Telegram Web Link
[ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ ]؛ حدُودُ الحَلالِ، ومَا هو مُبَاحٌ، [ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ]؛ فلا تتَجاوزُوها إلى الحرامِ، [ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ ]؛ ومَن يتجاوَزها إلى الحرامِ، [ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ]البقرة:229. الظالمون لأنفُسِهم، ولغَيرِهم .. المعتَدُون على الحقُوقِ .. ومَن يتجاوزُ حدُودَ اللهِ إلى الحرامِ استهزاءً، وجحُوداً، واستحلالاً فقَد وقَعَ في الظُّلمِ الأكبرِ الموازِي للشركِ الأكبَر، وما سِوَى ذلك فهو ظُلمٌ أصغَر؛ ظلمٌ دُون ظُلمٍ.

الحدُودُ تُطلَق في الشريعَةِ لمعانٍ عِدَّة: مِنها، لبيانِ حُدُود الحلالِ ومَا هو مُباحٌ كما تَقدَّم في الآيةِ أعلَاه، ومِنها، لبيَانِ حدُود الحرَامِ؛ لاجتنابِه، وعدَم الاقترابِ مِنه، كما في قوله تعالى:[ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ]البقرة:187. أي تِلكَ الحدُود قَد حرَّمَها اللهُ، [ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ]؛ لم يَقُل:" فلا تقعُوا فيها "؛ وإنما قَال:[ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ]؛ زيادَةً في التَّنفِيرِ، والتَّحذِيرِ؛ أي لا تَقربُوا الأسبابَ المبَاحةِ المتشَابهةِ التي قد تُؤدِّي إلى الوقُوعِ فِيها .. كمن يَرعَى غنمه حولَ الحِمى يُوشِكُ أن يواقِعَه، كما في الحديث:" ومَنِ اجْتَرَأَ علَى ما يَشُكُّ فيه مِنَ الإثْمِ، أوْشَكَ أنْ يُواقِعَ ما اسْتَبَانَ، والمَعاصِي حِمَى اللَّهِ مَن يَرتَعْ حولَ الحِمَى يُوشِكُ أَن يواقِعَهُ "البخاري. من هذه النصوصُ أُخِذَت قاعدةُ سَدُّ الذَّرائعِ. ومِنها، تُطلق كلمة الحدُود كتعبيرٍ عن العقُوبات الشرعيَّةِ، كحدِّ القَتلِ، والزِّنى، والسَّرقةِ، وغيرِها، كما في الحديث المتفق عليه، لما أرادَ أسامَةُ بنُ زَيدٍ أن يشفع للمرأةِ المخزومية التي سَرقَت، قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" أتشفَعُ في حدٍّ من حدُودِ اللهِ ؟!". ومِنها، كتعبيرٍ عن الأحكَامِ والشرائعِ، كما قال تعالى:[ الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ ]التوبة:97. أي أنهم لَا يَعلمُون أحكامَه وشرَائعَه. وقال تعالى:[ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ ]التوبة:112. أي الحافِظُون لأحكَامِه وشرائعِه، العالمون العامِلُون بها؛ فلا يُفرِّطُون بواجِبٍ، ولا يتَجاوَزُون الحَلالَ إلى الحَرامِ، ولَا يَقتربُون مِن الحرَامِ.
[ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً ]؛ لمن آمَن، وأطَاعَ، ووحَّدَ اللهَ تعالى، واجتنَب الشِّرْكَ، بالجنَّةِ، [ وَنَذِيراً ]الفرقان:56. لمن كَفَر، وعَصَى، وأعرَضَ، وأشرَكَ باللهِ، بالنَّارِ .. فإن قِيلَ: كيفَ نُوفِّقُ بينَ هذه الآيةِ؛ التي تَتكلم عن الوَعْدِ بالجنَّةِ لمن آمَن، والوَعيدِ بالنَّارِ لمن كفَرَ وأشرَكَ، وبين قوله تَعالى:[ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ]الأنبياء:107.؟ أقُولُ: مِن أعظَمِ معَاني الرَّحمَةِ التي بُعِثَ بها النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم للعَالَمين، إخراجُ النَّاسِ مِن الشِّركِ إلى التَّوحِيدِ، ومِن عبَادَةِ العِبادِ، إلى عبَادَةِ ربِّ العِبادِ، ومِن الانعتَاق مِن العبُوديَّةِ للمخلُوقِ، إلى الحريَّةِ التي تحقِّقُ للإنسانِ كرامَتَه، وعِزَّتَه .. ومِن عَارِ الجهلِ إلى نُورِ العِلمِ .. ومِن ضِيقِ الدُّنيَا إلى سَعَةِ الدُّنيَا والآخِرَةِ .. فيَكُونُ بذلك رحمةً لهم في الدُّنيَا، وفي الآخِرَة .. وأيُّ رحمَةٍ تُوَازِي هذه الرَّحمَة؟!
" أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجِيم "؛ اعلَمْ أنَّ عدوَّك الأول والأكبَر هو الشَّيطانُ الرَّجيم، وهو لك بالمرصَادِ؛ يتربَّصُ بك الشرَّ، والمكائدَ، والدوائرَ، همّهُ الأكبر كيف يُضِلُّك عن الصراطِ المستقِيم، ويَصرفُك عن عبادَةِ اللهِ تعالى وتَوحِيدِه، إلى الشركِ، وإلى عبادَتِه، وعبادَةِ الأصنامِ، والطَّواغِيت؛ وهو إمِامُهم وكبيرُهم .. لذا أنتَ بحاجةٍ ماسَّةٍ أن تَقي نَفسَك مِنه، وأن تلُوذَ بعزيزٍ قَديرٍ قوي يحميك من شرِّهِ، ومكائدِه .. وحاجَتُك هذه تجدُها في الاستعاذَةِ باللهِ .. ومعنَى الاستِعاذَةِ؛ أي ألُوذُ وأستجِيرُ وأحتَمي باللهِ العظيم، بمن له الأسماء الحُسنى، والصِّفَات العُليَا، مِن الشيطانِ الملعُون، المطرُود من رحمةِ اللهِ، ومِن شرِّهِ، ومكائدِه، ووسَاوسِه، وحِباله التي يُضلُّ بها الناسُ عن الصِّراطِ المستقيم، وعن عبادَةِ اللهِ تعالى وتَوحِيدِه .. ومَن استَعاذَ، ولَاذَ، واستعصَمَ باللهِ، فقد لاذَ بعظِيمٍ، لا سُلطان للشيطانِ عليه، وكان الشيطانُ ضَعيفاً، وفي مَنأى عنه .. ويُستَحسَنُ للمرءِ أن يَستعيذَ باللهِ من الشيطانِ الرَّجِيم عند تلاوتِه للقُرآنِ الكريم، سواءٌ كانت هذه التِّلاوةُ في الصلاةِ، أو خارِجِها .. كما تُستَحسَن الاستعاذَةُ عند الغضَبِ .. وعندما يَرَى الإنسانُ حِلماً يَكرهُهُ .. وعند الوسْوسَةِ في الصَّلَاةِ؛ فيتعوَّذُ المصلي، مع تَفْلٍ يَسِيرٍ ثلاثَ مرَّاتِ على شمالِه .. وكذلك في كلِّ موضعٍ تكونُ النفسُ فيه مَشدُودةً لفعلِ حرامٍ، أو تركِ واجِبٍ، ومُستَحَب.
((صفة الكفر بالطاغوت)) بعد أن عرفنا معنى "الطاغوت" في كلمة سابقة بعنوان( معنى الطاغوت) أصبح من المفيد لنا أن نعرف كيف يكون الكفر بالطاغوت..ليعرف كل واحد منا هل هو ممن يكفر بالطاغوت حقا،أم أنه يكفر بالطاغوت زعما باللسان فقط..
أقول: صفة الكفر بالطاغوت حقا أن نكفر به اعتقادا،وقولا،وعملا : ١- صفة الكفر الاعتقدي: أن نضمر له العداوة في القلب،ونعتقد كفره وكفر من يدخل في عبادته من دون الله تعالى.وهذا الحد من الكفر بالطاغوت لا يعذر أحد بتركه لأنه أمر مقدور عليه. ٢- صفة الكفر القولي بالطاغوت: يكون ذلك بإظهار كفره وتكفيره باللسان،وإظهار البراءة منه،ومن دينه،وأتباعه،وعبيده،وبيان ما هم عليه من باطل. قال تعالى:[وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون.إلا الذي فطرني فإنه سيهدين] الزخرف: ٢٦-٢٧ ٣- صفة الكفر بالطاغوت عملا: يكون ذلك باعتزاله،وجهاده،وجهاد أتباعه،وقتالهم إن أبوا إلا القتال ،وعدم اتخاذهم أعوانا وأولياء،كما قال تعالى:[ والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد] الزمر: ١٦
وبعد ،هذه صفة الكفر بالطاغوت فمن أتى بها كاملة فهو الذي يكون قد كفر بالطاغوت حقا.ومن لم يأت بها لا يكون قد كفر بالطاغوت،وإن زعم بلسانه ألف مرة أنه كافر بالطاغوت.( من الكتاب القيم"شروط لا إله إلا الله"للشيخ الفاضل عبد المنعم مصطفى حليمة- أبي بصير- حفظه الله تعالى)
[ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ ]؛ أَصْلُ النَّزْغِ الإفسَادُ؛ أي إذا أرادَ الشيطانُ أن يُفسِدَ عليك دِينَك، وآخِرتك .. هذا النَّزغُ مِن الشيطانِ قد يكونُ في اتجاهِ حملِك على فعلِ محرَّم، وقد يكونُ في اتجاهِ حملك على تركِ واجِبٍ، ومُستَحَب، ففي كِلَا الحَالَتَين:[ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ ]؛ فقُل: أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرَّجِيم، فإن استَعذْتَ باللهِ من الشيطانِ الرجيم ومِن نزغَاتِه، فقد استَعذْت بعَظِيمٍ، ولِذْت بقَوي، لم يُصِبْك من الشيطانِ أَذَى، وبَطُلَت نزغَاتُه، ومكائِدُه،[ إِنَّهُ سَمِيعٌ ]؛ بتعوِّذِك به من الشيطانِ الرَّجِيم، ومِن نزغَاتِه،[ عَلِيمٌ ]الأعراف:200. بنزغَاتِ الشيطانِ، ومَكائدِه، ومحيط بها.
" بسمِ اللهِ الرحمن الرَّحِيم "؛ اعلَم أنَّ اللهَ تعالى خَالقُ كُلِّ شَيءٍ، ومَالِكُ كلِّ شَيءٍ .. والأرضُ ما فيها مِن مخلوقاتٍ وأشياءٍ هي مِن خَلْقِ ومُلْكِ الله تعالى .. وأنت في حياتِك الدُّنيَا لا بدَّ لك من أن تتَعاطَى معَ الأشياءِ التي تخصُّك، وتُعنيك، وتُهمك .. وأيُّ شيءٍ تريدُ تنَاولَه، والتمتعَ به؛ كان مَالاً، أو طعَاماً، أو مَلبَساً، أو شرَاباً، أو نِكاحَاً، أو غيرَ ذلك .. لا بدَّ لك ابتداءً من أن تستأذنَ الله فيمَا تُريدُه، وتحتَاجُه، وتتَعاطَاه .. واستئذانُك يتلخص بقولِك:" بسم الله "؛ فأنت ـ مَثَلاً ـ عندما تذبحُ شاةً لتأكلها؛ فإنك تذبحها باسمِ اللهِ، باسم خالِقها ومالِكِها؛ الذي أجازَ لك ذبحَها، وأكلَها .. وهي بذلك تُصبح حَلالاً لك .. لا يَستطيعُ أحدٌ أن يمنعَك هذا الحقِّ؛ لأنَّك ذبحتها باسمِ اللهِ .. ولو قِيل لك: اذبحها باسمِ الصَّنم، أو القَبرِ، أو الطَّاغُوت، أو المخلُوق كائن من كان هذا المخلُوق .. لما جازَ لك فعلُ ذلك .. ولو فعَلت؛ ذبيحتُك تتحوَّل مبَاشَرةً إلى جِيفةٍ لا يجوزُ الأكلُ مِنها؛ والسرُّ في ذلك أنك أقدَمت على ذبحِها بغيرِ اسمِ اللهِ؛ باسمِ مَن لا يخلقُ، ولا يملكَ، باسمِ من ليسَ له هذا الحقّ .. هذا مِثَالٌ يوضحُ المُرَاد، يُقاسُ عليه جميعُ الأشياءِ الأخرَى، مما يحتاجُه الإنسانُ ويتَعَاطَاه في حيَاتِه .. وقولُك " بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم "؛ يعني جملةً من الأمُورِ: مِنها، أن هذا الذي تُقدِمَ عليه باسمِ اللهِ؛ هو ابتداءٌ مما أجازَه وأباحَهُ اللهُ تعالى، فمثَلاً ـ وبالأمثلة يتضحُ المرَاد ـ أنت لا تستطيع أن تأكلَ الميتَةَ، أو لحمَ الخنزيرِ، أو أن تشربَ الخمرَ باسمِ اللهِ .. أو عندما تُقدِم على تناولِ شيءٍ من ذلك أن تقُولَ: بسمِ اللهِ .. لأنَّ اللهَ لم يُبِح لك ذلك .. وقولُك بسم اللهِ على هذه الأشياءِ، وفي مثلِ هذه المواضِع لا يجعلُها لك مُباحَةً .. كما أنه أقربُ للتهكُّمِ، والاستهزاءِ، واستحلالِ الحرَامِ. ومِنهَا، أنك بقولِك على شيءٍ ممَّا أباحه اللهُ " بسمِ الله "، فأنتَ بذلك تملكُ تفويضَاً مِن اللهِ، مِن الخالقِ المالِك، لا يستطيعُ أحدٌ أن يمنعَك إيَّاه، أو أن يحيلَ بينَك وبينَ ما قَد فوَّضَك اللهُ إيَّاه .. ولو وُجِدَ من يمنعُك؛ فهو يمنعُك بظلمٍ، وبغي، وعدوانٍ، ومنعه باطلٌ لا يُقَرُّ ولا يُتابَع عليه، وفي المقابل ما مَنعه اللهُ عنك، فهو ممنوعٌ عنك باسمِ الله؛ الخالِقِ المالِك، لا يُوجدُ مخلُوقٌ كائن مَن كَان، وأيَّاً كانَت صِفتُه، يقدرُ أن يُجيزَه لك، ويقولُ لك قد فوضُّتك، لا حَرجَ عليك بإمكانِك أن تَتَناولَه، وتتمتَّعَ به باسمي أنا الحاكم فُلان، أو المشرِّع عِلَّان .. فهذا الحقُّ ليسَ له، ولا لغَيرِه، وإنما هو حَصْراً لله تَعالى وحدَه. ومِنها، الأنبياءُ فقَط دونَ غَيرِهم يحقُّ لهم أن يَأمروا بأشياء باسمِ اللهِ، أو أن يَنهوا عن أشيَاء باسمِ الله، أو أن يَفعلُوا أشياء باسمِ الله، وما سِواهُم يَفعلُون ذلك طاعَةً وتَبعاً للأنبياءِ، لأنَّ الأنبياءَ لا يتَصرَّفُون، ولا يَنطقُون إلا بوحيٍ مِن اللهِ، ومن هنا كانت طاعَتهم مِن طاعةِ الله، ومَعصيتُهم من معصيَةِ اللهِ، كما في الحديث:" من أطَاعَني فقد أطاعَ اللهَ، ومَن عصَاني فقَد عصَى اللهَ "البخاري. ومَن يَقتحم هذا الحق، ويَستقل به مِن عند نفسِه من غَيرِ متابعةٍ للأنبيَاءِ؛ فأنه بذلك يتَألَّى على اللهِ بغيرِ عِلمٍ، ويَدخلُ تحتَ طائلة ووعيدِ التَّألِّي والتَّقَوّلِ على اللهِ بغيرِ عِلم.
اللهم تمم لأهلنا في غزة فرحتهم .. ففرحتهم فرحتنا .. وفرحة كل مسلم .. وكل حر شريف .. اللهم تقبل شهداءهم .. واشف مرضاهم، وجرحاهم .. اللهم آمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أقصَى ما يُريدُ البَاطلُ من الحقِّ أن يُعِيقَ حَرَكتَه، إذْ لا سُلطانَ له على إلغَائِه، مَهمَا أُوتي مِن قُوّة!

مهما وارَوا الحقَّ، وعَلَوهُ بالتُّرَابِ، فسوف يَنبتُ، ويَفلُقُ الأرضَ بجمالِه، وعطَائِه.
الحقُّ يَضعُفُ، لكن لا يَموت.
كلُّ ما في الكونِ من مخلوقاتٍ سَماويَّة وأرضيَّة؛ يَسيرُ في اتجاهٍ واحدٍ؛ في فلَكِ التَّسبِيحِ والتَّوحِيد .. إلا الإنسانُ الكَفُور؛ فإنه يَسيرُ في الاتجاهِ المعَاكِس!
[ وَمِنْهُم ]؛ أي مِن اليهود، [ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ]؛ بالمطَالَبَةِ، لَا تُفَارِقُه .. مثالُهم في يومِنَا الصَّهاينَةُ اليهود؛ لا يُمكن أن تنتزعَ مِنهم حَقَّاً للشعبِ الفلسطينِي ـ مهمَا كان ضَئيلاً! ـ إلا بشقِّ الأنفُسِ، ومعَ المراقبَةِ، والمتابَعَةِ، والإلحاحِ في المطالبَةِ، فهم شَديدُوا النَّقْضِ للعهُودِ والمواثِيق، وما استُؤمنُوا عليه، [ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ ]؛ أي في العرَبِ، [ سَبِيلٌ ]؛ أي مِن حرَجِ يمنعُ مِن السَّطْوِ على حقُوقِهم، وممتلكاتِهم، ونَقضِ العُهودِ مَعَهم، ويَنسبون ذلك زُورَاً إلى اللهِ، وأنَّ اللهَ تعالى قد أذِنَ لهم بذلك .. وقَد كذَبُوا على الله، وهم يَعلمون أنَّهم يَكذِبُون، [ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ]آل عمران:75.
[ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ]يوسف:76. تَنطَوي على جملةٍ من المعَاني، والدَّلالَاتِ، والتَّوجِيهَات، مِنها: حملُ طالِبِ العِلمِ ـ مهمَا أُوتي مِن العِلمِ ـ على الأدَبِ، والتواضُعِ، وعدَمِ الغُرُور والعُجب ببضاعَتِه مِن العِلمِ. ومِنها: حَملُ طالبِ العِلمِ على الاستمرارِ في طَلَبِ العِلمِ؛ فمَا دَامَ هنَاك من هو أعلمُ مِنه؛ فهذا يَعني يجبُ عليه أن يَستَمرَّ في طلَبِ العِلمِ ممَّن هو أعلَم مِنه، كما عليه أن يَستمرَّ بالبحثِ عمَّن هو أعلَم مِنه ليَستفيدَ ويتَعلمَ مِنه .. يَستمرُّ في ذلك إلى أن يُدركَه الموتُ. ومِنها: أن الإنسانَ مهمَا أُوتي مِن العِلم؛ يَبْقَى عِلمُه ناقِصَاً، ومَن كان علمُه ناقِصاً يتوقعُ مِنه الخَطَأ، الذي يمنعُ مِن تَقليدِه مُطلَقاً. ومِنها: حملُ طَالِبِ العِلمِ على الدُّعَاءِ، واللجوءِ إلى اللهِ تعالى يَسألُه أن يفقهَه في الدِّين، وأن يزيدَهُ عِلماً. ومِنها: أنَّ طلَبَ العِلمِ عِبادَةٌ، واللهٌ تعالى يحبُّ من عبدِه أن يتقربَ إليه بطلبِ العِلمِ، والعِبادَة لَا يَنبَغي أن تَقِفَ عندَ حدٍّ تَنتَهي عندَه مُطلَقَاً.
أَشْرَفُ العُلُومِ؛ أنفَعُهَا للنَّاسِ.
[ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ ]آل عمران:135. مِن أخَصِّ خصَائِصِ الخَالِقِ سبحَانه أنه تعالى المتفَرِّدُ بغفرانِ ذنوب عبادِه، وقبُولِ التَّوبِ مِنهم .. لَا أحَدَ غير اللهِ يَقدِرُ على أن يَغفرَ ذنُوبَ أحَدٍ مِن النَّاس .. حتَّى الأنبياء ـ حاشَاهم ـ لم يَدَّعُوا هذا الحقِّ لأنفُسِهم مِن دُونِ اللهِ، ومَن يَدَّعي لنَفسِه هذه الخَاصِيَّة؛ فهو من جهةٍ يَدَّعي لنفسِه الألُوهيَّةِ، ويَدَّعي خاصيَّةً مِن خصُوصِيَّات اللهِ تَعَالى وحدَه .. ومِن جهةٍ أُخرَى فهو كذَّابٌ، ودَجَّالٌ، ولِصٌّ، فاحذَرُوه!
لَا تُعَرِّفْ بحَسَنَاتِك؛ فتَفْقِدها!
((أرذل العمر)) بعض الناس يعمر حتى يبلغ سن الهرم وهو أرذل العمر،كما سماه الله- جل وعلا- في كتابه العزيز،فيصاب بالخرف،فلا يعقل من بعد عقله الأول شيئا،ولا ينعم بما كان يتمتع به من قوى جسمية،ونفسية؛و ذلك آية بينة تدل على سعة علم الله-جل وعلا- وقدرته.قال تعالى:[ ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير] النحل: .٧ ولكن- ولله الحمد- لا يحدث ذلك للمسلم الذي يتواصل مع القرآن الكريم تلاوة،وحفظا،ودراسة،وعملا به؛فعن ابن عباس- رضي الله عنه- قال:(ليس هذا في المسلمين،المسلم لايزداد في طول العمر والبقاء إلا كرامة عند الله،وعقلا،ومعرفة) وقال عكرمة- رحمه الله تعالى-( من قرأ القرآن،لم يرد إلى أرذل العمر)...فاعلم ذلك- أخي المسلم- وكن ممن يتعهد القرآن تلاوة،وحفظا،وتدبرا،وعملا به تنج- في الدنيا- من عواقب" أرذل العمر" وتبعاته،وتفز يوم القيامة بالجنة.
يرضَى الشّيطانُ مِنكَ الحسَناتِ التي تَشاءُ مُقابلَ سَيئةِ الشِّرْكِ!

أحياناً يُفاوضُك الشَّيطانُ على حسناتٍ كثيرةٍ، مُقَابِلَ سَيئة الشِّرك، فلَا تُعْطِه!
لا يُغنِي الانشغالُ بالكُليَّات عن الانشغَالِ بالجزْئيَّاتِ، ولا يُلغيها، ولا يُؤخِّرها عن وقتِها، إلا إذا كان الانشغالُ بالجزئيَّات سَببَاً للتّفريطِ بالكُليَّات!
2025/10/19 23:15:51
Back to Top
HTML Embed Code: