفي اللحظة التي مرّ فيها بجانبها، لمح من طرف عينه:
انعكاسه يبتسم... قبل أن يبتسم هو.
الفصل الثالث: "ليلى"
في اليوم التالي، وبينما كان يوسف يحاول استعادة هدوئه، استقبل مكالمة مفاجئة من امرأة غريبة الصوت.
– "هل أنت يوسف؟"
قالت بصوت خافت، لكنه حاد.
– "نعم، من المتصل؟"
ردّ بتردد.
– "اسمي ليلى، وأعلم ما يحدث معك."
توقفت قليلاً، ثم أضافت:
"أنا أواجه نفس الشيء منذ أشهر. وأعتقد أن المرآة التي تراها ليست مجرد زجاج."
قطع يوسف أنفاسه للحظة.
كيف يمكن لشخص آخر أن يعرف؟
هل هو مجنون أم أن هناك حقيقة أعمق خلف كل هذا؟
قال لها:
– "كيف عرفت؟ ولماذا تتصلين بي؟"
– "لأنني أحتاج لمساعدتك، ونحن فقط من يمكننا إنقاذ بعضنا البعض."
---
اتفقا على اللقاء في مقهى صغير على أطراف المدينة.
عندما وصل يوسف، كانت ليلى تجلس هناك، ترتدي معطفًا داكنًا، وعينيها تحملان الكثير من الحكايات.
بدأت تحدثه عن قصتها:
"قبل ستة أشهر، بدأت أرى انعكاسات غريبة في المرايا. أصوات همسات لا أفهمها. وابتسامات ليست لي.
في البداية ظننت أنني أفقد عقلي، لكن بعد بحث طويل، وجدتُ كتابًا قديمًا يتحدث عن كائنات تعيش خلف المرايا، تنتظر فرصة للعبور إلى عالمنا."
يوسف استمع بدهشة، وكل كلمة كانت تضاعف قلقه.
ثم قالت:
"المرايا ليست فقط لنعكس صورنا، بل هي بوابات بين عوالم متوازية، وبعضها مظلم وشرير."
– "ماذا نفعل؟"
سأل يوسف.
– "هناك طقوس قديمة يمكن أن تمنع هذه الكائنات من العبور، لكننا بحاجة إلى أن نكون شجعان ونواجهها."
---
بدأ يوسف وليلى بالتحضير، جمعا الأدوات والكتب القديمة، وخصصا غرفة في بيت يوسف لتكون مركز المعركة القادمة.
كانت الليالي التالية مليئة بالأحداث الغريبة، أصوات، حركات في الظلام، ومرايا تومض بضوء غريب.
لكن مع كل تحدي، كانا يزدادان قوة وإصرارًا.
---
في أحد الأيام، أثناء البحث، وجدا مرآة قديمة مخبأة خلف لوحة في بيت يوسف.
كانت هذه المرآة مختلفة. إطارها مزخرف بنقوش غريبة، وعندما نظر إليها يوسف، شعر برعب لم يشعر به من قبل.
ليلى همست:
"هذه هي بوابة الكائن."
ابتسم يوسف ابتسامة حازمة، وقال:
"حان وقت المواجهة."
الفصل الرابع: "المواجهة"
في ليلةٍ مظلمة وعاصفة، اجتمعا يوسف وليلى في الغرفة التي جهزاها للمعركة.
المرايا تحيط بهما من كل جانب، بعضها عادي، وبعضها ذاك المرآة القديمة ذات النقوش الغريبة.
أشعل يوسف شمعة كبيرة، وبدأ يقرأ الطقوس التي كتبت في الكتاب القديم بصوت مرتجف،
بينما ليلى تمسكت بحبل من الخرزات الغامضة التي اعتقدا أنها تحميهما.
فجأة، بدأت المرايا تهتزّ، والانعكاسات تلتوي، لتظهر وجوه مشوهة وأصوات همسات تتعالى.
– "لا تخافوا!"
صرخ يوسف محاولًا الثبات،
– "لن نسمح لكم بالعبور!"
تدفق الضوء من الخرزات، وبدأت الطقوس تشتد،
الظلال بدأت تتراجع، والصراخ يتلاشى شيئًا فشيئًا.
لكن فجأة، ظهرت يدٌ سوداء من داخل المرآة القديمة، محاولة القبض على يوسف.
بشجاعة، أمسكت ليلى بيد يوسف وسحبته بعيدًا.
قالت:
– "هذه المعركة ليست سهلة، علينا أن نستمر."
---
استمرت المواجهة ساعات، حتى بدأت المرايا تستقر والظلال تذوب.
في النهاية، هدأت الغرفة، وانطفأت الشموع، وبقي يوسف وليلى يتنفسان بعمق، وقد عادا إلى الحياة من جديد.
---
قال يوسف:
– "شكرًا لك، ليلى. لم أكن لأتمكن من ذلك بدونك."
ابتسمت ليلى:
– "نحن فريق الآن، وسنظل نراقب هذه المرايا، لأن هذه ليست النهاية."
---
❤2
عاد يوسف إلى حياته اليومية، لكن بعيون مختلفة، يراقب كل مرآة وكأنها بوابة لعالم آخر.
الفصل الخامس: "الأسرار تكشف"
بعد المواجهة المريرة في الغرفة المحاطة بالمرايا، بدأ يوسف يشعر بأن القصة لم تنتهِ بعد.
كان هناك شيء في أعماق المرآة القديمة لم يتم كشفه بعد.
في صباح اليوم التالي، عاد يوسف إلى المكتبة القديمة التي وجد فيها الكتاب، بحثًا عن أي شيء جديد.
بين رفوف الكتب المتربة، عثر على مذكرات قديمة تخص عالم غامض اسمه "سيرين".
كانت المذكرات تشرح أن المرآة القديمة ليست مجرد بوابة للظلال، بل هي صمام أمان يحبس قوة كبيرة،
قوة يمكنها أن تغيّر الواقع نفسه إذا ما تحررت.
قرأ يوسف بصوت منخفض:
"يقول السيرين في المذكرات: «من يحاول فتح المرآة دون دراية كافية سيحرر كيانًا لا يمكن السيطرة عليه…»"
بدأ قلبه ينبض بقوة، هل كان ما حدث في الغرفة هو مجرد بداية لتحرير ذلك الكيان؟
---
في تلك اللحظة، وصلت ليلى إلى المكتبة، تنفسها سريع ومليء بالقلق.
قالت:
– "وجدت شيئًا في بيت جدتي… كتاب آخر قد يساعدنا."
أخرجت ليلى من حقيبتها كتابًا صغيرًا بغطاء جلدي ممزق،
وكان عنوانه: "سر المرايا والأسوار بين العوالم".
فتح يوسف الكتاب وبدأا يقرآن معًا.
---
الكتاب كشف عن طقوس حماية قديمة، وعن كائنات تُدعى "حراس الظلال"،
مصممون لحماية العالم من اختراق الظلام.
لكن الطقوس لم تُستخدم منذ قرون، وكانت المعارف مختفية في طي النسيان.
شعر الاثنان أن عليهما تعلم هذه الطقوس بسرعة،
فالمعركة القادمة ستكون أعظم وأخطر.
---
الفصل السادس: "التحضير للمعركة"
عاد يوسف وليلى إلى البيت، وقررا البدء بتعلم الطقوس القديمة من الكتاب الجديد.
جلسا لساعات طويلة، يحفظان الكلمات ويركزان في كل حركة.
كانت الطقوس تتطلب تحضيرًا خاصًا:
زيوت عطرية، حبال حرير، شموع ملونة، ورموز مكتوبة بأحبار خاصة.
في كل خطوة، كانا يشعران بثقل المسؤولية.
قال يوسف:
– "لو أخطأنا، لن يكون هناك عودة."
أجابت ليلى بثقة:
– "لكننا مستعدون. لا خيار آخر."
---
خلال التحضير، بدأت تظهر علامات غريبة حول البيت.
أضواء خافتة تومض، وصرخات خافتة تسمع في الليل.
لكن الثنائي لم يتراجع، بل ازداد عزمهما.
الفصل السابع: "ظلال تتقدم"
في تلك الليلة، عندما اكتمل التحضير، جلس يوسف وليلى في غرفة المعيشة، وسط دائرة الطقوس المرسومة على الأرض.
بدأا بتلاوة الكلمات القديمة، بصوت واحد متناسق.
مع كل كلمة تُلفظ، شعرا بأن الهواء يتغير، كأنه يثقل بالغيوم السوداء.
فجأة، انبعث من مركز الدائرة ضوء خافت، وتحركت الظلال حولهما، تتراقص كأنها كائنات حية.
صرخ يوسف:
– "هذا هو… حراس الظلال!"
لكن الظلال لم تكن ودودة، فقد تهيأت لمواجهة أي تهديد.
---
حاولت ليلى تهدئتها، وتحدثت بكلمات طمأنة من الكتاب.
ببطء، بدأت الظلال تهدأ، وتحولت إلى أشكال هادئة.
ظهر أمامهما مخلوق شبه إنسان، يرتدي رداءً أسود طويل،
وقال بصوت غامض:
– "لقد انتظرت كثيرًا من أجل من يستحق المعرفة."
طلب منهما أن يثبتا نواياهما، وأن يستخدما الطقوس بحكمة.
---
في نفس الوقت، في مكان آخر بعيد،
كانت قوى الظلام تستعد للانقضاض.
شخصية غامضة ترتدي معطفًا داكنًا تقرأ من كتاب مماثل،
تعويذة قديمة تتنفس الشر.
قالت بصوت بارد:
– "سيكونون المفاجأة القادمة. ولن يكون هناك مهرب."
---
الفصل الثامن: "الاختبار"
قرر يوسف وليلى الخضوع لاختبار حراس الظلال، ليثبتوا جديتهم وقدرتهم.
بدأ الاختبار في غابة مظلمة، حيث يجب عليهما أن يتعاونا لتجاوز سلسلة من الألغاز والتحديات.
كان أول تحدٍ هو عبور نهر مظلم مغطى بضباب كثيف،
يمنع رؤية الأرض تحت الماء.
استعمل يوسف خبرته في قراءة الرموز القديمة، بينما ساعدت ليلى بحدسها القوي.
تخطيا النهر، لكنهما شعرا بثقل أقدام من يتبعهما.
---
ظهر لهما مخلوق ضخم، جسده مشوه بألسنة لهب سوداء.
تعاون يوسف وليلى، مستخدمين الطقوس القديمة لتحييده مؤقتًا.
قال المخلوق بلهجة تهديد:
– "لن تمروا، الظلام لكم بالمرصاد."
لكن الطقوس أعطتهما قوة لحماية أنفسهما.
---
بعد اجتياز الاختبار، منحهما الحراس رموزًا خاصة،
قالوا إنها ستساعدهما على التصدي للظلام الذي يقترب.
---
الفصل التاسع: "القوة المظلمة"
عاد الظلام ليخيم على المدينة، وبدأت الكائنات الغريبة تظهر في الشوارع.
بدأت الفوضى، والناس يهربون من دون معرفة السبب.
دخل يوسف وليلى في معركة مواجهة مباشرة مع قوات الظلام.
كانت قوى الشر تستهدف المرآة القديمة في المكتبة،
لتحرير الكيان الذي يحبسها.
---
استخدم الاثنان الطقوس والرموز التي تعلموها.
في لحظة حاسمة، وقف يوسف أمام المرآة، وبدأ بالتحدث إلى الكيان المحتجز.
قال له:
– "نحن هنا لنمنع التحرير، لكي لا يدمر عالمنا."
اندلع صراع بين القوى،
لكن في النهاية، وبمساعدة حراس الظلال، تمكنوا من إغلاق المرآة.
---
الفصل العاشر: "النهاية وبداية جديدة"
الفصل الخامس: "الأسرار تكشف"
بعد المواجهة المريرة في الغرفة المحاطة بالمرايا، بدأ يوسف يشعر بأن القصة لم تنتهِ بعد.
كان هناك شيء في أعماق المرآة القديمة لم يتم كشفه بعد.
في صباح اليوم التالي، عاد يوسف إلى المكتبة القديمة التي وجد فيها الكتاب، بحثًا عن أي شيء جديد.
بين رفوف الكتب المتربة، عثر على مذكرات قديمة تخص عالم غامض اسمه "سيرين".
كانت المذكرات تشرح أن المرآة القديمة ليست مجرد بوابة للظلال، بل هي صمام أمان يحبس قوة كبيرة،
قوة يمكنها أن تغيّر الواقع نفسه إذا ما تحررت.
قرأ يوسف بصوت منخفض:
"يقول السيرين في المذكرات: «من يحاول فتح المرآة دون دراية كافية سيحرر كيانًا لا يمكن السيطرة عليه…»"
بدأ قلبه ينبض بقوة، هل كان ما حدث في الغرفة هو مجرد بداية لتحرير ذلك الكيان؟
---
في تلك اللحظة، وصلت ليلى إلى المكتبة، تنفسها سريع ومليء بالقلق.
قالت:
– "وجدت شيئًا في بيت جدتي… كتاب آخر قد يساعدنا."
أخرجت ليلى من حقيبتها كتابًا صغيرًا بغطاء جلدي ممزق،
وكان عنوانه: "سر المرايا والأسوار بين العوالم".
فتح يوسف الكتاب وبدأا يقرآن معًا.
---
الكتاب كشف عن طقوس حماية قديمة، وعن كائنات تُدعى "حراس الظلال"،
مصممون لحماية العالم من اختراق الظلام.
لكن الطقوس لم تُستخدم منذ قرون، وكانت المعارف مختفية في طي النسيان.
شعر الاثنان أن عليهما تعلم هذه الطقوس بسرعة،
فالمعركة القادمة ستكون أعظم وأخطر.
---
الفصل السادس: "التحضير للمعركة"
عاد يوسف وليلى إلى البيت، وقررا البدء بتعلم الطقوس القديمة من الكتاب الجديد.
جلسا لساعات طويلة، يحفظان الكلمات ويركزان في كل حركة.
كانت الطقوس تتطلب تحضيرًا خاصًا:
زيوت عطرية، حبال حرير، شموع ملونة، ورموز مكتوبة بأحبار خاصة.
في كل خطوة، كانا يشعران بثقل المسؤولية.
قال يوسف:
– "لو أخطأنا، لن يكون هناك عودة."
أجابت ليلى بثقة:
– "لكننا مستعدون. لا خيار آخر."
---
خلال التحضير، بدأت تظهر علامات غريبة حول البيت.
أضواء خافتة تومض، وصرخات خافتة تسمع في الليل.
لكن الثنائي لم يتراجع، بل ازداد عزمهما.
الفصل السابع: "ظلال تتقدم"
في تلك الليلة، عندما اكتمل التحضير، جلس يوسف وليلى في غرفة المعيشة، وسط دائرة الطقوس المرسومة على الأرض.
بدأا بتلاوة الكلمات القديمة، بصوت واحد متناسق.
مع كل كلمة تُلفظ، شعرا بأن الهواء يتغير، كأنه يثقل بالغيوم السوداء.
فجأة، انبعث من مركز الدائرة ضوء خافت، وتحركت الظلال حولهما، تتراقص كأنها كائنات حية.
صرخ يوسف:
– "هذا هو… حراس الظلال!"
لكن الظلال لم تكن ودودة، فقد تهيأت لمواجهة أي تهديد.
---
حاولت ليلى تهدئتها، وتحدثت بكلمات طمأنة من الكتاب.
ببطء، بدأت الظلال تهدأ، وتحولت إلى أشكال هادئة.
ظهر أمامهما مخلوق شبه إنسان، يرتدي رداءً أسود طويل،
وقال بصوت غامض:
– "لقد انتظرت كثيرًا من أجل من يستحق المعرفة."
طلب منهما أن يثبتا نواياهما، وأن يستخدما الطقوس بحكمة.
---
في نفس الوقت، في مكان آخر بعيد،
كانت قوى الظلام تستعد للانقضاض.
شخصية غامضة ترتدي معطفًا داكنًا تقرأ من كتاب مماثل،
تعويذة قديمة تتنفس الشر.
قالت بصوت بارد:
– "سيكونون المفاجأة القادمة. ولن يكون هناك مهرب."
---
الفصل الثامن: "الاختبار"
قرر يوسف وليلى الخضوع لاختبار حراس الظلال، ليثبتوا جديتهم وقدرتهم.
بدأ الاختبار في غابة مظلمة، حيث يجب عليهما أن يتعاونا لتجاوز سلسلة من الألغاز والتحديات.
كان أول تحدٍ هو عبور نهر مظلم مغطى بضباب كثيف،
يمنع رؤية الأرض تحت الماء.
استعمل يوسف خبرته في قراءة الرموز القديمة، بينما ساعدت ليلى بحدسها القوي.
تخطيا النهر، لكنهما شعرا بثقل أقدام من يتبعهما.
---
ظهر لهما مخلوق ضخم، جسده مشوه بألسنة لهب سوداء.
تعاون يوسف وليلى، مستخدمين الطقوس القديمة لتحييده مؤقتًا.
قال المخلوق بلهجة تهديد:
– "لن تمروا، الظلام لكم بالمرصاد."
لكن الطقوس أعطتهما قوة لحماية أنفسهما.
---
بعد اجتياز الاختبار، منحهما الحراس رموزًا خاصة،
قالوا إنها ستساعدهما على التصدي للظلام الذي يقترب.
---
الفصل التاسع: "القوة المظلمة"
عاد الظلام ليخيم على المدينة، وبدأت الكائنات الغريبة تظهر في الشوارع.
بدأت الفوضى، والناس يهربون من دون معرفة السبب.
دخل يوسف وليلى في معركة مواجهة مباشرة مع قوات الظلام.
كانت قوى الشر تستهدف المرآة القديمة في المكتبة،
لتحرير الكيان الذي يحبسها.
---
استخدم الاثنان الطقوس والرموز التي تعلموها.
في لحظة حاسمة، وقف يوسف أمام المرآة، وبدأ بالتحدث إلى الكيان المحتجز.
قال له:
– "نحن هنا لنمنع التحرير، لكي لا يدمر عالمنا."
اندلع صراع بين القوى،
لكن في النهاية، وبمساعدة حراس الظلال، تمكنوا من إغلاق المرآة.
---
الفصل العاشر: "النهاية وبداية جديدة"
بعد المعركة، عاد الهدوء إلى المدينة، لكن يوسف وليلى عرفا أن القصة لم تنتهِ.
المرآة بقيت مغلقة، لكن هناك المزيد من الأسرار، والظلال قد تعود يومًا ما.
قالت ليلى:
– "هذه ليست النهاية، بل بداية."
ابتسم يوسف وقال:
– "سنكون مستعدين."
---
انتهت رحلة الظلال، لكن رحلة المعرفة لم تتوقف.
---
النهاية
المرآة بقيت مغلقة، لكن هناك المزيد من الأسرار، والظلال قد تعود يومًا ما.
قالت ليلى:
– "هذه ليست النهاية، بل بداية."
ابتسم يوسف وقال:
– "سنكون مستعدين."
---
انتهت رحلة الظلال، لكن رحلة المعرفة لم تتوقف.
---
النهاية
تبدأ قصتي في عمارة جدي الله يرحمه اللي عشت فيها و كبرت فيه، تبدأ الأحداث القصة الشقة الأمامي واصلان العمارة كلها جن على ما اظن لأن حصلت معايا أحداث مو بس على هذا شقة، المهم في يوم الايام كنت بوقتها صغيرة بعمر 10او 11 الصراحة ما اتذكر كانت الشقة اللي أمامنا فاضيه ممكن شهر مهجورة فقط و امي قررت تأخذ هذا شقة على حجة أن شقة أولى كان صغير أخذت شقتين مع بعض يعني الدور كلها لنا فقط و كنت متحمسه انو انام على غرفة جديدة عكس اختي اللي كانت تخاف من كل شيء ما تحب تنام بدون امي و كمان تخاف مني عشان انا اخوفها و انا أجبرتها على أن تجي تنام معي و قالت إنها ما تنام لوحدها معايا و لازم تأخذ معها احد و امي قالت تأييد على فكرة اختي اخوانك ينامون معكم و غرفة،كانت غرفة فاضيه ما فيها شيء و فرّش فراشنا كل وحدة أخذنا مكان اللي يناسبه كنت دائماً احب انام جنب جدار و اختي كانت جنبي بعد كم فترة ما ادري كم عدت ولكن كلهم نامو إلا أنا، انا مشكلتي ما اقدر انام علطول إلا بعد يمر كم ساعة المهم كنت وقتها صاحية لوحدي و فجأة اسمع صوت من حمام كأنو احد شغّل موية في وحدة يتحرك في حمام وانا ما أدري من هي كنت اسمع بتركيز و اسمع صوت باب حمام تنقفل و بعدين فجأة اسمع صوت من مطبخ كأن احد يغسل مواعين واصلان مافي شي في مطبخ من صحون و أدوات المطبخ عشان نسمع أصوات كذا كنت مروعبة من هذا و صحيت اختي من النوم عشان تسمع معايا اللي انا اسمعها هل هي تسمع ولا لا وهي مفجوعة قالت ايه انا اسمع كمان و علطول هي صحت اخوي عشان يشغل قرآن و اخوي كان معصب عشان صحتُ من النوم و بعدين شغلت قرآن و بعدها ما سمعنا ولا صوت من المطبخ و الحمام و صحت في الثاني و قلت كل شيء على ماما من بدايتها إلى نهايتها و هي عشان ما تخوفنا انها هي اللي كانت تغسل مواعين و انا كنت مو مصدقة كلامها لانو كيف تغسل مواعين في ليل، قبل كذا اقول لك انو نحن سوينا الباب جوت بيت عشان تصير شقة وحده من شقتين اتمنى فهمتي، المهم كنت مو مصدقه كلام امي سويت نفسي انو صدقت كلامها و كملت روتين كالعادة و رجعنا نمنا في هذا شقة في يوم ثاني و كنت منسدحه جنب جدار بس مكان غير يعني و انا منسدحه اقدر اشوف الباب مطبخ مقبل لي و كانت باب مطبخ مردودة شوية و كانت ظلام دامس و هدوء و اختي و اخواني اثنين كلهم نايمين إلا أنا اللي ما اقدر انام ابدا و لازلت أعاني منها المهم و كنت اطالع على هذا الباب كذا عاديه و الباب تنقفل و تفتح لانو أصلان الشباك مفتوح و رياح كانت وقتها قوية لذلك الباب تتحرك بهذا الشكل و تحركاته كانت طبيعية ولكن الغريب اللي لاحظت فيه أن الباب في هذه مرة تفتح و كأن احد تفتحها بشويش كانت أول تفتح باب شوية و تنقفل و هذا مرة فتحت الباب بشكل كبير من الاول و كانت بسبب ظلام ماهي واضحة شيء و فجأة ظهر ظل ابيض شفاف كأنها ريح كانت طويل مدري كيف اشرح المهم و هذا ظل مشيت كم خطوة و علطول انسدح جنب اخويا بشكل سريع لانو اخويا ما نام ملتصق بالجدار و كان فراغ بينه و بين جدار، و انا قمت بسرعه عشان اشوف هل هو موجود ولا لا و بعد ما شفت الظل اللي شوفتها ماهي موجود هنا و علطول رحت على مكاني و غطيت نفسي و نمت بعد هذا حادثة ما حصل شي ثاني بعد كم شهور بدأت الدارسة و كنت انا متحمسه مرة لانو اشتريت شنطة جديده...
و حطيت مريولي جنب سريرتي و شنطة جنبي من كثر حماس ماني قادره انام و كذلك اختي بعد فترة نمت و أضاءت غرفة كانت مفتوحة على ما اظن اختي فتحت المهم و فتحت عيني من نوم و كانت وقتها ساعة ثلاثة الليل اول ما فتحت عيني جاتني حاله غريبه في وقتها كنت ما اعرف ايش هذا حالة و الحين اعرف هذا كانت جاثوم المهم و فاتحه عيني و غرفة مضئ و شفت اخويا صغير جنب سرير اختي ما كان باين شيء غير جزء شعره من فوق كنت ابي اقوم و فجأة احد مسك من عنقي و يخنقني و ماني قادرة احرك يديني ولا قادرة اتكلم كنت أحاول بشتى أنواع عشان اتحرك بس للاسف ما كنت اقدر اتحرك في وقتها كانت اختي مو موجوده في غرفة ما كان عندي حل غير اذكر الله في قلبي ما جاتني في بالي ولا سورة اللي حفظت غير كلمة ( سبحان الله) كنت أكرر هذا كلمة بدون ما اطلع صوت يعني بس في قلب اذكر بعد كم دقيقة الحمدلله قدرت اتحرك و جلست علطول و امسك رقبتي من الألم و حتى صوتي اطلعها بصعوبة من الألم في حلقي و فجأة اسمع صوت أذان الفجر يأذن و قمت بسرعه عشان اصلي و اتؤضيت و جيت اصلي شوفت ولد خالتي و اخوي جالسين يتفرجون على جوال و ولد خالتي يقولي ايش قاعدة تصلين انتي و اخويا ترد عليه ممكن تصلي وتر و انا مستغربة و اطالع فيهم باستغراب و اقول قاعده اصلي الفجر انتم ما سمعتو أذان يعني ولا ايش و قالو لا ما أذن أصلان عشان نصلي و جلست و انا حيرانة ايش اللي قاعده يحصل معايا عدت ايام و شهور ما حصل شيء إلا بعد ما جات جدتي من مدينة ثانية؛ لانو جدتي بعد ما مات جدي الله يرحمه جدتي انتقل إلى بيت ثاني و بعدين رجعت لعمارة جدي، و امي دائما تقولنا انا و لأختي
و حطيت مريولي جنب سريرتي و شنطة جنبي من كثر حماس ماني قادره انام و كذلك اختي بعد فترة نمت و أضاءت غرفة كانت مفتوحة على ما اظن اختي فتحت المهم و فتحت عيني من نوم و كانت وقتها ساعة ثلاثة الليل اول ما فتحت عيني جاتني حاله غريبه في وقتها كنت ما اعرف ايش هذا حالة و الحين اعرف هذا كانت جاثوم المهم و فاتحه عيني و غرفة مضئ و شفت اخويا صغير جنب سرير اختي ما كان باين شيء غير جزء شعره من فوق كنت ابي اقوم و فجأة احد مسك من عنقي و يخنقني و ماني قادرة احرك يديني ولا قادرة اتكلم كنت أحاول بشتى أنواع عشان اتحرك بس للاسف ما كنت اقدر اتحرك في وقتها كانت اختي مو موجوده في غرفة ما كان عندي حل غير اذكر الله في قلبي ما جاتني في بالي ولا سورة اللي حفظت غير كلمة ( سبحان الله) كنت أكرر هذا كلمة بدون ما اطلع صوت يعني بس في قلب اذكر بعد كم دقيقة الحمدلله قدرت اتحرك و جلست علطول و امسك رقبتي من الألم و حتى صوتي اطلعها بصعوبة من الألم في حلقي و فجأة اسمع صوت أذان الفجر يأذن و قمت بسرعه عشان اصلي و اتؤضيت و جيت اصلي شوفت ولد خالتي و اخوي جالسين يتفرجون على جوال و ولد خالتي يقولي ايش قاعدة تصلين انتي و اخويا ترد عليه ممكن تصلي وتر و انا مستغربة و اطالع فيهم باستغراب و اقول قاعده اصلي الفجر انتم ما سمعتو أذان يعني ولا ايش و قالو لا ما أذن أصلان عشان نصلي و جلست و انا حيرانة ايش اللي قاعده يحصل معايا عدت ايام و شهور ما حصل شيء إلا بعد ما جات جدتي من مدينة ثانية؛ لانو جدتي بعد ما مات جدي الله يرحمه جدتي انتقل إلى بيت ثاني و بعدين رجعت لعمارة جدي، و امي دائما تقولنا انا و لأختي
وبكرة تجي بنت خالتي تنام معنا عند جدتي و بالنسبة لنا فرحة كبيره يروح مننا طفش لمن هي تجي مع أن هي أكبر مننا بسنوات مو بس سنة أو سنتين بل يمكن تقريبا عمرها 20 و نحن عمرنا ما بين 11و12سنة في زيك ليلة حكينا لبنت خالتي كل شيء و خافت و لمن قولنا لي جدتي و كانت تقول ممكن توهمتي، في هذا ليلة كنا بنسهر ولكن جدتي منعتنا من سهر و بالاخير استسلمنا و انسدحنا كانت بنت خالتي و اختي آخذين معاهم قرآن الجن عشان ما يأذيهم و لكن اللي حصل مو معايا بل مع بنت خالتي و هي قالت بعد ما صحينا من النوم أنو شافت ظل اسود يمشي أمامها على هواء و كانت هي تناديني و تقول روان اصحى روان.. و أصلان نحن ما سمعنا شيء و تمسك اختي لانو هم نايمين جنب بعض و اختي ما حست بشيء و الغريب اللي خوّفنا أكثر انو بطانيتي راحت عند بنت خالتي و بطانيتها جات عندي يعني اتبدلت و نحن استغربنا كيف و لمن حكينا لي جدي عن ظل اسود مجهول كانت تضحك و تقول ممكن كنت انا و انتِ ما شوفتي كويس على أساس انو جدتي ما تبغى تخوفنا لذلك تقول كذا و أصلان نحن مو مصدقين و عشان كذا نحن نعرف ردها لذلك ما قولنا لها أمر استبدال بطانية و يوم جمعة بالتحديد جاء كل خالاتي اجتمعوا عند جدتي هذا عاداتنا و عاداتهم كل يوم يجون المهم حكينا كل شيء اللي حصل و كانو يحكونا عن قصص صار معاهم خالاتي وهم صغار بعمرنا أو أكبر مننا قالوا يوم جاء شاب وهم يعرفونه و جاء عند جدتي عشان يسلمها و هذا كما قالوا خالاتي ما يرتاح في أي مكان غير مسجد و المسجد الحرم فقط و فجأة هو يبغى يطلع سطوح و سطوحنا كانت بدون جدران حولين سطوح يعني لو واحد واقف على احد أطراف سطوح يطيح و يموت علطول لانو عمارتنا عالية من باقي عمارات المهم انو شاب طلع في سطوح و طاح من سطوح عند أحد عمارة موجودة و عرفو انو الشاب مات و مات على وجهه مو قوة طيحه على وجهو ما بان هويته و انهم يقولون ان احد طيحو يعني مو معقول هو بنفسه يطيح بهذا طريقة انا من وجهة نظري انو يمكن انتحر الله اعلم و القصة ثانية حكتها خالاتي انو في أحد الأيام جاء عندهم ضيوف في وحدة اسمها عافيه حابة إنها تقعد ما خالاتي و امي و ناموا كلهم و في ظهر خالتي كبيرة و جدتي كانو في مطبخ يطبخون الغدا و فجأة قام اللي اسمها عافيه من النوم و مره أمامهم في مطبخ لانو لازم نمر من مطبخ عشان نروح الحمام و اللي عافية كانت تناظر فيهم بشكل مرعب و نظراتها حادة جدتي و خالتي خافوا و بعدين هم لمن صحيو كلهم جدتي و خالتي سألت ليش لمن قمت عشان تروحين الحمام و ناظرتينا بهذا طريقة يعني بنظرة حادة لأن هم يعرفون انها مستحيل تسوي كذا و بدون سبب و هي تقول انا ما قمت من النوم أصلان و كانت تحلف و تقسم بالله أن هي ما قامت من النوم أصلان عشان تروح الحمام ... ومن هنا بنات خالاتي و انا واختي و اولاد خالاتي لمن نجي نتكلم عن الجن ما نقول الجن بل نسميه عافيه و عافية مسكينة ماهي دارية شيء هههه.
و اذكر قصة حصلت في 2020 في وقت الكورونا مع ابوي و انو محد يقدر يخرج من بيت وكذا ابويا كانت يحب يطلع ما يحب يقعد في بيت و لمن جاء كورونا مجبر انو يقعد في البيت و لذلك قرر بعد كل صلاة العشاء انو يطلع في سطوح و يغير الجو و يأخذ معاه دلة الشاي و فشار من أشياء هذا و كنا نحن كمان نطلع مع ابوي في يوم من الايام كانت أمي تطبخ العشاء و انا منشغلة بالكتابة مدري ايش كنت اكتب و اختي مشغولة بالجوال و اخواني كلهم يشوفون تلفزيون و ابوي طلع السطح لوحده من عادات ابوي انو هو لمن ينسدح ، ينسدح على أطراف سطح يعني لو انقلب على يسار علطول بيطيح و كانت أمي دائما تنصحه انو ما تنام بهذا طريقة في سطح و هذه مرة انسدح بطريقة غير اللي اعتاد عليه يعني انسدح مستقيم و رجوله على أطراف السطح اتمنى فهمتي المهم فجأة ابوي غفة و نام و حس انو احد سحب على تحت و كأني احد ينوي يطيح ابوي و ابوي سحب رجله بسرعة و رجع مرة ثانية نام و لكن هذه مرة سحبه بالقوة لو ما قام في هذا وقت كان ابويا بيطيح و قام بسرعه و سم بالله و نزل بسرعة بعد هذا حادثة ما كان يطلع السطح لوحده أو يطلع في صباح فقط الحمدلله انتقلنا لبيت آخر و تركنا عمارة جدي الله يرحمه و كسروه صار له ثلاث سنوات تقريباً👍
و اذكر قصة حصلت في 2020 في وقت الكورونا مع ابوي و انو محد يقدر يخرج من بيت وكذا ابويا كانت يحب يطلع ما يحب يقعد في بيت و لمن جاء كورونا مجبر انو يقعد في البيت و لذلك قرر بعد كل صلاة العشاء انو يطلع في سطوح و يغير الجو و يأخذ معاه دلة الشاي و فشار من أشياء هذا و كنا نحن كمان نطلع مع ابوي في يوم من الايام كانت أمي تطبخ العشاء و انا منشغلة بالكتابة مدري ايش كنت اكتب و اختي مشغولة بالجوال و اخواني كلهم يشوفون تلفزيون و ابوي طلع السطح لوحده من عادات ابوي انو هو لمن ينسدح ، ينسدح على أطراف سطح يعني لو انقلب على يسار علطول بيطيح و كانت أمي دائما تنصحه انو ما تنام بهذا طريقة في سطح و هذه مرة انسدح بطريقة غير اللي اعتاد عليه يعني انسدح مستقيم و رجوله على أطراف السطح اتمنى فهمتي المهم فجأة ابوي غفة و نام و حس انو احد سحب على تحت و كأني احد ينوي يطيح ابوي و ابوي سحب رجله بسرعة و رجع مرة ثانية نام و لكن هذه مرة سحبه بالقوة لو ما قام في هذا وقت كان ابويا بيطيح و قام بسرعه و سم بالله و نزل بسرعة بعد هذا حادثة ما كان يطلع السطح لوحده أو يطلع في صباح فقط الحمدلله انتقلنا لبيت آخر و تركنا عمارة جدي الله يرحمه و كسروه صار له ثلاث سنوات تقريباً👍
🥰2❤1👏1
عنوان الرواية:
"لعنة البيت القديم"
الجزء الأول من سلسلة "بيوت لا تموت"
© جميع الحقوق محفوظة
لـ ضرغام عبدالكريم
رواية [لعنة البيت القديم]
لا يجوز نسخ أو إعادة نشر أو توزيع هذه الرواية أو أي جزء منها بأي شكل من الأشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف.
________
> حين يعود ضرغام إلى بيت أهله القديم، لم يكن يعلم أنه لا يعود فقط إلى ذكرياته…
بل إلى لعنات دفنتها العائلة تحت التراب، وظنّت أنها انتهت.
ومع زوجته زينب، وطفليه آدم وحوراء، تبدأ أحداث غامضة:
أصوات في الليل… رسائل على الجدران… طيف طفل لا يُذكر اسمه.
وكل شيء يقود إلى اسم واحد… صُهيب.
رحلة ضرغام لكشف الحقيقة تقوده إلى طقوس قديمة، وأرواح تريد العودة، ومرآة لا تعكس الحقيقة.
ولكن هل كان ما فعله في النهاية كافيًا؟
أم أنه دفن نصف اللعنة… وترك النصف الأخطر ينبض تحت الأرض؟
"حين عاد الليل إلى البيت"
---
الفصل الأول: الرجوع
لم تكن العودة إلى بيت العائلة مجرّد قرار…
بل كانت خطوة لم أشعر أنني اتخذتها بإرادتي الكاملة.
السنوات في المدينة مضت سريعًا، متثاقلة بأعباء الحياة ومسؤولياتها.
كنا نظن أننا ابتعدنا عن الماضي، عن القرية، عن البيت الكبير الذي تركته يومًا وكأنني لن أعود إليه أبدًا.
ولكن… حين ضاقت بنا السبل، وحاصرتنا الديون، قال لي أبي بهدوء عبر الهاتف:
> "البيت لا يزال واقفًا، يا ضرغام… تعال، وسَكِّن فيه مع عائلتك. جدرانه تعرفك، ولن تُغلق دونك."
كان صوته مزيجًا غريبًا من الحنين والتحذير.
ورغم التردد الذي سكنني، وافقت.
عدتُ… ومعي زوجتي زينب، وطفلاي: آدم، سبع سنوات، وحوراء، في الخامسة من عمرها.
---
وصلنا قبل غروب الشمس بقليل.
القرية كما هي، الزمن فيها لا يتحرك، فقط يتنفس ببطء.
استقبلتنا أمي عند الباب، عيناها دامعتان، وابتسامتها خفيفة كأنها تخشى أن تنكسر.
أما أبي، فكان واقفًا بصمت، يرمقني بنظرة طويلة لا تحمل ترحيبًا، ولا رفضًا… فقط شيءٌ لا أستطيع تفسيره.
قال لي بهدوء، دون أن يتحرك من مكانه:
> "رجعت يا ضرغام… والبيت لم ينسَك."
شعرت بقشعريرة تسري في ظهري، لم أفهم لماذا.
---
البيت بدا أكبر مما كنت أتذكر، وأبرد.
ليس برودة الطقس، بل برودة عميقة، وكأن الهواء نفسه متجمد داخل الجدران.
زينب همست وهي تمسك يدي:
> "هناك شيء في هذا المكان… أشعر بأنه يراقبنا."
ابتسمت، وربتّ على يدها، محاولًا طمأنتها:
> "بيتنا… لا أكثر."
لكنني، في داخلي، لم أكن مطمئنًا.
---
مرّت الليلة الأولى بلا أحداث تُذكر، لكن النوم كان خفيفًا، متقطعًا.
وفي الليلة الثانية… بدأ كل شيء.
استيقظتُ على صوت بكاء حوراء، أسرعت إلى غرفتها.
وجدتها جالسة في زاوية السرير، تحدّق في باب الغرفة المفتوح، عيناها واسعتان، مليئتان بالخوف.
همست لي:
> "بابا… كانت هناك امرأة واقفة عند الباب. لا وجه لها… فقط شعر طويل، وتنظر إليّ."
---
في الصباح، وجدتُها ترسم على دفترها…
وجوهًا بلا ملامح. دوائر سوداء للعيون، وخط أفقي للفم.
آدم بدوره، استيقظ فزعًا في الليلة التالية، صوته مرتجف:
> "أبي… رأيت امرأة تدخل من الحائط! لم تكن تمشي… كانت تطفو، وعيناها بيضاء."
نظرت إلى أبي بعد أن أخبرته بما حدث، فظلّ صامتًا للحظة، ثم قال بصوت خافت:
> "لقد عادت… بعدما هدأ البيت لسنوات، أيقظتموه من سباته."
قلت بحدة:
> "من عادت؟ ما الذي تتحدث عنه؟"
لكنّه لم يُجب.
بل اكتفى بالنظر إلى سقف الغرفة، كأنّه يستمع إلى شيء لا أسمعه.
---
وفي الليلة التالية… استيقظتُ لأجد زينب جالسة على طرف السرير، تنظر إلى الحائط المقابل بصمت.
اقتربت منها، سألتها إن كانت بخير.
همست:
> "رأيتُها… كانت تبكي هنا، في الزاوية. وجهها محروق… وعيونها كانت مفتوحة بشكل لا يُحتمل."
ثم أغلقت عينيها، وسقطت في نوم عميق.
وفي الصباح… لم تتذكر شيئًا.
---
في تلك اللحظة، عرفت أن البيت لم يكن ينتظرنا…
بل كان ينادينا، ببطء، حتى عدنا.
البيت لم ينسَ.
والليل… حين يعود إليه، لا يرحل بسهولة.
---
الفصل الثاني: دفتر الحاجة سُكينة
في صباحٍ رمادي، كانت الغيوم ساكنة كأنها تُصغي لما يدور في قلب البيت.
جلستُ في الممر المؤدي إلى الطابق العلوي، أحاول أن ألتقط أنفاسي، بعد ليلة طويلة من الصمت المُخيف… الصمت الذي لا يعني الهدوء، بل كأن شيئًا ما يختبئ فيه.
رأيت أمي تمرّ من أمامي حاملة شيئًا مغطّى بقطعة قماش سوداء.
سألتها:
> "ما هذا؟"
قالت دون أن تنظر إليّ:
> "أشياء قديمة… لا تهمك."
لكن الفضول الذي يسكنني لم يعرف الصبر.
في غفلة من الجميع، عدتُ إلى المخزن القديم المجاور للمطبخ.
هناك، في الزاوية، وجدت صندوقًا خشبيًا غطّاه الغبار وعلّقته خيوط العنكبوت. فتحته ببطء.
كان في داخله دفتر صغير، جلده متهالك، وعنوانه مكتوب بخطّ أنثوي قديم:
> "يوميات الحاجة سُكينة"
"لعنة البيت القديم"
الجزء الأول من سلسلة "بيوت لا تموت"
© جميع الحقوق محفوظة
لـ ضرغام عبدالكريم
رواية [لعنة البيت القديم]
لا يجوز نسخ أو إعادة نشر أو توزيع هذه الرواية أو أي جزء منها بأي شكل من الأشكال دون إذن خطي مسبق من المؤلف.
________
> حين يعود ضرغام إلى بيت أهله القديم، لم يكن يعلم أنه لا يعود فقط إلى ذكرياته…
بل إلى لعنات دفنتها العائلة تحت التراب، وظنّت أنها انتهت.
ومع زوجته زينب، وطفليه آدم وحوراء، تبدأ أحداث غامضة:
أصوات في الليل… رسائل على الجدران… طيف طفل لا يُذكر اسمه.
وكل شيء يقود إلى اسم واحد… صُهيب.
رحلة ضرغام لكشف الحقيقة تقوده إلى طقوس قديمة، وأرواح تريد العودة، ومرآة لا تعكس الحقيقة.
ولكن هل كان ما فعله في النهاية كافيًا؟
أم أنه دفن نصف اللعنة… وترك النصف الأخطر ينبض تحت الأرض؟
"حين عاد الليل إلى البيت"
---
الفصل الأول: الرجوع
لم تكن العودة إلى بيت العائلة مجرّد قرار…
بل كانت خطوة لم أشعر أنني اتخذتها بإرادتي الكاملة.
السنوات في المدينة مضت سريعًا، متثاقلة بأعباء الحياة ومسؤولياتها.
كنا نظن أننا ابتعدنا عن الماضي، عن القرية، عن البيت الكبير الذي تركته يومًا وكأنني لن أعود إليه أبدًا.
ولكن… حين ضاقت بنا السبل، وحاصرتنا الديون، قال لي أبي بهدوء عبر الهاتف:
> "البيت لا يزال واقفًا، يا ضرغام… تعال، وسَكِّن فيه مع عائلتك. جدرانه تعرفك، ولن تُغلق دونك."
كان صوته مزيجًا غريبًا من الحنين والتحذير.
ورغم التردد الذي سكنني، وافقت.
عدتُ… ومعي زوجتي زينب، وطفلاي: آدم، سبع سنوات، وحوراء، في الخامسة من عمرها.
---
وصلنا قبل غروب الشمس بقليل.
القرية كما هي، الزمن فيها لا يتحرك، فقط يتنفس ببطء.
استقبلتنا أمي عند الباب، عيناها دامعتان، وابتسامتها خفيفة كأنها تخشى أن تنكسر.
أما أبي، فكان واقفًا بصمت، يرمقني بنظرة طويلة لا تحمل ترحيبًا، ولا رفضًا… فقط شيءٌ لا أستطيع تفسيره.
قال لي بهدوء، دون أن يتحرك من مكانه:
> "رجعت يا ضرغام… والبيت لم ينسَك."
شعرت بقشعريرة تسري في ظهري، لم أفهم لماذا.
---
البيت بدا أكبر مما كنت أتذكر، وأبرد.
ليس برودة الطقس، بل برودة عميقة، وكأن الهواء نفسه متجمد داخل الجدران.
زينب همست وهي تمسك يدي:
> "هناك شيء في هذا المكان… أشعر بأنه يراقبنا."
ابتسمت، وربتّ على يدها، محاولًا طمأنتها:
> "بيتنا… لا أكثر."
لكنني، في داخلي، لم أكن مطمئنًا.
---
مرّت الليلة الأولى بلا أحداث تُذكر، لكن النوم كان خفيفًا، متقطعًا.
وفي الليلة الثانية… بدأ كل شيء.
استيقظتُ على صوت بكاء حوراء، أسرعت إلى غرفتها.
وجدتها جالسة في زاوية السرير، تحدّق في باب الغرفة المفتوح، عيناها واسعتان، مليئتان بالخوف.
همست لي:
> "بابا… كانت هناك امرأة واقفة عند الباب. لا وجه لها… فقط شعر طويل، وتنظر إليّ."
---
في الصباح، وجدتُها ترسم على دفترها…
وجوهًا بلا ملامح. دوائر سوداء للعيون، وخط أفقي للفم.
آدم بدوره، استيقظ فزعًا في الليلة التالية، صوته مرتجف:
> "أبي… رأيت امرأة تدخل من الحائط! لم تكن تمشي… كانت تطفو، وعيناها بيضاء."
نظرت إلى أبي بعد أن أخبرته بما حدث، فظلّ صامتًا للحظة، ثم قال بصوت خافت:
> "لقد عادت… بعدما هدأ البيت لسنوات، أيقظتموه من سباته."
قلت بحدة:
> "من عادت؟ ما الذي تتحدث عنه؟"
لكنّه لم يُجب.
بل اكتفى بالنظر إلى سقف الغرفة، كأنّه يستمع إلى شيء لا أسمعه.
---
وفي الليلة التالية… استيقظتُ لأجد زينب جالسة على طرف السرير، تنظر إلى الحائط المقابل بصمت.
اقتربت منها، سألتها إن كانت بخير.
همست:
> "رأيتُها… كانت تبكي هنا، في الزاوية. وجهها محروق… وعيونها كانت مفتوحة بشكل لا يُحتمل."
ثم أغلقت عينيها، وسقطت في نوم عميق.
وفي الصباح… لم تتذكر شيئًا.
---
في تلك اللحظة، عرفت أن البيت لم يكن ينتظرنا…
بل كان ينادينا، ببطء، حتى عدنا.
البيت لم ينسَ.
والليل… حين يعود إليه، لا يرحل بسهولة.
---
الفصل الثاني: دفتر الحاجة سُكينة
في صباحٍ رمادي، كانت الغيوم ساكنة كأنها تُصغي لما يدور في قلب البيت.
جلستُ في الممر المؤدي إلى الطابق العلوي، أحاول أن ألتقط أنفاسي، بعد ليلة طويلة من الصمت المُخيف… الصمت الذي لا يعني الهدوء، بل كأن شيئًا ما يختبئ فيه.
رأيت أمي تمرّ من أمامي حاملة شيئًا مغطّى بقطعة قماش سوداء.
سألتها:
> "ما هذا؟"
قالت دون أن تنظر إليّ:
> "أشياء قديمة… لا تهمك."
لكن الفضول الذي يسكنني لم يعرف الصبر.
في غفلة من الجميع، عدتُ إلى المخزن القديم المجاور للمطبخ.
هناك، في الزاوية، وجدت صندوقًا خشبيًا غطّاه الغبار وعلّقته خيوط العنكبوت. فتحته ببطء.
كان في داخله دفتر صغير، جلده متهالك، وعنوانه مكتوب بخطّ أنثوي قديم:
> "يوميات الحاجة سُكينة"
❤4
الحاجة سُكينة… جدّتي.
لم أكن أعرف عنها سوى القليل، سوى أنها توفّيت قبل أن أولد، وأنها كانت "امرأة لا تضحك كثيرًا"، كما كانت تقول أمي دائمًا.
---
قلبت الصفحة الأولى.
الخطّ كان واضحًا، لكنه مضطرب، وكأن الكاتبة كانت ترتجف أثناء الكتابة.
> "اليوم الرابع من محرم، ١٩٦٣
بدأت الأصوات تعود. في البداية كنت أسمع خطوات على السقف، ثم همسات خلف الباب. ظننت أنني أتوهّم. لكنهم ليسوا وهماً. إنهم هناك، خلف الجدران. وأنا أعرف السبب."
توقفت.
من "هم"؟
وماذا تقصد بـ "السبب"؟
قلبتُ الصفحة التالية.
> "ضرغام. اسم أحلم به كثيرًا. لا أعرف من أين جاء، لكنه يزورني في المنام كل ليلة. طفلٌ عيناه واسعتان، يطرق الباب ثم يختفي. يقول لي: (أنا جاي… راجع). هل هو حفيدي؟ أم إنهم يستخدمون هذا الاسم كي يخدعوني؟"
تجمّدت.
أسقطت الدفتر من يدي دون أن أشعر.
اسمي… مكتوب في دفترٍ كُتب قبل ولادتي بسنين.
جدّتي حلمت بي… قبل أن أُولد؟
---
في تلك الليلة، تغيّر كل شيء.
زينب بدأت تتحدث أثناء نومها، بكلماتٍ غير مفهومة، صوتها أجش، ليس صوتها.
آدم أصبح ينام وهو مفتوح العينين، كأنّ أحدًا يحاول النظر من خلاله.
وحوراء… رسمت امرأة مقلوبة الوجه، وكتبت تحتها:
> "جدتي سُكينة تقول إنها ستأتي اليوم."
---
ذهبت إلى أبي، وسألته بصراحة:
> "من كانت الحاجة سُكينة؟"
قال بعد صمت:
> "كانت آخر من حاول إغلاق الباب… الباب الذي لا يُغلق."
سألته:
> "أي باب؟"
نظر إليّ بعينين شاحبتين، ثم قال:
> "ذلك الذي فُتح في الليلة التي ماتت فيها… والذي لم يُغلق منذ ذلك اليوم. البيت ليس كما تراه، يا ضرغام. البيت ليس لنا."
---
في تلك الليلة، سُمع صوت سقوط شيءٍ في العلّية.
حين صعدتُ…
وجدت الدفتر مفتوحًا على صفحة جديدة.
لم أفتحها.
لكنني رأيت اسمي مكتوبًا على الحائط… عشرات المرّات، بحبرٍ أحمر.
---
الفصل الثالث: الوجه الذي يسكن المرآة
كانت الساعة تقترب من الثالثة فجرًا، حين استيقظت على صوت همس.
لم يكن واضحًا، لكنه كان حادًا كأن أحدهم يهمس في أذني مباشرة.
نهضتُ من السرير، فتحت الباب، وكان البيت غارقًا في ظلامٍ ثقيل.
الهدوء، إن سُمّي هدوءًا، كان يخفي شيئًا يتنفس في الجدران.
بينما كنت أمر في الممرّ، رأيت ضوءًا خافتًا يخرج من غرفة الضيوف.
دلفت إليها ببطء.
لم يكن هناك أحد.
لكن المرآة القديمة في الزاوية… كانت مكشوفة.
تلك المرآة، التي كانت أمي دائمًا تغطيها بقطعة قماش سوداء وتقول:
> "لا تنظر فيها بالليل… لا أحد يرى فيها نفسه."
اقتربتُ منها، لا أعلم لماذا.
كأن شيئًا يدفعني، كأن البيت يريدني أن أراها.
نظرت.
في البداية، كان الانعكاس طبيعيًا.
وجهي المتعب، خلفية الغرفة، الضوء الخافت.
ثم… بدأت ملامحي تتغيّر.
عينيّ انطفأتا… شفتيّ اختفتا… ثم بدا وكأن وجهي يُمسح من على سطح الزجاج.
ورأيت خلفي امرأة.
لم تكن في الغرفة… لكنها كانت في المرآة.
شعرها طويل، أسود، يغطي وجهها، وقميصها الأبيض مبلل كأنه خرج لتوّه من النهر.
استدرت بسرعة… لم يكن هناك أحد.
---
في الصباح، ذهبت إلى أمي وسألتها عن المرآة.
نظرت إليّ طويلاً، ثم قالت:
> "سُكينة كانت تتحدث إليها.
كانت تجلس أمامها في الليل… وتحكي.
قالت إن المرأة داخل المرآة لا تريد إيذاءنا، فقط تريد أن تُسمع."
قلت:
> "ومن هي؟"
أجابت:
> "كانت تُدعى زهراء… امرأة ماتت في هذا البيت قبل أكثر من خمسين عامًا."
صمتّ.
ثم تابعت أمي بصوت منخفض:
> "لم تكن ضيفة… كانت من العائلة."
---
في اليوم التالي، وجدتُ زينب جالسة أمام المرآة… تحدّق فيها، لا ترمش.
ناديْتُها أكثر من مرة، لم تجب.
وضعت يدي على كتفها، فارتجفت، ثم قالت دون أن تلتفت:
> "إنها تبكي… تقول إنهم أحرقوها، ولم يُصلّوا عليها…
تقول إن اسمها لم يُذكر منذ خمسين عامًا."
ثم نهضت… ومشت كأنها لا تذكر شيئًا مما قالته.
---
ذهبت إلى الطابق السفلي، إلى غرفة أبي.
سألته:
> "من هي زهراء؟"
لم يجب.
بل نهض بهدوء، وفتح خزانة خشبية قديمة، وأخرج صورة باهتة، صغيرة، لامرأة شابة ترتدي ثوبًا قرويًا أبيض، تقف في زاوية حديقة.
ناولني الصورة، وقال:
> "كانت أخت سُكينة."
أجبت:
> "ولكن أمي لم تذكرها يومًا."
قال:
> "لأن أحدًا لا يذكر من لعنه البيت."
---
في تلك الليلة، وجدت المرآة مغطاة مجددًا.
لكن حوراء… كانت ترسم شيئًا جديدًا.
رسمت امرأة تقف داخل مرآة، وخلفها بيتٌ يحترق.
وكتبت تحت الرسم:
> "زهراء تقول… هذا ليس بيتكم بعد الآن."
---
الفصل الرابع: الليلة التي لم يُصلَّ فيها أحد
لم أعد أستطيع النوم.
كلما أغمضتُ عيني، رأيتُ النار.
بيت قديم يشتعل، امرأة تصرخ خلف الجدران، ووجوه رجال يهربون في الظلام، يحملون في أعينهم الخوف… لا الندم.
صوت زهراء في المنام صار واضحًا.
> "أنا لم أمت كما قالوا…
لم أمت كما كتبوا…
ولم يُصلِّ عليَّ أحد."
---
لم أكن أعرف عنها سوى القليل، سوى أنها توفّيت قبل أن أولد، وأنها كانت "امرأة لا تضحك كثيرًا"، كما كانت تقول أمي دائمًا.
---
قلبت الصفحة الأولى.
الخطّ كان واضحًا، لكنه مضطرب، وكأن الكاتبة كانت ترتجف أثناء الكتابة.
> "اليوم الرابع من محرم، ١٩٦٣
بدأت الأصوات تعود. في البداية كنت أسمع خطوات على السقف، ثم همسات خلف الباب. ظننت أنني أتوهّم. لكنهم ليسوا وهماً. إنهم هناك، خلف الجدران. وأنا أعرف السبب."
توقفت.
من "هم"؟
وماذا تقصد بـ "السبب"؟
قلبتُ الصفحة التالية.
> "ضرغام. اسم أحلم به كثيرًا. لا أعرف من أين جاء، لكنه يزورني في المنام كل ليلة. طفلٌ عيناه واسعتان، يطرق الباب ثم يختفي. يقول لي: (أنا جاي… راجع). هل هو حفيدي؟ أم إنهم يستخدمون هذا الاسم كي يخدعوني؟"
تجمّدت.
أسقطت الدفتر من يدي دون أن أشعر.
اسمي… مكتوب في دفترٍ كُتب قبل ولادتي بسنين.
جدّتي حلمت بي… قبل أن أُولد؟
---
في تلك الليلة، تغيّر كل شيء.
زينب بدأت تتحدث أثناء نومها، بكلماتٍ غير مفهومة، صوتها أجش، ليس صوتها.
آدم أصبح ينام وهو مفتوح العينين، كأنّ أحدًا يحاول النظر من خلاله.
وحوراء… رسمت امرأة مقلوبة الوجه، وكتبت تحتها:
> "جدتي سُكينة تقول إنها ستأتي اليوم."
---
ذهبت إلى أبي، وسألته بصراحة:
> "من كانت الحاجة سُكينة؟"
قال بعد صمت:
> "كانت آخر من حاول إغلاق الباب… الباب الذي لا يُغلق."
سألته:
> "أي باب؟"
نظر إليّ بعينين شاحبتين، ثم قال:
> "ذلك الذي فُتح في الليلة التي ماتت فيها… والذي لم يُغلق منذ ذلك اليوم. البيت ليس كما تراه، يا ضرغام. البيت ليس لنا."
---
في تلك الليلة، سُمع صوت سقوط شيءٍ في العلّية.
حين صعدتُ…
وجدت الدفتر مفتوحًا على صفحة جديدة.
لم أفتحها.
لكنني رأيت اسمي مكتوبًا على الحائط… عشرات المرّات، بحبرٍ أحمر.
---
الفصل الثالث: الوجه الذي يسكن المرآة
كانت الساعة تقترب من الثالثة فجرًا، حين استيقظت على صوت همس.
لم يكن واضحًا، لكنه كان حادًا كأن أحدهم يهمس في أذني مباشرة.
نهضتُ من السرير، فتحت الباب، وكان البيت غارقًا في ظلامٍ ثقيل.
الهدوء، إن سُمّي هدوءًا، كان يخفي شيئًا يتنفس في الجدران.
بينما كنت أمر في الممرّ، رأيت ضوءًا خافتًا يخرج من غرفة الضيوف.
دلفت إليها ببطء.
لم يكن هناك أحد.
لكن المرآة القديمة في الزاوية… كانت مكشوفة.
تلك المرآة، التي كانت أمي دائمًا تغطيها بقطعة قماش سوداء وتقول:
> "لا تنظر فيها بالليل… لا أحد يرى فيها نفسه."
اقتربتُ منها، لا أعلم لماذا.
كأن شيئًا يدفعني، كأن البيت يريدني أن أراها.
نظرت.
في البداية، كان الانعكاس طبيعيًا.
وجهي المتعب، خلفية الغرفة، الضوء الخافت.
ثم… بدأت ملامحي تتغيّر.
عينيّ انطفأتا… شفتيّ اختفتا… ثم بدا وكأن وجهي يُمسح من على سطح الزجاج.
ورأيت خلفي امرأة.
لم تكن في الغرفة… لكنها كانت في المرآة.
شعرها طويل، أسود، يغطي وجهها، وقميصها الأبيض مبلل كأنه خرج لتوّه من النهر.
استدرت بسرعة… لم يكن هناك أحد.
---
في الصباح، ذهبت إلى أمي وسألتها عن المرآة.
نظرت إليّ طويلاً، ثم قالت:
> "سُكينة كانت تتحدث إليها.
كانت تجلس أمامها في الليل… وتحكي.
قالت إن المرأة داخل المرآة لا تريد إيذاءنا، فقط تريد أن تُسمع."
قلت:
> "ومن هي؟"
أجابت:
> "كانت تُدعى زهراء… امرأة ماتت في هذا البيت قبل أكثر من خمسين عامًا."
صمتّ.
ثم تابعت أمي بصوت منخفض:
> "لم تكن ضيفة… كانت من العائلة."
---
في اليوم التالي، وجدتُ زينب جالسة أمام المرآة… تحدّق فيها، لا ترمش.
ناديْتُها أكثر من مرة، لم تجب.
وضعت يدي على كتفها، فارتجفت، ثم قالت دون أن تلتفت:
> "إنها تبكي… تقول إنهم أحرقوها، ولم يُصلّوا عليها…
تقول إن اسمها لم يُذكر منذ خمسين عامًا."
ثم نهضت… ومشت كأنها لا تذكر شيئًا مما قالته.
---
ذهبت إلى الطابق السفلي، إلى غرفة أبي.
سألته:
> "من هي زهراء؟"
لم يجب.
بل نهض بهدوء، وفتح خزانة خشبية قديمة، وأخرج صورة باهتة، صغيرة، لامرأة شابة ترتدي ثوبًا قرويًا أبيض، تقف في زاوية حديقة.
ناولني الصورة، وقال:
> "كانت أخت سُكينة."
أجبت:
> "ولكن أمي لم تذكرها يومًا."
قال:
> "لأن أحدًا لا يذكر من لعنه البيت."
---
في تلك الليلة، وجدت المرآة مغطاة مجددًا.
لكن حوراء… كانت ترسم شيئًا جديدًا.
رسمت امرأة تقف داخل مرآة، وخلفها بيتٌ يحترق.
وكتبت تحت الرسم:
> "زهراء تقول… هذا ليس بيتكم بعد الآن."
---
الفصل الرابع: الليلة التي لم يُصلَّ فيها أحد
لم أعد أستطيع النوم.
كلما أغمضتُ عيني، رأيتُ النار.
بيت قديم يشتعل، امرأة تصرخ خلف الجدران، ووجوه رجال يهربون في الظلام، يحملون في أعينهم الخوف… لا الندم.
صوت زهراء في المنام صار واضحًا.
> "أنا لم أمت كما قالوا…
لم أمت كما كتبوا…
ولم يُصلِّ عليَّ أحد."
---
❤1
في الصباح، عدتُ إلى دفتر الحاجة سُكينة.
صفحاته الأخيرة كانت مشوَّهة، الحبر فيها باهت، لكنه لا يزال يُظهر كلماتٍ مرتعشة، مضطربة:
> "زهراء لم ترحل، لقد أخفوها…
أبي قال إنها اختفت.
لكنّي سمعت صوتها بعد ثلاثة أيام من وفاتها، يخرج من خلف جدار الغرفة العليا…
كانت تقول: (أنا هنا).
> لم أستطع كسر الحائط.
لم أجرؤ.
لم أكن أملك إلا قلبي… وهو لم يكن كافيًا لإنقاذها."
---
أغلقتُ الدفتر.
عيناي كانتا ممتلئتين بالدموع، لكنّي لا أعرف إن كانت دموع الحزن… أم الخوف.
ذهبتُ إلى أبي.
واجهته بصوت لم أعد أتحكّم به:
> "أين دُفنت زهراء؟"
صمت.
ثم قال:
> "لم تُدفن."
> "ماذا تعني؟"
أجاب دون أن يرمش:
> "هي في الجدار، ضرغام…
في ذلك الحائط الذي بنيناه بليل، حين احترق نصف الطابق العلوي."
---
ذهبتُ فورًا إلى الغرفة.
الغرفة العلوية القديمة، التي لا يدخلها أحد.
أمي دائمًا تقول: "هذي الغرفة ما ترتاح"، وتغلقها بالمفتاح.
كسرت القفل، دخلت.
الغرفة كانت خانقة، الجدران رمادية، والأرض مكسوّة بطبقة رقيقة من الرماد.
وفي الزاوية…
كان الحائط مختلفًا.
لونه أغمق، ملمسه خشن، وكأن من بناه لم يكن نجّارًا… بل رجلاً في عجلة، يُحاول إخفاء جريمة.
اقتربتُ.
وضعت يدي عليه.
وكان دافئًا… دافئًا بشكلٍ مريب.
سمعت من خلفه صوتًا لا يُشبه صوتًا بشريًا…
كان أشبه ببكاءٍ مكتوم… أو دعاءٍ لم يُستجب.
ثم جاءني صوتٌ في رأسي، واضح، كأنّه يُقال داخلي:
> "افتح…
افتح قبل أن يَفنى الاسم من الذاكرة."
---
في تلك الليلة…
لم تنم زينب.
كانت تمشي في البيت وهي مغمضة العينين، وتُردد بصوت غريب:
> "زهراء… زهراء… زهراء…"
ثم وقفت أمام المرآة، ونظرت إلى نفسها طويلاً، قبل أن تقول:
> "لقد حرّقوها وهي تصلي…
خشوا من دمعتها أكثر من أي سحر."
---
في اليوم التالي، وجدت حوراء جالسة عند باب الغرفة المغلقة، ترسم شيئًا جديدًا.
رسمت بابًا خشبيًا عليه يد صغيرة ممدودة من الداخل…
وكتبت:
> "هي لا تريد الرحمة…
هي تريد الحقيقة."
---
الفصل الخامس: الحائط يتنفس
في الليلة التالية… لم يكن هناك نوم.
كل من في البيت كان مستيقظًا بطريقة ما، حتى وإن كانت أجفانهم مغمضة.
شيءٌ تغيّر.
الهواء لم يعد ساكنًا…
كأن البيت نفسه بدأ يتنفس.
ولأول مرة، سمعنا جميعًا ذلك الصوت.
صوتٌ يأتي من فوق، من الغرفة المغلقة، الحائط المغلق، المكان الذي اختفت فيه زهراء.
كان صوت طرقات.
هادئة… ثم متسارعة… ثم صارخة.
ووسط الطرق، كان هناك بكاء.
بكاء امرأة.
بكاء لا يشبه أي بكاء سمعته من قبل.
كأن الصوت لا يخرج من حنجرة… بل من روح.
---
ذهبتُ إلى أبي، وجدته جالسًا في الظلمة، يقرأ شيئًا بصوت خافت، وعيناه غارقتان في الفراغ.
قلت له:
> "الحائط… بدأ يتحرك."
لم يُفاجأ. لم يرفع عينيه حتى.
قال:
> "هي أوّل من مات مظلومة في هذا البيت… لكنها لم تكن الأخيرة.
زهراء لم تكن وحدها. هناك غيرها…
البيت لم يُبنى فوق الأرض… بُني فوق الوجع."
---
أصبحت زينب تتحدث بكلام ليس كلامها.
ليلاً، كانت تستيقظ وهي تكتب جُملًا على الحائط، بحبر لا نعرف من أين يأتي.
تكتبها بيدها اليمنى… رغم أنها يسرى.
إحدى الجمل كانت:
> "لا تفتح الحائط… إلا إذا كنت مستعدًّا للموت مرتين."
---
حوراء توقفت عن الرسم.
بدأت تمزّق أوراقها، وتضعها تحت السجادة.
وعندما وجدتني أراقبها، همست لي:
> "هي قالت لي إن الرسم صار مؤلمًا.
صارت وجوههم تبكي كل ما أرسمهم."
---
وفي ليلة السابع من الشهر، كان كل شيء مختلفًا.
استيقظت العائلة بأكملها على صرخة واحدة.
ليست من زينب، ولا من الأطفال… بل من الجدار نفسه.
الصرخة كانت عالية، طويلة، موجعة، كأن أحدهم يُقتَل للمرة الثانية.
نهضت، حملت المصباح، وصعدت إلى الغرفة.
كان الباب مفتوحًا.
والحائط… لم يكن كما تركته.
---
كان الحائط يتشقّق.
خطوط طويلة تمتد فيه، تتفرع كالعروق.
ومن بينها، بدأ الدم يظهر.
دم حقيقي. أحمر، طازج… يسيل من الجدار كما يسيل من الجسد.
وعلى الجدار، كانت تظهر كتابة قديمة، كأنها محفورة تحت الطلاء منذ زمن بعيد، لكنها الآن تنكشف ببطء، كلمةً كلمة:
> "هذا قبرُ الظلم… لا تُقرَأ عليه الفاتحة، بل يُكشَف."
---
لم أعد أحتمل.
جلبت مطرقة قديمة من المخزن، ووقفت أمام الجدار، أسمع أنفاسي… وأسمع أنفاسه.
رفعت يدي.
وقبل أن أضرب…
سمعت صوت أمي خلفي، لأول مرة يعلو:
> "لا تفعل يا ضرغام… لا تفعل… لن تنجو هذه المرّة."
استدرت نحوها، فوجدتها تبكي… وتُمسك صورة قديمة بيدها.
كانت صورة زهراء.
لكن خلف الصورة، كان هناك شيء مكتوب بخطّ الحاجة سُكينة:
> "من يفتح هذا القبر… لن يجد جثة فقط.
سيجد الحقيقة كاملة… وسيُدفن بها."
---
الفصل السادس: الضربة الأولى
المطرقة بيدي، وقلبي لا يشبه ما كان عليه قبل لحظات.
شيء داخلي انكسر…
الخوف لم يعد ما يمنعني، بل ما يدفعني.
صفحاته الأخيرة كانت مشوَّهة، الحبر فيها باهت، لكنه لا يزال يُظهر كلماتٍ مرتعشة، مضطربة:
> "زهراء لم ترحل، لقد أخفوها…
أبي قال إنها اختفت.
لكنّي سمعت صوتها بعد ثلاثة أيام من وفاتها، يخرج من خلف جدار الغرفة العليا…
كانت تقول: (أنا هنا).
> لم أستطع كسر الحائط.
لم أجرؤ.
لم أكن أملك إلا قلبي… وهو لم يكن كافيًا لإنقاذها."
---
أغلقتُ الدفتر.
عيناي كانتا ممتلئتين بالدموع، لكنّي لا أعرف إن كانت دموع الحزن… أم الخوف.
ذهبتُ إلى أبي.
واجهته بصوت لم أعد أتحكّم به:
> "أين دُفنت زهراء؟"
صمت.
ثم قال:
> "لم تُدفن."
> "ماذا تعني؟"
أجاب دون أن يرمش:
> "هي في الجدار، ضرغام…
في ذلك الحائط الذي بنيناه بليل، حين احترق نصف الطابق العلوي."
---
ذهبتُ فورًا إلى الغرفة.
الغرفة العلوية القديمة، التي لا يدخلها أحد.
أمي دائمًا تقول: "هذي الغرفة ما ترتاح"، وتغلقها بالمفتاح.
كسرت القفل، دخلت.
الغرفة كانت خانقة، الجدران رمادية، والأرض مكسوّة بطبقة رقيقة من الرماد.
وفي الزاوية…
كان الحائط مختلفًا.
لونه أغمق، ملمسه خشن، وكأن من بناه لم يكن نجّارًا… بل رجلاً في عجلة، يُحاول إخفاء جريمة.
اقتربتُ.
وضعت يدي عليه.
وكان دافئًا… دافئًا بشكلٍ مريب.
سمعت من خلفه صوتًا لا يُشبه صوتًا بشريًا…
كان أشبه ببكاءٍ مكتوم… أو دعاءٍ لم يُستجب.
ثم جاءني صوتٌ في رأسي، واضح، كأنّه يُقال داخلي:
> "افتح…
افتح قبل أن يَفنى الاسم من الذاكرة."
---
في تلك الليلة…
لم تنم زينب.
كانت تمشي في البيت وهي مغمضة العينين، وتُردد بصوت غريب:
> "زهراء… زهراء… زهراء…"
ثم وقفت أمام المرآة، ونظرت إلى نفسها طويلاً، قبل أن تقول:
> "لقد حرّقوها وهي تصلي…
خشوا من دمعتها أكثر من أي سحر."
---
في اليوم التالي، وجدت حوراء جالسة عند باب الغرفة المغلقة، ترسم شيئًا جديدًا.
رسمت بابًا خشبيًا عليه يد صغيرة ممدودة من الداخل…
وكتبت:
> "هي لا تريد الرحمة…
هي تريد الحقيقة."
---
الفصل الخامس: الحائط يتنفس
في الليلة التالية… لم يكن هناك نوم.
كل من في البيت كان مستيقظًا بطريقة ما، حتى وإن كانت أجفانهم مغمضة.
شيءٌ تغيّر.
الهواء لم يعد ساكنًا…
كأن البيت نفسه بدأ يتنفس.
ولأول مرة، سمعنا جميعًا ذلك الصوت.
صوتٌ يأتي من فوق، من الغرفة المغلقة، الحائط المغلق، المكان الذي اختفت فيه زهراء.
كان صوت طرقات.
هادئة… ثم متسارعة… ثم صارخة.
ووسط الطرق، كان هناك بكاء.
بكاء امرأة.
بكاء لا يشبه أي بكاء سمعته من قبل.
كأن الصوت لا يخرج من حنجرة… بل من روح.
---
ذهبتُ إلى أبي، وجدته جالسًا في الظلمة، يقرأ شيئًا بصوت خافت، وعيناه غارقتان في الفراغ.
قلت له:
> "الحائط… بدأ يتحرك."
لم يُفاجأ. لم يرفع عينيه حتى.
قال:
> "هي أوّل من مات مظلومة في هذا البيت… لكنها لم تكن الأخيرة.
زهراء لم تكن وحدها. هناك غيرها…
البيت لم يُبنى فوق الأرض… بُني فوق الوجع."
---
أصبحت زينب تتحدث بكلام ليس كلامها.
ليلاً، كانت تستيقظ وهي تكتب جُملًا على الحائط، بحبر لا نعرف من أين يأتي.
تكتبها بيدها اليمنى… رغم أنها يسرى.
إحدى الجمل كانت:
> "لا تفتح الحائط… إلا إذا كنت مستعدًّا للموت مرتين."
---
حوراء توقفت عن الرسم.
بدأت تمزّق أوراقها، وتضعها تحت السجادة.
وعندما وجدتني أراقبها، همست لي:
> "هي قالت لي إن الرسم صار مؤلمًا.
صارت وجوههم تبكي كل ما أرسمهم."
---
وفي ليلة السابع من الشهر، كان كل شيء مختلفًا.
استيقظت العائلة بأكملها على صرخة واحدة.
ليست من زينب، ولا من الأطفال… بل من الجدار نفسه.
الصرخة كانت عالية، طويلة، موجعة، كأن أحدهم يُقتَل للمرة الثانية.
نهضت، حملت المصباح، وصعدت إلى الغرفة.
كان الباب مفتوحًا.
والحائط… لم يكن كما تركته.
---
كان الحائط يتشقّق.
خطوط طويلة تمتد فيه، تتفرع كالعروق.
ومن بينها، بدأ الدم يظهر.
دم حقيقي. أحمر، طازج… يسيل من الجدار كما يسيل من الجسد.
وعلى الجدار، كانت تظهر كتابة قديمة، كأنها محفورة تحت الطلاء منذ زمن بعيد، لكنها الآن تنكشف ببطء، كلمةً كلمة:
> "هذا قبرُ الظلم… لا تُقرَأ عليه الفاتحة، بل يُكشَف."
---
لم أعد أحتمل.
جلبت مطرقة قديمة من المخزن، ووقفت أمام الجدار، أسمع أنفاسي… وأسمع أنفاسه.
رفعت يدي.
وقبل أن أضرب…
سمعت صوت أمي خلفي، لأول مرة يعلو:
> "لا تفعل يا ضرغام… لا تفعل… لن تنجو هذه المرّة."
استدرت نحوها، فوجدتها تبكي… وتُمسك صورة قديمة بيدها.
كانت صورة زهراء.
لكن خلف الصورة، كان هناك شيء مكتوب بخطّ الحاجة سُكينة:
> "من يفتح هذا القبر… لن يجد جثة فقط.
سيجد الحقيقة كاملة… وسيُدفن بها."
---
الفصل السادس: الضربة الأولى
المطرقة بيدي، وقلبي لا يشبه ما كان عليه قبل لحظات.
شيء داخلي انكسر…
الخوف لم يعد ما يمنعني، بل ما يدفعني.
❤6
وقفتُ أمام الجدار.
الحائط الملعون.
المسجون فيه اسمٌ مات ولم يُذكَر… جسدٌ لم يُدفَن… دمعةٌ لم تُجفَّف.
رفعتُ المطرقة.
كانت أمي خلفي، تبكي بصمت، وتتمتم بكلمات لا أفهمها، كأنها تحاول أن تردّ شيئًا لا يُردّ.
زينب كانت تمسك الأطفال، تهمس لهم بشيء، لكن حوراء فقط كانت تنظر إليّ… لا تبكي، لا تخاف، فقط تُراقبني بعينيها الواسعتين، وكأنها تعرف ما سيحدث قبل أن يحدث.
أغمضتُ عيني.
وضربت.
---
الضربة الأولى لم تكسر الجدار…
لكنها كسرت شيئًا آخر.
الهواء تغيّر، كأن أحدًا سُحب من الغرفة، أو كأن الغرفة نفسها شهقت.
ثم أتت الضربة الثانية… فالثالثة… حتى انشقَّت طبقة من الطلاء، وتساقط منها غبار أسود، برائحة قديمة… رائحة دخان، ودم، وتراب.
ثم سقطت أول قطعة من الطوب.
ومن خلفها…
خرجت رائحة موت.
---
تراجعتُ للحظة.
أمي صرخت:
> "يكفي يا ضرغام… ماذا تفعل؟ هذا ليس لك!"
لكني لم أتوقّف.
كنت أعرف، لا بعقلي… بل بشيءٍ في دمي، أن ما خلف هذا الجدار لا يجب أن يُبقى فيه أكثر.
ضربتُ من جديد…
ومع كل ضربة، كأن صرخةً تُولد في الغرفة.
كأن أحدهم يُقتَل من جديد.
وفي النهاية… سقط جزء من الجدار، وانكشفت فجوة مظلمة.
أدخلتُ المصباح ببطء…
فوجدتُ تابوتًا خشبيًا صغيرًا، ملفوفًا بأقمشة قديمة، وعليه نقش مطموس بالكاد تُقرأ منه كلمة واحدة:
> "زهراء"
---
لم أقترب.
شيء ما في الجو تغيّر فجأة.
الصمت صار ثقيلًا… ميتًا.
كأن كل صوت في العالم توقّف لحظة رؤيتي للتابوت.
ثم… صدر من داخله صوت خافت، أنثوي، مكسور:
> "ضرغام… شكرًا لأنك عدت…"
---
تراجعتُ، يدي ترتجف، نظرت إلى زينب، كانت تبكي بصمت، أما أمي… فجلست على الأرض، كأنها عادت خمسين سنة إلى الوراء.
قالت:
> "أقسمنا أن لا يُفتح…
أقسمنا نحن الأربعة… أنا، وأبوك، والحاجة سُكينة، والخال علوان."
> "لكن لم نسأل أنفسنا: وماذا أقسمت هي؟"
---
خرجتُ من الغرفة، أغلقت الباب، لكنني كنت أعرف أن كل شيء تغيّر.
منذ تلك اللحظة، لم يكن البيت كما كان.
الجدران صارت أضيق.
الضوء أضعف.
والليل… أطول.
وزهراء…
لم تعد خلف الحائط.
---
الفصل السابع: من لم يُدفَن… لا ينام
منذ أن فتحت الجدار، تغيّر كل شيء.
لم أعد أرى العالم بنفس الطريقة.
حتى الهواء الذي أتنفسه… صار ثقيلاً، كأن البيت نفسه يتذكّر.
---
أبي لم يخرج من غرفته منذ تلك الليلة.
كان يضع وشاحًا أسود على عينيه، يردد شيئًا بصوتٍ منخفض، كأنه يحاول نسيان صورٍ تعيش داخله.
أمّا أمي… فكانت تجلس أمام باب الغرفة المغلقة، لا تتكلم، لا تنام، فقط تهمس:
> "اللي ما ينقبر… ما يسكت."
"واللي ينظلم… ما ينسى."
"وزهراء… ما نسيت."
---
زينب بدأت ترى أشياء.
قالت لي ذات صباح وهي شاحبة:
> "ضرغام… لما أكون بالمطبخ، أشوف بنت واقفة عند الحوش… تناديني بإسمي، وتقول لي: (رجّعيني)."
> "ولما أروح للمرايا، ألقى نفسي… مو أنا."
---
أما الأطفال…
فآدم أصبح يصرخ في نومه، يصحو كل ليلة وهو يبكي ويصرخ:
> "طلعوها! دخيلكم، طلّعوها! النار بعدها تاكلها!"
وحوراء… توقّفت عن الكلام تمامًا.
لكنها كانت تكتب.
تكتب على الجدران، على الأبواب، على لعبها، كلمات لا تُشبه عمرها.
أكثرها تكرارًا كانت:
> "هي لم تخرج وحدها."
---
في إحدى الليالي، استيقظت على صوت خافت يأتي من فوق… صوت خطوات.
لكن الغريب، أنها لم تكن تمشي على الأرض…
بل على السقف.
رفعت رأسي من الفراش، وكانت زينب تنظر نحوي.
قالت بصوتٍ منخفض:
> "زهراء فوقك… تمشي من أول الليل… تنتظرك."
---
صعدتُ إلى الغرفة المغلقة.
المصباح في يدي، والمطرقة في الأخرى.
كان الباب مفتوحًا.
الهواء في الداخل بارد… ومشبّع برائحة التراب القديم.
نظرتُ داخل الفجوة.
النعش لا يزال مكانه… لكن الغطاء مكسور، مائل.
كان فارغًا.
---
على الجدار المقابل، ظهرت كلمات جديدة.
لم أكتبها… ولم أقرأها من قبل.
كأن الجدار نفسه بدأ يتكلم.
> "أربعة شاركوا في موتي…
ثلاثة دفنوا السر…
وواحدٌ فقط قال الحقيقة…
لكنه مات قبل أن يُصدّقه أحد."
---
قلبتُ الصفحة الأخيرة في دفتر الحاجة سُكينة، وكانت هناك رسالة غير مكتملة:
> "أخاف أن يعرف ابني الحقيقة…
لكني أخاف أكثر أن لا يعرفها أحد."
---
في تلك اللحظة، شعرت بشيء يقف خلفي.
لم ألتفت.
كان الهواء أبرد من أن يُحتمل، وظلي لم يعد يعكسني وحدي.
ثم جاءني صوت، صوتها، بصوتٍ لم أنساه منذ أن سمعت اسمها لأول مرة:
> "ضرغام… هل تُحب الحقيقة؟"
> "الحقيقة… لا تنقذك."
---الفصل الثامن: الذين كانوا خلف الباب
في تلك الليلة، لم أنم.
جلستُ على الأرض، أقرأ دفتر الحاجة سُكينة من جديد، كلمة كلمة، كأنني أقرأ كتابًا كُتب لي وحدي.
الصفحات الأخيرة كانت ملوّثة ببقع حبر جاف… أو دم قديم.
في أحد الجيوب داخل الغلاف، وجدتُ ورقة مطوية، وعليها بخط متردد:
الحائط الملعون.
المسجون فيه اسمٌ مات ولم يُذكَر… جسدٌ لم يُدفَن… دمعةٌ لم تُجفَّف.
رفعتُ المطرقة.
كانت أمي خلفي، تبكي بصمت، وتتمتم بكلمات لا أفهمها، كأنها تحاول أن تردّ شيئًا لا يُردّ.
زينب كانت تمسك الأطفال، تهمس لهم بشيء، لكن حوراء فقط كانت تنظر إليّ… لا تبكي، لا تخاف، فقط تُراقبني بعينيها الواسعتين، وكأنها تعرف ما سيحدث قبل أن يحدث.
أغمضتُ عيني.
وضربت.
---
الضربة الأولى لم تكسر الجدار…
لكنها كسرت شيئًا آخر.
الهواء تغيّر، كأن أحدًا سُحب من الغرفة، أو كأن الغرفة نفسها شهقت.
ثم أتت الضربة الثانية… فالثالثة… حتى انشقَّت طبقة من الطلاء، وتساقط منها غبار أسود، برائحة قديمة… رائحة دخان، ودم، وتراب.
ثم سقطت أول قطعة من الطوب.
ومن خلفها…
خرجت رائحة موت.
---
تراجعتُ للحظة.
أمي صرخت:
> "يكفي يا ضرغام… ماذا تفعل؟ هذا ليس لك!"
لكني لم أتوقّف.
كنت أعرف، لا بعقلي… بل بشيءٍ في دمي، أن ما خلف هذا الجدار لا يجب أن يُبقى فيه أكثر.
ضربتُ من جديد…
ومع كل ضربة، كأن صرخةً تُولد في الغرفة.
كأن أحدهم يُقتَل من جديد.
وفي النهاية… سقط جزء من الجدار، وانكشفت فجوة مظلمة.
أدخلتُ المصباح ببطء…
فوجدتُ تابوتًا خشبيًا صغيرًا، ملفوفًا بأقمشة قديمة، وعليه نقش مطموس بالكاد تُقرأ منه كلمة واحدة:
> "زهراء"
---
لم أقترب.
شيء ما في الجو تغيّر فجأة.
الصمت صار ثقيلًا… ميتًا.
كأن كل صوت في العالم توقّف لحظة رؤيتي للتابوت.
ثم… صدر من داخله صوت خافت، أنثوي، مكسور:
> "ضرغام… شكرًا لأنك عدت…"
---
تراجعتُ، يدي ترتجف، نظرت إلى زينب، كانت تبكي بصمت، أما أمي… فجلست على الأرض، كأنها عادت خمسين سنة إلى الوراء.
قالت:
> "أقسمنا أن لا يُفتح…
أقسمنا نحن الأربعة… أنا، وأبوك، والحاجة سُكينة، والخال علوان."
> "لكن لم نسأل أنفسنا: وماذا أقسمت هي؟"
---
خرجتُ من الغرفة، أغلقت الباب، لكنني كنت أعرف أن كل شيء تغيّر.
منذ تلك اللحظة، لم يكن البيت كما كان.
الجدران صارت أضيق.
الضوء أضعف.
والليل… أطول.
وزهراء…
لم تعد خلف الحائط.
---
الفصل السابع: من لم يُدفَن… لا ينام
منذ أن فتحت الجدار، تغيّر كل شيء.
لم أعد أرى العالم بنفس الطريقة.
حتى الهواء الذي أتنفسه… صار ثقيلاً، كأن البيت نفسه يتذكّر.
---
أبي لم يخرج من غرفته منذ تلك الليلة.
كان يضع وشاحًا أسود على عينيه، يردد شيئًا بصوتٍ منخفض، كأنه يحاول نسيان صورٍ تعيش داخله.
أمّا أمي… فكانت تجلس أمام باب الغرفة المغلقة، لا تتكلم، لا تنام، فقط تهمس:
> "اللي ما ينقبر… ما يسكت."
"واللي ينظلم… ما ينسى."
"وزهراء… ما نسيت."
---
زينب بدأت ترى أشياء.
قالت لي ذات صباح وهي شاحبة:
> "ضرغام… لما أكون بالمطبخ، أشوف بنت واقفة عند الحوش… تناديني بإسمي، وتقول لي: (رجّعيني)."
> "ولما أروح للمرايا، ألقى نفسي… مو أنا."
---
أما الأطفال…
فآدم أصبح يصرخ في نومه، يصحو كل ليلة وهو يبكي ويصرخ:
> "طلعوها! دخيلكم، طلّعوها! النار بعدها تاكلها!"
وحوراء… توقّفت عن الكلام تمامًا.
لكنها كانت تكتب.
تكتب على الجدران، على الأبواب، على لعبها، كلمات لا تُشبه عمرها.
أكثرها تكرارًا كانت:
> "هي لم تخرج وحدها."
---
في إحدى الليالي، استيقظت على صوت خافت يأتي من فوق… صوت خطوات.
لكن الغريب، أنها لم تكن تمشي على الأرض…
بل على السقف.
رفعت رأسي من الفراش، وكانت زينب تنظر نحوي.
قالت بصوتٍ منخفض:
> "زهراء فوقك… تمشي من أول الليل… تنتظرك."
---
صعدتُ إلى الغرفة المغلقة.
المصباح في يدي، والمطرقة في الأخرى.
كان الباب مفتوحًا.
الهواء في الداخل بارد… ومشبّع برائحة التراب القديم.
نظرتُ داخل الفجوة.
النعش لا يزال مكانه… لكن الغطاء مكسور، مائل.
كان فارغًا.
---
على الجدار المقابل، ظهرت كلمات جديدة.
لم أكتبها… ولم أقرأها من قبل.
كأن الجدار نفسه بدأ يتكلم.
> "أربعة شاركوا في موتي…
ثلاثة دفنوا السر…
وواحدٌ فقط قال الحقيقة…
لكنه مات قبل أن يُصدّقه أحد."
---
قلبتُ الصفحة الأخيرة في دفتر الحاجة سُكينة، وكانت هناك رسالة غير مكتملة:
> "أخاف أن يعرف ابني الحقيقة…
لكني أخاف أكثر أن لا يعرفها أحد."
---
في تلك اللحظة، شعرت بشيء يقف خلفي.
لم ألتفت.
كان الهواء أبرد من أن يُحتمل، وظلي لم يعد يعكسني وحدي.
ثم جاءني صوت، صوتها، بصوتٍ لم أنساه منذ أن سمعت اسمها لأول مرة:
> "ضرغام… هل تُحب الحقيقة؟"
> "الحقيقة… لا تنقذك."
---الفصل الثامن: الذين كانوا خلف الباب
في تلك الليلة، لم أنم.
جلستُ على الأرض، أقرأ دفتر الحاجة سُكينة من جديد، كلمة كلمة، كأنني أقرأ كتابًا كُتب لي وحدي.
الصفحات الأخيرة كانت ملوّثة ببقع حبر جاف… أو دم قديم.
في أحد الجيوب داخل الغلاف، وجدتُ ورقة مطوية، وعليها بخط متردد:
❤4
> "إلى من يأتي بعدي…
كنت شاهدة، ولم أكن القاتلة.
لكني صمتُّ… وهذا كان يكفي لدفنها."
---
بدأت تتكشّف الأسماء…
أبي، الحاجة سُكينة، الخال علوان…
لكن من هو الرابع؟
قلبتُ الصفحة، وهناك، وجدتُ صورة قديمة، بالأبيض والأسود.
كان فيها رجلٌ لا أعرفه.
في الخلف، مكتوب:
> "رشيد… من لم يحتمل الكتمان، ولا استطاع الكلام."
بحثتُ بين الأوراق… فوجدت شيئًا لم يكن من ضمن المذكرات.
ورقة منفصلة، مهترئة، كأنها كانت مخبأة منذ زمن طويل.
كانت مكتوبة بخط رجولي، مرتبك:
---
"شهادة رشيد"
كانوا أربعة حين وُلدت الكارثة.
زهراء لم تكن مجنونة، بل شاهدة على ما لا يجب أن يُرى.
رأت شيئًا في البيت… شيئًا دفنوه قبلها، ثم أرادت أن تتكلم.
فأرادوا إسكاتها.
لم يقتلوها بأيديهم… لكنهم تركوها هناك، تنزف تحت الجدار، بعد أن أقنعوها أن ما رأته كذب، وأنها كانت تهذي.
لكنها لم تكن تهذي. وأنا كنت معها.
وحين ماتت، كنتُ الوحيد الذي حاول أن يحفر… فهدّدوني.
قالوا: إن فتحت فمك… لن تُدفن بجسدك.
كتبت هذا وأنا أعلم أنني سأموت قريبًا.
لكن من سيقرأ هذه الكلمات بعدي، سيعرف أن الجدار لا يضم زهراء وحدها…
بل شيئًا آخر.
---
طويتُ الورقة… ورفعت بصري نحو الحائط.
الغرفة كانت صامتة.
لكنني بدأت أسمع الأصوات من جديد.
لم تكن زهراء فقط…
بل أربعة… خمسة… أكثر.
كلهم خلف الحائط.
كلهم يتهامسون… يندبون… يبكون.
ثم جاء صوت حوراء، من الطابق السفلي، وهي تهمس بصوت غير صوتها:
> "بابا… هي مو وحدها…
الناس اللي سكتوا… رجعت تاخذهم."
---
في اليوم التالي، استيقظنا على صراخ.
كان صوت أبي.
ركضتُ إلى غرفته… ووجدته يرتجف على الأرض، يشير إلى الحائط:
> "كانت واقفة هناك… زهراء، وشخص ثاني… أنا ما عرفته."
> "قال لي: الدور عليك."
---
البيت لم يعد يحتمل الصمت.
الأصوات تُسمع من كل زاوية.
ظلال تمر أمام العيون.
وجوه تظهر في المرايا ثم تختفي.
حتى زينب، بدأت تقول لي:
> "أنا ما نمت من يومين، لأن كل ما أغمض عيوني، أشوفهم حولي.
كأنهم يحاولون يلمسوني… بس مو بيدين."
---
وفي الليلة الأخيرة من الشهر… رأيت الباب.
باب خشبي لم يكن موجودًا من قبل، وسط الحائط المكسور.
بابٌ ضيق… تحيطه كتابة بلغة غريبة.
كان مغلقًا.
لكن صوته… كان يُنادي.
> "من لم يَدخله… لن يعرف.
ومن دخل… لا يعود."
---
الفصل التاسع: الذي دفنها بيديه
في الليلة التالية، وجدت أبي جالسًا في الممر.
عينيه مفتوحتان على فراغ، يشبه ما بعد الكوابيس.
لم يتكلّم، ولم يلتفت.
لكنني عرفت أنه ينتظرني.
جلستُ قربه بصمت.
بعد دقائق طويلة، قال:
> "أنا اللي كنت أول واحد يرفع الطوب…
أول واحد يحفر الجدار…
أول واحد يدفن زهراء."
---
أردتُ أن أصرخ.
لكني بقيت ساكتًا.
كأن جسدي رفض أن يُكذّب ما سمعه.
أكمل، بصوتٍ خافت:
> "زهراء كانت تشوف أشياء من كانت طفلة…
تتكلم مع ناس ما نشوفهم، تصرخ بنص الليل تقول: لا تطلعوا من الجدار!"
> "كنا نظنها تهذي… سُكينة قالت: البنت ممسوسة.
والخال علوان قال: لازم نقرالها، أو نربطها."
> "لكن رشيد… كان يصدّقها.
كان يحبها… أكثر من أخته."
---
أشعل سيجارة، وسكت.
ثم قال:
> "في يوم… اختفت.
بحثنا عنها يومين.
وفي الأخير… لقيناها تحت السلم، تبكي، جسمها بارد، وعينيها مفتوحتين على شي مو من هالعالم."
> "قالت: رجّعوه… رجّعوه من الجدار."
> "سألتها: منو؟
قالت: اللي انقتل قبل ما أولد… واللي ما اندفن."
> "وقتها عرفنا… إن الجدار مو فاضي."
---
تنهد وقال:
> "كنا نعرف إن بالبيت سرّ قديم.
جريمة من أيام الجدّ الأكبر…
قَتلوا واحد، ودفنوه ورا الحايط، وقالوا: انتهى."
> "لكن زهراء كانت تسمعه."
> "وفي ليلة… لقيناها تنزف، ووجهها كله كدمات، وما كانت تصرخ… بس تقول: (هو مو لحاله)."
> "قررنا نكتم كل شيء.
سُكينة قالت: (لو انكشفت القصة، راح ياخذنا واحد واحد.)
وعلوان قال: (لازم نحبسها معاه).
وأنا… كنت جبان.
ساكت."
---
توقف.
نظر إليّ لأول مرة، ثم قال:
> "لكن إنت، ضرغام… إنت كسرت الجدار.
إنت رجّعت اللي كنا نظنه مات."
> "وزهراء؟
ما رجعت… لأن الحقيقة بس تكشف، ما تشفي."
---
ثم اقترب مني، ووضع يده على كتفي.
همس:
> "باب الأرواح؟
لا تفتحه."
> "لأن اللي ورا الباب… مو ميت.
لكن لو طلّعته… راح ياخذ كل شي."
---
وفي تلك الليلة، عندما فتحتُ عيني فجأة على صرخة حوراء،
ركضتُ نحوها…
فوجدتها واقفة عند الجدار المكسور، تشير إلى الباب القديم الذي لم يكن له مقبض.
وقالت بصوتٍ غير صوتها:
> "بابا… هو نادى باسمي."
---الفصل العاشر: وراء الباب
في الليلة الرابعة بعد اعتراف أبي، لم يعد البيت يصمت.
كل الجدران تنينٌ يتنفس.
كل ظلٍّ يُشبه يدًا تمتد من بعيد.
حتى الأصوات… لم تعد تهمس.
بل تنادي.
> "ضرغام…
افتح الباب."
---
كنت شاهدة، ولم أكن القاتلة.
لكني صمتُّ… وهذا كان يكفي لدفنها."
---
بدأت تتكشّف الأسماء…
أبي، الحاجة سُكينة، الخال علوان…
لكن من هو الرابع؟
قلبتُ الصفحة، وهناك، وجدتُ صورة قديمة، بالأبيض والأسود.
كان فيها رجلٌ لا أعرفه.
في الخلف، مكتوب:
> "رشيد… من لم يحتمل الكتمان، ولا استطاع الكلام."
بحثتُ بين الأوراق… فوجدت شيئًا لم يكن من ضمن المذكرات.
ورقة منفصلة، مهترئة، كأنها كانت مخبأة منذ زمن طويل.
كانت مكتوبة بخط رجولي، مرتبك:
---
"شهادة رشيد"
كانوا أربعة حين وُلدت الكارثة.
زهراء لم تكن مجنونة، بل شاهدة على ما لا يجب أن يُرى.
رأت شيئًا في البيت… شيئًا دفنوه قبلها، ثم أرادت أن تتكلم.
فأرادوا إسكاتها.
لم يقتلوها بأيديهم… لكنهم تركوها هناك، تنزف تحت الجدار، بعد أن أقنعوها أن ما رأته كذب، وأنها كانت تهذي.
لكنها لم تكن تهذي. وأنا كنت معها.
وحين ماتت، كنتُ الوحيد الذي حاول أن يحفر… فهدّدوني.
قالوا: إن فتحت فمك… لن تُدفن بجسدك.
كتبت هذا وأنا أعلم أنني سأموت قريبًا.
لكن من سيقرأ هذه الكلمات بعدي، سيعرف أن الجدار لا يضم زهراء وحدها…
بل شيئًا آخر.
---
طويتُ الورقة… ورفعت بصري نحو الحائط.
الغرفة كانت صامتة.
لكنني بدأت أسمع الأصوات من جديد.
لم تكن زهراء فقط…
بل أربعة… خمسة… أكثر.
كلهم خلف الحائط.
كلهم يتهامسون… يندبون… يبكون.
ثم جاء صوت حوراء، من الطابق السفلي، وهي تهمس بصوت غير صوتها:
> "بابا… هي مو وحدها…
الناس اللي سكتوا… رجعت تاخذهم."
---
في اليوم التالي، استيقظنا على صراخ.
كان صوت أبي.
ركضتُ إلى غرفته… ووجدته يرتجف على الأرض، يشير إلى الحائط:
> "كانت واقفة هناك… زهراء، وشخص ثاني… أنا ما عرفته."
> "قال لي: الدور عليك."
---
البيت لم يعد يحتمل الصمت.
الأصوات تُسمع من كل زاوية.
ظلال تمر أمام العيون.
وجوه تظهر في المرايا ثم تختفي.
حتى زينب، بدأت تقول لي:
> "أنا ما نمت من يومين، لأن كل ما أغمض عيوني، أشوفهم حولي.
كأنهم يحاولون يلمسوني… بس مو بيدين."
---
وفي الليلة الأخيرة من الشهر… رأيت الباب.
باب خشبي لم يكن موجودًا من قبل، وسط الحائط المكسور.
بابٌ ضيق… تحيطه كتابة بلغة غريبة.
كان مغلقًا.
لكن صوته… كان يُنادي.
> "من لم يَدخله… لن يعرف.
ومن دخل… لا يعود."
---
الفصل التاسع: الذي دفنها بيديه
في الليلة التالية، وجدت أبي جالسًا في الممر.
عينيه مفتوحتان على فراغ، يشبه ما بعد الكوابيس.
لم يتكلّم، ولم يلتفت.
لكنني عرفت أنه ينتظرني.
جلستُ قربه بصمت.
بعد دقائق طويلة، قال:
> "أنا اللي كنت أول واحد يرفع الطوب…
أول واحد يحفر الجدار…
أول واحد يدفن زهراء."
---
أردتُ أن أصرخ.
لكني بقيت ساكتًا.
كأن جسدي رفض أن يُكذّب ما سمعه.
أكمل، بصوتٍ خافت:
> "زهراء كانت تشوف أشياء من كانت طفلة…
تتكلم مع ناس ما نشوفهم، تصرخ بنص الليل تقول: لا تطلعوا من الجدار!"
> "كنا نظنها تهذي… سُكينة قالت: البنت ممسوسة.
والخال علوان قال: لازم نقرالها، أو نربطها."
> "لكن رشيد… كان يصدّقها.
كان يحبها… أكثر من أخته."
---
أشعل سيجارة، وسكت.
ثم قال:
> "في يوم… اختفت.
بحثنا عنها يومين.
وفي الأخير… لقيناها تحت السلم، تبكي، جسمها بارد، وعينيها مفتوحتين على شي مو من هالعالم."
> "قالت: رجّعوه… رجّعوه من الجدار."
> "سألتها: منو؟
قالت: اللي انقتل قبل ما أولد… واللي ما اندفن."
> "وقتها عرفنا… إن الجدار مو فاضي."
---
تنهد وقال:
> "كنا نعرف إن بالبيت سرّ قديم.
جريمة من أيام الجدّ الأكبر…
قَتلوا واحد، ودفنوه ورا الحايط، وقالوا: انتهى."
> "لكن زهراء كانت تسمعه."
> "وفي ليلة… لقيناها تنزف، ووجهها كله كدمات، وما كانت تصرخ… بس تقول: (هو مو لحاله)."
> "قررنا نكتم كل شيء.
سُكينة قالت: (لو انكشفت القصة، راح ياخذنا واحد واحد.)
وعلوان قال: (لازم نحبسها معاه).
وأنا… كنت جبان.
ساكت."
---
توقف.
نظر إليّ لأول مرة، ثم قال:
> "لكن إنت، ضرغام… إنت كسرت الجدار.
إنت رجّعت اللي كنا نظنه مات."
> "وزهراء؟
ما رجعت… لأن الحقيقة بس تكشف، ما تشفي."
---
ثم اقترب مني، ووضع يده على كتفي.
همس:
> "باب الأرواح؟
لا تفتحه."
> "لأن اللي ورا الباب… مو ميت.
لكن لو طلّعته… راح ياخذ كل شي."
---
وفي تلك الليلة، عندما فتحتُ عيني فجأة على صرخة حوراء،
ركضتُ نحوها…
فوجدتها واقفة عند الجدار المكسور، تشير إلى الباب القديم الذي لم يكن له مقبض.
وقالت بصوتٍ غير صوتها:
> "بابا… هو نادى باسمي."
---الفصل العاشر: وراء الباب
في الليلة الرابعة بعد اعتراف أبي، لم يعد البيت يصمت.
كل الجدران تنينٌ يتنفس.
كل ظلٍّ يُشبه يدًا تمتد من بعيد.
حتى الأصوات… لم تعد تهمس.
بل تنادي.
> "ضرغام…
افتح الباب."
---
❤2
كان الباب لا يزال بلا مقبض.
لكن حوراء، ذات الخمس سنوات، وقفت أمامه، ومدّت يدها الصغيرة نحو لا شيء…
فانفتح.
صوت الخشب حين انشق، لم يكن كصوت باب.
بل كصرخة.
---
وراء الباب، لم يكن هناك جدار.
ولا غرفة.
كان هناك ممر ضيق، معتم، تنزل درجاته إلى تحت الأرض.
رائحة تراب، وبخور ميت، وصمتٍ عميق.
نزلتُ، حاملاً ضوءًا صغيرًا، وكلمات الحاجة سُكينة في ذهني:
> "من لم يخرج، بقي بينهم."
---
الممر لم يكن طويلًا… لكنه لم ينتهِ.
كل خطوةٍ فيه، شعرت أنها أطول من التي قبلها.
ثم بدأ الضوء يخفت…
لكن على الجدران، بدأت تظهر رسومات: وجوه مشوهة، عيون واسعة، أفواه مفتوحة تصرخ، لكن بلا صوت.
وفي آخر الممر… غرفة.
---
دلفتُ إليها.
كان سقفها منخفضًا، وجدرانها من الحجر.
وفي منتصفها… شاهد قبر بلا اسم.
وعلى الحائط خلفه، حُفرت كلمات بلغة عربية قديمة:
> "من يُدفَن بلا حق، يعود بحقّ الغضب."
فجأة… سقط الضوء.
ظلمة كاملة.
ثم... بصوتٍ خلفي:
> "كنتُ هنا قبلكم."
"وسأبقى… بعدكم."
---
التفتُّ، لم أرَ شيئًا.
لكن أحسست بالهواء يتحرك، كأن هناك جسدًا يمرّ قربي.
ثم… يد باردة أمسكت بمعصمي.
وصوت زهراء:
> "ضرغام… لا تطلع وحدك."
"هو اختارك."
> "لأنك… ابنه."
---
تجمدت الدماء في عروقي.
> "ابنه؟ من؟"
لكن الصوت لم يجب.
بل بدأ يضحك… ضحكة خافتة، تتردد في الجدران، وتتشظّى كأصداء من قبوٍ لا نهاية له.
ثم ظهرت على الجدار كلمات جديدة، لم تكن منقوشة… بل كُتبت الآن، أمام عيني:
> "المدفون الأول… هو الجد الذي لم يُدفَن."
> "وهو… لم ينسَ اسمه."
> "ولا ذريّته."
---
عدتُ إلى الأعلى، لا أتذكر كم بقيت تحت.
وجه زينب كان شاحبًا، وعيناها دامعتان.
قالت:
> "كل المرايا في البيت… انكسرت."
"حتى ساعة الحائط… توقفت عند ساعة نزولك."
نظرت إلى الساعة.
الوقت كان:
> 3:13.
---
في الليلة التالية… وُلد الاسم.
زهراء ظهرت لي في المنام.
لكنها لم تكن تصرخ هذه المرة.
قالت:
> "المدفون الأول… اسمه صُهيب بن راشد."
"وجدّك هو من دفنه… بعد أن قتله في نزاع على الميراث."
> "لكن صُهيب… كان يملك شيئًا لا يُدفَن."
> "كان يعرف كيف يعود."
---
الفصل الحادي عشر: الجريمة الأولى
في تلك الليلة، لم أغمض عيني.
كنت أستمع إلى صوت الساعة — توقفت عقاربها، لكنها تطرق الجدار… كأنها تدقّ على قبر قديم.
وفجأة، شعرت بثقلٍ في صدري.
لم أكن نائمًا… ولم أكن مستيقظًا.
لكنّي كنت هناك.
---
رأيت نفسي واقفًا في أرض جرداء، والبيت لم يُبنَ بعد.
مجرد أطلال، وأكوام من الطين والأحجار.
وعند منتصف الساحة… رجلان.
واحد منهم طويل، عريض الكتفين، يحمل بيده فأسًا.
الآخر أنحف، يلبس رداءً أبيض، وعيناه تشعّان غضبًا ودهشة.
كانا يتجادلان.
ثم سمعت اسميهما:
> "صُهيب! هذا ليس حقك!"
"راشد، لا ترث دمًا لست أهله!"
الطويل… كان جدّي الأكبر: راشد.
والآخر… صُهيب.
---
تقدّمتُ لأرى، لكن لم يراني أحد.
كنت ظلًا في المشهد.
ثم جاء الصوت… ضربة واحدة.
الفأس على الرأس.
صُهيب سقط.
لم يمت فورًا.
بل قال كلمات، كانت بدايتها بلغة لا أعرفها، ثم ختمها:
> "لن أُدفن إلا إن دفنني نسلُك بيديه."
> "وسيعود اسمي إليكم… كالعطش في فم الميت."
---
رأيت راشد يدفنه تحت الأرض، وحده، دون شاهد، دون كفن.
ثم بصق على التراب، وقال:
> "أنت ما كنت تستحق اسم العائلة."
"لن يذكرك أحد."
لكنه كان مخطئًا.
---
عندما صحوت… كانت يدي متّسخة بالتراب.
وتحتي، على الأرض، كتبت يدٌ غير مرئية اسمًا بخط الفحم:
> "صُهيب... لا يُنسى."
---
منذ تلك الليلة، بدأ البيت يتغير.
المرايا لا تعكس وجهي بالكامل.
الصور تتحرك في الإطارات.
والأطفال… بدأوا يتكلمون أثناء نومهم بكلمات لم أعلّمهم إياها.
آدم قال ذات صباح:
> "بابا، هو ما يريد زهراء… يريد يرجّع اسمه."
> "قال لازم تناديه."
---
في الليلة القادمة، سأدخل الغرفة التي لم يجرؤ أحد على فتحها من قبل.
غرفة جدي راشد، المغلقة منذ عقود.
سمعت أبي يهمس في نومه:
> "لا تفتح الغرفة… هو هناك، ينتظر اسمه."
---
الفصل الثاني عشر: غرفة راشد
الغرفة تقع في نهاية الممر الطويل، خلف باب خشبي داكن، بلا رقم، بلا نافذة.
كلّما مررت بقربها سابقًا، كنت أشعر ببرودة تخرج من تحت الباب.
أما الآن، فقد قررت أن أفتحها.
---
فتحت الباب ببطء… فصرّ كما لو أنه يئنّ من الألم.
الغرفة كانت صغيرة، لكنها ممتلئة برائحة الرطوبة والعفن القديم.
أثاثها مغطى بملاءات بيضاء، كأنها توابيت نائمة.
والجدران… كانت مغطاة بصور، لكنها ليست صورًا عادية.
---
اقتربت من أول صورة.
كانت بالأبيض والأسود… لرجل يشبهني إلى حدّ مزعج.
كان يبتسم، لكن ابتسامته معلّقة، كأنها مجرّد قناع.
تحت الصورة:
> "راشد، 1924"
الصورة التالية… لصُهيب.
لكني لم أكن أعرف كيف عرفت.
لكن حوراء، ذات الخمس سنوات، وقفت أمامه، ومدّت يدها الصغيرة نحو لا شيء…
فانفتح.
صوت الخشب حين انشق، لم يكن كصوت باب.
بل كصرخة.
---
وراء الباب، لم يكن هناك جدار.
ولا غرفة.
كان هناك ممر ضيق، معتم، تنزل درجاته إلى تحت الأرض.
رائحة تراب، وبخور ميت، وصمتٍ عميق.
نزلتُ، حاملاً ضوءًا صغيرًا، وكلمات الحاجة سُكينة في ذهني:
> "من لم يخرج، بقي بينهم."
---
الممر لم يكن طويلًا… لكنه لم ينتهِ.
كل خطوةٍ فيه، شعرت أنها أطول من التي قبلها.
ثم بدأ الضوء يخفت…
لكن على الجدران، بدأت تظهر رسومات: وجوه مشوهة، عيون واسعة، أفواه مفتوحة تصرخ، لكن بلا صوت.
وفي آخر الممر… غرفة.
---
دلفتُ إليها.
كان سقفها منخفضًا، وجدرانها من الحجر.
وفي منتصفها… شاهد قبر بلا اسم.
وعلى الحائط خلفه، حُفرت كلمات بلغة عربية قديمة:
> "من يُدفَن بلا حق، يعود بحقّ الغضب."
فجأة… سقط الضوء.
ظلمة كاملة.
ثم... بصوتٍ خلفي:
> "كنتُ هنا قبلكم."
"وسأبقى… بعدكم."
---
التفتُّ، لم أرَ شيئًا.
لكن أحسست بالهواء يتحرك، كأن هناك جسدًا يمرّ قربي.
ثم… يد باردة أمسكت بمعصمي.
وصوت زهراء:
> "ضرغام… لا تطلع وحدك."
"هو اختارك."
> "لأنك… ابنه."
---
تجمدت الدماء في عروقي.
> "ابنه؟ من؟"
لكن الصوت لم يجب.
بل بدأ يضحك… ضحكة خافتة، تتردد في الجدران، وتتشظّى كأصداء من قبوٍ لا نهاية له.
ثم ظهرت على الجدار كلمات جديدة، لم تكن منقوشة… بل كُتبت الآن، أمام عيني:
> "المدفون الأول… هو الجد الذي لم يُدفَن."
> "وهو… لم ينسَ اسمه."
> "ولا ذريّته."
---
عدتُ إلى الأعلى، لا أتذكر كم بقيت تحت.
وجه زينب كان شاحبًا، وعيناها دامعتان.
قالت:
> "كل المرايا في البيت… انكسرت."
"حتى ساعة الحائط… توقفت عند ساعة نزولك."
نظرت إلى الساعة.
الوقت كان:
> 3:13.
---
في الليلة التالية… وُلد الاسم.
زهراء ظهرت لي في المنام.
لكنها لم تكن تصرخ هذه المرة.
قالت:
> "المدفون الأول… اسمه صُهيب بن راشد."
"وجدّك هو من دفنه… بعد أن قتله في نزاع على الميراث."
> "لكن صُهيب… كان يملك شيئًا لا يُدفَن."
> "كان يعرف كيف يعود."
---
الفصل الحادي عشر: الجريمة الأولى
في تلك الليلة، لم أغمض عيني.
كنت أستمع إلى صوت الساعة — توقفت عقاربها، لكنها تطرق الجدار… كأنها تدقّ على قبر قديم.
وفجأة، شعرت بثقلٍ في صدري.
لم أكن نائمًا… ولم أكن مستيقظًا.
لكنّي كنت هناك.
---
رأيت نفسي واقفًا في أرض جرداء، والبيت لم يُبنَ بعد.
مجرد أطلال، وأكوام من الطين والأحجار.
وعند منتصف الساحة… رجلان.
واحد منهم طويل، عريض الكتفين، يحمل بيده فأسًا.
الآخر أنحف، يلبس رداءً أبيض، وعيناه تشعّان غضبًا ودهشة.
كانا يتجادلان.
ثم سمعت اسميهما:
> "صُهيب! هذا ليس حقك!"
"راشد، لا ترث دمًا لست أهله!"
الطويل… كان جدّي الأكبر: راشد.
والآخر… صُهيب.
---
تقدّمتُ لأرى، لكن لم يراني أحد.
كنت ظلًا في المشهد.
ثم جاء الصوت… ضربة واحدة.
الفأس على الرأس.
صُهيب سقط.
لم يمت فورًا.
بل قال كلمات، كانت بدايتها بلغة لا أعرفها، ثم ختمها:
> "لن أُدفن إلا إن دفنني نسلُك بيديه."
> "وسيعود اسمي إليكم… كالعطش في فم الميت."
---
رأيت راشد يدفنه تحت الأرض، وحده، دون شاهد، دون كفن.
ثم بصق على التراب، وقال:
> "أنت ما كنت تستحق اسم العائلة."
"لن يذكرك أحد."
لكنه كان مخطئًا.
---
عندما صحوت… كانت يدي متّسخة بالتراب.
وتحتي، على الأرض، كتبت يدٌ غير مرئية اسمًا بخط الفحم:
> "صُهيب... لا يُنسى."
---
منذ تلك الليلة، بدأ البيت يتغير.
المرايا لا تعكس وجهي بالكامل.
الصور تتحرك في الإطارات.
والأطفال… بدأوا يتكلمون أثناء نومهم بكلمات لم أعلّمهم إياها.
آدم قال ذات صباح:
> "بابا، هو ما يريد زهراء… يريد يرجّع اسمه."
> "قال لازم تناديه."
---
في الليلة القادمة، سأدخل الغرفة التي لم يجرؤ أحد على فتحها من قبل.
غرفة جدي راشد، المغلقة منذ عقود.
سمعت أبي يهمس في نومه:
> "لا تفتح الغرفة… هو هناك، ينتظر اسمه."
---
الفصل الثاني عشر: غرفة راشد
الغرفة تقع في نهاية الممر الطويل، خلف باب خشبي داكن، بلا رقم، بلا نافذة.
كلّما مررت بقربها سابقًا، كنت أشعر ببرودة تخرج من تحت الباب.
أما الآن، فقد قررت أن أفتحها.
---
فتحت الباب ببطء… فصرّ كما لو أنه يئنّ من الألم.
الغرفة كانت صغيرة، لكنها ممتلئة برائحة الرطوبة والعفن القديم.
أثاثها مغطى بملاءات بيضاء، كأنها توابيت نائمة.
والجدران… كانت مغطاة بصور، لكنها ليست صورًا عادية.
---
اقتربت من أول صورة.
كانت بالأبيض والأسود… لرجل يشبهني إلى حدّ مزعج.
كان يبتسم، لكن ابتسامته معلّقة، كأنها مجرّد قناع.
تحت الصورة:
> "راشد، 1924"
الصورة التالية… لصُهيب.
لكني لم أكن أعرف كيف عرفت.
❤2
فهو لم يُذكر في شجرة العائلة.
لكنه كان هناك…
وعيناه تحملان الغضب نفسه الذي رأيته في الرؤية.
---
كان في الزاوية صندوق خشبي.
فتحته، فوجدت دفترًا صغيرًا… أوراقه صفراء ومتآكلة.
عنوانه:
> "اعترافات راشد بن محمود"
بدأت أقرأ.
---
من صفحات الدفتر:
> "أنا راشد… أنا الذي دفنت أخي صُهيب، لكني لم أقتله من أجل المال."
"لقد قتلتُه لأنه لم يكن إنسانًا."
> "في ليلة، رأيته يخرج من الحقل، وثيابه مبللة، يتكلم بلغة لا أعرفها، يحمل في يده شيئًا يشبه العظم."
> "كان يتحدث مع شيء لا يُرى… يبكي ثم يضحك."
"وقال لي: (أنا لا أموت. أنا أستدعي موتكم أنتم)."
> "خفتُ منه… وقتلتُه."
> "لكن كل ليل… كنت أسمع اسمه يُنادى من الجدران."
---
أغلقتُ الدفتر.
الغرفة بدأت تبرد أكثر، وكأن الهواء فيها غادر.
ثم...
من المرآة في الزاوية، رأيت رجلاً يقف خلفي.
لم يكن هناك حين التفت.
لكنه قال:
> "يا ضرغام… اسمي لا يُنسى."
> "أنت ابني الآن."
---
عدتُ إلى عائلتي، كنت شاحبًا.
زينب سألتني:
> "وجهك مو طبيعي، شبيك؟"
قلت:
> "هو اختارني."
آدم، الذي كان يرسم، رفع الورقة وقال:
> "بابا، شوف… هذا بيتنا بعد ما يرجع."
كانت الصورة… للبيت وهو يحترق.
وفي وسط النار: وجهٌ يشبه وجهي.
---الفصل الثالث عشر: الشعائر
في صباح اليوم التالي، استيقظتُ على صوت القرآن يتردد من غرفة حوراء.
لكنها كانت وحدها.
جالسة على الأرض، عيناها نصف مغمضتين، تهمس بكلمات لم أفهمها.
اقتربتُ منها ببطء، جلست أمامها.
نظرت إليّ وقالت بصوت غير صوتها:
> "ضرغام، الوقت انتهى."
"إما أن تُكمل… أو يأخذون آدم."
---
مسكتُ رأسها، وقلت:
> "شكو بيچ حوراء؟! منو علمچ هالحچي؟!"
لكنها ضحكت.
ضحكة خافتة… مألوفة.
ليست ضحكة ابنتي.
بل ضحكة "زهراء"، حين كانت تغيب عن وعيها، وتتكلم بلسان الغائب.
---
ذهبتُ إلى الحاجة سُكينة.
لم تكن نائمة، ولم تكن مريضة.
كانت تنتظرني، كأنها تعرف أنني قادم.
قالت لي:
> "الشعائر لازم تكمّلها إنت، ضرغام.
لأنك ابن الدافن… وابن المدفون."
صُدمت.
> "شنو؟ شلون ابن الاثنين؟"
قالت:
> "جسدك من راشد، بس روحك… من صُهيب.
هو اختارك لأنك ولدت ساعة ماتت زهراء… والباب انفتح يومها."
---
أعطتني شيئًا.
كيس قماشي صغير، فيه:
قطعة من قماش صُهيب،
تراب من القبر،
شعر من زهراء،
ومرآة صغيرة مغطاة بقماش أسود.
قالت:
> "إذا تريد تخلص بيتكم من روحه… لازم تعيد الشعيرة الأصلية."
"لكن معكوسة."
---
الطقس:
في منتصف الليل، تحت ضوء شمعة واحدة،
عليك أن:
1. تدفن القماش في قلب البيت — في مركز الدار، حيث تتقاطع الغرف.
2. تكسر المرآة أمام اسم صُهيب — فتضع اسمه على الحائط، وتنظر في عينيك.
3. تردد ما قاله راشد، لكن بصوتك، وبنية العكس:
> "من يُدفن بلا حق، يعود بحقّ الغفران."
> "ومن يُنسى، يُذكر."
> "ومن قُتل، يُسامح."
---
وإن فشلت… أو إن قاطعتك الأرواح قبل أن تكمل:
> يُفتح الباب الأخير.
الباب الذي لا يُغلق بعدها أبدًا.
---
تبدأ الساعة تقترب من منتصف الليل.
زينب بدأت ترى الكوابيس، تقول إن آدم لم يعد يتكلم، وإن عينيه تغير لونهما.
البيت كله ينتظرك.
---الفصل الرابع عشر: زينب تنهار
كانت زينب تقف عند النافذة، تحدق في لا شيء.
الستائر لا تتحرك… لكن شعرها كان يتطاير كأن ريحًا تمرّ من خلال البيت.
ناديتُها:
> "زينب؟ حبيبتي؟"
لم ترد.
اقتربت منها، وضعت يدي على كتفها.
ارتجفت.
ثم التفتت نحوي…
وعيناها لم تكونا زينب.
---
قالت:
> "ليش ما گلتلي؟"
صوتها مكسور.
قلت:
> "عن شنو؟"
قالت:
> "من أول يوم شفنا البيت… حسّيت بشي، بس گلت أصبر.
من أول ليلة، حلمت بجثّة… تحتنا، تنادي."
ثم شهقت شهقة طويلة، وكأنها كانت تكتم أنفاسها لأيام.
> "أنا حملت بحوراء هنانا.
وما گلتلك… بس المرة الأولى، الجنين اختفى."
تراجعتُ.
> "زينب، شنو؟ شنو تقصدين؟"
قالت:
> "كنت حامل، أول مرّة… وسمّيته صُهيب.
حتى لو انت ما تعرف، هو قاللي الاسم بالمنام."
> "بعدها، اختفى…
الدكاترة گالوا ما عدكم جنين. بس أنا… أنا سمعت صراخه من الجدران."
---
انكسر شيء في صوتها.
قالت:
> "البيت مو يريد ياخذك…
هو خلاك. خلاك حتى ترجعله."
> "أنا شفت اسمك مكتوب على الحايط، حتى قبل ما نجي للبيت."
---
ثم رفعت قميصها.
على جسدها… كتابات غريبة، كأن أحدهم نقشها بالإبر، وهي نائمة.
قالت:
> "أنا صرت جزء من الطقس… من غير ما أعرف."
> "زينب ما بقت… الباقي بيّ، مو إلها."
---
كنت أسمع أنينًا خلفي.
نظرت، فوجدت آدم واقفًا، عاري القدمين، وجهه شاحب.
قال:
> "بابا… هو يريد الأم، قبل الولد."
> "إذا ما تبدأ الشعيرة… راح ياخذها."
---
سكتّ.
الساعة كانت تقترب من 12:00 تمامًا.
البيت بدأ يرتجف… الصور تسقط، الأبواب تُقفل وحدها.
لكنه كان هناك…
وعيناه تحملان الغضب نفسه الذي رأيته في الرؤية.
---
كان في الزاوية صندوق خشبي.
فتحته، فوجدت دفترًا صغيرًا… أوراقه صفراء ومتآكلة.
عنوانه:
> "اعترافات راشد بن محمود"
بدأت أقرأ.
---
من صفحات الدفتر:
> "أنا راشد… أنا الذي دفنت أخي صُهيب، لكني لم أقتله من أجل المال."
"لقد قتلتُه لأنه لم يكن إنسانًا."
> "في ليلة، رأيته يخرج من الحقل، وثيابه مبللة، يتكلم بلغة لا أعرفها، يحمل في يده شيئًا يشبه العظم."
> "كان يتحدث مع شيء لا يُرى… يبكي ثم يضحك."
"وقال لي: (أنا لا أموت. أنا أستدعي موتكم أنتم)."
> "خفتُ منه… وقتلتُه."
> "لكن كل ليل… كنت أسمع اسمه يُنادى من الجدران."
---
أغلقتُ الدفتر.
الغرفة بدأت تبرد أكثر، وكأن الهواء فيها غادر.
ثم...
من المرآة في الزاوية، رأيت رجلاً يقف خلفي.
لم يكن هناك حين التفت.
لكنه قال:
> "يا ضرغام… اسمي لا يُنسى."
> "أنت ابني الآن."
---
عدتُ إلى عائلتي، كنت شاحبًا.
زينب سألتني:
> "وجهك مو طبيعي، شبيك؟"
قلت:
> "هو اختارني."
آدم، الذي كان يرسم، رفع الورقة وقال:
> "بابا، شوف… هذا بيتنا بعد ما يرجع."
كانت الصورة… للبيت وهو يحترق.
وفي وسط النار: وجهٌ يشبه وجهي.
---الفصل الثالث عشر: الشعائر
في صباح اليوم التالي، استيقظتُ على صوت القرآن يتردد من غرفة حوراء.
لكنها كانت وحدها.
جالسة على الأرض، عيناها نصف مغمضتين، تهمس بكلمات لم أفهمها.
اقتربتُ منها ببطء، جلست أمامها.
نظرت إليّ وقالت بصوت غير صوتها:
> "ضرغام، الوقت انتهى."
"إما أن تُكمل… أو يأخذون آدم."
---
مسكتُ رأسها، وقلت:
> "شكو بيچ حوراء؟! منو علمچ هالحچي؟!"
لكنها ضحكت.
ضحكة خافتة… مألوفة.
ليست ضحكة ابنتي.
بل ضحكة "زهراء"، حين كانت تغيب عن وعيها، وتتكلم بلسان الغائب.
---
ذهبتُ إلى الحاجة سُكينة.
لم تكن نائمة، ولم تكن مريضة.
كانت تنتظرني، كأنها تعرف أنني قادم.
قالت لي:
> "الشعائر لازم تكمّلها إنت، ضرغام.
لأنك ابن الدافن… وابن المدفون."
صُدمت.
> "شنو؟ شلون ابن الاثنين؟"
قالت:
> "جسدك من راشد، بس روحك… من صُهيب.
هو اختارك لأنك ولدت ساعة ماتت زهراء… والباب انفتح يومها."
---
أعطتني شيئًا.
كيس قماشي صغير، فيه:
قطعة من قماش صُهيب،
تراب من القبر،
شعر من زهراء،
ومرآة صغيرة مغطاة بقماش أسود.
قالت:
> "إذا تريد تخلص بيتكم من روحه… لازم تعيد الشعيرة الأصلية."
"لكن معكوسة."
---
الطقس:
في منتصف الليل، تحت ضوء شمعة واحدة،
عليك أن:
1. تدفن القماش في قلب البيت — في مركز الدار، حيث تتقاطع الغرف.
2. تكسر المرآة أمام اسم صُهيب — فتضع اسمه على الحائط، وتنظر في عينيك.
3. تردد ما قاله راشد، لكن بصوتك، وبنية العكس:
> "من يُدفن بلا حق، يعود بحقّ الغفران."
> "ومن يُنسى، يُذكر."
> "ومن قُتل، يُسامح."
---
وإن فشلت… أو إن قاطعتك الأرواح قبل أن تكمل:
> يُفتح الباب الأخير.
الباب الذي لا يُغلق بعدها أبدًا.
---
تبدأ الساعة تقترب من منتصف الليل.
زينب بدأت ترى الكوابيس، تقول إن آدم لم يعد يتكلم، وإن عينيه تغير لونهما.
البيت كله ينتظرك.
---الفصل الرابع عشر: زينب تنهار
كانت زينب تقف عند النافذة، تحدق في لا شيء.
الستائر لا تتحرك… لكن شعرها كان يتطاير كأن ريحًا تمرّ من خلال البيت.
ناديتُها:
> "زينب؟ حبيبتي؟"
لم ترد.
اقتربت منها، وضعت يدي على كتفها.
ارتجفت.
ثم التفتت نحوي…
وعيناها لم تكونا زينب.
---
قالت:
> "ليش ما گلتلي؟"
صوتها مكسور.
قلت:
> "عن شنو؟"
قالت:
> "من أول يوم شفنا البيت… حسّيت بشي، بس گلت أصبر.
من أول ليلة، حلمت بجثّة… تحتنا، تنادي."
ثم شهقت شهقة طويلة، وكأنها كانت تكتم أنفاسها لأيام.
> "أنا حملت بحوراء هنانا.
وما گلتلك… بس المرة الأولى، الجنين اختفى."
تراجعتُ.
> "زينب، شنو؟ شنو تقصدين؟"
قالت:
> "كنت حامل، أول مرّة… وسمّيته صُهيب.
حتى لو انت ما تعرف، هو قاللي الاسم بالمنام."
> "بعدها، اختفى…
الدكاترة گالوا ما عدكم جنين. بس أنا… أنا سمعت صراخه من الجدران."
---
انكسر شيء في صوتها.
قالت:
> "البيت مو يريد ياخذك…
هو خلاك. خلاك حتى ترجعله."
> "أنا شفت اسمك مكتوب على الحايط، حتى قبل ما نجي للبيت."
---
ثم رفعت قميصها.
على جسدها… كتابات غريبة، كأن أحدهم نقشها بالإبر، وهي نائمة.
قالت:
> "أنا صرت جزء من الطقس… من غير ما أعرف."
> "زينب ما بقت… الباقي بيّ، مو إلها."
---
كنت أسمع أنينًا خلفي.
نظرت، فوجدت آدم واقفًا، عاري القدمين، وجهه شاحب.
قال:
> "بابا… هو يريد الأم، قبل الولد."
> "إذا ما تبدأ الشعيرة… راح ياخذها."
---
سكتّ.
الساعة كانت تقترب من 12:00 تمامًا.
البيت بدأ يرتجف… الصور تسقط، الأبواب تُقفل وحدها.
❤2💔1
والمرآة في منتصف الصالة… بدأت تُظهر وجهًا لا يشبه أيًّا منّا.
---
الفصل الخامس عشر: وجه زينب الآخر
الغرفة معتمة، لكن زينب تراها واضحة.
النافذة مفتوحة، رغم أنها لم تفتحها.
الهواء ساكن، لكنه يحمل همسًا متكررًا: "ارجعي..."
كانت وحدها، أو هكذا ظنت.
جلست على السرير، تمسح على رأس حوراء النائمة بجانبها.
ثم شعرت بشيء تحت الوسادة.
سحبت الورقة.
كانت خريطة بسيطة، رُسمت بخط يدها… لكنها لا تتذكر متى رسمتها.
فيها رمز واحد في الوسط:
✵
وفوقه:
> "مكان الدفن الحقيقي"
---
سمعت طرقًا على الجدار.
ليس الباب… الجدار.
نهضت.
سارت نحو الجدار المقابل للمرآة، وهناك، نظرت إلى نفسها.
لكن انعكاسها لم يتحرّك.
بل ظلّ واقفًا، يبتسم.
وقالت المرآة بصوت زينب:
> "أنتِ عرفتِ قبله، لكن سكَتِّ."
"البيت خبّرك… قبل أن يختار ضرغام."
سألت زينب:
> "ليش أنا؟"
أجاب الصوت:
> "لأنكِ حملتِ فيه."
"وأول روح دخلت رحمك… ما كانت آدم، ولا حوراء."
> "بل كان هو."
---
المرآة غامت… وظهر فيها طفل.
كان يشبه آدم، لكن عيناه سوداوان بالكامل، بلا بياض.
قال:
> "ماما… أنا ضيعت اسمي."
"ساعديني أرجعه."
سقطت زينب أرضًا، تشهق.
ثم تذكّرت.
تلك الليلة، قبل 6 سنوات، حين انتقلوا للبيت…
استيقظت في منتصف الليل، ونزلت إلى الطابق السفلي، وجدت الباب مفتوحًا،
والأرضية الطينية محفورة.
وحين عادت للفراش، كان على بطنها شيء كُتب بدم:
> "الروح اختارت الرحم."
---
أفاقت على صوت ضرغام وهو يناديها من الممر:
> "زينب! الساعة جاية! جهزي نفسك!"
نظرت في المرآة مجددًا…
لكن انعكاسها اختفى.
وكان مكانها… صُهيب.
---
الفصل السادس عشر: الطقس الأخير
الساعة كانت 11:58 مساءً.
كل شيء في البيت بدأ يهتز.
الهواء ثقيل، كأن الجدران تتنفس.
ورائحة تراب رطب، كأن قبرًا قد فُتح للتو.
---
جمعت ما أعطتني إياه الحاجة سكينة:
قطعة القماش التي تخصّ صُهيب
التراب
شعر زهراء
والمرآة المغطاة
رسمت الرمز في منتصف الصالة، حيث تتقاطع الغرف.
✵
أجلست زينب في الزاوية، تمسك بآدم وحوراء وتقرأ ما تحفظه من القرآن.
لكن صوتها يرتجف.
أغمضتُ عيني…
وركعتُ أمام العلامة.
قلت في داخلي:
> "يا روح البيت… يا صُهيب… يا راشد…
أنا اللي ورثت اللعنة… بس راح أنهيها."
ثم بدأت.
---
وضعت التراب أولًا.
ثم قماش صُهيب في المركز.
ثم الشعر.
وأخيرًا، المرآة.
كشفت القماش عنها.
في اللحظة التي ظهرت فيها المرآة…
خرج من داخلها البكاء.
ليس صوتًا بشريًا.
بل بكاء مكسور، غاضب، كأن الأرض نفسها تبكي.
ثم رأيت وجهي…
لكن ليس وجهي.
كان يشبهني… لكنه أكبر سنًا، وعيناه مليئتان بالظلام.
قال لي:
> "أخيرًا… قبلتَ."
> "لكن الطقس يحتاج دمًا."
---
شهقت زينب، وقالت:
> "ضرغام، لا!"
لكنني كنت أعرف.
إما أنا… أو أحد أولادي.
---
مزّقت كفّي، وقطّرت الدم على الرمز.
ثم رددت الكلمات الثلاث، بصوتي، كما قالت الحاجة:
> "من يُدفن بلا حق، يعود بحقّ الغفران."
"ومن يُنسى، يُذكر."
"ومن قُتل، يُسامح."
---
في اللحظة الأخيرة…
بدأ الرمز يتوهج.
الجدران بدأت تبكي.
آدم أغمض عينيه.
وحوراء قالت:
> "راح يرجع… راح يرجع للتراب."
ثم —
سقطت المرآة على الأرض.
وتحطمت.
---
الصمت.
لا صوت.
لا حركة.
فقط… إحساس خفيف بأن البيت تنفّس الصعداء.
---
زينب ركضت نحوي، تمسك كفّي، تغسل الدم بدموعها.
آدم قال:
> "راح؟"
قلت:
> "ما أعرف… بس حسّيت إنه سامحني."
---
لكن… وقبل أن ينتهي الفصل…
في آخر لمحة، نظرت إلى الزاوية التي فيها الرمز.
كان قد اختفى تمامًا.
ما عدا شيء صغير… قطعة من قماش صُهيب.
كان مكتوبًا عليها الآن بخط واضح:
> "شكرًا… يا ولدي."
---
الفصل السابع عشر: البيت لا ينسى
مرّ أسبوع على الشعيرة.
كل شيء عاد طبيعيًا — أو هكذا بدا.
زينب استعادت ابتسامتها، وإن ظل في عينيها شيء يشبه الغياب.
آدم بدأ يتكلم أكثر، لكنه لم ينطق باسم "صُهيب" مجددًا.
وحوراء… صارت ترسم. لكنها ترسم بيتًا واحدًا فقط.
نفس البيت، من كل الزوايا.
---
في إحدى الليالي، قررنا أنا وزينب الخروج مع الأولاد.
نغادر البيت لبضعة أيام، فقط لنرتاح.
وضّبنا الحقائب، وحين كنت أُغلق الباب…
نظرت نظرة أخيرة إلى الصالة.
كانت هادئة.
لكن على الحائط، عند المكان الذي رُسم فيه الرمز…
كان هناك شَعر طويل… عالق في زاوية السقف.
أسود، كثيف… كما لو كانت زهراء تمرّ من هناك.
ابتلعتُ ريقي.
ثم أغلقت الباب.
---
في السيارة، التفتّ إلى حوراء.
كانت ترسم مجددًا.
سألتها:
> "حبيبتي، شنو ترسمين هالمرة؟"
قالت بابتسامة:
> "بابا… هذي مو رسمة. هذي خريطة."
> "خريطة القبر الثاني… إللي تحت السرداب."
---
الدم جفّ في عروقي.
نظرت إلى الورقة…
كانت فيها دائرة.
ثم دائرة أصغر داخلها.
وفي المنتصف… مكتوب:
> "ضرغام… ما دفنت إلا نصفه."
---
الفصل الخامس عشر: وجه زينب الآخر
الغرفة معتمة، لكن زينب تراها واضحة.
النافذة مفتوحة، رغم أنها لم تفتحها.
الهواء ساكن، لكنه يحمل همسًا متكررًا: "ارجعي..."
كانت وحدها، أو هكذا ظنت.
جلست على السرير، تمسح على رأس حوراء النائمة بجانبها.
ثم شعرت بشيء تحت الوسادة.
سحبت الورقة.
كانت خريطة بسيطة، رُسمت بخط يدها… لكنها لا تتذكر متى رسمتها.
فيها رمز واحد في الوسط:
✵
وفوقه:
> "مكان الدفن الحقيقي"
---
سمعت طرقًا على الجدار.
ليس الباب… الجدار.
نهضت.
سارت نحو الجدار المقابل للمرآة، وهناك، نظرت إلى نفسها.
لكن انعكاسها لم يتحرّك.
بل ظلّ واقفًا، يبتسم.
وقالت المرآة بصوت زينب:
> "أنتِ عرفتِ قبله، لكن سكَتِّ."
"البيت خبّرك… قبل أن يختار ضرغام."
سألت زينب:
> "ليش أنا؟"
أجاب الصوت:
> "لأنكِ حملتِ فيه."
"وأول روح دخلت رحمك… ما كانت آدم، ولا حوراء."
> "بل كان هو."
---
المرآة غامت… وظهر فيها طفل.
كان يشبه آدم، لكن عيناه سوداوان بالكامل، بلا بياض.
قال:
> "ماما… أنا ضيعت اسمي."
"ساعديني أرجعه."
سقطت زينب أرضًا، تشهق.
ثم تذكّرت.
تلك الليلة، قبل 6 سنوات، حين انتقلوا للبيت…
استيقظت في منتصف الليل، ونزلت إلى الطابق السفلي، وجدت الباب مفتوحًا،
والأرضية الطينية محفورة.
وحين عادت للفراش، كان على بطنها شيء كُتب بدم:
> "الروح اختارت الرحم."
---
أفاقت على صوت ضرغام وهو يناديها من الممر:
> "زينب! الساعة جاية! جهزي نفسك!"
نظرت في المرآة مجددًا…
لكن انعكاسها اختفى.
وكان مكانها… صُهيب.
---
الفصل السادس عشر: الطقس الأخير
الساعة كانت 11:58 مساءً.
كل شيء في البيت بدأ يهتز.
الهواء ثقيل، كأن الجدران تتنفس.
ورائحة تراب رطب، كأن قبرًا قد فُتح للتو.
---
جمعت ما أعطتني إياه الحاجة سكينة:
قطعة القماش التي تخصّ صُهيب
التراب
شعر زهراء
والمرآة المغطاة
رسمت الرمز في منتصف الصالة، حيث تتقاطع الغرف.
✵
أجلست زينب في الزاوية، تمسك بآدم وحوراء وتقرأ ما تحفظه من القرآن.
لكن صوتها يرتجف.
أغمضتُ عيني…
وركعتُ أمام العلامة.
قلت في داخلي:
> "يا روح البيت… يا صُهيب… يا راشد…
أنا اللي ورثت اللعنة… بس راح أنهيها."
ثم بدأت.
---
وضعت التراب أولًا.
ثم قماش صُهيب في المركز.
ثم الشعر.
وأخيرًا، المرآة.
كشفت القماش عنها.
في اللحظة التي ظهرت فيها المرآة…
خرج من داخلها البكاء.
ليس صوتًا بشريًا.
بل بكاء مكسور، غاضب، كأن الأرض نفسها تبكي.
ثم رأيت وجهي…
لكن ليس وجهي.
كان يشبهني… لكنه أكبر سنًا، وعيناه مليئتان بالظلام.
قال لي:
> "أخيرًا… قبلتَ."
> "لكن الطقس يحتاج دمًا."
---
شهقت زينب، وقالت:
> "ضرغام، لا!"
لكنني كنت أعرف.
إما أنا… أو أحد أولادي.
---
مزّقت كفّي، وقطّرت الدم على الرمز.
ثم رددت الكلمات الثلاث، بصوتي، كما قالت الحاجة:
> "من يُدفن بلا حق، يعود بحقّ الغفران."
"ومن يُنسى، يُذكر."
"ومن قُتل، يُسامح."
---
في اللحظة الأخيرة…
بدأ الرمز يتوهج.
الجدران بدأت تبكي.
آدم أغمض عينيه.
وحوراء قالت:
> "راح يرجع… راح يرجع للتراب."
ثم —
سقطت المرآة على الأرض.
وتحطمت.
---
الصمت.
لا صوت.
لا حركة.
فقط… إحساس خفيف بأن البيت تنفّس الصعداء.
---
زينب ركضت نحوي، تمسك كفّي، تغسل الدم بدموعها.
آدم قال:
> "راح؟"
قلت:
> "ما أعرف… بس حسّيت إنه سامحني."
---
لكن… وقبل أن ينتهي الفصل…
في آخر لمحة، نظرت إلى الزاوية التي فيها الرمز.
كان قد اختفى تمامًا.
ما عدا شيء صغير… قطعة من قماش صُهيب.
كان مكتوبًا عليها الآن بخط واضح:
> "شكرًا… يا ولدي."
---
الفصل السابع عشر: البيت لا ينسى
مرّ أسبوع على الشعيرة.
كل شيء عاد طبيعيًا — أو هكذا بدا.
زينب استعادت ابتسامتها، وإن ظل في عينيها شيء يشبه الغياب.
آدم بدأ يتكلم أكثر، لكنه لم ينطق باسم "صُهيب" مجددًا.
وحوراء… صارت ترسم. لكنها ترسم بيتًا واحدًا فقط.
نفس البيت، من كل الزوايا.
---
في إحدى الليالي، قررنا أنا وزينب الخروج مع الأولاد.
نغادر البيت لبضعة أيام، فقط لنرتاح.
وضّبنا الحقائب، وحين كنت أُغلق الباب…
نظرت نظرة أخيرة إلى الصالة.
كانت هادئة.
لكن على الحائط، عند المكان الذي رُسم فيه الرمز…
كان هناك شَعر طويل… عالق في زاوية السقف.
أسود، كثيف… كما لو كانت زهراء تمرّ من هناك.
ابتلعتُ ريقي.
ثم أغلقت الباب.
---
في السيارة، التفتّ إلى حوراء.
كانت ترسم مجددًا.
سألتها:
> "حبيبتي، شنو ترسمين هالمرة؟"
قالت بابتسامة:
> "بابا… هذي مو رسمة. هذي خريطة."
> "خريطة القبر الثاني… إللي تحت السرداب."
---
الدم جفّ في عروقي.
نظرت إلى الورقة…
كانت فيها دائرة.
ثم دائرة أصغر داخلها.
وفي المنتصف… مكتوب:
> "ضرغام… ما دفنت إلا نصفه."
❤3
---
خاتمة الجزء الأول: "لعنة البيت القديم"
بعد أن أغلق ضرغام الباب خلفه، وترك البيت خلفه، ظنّ للحظة أن كل شيء انتهى…
لكنّ اللعنات لا تُدفن بسهولة.
فهي مثل الجمر… يخبو تحت الرماد، ثم يشتعل فجأة حين تنفخ فيه الروح مرة أخرى.
وفي المقعد الخلفي، جلست حوراء، ترسم بابتسامة بريئة، خريطة لا يفهمها أحد…
إلا من عاش الموت وهو ما يزال حيًّا.
وعلى ورقتها، كانت الجملة الوحيدة التي تغيّر كل شيء:
> "ما دفنتَ إلا نصفه، يا ضرغام."
انتهى الطقس، نعم.
لكن البيت لا ينسى.
خاتمة الجزء الأول: "لعنة البيت القديم"
بعد أن أغلق ضرغام الباب خلفه، وترك البيت خلفه، ظنّ للحظة أن كل شيء انتهى…
لكنّ اللعنات لا تُدفن بسهولة.
فهي مثل الجمر… يخبو تحت الرماد، ثم يشتعل فجأة حين تنفخ فيه الروح مرة أخرى.
وفي المقعد الخلفي، جلست حوراء، ترسم بابتسامة بريئة، خريطة لا يفهمها أحد…
إلا من عاش الموت وهو ما يزال حيًّا.
وعلى ورقتها، كانت الجملة الوحيدة التي تغيّر كل شيء:
> "ما دفنتَ إلا نصفه، يا ضرغام."
انتهى الطقس، نعم.
لكن البيت لا ينسى.
👏1
اكتبلولي رائيكم بهاي القصص لاضلون صافنين اذا حلوات نستمر
وذا لا نترك اهم شي تشارك برائيك
وذا لا نترك اهم شي تشارك برائيك
© جميع الحقوق محفوظة
لـ ضرغام عبدالكريم
رواية [ لعنة البيت القديم]
لا يجوز نسخ أو إعادة نشر أو توزيع هذه الرواية أو أي جزء منها بأي شكل من الأشكال دون إذن كتابي مسبق من المؤلف.
الجزء الثاني من رواية "لعنة البيت القديم" بعنوان القبر الثاني "
الفصل الأول: الخريطة التي لا يجب أن تُرسم
مرّ أسبوعان على مغادرتنا للبيت.
كنا نقيم مؤقتًا في شقة مستأجرة وسط بغداد.
الهدوء… مؤلم.
كأن الأصوات التي طردناها من البيت، بقيت في آذاننا فقط.
في كل مرة أغمض عيني، أسمع المرآة تتحطم من جديد.
---
زينب كانت تحاول أن تتظاهر بالراحة.
تبتسم، تطبخ، وتنام بجانبي، لكنني كنت أشعر… بأنها لم تغادر البيت أبدًا.
أما آدم… فصار يكره الظلام.
يبكي كل ليلة. يقول إن هناك شخصًا يقف عند باب الغرفة… لا يدخل، فقط ينتظر.
وحوراء؟
كانت ترسم.
كل يوم.
نفس الورقة.
نفس الخريطة.
---
في البداية حسبتها مزحة طفلة.
لكنّ الخريطة تغيّرت.
أصبحت أدق، أوضح… فيها تفاصيل عن غرف تحت الأرض، درجات، أقفال، وأسهم تشير إلى مكان دائري مكتوب تحته:
> "هذا ليس قبرًا… هذا قفل."
ثم، ذات مساء، أعطتني ورقة جديدة وقالت:
> "بابا… هذا مو حلم. أنا شفت المكان. راشد قال لي أرسمه."
قلت بذهول:
> "منو راشد؟"
قالت وهي تبتسم وكأنها تكشف سرًا صغيرًا:
> "أخو صُهيب… بس ما حدا يحكي عنه."
---
في تلك الليلة، قررت العودة للبيت.
لوحدي.
كنت أظن أنني أغلقت كل الأبواب.
لكني أدركت الحقيقة الباردة:
لم نكن نعيش فوق بيت فقط…
كنا نعيش فوق شيء مدفون، يُغذّي نفسه من دمنا.
---
الفصل الثاني: جدار الطين
وصلتُ إلى البيت عند الغروب.
الشارع بدا أضيق مما أتذكّر، كأن البيوت من حوله تقاربت مع الزمن… أو أنني أنا الذي صرت أضيق صدرًا.
أوقفت السيارة، نظرتُ إلى الواجهة القديمة.
كل شيء كان كما هو، ما عدا شيء واحد:
النافذة التي كانت مغلقة دائمًا… كانت مفتوحة.
---
فتحت الباب بحذر.
الغبار استقبلني كصديق قديم.
رائحة الرطوبة، الرخام، والنسيان.
دخلت بخطى ثقيلة نحو السرداب.
لم يكن السرداب ضمن الخريطة الأصلية للبيت،
لكن حوراء رسمته كأنه مركز كل شيء.
---
وصلت إلى الباب الحديدي الذي طالما أغلقه أبي.
أخرجت المفاتيح القديمة، لكنها لم تعمل.
دفعته بكتفي… انفتح.
الظلمة، باردة، لا رطبة ولا جافة…
كأنها كانت تنتظر أن يُفتح الباب لتتنفّس.
نزلت درجات السرداب بصعوبة.
كل خطوة كنت أشعر أنها ليست فقط باتجاه الأسفل… بل إلى الداخل.
---
هناك، في نهاية السرداب، وجدت الجدار.
لم يكن جدار طابوق أو إسمنت… بل طين.
طين مصبوب بعناية، ناعم السطح، بدون أي شقّ أو فتحة.
أقرب إلى الختم منه إلى البناء.
أخرجت الكشاف، ومررته على الطين…
توقّفت.
في منتصف الجدار، كان هناك كفٌّ صغيرة مطبوعة في الطين.
كأن أحدهم ضغط بكفه قبل أن يجفّ.
كفّ لطفل.
---
اقتربت منها، ولمستها…
فشعرت فجأة بصوت خلفي، لم يكن صوتًا بشريًا، ولا همسًا…
كان أشبه بنَفَس.
قريب جدًا من أذني.
قال بوضوح:
> "لا تفتح القبر، يا ضرغام… هو ما يزال جائعًا."
التفتّ سريعًا، الكشاف يهتز في يدي.
لم يكن هناك أحد.
لكن الهواء كان يتحرك… وكأن الجدار نفسه يتنفس.
---
في تلك اللحظة، فهمتُ شيئًا لم أكن مستعدًا له:
القبر الذي تحدّثت عنه حوراء…
لم يكن قبر ميت.
كان قبر كائن حي… لم يُكمل ولادته.
---
الفصل الثالث: الكفّ الثالثة
عدتُ صباح اليوم التالي… ومعي أدوات الحفر.
لم أُخبر أحدًا.
لا زينب، ولا أبي، ولا حتى ظلّي.
كأن شيئًا بداخلي كان يعرف أنني أرتكب خطأ… لكنه خطأ يجب أن يُرتكب.
دخلتُ البيت مجددًا، دون أن ألتفت للغرف أو للمرايا، واتجهتُ مباشرةً إلى السرداب.
---
وقفتُ أمام جدار الطين.
كان كما تركته… تقريبًا.
لكن عندما سلّطت الضوء عليه، لاحظت شيئًا غيّر كل شيء:
لم تكن كفًّا واحدة.
الآن، كان هناك ثلاث كفوف.
ثلاث طبعات على الطين، متباعدة قليلًا، مختلفة في الحجم.
الأولى صغيرة — لطفل.
الثانية أكبر — ربما مراهق.
أما الثالثة… فكانت بحجم كفّي تمامًا.
لكنني لم ألمس الجدار البارحة… فعلًا لم أفعل.
---
بدأت بالحفر.
كان الطين أكثر تماسكًا مما توقعت، كأنه لم يُجفف بالشمس فقط… بل بشيء آخر.
كلما اقتربتُ من المنتصف، لاحظتُ أن الطين صار داكنًا، ورائحته تشبه رائحة التراب المبلل بالدم.
ثم، فجأة، ارتطم رأسي بشيء صلب خلف الجدار.
كأن هناك لوحًا من الخشب… أو بابًا قديمًا.
---
مسحت الطين عنه، وظهرت لي خشبة داكنة اللون، محفور عليها كلمات بالعربية القديمة.
جرفتها بسرعة… حتى انكشفت بالكامل.
وهناك، بوسطها، كانت مكتوبة جملة قصيرة بخطّ أبي:
> "إذا فتحتَ هذا… لا تعُد."
---
ارتجف جسدي كله.
أبي؟ متى كتب هذا؟
هل عرف؟ هل شارك؟
أم أنه حاول أن يُحذّرني… بعد فوات الأوان؟
وضعت أذني على الخشب… وسكتّ.
لكن السكون كان يردّ عليّ بسؤال لا صوت له:
لـ ضرغام عبدالكريم
رواية [ لعنة البيت القديم]
لا يجوز نسخ أو إعادة نشر أو توزيع هذه الرواية أو أي جزء منها بأي شكل من الأشكال دون إذن كتابي مسبق من المؤلف.
الجزء الثاني من رواية "لعنة البيت القديم" بعنوان القبر الثاني "
الفصل الأول: الخريطة التي لا يجب أن تُرسم
مرّ أسبوعان على مغادرتنا للبيت.
كنا نقيم مؤقتًا في شقة مستأجرة وسط بغداد.
الهدوء… مؤلم.
كأن الأصوات التي طردناها من البيت، بقيت في آذاننا فقط.
في كل مرة أغمض عيني، أسمع المرآة تتحطم من جديد.
---
زينب كانت تحاول أن تتظاهر بالراحة.
تبتسم، تطبخ، وتنام بجانبي، لكنني كنت أشعر… بأنها لم تغادر البيت أبدًا.
أما آدم… فصار يكره الظلام.
يبكي كل ليلة. يقول إن هناك شخصًا يقف عند باب الغرفة… لا يدخل، فقط ينتظر.
وحوراء؟
كانت ترسم.
كل يوم.
نفس الورقة.
نفس الخريطة.
---
في البداية حسبتها مزحة طفلة.
لكنّ الخريطة تغيّرت.
أصبحت أدق، أوضح… فيها تفاصيل عن غرف تحت الأرض، درجات، أقفال، وأسهم تشير إلى مكان دائري مكتوب تحته:
> "هذا ليس قبرًا… هذا قفل."
ثم، ذات مساء، أعطتني ورقة جديدة وقالت:
> "بابا… هذا مو حلم. أنا شفت المكان. راشد قال لي أرسمه."
قلت بذهول:
> "منو راشد؟"
قالت وهي تبتسم وكأنها تكشف سرًا صغيرًا:
> "أخو صُهيب… بس ما حدا يحكي عنه."
---
في تلك الليلة، قررت العودة للبيت.
لوحدي.
كنت أظن أنني أغلقت كل الأبواب.
لكني أدركت الحقيقة الباردة:
لم نكن نعيش فوق بيت فقط…
كنا نعيش فوق شيء مدفون، يُغذّي نفسه من دمنا.
---
الفصل الثاني: جدار الطين
وصلتُ إلى البيت عند الغروب.
الشارع بدا أضيق مما أتذكّر، كأن البيوت من حوله تقاربت مع الزمن… أو أنني أنا الذي صرت أضيق صدرًا.
أوقفت السيارة، نظرتُ إلى الواجهة القديمة.
كل شيء كان كما هو، ما عدا شيء واحد:
النافذة التي كانت مغلقة دائمًا… كانت مفتوحة.
---
فتحت الباب بحذر.
الغبار استقبلني كصديق قديم.
رائحة الرطوبة، الرخام، والنسيان.
دخلت بخطى ثقيلة نحو السرداب.
لم يكن السرداب ضمن الخريطة الأصلية للبيت،
لكن حوراء رسمته كأنه مركز كل شيء.
---
وصلت إلى الباب الحديدي الذي طالما أغلقه أبي.
أخرجت المفاتيح القديمة، لكنها لم تعمل.
دفعته بكتفي… انفتح.
الظلمة، باردة، لا رطبة ولا جافة…
كأنها كانت تنتظر أن يُفتح الباب لتتنفّس.
نزلت درجات السرداب بصعوبة.
كل خطوة كنت أشعر أنها ليست فقط باتجاه الأسفل… بل إلى الداخل.
---
هناك، في نهاية السرداب، وجدت الجدار.
لم يكن جدار طابوق أو إسمنت… بل طين.
طين مصبوب بعناية، ناعم السطح، بدون أي شقّ أو فتحة.
أقرب إلى الختم منه إلى البناء.
أخرجت الكشاف، ومررته على الطين…
توقّفت.
في منتصف الجدار، كان هناك كفٌّ صغيرة مطبوعة في الطين.
كأن أحدهم ضغط بكفه قبل أن يجفّ.
كفّ لطفل.
---
اقتربت منها، ولمستها…
فشعرت فجأة بصوت خلفي، لم يكن صوتًا بشريًا، ولا همسًا…
كان أشبه بنَفَس.
قريب جدًا من أذني.
قال بوضوح:
> "لا تفتح القبر، يا ضرغام… هو ما يزال جائعًا."
التفتّ سريعًا، الكشاف يهتز في يدي.
لم يكن هناك أحد.
لكن الهواء كان يتحرك… وكأن الجدار نفسه يتنفس.
---
في تلك اللحظة، فهمتُ شيئًا لم أكن مستعدًا له:
القبر الذي تحدّثت عنه حوراء…
لم يكن قبر ميت.
كان قبر كائن حي… لم يُكمل ولادته.
---
الفصل الثالث: الكفّ الثالثة
عدتُ صباح اليوم التالي… ومعي أدوات الحفر.
لم أُخبر أحدًا.
لا زينب، ولا أبي، ولا حتى ظلّي.
كأن شيئًا بداخلي كان يعرف أنني أرتكب خطأ… لكنه خطأ يجب أن يُرتكب.
دخلتُ البيت مجددًا، دون أن ألتفت للغرف أو للمرايا، واتجهتُ مباشرةً إلى السرداب.
---
وقفتُ أمام جدار الطين.
كان كما تركته… تقريبًا.
لكن عندما سلّطت الضوء عليه، لاحظت شيئًا غيّر كل شيء:
لم تكن كفًّا واحدة.
الآن، كان هناك ثلاث كفوف.
ثلاث طبعات على الطين، متباعدة قليلًا، مختلفة في الحجم.
الأولى صغيرة — لطفل.
الثانية أكبر — ربما مراهق.
أما الثالثة… فكانت بحجم كفّي تمامًا.
لكنني لم ألمس الجدار البارحة… فعلًا لم أفعل.
---
بدأت بالحفر.
كان الطين أكثر تماسكًا مما توقعت، كأنه لم يُجفف بالشمس فقط… بل بشيء آخر.
كلما اقتربتُ من المنتصف، لاحظتُ أن الطين صار داكنًا، ورائحته تشبه رائحة التراب المبلل بالدم.
ثم، فجأة، ارتطم رأسي بشيء صلب خلف الجدار.
كأن هناك لوحًا من الخشب… أو بابًا قديمًا.
---
مسحت الطين عنه، وظهرت لي خشبة داكنة اللون، محفور عليها كلمات بالعربية القديمة.
جرفتها بسرعة… حتى انكشفت بالكامل.
وهناك، بوسطها، كانت مكتوبة جملة قصيرة بخطّ أبي:
> "إذا فتحتَ هذا… لا تعُد."
---
ارتجف جسدي كله.
أبي؟ متى كتب هذا؟
هل عرف؟ هل شارك؟
أم أنه حاول أن يُحذّرني… بعد فوات الأوان؟
وضعت أذني على الخشب… وسكتّ.
لكن السكون كان يردّ عليّ بسؤال لا صوت له:
❤8🌚1
"كم واحد دفنوه قبلك، يا ضرغام؟"
---
الفصل الرابع: صندوق الصرخات
مرّت دقائق، وأنا أحدّق في الجملة المكتوبة على الخشب:
> "إذا فتحتَ هذا… لا تعُد."
كان صوت أبي في رأسي،
لكنه لم يكن ذلك الصوت الدافئ الذي عرفته طوال حياتي.
كان صوتًا مُرهقًا… كأن الكلمات كُتبت بآخر نفس.
وضعتُ يدي على الخشب، وتردّدت.
ثم… دفعت.
---
صرير قديم.
رائحة تربة مشتعلة.
هواء دافئ خرج من الداخل، كأن أحدهم كان يعيش خلفه.
انفتح الخشب.
لم يكن هناك جثة.
ولا تابوت.
ولا قبر.
بل… صندوق خشبي.
يشبه صناديق المؤونة القديمة، لكن عليه سلاسل حديدية ملتفّة، وكأنها تمنع شيئًا من الهروب.
اقتربت منه، وبمجرد أن لمست السلسلة،
سمعت أول صوت.
ليس صوتًا… بل صرخة.
---
لم تكن صرخة واحدة.
كانت عشرات.
مئات.
أصوات بشرية، متداخلة، متقطعة، تصرخ داخل رأسي.
رجال، نساء، أطفال… صُراخهم كأنهم يُغرقون، أو يُدفنون أحياء.
سقطتُ على ركبتي، أمسكت رأسي، كأن جمجمتي ستنفجر.
ثم، بين الصرخات… ساد صمت مفاجئ.
وصوت واحد فقط خرج، هادئًا، باردًا، كأنه يُنطق من جوف الأرض:
> "أنا راشد. الصندوق ليس لي…
الصندوق أنت."
---
تجمّدت.
كل شيء اختفى. لا الصرخات، لا الأصوات، لا الدفء.
لكنّ الصندوق كان هناك، والسلاسل تهتزّ بخفّة، كأن أحدهم يُحرّكها من الداخل.
ثم رأيت على الغطاء عبارة جديدة، لم تكن هناك قبل قليل:
> "ثلاثة مرّوا… وخرج واحد فقط."
---
هنا، فهمت…
هذا المكان ليس قبر راشد.
بل هو الفخ الذي خرج منه راشد، وبقي الصندوق خلفه ينتظر التالي.
ونحن… كنا العائلة التالية.
---
الفصل الخامس: مَن خرج؟ ومَن بقي؟
خرجتُ من السرداب وأنا أرتجف.
كان ضوء النهار بالخارج، لكن البيت من الداخل بدا كما لو أنه غارق في الغسق — لا زمن فيه، ولا حياة.
وصلتُ إلى الباب، فتحته بسرعة، وركضت إلى السيارة.
حين جلست خلف المقود، وضعت يدي على المقود وانتبهت لشيء صغير:
الكفّ الثالثة… كانت مطبوعة على ساعدي.
نفس شكلها، نفس حجمها، بنفس تموّج الطين الجاف.
لكنني لم ألمس الجدار اليوم.
---
عدتُ إلى الشقة وأنا لا أعرف ماذا أقول لزينب.
لكن قبل أن أتحدث، اقتربت مني وهي تهمس بخوف:
> "ضرغام… حوراء كانت ترسم شي غريب اليوم."
دخلتُ الغرفة فوجدتها نائمة على الأرض.
بجانبها عشرات الأوراق.
واحدة منها فقط كانت جديدة… لم تُطوَ مثل البقية.
---
رفعت الورقة.
كانت رسمة — واضحة، دقيقة، مرعبة:
رسمت الصندوق.
السلاسل.
الخشب.
والكفوف الثلاث.
لكن ما أرعبني لم يكن الرسم… بل العبارة التي كتبتها بالأسفل، بخط طفلة:
> "اللي طلع من الصندوق… مو راشد، بابا.
راشد بعده جوا."
---
تجمدت الدماء في عروقي.
إذًا من الذي كلّمني؟
من الذي قال: "أنا راشد"؟
ومن الذي خرج؟
---
في تلك الليلة، وأنا أحاول النوم، استيقظت فجأة على صوت حفيف.
لم يكن في الخارج… بل داخل الغرفة.
نظرتُ بجانبي. زينب نائمة.
آدم نائم عند قدمي.
وحوراء… غير موجودة.
نهضتُ بسرعة.
وجدت باب الشقة مفتوحًا على مصراعيه.
خرجتُ للشارع.
لم أرَ حوراء.
لكنّي سمعت صوتًا…
صوت خطوات صغيرة تمشي على الزفت… تتجه نحو الاتجاه الذي أتى منه كل شيء:
البيت.
---
الفصل السادس: من يتبع الأطفال في الليل؟
ركضت في الشارع المظلم حافيًا، لا أشعر بالأرض، ولا بالبرد، ولا حتى بجسدي.
كلّ ما كنت أفكر فيه: حوراء.
كيف خرجت وحدها؟
كيف فتحت الباب؟
ولماذا تتجه… إلى هناك؟
---
وصلتُ إلى أطراف البيت القديم.
كانت الأنوار خافتة في السماء، والقمر نصف ميت.
لكنني رأيت ظلها الصغير يدخل من الباب الخشبي الكبير.
لم تكن تركض… بل تمشي بهدوء.
كأن أحدًا يناديها من الداخل.
---
دخلت وراءها، ناديت باسمها:
> "حوراء! حوراء، تعالي بابا…"
لكن لم أسمع ردًا.
كل ما سُمع… كان صوت الباب وهو يُغلق خلفي، دون أن ألمسه.
---
البيت كان مختلفًا.
كأنني دخلت نسخة مشوّهة منه.
الجدران مائلة قليلًا… السقف أطول مما كان… والمرايا كلها مغطّاة بخرق سوداء.
سرتُ ببطء، أنادي حوراء، فأسمع ضحكتها من بعيد.
ضحكة… ليست تمامًا ضحكتها.
كانت تشبهها… لكن أبطأ.
وكأن هناك من يقلدها، لكن لا يعرف كيف يضحك تمامًا.
---
صعدتُ الدرج.
الطابق العلوي الذي كان مغلقًا منذ طفولتي.
كان الباب الخشبي مفتوحًا هذه المرّة، وممر طويل يفضي إلى غرفة واحدة.
كانت واقفة هناك.
حوراء.
تحدّق في مرآة ضخمة في نهاية الغرفة.
اقتربتُ منها ببطء، أتنفس بصعوبة.
> "حوراء…"
لم تلتفت.
لكنني سمعت صوتها تقول دون أن تحرّك شفتيها:
> "هو مو أنا يا بابا…"
قلت بذهول:
> "شنو؟"
عندها، استدارت المرآة من تلقاء نفسها.
نعم… المرآة نفسها، وكأنها باب.
واستدارت لتكشف ما خلفها…
ليس جدارًا.
بل… فتحة تؤدي إلى ممر من طين.
وحوراء؟
اختفت.
لم تكن بجانبي.
بل كانت داخل المرآة… واقفة عند نهاية الممر، تنظر إليّ وتهمس:
---
الفصل الرابع: صندوق الصرخات
مرّت دقائق، وأنا أحدّق في الجملة المكتوبة على الخشب:
> "إذا فتحتَ هذا… لا تعُد."
كان صوت أبي في رأسي،
لكنه لم يكن ذلك الصوت الدافئ الذي عرفته طوال حياتي.
كان صوتًا مُرهقًا… كأن الكلمات كُتبت بآخر نفس.
وضعتُ يدي على الخشب، وتردّدت.
ثم… دفعت.
---
صرير قديم.
رائحة تربة مشتعلة.
هواء دافئ خرج من الداخل، كأن أحدهم كان يعيش خلفه.
انفتح الخشب.
لم يكن هناك جثة.
ولا تابوت.
ولا قبر.
بل… صندوق خشبي.
يشبه صناديق المؤونة القديمة، لكن عليه سلاسل حديدية ملتفّة، وكأنها تمنع شيئًا من الهروب.
اقتربت منه، وبمجرد أن لمست السلسلة،
سمعت أول صوت.
ليس صوتًا… بل صرخة.
---
لم تكن صرخة واحدة.
كانت عشرات.
مئات.
أصوات بشرية، متداخلة، متقطعة، تصرخ داخل رأسي.
رجال، نساء، أطفال… صُراخهم كأنهم يُغرقون، أو يُدفنون أحياء.
سقطتُ على ركبتي، أمسكت رأسي، كأن جمجمتي ستنفجر.
ثم، بين الصرخات… ساد صمت مفاجئ.
وصوت واحد فقط خرج، هادئًا، باردًا، كأنه يُنطق من جوف الأرض:
> "أنا راشد. الصندوق ليس لي…
الصندوق أنت."
---
تجمّدت.
كل شيء اختفى. لا الصرخات، لا الأصوات، لا الدفء.
لكنّ الصندوق كان هناك، والسلاسل تهتزّ بخفّة، كأن أحدهم يُحرّكها من الداخل.
ثم رأيت على الغطاء عبارة جديدة، لم تكن هناك قبل قليل:
> "ثلاثة مرّوا… وخرج واحد فقط."
---
هنا، فهمت…
هذا المكان ليس قبر راشد.
بل هو الفخ الذي خرج منه راشد، وبقي الصندوق خلفه ينتظر التالي.
ونحن… كنا العائلة التالية.
---
الفصل الخامس: مَن خرج؟ ومَن بقي؟
خرجتُ من السرداب وأنا أرتجف.
كان ضوء النهار بالخارج، لكن البيت من الداخل بدا كما لو أنه غارق في الغسق — لا زمن فيه، ولا حياة.
وصلتُ إلى الباب، فتحته بسرعة، وركضت إلى السيارة.
حين جلست خلف المقود، وضعت يدي على المقود وانتبهت لشيء صغير:
الكفّ الثالثة… كانت مطبوعة على ساعدي.
نفس شكلها، نفس حجمها، بنفس تموّج الطين الجاف.
لكنني لم ألمس الجدار اليوم.
---
عدتُ إلى الشقة وأنا لا أعرف ماذا أقول لزينب.
لكن قبل أن أتحدث، اقتربت مني وهي تهمس بخوف:
> "ضرغام… حوراء كانت ترسم شي غريب اليوم."
دخلتُ الغرفة فوجدتها نائمة على الأرض.
بجانبها عشرات الأوراق.
واحدة منها فقط كانت جديدة… لم تُطوَ مثل البقية.
---
رفعت الورقة.
كانت رسمة — واضحة، دقيقة، مرعبة:
رسمت الصندوق.
السلاسل.
الخشب.
والكفوف الثلاث.
لكن ما أرعبني لم يكن الرسم… بل العبارة التي كتبتها بالأسفل، بخط طفلة:
> "اللي طلع من الصندوق… مو راشد، بابا.
راشد بعده جوا."
---
تجمدت الدماء في عروقي.
إذًا من الذي كلّمني؟
من الذي قال: "أنا راشد"؟
ومن الذي خرج؟
---
في تلك الليلة، وأنا أحاول النوم، استيقظت فجأة على صوت حفيف.
لم يكن في الخارج… بل داخل الغرفة.
نظرتُ بجانبي. زينب نائمة.
آدم نائم عند قدمي.
وحوراء… غير موجودة.
نهضتُ بسرعة.
وجدت باب الشقة مفتوحًا على مصراعيه.
خرجتُ للشارع.
لم أرَ حوراء.
لكنّي سمعت صوتًا…
صوت خطوات صغيرة تمشي على الزفت… تتجه نحو الاتجاه الذي أتى منه كل شيء:
البيت.
---
الفصل السادس: من يتبع الأطفال في الليل؟
ركضت في الشارع المظلم حافيًا، لا أشعر بالأرض، ولا بالبرد، ولا حتى بجسدي.
كلّ ما كنت أفكر فيه: حوراء.
كيف خرجت وحدها؟
كيف فتحت الباب؟
ولماذا تتجه… إلى هناك؟
---
وصلتُ إلى أطراف البيت القديم.
كانت الأنوار خافتة في السماء، والقمر نصف ميت.
لكنني رأيت ظلها الصغير يدخل من الباب الخشبي الكبير.
لم تكن تركض… بل تمشي بهدوء.
كأن أحدًا يناديها من الداخل.
---
دخلت وراءها، ناديت باسمها:
> "حوراء! حوراء، تعالي بابا…"
لكن لم أسمع ردًا.
كل ما سُمع… كان صوت الباب وهو يُغلق خلفي، دون أن ألمسه.
---
البيت كان مختلفًا.
كأنني دخلت نسخة مشوّهة منه.
الجدران مائلة قليلًا… السقف أطول مما كان… والمرايا كلها مغطّاة بخرق سوداء.
سرتُ ببطء، أنادي حوراء، فأسمع ضحكتها من بعيد.
ضحكة… ليست تمامًا ضحكتها.
كانت تشبهها… لكن أبطأ.
وكأن هناك من يقلدها، لكن لا يعرف كيف يضحك تمامًا.
---
صعدتُ الدرج.
الطابق العلوي الذي كان مغلقًا منذ طفولتي.
كان الباب الخشبي مفتوحًا هذه المرّة، وممر طويل يفضي إلى غرفة واحدة.
كانت واقفة هناك.
حوراء.
تحدّق في مرآة ضخمة في نهاية الغرفة.
اقتربتُ منها ببطء، أتنفس بصعوبة.
> "حوراء…"
لم تلتفت.
لكنني سمعت صوتها تقول دون أن تحرّك شفتيها:
> "هو مو أنا يا بابا…"
قلت بذهول:
> "شنو؟"
عندها، استدارت المرآة من تلقاء نفسها.
نعم… المرآة نفسها، وكأنها باب.
واستدارت لتكشف ما خلفها…
ليس جدارًا.
بل… فتحة تؤدي إلى ممر من طين.
وحوراء؟
اختفت.
لم تكن بجانبي.
بل كانت داخل المرآة… واقفة عند نهاية الممر، تنظر إليّ وتهمس:
❤2
> "هو هنا يا بابا… مو راشد، ولا الطفل… هو اللي كان أول واحد."
---
ثم انغلقت المرآة ببطء.
وبقيتُ وحدي في الغرفة.
لكن لم أكن وحدي تمامًا…
لأن الصوت نفسه عاد.
الصوت الذي سمعته أول مرّة عند الجدار، لكنه كان أوضح الآن:
> "اللي يتبع الأطفال… يبقى وياهم."
---الفصل السابع: المرآة لا تعكس… بل تُعيد
المرآة انغلقت.
لكنّها لم تكن مجرّد زجاجٍ أو انعكاس.
لقد أحسست بها تنبض… كأنها كائن حيّ أغلق عينيه في وجهي.
وقفت أمامها عاجزًا، أضربها بيدي، أصرخ باسم حوراء.
لا أثر… لا رد.
ثم لاحظت شيئًا لم أنتبه له من قبل…
يدي.
كانت أطراف أصابعي مغطاة بطينٍ داكن، يشبه الطين الذي على الجدار في السرداب.
وعندما نظرتُ إلى صورتي المنعكسة في زجاج المرآة، لم أرَ نفسي تمامًا…
رأيتُ نسخة أصغر منّي، كأنّي شاب في عمر المراهقة.
بل لا… طفل.
طفل يحدّق بي من داخل المرآة…
وأنا أعرف ذلك الوجه.
كان أنا، حين كنت أعيش في هذا البيت.
---
فجأة… تحرّك الظل في داخل المرآة.
وانفتحت المرآة مجددًا، بهدوء، دون صوت.
خرج منها هواء بارد… رطب… كأنّ الممر الذي رأيته يقود إلى شيء حي، لا مكان.
تردّدت…
لكنّي دخلت.
---
كان الممر طينيًا، جدرانه ملساء، وأرضه غير مستوية.
كنت أسمع خطواتي بوضوح… ومعها، أنين خافت يتكرّر، كصوت طفل يبكي… لكن البكاء لم يكن طبيعيًا.
كان كأنّ الطفل يبكي داخل الماء.
كلّما تقدّمت، كانت الإضاءة تزداد… لكنها لم تكن ضوءًا طبيعيًا.
بل كأنّ الجدران نفسها تبثّ نورًا خافتًا يشبه انعكاس المرآة.
---
في نهاية الممر… كان هناك باب خشبي،
مشقوق من المنتصف، كأنّه فُتح كثيرًا وأُغلق أكثر.
وقبل أن ألمسه…
سمعت الصوت مجددًا:
> "كلّ مَن مرّ من هنا… خرج بشيء ناقص."
ثم انفتح الباب وحده.
ورأيت ما لا يُوصف.
---
كانت هناك مئات المرايا.
مرايا معلّقة، مرمية، مكسورة، قائمة، معلّقة من السقف…
وفي كلّ مرآة: شخص مختلف.
رجال، نساء، أطفال…
وجوههم معلّقة في لحظة واحدة:
صرخة.
دمعة.
أو نظرة خوف أبدية.
وكأنّ هذه المرايا لا تعكس… بل تسجن.
ووسط كلّ ذلك…
رأيت مرآة واحدة فقط فارغة.
تقترب مني ببطء… ليس بيد خفية، بل كأنّها تزحف نحوي على الأرض.
وانعكستُ فيها.
لكنني لم أرَ نفسي.
رأيت "ضرغام" آخر.
نحيل، شاحب، بلا عينين.
وفمه يتحرك بصوت داخلي:
> "أنت دخلت تبحث عن ابنتك… لكنك ستخرج كأبٍ آخر."
---
الفصل الثامن: الممر لا نهاية له… إلا بالاختيار
وقفتُ أمام المرآة الفارغة، وأحسست ببرودة تملأ روحي.
الصورة التي تعكسها لم تكن لي، بل لـ"ضرغام" مختلف، بلا عينين، كأنه فقد روحه.
تنفّست ببطء، محاولة أن أستجمع قواي، لكن الصوت الداخلي في رأسي ظل يردد:
> "أنت دخلت تبحث عن ابنتك… لكنك ستخرج كأبٍ آخر."
---
الممر خلفي بدأ يضيق تدريجيًا، وكأنّه يضغط عليّ من كل جانب.
تقدّمت نحو المرايا الأخرى، وكل واحدة منها كانت تحكي قصة محبوس فيها شخص آخر.
سمعت همسًا:
> "الخروج لا يكون إلا باختيار واحد…"
---
رأيت أمامي بابًا صغيرًا، متسللًا من بين المرايا.
على الباب نقش:
> "اختر: حياة واحدة تُضحي بها، مقابل حرية من تحب."
---
وقفت، وعيوني تلتقي مع عيني ذلك الضرغام الشاحب في المرآة الفارغة.
كان ينظر إليّ بندم وحزن عميقين، وكأنّه يُخبرني:
> "اختر بحكمة… كل اختيار له ثمن."
---
بدأت الأفكار تتسارع:
هل أُضحّي بنفسي لأُنقذ حوراء؟
أم أخرج، وأتركها خلف المرآة لتعيش، لكني أفقدها للأبد؟
---
الصرخة التي بدأت تخرج من المرايا الأخرى أصبحت أقوى.
رأيت وجوهًا تشبه وجوه أحبائي، ناديتهم… لكنهم لم يردوا.
---
في تلك اللحظة، أدركتُ أن اللعنة ليست فقط على البيت…
إنها على كل من دخل الممر.
---
أغمضت عيني، وقررت أن أفتح الباب.
---
الفصل التاسع: خلف الباب… لا أحد
فتحتُ الباب ببطء.
لم أعد أشعر بالخوف كما شعرت سابقًا…
بل شعور آخر تسلل إلى صدري:
اللا شيء.
وراء الباب… لا سراديب، لا مرايا، لا كائنات.
فقط غرفة صغيرة جدًا، جدرانها طينية ملساء، بلا نوافذ، بلا أبواب أخرى.
وفي منتصف الغرفة…
كرسي خشبي صغير.
كان الكرسي فارغًا، كأنّه بانتظار أحدهم.
---
خطوت داخله، والحائط خلفي أغلق الباب تلقائيًا.
نظرتُ حولي، لا مكان للاختباء، ولا مخرج…
لكن فجأة، ظهر شيء على الجدار المقابل:
إطار صورة قديم، مغطى بطبقة غبار كثيف.
اقتربتُ منه ببطء، ونفخت الغبار.
الصورة كانت مألوفة.
أنا…
وراشد.
نجلس على الأرجوحة أمام بيتنا القديم، نضحك، أنا بملابس المدرسة، وهو يحمل كرة.
لكن ما لم أفهمه… كان الوجه الثالث.
وجه صغير ثالث بيننا.
ملامحه ضبابية، بلا ملامح واضحة.
عيناه سوداوان بالكامل، وفمه مغلق كأنّه مختوم.
---
لم أتذكر وجود شخص ثالث معنا يومها.
لكنّي بدأت أرتجف…
لأنّ هذا "الشيء" في الصورة، كان ينظر إليّ من داخل الإطار.
نعم… كانت عيناه تتحركان… تتبعني أينما التفتّ.
---
---
ثم انغلقت المرآة ببطء.
وبقيتُ وحدي في الغرفة.
لكن لم أكن وحدي تمامًا…
لأن الصوت نفسه عاد.
الصوت الذي سمعته أول مرّة عند الجدار، لكنه كان أوضح الآن:
> "اللي يتبع الأطفال… يبقى وياهم."
---الفصل السابع: المرآة لا تعكس… بل تُعيد
المرآة انغلقت.
لكنّها لم تكن مجرّد زجاجٍ أو انعكاس.
لقد أحسست بها تنبض… كأنها كائن حيّ أغلق عينيه في وجهي.
وقفت أمامها عاجزًا، أضربها بيدي، أصرخ باسم حوراء.
لا أثر… لا رد.
ثم لاحظت شيئًا لم أنتبه له من قبل…
يدي.
كانت أطراف أصابعي مغطاة بطينٍ داكن، يشبه الطين الذي على الجدار في السرداب.
وعندما نظرتُ إلى صورتي المنعكسة في زجاج المرآة، لم أرَ نفسي تمامًا…
رأيتُ نسخة أصغر منّي، كأنّي شاب في عمر المراهقة.
بل لا… طفل.
طفل يحدّق بي من داخل المرآة…
وأنا أعرف ذلك الوجه.
كان أنا، حين كنت أعيش في هذا البيت.
---
فجأة… تحرّك الظل في داخل المرآة.
وانفتحت المرآة مجددًا، بهدوء، دون صوت.
خرج منها هواء بارد… رطب… كأنّ الممر الذي رأيته يقود إلى شيء حي، لا مكان.
تردّدت…
لكنّي دخلت.
---
كان الممر طينيًا، جدرانه ملساء، وأرضه غير مستوية.
كنت أسمع خطواتي بوضوح… ومعها، أنين خافت يتكرّر، كصوت طفل يبكي… لكن البكاء لم يكن طبيعيًا.
كان كأنّ الطفل يبكي داخل الماء.
كلّما تقدّمت، كانت الإضاءة تزداد… لكنها لم تكن ضوءًا طبيعيًا.
بل كأنّ الجدران نفسها تبثّ نورًا خافتًا يشبه انعكاس المرآة.
---
في نهاية الممر… كان هناك باب خشبي،
مشقوق من المنتصف، كأنّه فُتح كثيرًا وأُغلق أكثر.
وقبل أن ألمسه…
سمعت الصوت مجددًا:
> "كلّ مَن مرّ من هنا… خرج بشيء ناقص."
ثم انفتح الباب وحده.
ورأيت ما لا يُوصف.
---
كانت هناك مئات المرايا.
مرايا معلّقة، مرمية، مكسورة، قائمة، معلّقة من السقف…
وفي كلّ مرآة: شخص مختلف.
رجال، نساء، أطفال…
وجوههم معلّقة في لحظة واحدة:
صرخة.
دمعة.
أو نظرة خوف أبدية.
وكأنّ هذه المرايا لا تعكس… بل تسجن.
ووسط كلّ ذلك…
رأيت مرآة واحدة فقط فارغة.
تقترب مني ببطء… ليس بيد خفية، بل كأنّها تزحف نحوي على الأرض.
وانعكستُ فيها.
لكنني لم أرَ نفسي.
رأيت "ضرغام" آخر.
نحيل، شاحب، بلا عينين.
وفمه يتحرك بصوت داخلي:
> "أنت دخلت تبحث عن ابنتك… لكنك ستخرج كأبٍ آخر."
---
الفصل الثامن: الممر لا نهاية له… إلا بالاختيار
وقفتُ أمام المرآة الفارغة، وأحسست ببرودة تملأ روحي.
الصورة التي تعكسها لم تكن لي، بل لـ"ضرغام" مختلف، بلا عينين، كأنه فقد روحه.
تنفّست ببطء، محاولة أن أستجمع قواي، لكن الصوت الداخلي في رأسي ظل يردد:
> "أنت دخلت تبحث عن ابنتك… لكنك ستخرج كأبٍ آخر."
---
الممر خلفي بدأ يضيق تدريجيًا، وكأنّه يضغط عليّ من كل جانب.
تقدّمت نحو المرايا الأخرى، وكل واحدة منها كانت تحكي قصة محبوس فيها شخص آخر.
سمعت همسًا:
> "الخروج لا يكون إلا باختيار واحد…"
---
رأيت أمامي بابًا صغيرًا، متسللًا من بين المرايا.
على الباب نقش:
> "اختر: حياة واحدة تُضحي بها، مقابل حرية من تحب."
---
وقفت، وعيوني تلتقي مع عيني ذلك الضرغام الشاحب في المرآة الفارغة.
كان ينظر إليّ بندم وحزن عميقين، وكأنّه يُخبرني:
> "اختر بحكمة… كل اختيار له ثمن."
---
بدأت الأفكار تتسارع:
هل أُضحّي بنفسي لأُنقذ حوراء؟
أم أخرج، وأتركها خلف المرآة لتعيش، لكني أفقدها للأبد؟
---
الصرخة التي بدأت تخرج من المرايا الأخرى أصبحت أقوى.
رأيت وجوهًا تشبه وجوه أحبائي، ناديتهم… لكنهم لم يردوا.
---
في تلك اللحظة، أدركتُ أن اللعنة ليست فقط على البيت…
إنها على كل من دخل الممر.
---
أغمضت عيني، وقررت أن أفتح الباب.
---
الفصل التاسع: خلف الباب… لا أحد
فتحتُ الباب ببطء.
لم أعد أشعر بالخوف كما شعرت سابقًا…
بل شعور آخر تسلل إلى صدري:
اللا شيء.
وراء الباب… لا سراديب، لا مرايا، لا كائنات.
فقط غرفة صغيرة جدًا، جدرانها طينية ملساء، بلا نوافذ، بلا أبواب أخرى.
وفي منتصف الغرفة…
كرسي خشبي صغير.
كان الكرسي فارغًا، كأنّه بانتظار أحدهم.
---
خطوت داخله، والحائط خلفي أغلق الباب تلقائيًا.
نظرتُ حولي، لا مكان للاختباء، ولا مخرج…
لكن فجأة، ظهر شيء على الجدار المقابل:
إطار صورة قديم، مغطى بطبقة غبار كثيف.
اقتربتُ منه ببطء، ونفخت الغبار.
الصورة كانت مألوفة.
أنا…
وراشد.
نجلس على الأرجوحة أمام بيتنا القديم، نضحك، أنا بملابس المدرسة، وهو يحمل كرة.
لكن ما لم أفهمه… كان الوجه الثالث.
وجه صغير ثالث بيننا.
ملامحه ضبابية، بلا ملامح واضحة.
عيناه سوداوان بالكامل، وفمه مغلق كأنّه مختوم.
---
لم أتذكر وجود شخص ثالث معنا يومها.
لكنّي بدأت أرتجف…
لأنّ هذا "الشيء" في الصورة، كان ينظر إليّ من داخل الإطار.
نعم… كانت عيناه تتحركان… تتبعني أينما التفتّ.
---
❤4