Telegram Web Link
غياب العقيدة عند التعليق على الأحداث 👇
260
ابن القيم: انتشار الفلسفة والمنطق هو سبب ذهاب الأندلس...

قال ابن القيم في «إغاثة اللهفان» [2/1034]: "ثم استمر الأمر على عهد نبوّة موسى كليم الرحمن على التوحيد وإثبات الصفات، وتكليم الله لعبده موسى تكليمًا، إلى أن تُوفي موسى عليه السلام، ودخل الداخل على بني إسرائيل، ورفع التعطيلُ رأسه بينهم، وأقبلوا على علوم المعطلة أعداءِ موسى عليه السلام، وقدّموها على نصوص التوراة، فسلط الله تعالى عليهم مَنْ أزال مُلكهم، وشرّدهم من أوطانهم، وسبى ذراريَّهُم، كما هي عادته سبحانه وسُنّتُه في عباده إذا أعرضوا عن الوَحْي، وتعوّضوا عنه بكلام الملاحدة والمعطلة من الفلاسفة وغيرهم.
كما سَلّط النصارى على بلاد الغرب لمّا ظهرت فيها الفلسفة والمنطق، واشتغلوا بها، فاستولت النصارى على أكثر بلادهم، وأصاروهم رعيَّة لهم.
وكذلك لما ظهر ذلك [154 ب] ببلاد المشرق سلّط عليهم عساكر التتار، فأبادوا أكثر البلاد الشرقية، واستولوا عليها.
وكذلك في أواخر المئة الثالثة، وأول الرابعة، لما اشتغل أهل العراق بالفلسفة وعلوم أهل الإلحاد سَلَّط عليهم القرامطة الباطنية، فكسروا عسكر الخليفة عدة مرات، واستولوا على الحاجّ، واستعرضوهم قتلًا وأسرًا، واشتدت شوكتهم، واتُّهِمَ بموافقتهم في الباطن كثير من الأعيان من الوزراء، والكتّاب، والأدباء وغيرهم، واستولى أهلُ دعوتهم على بلاد الغرب، واستقرت دار مملكتهم بمصر، وبُنِيت في أيامهم القاهرة، واستولوا على الشام والحجاز واليمن والمغرب، وخُطب لهم على منبر بغداد.
والمقصود أن هذا الداء لمَّا دخل في بني إسرائيل كان سبب دمارهم وزوال مملكتهم".

قول ابن القيم: "كما سَلّط النصارى على بلاد الغرب لمّا ظهرت فيها الفلسفة والمنطق، واشتغلوا بها، فاستولت النصارى على أكثر بلادهم، وأصاروهم رعيَّة لهم" يقصد بها الأندلس.

وقد تصحفت في عدد من الطبعات -حتى طبعة دار عالم الفوائد- إلى (بلاد العرب)، وهي (بلاد الغرب)، ويقصد بها الأندلس كما يدل عليه سياق الكلام.

وكما في قول ابن حزم:

أنا الشمس في جو العلوم منيرة ... ولكن عيبي أن مطلعي الغربُ

كلام ابن القيم هذا ليس غفلة عن الأسباب الدنيوية لهذه النكبات السياسية، فهو على دراية بها.

فأنت تراه يقول في كتابه «الجواب الكافي»: "وأصل فساد العالم إنّما هو من اختلاف الملوك والخلفاء. ولهذا لم يطمع أعداء الإِسلام فيه في زمن من الأزمنة إلا في زمن تعدّد ملوك المسلمين واختلافهم وانفراد كل منهم ببلاد، وطلب بعضهم العلوّ على بعض".

ولا تعارض بين الأمرين.

ولا قال ما قاله شماتة بالمسلمين والعياذ بالله، وإنما يتكلم أهل العلم بمثل هذا حتى لا تتكرر المأساة، وهذا أمر معروف في عموم الأمم، أنهم إذا حصلت أزمة يبحثون في أسبابها حتى لا تتكرر.

وتعليل ابن القيم هذا فرَّعه على تعليل شيخه ابن تيمية الذي كرر هذا المعنى مراراً.

حيث قال كما في «مجموع الفتاوى» [13/180]: "وكان بعض المشايخ يقول: هولاكو -ملك الترك التتار الذي قهر الخليفة بالعراق وقتل ببغداد مقتلة عظيمة جدا يقال: قتل منهم ألف ألف وكذلك قتل بحلب دار الملك حينئذ كان بعض الشيوخ يقول- هو للمسلمين بمنزلة بخت نصر لبني إسرائيل. وكان من أسباب دخول هؤلاء ديار المسلمين ظهور الإلحاد والنفاق والبدع حتى أنه صنف الرازي كتابا في عبادة الكواكب والأصنام وعمل السحر سماه" السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم".

وقال أيضاً في [4/104]: "وهذه الطائفة الأخيرة قد كثرت في كثير ممن انتسب إلى الإسلام من العلماء والأمراء وغيرهم لا سيما لما ظهر المشركون من الترك على أرض الإسلام بالمشرق في أثناء المائة السابعة.
وكان كثير ممن ينتسب إلى الإسلام فيه من النفاق والردة ما أوجب تسليط المشركين وأهل الكتاب على بلاد المسلمين. فتجد أبا عبد الله الرازي يطعن في دلالة الأدلة اللفظية على اليقين وفي إفادة الأخبار للعلم".

فما سبب تشديد الشيخين في هذا؟

فيقال: إن نتاج الفلسفة إن كانت موافقة للشريعة فالإقبال عليها كالاتهام للشريعة بالقصور، وكثير من الناس يزعم أن القرآن والسنة ليس فيهما حجة على الكفار، وكأن القرآن ما بدأ خطابه مع الكفار!

قال تعالى: {فبأي حديث بعده يؤمنون} [المرسلات: ٥٠].

وقال تعالى: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون} [العنكبوت ٥١].

وإن كان نتاجها مخالفاً للشريعة لم يخلُ منتحلها أن يُبغض النصوص ويسعى في تحريفها أو احتقار حملتها، وهذا حال عامة القوم.

وأي شيء أجلب للسخط من أن يُنزِّل الله عز وجل عليك الهدى والنور والشفاء لما في الصدور فتتركه وتقبل على غيره إكباراً لهذا الغير واستقلالاً بالوحي.

فإن قيل: فكيف يُسلَّط علينا كفار لا يؤمنون بالوحي البتة؟

فيقال: تسلطهم عليك استدراج، فهم قوم مفروغ منهم، كما هو الشأن في بختنصر لما تسلط على بني إسرائيل، ولمن نزل عليهم الوحي وآمنوا به يكون إعتاباً لهم وتنبيهاً وعبرة.
325
كيف وصف المتقدمون اللاكتراثية العقدية والتمييع العقدي؟

جاء في «الآداب الشرعية» لابن مفلح عن الفنون لابن عقيل [1/ 136]: "وذلك دأب العقلاء، فأين رائحة الإيمان منك وأنت لا يتغير وجهك فضلا عن أن تتكلم، ومخالفة الله سبحانه وتعالى واقعة من كل معاشِر ومجاور فلا تزال معاصي الله عز وجل والكفر يزيد، وحريم الشرع يُنتهك، فلا إنكار ولا منكر، ولا مفارقة لمرتكب ذلك ولا هجران له.
وهذا غاية برد القلب وسكون النفس وما كان ذلك في قلب قط فيه شيء من إيمان؛ لأن الغيرة أقل شواهد المحبة والاعتقاد. قال حتى لو تحجَّف الإنسان بكل معنى وأمسك عن كل قول لما تركوه ويُفصِح لأنهم كثرة وهو واحد والكلام شجون، والمذاهب فنون، وكل منهم ينطق بمذهب ويعظم شخصا، وآخر يذم ذلك الشخص والمذهب ويمدح غيره، ولا يزال كذلك حتى يهشَّ لمدح من يهوى، ويعبس لذمه، وينفر من ذم مذهب يعتقده فيكشف ذلك.
فالعاقل من اجتهد في تفويض أمره إلى الله عز وجل في ستر ما يجب ستره وكشف ما يجب كشفه، ولا يعتمد على نفسه فإنه يتعب ولا يبلغ من ذلك الغرض. قال لأنه إذا لم يهشَّ بخلافة أبي بكر ولا علي -رضي الله عنهما- إن كانت المناظرة فيهما، ولا إلى القدر ولا إلى نفيه ولا حدوث العالم ولا قدمه، ولا النسخ ولا المنع من النسخ، والسكون إلى هذا وبرد قلبه يدل على أنه كافر لا يعتقد إذ لو كان لهذا اعتقاد بحركة لهش إلى ناصر معتقده، ولأنكر على مفسد معتقده".

أقول: تأمل قول ابن عقيل: "لأن الغيرة أقل شواهد المحبة والاعتقاد".

وقوله: "وبرد قلبه يدل على أنه كافر لا يعتقد إذ لو كان لهذا اعتقاد بحركة لهش إلى ناصر معتقده، ولأنكر على مفسد معتقده".

اليوم تجد المرء منتسباً للسنة زاعماً أنه على الاعتقاد الصحيح في الأسماء والصفات والألوهية والقدر والإيمان والنبوات وغيرها، وهشُّه وبشُّه لمخالفه في هذه الأبواب، وغلظته وشدته على موافقه فيها.

وتجد المرء يتكلف عدم إظهار الحمية العقدية، ليُظهر للناس أنه (معتدل) أو (أكاديمي) أو (غير عابئ بهذه الأمور، ذهنه مشغول بما هو أكبر).

وهذا في الواقع لاكتراثية تُذم كما تُذم العنة في الرجل، إذ من لوازم الاعتقاد الحماس له ولنشره، لأنك تعتقد أنه الصواب الذي به النجاة أمام الله عز وجل.

فسعيك في نشره وحماسك له من باب طلبك للأجر ومحبتك لإنقاذ الناس، كما في الخبر عن النبي ﷺ: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» رواه مسلم من حديث أبي هريرة.

ويا ليت شعري، الناس يتعصبون لما هو دون ذلك بكثير وتأخذهم الحمية له.

وخوفك من أن توصم بالتعصب لا يعني أن تُلغي الحمية للعقيدة دون ظلم وإجحاف.

فاليوم في الثقافة الغربية خوَّفوهم من دعوى التحكم بالمرأة والغيرة، وما فرَّقوا بين المحمود منها والمذموم، حتى انتهى بهم الأمر إلى الدياثة، وتعقل المرأة من نفسها أن الرجل الذي لا يغار لا يحب.

والأمر نفسه في العقائد، الظاهر يتلازم مع الباطن، فمن اعتقد اعتقاداً معيناً، فلا بد أن يظهر منه ما ذكره ابن عقيل، وإلا كان مشكوكاً في أمره، فقد لا يعتقد هذه العقيدة في باطنه أو لا يرى أن هذا الأمر عقيدة مع ميله له، بل يعامله معاملة الفقهيات، وهذا غالب حال هؤلاء والله أعلم.

ومن اعتقد أن نصرة العقيدة بالعلم والعدل ستكون عائقاً دون نصرة قضايا المسلمين، فهذا كمن اعتقد أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل لتفرُّق الناس وتباغضهم.
232
لماذا لا نهتم بعدم تنفير الوافدين من الإسلام ؟ 👇
223
هذا الخبر ظهر أمامي كثيراً في الأيام الماضية، وفي كل مرة كنت أنزل أقرأ التعليقات وأحوقل.

القصة وما فيها أن رجلاً كان متزوجاً بامرأة وله منها ستة أولاد، طلقها ثم تزوج بأخرى، ثم أرجع الأولى، قامت الأخرى بسمِّ الرجل وأبنائه وماتوا جميعاً.

عدد هائل من التعليقات يتكلم عن الرجل المقتول باستهزاء وسخرية، فيقولون: ومن هو حتى تفعلي هذا لأجله!

متناسين أنه ضحية وتوفي ولا يصلح الكلام عنه بهذه الطريقة، ففعلها لا مبرر له، بغض النظر عن مكانة الرجل ووسامته.

وعدد هائل من التعليقات يسبه أو يُحمِّله اللوم لزواجه بأخرى أو يتهمه بأنه السبب لأنه لم يعدل بين الزوجات (علماً أن هذا مجرد حدس لا دليل عليه).

هم يلومونه على مجرد التعدد، لا على سوء الاختيار.

سبب هذا النوع من التعليقات هو (أيديلوجيا الضحية) أو (نظرية الذئب والحمل) والتي تظهر المرأة بصورة الضحية دائماً، والرجل بصورة الجلاد.

وأيضاً اعتبار التعدد أمراً سيئاً والمعدد مجرماً، فهو مشارك بالجريمة.

وهذا مؤشر خطير، الأمر لم يعد انحرافاً فكرياً فحسب، بل تحول إلى انعدام لأدنى درجات اللياقة.

أن نتكلم عن رجل قُتل ظلماً وقُتل معه أولاده بهذه الطريقة الفجة التي تراها في كثير من التعليقات خصوصاً النسائية.

هو أيضاً عنده أم وأهل وهم حزينون عليه ولا يصلح أن يقرؤوا عنه تعليقات سيئة جداً، وهم قد فجعوا به وبأولاده قريباً.

وكثير من التعليقات تُظهر التعاطف مع المرأة لفقدانها أولادها دون الإشارة إلى فقدان الزوج!

والعجيب أن أصحاب هذه التعليقات كثير منهم إذا ذممت التبرج، يقولون لك: أنت تبرر التحرش. وهم يذمون مقتولاً ظلماً فقط لأنه معدد!
543
من دلائل صدق المحدثين: رواية أهل الأمصار لأحاديث فضل مكة والمدينة...

قال البخاري في صحيحه: "١٨٨١- حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا الوليد، حدثنا أبو عمرو، حدثنا إسحاق، حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة، والمدينة، ليس له من نِقابها نَقْبٌ، إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيُخرج الله كل كافر ومنافق»".

هذا الخبر في سنده لفتة عجيبة، فمداره على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المدني، يروي عن عمه أنس.

ورواه عن إسحاق إمام أهل الشام أبو عمرو الأوزاعي، وحديثه في الصحيحين وغيرهما.

وإمام أهل البصرة حماد بن سلمة، وحديثه في المسند وغيره.

وهذا قد يُعدُّ من دلائل صدق المحدثين، إذ يروون فضائل المدن الأخرى ولا يُدرِجون فضلاً لمدنهم ويتكلفون ذلك، وعادة الناس أن يأخذهم الحماس لرواية فضائل مدنهم.

والعجيب أن هذا الخبر إنما حمله عن إسحاق حماد والأوزاعي.

وقد وردت عدة أحاديث في أن المدينة لا يدخلها الدجال أوردها البخاري، وهذا هو الحديث الوحيد منها الذي زاد ذكر مكة، ما في سنده مكي واحد!

فتأمل هذه العجيبة.
303
مقالة من متحف الحرب العالمية الوطني في إثبات أن أغلب التطورات التقنية حصلت بعد الحرب العالمية وبسببها.

وفي المقال:

"من بين الإرثات الدائمة لحرب غيرت جميع جوانب الحياة -من الاقتصاد إلى العدالة إلى طبيعة الحرب نفسها- كان للإرث العلمي والتكنولوجي للحرب العالمية الثانية تأثير عميق ودائم على الحياة بعد عام 1945. وجدت التقنيات التي تم تطويرها خلال الحرب العالمية الثانية لغرض كسب الحرب استخدامات جديدة حيث أصبحت المنتجات التجارية ركائز أساسية للمنزل الأمريكي في العقود التي تلت نهاية الحرب، كما أصبحت التطورات الطبية في زمن الحرب متاحة للسكان المدنيين، مما أدى إلى مجتمع أكثر صحة وعمرًا أطول. بالإضافة إلى ذلك، غذت التطورات في تكنولوجيا الحرب تطوير أسلحة قوية بشكل متزايد أدت إلى استمرار التوترات بين القوى العالمية، مما غير طريقة عيش الناس بطرق أساسية. أصبح الإرث العلمي والتكنولوجي للحرب العالمية الثانية سلاحًا ذا حدين ساعد في إدخال طريقة حياة حديثة للأمريكيين بعد الحرب، بينما أشعل أيضًا صراعات الحرب الباردة".

أقول: هذا المقال له مدخل كبير في العقيدة والسياقات الفكرية.

أما مدخله في العقيدة ففي أن الله عز وجل لا يخلق الشر المحض وكل شر فيه خير.

وهذا مثال، حيث أن هذه الحروب هلك فيها من الناس ما لا يحصيه إلا الله، وحصل من التظالم وانتهاك الحرمات الشيء العظيم.

ولكن وقعت فائدة عظيمة للناس.

قال المتنبي:

وَكَم لِظَلامِ اللَيلِ عِندَكَ مِن يَدٍ …
تُخَبِّرُ أَنَّ المانَوِيَّةَ تَكذِبُ

والمانوية من يقولون بخالقين، خالق نور وخالق ظلمة، ومما يرد عليهم وجود خير فيه شر وشر فيه خير، والخالقان لا يجتمعان في خلق شيء عندهم.

وأما في السياق الفكري فعادة ما يستخدم الحداثيون التقدم التقني الذي حصل في آخر سبعين سنة لكسر المسلمين نفسياً يقولون هذا أمر لا يد لكم فيه.

وكأن الله عز وجل خلق الخلق للتقدم التقني لا لعبادته!

ثم هم يذمون الحروب وجهاد الطلب مع أن الدول التي تقدمت هي الدول الاستعمارية، وذات تاريخ في الحروب والإبادات الجماعية، وأقل من هذه الأمور هم يعدونها شبهات على الإسلام والتراث.
300
لماذا يرددون : أبغض الكفر ولا تبغض الكافر ؟ 👇
271
قاعدة أصولية يقررها علماء الإمامية تبطل استدلالهم بحديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه»...

ذِكر بعض أفراد العام لا ينافي العموم، على سبيل المثال: النبي ﷺ لما تكلم عن محظورات الإحرام قال: «ولا تَلبَسُوا من الثياب شيئاً مسَّه زعفرانُ، ولا ورْسُ».

فهنا ذكر نوعين من الطيب ولم يذكر المسك ولا غيره من الطيب.

ونجده ﷺ في حديث آخر يقول في المحرم الذي أوقَصَته ناقته: «ولا تُمِسُّوه طِيباً، فإنه يُبعث يوم القيامة ملبِّياً».

فذكر الطيب كله، ولا يصلح أن يقول شخص إن المقصود بالطيب هنا فقط الزعفران والورس، بل المقصود كل الطيب، وذِكر الزعفران والورس كان من باب التمثيل.

وكذلك حين يقول الناس: "العشرة المبشرون بالجنة" لا يعنون أنهم فقط من بُشِّروا، بل غيرهم بُشِّر بلا خلاف، كثابت بن قيس الشماس وعكاشة بن محصن وغيرهم، غير أن ذكر بعض أفراد العام لا ينافي العموم، أو التخصيص بالذكر لا يعني التخصيص بالحكم.

من هاهنا جاء كلام ابن تيمية في توجيه حديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه» على التسليم بصحته.

قال الشيخ في رسالته «في فضل الخلفاء الراشدين»: "وأما قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فمن علماء الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه كأحمد بن حنبل والترمذي وغيرهما، فإن كان النبي -ﷺ- قال ذلك فما أراد به ولاية يختص بها، بل لم يرد به إلا الولاية المشتركة، وهي ولاية الإيمان التي جعلها الله بين المؤمنين. وتبين بهذا أن عليا -رضي الله عنه- من المؤمنين المتقين الذين يجب موالاتهم، ليس كما تقول النواصب أنه لا يستحق الموالاة. والموالاة ضد المعاداة. ولا ريب أنه يجب موالاة جميع المؤمنين، وعلي من سادات المؤمنين، كما يجب موالاة أبي بكر وعمر وعثمان وسائر المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، ونقص إيمانه بقدر ما ترك من موالاتهم الواجبة، وقد قال تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} وهذه موجبة لموالاة جميع المؤمنين".

وقال الخلال في «السنة»: "462- أخبرنا محمد بن سليمان الحضرمي، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا الحارث بن منصور، قال: سألت الحسن بن صالح عن قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» قال: في الدين".

يريد أن المقصود في الحديث محبة الدين التي تكون بين جميع المؤمنين {بعضهم أولياء بعض}، والحسن بن صالح معدود في الشيعة لذا سجَّل اعترافه هذا.

فإن قال الشيعي: فلِم يخُصُّ علياً بالذكر إن كان هذا المعنى؟

فيقال: التخصيص بالذكر لا يعني التخصيص بالحكم، فكما سُمِّي الزبير حواريَّ الرسول ﷺ، وليس معناه أنه الوحيد الناصر له، وكما قال النبي ﷺ في عائشة حين كلمته فاطمة: «أي بنية، ألستِ تحبين ما أحب؟» فليس معناه أنه يبغض بقية أمهات المؤمنين ولكن لما رأى نفرةً منها، نوه بحبه لها، وكذا فعل مع علي لما رأى نفرة من نفَّر منه، نوه به، ومعلوم خصومة بريدة مع علي بن أبي طالب الثابتة في الصحيح.

ومما يدل أن المقصود بها ليس أمر الولاية أن النبي ﷺ في حياته ما كان هناك أمير غيره وكان هناك أمراء فرعيُّون وكان يقول: «من أطاع أميري فقد أطاعني».

وقد قال النبي ﷺ في بعض فقراء المهاجرين لأبي بكر: «إن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك» رواه مسلم، وهذا أبلغ من الحديث الذي معنا لو تأملت.

وإشكالية الشيعي أنه ينظر لفضائل علي المروية بغض النظر عن فضائل بقية الصحابة، فكثير مما رُوي في فضله حتى من غير الثابت لا يدل على مقصودهم.

والنصوص لا تؤخذ بمعزل عن بعضها البعض، فلو كان المفهوم النصرة المطلقة فالقصد نصرته فيما أرسله له النبي ﷺ، وأما ما كان منه بعد وفاته فهذا يدخله الاجتهاد، مثل حديث: «المدينة كالكير تنفي خَبَثها»، والقصد من لم يصبر على الهجرة، ولا يدخل في ذلك من خرج مجاهداً ولا يدخل فيه علي بن أبي طالب الذي ترك المدينة.

والآن مع تقرير علماء الشيعة لقاعدة (التخصيص بالذكر لا يعني التخصيص بالحكم).

قال محمد طاهر الشيرازي في «الأربعين» صـ515: "وذكر سليمان في الإرث لا يدل على اختصاصه به، لعدم دلالة التخصيص بالذكر على التخصيص بالحكم".

وقال المحقق الكركي في «جامع المقاصد» [2/461]: "وجوابه: أن تخصيص قاصي المنزل بالذكر لا يقتضي تخصيصه بالحكم، إلا بمفهوم المخالفة، وهو مع ضعفه لا يعارض المنطوق".

وكثير منهم قرروا هذا المعنى مع كون الخبر آحادياً لا يمكن أن يعتمد عليه في معارضة أصل عدالة عموم الصحابة، وما تواتر عن علي نفسه من تفضيل الشيخين على نفسه.

وأما زيادة: «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» فلا تصح، وعامة طرق الحديث بدونها.
200
تعليق على كلمة محمد الددو التي أثارت الجدل 👇
283
2025/10/27 12:20:17
Back to Top
HTML Embed Code: