••
#توصية
حلقة مميزة جداً😍👌
الله الله في مشاهدتها وسماعها ونشرها.
https://youtu.be/Pfj4niPP0DY?si=1oLG2n3qpbbiVOHc
••
#توصية
حلقة مميزة جداً😍👌
الله الله في مشاهدتها وسماعها ونشرها.
https://youtu.be/Pfj4niPP0DY?si=1oLG2n3qpbbiVOHc
••
••
ما دامت الحياة بثًّا مباشرًا، بلا فرصةٍ للإعادة، ولا مجالٍ للمونتاج، فإن الزلّات فيها حتمية، والهفوات جزءٌ من طبيعتها. فلا نحاسب الناس وكأنهم يؤدّون مشهدًا مسجّلًا يمكن تعديله، ولا نلزمهم بالكمال في سياقٍ لا يسمح به، فالأداء المرتجل يقتضي سعة العذر، والخطأ العفوي يستوجب رحابة الصدر، والمروءة في ذلك ألّا نطالب الآخرين بما نعجز نحن عنه.
••
ما دامت الحياة بثًّا مباشرًا، بلا فرصةٍ للإعادة، ولا مجالٍ للمونتاج، فإن الزلّات فيها حتمية، والهفوات جزءٌ من طبيعتها. فلا نحاسب الناس وكأنهم يؤدّون مشهدًا مسجّلًا يمكن تعديله، ولا نلزمهم بالكمال في سياقٍ لا يسمح به، فالأداء المرتجل يقتضي سعة العذر، والخطأ العفوي يستوجب رحابة الصدر، والمروءة في ذلك ألّا نطالب الآخرين بما نعجز نحن عنه.
••
••
إلى كل عين قارئة لهذه الحروف:
أسأل الله أن يُفيض عليك من نعمه ما تتبحبح به في فراديس فضله، وأن يُنعم عليك من جوده ما تتقلب فيه بين أفياء رضوانه، وأن يجعلك محجوبًا عن مواجع الدنيا بستره ولُطفه.
وأسأله سبحانه أن يُنير بصيرتك بالهدى، ويُزين قلبك بالتقى، ويُحصّن نفسك بالعفاف، ويُغنيك بالغنى، فلا تمتدّ يدُك إلى غيره، ولا يتعلق قلبُك بسواه، وأن يُفيض عليك من رحمته مدادًا لا ينقطع، وأسأله أن يُؤتيك في الدنيا حسنةً تملأ قلبك رضًا، وفي الآخرة حسنةً ترفع مقامك في دار البقاء، وأسأله أن يجعلك من أوليائه الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وأن يُلهمك شكر نعمته، ويرزقك العمل الصالح الذي يرضاه، ويُعينك عليه، فلا تضعف عزيمتك، ولا يَكِلُك إلى أحدٍ من خلقه.
اللهم حقق له فوق ما يرجو، وأكرمه بأكثر مما يؤمل، وافتَح له من أبواب رحمتك ما يُؤنس أيامه، ويُطمئن قلبه، فإنك واسع الفضل، جزيل العطاء، سميعٌ مُجيب.
اللهم ارزقنا دعوةً بظهر الغيب، تُغيث بيداء الحياة، وتمدّ الروح بما لا يُبلغه السعي وحده.
••
إلى كل عين قارئة لهذه الحروف:
أسأل الله أن يُفيض عليك من نعمه ما تتبحبح به في فراديس فضله، وأن يُنعم عليك من جوده ما تتقلب فيه بين أفياء رضوانه، وأن يجعلك محجوبًا عن مواجع الدنيا بستره ولُطفه.
وأسأله سبحانه أن يُنير بصيرتك بالهدى، ويُزين قلبك بالتقى، ويُحصّن نفسك بالعفاف، ويُغنيك بالغنى، فلا تمتدّ يدُك إلى غيره، ولا يتعلق قلبُك بسواه، وأن يُفيض عليك من رحمته مدادًا لا ينقطع، وأسأله أن يُؤتيك في الدنيا حسنةً تملأ قلبك رضًا، وفي الآخرة حسنةً ترفع مقامك في دار البقاء، وأسأله أن يجعلك من أوليائه الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، وأن يُلهمك شكر نعمته، ويرزقك العمل الصالح الذي يرضاه، ويُعينك عليه، فلا تضعف عزيمتك، ولا يَكِلُك إلى أحدٍ من خلقه.
اللهم حقق له فوق ما يرجو، وأكرمه بأكثر مما يؤمل، وافتَح له من أبواب رحمتك ما يُؤنس أيامه، ويُطمئن قلبه، فإنك واسع الفضل، جزيل العطاء، سميعٌ مُجيب.
اللهم ارزقنا دعوةً بظهر الغيب، تُغيث بيداء الحياة، وتمدّ الروح بما لا يُبلغه السعي وحده.
••
••
إياك أن تعبث بثوابتك تحت وهم التحديث، فلا تهدم جدران المبدأ ثم تتساءل لمَ انهار البناء.
••
إياك أن تعبث بثوابتك تحت وهم التحديث، فلا تهدم جدران المبدأ ثم تتساءل لمَ انهار البناء.
••
••
الصيامُ ليس جوعًا تُروِّضُ به المعدة، بل عزلةٌ تُروِّضُ بها النفس، نفيٌ اختياريٌ للمعتاد، تمرُّ فيه الروح بمخاض الغربة عن مألوفاتها، فتدرك أن الحياة كانت تمضي بها وهي غافلة، وأن العادة كانت سجنًا من حرير.
فالصائمُ حقًا ليس من منع اللقمة عن فمه، بل من منع الدنيا من أن تلتهم يقينه، وليس من أمسك عن الطعام، بل من أمسك عن عبث النفس في أودية الأهواء، وعن شرود القلب في بساتين الأمنيات المُترَفة، وعن تلهّف الروح إلى ما لم يُكتب لها.
الصيامُ اختبارٌ لسيادة الروح على الجسد، وتنقيةٌ لفطرة القلب من زينة الوهم، حيث يبقى خفيفًا من أثقال الشهوات، متهيئًا ليحلق في سماوات القرب.
••
الصيامُ ليس جوعًا تُروِّضُ به المعدة، بل عزلةٌ تُروِّضُ بها النفس، نفيٌ اختياريٌ للمعتاد، تمرُّ فيه الروح بمخاض الغربة عن مألوفاتها، فتدرك أن الحياة كانت تمضي بها وهي غافلة، وأن العادة كانت سجنًا من حرير.
فالصائمُ حقًا ليس من منع اللقمة عن فمه، بل من منع الدنيا من أن تلتهم يقينه، وليس من أمسك عن الطعام، بل من أمسك عن عبث النفس في أودية الأهواء، وعن شرود القلب في بساتين الأمنيات المُترَفة، وعن تلهّف الروح إلى ما لم يُكتب لها.
الصيامُ اختبارٌ لسيادة الروح على الجسد، وتنقيةٌ لفطرة القلب من زينة الوهم، حيث يبقى خفيفًا من أثقال الشهوات، متهيئًا ليحلق في سماوات القرب.
••
••
•| نحن ضعفاء |•
حين يتأمل العبد حاله، ويطيل النظر في نفسه، يدرك أنه كائن ضعيف من كل وجه، وأنه في كل يوم يواجه صورًا شتى من العجز، عجز الجسد، وعجز الروح، وعجز الإرادة، وعجز الفهم، وعجز الثبات، حتى يغدو ضعفه صفة لازمة لا ينفك عنها. لكن العجب كل العجب أن الله سبحانه لم يجعل الضعف سببًا للخذلان، بل جعله بابًا إلى رحمته، وسبيلًا إلى عونه، ودليلًا على فضله.
وحين يتقلب الإنسان في مجاهيل الحياة، تصفعه العثرات، وتُثقله الهموم، تتبدّى له حقيقة لا مراء فيها: نحن ضعفاء! ولكن هذا الضعف لم يكن عيبًا، ولم يكن عارًا، بل كان أحد أقدار الله الجارية فينا، به تتعلق قلوبنا به، ومن خلاله نطرق بابه، ونستنزل رحماته.
في كل منا وجهٌ من وجوه الضعف، بعضنا يجر جسدًا واهنًا لا يقوى على ما يشتهي، وبعضنا يسكن قلبه خوفٌ يزلزله كل حين، وبعضنا تذبل إرادته كلما حاول النهوض، وبعضنا يثقله دَين، وبعضنا ترديه الذنوب فيغرق في دوامةٍ من لوعة الذنب ورجاء العفو.
لكن هل كان الله يترك عباده في ضعفهم؟! بل كانت رحمته تطوّقهم، تتلمس حاجاتهم، وتلطف بهم من حيث لا يحتسبون!
“يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفًا”
لم يكن الضعف إلا مدخلًا إلى التخفيف، ولم يكن إلا سببًا للرحمة، فطوبى لمن جعل ضعفه بابًا يلج به إلى الله، لا جدارًا يحول بينه وبين الكريم سبحانه!
إن كنتَ ضعيفًا، فتذكر أن الله قريب، قريب لمن كسرتهم الدنيا، قريب لمن أعيتهم خطاياهم، قريب لمن فاضت عيونهم أسًى على ما كان، قريب لمن لم يجد في الناس سندًا، قريب لمن خفت صوته بين الضجيج، قريبٌ.. لمن لجأ إليه!
ولذلك، كان قربك من المتعبين، وسندك للمنهكين، ومد يدك للضعفاء، إنما هو وجه من وجوه العبودية التي يحبها الله، وهو نور في روحك يكشف لك عن سرٍّ عظيم:
الله يحب الضعفاء.. فانحز إليهم!
••
•| نحن ضعفاء |•
حين يتأمل العبد حاله، ويطيل النظر في نفسه، يدرك أنه كائن ضعيف من كل وجه، وأنه في كل يوم يواجه صورًا شتى من العجز، عجز الجسد، وعجز الروح، وعجز الإرادة، وعجز الفهم، وعجز الثبات، حتى يغدو ضعفه صفة لازمة لا ينفك عنها. لكن العجب كل العجب أن الله سبحانه لم يجعل الضعف سببًا للخذلان، بل جعله بابًا إلى رحمته، وسبيلًا إلى عونه، ودليلًا على فضله.
وحين يتقلب الإنسان في مجاهيل الحياة، تصفعه العثرات، وتُثقله الهموم، تتبدّى له حقيقة لا مراء فيها: نحن ضعفاء! ولكن هذا الضعف لم يكن عيبًا، ولم يكن عارًا، بل كان أحد أقدار الله الجارية فينا، به تتعلق قلوبنا به، ومن خلاله نطرق بابه، ونستنزل رحماته.
في كل منا وجهٌ من وجوه الضعف، بعضنا يجر جسدًا واهنًا لا يقوى على ما يشتهي، وبعضنا يسكن قلبه خوفٌ يزلزله كل حين، وبعضنا تذبل إرادته كلما حاول النهوض، وبعضنا يثقله دَين، وبعضنا ترديه الذنوب فيغرق في دوامةٍ من لوعة الذنب ورجاء العفو.
لكن هل كان الله يترك عباده في ضعفهم؟! بل كانت رحمته تطوّقهم، تتلمس حاجاتهم، وتلطف بهم من حيث لا يحتسبون!
“يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفًا”
لم يكن الضعف إلا مدخلًا إلى التخفيف، ولم يكن إلا سببًا للرحمة، فطوبى لمن جعل ضعفه بابًا يلج به إلى الله، لا جدارًا يحول بينه وبين الكريم سبحانه!
إن كنتَ ضعيفًا، فتذكر أن الله قريب، قريب لمن كسرتهم الدنيا، قريب لمن أعيتهم خطاياهم، قريب لمن فاضت عيونهم أسًى على ما كان، قريب لمن لم يجد في الناس سندًا، قريب لمن خفت صوته بين الضجيج، قريبٌ.. لمن لجأ إليه!
ولذلك، كان قربك من المتعبين، وسندك للمنهكين، ومد يدك للضعفاء، إنما هو وجه من وجوه العبودية التي يحبها الله، وهو نور في روحك يكشف لك عن سرٍّ عظيم:
الله يحب الضعفاء.. فانحز إليهم!
••
Forwarded from لطفي أحمد الطوخي🔻
لا يكُونَنّ قلمُكَ في النقد والتخطئة أسرع مِنه في المدح والتشجيع والثناء!
تعلّم أن ترصد الجميل وتثني عليه؛ فكم مِن خيرٍ استمر فيه صاحبه بدعوة طيبة أو تشجيع جميل حتى أنبَت هذا الخيرُ الكثير والكثير، وكم مِن شخصٍ وخيرٍ انقطع لكلمة سيئة ومثبِّطَة.
تعلّم أن ترصد الجميل وتثني عليه؛ فكم مِن خيرٍ استمر فيه صاحبه بدعوة طيبة أو تشجيع جميل حتى أنبَت هذا الخيرُ الكثير والكثير، وكم مِن شخصٍ وخيرٍ انقطع لكلمة سيئة ومثبِّطَة.
••
قليلٌ من يتفكّر في ذلك الشرخ الخفيّ الذي يحدثه صخبُ الحياة في أرواحنا، كأنّ الأيام تمضي وهي تسرق منّا شيئًا فشيئًا، حتى لا ندري متى غدونا غرباء عن أنفسنا، نواصل السير مثقلين بظلال الهموم، ولا ندرك كم تبتعد أرواحنا عن صفائها الأول، حتى تحين تلك اللحظة التي يفتح الله فيها للعبد بابًا إلى خلوةٍ نقية، فيستعيد بها ما ضاع، وكأنّه يهاجر إلى نفسه من سفرٍ طويل.
لكن السفر لا يكون دائمًا على دربٍ معبّد، فقد يمضي المرء في دنياه وهو يذرع الوقت بين همٍّ يعصف به، وشاغلٍ يقتات من روحه، حتى يغدو كمن يسير على جسرٍ من لهب، لا يرى في الأفق إلا دخان الأيام المتعبة، غير أنه، ما إن يأوي إلى محراب السكون، ويخلو بقلبه في رياض التسبيح، حتى تنكشف عنه الحجب، ويرتدّ إليه صفاء روحه، كغيثٍ نزل على أرض عطشى، فتورقُ فيها الحياة من جديد.
••
قليلٌ من يتفكّر في ذلك الشرخ الخفيّ الذي يحدثه صخبُ الحياة في أرواحنا، كأنّ الأيام تمضي وهي تسرق منّا شيئًا فشيئًا، حتى لا ندري متى غدونا غرباء عن أنفسنا، نواصل السير مثقلين بظلال الهموم، ولا ندرك كم تبتعد أرواحنا عن صفائها الأول، حتى تحين تلك اللحظة التي يفتح الله فيها للعبد بابًا إلى خلوةٍ نقية، فيستعيد بها ما ضاع، وكأنّه يهاجر إلى نفسه من سفرٍ طويل.
لكن السفر لا يكون دائمًا على دربٍ معبّد، فقد يمضي المرء في دنياه وهو يذرع الوقت بين همٍّ يعصف به، وشاغلٍ يقتات من روحه، حتى يغدو كمن يسير على جسرٍ من لهب، لا يرى في الأفق إلا دخان الأيام المتعبة، غير أنه، ما إن يأوي إلى محراب السكون، ويخلو بقلبه في رياض التسبيح، حتى تنكشف عنه الحجب، ويرتدّ إليه صفاء روحه، كغيثٍ نزل على أرض عطشى، فتورقُ فيها الحياة من جديد.
••
••
من مثلك يتفيأ ظلال الوحي، ويتقلب في أنوار الكتاب، وغيرك غارق في لجج الاختلاف ودوامات التنازع؟! تقرأ كلامًا محفوظًا من الاضطراب، بينما هم يذرعون طرقًا موحلة بالمجادلات العقيمة، البعيد عن القرآن يسبح في المتناقضات، يتلمس اليقين في كلمات تتبدل كل يوم؟ كلما ازداد جدلهم، تكاثرت اختلافاتهم، وإذا بهم يطوون أعمارهم بين الأخذ والرد، لا يستقر لهم قرار.
وحين تقع عيناك على قول الله: “وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا”، تدرك أن الطمأنينة ليست في كثرة القراءة، بل في صدق المصدر، وأن العقل لا يسمو بتكديس الآراء، بل بالارتهان إلى الحق المبين.
••
من مثلك يتفيأ ظلال الوحي، ويتقلب في أنوار الكتاب، وغيرك غارق في لجج الاختلاف ودوامات التنازع؟! تقرأ كلامًا محفوظًا من الاضطراب، بينما هم يذرعون طرقًا موحلة بالمجادلات العقيمة، البعيد عن القرآن يسبح في المتناقضات، يتلمس اليقين في كلمات تتبدل كل يوم؟ كلما ازداد جدلهم، تكاثرت اختلافاتهم، وإذا بهم يطوون أعمارهم بين الأخذ والرد، لا يستقر لهم قرار.
وحين تقع عيناك على قول الله: “وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا”، تدرك أن الطمأنينة ليست في كثرة القراءة، بل في صدق المصدر، وأن العقل لا يسمو بتكديس الآراء، بل بالارتهان إلى الحق المبين.
••
••
تأملت في السرائر، فوجدتُ أن أعمق ما يكدّر صفوها ليس الحقيقة، بل الظنون التي تتسلل إلى القلب بلا برهان، فتنسج حوله حجبًا من الوهم، وتصوغ له عوالم من الشكوك لا أصل لها، عجيبٌ أمر الإنسان، كيف يستسلم لفكرة عابرة، فيرفعها إلى مقام الحقيقة المطلقة، ثم يبني عليها مواقف وقرارات، وكأنما أوحي إليه بها من فوق سبع سماوات!
أما سمع قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”؟ فكم من قلوب نُحرت بسكين التوجس، وكم من وشائج قُطعت بأوهام لا حقيقة لها!
لذلك الظنون ليست وحيًا تتنزّل به الملائكة، ولا قانونًا محكمًا تبلّغه النبوات، بل هي ومضات عابرة، تعتريها الأهواء وتخالجها الأوهام، قد تصيب وجهًا من الحق، لكنك إن اتخذتها ميزانًا للناس، غشيتك غشاوة التوهم، فأسأت حيث وجب الإنصاف، واتهمت حيث لزم التثبت، لك أن تتحرز مما تخشى، لكن ليس لك أن ترفع الاحتمالات إلى مقام اليقين، فتجعل من سوء الظن قاعدة، ومن التوجس حجة، فإنما عافية العقل في اتزان نظره، وفساد القلب في غلبة وساوسه، ومن ظنّ أنه بالارتياب يحسن الفهم، فقد ضل عن معنى الفطنة وهو يحسب أنه يحسن صنعًا.
••
تأملت في السرائر، فوجدتُ أن أعمق ما يكدّر صفوها ليس الحقيقة، بل الظنون التي تتسلل إلى القلب بلا برهان، فتنسج حوله حجبًا من الوهم، وتصوغ له عوالم من الشكوك لا أصل لها، عجيبٌ أمر الإنسان، كيف يستسلم لفكرة عابرة، فيرفعها إلى مقام الحقيقة المطلقة، ثم يبني عليها مواقف وقرارات، وكأنما أوحي إليه بها من فوق سبع سماوات!
أما سمع قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”؟ فكم من قلوب نُحرت بسكين التوجس، وكم من وشائج قُطعت بأوهام لا حقيقة لها!
لذلك الظنون ليست وحيًا تتنزّل به الملائكة، ولا قانونًا محكمًا تبلّغه النبوات، بل هي ومضات عابرة، تعتريها الأهواء وتخالجها الأوهام، قد تصيب وجهًا من الحق، لكنك إن اتخذتها ميزانًا للناس، غشيتك غشاوة التوهم، فأسأت حيث وجب الإنصاف، واتهمت حيث لزم التثبت، لك أن تتحرز مما تخشى، لكن ليس لك أن ترفع الاحتمالات إلى مقام اليقين، فتجعل من سوء الظن قاعدة، ومن التوجس حجة، فإنما عافية العقل في اتزان نظره، وفساد القلب في غلبة وساوسه، ومن ظنّ أنه بالارتياب يحسن الفهم، فقد ضل عن معنى الفطنة وهو يحسب أنه يحسن صنعًا.
••
••
حين تنسجم الأرواح على نور الطاعة، تتخفف من أثقال العبارات، فتصبح القلوب أفصح من الألسنة، وتستغني النفوس عن كثرة البيان، لأن حقيقتها تتجلّى بلا تكلف، فالتآلف الحقّ ليس صناعة اللسان، بل رحمة يخلقها الله حين تصدق النيّات، وتخلص القلوب في وجهتها، فإذا انسجم القلبان، انتظم الوجدان، وأصبحت المشاعر مفهومة بلا ترجمان.
••
حين تنسجم الأرواح على نور الطاعة، تتخفف من أثقال العبارات، فتصبح القلوب أفصح من الألسنة، وتستغني النفوس عن كثرة البيان، لأن حقيقتها تتجلّى بلا تكلف، فالتآلف الحقّ ليس صناعة اللسان، بل رحمة يخلقها الله حين تصدق النيّات، وتخلص القلوب في وجهتها، فإذا انسجم القلبان، انتظم الوجدان، وأصبحت المشاعر مفهومة بلا ترجمان.
••
••
في زحام الأماني وأعتاب الرجاء، أمدّ قلبي إليك يقينًا لا يخالطه وَهَن، وأبعث روحي في سماء التسليم تنتظر غيث الإجابة، أثقلتني المسافات، وأرهقني التردد، لكني أعلم أن رحمتك تسبق الخُطى، ولطفك يسبق النداء. أسألك يا كريم العطاء جبرًا يليق بكرمك، ونورًا يضيء الطريق، ويقينًا لا ينطفئ.
••
في زحام الأماني وأعتاب الرجاء، أمدّ قلبي إليك يقينًا لا يخالطه وَهَن، وأبعث روحي في سماء التسليم تنتظر غيث الإجابة، أثقلتني المسافات، وأرهقني التردد، لكني أعلم أن رحمتك تسبق الخُطى، ولطفك يسبق النداء. أسألك يا كريم العطاء جبرًا يليق بكرمك، ونورًا يضيء الطريق، ويقينًا لا ينطفئ.
••
••
مكّة، حيث تهفو الأرواح قبل الأقدام، ويجد القلب فيها برد السكينة وإن أضناه المسير، تتخفف الأرواح من أعبائها، وتنساب في أودية الطهر، مستسلمة لرهبة المكان وجلال المشهد، في أزقتها أثر الخطى المباركة، وفي هوائها عبق الوحي، فيها تلتئم أشتات القلوب، ويتلاشى التعب بين سعيٍ ومقام، اللهم ارزقنا إليها شدّ الرحال، وأكرمنا بسجدة عند البيت، ونظرةً تليق بالشوق.
••
مكّة، حيث تهفو الأرواح قبل الأقدام، ويجد القلب فيها برد السكينة وإن أضناه المسير، تتخفف الأرواح من أعبائها، وتنساب في أودية الطهر، مستسلمة لرهبة المكان وجلال المشهد، في أزقتها أثر الخطى المباركة، وفي هوائها عبق الوحي، فيها تلتئم أشتات القلوب، ويتلاشى التعب بين سعيٍ ومقام، اللهم ارزقنا إليها شدّ الرحال، وأكرمنا بسجدة عند البيت، ونظرةً تليق بالشوق.
••
••
|• مزاجية التعبد •|
من عواقب المدنية الحديثة أنها أفسدت في عقول الناس معايير الحق والجمال، فأصبح الحكم على الأشياء رهينًا لسطوة الصورة وتأثير المشهد، لم تعد القيم والمبادئ مستقلة، بل صارت مرتهنة للأضواء، مشروطة بالإخراج البصري، حتى تغلغل هذا الداء إلى باب التعبد، فصار البعض يتعبد بروح استعراضية، لا بعقل خاشع ونفس مخبتة.
خذ مثلاً ما يفعله بعض الشباب في رمضان، حيث يتحول إلى سائح تعبدي، يطوف بين مساجد الأئمة، لا طلبًا لفضل الجماعة، بل استكشافًا لطبقات الصوت، ومراتب التلاوة، ومدى تناغم “الصدى” مع الجدران المزخرفة، تطيش روحه بين نقوش السجاد وتفاصيل الحائط، ويهرب خشوعه مع زخارف المحراب، فيمضي اليوم التالي ليعيد الكرَّة في مسجد آخر، وهكذا دواليك! هذا وأمثاله تعجزهم الصلاة في أرض خلاء، لا تُبهجهم إلا الأضواء الساطعة، ولا تطمئن نفوسهم إلا بمكبرات الصوت التي تفيض بالصدَى إلى آذانهم.
وعلى النسق ذاته، بعض النساء اتخذن من الصلاة مساحة للترف، فالسجادة لا بد أن تكون فاخرة، ومسبحة من حجر كريم، ومصحف مغلف بالذهب وقد نُقش عليه اسمها بخط فني متقن، وعلى جانب المصلى فانوس مضيء يُشعرها بأجواء “روحانية”، فإذا استتمت الزينة، وأُنجزت الطقوس، شعرت أن الصلاة قد انعقدت ولو كانت لغير القبلة.
هذه المظاهر ليست من كمال التعبد، بل هي من شواغله، فالموفق من تخلّص من الملهيات، لا من زاد عليها، وإنّ كثرة المشوشات صحراء تيهٍ لقلبك المسكين.
هذا العبث المزاجي بصلاة المرء يوسّع الهوّة بين العبد وربه، ويملأ القلب بمزيدٍ من الصوارف والمشتتات، فتصبح العبادة مرهونة بمناخ معين، وأجواء محددة، وشروط لا يعرفها الفقهاء، لكنها مستقاة من مذهب الهوى، إن لم تتوفر، تعذّر عليه التدين، وإن لم يجد الطقس المناسب، وجد العبادة ثقيلة على نفسه، فهو يريدها ضمن قالب متخيل، لا كما هي خالصة نقية.
صلواتنا اليوم تئن، نؤمل قدوم رمضان عسى أن نستقيم، غير أن صدورنا مثقلة بدخان التقصير السنوي، وتشوُّه المفاهيم اليومي، فما عادت الأجواء الرمضانية تكفي وحدها لإنعاش الروح، والتنفس بات عسيراً وإن تنسمت الليالي عبق الإيمان.
اللهم ارزقنا عبادتك في كل حال، مقتفين أثر الحبيب ﷺ، وجنبنا سجون الأهواء وسراديب الشيطان.
••
|• مزاجية التعبد •|
من عواقب المدنية الحديثة أنها أفسدت في عقول الناس معايير الحق والجمال، فأصبح الحكم على الأشياء رهينًا لسطوة الصورة وتأثير المشهد، لم تعد القيم والمبادئ مستقلة، بل صارت مرتهنة للأضواء، مشروطة بالإخراج البصري، حتى تغلغل هذا الداء إلى باب التعبد، فصار البعض يتعبد بروح استعراضية، لا بعقل خاشع ونفس مخبتة.
خذ مثلاً ما يفعله بعض الشباب في رمضان، حيث يتحول إلى سائح تعبدي، يطوف بين مساجد الأئمة، لا طلبًا لفضل الجماعة، بل استكشافًا لطبقات الصوت، ومراتب التلاوة، ومدى تناغم “الصدى” مع الجدران المزخرفة، تطيش روحه بين نقوش السجاد وتفاصيل الحائط، ويهرب خشوعه مع زخارف المحراب، فيمضي اليوم التالي ليعيد الكرَّة في مسجد آخر، وهكذا دواليك! هذا وأمثاله تعجزهم الصلاة في أرض خلاء، لا تُبهجهم إلا الأضواء الساطعة، ولا تطمئن نفوسهم إلا بمكبرات الصوت التي تفيض بالصدَى إلى آذانهم.
وعلى النسق ذاته، بعض النساء اتخذن من الصلاة مساحة للترف، فالسجادة لا بد أن تكون فاخرة، ومسبحة من حجر كريم، ومصحف مغلف بالذهب وقد نُقش عليه اسمها بخط فني متقن، وعلى جانب المصلى فانوس مضيء يُشعرها بأجواء “روحانية”، فإذا استتمت الزينة، وأُنجزت الطقوس، شعرت أن الصلاة قد انعقدت ولو كانت لغير القبلة.
هذه المظاهر ليست من كمال التعبد، بل هي من شواغله، فالموفق من تخلّص من الملهيات، لا من زاد عليها، وإنّ كثرة المشوشات صحراء تيهٍ لقلبك المسكين.
هذا العبث المزاجي بصلاة المرء يوسّع الهوّة بين العبد وربه، ويملأ القلب بمزيدٍ من الصوارف والمشتتات، فتصبح العبادة مرهونة بمناخ معين، وأجواء محددة، وشروط لا يعرفها الفقهاء، لكنها مستقاة من مذهب الهوى، إن لم تتوفر، تعذّر عليه التدين، وإن لم يجد الطقس المناسب، وجد العبادة ثقيلة على نفسه، فهو يريدها ضمن قالب متخيل، لا كما هي خالصة نقية.
صلواتنا اليوم تئن، نؤمل قدوم رمضان عسى أن نستقيم، غير أن صدورنا مثقلة بدخان التقصير السنوي، وتشوُّه المفاهيم اليومي، فما عادت الأجواء الرمضانية تكفي وحدها لإنعاش الروح، والتنفس بات عسيراً وإن تنسمت الليالي عبق الإيمان.
اللهم ارزقنا عبادتك في كل حال، مقتفين أثر الحبيب ﷺ، وجنبنا سجون الأهواء وسراديب الشيطان.
••
••
ذكر الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري (المتوفى سنة 546هـ) في كتابه “محاسن الإسلام والشرائع” أنَّ من محاسن فرض الصوم وشرعه:
أنَّه خُصَّ النهار بالصوم لأنَّ الأكل فيه معتاد، والنوم في الليل معتاد، فلو كان الصيامُ في الليل لكان بداعِي الطبع، لا لتعظيم الشرع. كما أنَّ الله تحكَّم بفرض الصوم في نهار رمضان، وترك لرسول الله ﷺ إقامة التراويح في لياليها، ليظهر من جميع المؤمنين تعظيمُ أمر الله وتوقير سنة رسوله ﷺ، فإن قصر العبد في فرض الله، تشفَّع له الرسول، وإن قصر في إقامة التراويح، يرضيه ربه، فيكون العبد بين فضل الله وشفاعة رسوله ﷺ.
📕محاسن الإسلام والشرائع، ص 93.
••
ذكر الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري (المتوفى سنة 546هـ) في كتابه “محاسن الإسلام والشرائع” أنَّ من محاسن فرض الصوم وشرعه:
أنَّه خُصَّ النهار بالصوم لأنَّ الأكل فيه معتاد، والنوم في الليل معتاد، فلو كان الصيامُ في الليل لكان بداعِي الطبع، لا لتعظيم الشرع. كما أنَّ الله تحكَّم بفرض الصوم في نهار رمضان، وترك لرسول الله ﷺ إقامة التراويح في لياليها، ليظهر من جميع المؤمنين تعظيمُ أمر الله وتوقير سنة رسوله ﷺ، فإن قصر العبد في فرض الله، تشفَّع له الرسول، وإن قصر في إقامة التراويح، يرضيه ربه، فيكون العبد بين فضل الله وشفاعة رسوله ﷺ.
📕محاسن الإسلام والشرائع، ص 93.
••