كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ -أي الإمام الصادق (ع)- يُصَلِّي عَنْ وَلَدِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَ عَنْ وَالِدَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَيْنِ.. وَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ- وَ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ.

وسائل الشيعة، ج2،ص445

فهل صلّيت عن والِدَيك ركعتين اليوم؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ :

أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى:
حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي وَ حَبِّبْ خَلْقِي إِلَيَّ.

قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَفْعَلُ؟

قَالَ: ذَكِّرْهُمْ آلاَئِي وَ نَعْمَائِي لِيُحِبُّونِي، فَلَأَنْ تَرُدَّ آبِقاً عَنْ بَابِي أَوْ ضَالاًّ عَنْ فِنَائِي أَفْضَلُ لَكَ مِنْ عِبَادَةِ مِائَةِ سَنَةٍ بِصِيَامِ نَهَارِهَا وَ قِيَامِ لَيْلِهَا.

قَالَ مُوسَى: وَ مَنْ هَذَا اَلْعَبْدُ اَلْآبِقُ مِنْكَ؟
قَالَ اَلْعَاصِي اَلْمُتَمَرِّدُ.

قَالَ: فَمَنِ اَلضَّالُّ عَنْ فِنَائِكَ؟
قَالَ: اَلْجَاهِلُ بِإِمَامِ زَمَانِهِ تُعَرِّفُهُ وَ اَلْغَائِبُ عَنْهُ بَعْدَ مَا عَرَفَهُ اَلْجَاهِلُ بِشَرِيعَةِ دِينِهِ تُعَرِّفُهُ شَرِيعَتَهُ وَ مَا يَعْبُدُ بِهِ رَبَّهُ وَ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَرْضَاتِهِ.

منذ خبر شهادة سماحة السيد حسن نصر الله
وحتى اليوم
ما ارتفعت عن قلوبنا مرارةُ المصيبة

رغم أننا نعلم ان الموت حق.. وان الذين يقتلون في سبيل الله احياءُ عند ربِّهم
وأنَّ الشهادة خاتمة حسنة، بل أمنية المؤمنين الذين ينتصر الله بهم لدينه
وبالتحديد من كانت حياتُه كُلّها جهادٌ في سبيل الله
ورغم علمي بأنّ الصراع مع الباطِل، ومن يمثله، لم ولن يتوقَّف.. وأن الباطل لن ينتصر على الحق .. لأنه زهوقٌ بطبعه كما أخبر ربُّ العزّة المهيمن على الوجود كله.. و لأن للحق راعياً، وللمذهب راعياً..

ولكن:

رغم ذلك كلِّه
بقي القلب يستشعر مرارة المصيبة
وثقلها
وسيبقى
ومع اقتراب موعد التشييع المهيب، والذي سيكون يوماً مشهوداً في عمرنا
سيستقرّ الشهيد في مثواه الأخير، وستطوى صفحةٌ اضافية من صفحات الصراع..

لكن لم ولن تنتهِ المسيرة
وستبقى مستمرة ان شاء الله
فالمهم تحويل ذلك الحزن الى وقودِ الاستمرار، وأن يكون ذلك سبباً للاستقامة.. وتلك مسؤوليتنا وذلك قوله تعالى: (وما بدَّلوا تبديلا)

قتلوه .. لأن وجوده كان يشكّل خطراً على مشروعهم..
فكان عنوان "الشهيد السيد حسن" أشد خطرا عليهم..
أرادوا بإرداءه قتيلاً محو تأثيره عن الجماهير..
فخلُد اسمه ونهجه في ضمير مَن لم يكن يوافقه حتّى..

ما نشهده اليوم من حالةٍ استثنائيةٍ لحضور تشييع جثمان الشهيد السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه والسيد الهاشمي.. دليلٌ على حياة الأمة الاسلامية.. فإن أمةً تحيي ذكرى ونهج قادتها وشهدائها لن تموت - كما يقول السيد المرجع الوالد-.


الصورة: صورة جوية لسيل السيارات المتوجهة الى بيروت للحضور في مراسم التشييع.

نتوب يوميا من ذنوبنا ونستغفر عند رب رحيم ليتجاوز عنها..
ولكن ما هو الذنب الذي نستغفر منه؟

هل هو نظرة محرمة، أو ترك ركعتي صلاة، أو ربما يكون لقمة محرمة؟
ماذا عن الباقي؟

أفلا يكون "سوء الخلق" ذنبٌ يحاسب الله الانسان عليه؟
أ و ليس التقصير في حق الوالدين ذنب؟
أ وليست الصفات الذميمة كالشح، والبخل، والحرص، وغيرها ذنوب؟
ماذا عن ترك الواجبات الاجتماعية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

وهناك واجِبٌ أساسي، تُرك في حياتنا، والذي ينبغي ان نعود اليه، فما هو؟

20 شعبان 1446
كربلاء المقدسة